دعاؤه في التحميد للّه عزّ و جلّ و الثناء عليه















دعاؤه في التحميد للّه عزّ و جلّ و الثناء عليه



اَلْحَمْدُلِلَّهِ اَوَّلِ مَحْمُودٍ وَ اخِرِ مَعْبُودٍ، اَلْبَدي‏ءُ بِلا مَعْلُومٍ لِأَزَلِيَّتِهِ وَ لا اخِرٍ لِاَوَّلِيَّتِهِ، وَ الْکائِنِ قَبْلَ الْکَوْنِ بِغَيْرِ کِيانٍ، وَ الْمَوْجُودِ في کُلِّ مَکانٍ بِغَيْرِ عِيانٍ، وَ الْقَريبِ مِنْ کُلِّ نَجْوي بِغَيْرِ تَدانٍ.

عَلَنَتْ عِنْدَهُ الْغُيُوبُ وَ ضَلَّتْ في عَظَمَتِهِ الْقُلُوبُ، فَلَا الْأَبْصارُ تُدْرِکُ عَظَمَتَهُ وَ لاَ الْقُلُوبُ عَلَي احْتِجابِهِ تُنْکِرُ مَعْرِفَتَهُ، يُتَمَثَّلُ فِي الْقُلُوبِ بِغَيْرِ مِثالٍ تُحُدُّهُ الْاَوْهامُ اَوْ تُدْرِکُهُ الْاَحْلامُ.

ثُمَّ جَعَلَ مِنْ نَفْسِهِ دَليلاً عَلي تَکَبُّرِهِ عَنِ الضِّدِّ وَ النِّدِّ، وَ الشَّکْلِ وَ الْمِثْلِ، فَالْوَحْدانِيُّةُ ايَةُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَ الْمَوْتُ الْاتي عَلي خَلْقِهِ مُخْبِرٌ عَنْ خَلْقِهِ وَ قُدْرَتِهِ، ثُمَّ خَلَقَهُمْ مِنْ نُطْفَةٍ وَ لَمْ يَکُونُوا شَيْئاً دَليلاً عَلي اِعادَتِهِمْ خَلْقاً جَديداً بَعْدَ فَنائِهِمْ کَما خَلَقَهُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ.

وَ الْحَمْدُلِلَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، الَّذي لَمْ يَضُرَّهُ بِالْمَعْصِيَةِ الْمُتَکَبِّرُونَ، وَ لَمْ يَنْفَعْهُ بِالطَّاعَةِ الْمُتَعَبِّدُونَ، الْحَليمِ عَنِ الْجَبابِرَةِ الْمُدَّعينَ وَ الْمُمْهِلِ لِلزَّاعِمينَ لَهُ شَريکاً في مَلَکُوتِهِ، الدَّائِمِ في سُلْطانِهِ بِغَيْرِ أَمَدٍ، وَ الْباقي في مُلْکِهِ بَعْدَ انْقِضاءِ الْأَبَدِ، وَ الْفَرْدِ الْواحِدِ الصَّمَدِ، وَ الْمُتَکَبِّرِ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَ الْوَلَدِ.

رافِعِ السَّماءِ بِغَيْرِ عَمَدٍ، وَ مُجْرِي السَّحابِ بِغَيْرِ صَفَدٍ، قاهِرِ الْخَلْقِ بِغَيْرِ عَدَدٍ، لکِنِ اللَّهُ الْاَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الَّذي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَکُنْ لَهُ کُفُواً اَحَدٌ.

وَ الْحَمْدُلِلَّهِ الَّذي لَمْ يَخْلُ مِنْ فَضْلِهِ الْمُقيمُونَ عَلي مَعْصِيَتِهِ، وَ لَمْ يُجازِهِ لِاَصْغَرِ نِعَمِهِ الْمُجْتَهِدُونَ في طاعَتِهِ، الْغَنِيِّ الَّذي لايَضَنُّ بِرِزْقِهِ عَلي جاحِدِهِ، وَ لايَنْقُصُ عَطاياهُ اَرْزاقُ خَلْقِهِ، خالِقِ الْخَلْقِ وَ مُفْنيهِ،[1] وَ مُعيدِهِ وَ مُبْديهِ وَ مُعافيهِ،[2] عالِمِ[3] ما اَکَنَّتْهُ السَّرائِرُ وَ اَخْبَتْهُ الضَّمائِرُ، وَ اخْتَلَفَتْ بِهِ الْاَلْسُنُ وَ انَسَتْهُ الْاَزْمُنُ.

اَلْحَيِّ الَّذي لايَمُوتُ، وَ الْقَيُّومِ الَّذي لايَنامُ، وَ الدَّائِمِ الَّذي لايَزُولُ، وَ الْعَدْلِ الَّذي لايَجُورُ، وَ الصَّافِحِ عَنِ الْکَبائِرِ بِفَضْلِهِ، وَ الْمُعَذِّبِ مَنْ عَذَّبَ بِعَدْلِهِ، لَمْ يَخَفِ الْفَوْتَ فَحَلُمَ، وَ عَلِمَ الْفَقْرَ اِلَيْهِ فَرَحِمَ، وَ قالَ في مُحْکَمِ کِتابِهِ: «وَ لَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما کَسَبُوا ما تَرَکَ عَلي ظَهْرِها مِنْ دابَّةٍ».[4].

اَحْمَدُهُ حَمْداً اَسْتَزيدُهُ في نِعْمَتِهِ، وَ اَسْتَجيرُ بِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَ اَتَقَرَّبُ اِلَيْهِ بِالتَّصْديقِ لِنَبِيِّهِ، الْمُصْطَفي لِوَحْيِهِ، الْمُتَخَيَّرِ لِرِسالَتِهِ، الْمُخْتَصِّ بِشَفاعَتِهِ، الْقائِمِ بِحَقِّهِ، مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ وَ عَلي اَصْحابِهِ وَ عَلَي النَّبِيّينَ وَ الْمُرْسَلينَ وَ الْمَلائِکَةِ اَجْمَعينَ وَ سَلَّمَ تَسْليماً.

اِلهي دَرَسَتِ الْامالُ، وَ تَغَيَّرَتِ الْاَحْوالُ، وَ کَذَبَتِ الْاَلْسُنُ، وَ اُخْلِفَتِ الْعِداةُ[5] اِلاَّ عِدَتُکَ، فَاِنَّکَ وَعَدْتَ مَغْفِرَةً وَ فَضْلاً، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلي مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ وَ اَعْطِني مِنْ فَضْلِکَ، وَ اَعِذْني مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ.

سُبْحانَکَ وَ بِحَمْدِکَ، ما اَعْظَمَکَ وَ اَحْلَمَکَ وَ اَکْرَمَکَ، وَسِعَ بِفَضْلِکَ حِلْمُکَ تَمَرُّدَ الْمُسْتَکْبِرينَ، وَ اسْتَغْرَقَتْ نِعْمَتُکَ شُکْرَ الشَّاکِرينَ، وَ عَظُمَ حِلْمُکَ عَنْ اِحْصاءِ الْمُحْصينَ، وَ جَلَّ طَوْلُکَ عَنْ وَصْفِ الْواصِفينَ.

کَيْفَ لَوْلا فَضْلُکَ حَلُمْتَ عَمَّنْ خَلَقْتَهُ مِنْ نُطْفَةٍ وَ لَمْ‏يَکُ شَيْئاً، فَرَبَّيْتَهُ بِطيبِ رِزْقِکَ، وَ اَنْشَاْتَهُ في تَواتُرِ نِعَمِکَ، وَ مَکَّنْتَ لَهُ في مِهادِ اَرْضِکَ، وَ دَعَوْتَهُ اِلي طاعَتِکَ، فَاسْتَنْجَدَ عَلي عِصْيانِکَ بِاِحْسانِکَ، وَ جَحَدَکَ وَ عَبَدَ غَيْرَکَ في سُلْطانِکَ.

کَيْفَ لَوْلا حِلْمُکَ اَمْهَلْتَني، وَ قَدْ شَمَلْتَني بِسِتْرِکَ، وَ اَکْرَمْتَني بِمَعْرِفَتِکَ، وَ اَطْلَقْتَ لِساني بِشُکْرِکَ، وَ هَدَيْتَنِي السَّبيلَ اِلي طاعَتِکَ، وَ سَهَّلْتَنِي الْمَسْلَکَ اِلي کَرامَتِکَ، وَ اَحْضَرْتَني سَبيلَ قُرْبَتِکَ.

فَکانَ جَزاؤُکَ مِنّي اَنْ کافَأْتُکَ عَنِ الْاِحْسانِ بِالْاِساءَةِ، حَريصاً عَلي ما اَسْخَطَکَ، مُنْتَقِلاً فيما اَسْتَحِقُّ بِهِ الْمَزيدَ مِنْ نِقْمَتِکَ، سَريعاً اِلي ما اَبْعَدَ عَنْ رِضاکَ، مُغْتَبِطاً بِغِرَّةِ الْاَمَلِ، مُعْرِضاً عَنْ زَواجِرِ الْاَجَلِ، لَمْ‏يَنْفَعْني[6] حِلْمُکَ عَنّي وَ قَدْ أَتاني تَوَعُّدُکَ بِاَخْذِ الْقُوَّةِ مِنّي، حَتّي دَعَوْتُکَ عَلي عَظيمِ الْخَطيئَةِ، اَسْتَزيدُکَ في نِعَمِکَ[7] غَيْرَ مُتَأَهِّبٍ لِما قَدْ أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ نِقْمَتِکَ، مُسْتَبْطِئاً لِمَزيدِکَ وَ مُتَسَخِّطاً لِمَيْسُورِ رِزْقِکَ، مُقْتَضِياً جَوائِزَکَ بِعَمَلِ الْفُجَّارِ، کَالْمُراصِدِ رَحْمَتَکَ بِعَمَلِ الْاَبْرارِ، مُجْتَهِداً اَتَمَنّي عَلَيْکَ الْعَظائِمَ، کَالْمُدِلِّ الْامِنِ مِنْ قِصاصِ الْجَرائِمِ، فَاِنَّا لِلَّهِ وَ اِنَّا اِلَيْهِ راجِعُونَ، مُصيبَةٌ عَظُمَ رُزْؤُها وَ جَلَّ عِقابُها.

بَلْ کَيْفَ لَوْلا اَمَلي وَ وَعْدُکَ الصَّفْحَ عَنْ زَلَلي أرْجُو إقالَتَکَ، وَ قَدْ جاهَرْتُکَ بِالْکَبائِرِ، مُسْتَخْفِياً عَنْ أَصاغِرِ خَلْقِکَ، فَلا اَنَا راقَبْتُکَ وَ اَنْتَ مَعي، وَ لا راعَيْتُ حُرْمَةَ سِتْرِکَ عَلَيَّ، بِاَيِّ وَجْهٍ اَلْقاکَ، وَ بِأَيِّ لِسانٍ أُناجيکَ، وَ قَدْ نَقَضْتُ الْعُهُودَ وَ الْاَيْمانَ بَعْدَ تَوْکيدِها وَ جَعَلْتُکَ عَلَيَّ کَفيلاً.

ثُمَّ دَعَوْتُکَ مُقْتَحِماً فِي الْخَطيئَةِ فَاَجَبْتَني، وَ دَعَوْتَني وَ اِلَيْکَ فَقْري فَلَمْ‏اُجِبْ، فَواسَوْاَتاهُ وَ قبيحَ[8] صَنيعاهُ، اَيَّةَ جُرْأَةٍ تَجَرَّأْتُ وَ أَيَّ تَغْريرٍ غَرَّرْتُ نَفْسي.

سُبْحانَکَ فَبِکَ اَتَقَرَّبُ اِلَيْکَ، وَ بِحَقِّکَ اُقْسِمُ عَلَيْکَ، وَ مِنْکَ أهْرُبُ اِلَيْکَ، بِنَفْسي اِسْتَخْفَفْتُ عِنْدَ مَعْصِيَتي لا بِنَفْسِکَ، وَ بِجَهْلي اِغْتَرَرْتُ لا بِحِلْمِکَ، وَ حَقّي اَضَعْتُ لا عَظيمَ حَقِّکَ، وَ نَفْسي ظَلَمْتُ، و لِرَحْمَتِکَ الْانَ رَجَوْتُ، وَ بِکَ امَنْتُ، وَ عَلَيْکَ تَوَکَّلْتُ، وَ إلَيْکَ اَنَبْتُ وَ تَضَرَّعْتُ، فَارْحَمْ اِلَيْکَ فَقْري وَ فاقَتي، وَ کَبْوَتي لِحُرِّ وَجْهي وَ حَيْرَتي في سَوْأَةِ ذُنُوبي، اِنَّکَ اَرْحَمُ الرَّاحِمينَ.

يا اَسْمَعَ مَدْعُوٍّ، وَ خَيْرَ مَرْجُوٍّ، وَ اَحْلَمَ مُغْضٍ،[9] وَ اَقْرَبَ مُسْتَغاثٍ، اَدْعُوکَ مُسْتَغيثاً بِکَ، اِسْتِغاثَةَ الْمُتَحَيِّرِ الْمُسْتَيْئِسِ مِنْ اِغاثَةِ خَلْقِکَ، فَعُدْ بِلُطْفِکَ عَلي ضَعْفي، وَ اغْفِرْ بِسَعَةِ رَحْمَتِکَ کَبائِرَ ذُنُوبي، وَ هَبْ لي عاجِلَ صُنْعِکَ، اِنَّکَ اَوْسَعُ الْواهِبينَ، لا اِلهَ إلاَّ اَنْتَ سُبْحانَکَ اِنّي کُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، يا اَللَّهُ يا اَحَدُ، يا اَللَّهُ يا صَمَدُ، يا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَکُنْ لَهُ کُفُواً اَحَدٌ.

اَللَّهُمَّ اَعْيَتْنِي الْمَطالِبُ، وَ ضاقَتْ عَلَيَّ الْمَذاهِبُ، وَ اَقْصانِي الْاَباعِدُ، وَ مَلَّنِي الْاَقارِبُ، وَ اَنْتَ الرَّجاءُ اِذَا انْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَ الْمُسْتَعانُ اِذا عَظُمَ الْبَلاءُ، وَ اللَّجَاءُ فِي الشِّدَّةِ وَ الرَّخاءِ، فَنَفِّسْ کُرْبَةَ نَفْسٍ اِذا ذَکَّرَهَا الْقُنُوطُ مَساوِيَها يَئِسَتْ مِنْ رَحْمَتِکَ، وَ لاتُؤْيِسْني مِنْ رَحْمَتِکَ يا اَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.









  1. مقنيه، مغنيه (خ ل).
  2. معاقبته (خ ل).
  3. العالم (خ ل).
  4. فاطر: 45.
  5. العدة (خ ل).
  6. يقنعني (خ ل).
  7. نعمتک (خ ل).
  8. قبح (خ ل).
  9. مقض (خ ل).