انت و اخوک الانسان
يا بني، اجعل نفسک ميزانا فيما بينک و بين غيرک، فاحبب لغيرک [صفحه 136] ما تحب لنفسک، و اکره له ما تکره لها، و لا تظلم کما لا تحب ان تظلم، و احسن کما تحب ان يحسن اليک، و استقبح من نفسک ما تستقبح من غيرک، و ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسک، و لا تقل ما لا تعلم و ان قل ما تعلم، و لا تقل ما لا تحب ان يقال لک. يا بني، اياک ان تغتر بما تري من اخلاد اهل الدنيا اليها و تکالبهم عليها[1] فقد نبا الله عنها و نعت لک نفسها و تکشفت لک عن مساويها، فانما اهلها کلاب عاويه و سباع ضاريه يهر بعضهم بعضا و ياکل عزيزها ذليلها و يقهر کبيرها صغيرها. و اعلم ان من کانت مطيته الليل و النهار فانه يسار به و ان کان واقفا، و يقطع المسافه و ان کان مقيما وادعا.[2]. اکرم نفسک عن کل دنيه و ان ساقتک الي الرغائب، فانک لن تعتاض بما تبذل من نفسک عوضا. و لا تکن عبد غيرک و قد جعلک الله حرا، و ما خير خير لا ينال الا بشر[3] و يسر لا ينال الا بعسر! قارن اهل الخير تکن منهم، و باين اهل الشر تبن عنهم. بئس الطعام الحرام، و ظلم الضعيف افحش الظلم. احمل نفسک من اخيک عند صرمه علي الصله[4]، و عند صدوده [صفحه 137] علي اللطف و المقاربه، و عند جموده علي البذل[5]، و عند تباعده علي الدنو، و عند شدته علي اللين، و عند جرمه علي العذر، حتي کانه ذو نعمه عليک. و لن لمن غالظک[6] فانه يوشک ان يلين لک، و خذ علي عدوک بالفضل. و ان اردت قطيعه اخيک فاستبق له من نفسک بقيه يرجع اليها ان بدا له ذلک يوما ما.[7] و من ظن بک خيرا فصدق ظنه. و لا تضيعن حق اخيک اتکالا علي ما بينک و بينه فانه ليس لک باخ من اضعت حقه. و لا يکونن اخوک علي مقاطعتک اقوي منک علي صلته[8] و لا يکونن علي الاساءه اقوي منک علي الاحسان، و ليس جزاء من سرک ان تسوءه. ما اقبح الخضوع عند الحاجه و الجفاء عند الغني. و ان جزعت علي ما تفلت من يديک، فاجزع علي کل ما لم يصل اليک. استدل علي ما لم يکن بما کان، فان الامور اشباه. و لا تکونن ممن لا تنفعه العظه الا اذا بالغت في ايلامه. [صفحه 138] من ترک القصد جار.[9] و الصديق من صدق غيبه.[10] رب قريب ابعد من بعيد، و رب بعيد اقرب من قريب، و الغريب من لم يکن له حبيب. سل عن الرفيق قبل الطريق، و عن الجار قبل الدار. اذا تغير السلطان تغير الزمان!
من وصيه له کتبها لابنه الحسن من صفين:
صفحه 136، 137، 138.