خطبه 152-ستايش خدا











خطبه 152-ستايش خدا



[صفحه 71]

النهج: قال عليه‏السلام: الحمدلله الدال علي وجوده بخلقه و بمحدث خلقه علي ازليه. و منه قال- عليه‏السلام-: الحمدلله خالق العباد، و ساطح المهاد، و مسيل الوهاد، و مخصب النجاد، ليس لاوليته ابتداء، و لا لازليته انقضاء، هو الاول لم يزل، و الباقي بلا اجل... (الي قوله- عليه‏السلام-:) قبل کل غايه و مده، و کل احصاء و عده... (الي قوله- عليه‏السلام-:) لم يخلق الاشياء من اصول ازليه، و لا من اوائل ابديه بل خلق ما خلق فاقام حده، و صور ما صور فاحسن صورته. بيان: (الساطح) الباسط. و (المسيل) المجري. و (الوهاد) جمع (و هده) و هي الارض المنخفضه. و (اخصب الله الارض) اي جعلها کثيره العشب و الکلاء، و (النجاد) بالکسر، جمع (نجد) بالفتح، و هو المرتفع من الارض. (و لا لازليته انقضاء) اي في جانب الابد، اي ازليته ازليه مقرونه بالابديه، و يمکن ان يکون اشاره الي ان الازليه تستلزم الابديه اذ ما ثبت قدمه امتنع عدمه، او في جانب الازل اذا رجع الوهم اليه. و لا يخفي دلاله تلک الفقرات علي اختصاص الازليه به وحدوث ما سواه، اذا ذکر الصفات المشترکه بينه و بين خلقه لا يناسب مقام المدح. ثم صرح- عليه‏السلام- بذلک بقوله (لم يخلق الاشياء من اصول

ازليه) ردا علي ما زعمته الحکماء من الهيولي القديمه و نحو ذلک. و (الابد) بالتحريک الدهر، و (الدائم) و (القديم) الازلي، کما ذکره في القاموس، و قيل: الزمان الطويل الذي ليس بمحدود، و الظاهر انه تاکيد و تفسير للفقره الاولي، و يتحمل ان يکون المراد الامثله التي يخلق الله- تعالي- الاشياء علي حذوها. و في بعض النسخ: (بديه) و البدي- کرضي- الاول (من اوائل) سابقه علي ايجادها.

[صفحه 74]

توضيح: قيل: هذه خطبه خطب بها- عليه‏السلام- بعد قتل عثمان و انتقال الخلافه اليه، و يمکن ان يکون المراد بطلوع الطالع ظهور امرته و خلافته- عليه‏السلام-، و ان يشير بلموع اللامع الي ظهورها من حيث هي حق له، و سطوع انوار العدل بصيرورتها اليه، و بلوح اللائح الي الحروب و الفتن الواقعه بعد انتقال الامر اليه. و قيل: المراد بالجميع واحد، فيحتمل ان يکون المراد: طلع ما کان طالعا فان الخلافه کانت له - عليه‏السلام- حقيقه اي طلع ظاهرا ما کان طالعا حقيقه کقوله - عليه‏السلام- (و اعتدل مائل) اي الخلافه کانت مائله عن مرکزها، او ارکان الدين القويم. و لعل انتظار الغير کنايه عن العلم بوقوعه، او الراضي بما قضي الله من ذلک، و المراد بالغير ما جري قبل ذلک من قتل عثمان و انتقال الامر اليه - عليه‏السلام-، او ما سياتي من الحروب و الوقائع، و الاول انسب. قوله- عليه‏السلام- (قوام الله) اي يقومون بمصالحهم، و قيم المنزل هو المدبر له. و (العرفاء) جمع (عريف) و هوا القيم بامور القبيله و الجماعه يلي امورهم و يتعرف الامير منه احوالهم، فعيل بمعني فاعل. (الا من عرفهم) اي بالامامه. و (عرفوه) اي بالتشيع و الولايه. و منکرهم من لم يعرفهم و

لم يقر بما اتوابه من ضروريات الدين فهو منکر لهم.

[صفحه 75]

قوله - عليه‏السلام- (لانه اسم سلامه) اي الاسلام مشتق من السلامه. و قال الجوهري: (جماع الشي‏ء) بالکسر، جمعه، يقال: الخمر جماع الاثم. و (المرابيع) الامطار التي يجيي في اول الربيع فيکون سببا لظهور الکلاء و يقال: (احميت المکان) اي جعلته حمي. قال ابن ابي‏الحديد: (احماه) اي جعله عرضه لان يحمي، اي عرض الله- سبحانه- حماه و محارمه لان يجتنب. و (ارعي مرعاه) لان يرعي، اي مکن من الانتفاع بمواعظه لانه خاطبنا بلسان عربي مبين. و يمکن ان يقال: المعني: جعل له حرمات و نهي عن انتها کها و ارتکاب نواهيه و تعدي حدوده، و رخصا اباح للناس التمتع بها. و المراد بقوله- عليه‏السلام- (احمي حماه) منع المغيرين من تغيير قواعده، و بقوله (ارعي مرعاه) مکن المطيعين من طاعته التي هي الاغذيه الروحانيه للصالحين کما ان النبات غذاء للبهائم. (هذا بيان آخر في شرح الجزء الثاني من الخطبه:) بيان: ظاهره ان الاسلام مشتق من السلامه، اي من آفات الدنيا و مهالک الاخره اذا ادي حقه، فليس بمعني الانقياد و الدخول في السلم. و (جماع الشي‏ء) - ککتاب- جمعه، و في الحديث: (الخمر جماع الاثم) اي مظنته و مجمعه. و (المنهج و المنهاج) الطريق الواضح، و حججه الادله

علي صحته و کلمه (من) للتفسير و تفصيل الحجج. و ظاهر العلم الاحکام الواضحه المبينه للناس من محکمات القرآن و ما اتضح من السنه. و (باطن الحکم) الاحکام المخزونه عند اهلها، کتاويل المتشابهات و اسرار الشريعه، و قيل: يعني بظاهر علم، و باطن حکم القرآن، الا تراه کيف اتي بعده بصفات و نعوت لا يکون الا للقرآن، و لا ريب في اتحاد حجج الاسلام و القرآن، و لا يبعد ان يکون القرآن في جمله کلام حذف السيد- رضي الله عنه- عالي عادته في الالتقاط و الاختصار، و في بعض النسخ: (عزائمه) مکان (غرائبه) اي آياته المحکمه و براهينه العازمه اي القاطعه، و عدم فناء العزائم او الغرائب اما ثباتها و استقرارها علي طول المده و تغيره الاعصار، او کثرتها عند البحث و التفتيش عنها. و عدم انقضاء العجائب هو انه کلما تامل فيه الانسان استخرج لطائف معجبه. و (المرابيع) امطار اول الربيع تحيي بها الارض و تنبت الکلاء، و في بعض النسخ: (بمفاتيحه و بمصابيحه) مع الياء و في بعضها بدونها. و (حميت المکان من الناس) - کرميت- اي منعته منهم، و الحمايه اسم منه، و (کلاء حمي) - کرضي- اي محمي، و (احميت المکان) جعلته حمي لا يقرب منه و لا يجترء عليه. و (الرعي) بالکسر، الکلاء و بالف

تح، المصدر و المرعي الرعي و المصدر و الموضع. قيل: (احمي حماه) اي جعله الله عرضه لان يحمي، کما تقول: (اقتلت الرجل) اي جعلته عرضه لان يقتل، اي قد عرض الله حمي القرآن و محارمه لان يجتنب، و عرض مرعاه لان يرعي، اي مکن من الانتفاع بمواعظه و زواجره لانه خاطبنا بلسان عربي مبين و لم يقنع ببيان ما لم يعلم الا بالشرع حتي نبه في اکثره علي ادله العقل. و قيل: استعار لفظ الحمي لحفظه و تدبره و العمل بقوانينه، و وجه الاستعاره ان بذلک يکون حفظ الشخص و حراسته، اما في الدنيا، فمن ايدي کثير من الظالمين لا حترامهم حمله القرآن و مفسريه و من يعتلق به، و اما في الاخره، فلحمايته حفظته و متدبريه و العامل به من عذاب الله کما يحمي الحمي من يلود به، و قيل: اراد بحماه محارمه، اي منع بنواهيه و زواجره ان يستباح محارمه. (و ارعي مرعاه) اي هياه لان يرعي، و استعار لفظ المرعي للمعلوم و الحکم و الاداب التي يشتمل عليها القرآن و وجه المشابهه ان هذه مراعي النفوس و غداوها الذي به يکون نشوها العقلي، و تمامها الفعلي کما ان النبات و العشب غذاء للابدان الحيوانيه الذي يقوم بها وجودها. و اقول: يحتمل ان يکون المراد به انه جعل له حدودا و حرمات، و نهي عن انته

ا کها و ارتکاب نواهيه و تعدي حدوده، و رخصا اباح للناس الانتفاع بها و التمتع منها، و يمکن ان يقال: (احمي حماه) اي منع المغيرين من تغيير قواعده (و ارعي مرعاه) اي مکن المطيعين من طاعته، و هي الغداء الروحاني الذي به حياتهم الباقيه في النشاه الاخره. و (المشتفي) طالب الشفاء کالمستشفي کما في بعض النسخ اي فيه شفاء من الامراض المعنويه کالجهل و الضلال کما قال - تعالي-: (شفاء لما في الصدور)، او منها و من الامراض البدنيه ايضا بالتعوذ و نحوه کما قال- سبحانه-: (و ننزل من القرآن ما هو شفاء). و (الکفايه) بالکسر، ما به يحصل الاستغناء عن غيره، و هذه الکفايه لاهله، و من اخذ غوامضه منهم و رجع في تاويل المتشابهات و نحوه اليهم.


صفحه 71، 74، 75.