دعاؤه في الثناء علي الله















دعاؤه في الثناء علي الله



يا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لايَرْحَمُهُ الْعِبادُ، وَ يا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لاتَقْبَلُهُ الْبِلادُ، وَ يا مَنْ لايَحْتَقِرُ اَهْلَ الْحاجَةِ اِلَيْه، يا مَنْ لا يَجْبَهُ بِالرَّدِّ اَهْلَ الْاِلْحاحِ اِلَيْهِ.

يا مَنْ لايَخْفي عَلَيْهِ صَغيرُ ما يُتْحَفُ بِهِ، وَ لايَضيعُ يَسيرُ ما يُعْمَلُ لَهُ، يا مَنْ يَشْکُرُ عَلَي الْقَليلِ، وَ يُجازي بِالْجَليلِ، يا مَنْ يَدْنُو اِلي مَنْ دَنا مِنْهُ، يا مَنْ يَدْعُو اِلي نَفْسِهِ مَنْ اَدْبَرَ عَنْهُ.

يا مَنْ لايُغَيِّرُ النِّعْمَةَ، وَ لايُبادِرُ بِالنَّقِمَةِ، يا مَنْ يُثْمِرُ الْحَسَنَةَ حَتّي يُنَمِّيَها، وَ يَتَجاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ حَتّي يُعَفِّيَها، اِنْصَرَفَتْ دُونَ مَدي کَرَمِکَ الْحاجاتُ، وَ امْتَلَاَتْ بِفَيْضِ جُودِکَ اَوْعِيَهُ الطَّلِباتِ، تَفَسَّخَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِکَ الصِّفاتُ.

فَلَکَ الْعُلُوُّ الْاَعْلي فَوْقَ کُلِّ عالٍ، وَ الْجَلالُ الْأَمْجَدُ فَوْقَ کُلِّ جَلالٍ، کُلُّ جَليلٍ عِنْدَکَ حَقيرٌ، وَ کُلُّ شَريفٍ في جَنْبِ شَرَفِکَ صَغيرٌ، خابَ الْوافِدُونَ عَلي غَيْرِکَ، وَ خَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ اِلاَّ لَکَ، وَ ضاعَ الْمُلِمُّونَ اِلاَّ بِکَ، وَ اَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ اِلاَّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَکَ.

لِاَنَّکَ ذُو غايَةٍ قَريبَةٍ مِنَ الرَّاغِبينَ، وَ ذُو مَجْدٍ مُباحٍ لِلسَّائِلينَ، لا يَخيبُ عَلَيْکَ الْامِلُونَ، وَ لا يَخْفِقُ مِنْ عَطائِکَ الْمُتَعَرِّضُونَ، وَ لا يَشْقي بِنِقْمَتِکَ الْمُسْتَغْفِرُونَ.

رِزْقُکَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاکَ، وَ حِلْمُکَ مُتَعَرِّضٌ لِمَنْ ناواکَ، وَ عادَتُکَ الْاِحْسانُ اِليَ الْمُسيئينَ، وَ سُنَّتُکَ الْاِبْقاءُ عَلَي الْمُعْتَدينَ.

حَتّي لَقَدْ غَرَّتْهُمْ اَناتُکَ عَنِ النُّزُوعِ، وَ صَدَّهُمْ اِمْهالُکَ عَنِ الرُّجُوعِ، وَ اِنَّما تَأَنَّيْتَ بِهِمْ لِيَفيؤُوا اِلي أَمْرِکَ، وَ اَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوامِ مُلْکِکَ، فَمَنْ کانَ مِنْ اَهْلِ السَّعادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِها، وَ مَنْ کانَ مِنْ اَهْلِ الشَّقاوَةِ خَذَلْتَهُ بِها.

کُلُّهُمْ صائِرٌ اِلي رَحْمَتِکَ، وَ اُمُورُهُمْ ائِلَةٌ اِلي اَمْرِکَ، لَمْ يَهِنْ عَلي طُولِ مُدَّتِهِمْ سُلْطانُکَ، وَ لَمْ تُدْحَضْ لِتَرْکِ مُعاجَلَتِهِمْ حُجَجُکَ، حُجَّتُکَ قائِمَةٌ، وَ سُلْطانُکَ ثابِتٌ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْکَ، وَ الْخَيْبَةُ الْخاذِلَةُ لِمَنْ خابَ مِنْکَ، وَ الشَّقاءُ الْاَشْقي لِمَنِ اغْتَرَّ بِکَ.

ما اَکْثَرَ تَقَلُّبَهُ في عَذابِکَ، وَ ما اَعْظَمَ تَرَدُّدَهُ في عِقابِکَ، وَ ما اَبْعَدَ غايَتَهُ مِنَ الْفَرَجِ، وَ ما اَثْبَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ الْمَخْرَجِ، عَدْلاً مِنْ قَضائِکَ لاتَجُورُ فيهِ، وَ اِنْصافاً مِنْ حُکْمِکَ لاتَحيفُ عَلَيْهِ.

قَدْ ظاهَرْتَ الْحُجَجَ، وَ اَزَلْتَ الْاَعْذارَ، وَ تَقَدَّمْتَ بِالْوَعيدِ، وَ تَلَطَّفْتَ فِي التَّرْغيبِ، وَ ضَرَبْتَ الْاَمْثالَ، وَ اَطَلْتَ الْاِمْهالَ، وَ اَخَّرْتَ وَ اَنْتَ مُسْتَطيعٌ لِلْمُعاجَلَةِ، وَ تَأَنَّيْتَ وَ اَنْتَ مَليٌ بِالْمُبادَرَةِ، لَمْ تَکُ اَناتُکَ عَجْزاً، وَ لا حِلْمُکَ وَهْناً، وَ لااِمْساکُکَ لِعِلَّةٍ، وَ لاَ انْتِظارُکَ لِمُداراةٍ، بَلْ لِتَکُونَ حُجَّتُکَ الْاَبْلَغُ، وَ کَرَمُکَ الْاَکْمَلُ، وَ اِحْسانُکَ الْاَوْفي، وَ نِعْمَتُکَ الْاَتَمُّ، کُلُّ ذلِکَ کانَ وَ لَمْ‏يَزُلْ وَ هُوَ کائِنٌ لايَزُولُ.

نِعْمَتُکَ اَجَلُّ مِنْ اَنْ تُوصَفَ بِکُلِّها، وَ مَجْدُکَ اَرْفَعُ مِنْ اَنْ يُمَدَّ بِکُنْهِهِ، وَ اِحْسانُکَ اَکْبَرُ مِنْ اَنْ يُشْکَرَ عَلي اَقَلِّهِ، فَقَدْ اَقْصَرْتُ ساکِتاً عَنْ تَحْميدِکَ، وَ تَهَيَّبْتُ مُمْسِکاً عَنْ تَمْجيدِکَ، لا رَغْبَةَ يا اِلهي عَنْکَ بَلْ عَجْزاً، وَ لا زُهْداً فيما عِنْدَکَ بَلْ تَقْصيراً.

وَ ها أَنَا ذا يا اِلهي اُؤَمِّلُ بِالْوِفادَةِ، وَ اَسْأَلُکَ حُسْنَ الرِّفادَةِ، فَاسْمَعْ نِدائي، وَ اسْتَجِبْ دُعائي، وَ لاتَخْتِمْ عَمَلي بِخَيْبَتي، وَ لا تَجْبَهْني بِالرَّدِّ في مَسْأَلَتي، وَ اَکْرِمْ مِنْ عِنْدِکَ مُنْصَرَفي، اِنَّکَ غَيْرُ ضائِقٍ عَمَّا يُريدُ، وَ لا عاجِزٌ عَمَّا تَشاءُ، وَ اَنْتَ عَلي کُلِّ شَيْ‏ءٍ قَديرٌ.