خطبه 130-سخني با ابوذر











خطبه 130-سخني با ابوذر



[صفحه 13]

قال عبدالحميد بن ابي‏الحديد في شرح هذا الکلام: قد روي هذا الکلام احمد بن عبدالعزيز الجوهري في الکتاب السقيفه عن عبدالرزاق، عن ابيه عن عکرمه، عن ابن عباس قال: لما اخرج ابوذر الي الربذه امر عثمان فنودي في الناس ان لا يکلم احد اباذر و لا يشيعه، و امر مروان بن الحکم ان يخرج به فتحاماه الناس الا علي بن ابي‏طالب- عليه‏السلام- و عقيلا اخاه و حسنا و حسينا- عليهماالسلام- و عمار بن ياسر، فانهم خرجوا معه يشيعونه. فجعل الحسن- عليه‏السلام- يکلم اباذر فقال له مروان: ايها يا حسن! الا تعلم ان اميرالمومنين قد نهي عن کلام ذلک الرجل، فان کنت لا تعلم فاعلم ذلک. فحمل علي - عليه‏السلام- علي مروان فضرب بالسوط بين اذني راحلته، و قال: تنح! لحاک الله الي النار. فرجع مروان مغضبا الي عثمان فاخبره الخبر، فتلظي علي علي- عليه‏السلام-. و وقف ابوذر فودعه القوم و معه ذکوان مولي ام هاني‏ء بنت ابي‏طالب، قال ذکوان: فحفظت کلام القوم و کان حافظا، فقال علي- عليه‏السلام-: ياباذر انک غضبت لله، ان القوم خافوک علي دنياهم و خفتهم علي دينک، فامتحنوک باقلا، و نفوک الي افلا، و الله لو کانت السماوات و الارض علي عبد رتقا ثم اتقي الله لجعل منهما

مخرجا، يا باذر لا يونسنک الا الحق و لا يوحشنک الا الباطل. ثم قال لاصحابه: و دعوا عمکم. و قال لعقيل: ودع اخاک. فتکلم عقيل فقال: ما عسي ان نقول ياباذر انت تعلم انا نخبک و انت تحبنا فاتق الله، فان التقوي نجاه و اصبر فان الصبر کرم، و اعلم ان استثقالک الصبر من الجزع و استبطائک العافيه من الياس، فدع الياس و الجزع. ثم تکلم الحسن- عليه‏السلام- فقال: يا عماه لو لا انه لا ينبغي للمودع ان يسکت، و اللمشيع ان ينصرف لقصر الکلام و ان طال الاسف، و قد اتي القوم اليک ما تري، فضع عنک الدنيا بتذکر فراقها، و شده ما اشتد منها برجاء ما بعدها، و اصبر حتي تلقي نبيک- صلي الله عليه و آله- و هو عنک راض. ثم تکلم الحسين- عليه‏السلام- فقال: يا عماه ان الله- تعالي- قادر ان يغير ما قد تري، و الله کل يوم في شان، و قد منعک القوم دنياهم، و منعتهم دينک فما اغناک عما منعوک، و احوجهم اي ما منعتهم، فاسال الله الصبر و النصر، استعذبه من الجشع و الجزع، فان الصبر من الدين و الکرم، و ان الجشع لا يقدم رزقا و الجزع لا يوخر اجلا. ثم تکلم عمار- رحمه الله- مغضبا فقال: لا آنس الله من اوحشک، و لا آمن من اخافک، اما و الله لو اردت دنياهم لا منوک، و لو رضيت اعما

لهم لاحبوک، و ما منع الناس ان يقولوا بقولک الا الرضا بالدنيا، و الجزج من الموت و مالوا الي ما سلطان جماعتهم عليه، و المللک لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، و منحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا و الاخره، الا ذلک هو الخسران المبين. فبکي ابوذر- رحمه الله- و کان شيخا کبيرا، و قال: رحمکم الله يا اهل بيت الرحمه، اذا رايتکم ذکرت بکم رسول الله- صلي الله عليه و آله- ما لي بالمدينه سکن و لا شجن غيرکم، اني ثقلت علي عثمان بالحجاز، کما ثقلت علي معاويه بالشام، و کره ان اجاور اخاه و ابن خاله بالمصرين فاقسد الناس عليهما، فسيرني الي بلد ليس لي به ناصر و لا دافع الا الله، و الله ما اريد الا الله صاحبا، و ما اخشي مع الله وحشه. و رجع القوم الي المدينه فجاء علي - عليه‏السلام- الي عثمان، فقال له: ما حملک علي رد رسولي و تصغير امري؟ فقال علي- عليه‏السلام-: اما ان يرد وجهي فرددته و اما امرک فلم اصغره. قال: اما بلغک نهيي عن کلام ابي‏ذر؟ قال: او کل ما امرت بامر معصيه اطعانک فيه؟ قال عثمان: اقد مروان من نفسک. قال: مم ذا؟ قال: من شتمه و جذب راحلته. قال: اما الراحله فراحتي بها، و اما شتمه اياي فوالله لا يشتمني شتمه الا شتمتک، لا اکذب عليک. فغضب

عثمان و قال: لا يشتمک کانک خير منه؟ قال علي- عليه‏السلام- اي و الله و منک. ثم قام فخرج. فارسل عثمان الي وجوه المهاجرين و الانصار و الي بني‏اميه يشکو اليهم عليا- عليه‏السلام-، فقال القوم: انت الوالي عليه، و اصلاحه اجمل. قال: وددت ذاک. فاتوا عليا- عليه‏السلام- و قالوا: لو اعتذرت الي مروان و اتيته. فقال: کلا، اما مروان فلا آتيه و لا اعتذر اليه، ولکن ان احب عثمان اتيته. فرجعوا الي عثمان فاخبروه، فارسل اليه فاتاه و معه بنوهاشم، فتکلم علي - عليه‏السلام- فحمد الله و اثني عليه ثم قال: اما ما وجدت علي فيه من کلام ابي‏ذر و وداعه فوالله ما اردت مناواتک و لا الخلاف عليک ولکن اردت به قضاء حقه، و اما مروان فانه اعترض، يريد ردي عن قضاء حق الله- عز و جل- فرددته رد مثلي مثله، و اما ما کان مني اليک فانک اغضبتني فاخرج الغضب مني ما لم ارده. فتکلم عثمان فحمد الله و اثني عليه ثم قال: اما ما کان منک الي فقد وهبته لک، و اما ما کان منک الي مروان فقد عفا الله عنک، و اما ما حلقت عليه فانت البر الصادق، فادن يدک، فاخذ يده فضمها الي صدره. فلما نهض قالت قريش و بنواميه لمروان: انت رجل جبهک علي فضرب راحلتک، و قد تفانت وائل في ضرع ناقه، ور ب

يان و عبس في لطمه فرس، و الاوس و الخزرج في نسعه، افتحمل لعلي- عليه‏السلام- ما اتي اليک. فقال مروان: و الله لو اردت ذلک لما قدرت عليه. و اعلم ان الذي عليه اکثر ارباب السير و علماء الخبار و النقل ان عثمان نفي اباذر اولا الي الشام، ثم استقدمه الي المدينه لما شکي منه معاويه ثم نفاه من المدينه الي الربذه لما عمل بالمدينه نظير ما کان يعمل بالشام. و اصل هذه الواقعه ان عثمان لما اعطي مروان بن الحکم و غيره بيوت الاموال و اختص زيدبن ثابت بشي‏ء منها جعل ابوذر يقول بين الناس و في الطرقات و الشوارع: بشر الکافرين بعذاب اليم، و يرفع بذلک صوته، و يتلو قوله- تعالي- (و الذين يکنزون الذهب و الفضه و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم) فرفع ذلک الي عثمان مرارا و هو ساکت، ثم انه ارسل اليه مولي من مواليه ان انته عما بلغني عنک فقال ابوذر: اينهاني عثمان عن قرائه کتاب الله- تعالي- و عيب من ترک امر الله؟ فوالله لان ارضي الله بسخط عثمان احب الي و خير لي من ان اسخط الله برضي عثمان. فاغضب عثمان ذلک و احفظه فتصابر و تماسک الي ان قال عثمان يوما و الناس حوله: ايجوز للامام ان ياخذ من بيت المال شيئا قرضا، فاذا ايسر قضي؟ فقال کعب الاحب

ار: لا باس بذلک. فقال ابوذر: يابن اليهوديين اتعلمنا ديننا؟ فقال عثمان: قد کثر اذاک لي و تولعک باصحابي، الحق بالشام، فاخرجه اليها. فکان ابوذر ينکر علي معاويه اشياء يفعلها، فبعث اليه معاويه يوما ثلاثمائه دينار، فقال ابوذر لرسوله: ان کانت من عطايي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها، و ان کانت صله فلا حاجه لي فيها وردها عليه. ثم بني معاويه الخضراء بدمشق، فقال ابوذر: يا معاويه! ان کانت هذه من مال الله فهي الخيانه، و ان کانت من مالک فهي الاسراف. و کان ابوذر يقول بالشام: و الله حدثت اعمال ما اعرفها، و الله ما هي في کتاب الله و لا سنه نبيه، اني لاري حقا يطفا، و باطلا يحيي، و صادقا مکذبا، و اثره بغير تقي، و صالحا مستاثرا عليه. فقال حبيب بن مسلمه الفهري لمعاويه: ان اباذر لمفسد عليکم الشام، فتدراک اهله ان کان لک فيه حاجه. و روي ابوعثمان الجاحظ عن جلام بن جندل الغفاري قال: کنت عاملا لمعاويه علي قنسرين و العواصم في خلافه عثمان، فجئت اليه يوما اساله عن حال عملي، اذ سمعت صارخا علي باب داره يقول: اتتکم القطار بحمل النار، اللهم العن الامرين بالمعروف التارکين له، اللهم العن الناهين عن المنکر المترکبين له. فاز بار معاويه و تغير لو

نه و قال: يا جلام اتعرف الصارخ؟ فقلت: اللهم لا. قال: من عذيري من جندب بن جناده، ياتينا کل يوم فيصرخ علي باب قصرنا بما سمعت. ثم قال: ادخلوه، فجي‏ء بابي ذربين قوم يقودونه حتي وقف بين يديه، فقال له معاويه: يا عدو الله و عدو رسوله تاتينا في کل يوم فتصنع ما تصنع، اما اني لو کنت قاتل رجل من اصحاب محمد من غير اذن اميرالمومنين عثمان لقتلتک ولکني استاذن فيک. قال جلام: و کنت احب ان اري اباذر لانه رجل من قومي، فالتفت اليه فاذا رجل اسمر، ضرب من الرجال، خفيف العارضين، في ظهره حناء فاقبل علي معاويه و ابطنتما الکفر، و لقد لعنک رسول الله- صلي الله عليه و آله- و دعا عليک مرات ان لا تشبع، سمعت رسول الله - صلي الله عليه و آله- يقول: (اذا ولي الامه الاعين الواسع البلعوم الذي ياکل و لا يشبع فلتاخذ الامه حذرها منه). فقال معاويه: ما انا ذلک الرجل. قال ابوذر: بل انت ذلک الرجل اخبرني بذلک رسول الله- صلي اله عليه و آله- و سمعته يقول و قد مررت به: (اللهم العنه و لا تشبه الا بالتراب) و سمعته يقول: (اسيت معاويه في النار). فضحک معاويه و امر بحبسه، و کتب الي عثمان فيه، فکتب عثمان الي معاويه: ان احمل جندبا الي علي اغلظ مرکب و اوعره. فوجه ب

ه من ساربه الليل و النهار، و حمله علي شارف ليس عليها الا قتب حتي قدم به المدينه، و قد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث اليه عثمان: ان الحق باي ارض شئت. قال بمکه. قال: لا. قال: ببيت المقدس. قال: لا قال: باحد المصرين. قال: لا. قال: ولکني مسيرک الي الربذه فسيره اليها، فلم يزل بها حتي مات. و في روايه الواقدي ان اباذر لما دخل علي عثمان قال له: لا انعم الله بقين عينا نعم و لا لقاه يوما زينا تحيه السخط اذا التقينا فقال ابوذر: ما عرفت اسمي قينا. و في روايه اخري: لا انعم الله بک عينا يا جنيدب. فقال ابوذر: انا جندب و سماني رسول الله- صلي الله عليه و آله- عبدالله، فاخترت اسم رسول الله - صلي الله عليه و آله- الذي سماني به علي اسمي. فقال له عثمان: انت الذي تزعم انا نقول: يدالله مغلوله، و ان الله فقير و نحن اغنيائ؟ فقال ابوذر: لو کنتم لا تقولون هذا لانفقتم مال الله علي عباده ولکني اشهد لسمعت رسول الله- صلي الله عليه و آله- يقول: (اذا بلغ بنو ابي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، و عباده خولا). فقال عثمان لمن حضر: اسمعتموها من رسول الله- صلي الله عليه و آله-؟ قالوا: لا. قال عثمان: و يلک يا اباذر اتکذب علي رسو

ل الله- صلي الله عليه و آله-؟ فقال ابوذر لمن حضر: ما تدرون اني صدقت؟ قالوا: لا و الله ما ندري. فقال عثمان: ادعوا لي عليا. فلما جاء، قال عثمان لابي‏ذر: اقصص عليه حديثک في بني ابي‏العاص. فاعاده فقال عثمان لعلي- عليه‏السلام-: اسمعت هذا من رسول الله- صلي الله عليه و آله-؟ قال: لا، و صدق ابوذر. فقال: کيف عرفت صدقه؟ قال: لاني سمعت رسول الله- صلي الله عليه و آله- يقول: (ما اظلت الخضراء و لا اقلت الغبراء من ذي لهجه اصدق من ابي‏ذر). فقال من حضر: اما هذا فسمعناه کلنا من رسول الله- صلي الله عليه و آله-. فقال ابوذر: احدثکم اني سمعت هذا من رسول الله- صلي الله عليه و آله- فتتهموني؟ ما کنت اظن اني اعيش حتي اسمع هذا من اصحاب محمد- صلي الله عليه و آله- و في خبر آخر باسناده عن صهبان مولي الاسلميين، قال: رايت اباذر يوم دخل به علي عثمان، فقال له: انت الذي فعلت و فعلت. فقال ابوذر: نصحتک فاستغششتني، و نصحت صاحبک فاستغشني. قال عثمان: کذبت، ولکنک تريد الفتنه و تحبها، قد انغلت الشام علينا. فقال له ابوذر: اتبع سنه صاحبيک لا يکن لاحد عليک کلام. فقال عثمان: مالک و ذلک؟ لا ام لک. قال ابوذر: ما وجدت لي عذرا الا الامر بالمعروف و النهي عن

المنکر. فغضب عثمان و قال: اشيروا علي في هذا الشيخ الکذاب، اما ان اضربه او احبسه او اقتله، فانه قد فرق جماعه المسلمين، او انفيه من ارض الاسلام. فتکلم علي - عليه‏اسلالم- و کان حاضرا فقال: اشير عليک بما قال مومن آل فرعون: (و ان يک کاذبا فعليه کذبه، و ان يک صادقا يصبکم بعض الذي يعدکم، ان الله لا يهدي من هو مسرف کذاب). فاجابه عثمان بجواب غليظ، و اجابه علي- عليه‏السلام- بمثله، و لم يذکر الجوابين تذمما منهما. قال الواقدي: ثم ان عثمان حظر علي الناس ان يقاعدوا اباذر او يکلموه فمکث کذلک اياما ثم اتي به فوقف بين يديه، فقال ابوذر: و يحک يا عثمان اما رايت رسول الله- صلي الله عليه و آله- و رايت ابابکر و عمر، هل هديک کهديم؟ اما انک لتبطش بي بطش جبار. فقال عثمان: اخرج عنا من بلادنا. فقال ابوذر: ما ابغض الي جوارک، فالي اين اخرج؟ قال: حيث شئت. قال: اخرج الي الشام ارض الجهاد. قال: انما جلبتک من الشام لما قد افسدتها، افاردک اليها؟ قال: افا خرج الي العراق؟ قال: لا. انک ان تخرج اليها تقدم علي قوم اولي شبه و طعن علي الائمه و الوالاه. قال: افاخرج الي مصر؟ قال: لا. قال: فالي اين اخرج؟ قال: الي الباديه. قال ابوذر: اصير بعد الهجره اعر

ابيا؟ قال: نعم. قال ابوذر: فاخرج الي باديه نجد. قال عثمان: بل الي الشرف الابعد فاقصي، امض علي و جهک هذا، فلا تعدون. فخرج اليها. و روي الواقدي ايضا عن مالک بن ابي‏الرجا عن موسي بن ميسره ان اباالاسود الدولي قال: کنت احب لقاء ابي‏ذر لاساله عن سبب خروجه الي الربذه، فجئته فقلت له: الا تخبرني اخرجت من المدينه طائعا ام اخرجت؟ فقال: کنت في ثغور المسلمين اغني عنهم فاخرجت الي المدينه. فقلت: دار هجرتي، فاخرجت من المدينه الي ما تري. ثم قال: بينا انا ذات ليله نائم في المسجد علي عهد رسول الله- صلي الله عليه و آله- اذ مربي- صلي الله عليه و آله- فضر بني برجله، و قال: لا اراک نائما في المسجد. فقلت: بابي انت و امي غلبتني عيني فنمت فيه. قال: فکيف تصنع اذا اخرجوک منه؟ قلت: آخذ سيفي فاضربهم به. فقال: الا ادلک علي خير من ذلک؟ انسق معهم حيث ساقوک، و تسمع و تطيع، فسمعت و اطعت و انا اسمع و اطيع، الله ليلقين الله عثمان و هو آثم في جنبي. انتهي کلامه. و انما اوردته بطوله لتعلم ان قبائح اعمال عثمان و طغيانه علي ابي‏ذر و غيره متواتر بين الفريقين. بيان: يقال: (لحاه الله) اي قبحه و لعنه، و (از بار الکلب) تنفش، و ((ازبار) الرجل للشر) تهيا.

و (الضرب بالفتح) الرجل الخفيف الحم. و (البلعوم) بالضم، مجري الطعام في الحلق. و (اسيت) کانه تصغير الاست. و (الشارف من النوق) المسنه الهرمه. و (انغله) افسده. و في القاموس: (الشرف) المکان العالي، و جبل قرب جبل شريف، و الربذه و الشرف الاعلي: جبل قرب زبيد. اقول: قال عبدالحميد بن ابي‏الحديد في شرح نهج‏البلاغه: روي ابوعمرو ابن عبدالبر في کتاب الاستيعاب لما حضر اباذر الوفاه و هو بالربذه بکت زوجته ام ذر، قالت: فقال لي: ما يبکيک؟ فقلت: ما لي لا ابکي و انت تموت بفلاه من الارض، و ليس عندي ثوب يسعک کفنا، و لا بد لي من‏القيام بجهازک. فقال: ابشري و لا تبکي، فاني سمعت رسول الله- صلي الله عليه و آله- يقول: (لا يموت امراين مسلمين ولدان او ثلاث فيصبران و يحتسبان فيريان النار ابدا). و قد مات لنا ثلاثه من الولد، و سمعت ايضا رسول الله- صلي الله عليه و آله- يقول لنفر، انا فيهم: ليموتن احدکم بفلاوع من الارض يشهده عصابه من المومنين)، و ليس من اولئک النفر احد الا و قدمات في قريه و جماعه، فانا لا اشک اني ذلک الرجل، و الله ما کذبت و لا کذبت، فانظري الطريق. قالت ام ذر: فقلت: اني و قد ذهب الحاج و تقطعت الطرق؟ فقال: اذهبي فتبصري. قالت: فک

نت اشتد الي الکثيب فاصعد فانظر ثم ارجع اليه فامرضه، فبينا انا و هو علي هذه الحال اذا انا برجال علي رکابهم کانهم الرخم تخب بهم رواحلهم، فاسرعوا الي حتي وقفوا علي، و قالوا: يا امه الله مالک؟ فقلت: امرو من المسلمين يموت تکفونه؟ قالوا: و من هو؟ قلت: ابوذر. قالوا: صاحب رسول الله- صلي الله عليه و آله-؟ قلت: نعم. ففدوه بابائهم، و امهاتهم و اسرعوا اليه حتي دخلوا عليه. فقال لهم: ابشروا فاني سمعت رسول الله- صلي الله عليه و آله- يقول لنفر انا فيهم: (ليموتن رجل منکم بفلاه من الارض تشهده عصابه من المومنين) و ليس من اولئک النفر احد الا و قد هلک في قريه و جماعه، و الله ما کذبت و لا کذبت و لو کان عندي ثوب يسعني کفنا لي او لا مراتي لم اکفن الا في ثوب لي اولها، و اني انشدکم الله ان يکفنني رجل منکم کان اميرا او عريفا او بريدا او نقيبا. قالت: و ليس في اولئک النفر احد الا و قد قارف بعض ما قال الا فتي من الانصار. قال له: انا اکفنک يا عم في ردائي هذا، و ثوبين معي في عيبتي من غزل امي. فقال ابوذر: انت تکفنني. فمات فکفنه الانصاري، و غسله في النفر الذين حضروه و قاموا عليه و دفنوه في نفر کلهم يمان. قال ابو عمرو بن عبدالبر قبل ان يروي هذ

ا الحديث: کان النفر الذين حضروا موت ابي‏ذر الربذه مصادفه جماعه منهم حجر بن عدي الذي قتله معاويه و هو من اعلام الشيعه و عظمائها، و اما الاشتر فهو اشهر في الشيعه من ابي‏الهذيل في المعتزله، و قري‏ء کتاب الستيعاب علي شيخنا عبدالوهاب بن سکينه المحدث و انا حاضر، فلما انتهي القاري‏ء الي هذا الخبر قال استادي عمرو بن عبدالله الدباس و کنت احضر معه سماع الحديث: لتقل الشيعه بعد هذا ما شائت، فما قال المرتضي و المفيد الا بعض ما کان حجر و الاشتر يعتقدانه في عثمان و من تقدمه، فاشار الشيخ اليه باسکوت فسکت. انتهي کلامه بلفظه. فانظر فيه ببصيره تزدد يقينا. اقول: و قال ابن عبدالبر بعد نقل الروايه الطويله: روي عنه جماعه من الصحابه و کان من اوعيه العلم المبرزين في الزهد و الورع و القول بالحق سئل علي - عليه‏السلام- عن ابي‏ذر، فقال ذلک رجل وعي علما عجز عنه الناس، ثم او کاعليه و لم يخرج شيئا منه، و روي عن النبي - صلي الله عليه و آله- انه قال: ابوذر في امتي شبيه عيسي بن مريم في زهده، و بعضهم يرويه: من سره ان ينظر الي تواضع عيسي بين مريم فلينظر الي ابي‏ذر.


صفحه 13.