كانوا اطول اعمارا











کانوا اطول اعمارا



من خطبه له في احوال الدنيا:

اما بعد، فاني احذرکم الدنيا، فانها حلوه خضره، حفت بالشهوات و تحلت بالامال و تزينت بالغرور.

[صفحه 188]

لم يکن امرو منها في حبره[1] الا اعقبته بعدها عبره، و لم يلق في سرائها بطنا الا منحته من ضرائها ظهرا.[2] و حري اذا اصبحت له منتصره ان تمسي له متنکره. و ان جانب منها احلولي، امر منها جانب فاوبي.[3] لا ينال امرو من غضارتها رغبا[4] الا ارهقته من نوائبها تعبا! و لا يمسي منها في جناح امن الا اصبح علي قوادم خوف![5].

کم من واثق بها قد فجعته، و ذي طمانينه اليها قد صرعته، و ذي ابهه[6] قد جعلته حقيرا، و ذي نخوه قد ردته ذليلا. ملکها مسلوب، و عزيزها مغلوب، و موفورها منکوب، و جارها محروب![7].

الستم في مساکن من کان قبلکم اطول اعمارا، و ابقي آثارا، و ابعد آمالا، و اعد عديدا، و اکثف جنودا! تعبدوا للدنيا اي تعبد، و آثروها اي ايثار، ثم ظعنوا عنها بغير زاد! فهل بلغکم ان الدنيا سخت لهم نفسا بفديه، او اعانتهم بمعونه، او احسنت لهم صحبه!

[صفحه 189]


صفحه 188، 189.








  1. الحبره: المسره و النعمه.
  2. کني ب«البطن» عن الاقبال، و ب«الظهر» عن الادبار.
  3. اوبي: صار کثير الوباء.
  4. الغضاره: النعمه و السعه. الرغب- بفتح الباء- الرغبه.
  5. القوادم: اربع ريشات في مقدم جناح الطائر.
  6. الابهه: العظمه.
  7. محروب: مسلوب المال.