خطبه 155-خطاب به مردم بصره











خطبه 155-خطاب به مردم بصره



[صفحه 92]

تبيين: (بلج الصبح) اي اضاء و اشرق، و (المنهاج) الطريق، و الظاهر ان الکلام في وصف الدين، و (مناهجه) قوانينه، و (سراجه الانور) الرسول الهادي اليه و اوصياوه- صلوات الله عليهم-. قال بعض شراح النهج: يريد بالايمان اولا مسماه اللغوي و هو التصديق، قال الله- تعالي-: (و ما انت بمومن لنا و لو کنا صادقين) اي بمصدق، و ثانيا بمعناه الشرعي، اي التصديق و الاقرار و العمل، اي من حصل عنده التصديق بالوحدانيه و الرساله، استدل بهما علي وجوب الاعمال الصالحه عليه، او ندبه اليها، و باعماله الصالحه يعلم ايمانه، و بهذا فر من الدور. و قال بعضهم: الصالحات معلولات للايمان و ثمرات له، فيستدل بوجوده في قلب العبد علي ملازمته للصالحات استدلالا بالعله علي المعلول و بصدورها عن العبد علي وجوده في القلب استدلالا بالمعلول علي العله. و علي هذا الوجه يکون الايمان في الموضعين بالمعني اللغوي، و حينئذ يمکن ان يکون المعني: يستدل بالايمان علي الصالحات، او يکون الايمان دليلا للانسان نفسه، و قائدا يوديه الي فعل الصالحات، و باعماله الصالحه يعلم غيره انه من المومنين، فالاستدلال في الموضعين ليس بمعني واحد. و يمکن ان يراد بالثاني ان مشاهده الاعما

ل الصالحه يودي من يشاهدها الي الايمان. و يحتمل ان يکون المراد ان الايمان يهدي الي صالح الاعمال، و الاعمال الصالحه تورث کمال الايمان، او الايمان يقود الانسان الي الاعمال الصالحه و الاعمال الصالحه الناشئه من حسن السريره و خلوص النيه تورث توفيق الکافر للايمان. او يستدل بايمان الرجل اذا علم علي حسن عمله، و بقدر اعماله علي قدر ايمانه و کماله، او يستدل بکل منهما اذا علم علي الاخر، و هذا قريب من الثاني و الغرض بيان شده الارتباط و التلازم بينهما. (و بالايمان يعمر العلم) فان العلم الخالي من الايمان کالحزاب لا ينتفع به، و قيل: لان حسن العمل من اجزاء الايمان، و العلم بلا عمل کالحزاب لا فائده فيه. (و بالعلم يرهب الموت) اي يخشي عقاب الله بعد الموت کما قال الله - تعالي-: (انما يخشي الله من عباده العلماء). (و بالموت تختم الدنيا) و الموت لا مهرب منه، فلابد من القطع بانقطاع الدنيا، و لا ينبغي للعاقل ان تکون همته مقصوره عليها. (و بالدنيا تحرز الاخره) اي تحاز و تجمع سعاداتهما، فان الدنيا مضمار الاخره و محل الاستعداد و اکتساب الزاد ليوم المعاد، او المراد بالدنيا الاموال و نحوها، اي يمکن للانسان ان يصرف ما اعطاه الله من المال و ن

حوه علي وجه يکتسب به الاخره. و (الزلفه و الزلفي) بالضم فيهما، القربه. و (ابرزه الشي‏ء ابرازا و برزه تبريزا) اي اظهره و کشفه. و (الغاوي) العامل بما يوجب الخيبه اي بالقيامه او فيها يقرب الجنه للمتقين ليدخلوها او ليستبشروا بها، و يکشف الغطاء عن الجحيم للظالين کما قال- سبحانه-: (و ازلفت الجنه للمتقين، و برزت الجحيم للغاوين). قيل: و في اختلاف الفعلين دلاله علي غلبه الوعد. و (القصر) بالفتح، الغايه، کالقصاري بالضم، و (قصرت الشي‏ء) حبسته و (قصرت فلانا علي کذا) رددته علي شي‏ء دون ما اراد. کذا في العين: اي لا محبس للخلق او لا غايه لهم دون القيمامه او لا مرد لهم عنها. و (ارقل) اي اسرع، و (المضمار موضع تضمير الفرس و مدته، و هو ان تعلفه حتي يسمن، ثم ترده الي القوت، و فسر المضمار بالميدان و هو انسب بالمقام. و (البلوج) الاضائه. قوله- عليه‏السلام-: لا (مقصر) اي لا مجلس و لا غايه لهم دونه. (مرقلين) اي مسرعين.

[صفحه 95]

عد: اعتقادنا في البعث بعد الموت انه حق. و قال النبي- صلي الله عليه و آله- يا بني عبدالمطلب ان الرائد لا يکذب اهله، و الذي بعثني بالحق لتموتن کما تنامون، و لتبعثن کما تستيقظون، و ما بعد الموت دار الا جنه او نار، و خلق جميع الخلق و بعثهم علي الله- عز و جل- کخلق نفس واحده و بعثها، قال الله - تعالي- (ما خلقکم و لا بعثکم الا کنفس واحده). تذنيب: اعلم ان القول بالمعاد الجسماني مما اتفق عليه جميع المليين و هو من ضروريات الدين و منکره خارج عن عداد المسلمين، و الايات الکريمه في ذلک ناصه لا يعقل تاويلها، و الاخبار فيه متواتره لا يمکن ردها و لا الطعن فيها، و قد نفاه اکثر ملاحده الفلاسفه تمسکا بامتناع اعاده المعدوم و لم يقيموا دليلا عليه، بل تمسکوا تاره بادعاء البداهه و اخري بشبهات واهيه لا يخفي ضعفها علي من نظر فيها بعين البصيره و اليقين و ترک تقليد المحدين من المتفلسفين. قال الرازي في کتاب نهايه العقول: قد عرفت ان من الناس من اثبت النفس الناطقه فلا جرم اختلف اقوال اهل العالم في امر المعاد علي وجوه اربعه: احدها قول من قال: ان المعاد ليس الا للنفس، و هذا مذهب الجمهور من الفلاسفه، و ثانيها: قول من قال: المعاد

ليس الا لهذا البدن، و هذا قول نفاه النفس الناطقه و هم اکثر اهل الاسلام، و ثالثها: قول من اثبت المعاد للامرين و هم طائفه کثيره من المسلمين مع اکثر انصاري، و رابعها: قول من نفي المعاد عن الامرين، و لا اعرف عاقلا ذهب اليه. بلي، کان جالينوس من المتوقفين في امر المعاد. و غرضنا اثبات المعاد البدني، و للناس فيه قولان: احدهما ان الله- تعالي- بعدم اجزاء الخلق ثم يعيدها، و ثانيهما انه- تعالي- يميتهم و يفرق اجزائهم، ثم انه- تعالي- يجمعها و يرد الحياه اليها، ثم قال: و الدليل عل جواز الاعاده في الجمله انا قد دللنا فيما مضي ان الله- تعالي- قادر علي کل الممکنات، عالم بکل المعلومات من الجزئيات و الکليات، و العلم بهذه الاصول لا يتوقف علي العلم بصحه المعاد البدني، و اذا کان کذلک امکن الاستدلال بالسمع علي صحه المعاد، لکنا نعلم باضطرار اجماع الانبياء- صلوات الله عليهم- من اولهم الي آخرهم علي اثبات المعاد البدني فوجب القطع بوجود هذا المعاد. و قال العلامه- رحمه الله- في شرح الياقوت: اتفق المسلمون علي اعاده الاجساد خلافا للفلاسفه. و اعلم ان الاعاده تقال بمعنيين: احدهما جمع الاجزاء و تاليفها بعد تفرقها و انفصالها، و الثاني ايجادها

بعد اعدامها، و اما الثاني فقد اختلف الناس فيه و اختار المصنف جوازه ايضا. و قال العلامه الدواني في شرح علي العقائد العضديه: و المعاد- اي الجسماني فانه المتبادر عن اطلاق اهل الشرع، اذ هو الذي يجب الاعتقاد به، و يکفر من انکره- حق باجماع اهل الملل الثلاثه و شهاده نصوض القرآن في المواضع المتعدده، بحيث لا يقبل التاويل کقوله- تعالي- (اولم ير الانسان... الي قوله: (بکل خلق عليم). قال المفسرون: نزلت هذه الايه في ابي بن خلف خاصم رسول الله- صلي الله عليه و آله- و اتاه بعظم قدرم و بلي ففته بيده و قال: يا محمد! اتري الله يحيي هذه بعد مارم؟ فقال- صلي الله عليه و آله- نعم و يبعثک و يدخللک النار. و هذا مما يقلع عرق التاويل بالکيله، و لذلک قال الامام: الانصاف انه لا يمکن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي - صلي الله عليه و آله- و بين انکار الحشر الجسماني. قلت: و لا الجمع بين القول بقدم العالم عالي ما يقوله الفلاسفه و بين الحشر الجسماني لان النفوس الناطقه علي هذا التقدير غير متناهيه فيستدعي حشرها جميعا ابدانا غير متناهيه، و امکنه غير متناهيه و قد ثبت تناهي الابعاد بالبرهان و باعترافهم، يحشر الاجساد و يعاد فيها الارواح باعاده ا

لبدن المعدوم بعينه عند المتکلمين بل اکثرهم، و بان تجمع اجزاوه المتفرقه کما کانت اولا عند بعضهم، و هم الذين ينکرون جواز اعاده المعدوم موافقه للفلاسفه، و اذا استحال اعاده المعدوم تعين الوجه الثاني و هو ان يکون بجمع الاجزاء المتفرقه و تاليفها کما کانت اولا. لا يقال: لو ثبت استحاله اعاده المعدوم لزم بطلان الوجه الثاني ايضا لان اجزاء بدن الشخص کبدن زيد مثلا و ان لم يکن له جزء صوري لا يکون بدن زيد الا بشرط اجتماع خاص و شکل معين، فاذا تفرقت اجزاوه و انتفي الاجتماع و الشکل المعينان لم يبق بدن زيد، ثم اذا اعيد فاما ان يعاد ذلک الاجتماع و الشکل بعينهما اولا، و علي الاول يلزم اعاده المعدوم، و علي الثاني لا يکون المعاد بعينه هو البدن الاول بل مثله، و حينئذ يکون تناسخا، و من ثم قيل: ما من مذهب الا و للتناسخ فيه قدم راسخ. لانا نقول: انما يلزم التناسخ اذا لم يکن البدن المشحور مولفا من الاجزاء الاصليه للبدن الاول، اما اذا کان کذلک فلا يستحيل اعاده الروح اليه، و ليس ذلک من التناسخ، و ان سمي ذلک تناسخا کان مجرد اصطلاح، فان الذي دل علي استحالته تعلق نفس زيد ببدن آخر لا يکون مخلوقا من اجزاء بدنه، و اما تعلقه بالبدن المولف من اجز

ائه الاصليه بعينها مع تشکلها بشکل مثل الشکل السابق، فهو الذي نعنيه بالحشر الجسماني، و کون الشکل و الاجتماع غير السابق لا يقدح في المقصود و هو حشر الاشخاص الانسانيه باعيانها، فان زيدا مثلا شخص واحد محفوظ وحدته الشخصيه من اول عمره الي آخره بحسب العرف و الشرع و لذلک يواخذ شرعا و عرفا بعد التبدل بمالزمه قبل، و کما لا يتوهم ان في ذلک تناسخا لا ينبعي ان يتوهم في هذه الصوره ايضا، و ان کان الشکل مخالفا للشکل الاول کما ورد في الحديث انه قال: يحشر المتکبرون کامثال الذر، و ان ضرس الکافر مثل احد، و ان اهل الجنه جرد مرد مکحولون. و الحاصل ان المعاد الجسماني عباره عن عود النفس الي بدن هو ذلک البدن بحسب الشرع و العرف، و مثل هذه التبدلات و المغايرات التي لا تقدح في الوحده بحسب الشرع و العرف لا تقدح في کون المشحور هو المبداء فافهم. و اعلم ان المعاد الجسماني مما يجب الاعتقاد به و يکفر منکره، اما المعاد الروحاني اعني التذاذ النفس بعد المفارقه و تالمها باللذات و الالام العقليه فلا يتعلق التکليف باعتقاده و لا يکفر منکره و لا منع شرعا و لا عقلا من اثباته. قال الامام في بعض تصانيفه: اما القائلون بالمعاد الروحاني و الجسماني معا، فقد

ارادوا ان يجمعوا بين الحکمه و الشريعه فقالوا: دل العقل علي ان سعاده الارواح بمعرفه الله- تعالي- و محبته، و ان سعاده الاجساد في ادراک المحسوسات، و الجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياه غير ممکن لان الانسان مع استغراقه في تجلي انوار عالم القدس لا يمکنه ان يلتفت الي شي‏ء من اللذات الجسمانه، و مع استغراقه في استيفاء هذه اللذات لا يمکنه ان يلتفت الي اللذات الروحانيه، و انما تعذر هذا الجمع لکون الارواح البشريه ضعيفه في هذا العالم، فاذا فارقت بالموت و استمدت من عالم القدس و الطهاره قويت قادره علي الجمع بين الامرين، و لا شبهه في ان هذه الحاله هي الحاله القصوي من مراتب السعادات. قلت: سياق هذا الکلام مشعر بان اثبات الروحاني انما هو من حيث الجمع بين الشريعه و الفلسفه، و اثباتهما ليس من المسائل الکلاميه، و هذا کما ان الرئيس ابا علي مع انکاره للمعاد الجسماني علي ما هو بسطه في کتاب المعاد و بالغ فيه و اقام الدليل بزعمه علي نفيه، قال في کتاب النحاه و الشفاء: انه يجب ان يعلم ان المعاد منه ما هو مقبول من الشرع و لا سبيل الي اثباته الا من طرق الشريعه و تصديق خبر النبوه و هو الذي للبدن عند البعث، و خيراته و شروره معلوم لا يحت

اج الي ان يعلم. و قد بسطت الشريعه الحقه التي اتانا به سيدنا و مولانا محمد- صلي الله عليه و آله- حال السعاده و الشقاوه التي بحسب البدن، و منه ما هو مدرک بالعقل و القياس البرهاني و قد صدقه النبوه و هو السعاده و الشقاوه الثابتتان بالقياس الي نفس الامر، و ان کان الاوهام منا تقصر عن تصورهما الان. و سياق هذا الکلام مشعر بان اثباته للمعاد الروحاني ليس من حيث الحکمه، بل هو من حيث الشريعه، فان التمسک بالدلائل النقليه ليس من وظائف الفلسفه، فلا يتوهم ان اثباته من المسائل الحکميه و هو اراد ان يجمع بين الفلسفه و الشريعه. فذلکه: اعلم ان خلاصه القول في ذلک هو ان للناس في تفرق الجسم و اتصاله مذاهب: فالقائلون بالهيولي يقولون بانعدام الصوره الجسميه و النوعيه و بقاء الهيولي عند تفرق الجسم. و النافون للهيولي و الجزء الذي لا يتجزي کالمحقق الطوسي- رحمه الله- يقولون بعدم انعدام جزء من الجسم عند التفرق، بل ليس الجسم الا الصوره و هي باقيه في حال الاتصال و الانفصال، و کذا القائلون بالجزء يقولون ببقاء الاجزاء عند التفرق و الاتصال. فاما علي القول الاول، فلابد في القول باثبات المعاد بمعني عود الشخص بجميع اجزائه من القول باعاده المعدوم،

و اما القائلون بالاخيرين، فقد ظنوا انهم قد تفصوا عن ذلک و يمکنهم القول بالحشر الجسماني بهذا المعني مع عدم القول بجواز اعاده المعدوم. و فيه نظر اذ ظاهر انه اذا احرق جسد زيد و ذرت الرياح ترابه لا يبقي تشخص زيد و ان بقيت الصوره و الاجزاء، بل لابد في عود الشخص بعينه من عود تشخصه بعد انعدامه کما مرت الاشاره اليه، نعم ذکر بعض المتکلمين ان تشخص الشخص انما يقوم باجزائه الاصليه المخلوقه من المني، و تلک الاجزاء باقيه في مده حياه الشخص و بعد موته و تفرق اجزائه، فلا يعدم التشخص، و قد مضي ما يومي اليه من الاخبار، و علي هذا فلوا انعدم بعض العوارض الغير المشخصه و اعيد غيرها مکانها لا يقدح في کون الشخص باقيا بعينه. فاذا تمهد هذا فاعلم ان القول بالحشر الجسماني علي تقدير عدم القول بامتناع اعاده المعدوم حيث لم يتم الدليل عليه بين لا اشکال فيه، و اما علي القول به، فيمکن ان يقال: يکفي في المعاد کونه ماخوذا من تلک الماده بعينها او من تلک الاجزاء بعينها لا سيما اذا کان شبيها بذلک الشخص في الصفات و العوارض بحيث لو رايته لقلت: انه فلان اذ مدار اللذات و الالام علي الروح و لو بواسطه الالات، و هو باق بعينه و لا تدل النصوص الا علي اعاده

ذلک الشخص بمعني انه يحکم عليه عرفا انه ذلک الشخص کما انه يحکم علي الماء الواحد اذا افرغ في انائين انه هو الماء الذي کان في اناء واحد عرفا و شرعا و ان قيل بالهيولي، و لا يبتني الاطلاقات الشرعيه و العرفيه و اللغويه علي امثال تلک الدقائق الحکميه و الفلسفيه، و قد اومانا في تفسير بعض الايات و شرح بعض الاخبار الي ما يويد ذلک، کقوله- تعالي-: (علي ان يخلق مثلهم) و قوله- تعالي-: (بدلناهم جلودا غيرها). قال شارح المقاصد: اتفق المحققون من الفلاسفه و المليين علي حقيقه المعا، و اختلفوا في کيفيته فذهب جمهور الفلاسفه الي انه روحاني فقط لان البدن ينعدم بصوره و اعراضه فلايعاد، و النفس جوهر مجرد باق لا سبيل اليه للفناء فيعود الي عالم المجردات بقطع التعلقات. و ذهب کثير من علماء الاسلام کالغزالي و الکعبي و الحليمي و الراغب و القاضي ابوزيد الدبوسي الي القول بالمعاد الروحاني و الجسماني جميعا ذهابا الي ان النفس جوهر مجرد يعود الي البدن، و هذا راي کثير من الصوفيه و الشيعه و الکراميه و به يقول جمهور النصاري و التناسخيه. قال الامام الرازي: الا ان الفرق ان المسلمين يقولون بحدوث الارواح وردها الي الابدان لا في هذا العالم بل في الاخره، و

التناسخيه بقدمها و ردها اليها في هذا العالم و ينکرون الاخره و الجنه و النار، و انما نبهنا علي هذا الفرق لانه جبلت علي الطباع العاميه ان هذا المذهب يجب ان يکون کفرا و ضلالا لکونه مما ذهب اليه التناسخيه و النصاري و لا يعلمون ان التناسخيه انما يکفرون لانکارهم القيامه و الجنه و النار و النصاري لقولهم بالتثليث. و اما القول بالنفوس المجرده، فلا يرفع اصلا من اصول الدين، بل ربما يويده و يبين الطريق الي اثبات المعاد بحيث لا يقدح فيه شبه المنکرين. کذا في نهايه العقول. و قد بالغ الامام الغزالي في تحقيق المعاد الروحاني و بيان انواع الثواب و العقاب بالنسبه الي الروح حتي سبق الي کثير من الاوهام و وقع في السنه بعض العوام انه ينکر حشر الاجساد افتراء عليه. کيف و قد صرح به في مواضع من کتاب الاحياء و غيره و ذهب الي ان انکاره کفر؟ و انما لم يشرحه في کتبه کثير شرح لما قال: انه ظاهر لا يحتاج الي زياده بيان. نعم، ربما يميل کلامه و کلام کثير من القائلين بالمعادين الي ان معني ذلک ان يخلق الله- تعالي- من الاجزاء المتفرقه لذلک البدن فيعيد اليه نفسه المجرده الباقيه بعد خراب البدن. و لا يضرنا کونه غير البدن الاول بحسب الشخص و لا امتناع

اعاده المعدوم بعينه. و ما شهد به النصوص من کون اهل الجنه جردا مردا و کون ضرس الکافر مثل جبل احد، يعضد ذلک، و کذا قوله- تعالي-: (کلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) و لا يبعد ان يکون قوله- تعالي-: (او ليس الذي خلق السموات و الارض بقادر علي ان يخلق مثلهم) اشاره الي هذا. فان قيل: فعلي هذا يکون المثاب و المعاقب باللذات و الالام الجسمانيه غير من عمل الطاعه و ارتکب المعصيه، قلنا: العبره في ذلک بالادراک، و انما هو للروح و لو بواسطه الالات و هو باق بعينه، و کذا الاجزاء الا صليه من البدن، و لذا يقال للشخص من الصباء الي الشيخوخه: انه هو بعينه و ان تبدلت الصور و الهيئات، بل کثير من الاعضاء و الالات، و لا يقال لمن جني في الشباب فعوقب في المشيب: انها عقوبه لغير الجاني. انتهي. اقول: الاحوط و الاولي التصديق بما تواتر في النصوص و علم ضروره من ثبوت الحشر الجسماني و سائر ما ورد فيها من خصوصياته و عدم الخوض في امثال ذلک، اذ لم نکلف بذلک. و ربما افضي التفکر فيها الي القول بشي‏ء لم يطابق الواقع و لم نکن معذورين في ذلک. و الله الموفق للحق و السداد في المبدء المعاد. (قد شخصوا) اي خرجوا. و (الاجداث) القبور. و (الخلق) بالضم و بضمت

ين، السجيه و الطبع و المروه و الدين. و الرجل اذا روي من الماء فتغير لونه، يقال: نقع. قوله - عليه‏السلام- (لا يزيغ فيستعتب) اي لا يميل فيطلب منه الرجوع، و (العتبي) الرجوع. و المراد بکثره الرد الترديد في الالسنه.

[صفحه 102]

(هذا بيان آخر في شرح الکلام:) بيان: قوله- عليه‏السلام- (ان يعتقل) اي يحبس نفسه علي طاعه الله. و (فلانه) کنايه عن عائشه، و لعله من السيد- رضي الله عنه- تقيه. قوله - عليه‏السلام- (و ضغن) اي حقد، و من اسباب حقدها لاميرالمومنين- عليه‏السلام- سد النبي- صلي الله عليه و آله- باب ابيها من المسجد و فتح بابه- عليه‏السلام-، و بعثه - عليه‏السلام- بسوره برآئه بعد اخذها من ابي‏بکر، و اکرام رسول الله- صلي الله عليه و آله- لفاطمه- عليهاالسلام- و حسدها عليها الي غيرذلک من الاسباب المعلومه. و (المرجل)- کمنبر- القدر. و (القين) الحداد، اي کغليان قدر من حديد. قوله- عليه‏السلام- (من غيري) يعني به عمر کما قيل، او الاعم و هو اظهر، اي لو کان عمر او احد من اضرابه ولي الخلافه بعد قتل عثمان علي الوجه الذي قتل عليه و نسب اليه انه کان يحرض الناس علي قتله، و دعيت الي ان تخرج عليه في عصابه تثير فتنه و تنقض البيعه لم تفعل. و هذا بيان لحقدها له - عليه‏السلام-.

[صفحه 103]

قوله - عليه‏السلام- (لا تنزل بنا) قال ابن ابي‏الحديد لقوله- تعالي-: (و ما کان الله ليعذبهم و انت فيهم). و (حيزت عني) اي منعت. و (الاهواء الساهيه) اي الغافله. قوله- عليه‏السلام- (بمنزله فتنه) اي لا يجري عليهم في الظاهر احکام الکفر و ان کانوا باطنا من اخبث الکفار. اقول: قال ابن‏ميثم و ابن ابي‏الحديد: هذا الخبر رواه کثير من المحدثين عن علي- عليه‏السلام- قال: ان رسول الله- صلي الله عليه و آله- قال لي: ان الله کتب عليک جهاد المفتونين کما کتب علي جهاد المشرکين. قال: قلت: يا رسول الله! ما هذه الفتنه التي کتب فيها الجهاد؟ قال: قوم يشهدون ان لا اله الا الله و اني رسول الله، و هم مخالفون للسنه، فقلت: يا رسول الله! فعلام اقاتلهم و هم يشهدون کما اشهد؟ قال: علي الاحداث في الدين و مخالفه الامر. فقلت: يا رسول الله! انت کنت و عدتني الشهاده فاسئل الله ان يعجلها لي بين يديک. قال: فمن يقاتل الناکثين و القاسطين و المارقين؟ اما اني قد وعدتک الشهاده و ستشهد، تضرب علي هذه فتخضب هذه فکيف صبرک اذن؟ فقلت: يا رسول الله! ليس هذا بموطن صبر، هذا موطن شکر. قال: اجل اصبت، فاعد للخصومه، فانک مخاصم. فقلت: يا رسول الله! لو بينت ل

ي قليلا. فقال: ان امتي ستفتن من بعدي فتتاول القرآن، و تعمل بالراي. و تستحل الخمر بالنبيذ، و السحت بالهديه، و الربا بالبيع، و تحرف الکتاب عن مواضعه، و تغلب کلمه الضلال، فکن جلس بيتک حتي تقلدها. فاذا قلدتها جاشت عليک الصدور، و قلبت لک الامور، فقاتل حينئذ علي تاويل القران کما قاتلت علي تنزيله، فليست حالهم الثانيه بدون حالهم الاولي. فقلت: يا رسول الله! فباي المنازل انزل هولاء المفتونين؟ ابمنزله فتنه ام بمنزله رده؟ فقال: بمنزله فتنه، يعمهون فيها الي ان يدرکهم العدل. فقلت: يا رسول الله ايدرکهم العدل منا ام من غيرنا؟ قال: بل منا، فبنا فتح و بنا يختم، و بنا الف بين القلوب بعد الفتنه. فقلت: الحمدلله علي ما وهب لنا من فضله. بيان: (کن جلس بيتک) بالکسر، اي ملازما له غير مفارق بالخروج للقتال و دفع اهل الضلال. و الضمير في (تقلدها و قلدتها) علي المجهول فيهما، راجع الي الخلافه و الاماره، و التقليد ماخوذ من عقد القلاده علي الاستعاره، و تقليدهم اطاعتهم و ترکهم العناد. و (جاش القدر- بالهمز- و غيره) غلا. و (قلبت لک الامور) اي دبروا انواع المکائد و الحيل لدفعک.


صفحه 92، 95، 102، 103.