خلقه الطاووس
و من اعجبها خلقا الطاووس الذي اقامه في احکم تعديل، و نضد الوانه في احسن تنضيد، بجناح اشرج قصبه[1] و ذنب اطال مسحبه، [صفحه 197] اذا درج الي الانثي نشره من طيه و سما به مظلا علي راسه کانه قلع داري عنجه نوتيه[2] يختال بالوانه و يميس بزيفانه.[3]. تخال قصبه مداري من فضه[4] و ما انبت عليه من عجيب داراته[5] و شموسه خالص العقيان[6] و فلذ الزبرجد. فان شبهته بما انبتت الارض قلت: جني جني من زهره کل ربيع! و ان ضاهيته بالملابس فهو کموشي الحلل! و ان شاکلته بالحلي فهو کفصوص ذات الوان نطقت باللجين المکلل[7]، يمشي مشي المرح المختال، و يتصفح ذنبه و جناحيه فيقهقه ضاحکا لجمال سرباله و اصابيغ و شاحه! فاذا رمي ببصره الي قوائمه زقا[8] معولا يکاد يبين عن استغاثته، و يشهد بصادق توجعه، لان قوائمه حمش کقوائم الديکه الخلاسيه.[9]. [صفحه 198] و له في موضع العرف قنزعه خضراء موشاه. و مخرج عنقه کالابريق و مغرزها الي حيث بطنه کصبغ الوسمه اليمانيه[10] او کحريره ملبسه مرآه ذات صقال.[11] و کانه ملفع بمعجر اسحم الا انه يخيل لکثره مائه و شده بريقه ان الخضره الناضره ممتزجه به. و مع فتق سمعه خط کمستدق القلم في لون الاقحوان ابيض يقق، فهو ببياضه في سواد ما هنالک ياتلق. و قل صبغ الا و قد اخذ منه بقسط و علاه بکثره صقاله و بريقه و بصيص ديباجه و رونقه[12]، فهو کالازاهير المبثوثه لم تربها امطار ربيع و لا شموس قيظ. و قد ينحسر من ريشه و يعري من لباسه فيسقط تتري، و ينبت تباعا، فينحت من قصبه انحتات اوراق الاغصان.[13] ثم يتلاحق ناميا حتي يعود کهيئته قبل سقوطه: لا يخالف سالف الوانه و لا يقع لون في غير مکانه. و اذا تصفحت شعره من شعرات قصبه ارتک حمره ورديه، [صفحه 199] و تاره خضره زبرجديه، و احيانا صفره عسجديه[14]، فکيف تصل الي صفه هذا عمائق الفطن او تبلغه قرائح العقول[15] او تستنظم وصفه اقوال الواصفين و اقل اجزائه قد اعجز الاوهام ان تدرکه و الالسنه ان تصفه!
من خطبه له يذکر فيها عجيب خلقه الطاووس:
صفحه 197، 198، 199.