خلقه النمله











خلقه النمله



من خطبه له في وصف خلقه النمله:

انظروا الي النمله في صغر جثتها و لطافه هيئتها، لا تکاد تنال بلحظ البصر و لا بمستدق الفکر، کيف دبت علي ارضها و صبت علي رزقها! تنقل الحبه الي جحرها و تعدها في مستقرها. تجمع في حرها لبردها و في ورودها لصدرها، مکفوله برزقها مرزوقه بوفقها[1] لا يغفلها المنان و لا يحرمها الديان و لو في الصفا اليابس و الحجر الجامس.[2] و لو فکرت في مجاري اکلها، في علوها و سفلها، و ما في الجوف من شراسيف بطنها[3] و ما في الراس من عينها و اذنها، لقضيت من خلقها عجبا و لقيت

[صفحه 200]

في وصفها تعبا! فتعالي الذي اقامها علي قوائمها و بناها علي دعائمها! لم يشرکه في فطرتها فاطر و لم يعنه في خلقها قادر.

و لو ضربت في مذاهب فکرک لتبلغ غاياته ما دلتک الدلاله الا علي ان فاطر النمله هو فاطر النخله، لدقيق تفصيل کل شي‏ء[4] و غامض اختلاف کل حي! و ما الجليل و اللطيف، و الثقيل و الخفيف، و القوي و الضعيف، في خلقه الا سواء!


صفحه 200.








  1. الصدر: الرجوع بعد الورود. بوفقها: بما يوافقها من الرزق و يلائم طبعها، او بما هو قدر کفايتها منه.
  2. الجامس: الجامد.
  3. الشراسيف: مقاطع الاضلاع.
  4. اي: ان دقه التفصيل في النمله علي صغرها و في النخله علي طولها، تدلک علي ان الصانع واحد.