القاضي الجاهل
من کلام له في صفه من يتصدي للحکم بين الناس و هو ليس اهلا للذلک.
حتي اذا ارتوي من آجن و اکتنز من غير طائل[1] جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس علي غيره».[2] فان نزلت به احدي المبهمات هيا لها حشوا رثا من رايه، ثم قطع به[3]، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنکبوت، لا يدري اصاب ام اخطا، فان اصاب خاف ان يکون قد اخطا. و ان اخطا رجا ان يکون قد اصاب.[4].
جاهل خباط جهالات[5]، يذرو الروايات کما تذرو الريح الهشيم.[6].
[صفحه 172]
لا يحسب العلم في شيء مما انکره، و لا يري ان من وراء ما بلغ مذهبا لغيره، و ان اظلم امر اکتتم به لما يعلم من جهل نفسه[7] تصرخ من جور قضائه الدماء و تعج منه المواريث.[8] الي الله اشکو من معشر يعيشون جهالا و يموتون ضلالا ليس فيهم سلعه ابور من الکتاب اذا تلي حق تلاوته، و لا سلعه انفق بيعا و لا اغلي ثمنا من الکتاب اذا حرف عن مواضعه[9]، و لا عندهم انکر من المعروف و لا اعرف من المنکر.
صفحه 172.
- الماء الاجن: الفاسد المتغير الطعم و اللون. شبه الامام مجهولات القاضي التي يظنها معلومات، بالماء الاجن. اکتنز: جمع ما عده کنزا. غير طائل: دون و خسيس.
- التخليص: التبيين. التبس علي غيره: اشتبه عليه.
- المبهمات: المشکلات. الحشو: الزائد الذي لا فائده فيه. الرث: الخلق البالي.
- الجاهل بالشيء: من ليس علي بينه منه، فاذا اثبته عرضت له الشبهه في نفيه، و اذا نفاه عرضت له الشبهه في اثباته. فهو في ضعف حکمه في مثل نسج العنکبوت ضعفا، و لا بصيره له في وجوه الخطاء و الاصابه. و قد جاء الامام في تمثيل حاله بابلغ ما يکون من التعبير عنه، کما يقول ابن ابيالحديد.
- خباط: صيغه مبالغه من خبط الليل، اذا سار فيه علي غير هدي. و قد شبه الامام الجهالات بالظلمات التي يخبط فيها السائر.
- الهشيم: ما يبس من النبت و تفتت. تذرو الريح الهشيم: تطيره فتفرقه و تمزقه.
- اکتتم به: کتمه و ستره.
- تعج: تصرخ. و صراخ الدماء و عج المواريث تمثيل لحده الظلم و شده الجور.
- اذا تلي حق تلاوته: اذا اخذ علي وجهه و فهم علي حقيقته. و الکتاب هو القرآن الکريم.