خطبه 001-آغاز آفرينش آسمان و...











خطبه 001-آغاز آفرينش آسمان و...



[صفحه 293]

اللغه: (الحمد) و المدح و الشکر متقاربه المعاني و مشترکه في الدلاله علي الثناء الجميل و ربما يحکم باتحاد الاولين و کونهما اخوين قال في الکشاف: الحمد و المدح اخوان و هو الثناء و النداء علي الجميل من نعمه و غيرها تقول: حمدت الرجل علي انعامه و حمدت علي حسنه و شجاعته انتهي و نسبه الشارح المعتزلي الي اکثر الادباء و المتکلمين و مثل لهما بقوله: حمدت زيدا علي انعامه و مدحته علي انعامه و حمدته علي شجاعه و مدحته علي شجاعته ثم قال: فهما سواء يدخلان فيما کان من فعل الانسان و فيما ليس من فعله کما ذکرناه من المثالين هذا و لکن المعروف اخصيه الحمد من المدح بوجوه: احدها ان الحمد هو الثناء علي ذي علم و حياه لکماله و المدح هو الثناء علي الشي‏ء لکماله سواء کان ذا علم و حياه ام لا الاتري ان من راي لولوه في غايه الحسن او ياقوته کذلک فانه قديمدحها و يستحيل ان يحمدها. الثاني ان الحمد لايکون الا بعد الاحسان و المدح قد يکون قبل الاحسان و قد يکون بعده. الثالث ان الحمد هو الثناء علي الجميل الاختياري تقول: حمدته علي کرمه و لا تقول: علي حسنه و المدح يعم الاختياري و غيره. و اما الشکر فربما يعرف بانه تعظيم المنعم من حيث انه من

عم علي الشاکر فيکون اخص من الحمد من وجه و اعم منه بوجه آخر. اما الاول فلان الشکر لايکون الا علي النعمه الواصله الي الشاکر و الحمد يکون علي النعمه و غيرها و علي النعمه العائده الي الحامد و غيرها و اما الثاني فلان الحمد لايکون الا باللسان و الشکر يکون باللسان و الجوارح و القلب قال الشاعر: افادتکم النعماء مني ثلاثه يدي و لساني و الضمير المحجبا اقول: هکذا فرق جماعه بينهما منهم الزمخشري و التفتازاني و البيضاوي و غيرهم الا ان تخصيص مورد الحمد باللسان يشکل بقوله سبحانه: (و ان من شي‏ء الا يسبح بحمده و لکن لا تفقهون تسبيحهم) اللهم الا ان يراد باللسان الاعم من لسان الحال و لسان المقال بعنوان عموم المجاز فانه سبحانه حيث بسط بساط الوجود علي افراد الممکنات و آحاد الموجودات و وضع عليه موائد کرمه و الطافه التي لا تتناهي فکل ذره من ذرات الوجود لسان حال ناطق بحمده و نظيره اراده الخضوع التکويني و الافتقار الذاتي من السجود الظاهر في وضع الجبهه في قوله تعالي: (ان الله يسجد له من في السموات و من في الارض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب). فان قلت: سلمنا هذا کله و لکنک ما تصنع بقوله: و لکن لا تفقهون تسبيحهم ف

ان التسبيح و الحمد بلسان الحال مفقوه معلوم قلنا: الخطاب للمشرکين و هم و ان کانوا اذا سئلواعن خالق السماوات و الارض قالوا: الله الا انهم لما جعلوا معه آلهه مع اقرارهم فکانهم لم ينظروا و لم يقروا لان نتيجه النظر الصحيح و الاقرار الثابت خلاف ما کانوا عليه فاذن لم يفقهوا التسبيح و لم يستوضحوا الدلاله علي الخالق هذا و مثل هذا الاشکال و الجواب يجري في قوله سبحانه: (و يسبح الرعد بحمده) و لا حاجه الي تکلف التاويل بانه يسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له کما تحمله في الکشاف و ياتي ان شاءالله تحقيق ذلک في شرح المختار الماه و التسعين بما لا مزيد عليه. (و الله) اسم جامد علم للذات المستجمع لصفات الکمال و اختار جمود مجماعه من المفسرين و غيرهم محتجين بحجج مذکوره في محالها. و ذهب الکوفيون الي ان الاولين قالوا: باشتقاقه من اله علي وزن فعال فادخلت عليه الالف و اللام للتعظيم فصار الا له فخذفت الهمزه استثقالا لکثره جريانها علي الا لسنه فاجتمع لامان فادغمت الاولي و الاخرين قالوا: بان اصله لاه فادخلت عليه الالف و اللام فقيل الله و اما لفظه الا لاه فقال الزمخشري و تبعه الشارح المعتزلي و غيره: انه من اسماء الاجناس اسم

يقع علي کل معبود بحق او باطل ثم غلب علي المعبود بالحق کالنجم للثريا و الکتاب لکتاب سيبويه و البيت لبيت الله و السنه لعام القحط. و ذهب جماعه الي اشتقاقها و اختلفوا في اصلها علي اقوال شتي: فقيل انها ماخوذه من اله الاهه و الوهه و الوهيه من باب منع اذا عبد عباده فالاله بمعني مالوه ککتاب بمعني مکتوب و بساط بمعني مبسوط و انکار الشارح المعتزلي له لاوجه له مع تصريح جماعه من اللغويين و المفسرين به و لکونها بهذا المعني صح تعلق الظرف بها في قوله: (هو الذي في السماء اله و في الارض اله). و قيل: انها ماخوذه من اله اذا تحير لتحير العقول في معرفه ذاته. و قيل: انها ماخوذه من الهت الي فلان اي سکنت اليه لان القلوب تطمئن بذکره سبحانه و الارواح تسکن الي معرفته او من الهت الي فلان اي فزعت اليه لان العائذ يفزع اليه و هو يجيره. و قيل: انها من لاه مصدر لاه يليه ليها و لاها اذا احتجب و ارتفع لانه تعالي محجوب عن ادراک الابصار و مرتفع علي کل شي‏ء و قيل اقوال اخر يطول ذکرها. فان قيل: ما معني الاشتقاق الذي ذکرته؟ قلت: الاشتقاق علي ما ذکره الزمخشري و غيره هو ان ينتظم الصيغتين فصاعدا معني واحد و هذا موجود بينها و بين الاصول المذکوره (و الب

لوغ) هو الوصول او المشارفه يقال: بلغ المکان بلوغا من باب نصر اذا وصل اليه او شارف عليه و الثاني اکمل و ابلغ بالنسبه الي المقام (و المدحه) قال الشارح المعتزلي: هي هيئه المدح کالرکبه هيئه الرکوب‏و الجلسه هيئه الجلوس و في القاموس مدحه کمنعه مدحا و مدحه احسن الثناء عليه (و المجتهد) من اجتهد في الامر اذا بذل وسعه و طاقته في طلبه ليبلغ مجهوده و يصل الي نهايته. الاعراب: الحمد مرفوع بالابتداء و خبره لله و اصله النصب و به قرء بعضهم في الکتاب العزيز باضمار فعله علي انه من المصادر الساده مساد الافعال مثل شکرا و کفرا و العدول من النصب الي الرفع للدلاله علي الثبات و الاستقرار و مثله قوله تعالي: (قالوا: سلاما قال: سلام). حيث رفع الثاني للدلاله علي ان ابراهيم (ع) حياهم بتحيه احسن من تحيتهم لان الرفع دال علي معني ثبات السلام لهم دون تجدده و حدوثه و حرف التعريف الداخل عليه للجنس لانه المتبادر الي الفهم الشايع في الاستعمال لا سيما في المصادر و عند خفاء قراين الاستغراق او لان المصادر الخاليه عن اللواحق و الدواخل لا تدل الا علي الماهيه لا بشرط شي‏ء کما ادعي السکاکي اجماع اهل العربيه عليه في محکي کلامه و حرف التعريف لا تفيد الا

اللتعيين و الاشاره فيکون معناها الاشاره الي ما يعرفه کل احد ان الحمد ما هو. قال في الکشاف: التعريف فيه نحو التعريف في ارسلها العراک و هو تعريف الجنس الي ان قال: فالاستغراق الذي يتوهمه کثير من الناس و هم و قيل: انها للاستغراق و ربما يرجح علي الاول بما فيه من افادتها رجوع جميع المحامد اليه سبحانه بخلاف الاول. و فيه ان کونها للجنس لا ينافي ذلک و ذلک لان اللام في قوله لله اما للملک کما في قولنا: المال لزيد او للاختصاص کما في قولنا: الحصير للمسجد و علي التقديرين فتفيد رجوع المحامد اليه سبحانه لان معناه ان ماهيه الحمد حق لله و ملک له و مختص به و ذلک ينفي کون فرد من افراد هذه الماهيه لغير الله فثبت علي هذا القول ايضا ان قوله (ع): الحمدلله ينفي حصول الحمد لغير الله. فان قيل: اليس ان المنعم يستحق الحمد من المنعم عليه و الاستاذ من التلميذ؟ قلنا: کل من انعم علي غيره فالانعام في الحقيقه من الله سبحانه لانه تعالي لو لا خلق تلک الداعيه في قلب المنعم لما اقدم علي ذلک الانعام و لولا انه خلق تلک النعمه و سلط ذلک المنعم عليها و مکن المنعم عليه من الانتفاع لما حصل الانتفاع بتلک النعمه فثبت ان المنعم في الحقيقه هو الله سبحانه قا

ل تعالي: (و ما بکم من نعمه فمن الله) و الالف و اللام في القائلون للاستغراق لعدم خلاف ظاهر بين اصحابنا في افاده الجمع المعرف للعموم و هو المتبادر منه ايضا و يدل عليه ايضا جواز الاستثناء مطردا و منه يظهر فساد ما توهمه القطب الرواندي علي ما حکاه عنه الشارح المعتزلي من کونها فيه للجنس کما في الحمد مضافا الي لزوم اراده الاستغراق و العموم في خصوص المقام و ان لم نقل به في ساير المقامات لعدم تماميه المعني الا به لان المبالغه الحق المحض عجز جميع القائلين عن حمده و معلوم ان الجنس لا يفيد ذلک. المعني: (الحمدلله) اي الثناء الحسن حق و مخصوص للذات المستجمع للصفات الجماليه و الجاليه. و عن تفسير الامام (ع) عن اميرالمومنين (ع) الله هو الذي يتاله اليه کل مخلوق عند الحوائج و الشدائد اذا انقطع الرجاء من کل من دونه و تقطع الاسباب من جميع من سواه. و عنه (ع) ايضا الله اعظم اسم من اسماء الله عز و جل لا ينبغي ان يتسم به غيره. و في التوحيد عنه (ع) ايضا الله معناه المعبود الذي ياله فيه الخلق و يوله اليه و المستور عن درک الابصار المحجوب عن الاوهام و الخطرات. و فيه عن الباقر (ع) الله معناه المعبود الذي اله الخلق عن درک مائيته و الا حاطه

بکيفيته و يقول العرب: اله الرجل اذا تحير في الشي‏ء فلم يحط به علما و وله اذا فزع الي شي‏ء مما يحذره و يخافه فالاله هو المستور عن حواس الخلق (الذي لا يبلغ مدحته القائلون) اي لا يشارف علي مدحه احد من آحاد القائلين فکيف يصلون اليه و هو اشاره الي العجز عن القيام بحمده سبحانه کما هو اهله و مستحقه و من ثم قال (ص): لا احصي ثناء عليک انت کما اثنيت علي نفسک. فان قلت: روي في الکافي عن الصادق (ع) ما انعم الله علي عبده بنعمته صغرت او کبرت فقال: الحمدلله الا ادي شکرها فکيف التوفيق بينه و بين النبوي و الخطبه؟ قلت: يمکن الجمع بينهما بان المراد بها اظهار العجز عن الحمد و الثناء اللايق بحضرته سبحانه کما اشرنا اليه و المراد باداء الشکر فيه اداوه اللايق بحال العبد الموجب لسقوط تکليف الشکر عنه و المحصل لرضائه سبحانه و تعالي عنه بهذا المقدار بکرمه العميم و لطفه الجسيم. و يشير اليه مارواه الصادق عن ابيه عليهما السلام قال: فقد ابي بغله له فقال: لان ردها الله تعالي لاحمدنه بمحامد يرضاها فما لبث ان اتي بها بسرجها و لجامها فلما استوي عليها و ضم اليه ثيابه رفع راسه الي السماء فقال: الحمدلله و لم يزد ثم قال: و ما ترکت و ما ابقيت شيئا ج

علت کل انواع المحامد لله عز و جل ما من حمد الا هو داخل فيما قلت انتهي. قيل: و انما اختار (ع) القائلين علي المحادحين لکونه ابلغ من حيث ان القائل اعم من المادح و عدم بلوغ الاعم بمدحته مستلزم لعدم بلوغ الاخص. اقول: و الاولي ان يقال: ان السر في العدول عنه اليه هو ان الغرض من الجمله الوصفيه الاشاره الي عدم امکان القيام علي مدحته حسبما عرفت سابقا فاذا لم يمکن القيام عليه لم يوجد هناک من قام به المدح فلا يوجد له مادح في الحقيقه و التعبير بالمادحين ينافي هذا الغرض کما ان التعبير بالقائلين يوکده لان فيه اشعارا بان من صدر عنه مدح فهو قول يليق بقائله و ليس بمدح حقيقي يليق به تعالي کما لا يخفي و ياتي ان شاءالله تمام التحقيق في عدم امکان مدحه و وصفه سبحانه في شرح الخطبه الماه و السابعه و السبعين (و لا يحصي نعمائه العادون) اذا النعم غير محصوره و الفيوضات غير متناهيه فلا يحيط بها عد و لا يضبطها حد. قال سبحانه: (و ان تعدوا نعمه الله لا تحصوها) قال البيضاوي: لا تحصروها لا تطيقوا عد انواعها فضلا من افرادها فانها غير متناهيه ثم قال: و فيه دليل علي ان المفرد يفيد الاستغراق بالاضافه. اقول: اما افاده المفرد المضاف للعموم في الايه

فمما ژلا غبار عليه لقيام القرينه و اما دلالته عليه مطلقا فمحل منع کما بر هن في الاصول (و لا يودي حقه المجتهدون) اي حقه اللازم علي العباد و ان بذلوا و سعهم و طاقتهم و اجتهدوا في ادائه و قضائه و المراد بالحق اللازم هو القيام علي شکر النعماء و حمد الالاء فاشار (ع) الي انه لا يمکن القيام بوظايف حمده لان الحمد من جمله نعمه فيستحق عليه حمدا و شکرا فلا ينقضي ما يستحقه من المحامد لعدم تناهي نعمه فالاولي حينئذ الاعتراف بالعجز و القصور. کما اعترف به دواد النبي (ع) فيما روي عنه حيث قال: يا رب کيف اشکرک و شکري لک نعمه اخري توجب علي الشکر لک فاوحي الله اليه اذا عرفت ان النعم مني رضيت منک بذلک شکرا. و مثله موسي (ع) روي في الکافي عن ابيعبدالله (ع) قال: اوحي الله عز و جل الي موسي: يا موسي اشکرني حق شکري فقال: يا رب کيف اشکرک حق شکرک؟ و ليبس من شکر اشکرک به الا و انت انعمت به علي قال: يا موسي الان شکرتني حين علمت ان ذلک مني. و من طريق العامه في مناجاه رسول‏الله (ص) انت يا رب اسبغت علي النعم السوابغ فشکرتک عليها فکيف لي بشکر شکرک؟ فقال الله تعالي: تعلمت العلم الذي لا يفوته علم فحسبک ان تعلم ان ذلک من عندي و في هذا المعني قال

محمود الوراق: شکر الاله نعمه موجبه لشکره و کيف شکري بره و شکره من بره و قال آخر: اذا کان شکري نعمته الله نعمته علي بها في مثلها يجب الشکر فکيف بلوغ الشکر الا بفضله و ان طالت الايام و اتصل العمر و في الکافي عن السجاد (ع) انه اذا قرء قوله تعالي: (و ان تعدوا نعمه الله لا تحصوها) يقول: سبحان من لم يجعل في احد من معرفه نعمه الا المعرفه بالتقصير عن معرفتها کما لم يجعل في احد من معرفه ادراکه اکثر من العلم انه لا يدرک فشکر الله تعالي معرفه العارفين بالتقصير عن معرفه شکره فجعل معرفتهم بالتقصير شکرا کما علم العالمين انهم لا يدر کونه فجعله الله ايمانا علما منه انه قد وسع اللعباد: فلا يتجاوز ذلک فان شيئا من خلقه لا يبلغ مدي عبادته و کيف يبلغ مدي عبادته من لا مدي له و لا کيف؟ تعالي الله عن ذلک علوا کبيرا. الترجمه: يعني ستايش مر خداوند معبود بحق واجب الوجودير است که نمي‏رسد بثناي او يا بهيئه ثناي او جميع گويندگان و شمار نمي‏توانند نمايند نعمتهاي او را جميع شمارندگان و بجا نمي‏توانند آورد حق نعمت او را سعي و کوشش کنندگان و لنعم ما قيل: حق شکر تو نداند هيچکس حيرت آمد حاصل دانا و بس آن بزرگي گفت با حق در نها

ن کاي پديد آرنده‏ي هر دو جهان اي منزه از زن و فرزند و جفت کي توانم شکر نعمتهات گفت پيک حضرت دادش از ايزد پيام گفتش از تو بود شکر مدام چون در اين ره اين قدر بشناختي شکر نعمتهاي ما پرداختي يعني همچنان خداوندي که نمي‏تواند درک کند کنه ذات شريف او را بلندي همتهاي صاحبان فکر و نظر اگر چه تعمق نمايند و امعان نظر بکنند و نمي‏تواند برسد بر حقيق او غوطه خودرن حذاقتها و فهمها در درياي معرفت ذات او اگر چه سعي و کوشش ورزند. بعقل نازي حکيم تاکي بفکرت اين ره نميشود طي بکنه ذاتش خرد برد پي اگر رسد خس بقعر دريا و آن خدائيکه نيست اوصاف جماليه و صفات کماليه او را غايت و نهايتي معين که از آنجا تجاوز ننمايد يا اينکه نيست صفات ذاتيه او را معرفي که بکنهه او را تعريف و تحديد نمايد و نه معرفي که بعوارض و اوصاف شرح ماهيت آن را دارد و نيست اوصاف او را وقتي شمرده شده و نه مدتي کشيده گرديده. اللغه: (البعد) ضد القرب (و الهمم) جمع الهمه و هو العزم و الجزم اثابت الذي لا يعتريه فتور (و النيل) الاصابه (و الغوص) النزول تحت الماء لاستخراج ما فيه و منه قيل: غاص في المعاني اذا بلغ اقصاها حتي استخرج ما بعد منها (و الفطن)

جمع الفطنه و هي الجوده و الحذاقه (الوقت) مقدار حرکه الفلک (و الاجل) هو الوقت المضروب للشي‏ء الذي يحل فيه و منه اجل الانسان للوقت المقدر فيه موته و اجل الدين للقوت الذي يحل فيه قضاوه. الاعراب: الذي موصول اسمي و هو مع صلته في محل الجر صفه لله و الجمله بعده صله له و لا محل لها من الاعراب و اضافه البعد الي الهمم لفظيه بمعني اللام کاضافه الغوص الي الفطن و ليست من قبيل اضافه الصفه الي الموصوف علي ما قاله بعضهم لان هذه الاضافه بعد الاغماض عن الاشکال في اصلها و البناء علي مذهب الکوفيين من صحتها لا يمکن جريانها في المقام منتفيه اللهم الا ان يوجه بان الصفه هنا مصدر و يستوي فيه التذکير و التانيث و الافراد و الجمع و لاباس به. المعني: (الذي لا يدرکه بعد الهمم) اي لا يدرکه همم اصحاب النظر و اوهام ارباب الفکروان علت و بعدت و المراد ببعدها تعلقها بالامور المعظمه و المبادي العاليه (و لا يناله غوص الفطن) اي لا يصيب کنه ذاته غوص ارباب الفطن في بحار معرفته و کنه حقيقته. قال الصدر الشيرازي: و اسناد الغوص الي الفطن علي سبيل الاستعاره اذ الحقيقه اسناده الي الحيوان بالنسبه و هو مستلزم لتشبيه العلوم العقليه بالماء و وجه الاستعاره هيه

نا ان صفات الجلال و نعوت الکمال في عدم تناهيها و الوصول الي حقايقها و اغوارها تشبه البحر الخضم الذي لا يصل السابح له الي الساحل و لا ينتهي الغائص فيه الي قرار و کان السابح لذلک البحر و الخائض في تياره هي الفطن الثاقبه لا جرم کانت الفطنه شبيهه بالغائص في البحر فاسند الغوص اليها و في معناه الغوص في الفکر و يقرب منه اسناد الادراک الي بعد الهمم اذ کان الادراک حقيقه في لحقوق جسم لجسم آخر. ثم وجه الحسن في اضافه بعد الهمم و غوص الفطن و قد مر انه من باب اضافه الصفه بلفظ المصدر الي الموصوف دون ان يقول کما هو الاصل: الهمم البعيده: و الفطن الغائصه ان المقصود لما کان هو المبالغه في عدم اصابه و صفه تعالي بالفطنه من حيث هي ذات غوص و بالهمه من حيث هي ذات بعد کانت تلک الحيثيه مقصوده بالقصد الاول و البلاغه تقتضي تقديم الاهم و المقصود الاول علي ما ليس باهم علي ما هو المقر رعند اهل البيان و يشهد له الا ذواق السليمه. اذا عرفت ذلک فنقول: هاتان الفقرتان اشارتان الي عدم امکان ادراک ذاته و الوصول الي حقيقته و هو مما لا ريب فيه. و برهانه مارواه في الکافي عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن بعض اصحابه عن هشام بن الحکم قال: الاشياء لا تدرک ا

لا بامرين بالحواس و القلب و الحواس ادراکها علي ثلاثه معان: ادراک بالمداخله و ادراک بالمماسه و ادراک بلامداخله و لا مماسه. فاما الادراک الذي بالمداخله فالاصوات و المشام و الطعوم. و اما الادراک بالمماسه فمعرفه الاشکال من التربيع و التثليث و معرفه اللين و الخشن و الحر و البرد. و اما الادراک بلا مماسه و لا مداخله فالبصر فانه يدرک الاشياء بلامماسه و لا مداخله في حيز غيره لا في حيزه و ادراک البصر له سبيل و سبب فسبيله الهواء و سببه الضياء فاذا کان السبيل متصلا بينه و بين المرئي و السبب قائم ادرک مايلا في من الا لوان و الاشخاص فاذا حمل البصر علي مالا سبيل له فيه رجع راجعا فحکي ماورائه کالناظر في المرآه لا ينفذ بصره في المرآه فاذا لم يکن له سبيل رجع راجعا و يحکي ماورائه و کذلک الناظر الي الماء الصافي يرجع راجعا فيحکي ماورائه اذ لا سبيل له في انفاذ بصره فاما القلب فانما سلطانه علي الهواء فهو يدرک جميع ما في الهواء و يتوهمه فاذا حمل القلب علي ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحکي ما في الهواء فلا ينبغي للعاقل ان يحمل قلبه علي ما ليس موجودا في الهواء من امر التوحيد فانه ان فعل ذلک لم يتوهم الا ما في الهواء موجود کما قل

نا في امر البصر تعالي الله ان يشبهه خلقه انتهي. توضيحه ان المدارک علي کثرتها منحصره في امرين لان العوالم علي کثرتها منحصره في عالمين احدهما عالم الدنيا و الشهاده و الثاني عالم الغيب و الاخره فالمدرک لما في عالم الشهاده هو احدي الحواس الخمس و المدرک لما في عالم الغيب هو القلب و المراد بالقلب مجمع المشاعر الباطنه اعني الخيال و الوهم و العقل. اما مدرکات الحواس فلا تتجاوز عن المحسوسات و هي منحصره في الجسم و الجسمانيات و الله سبحانه منزه عن ذلک. و اما مدرکات القلوب فانما هي منحصره لما في الهواء و المراد بالهواء هو الفضاء ما بين السماء و الارض و لعل المراد به هنا عالم الامکان و طولا و عرضا و تسميته بالهواء من باب تسميه الکل باسم الجزء. و انما قلنا ان المراد به ذلک لان ادراک القلب غير مقصور علي مدرکات الحواس و لا مشروط بشرايط ادراک الحواس فيدرک جميع ما في الهواء بوساطه و لا بوساطه بالتوهم فاذا حمل القلب علي ادراک ما ليس بموجود في الهواء يعود راجعا فيخترع صوره من عنده فيحکي لما ليس بموجود في العين بما يخترع في و همه و هکذا عادته في المواضع المظلمه و المخاوف فلابد للعاقل ان لا يحمل قلبه علي ادراک ما ليس بموجود کحمله ع

لي الموجود و لا يحمل علي ما ليس بمحسوس لان لا يقع في غلط الوهم و کذا من طلب ادراک الحق من طرق الحواس وقع في الزيغ و الضلال فانه سبحانه اجل و اعظم من ان يطلب و ينال من سبيل الحس و الخيال لذلک قال الباقر (ع): کلما ميز تموه باوهامکم في ادق معانيه مصنوع مثلکم مردود اليکم. فقد تلخص مما ذکرنا کله ان کل سابح في بحار جلاله غريق و کل مدع للوصل اليه فبانوار کبريائه حريق سبحانه و تعالي شانه علوا کبيرا (الذي ليس لصفته حد محدود) الظاهر ان المراد بصفته: الصفات الذاتيه و هي العلم و الحياه و القدره و الاختيار و امثالها و المراد بالحد: الغايه و النهايه يقال: هذا حد الارض اي غايتها و منتهاها و المحدود من حد الشي‏ء عن الشي‏ء اذا عينه فالمعني انه ليس لصفاته غايه معينه و نهايه مميزه. و يشهد به مارواه في الکافي باسناده عن الکابلي قال: کتبت الي ابي‏الحسن (ع) في دعا: الحمدلله منتهي علمه فکتب الي لا تقولن منتهي علمه فليس لعلمه منتهي و لکن قل منتهي رضاه هذا و يحتمل ان يکون المراد بالحد: الحد المنطقي و هو ما يعرف به الشي‏ء فيکون المعني انه ليس لذاته حد يعرف به قياسا علي الاشياء المحدوده و ذلک لانه ليس بمرکب و کل محدود مرکب و في الکافي

عن ابي‏حمزه قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام: يا اباحمزه ان الله لا يوصف بمحدوديه عظم ربنا عن الصفه و کيف يوصف بمحدوديه من لايحد. اقول: يعني من ليس له حد لتنزهه عن الاجزاء و النهايات و الحد مستلزم للتجزيه و التکثر المنافي للوجوب الذاتي و عدم الافتقار و يمکن ان يکون وصف الحد بالمحدود من باب المبالغه و التاکيد من قبيل شعر شاعر و حجرا محجورا و نسيا منسيا و نحو ذلک او المفعول بعمني الفاعل کما في قوله تعالي (حجابا مستورا) اي ساترا (و کان وعده ماتيا) اي آتيا (و لا نعت موجود) اي رسم موجود يرسم به قياسا علي الاشيائء المرسومه بلوازمها و اوصافها و الا يلزم کون الذات محلا للاعراض و الاوصاف و هو منزه عن ذلک. و يدل عليه مارواه في الکافي عن الفضيل بن يسار قال: ان الله لا يوصف و کيف يوصف و قد قال في کتابه: (و ما قدروا الله حق قدره) فلا يوصف بقدر الا کان اعظم من ذلک و في روايه ابي‏حمزه عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال: لو اجتمع اهل السماء و الارض ان يصفوا الله بعظمته لم يقدروا. قال بعض المحققين لان الذات الا حديه و الهويه القيوميه مما لا ماهيه له و لا جزء لذاته فلا جد له و لا صوره تساويه فلا حکايه عنه و لان وج

وده الذي هو عين ذاته غير متناه الشده في النوريه فلا يکتنهه لاحظ و لا يستقر لا دراکه ناظر (و لا وقت معدود و لا اجل ممدود) لانه ازلي ابدي واجب الوجود لا يختص وجوده بوقت دون وقت و باجل دون اجل بل هو خالق الوقت و الاجل لا ابتداء لوجوده و لا انتهاء لبقائه. و لذلک نهي في الاخبار الکثيره عن السوال عنه سبحانه بمتي کما في الکافي عن ابي‏عبدالله (ع) قال: جاء حبر من الاحبار الي اميرالمومنين (ع) فقال يا اميرالمومنين: متي کان ربک؟ فقال له: ثکلتک امک و متي لم يکن حتي يقال متي کان کان ربنا قبل القبل بلاقبل و بعد البعد بلابعد و لا غايه و لا منتهي لغايه انقطعت الغايات عنده و فهو منتهي کل غايه فقال: يا اميرالمومنين افنبي انت؟ فقال: و يلک انما انا عبد من عبيد محمد. قال بعض شراح الحديث: متي عباره عن نسبه المتغيرات الي الزمان و هذا يستلزم ان يکن الموجود في شطر من الزمان غير موجود فيه سابقا و لا لاحقا فاذا قيل لشي‏ء متي کان فمعناه السوال عن خصوصيه الوقت الذي اتفق وجوده فيه دون ساير الاوقات کما اذا قيل اين کان فمعناه السوال عن خصوصيه مکانه الذي وجد فيه‏دون ساير الامکنه. و بالجمله الزمان لکونه مقدار الحرکه عله تغير الاشياء الزمانيه و

لا عله لتغيره لانه بنفسه متغير غير قار الذات و لمالم يکن وجوده سبحانه زمانيا لانه غير متغير اصلا و لا بمتحرک و لا علاقه له بمتحرک لا يکون واقعافي الزمان فلا يصح السوال عنه بمتي و لذلک نبه علي فساد السوال عنه بمتي بقوله: و متي لم يکن حتي يقال متي کان فان من خاصيه المنسوب الي الزمان انه مالم ينقطع نسبته عن بعض اجزاء الزمان لم ينسب الي بعض آخر فالموجود في هذا اليوم غير الموجود في الغد و لا في الامس و لکن الباري جل جلاله لکونه محيطا بجميع الموجودات احاطه قيوميه فنسبته الي الثابت و المتغير و المجرد و المکان نسبه واحده و لم يزل و لا يزال من غير آن يتصور في حقه تغير و تجدد بوجه من الوجوه لا في ذاته و لا في صفته و لا في اضافته و نسبته فصح القول بانه لا يخلو منه زمان و قوله (ع): قبل القبل بلاقبل اي هو قبل کل من يفرض له القبليه و مثله بعد البعد بلابعد و لا غايه اي و لا نهايه لوجوده في جهه القبليه و البعديه لکونه ازليا ابديا و لا منتهي لغايه اي ليس نهايه لا متداد اذ ليس له کميه مقتضيه لا تصافه بالاطراف و النهايات و اقترانه بالامتداد و الغايات انقطعت الايات عنده فهو منتهي کل غايه لانه منتهي غرض الخلايق و مفزعهم في المهم

ات و المقاصد فهو منتهي سير السايرين و غايه شوق المسافرين و نهايه قصد الطالبين. اللغه: (فطر) الله الخلق فطرا من باب نصر خلقهم و الاسم الفطره کالخلقه لفظا و معني و (النشر) البسط يقال: نشر المتاع ينشره نشرا اذا بسط و منه ريح نشور و رياح نشر (و الرياح) جمع الريح و الياء فيها منقلبه عن الوا و لانکسار ما قبلها و جمع القله ارواح بالوا و اذ لم يوجد فيه ما يوجب الاعلال و ربما يفرق بين الريح و الرياح بان الثانيه من اسباب الرحمه و آثارها و الاولي ليست کذلک و قد روي عن النبي انه کان يقول اذا هبت ريح: اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا. و يشهد به الاستقراء ايضا قال سبحانه: (و يرسل الرياح مبشرات) (و ارسلنا الرياح لواقح) و قال: (و اما عاد فاهلکوا بريح صرصر عاتيه) و (و ريح فيها عذاب اليم). الي غير هذه من الايات و (وتد) کو عديتد وتدا وتده يقال: وتد الوتد اذا ثبته و قد يستعمل لازما يقال: وتد الوتد ادا ثبت و (ميدان) بفتح الميم و الياء مصدر يقال: ماد الشي‏ء يميد ميدا من باب ضرب و ميدانا مثل نزعان اذا تحرک. الاعراب: الجملات اثلاث لا محل لها من الا عراب و اضافه ميدان الي الارض بمعني اللام و قيل انها من قبيل اضافه الصفه الي الموص

وف بتاويل ارضه المائده و الاول اولي. المعني: قوله: (فطر الخلائق) اي خلقهم (بقدرته) و ههذه اللفظه ماخوذه من الکتاب العزيز قال سبحانه: (الحمدلله فاطر السموات و الارض) و في سوره ابراهيم: (افي الله شک فاطر السموات و الارض) و في الانعام: (قل اغير الله اتخذ وليا فاطر السموات و الارض). اي خالقهما و في بعض التفاسير اي مبتدئهما و مبتدعهما استشهادا بما عن ابن عباس قال: ما کنت ادري ما فاطر السماوات و الارض حتي اختصم الي اعرابيان في بئر فقال احدهما: انا فطرتها اي ابتداتها انتهي. و قيل ان فاطر من الفطر بمعني الشق کما في قوله سبحانه: (اذا السماء انفطرت) اي انشقت. اقول: و يشهد به ما في حديث الخلقه في بيان الاشباح لادم (ع) و هذه فاطمه و انا فاطر السماوات و الارض فاطم اعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي و فاطم اوليائي عما يعرهم و يشينهم فشققت لها اسما من اسمي و سياتي الحديث بتمامه عند شرح خلقه آدم في التنبيه الثاني من تنبيهات الفصل العاشر هذا و في قوله (ع) بقدرته اشاره الي ان خلق الاشيائء بنفس القدره التي هي عين ذاته لا بشي‏ء آخر و اما ساير الصناع و الفواعل فليسوا کذلک فان صنعهم و فعلهم بشي غير ذواتهم کاله او ملکه نفسانيه او ماده

او معاون مثلا اذا انشا انسان کتابا فانه يحتاج الي آله کاليد و القلم و الي ملکه الکتابه و الي ماده کالمداد و القرطاس و الي معاون يتخذ له الا له الخارجه و يصلح ماده الکتابه اما صنعه سبحانه فلا يحتاج الي شي‏ء من ذلک و انما هو بنفس ذاته الواجب و نفس قدرته الکامله. و القدره في الاصل القوه و عند المتکلمين هي الصفه التي يتمکن معها الحي من الفعل و ترکه بالاراده و اما عند الحکماء عباره عن کون الفاعل بحيث ان شاء فعل و ان لم يشا لم يفعل و قدرته تعالي قيل: هو کون ذاته بذاته في الازل بحيث يصح منه خلق الاشيائء فيما لا يزال علي وفق علمه بها و هي عين ذاته و قيل هي علمه بالنظام الا کمل من حيث انه يصح صدور الفعل عنه و قيل: هي عباره عن نفي العجز عنه و قيل: هي فيض الاشيائء عنه بمشيته التي لا تزيد علي ذاته و هي العنايه الازليه و سياتي تحقيق الکلام فيها و في غيرها من الصفات الثبوتيه عند شرح قوله (ع): و کمال الاخلاص له نفي الصفات عنه فانتظر و (نشر الرياح برحمته) اي بسطها و فرقها علي الاطراف و الاکناف برحمته الواسعه و نعمته السابغه لما فيها من المصالح و المنافع التي لاتعد و لا تحصي منها ما اشير اليه في الايه الشريفه قال سبحانه في س

وره الاعراف: (و هو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتي اذا اقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من کل الثمرات) اي يرسل الرياح و يطلقها منتشره في الارض علي قرائه نشرا بالنون او مبشره بالغيث علي قرائه عاصم بالباء بين يدي رحمته و هو المطر حتي اذا حملت سحابا ثقالا بالماء سقنا السحاب الي بلد ميت خال من الماء و الکلاء فانزلنا به اي السحاب الماء فاخرجنا بالماء من کل الثمرات و الي هذا المضون ايضا اشير في سوره الفرقان و النمل و الروم. و الجمله فالرياح من اعظم النعماء و اسبغ الا لاء لما فيها من انبات النبات و الازهار و القاح الاشجارو ايناع الثمار و رفع کثافات الهواء تطيب الماء و الکلاء الي غير ذلک من الثمرات الي لا يعلمها الا هو سبحانه و تعالي هذا و بقي الکلام في مهب الرياح و اقسامها. فنقول: روي الصدوق في العلل باسناده عن العرزمي قال: کنت مع ابي‏عبدالله (ع) جالسا في الحجر تحت الميزاب و رجل يخاصم رجلا و احدهما يقول لصاحبه و الله ما تدري من اين تهب الريح فلما اکثر عليه قال له ابوعبدالله (ع): هل تدري انت من اين تهب الريح؟ قل: لا ولکني اسمع الناس يقولون فقلت لابي‏عبدالله (ع) من اين تهب الريح؟ فق

ال ان الريخ مسجونه تحت هذا الرکن الشامي فاذا اراد الله عز و جل ان يرسل منها شيئا اخرجه اما جنوبا فجنوب و اما شمالا فشمال و اما صبا فصبا اما دبورا فدبور ثم قال: و آيه ذلک انک تري هذا الرکن متحرکا ابدا في الصيف و الشتاء و اليل و النهار. قال المحدث العلامه المجلسي: و لعل المراد بحرکه الرکن حرکه الثوب المعلق عليه. و في الفقيه و الکافي عن ابي‏بصير قال: سالت اباجعفر (ع) عن الرياح الاربع: الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور و قلت له ان الناس يقولون ان الشمال من الجنه و الجنوب من النار فقال: ان لله جنودا من رياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه فلکل ريح منها ملک موکل بها فاذا اراد الله عز ذکره ان يعذب قوما بنوع من العداب اوحي الي الملک الموکل بذلک النوع من الريح التي يريد ان يعذبهم بها قال: فيامرها الملک فتهيج کما يهيج الاسد المغضب قال: و لکل ريح منهن اسم: اما تسمع قوله عز و جل: (کذبت عاد فکيف کان عذابي و نذر انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمز) و قال (الريح العقيم) و قال: (ريح فيها غذاب اليم) و قال: (فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت). و ما ذکر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه و قال (ع) و لله عز ذکره رياح رحمه لواقح

و غير ذلک ينشرها بين يدي رحمته منها ما يهيج السحاب للمطر و منها رياح تحبس السحاب بين السماء و الارض و رياح تعصر السحاب فتمطر باذن الله و منها رياح تفرق السحاب و منها رياح مماعد الله في الکتاب. فاما الرياح الاربع: الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور فانما هي اسماء الملائکه الموکلين بها فاذا اراد الله ان يهب شمالا امر الملک الذي اسمه الشمال فيهبط علي البيت الحرام فقام علي الرکن الشامي فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله من البر و البحر. و اذا اراد الله ان ببعث جنوبا امر الملک الذي اسمه الجنوب فيهبط علي البيت الحرام فقام علي الرکن الشامي فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الجنوب في البر و البحر حيث يريد الله. و اذا اراد الله ان يبعث الصبا امر الملک الذي اسمه الصبا فهبط علي البيت الحرام فقام علي الرکن الشامي فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الصبا حيث يريد الله عز و جل في البر و البحر. و اذا اراد الله ان يبعث دبورا امر الملک الذي اسمه الدبور فهبط علي البيت فقام علي الرکن الشامي فضرب بجناحيه ففرقت ريح الدبور حيث يريد الله من البر و البحر. ثم قال ابوجعفر (ع) اما تسمع لقوله: ريح الشمال و ريح الجنوب و ريح الدبور و ريح الصبا انما ت

ضاف الي الملائکه الموکلين بها. اقولل: يعني اضافه بمعني اللام لا اضافه بيانيه هذا. و عن الشهيد في الذکزي ان الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل الي مطلع الشمس في الاعتدالين و الاصبا محلها ما بين الشمس الي الجدي و الشمال محلها من الجدي الي مغرب الشمس في الاعتدالين و الدبور من مغرب الشمس الي مطلع سهيل انتهي. لا يقال: ان المستفاد من الروايه السابقه کون مهب جميع الرياح جهه القبله و هو مناف لما ذکره الشهيد. لانا نقول: ان ظاهره و ان کان ذلک الا انه يمکن تاويلها بان الملک لعظمه و عظم جناحه يمکن ان يحرک راس جناحه باي موضع اراد و يرسلها الي اي جهه امر بالارسال اليها و انما امر بالقيام علي الکبه لشرافتها و قيل: ضرب الجناح علامه امر الملک الريح للهبوب و انما احتجنا التاويل لان کون جميع الرياح من طرف القبله خلاف ما يشهد به الوجدان (و وتد بالصخور ميدان ارضه) يعني ثبت بالجبال حرکه ارضه و اضطرابها فهي کالوتد لها مانعه عن اضطرابها قال سبحانه في سوره النحل: (و القي في الارض رواسي ان تميد بکم) اي کراهه ان تميد و مثلها في سوره لقمان و في الانبياء: (و جعلنا في الارض رواسي ان تميدبهم) و الرواسي جمع الراسيه اي الجبال العاليه الثابته و ف

ي سوره النبا: (الم نجعل الارض مهادا و الجبال اوتادا) روي عن ابن عباس ان الارض بسطت علي الماء فکانت تکفا باهلها کما تکفا السفينه فارساها الله بالجبال. و عن الخصال عن الصادق عن ابيه عن جده عليهم السلام ان النبي قال: ان الله تبارک و تعالي لما خلق البحار فخرت و زخرت و قالت: اي شي‏ء يغلبني؟ فخلق الله الفلک فادارها به و ذللها ثم ان الارض فخرت و قالت: اي شي‏ء يغلبني؟ فخلق الله الجبال فاثبتها في ظهرها اوتادا من ان تميد بما عليها فذلت الارض و استقرت و ياتي فيه طائفه من الاخبار في شرح الفصل الثامن من فصول الخطبه هذا و الاشکال بعد في کيفيه کون الجبال سببالسکون الارض و قد ذکروا. فيها وجوها: منها ما ذکره الفخر الرازي في التفسير الکبير و هو ان السفينه اذا القيت علي وجه الماء فانها تميل من جانب الي جانب و تضطرف فاذا وقعت الاجرام الثقيله فيها استقرت علي وجه الماء فکذلک لما خلق الله الارض علي وجه الماء اضطربت و مادت فخلق الله عليها هذه الجبال و وتدها بها فاستقرت علي وجه الماء بسبب ثقل الجبال. ثم قال: لقائل ان يقول: هذا يشکل من وجوه الاول ان هذا المعلل اما ان يقول بان حرکات الاجسام بطباعها او يقول ليست بطباعها بل هي واقعه باي

جاد الفاعل المختار. فعلي التقدير الاول نقول لا شک ان الارض اثقل من الماء و الاثقل يغوص في الماء و لا يبقي طافيا عليه فامتنع ان يقال: انها کانت تميد و تضطرب بخلاف السفينه فانها متخذه من الخشب و في داخل الخشب تجويفات غير مملوه فلذلک تميد و تضطرب علي وجه الماء فاذا ارسيت بالاجسام الثقيله استقرت و سکنت فظهر الفرق. و اما علي التقدير الثاني و هو ان يقال: ليس للارض و الماء طبايع يوجب الثقل و الرسوب و الارض انما تنزل لان الله تعالي اجري عادته بجعلها کذلک و انما صار الماء محيطا بالارض لمجرد اجراء العاده و ليس هيهنا طبيعه للارض و لا للماء توجب حاله مخصوصه فنقول: علي هذا التقدير عله سکون الارض هي ان الله يخلق فيها السکون و عله کونها مائده مضطربه هو ان الله يخلق فيها الحرکه فيفسد القول بان الله خلق الجبال لتبقي الارض ساکنه فثبت ان التعليل مشکل علي کلا التقديرين انتهي. ثم ذکر ساير الاشکالات الوارده علي المعلل. ترکنا التعرض لها مخافه الاطناب. اقول: و يمکن الجواب عن الاشکال بان يقال: انا نختار ان الارض بطبيعتها طالبه للمرکز لکن اذا کانت خفيفه کان الماء يحرکها بامواجه حرکه قسريه و يزيلها عن مکانها الطبيعي بسهوله فکانت تميد

و تضطرب باهلها و تغوص قطعه منها و تخرج قطعه منها و لما ارساها الله بالجبال اثقلها قاومت الماء و امواجه بثقلها فکانت کالاوتاد و مثبته لها و منها ما ذکره ايضا و اختاره حيث قال: و الذي عندي في هذا الموضع المشکل ان يقال: انه ثبت بالدلائل اليقينيه ان الارض کره و ان هذه الجبال علي سطح هذه الکره جاريه مجري خشنونات و تضريسات تحصل علي وجه هذه الکره اذا ثبت هذا فنقول لو فرضنا ان هذه الخشونات کانت معدمه بل کانت الارض کره حقيقه خاليه عن هذه الخشونات و التضريسات لصارت بحيث تتحرک بالاستداره بادني سبب لان الجرم البسيط المستدير و ان لم يجب کونه متحرکا بالاستداره عقلا الا انه بادني سبب يتحرک علي هذا الوجه اما اذا حصل علي سطح کره الارض هذه الجبال و کانت کالخشونات الواقعه علي وجه الکره فکل واحد من هذه الجبال انما يتوجه بطبعه الي مرکز العالم و توجه ذلک الجبل نحو مرکز العالم بثقله العظيم و قوته الشديده يکون جاريا مجري الوتد الذي يمنع کره الارض من الاستداره فکان تخليق هذه الجبال علي الارض کالاوتاد المغروزه في الکره المانعه لها من الحرکه المستديره و کانت مانعه للارض عن الميد و الميل و الاضطراب بمعني انها منعت الارض عن الحرکه المستد

يره فهذا ما وصل اليه خاطري في هذا الباب و الله اعلم انتهي. و اعترض عليه بان کلامه لا يخلو عن تشويش و اضطراب و الذي يظهر من اوايل کلامه هو انه جعل المناط في استقرار الارض الخشونات و التضريسات من حيث انهاخشونات و تضريسات و ذلک اما لممانعه الاجزاء المائيه الملاصقه لتلک التضريسات لا ستلزام حرکه الارض زوالها عن مواضعها و حينئذ يکون عله السکون هي الجبال الموجوده في الماء لا ما خلقت في الربع المکشوف من الارض و هو خلاف الظاهر من قوله تعالي: (و جعل فيها رواسي من فوقها). و القول: بان ما في الماء ايضا من فوقها فلعل المراد تلک الجبال لا يخلو عن بعد مع انها ربما کانت معاونه لحرکه الارض کما اذا تحرکت کثره الماء بتموجها او تموج ابعاضها المقارنه لتلک الخشونات و انما تمانعها عن الحرکه احيانا عند حرکه بعضها و اما لممانعه الاجزاء الهوائيه المقاربه للجبال الکائنه علي الربع الظاهر فکانت الاوتاد مثبته لها في الهواء مانعه عن تحريک الماء بتموجه اياها کما يمانع الجبال المخلوقه في الماء عن تحريک الرياح اياها و حينئذ يکون وجود الجبال في کل منهما معاونا لحرکه الارض في بعض الصور معاوقا عنها في بعضها و لا مدخل حينئذ لثقل الجبال و ترکبها

في سکون الارض و استقرارها. و منها ما اختاره العلامه المجلسي في البحار و هو ان يکون مدحليه الجبال لعدم اضطراب الارض بسبب اشتباکها و اتصال بعضها ببعض في اعماق الارض بحيث تمنعها عن تفتت اجزائها و تفرقها فهي بمنزله الاوتاد المغروزه المثبته في الابواب المرکبه عن قطع الخشب الکثيره بحيث تصير سببا لالصاق بعضها ببعض و عدم تفرقها و هذا معلوم ظاهر لمن حفر الابار في الارض فانها تنتهي عند المبالغه في حفرها الي الاحجار الصلبه و انت تري اکثر قطع الارض واقعه بين جبال محيطه بها فکانها مع ما يتصل بها من القطعه الحجريه المتصله بها من تحت تلک القطعات کالظرف لها تمنعها عن التفتت و التفرق و الاضطراب عند عروض الاسباب الداعيه الي ذلک الي غير ذلک من الوجوه التي ذکروها و الله العالم بحقايق الامور. الترجمه: يعني آفريد و پيدا کرد يا اينکه شق کرد نور وجود مخلوقات را از ظلمت عدم بقدرت کامله خودش و نشر و پراکنده نمود بادها را برحمت شامله‏ي خود و ثابت و محکم گردانيد حرکت و اضطراب زمين را با سنگها و کوهها.

[صفحه 317]

اللغه: (الاول) ذهب جمهور البصريين الي انه علي وزن افعل مهموز الوسط فقلبت الهمزه الثانيه و اوا ثم ادغمت و عن الجوهري انه يدل عليه قولهم هذا اول منک و الجمع الاوائل و الاوالي علي القلب و ذهب الکوفيون و طائفه من البصريين الي ان اصله و وئل علي وزن فوعل قلبت الواو الاولي همزه. اذا علمت ذلک فمعني الاول في اللغه ابتداء الشي‏ء ثم قد يکون له ثان و قد لا يکون کما يقول: هذا اول ما اکتسبته فقد يکسب بعده شيئا و قد لا يکسب و استدل الزجاج عليه بقوله تعالي حکايه عن الکفار المنکرين للبعث (ان هي الاموتتنا الاولي). فعبر بالاولي و ليس لهم غيرها (و الدين) الطاعه و الانقياد و العباده و الاسلام قال سبحانه: (ان الدين عند الله الاسلام). و تقول: دنت دينا اي اسلمت و دان الرجل اذا اطاع قال الطريحي: الدين وضع الهي لاولي الالباب يتناول الاصول و الفروع (و المعرفه) العلم و قيل: هي ادراک البسائط و الجزئيات و العلم ادراک المرکبات و الکليات و من ثم يقال: عرفت الله و لا يقال: علمته و قيل هي عباره عن الادراک التصوري و العلم عباره عن الادراک التصديقي و قيل: هي ادراک الشي‏ء ثانيا بعد توسط نسيانه فلذلک يسمي الحق سبحانه بالعالم دون الع

ارف قيل: و هذا اشهر الاقول في تعريف المعرفه. اقول: و علي هذا فاستعمال المعرفه في المقام نظرا الي سبق ادراک ذاته سبحانه في عالم الذر او عند اخذ الميثاق من العقول المجرده فافهم (و التوحيد) جعل الشي‏ء و احدا اي الحکم بوحدانيته و قد يطلق علي التفريق بين شيئين بعد الاتصال و علي الاتيان بالفعل الواحد منفردا و في الاصطلاح اثبات ذات الله بوحدانيه و وحدانيه بمعني انه لاثاني له في الوجود و بمعني انه لاکثره فيه مطلقا لا في عين الذات لانتفاء الترکيب و الاجزاء و لا في مرتبه الذات لانتفاء زياده الوجود و لا بعد مرتبه الذات لانتفاء زياده الصفات و قد يقصد بها معني انه لم يفته شي‏ء من کماله بل کل ما ينبغي له فهو له بالذات و الفعل (و الاخلاص) مصدر من اخلص الشي‏ء اذا جعله خالصا مما يشوبه يقال: خلص الماء اذا صفا من الکدر و کل شي‏ء صفا عن شوبه و خلص يسمي خالصا قال تعالي: (من بين فرث و دم لبنا خالصا). اي لاشوب فيه من الفرث و الدم و الاخلاص في الطاعه ترک الريا و الاخلاص في الدين ترک الشرک (و قرن) بين الحج و العمره من باب قتل و في لغه من باب ضرب: جمع بينهما في الاحرام و (ثنيت) الشي‏ء بالتئقيل: جعلته اثنين و (جزات) الشي‏ء تجزاه قسمته

و جعلته اجزاء. الاعراب: لفظ الاول له استعمالان احدهما ان يکون اسما مجردا عن الوصفيه فيکون منصرفا و منه قولهم: ماله اول و لا آخر قال ابوحيان في الارتشاف في محفوظي ان هذا يونث بالتاء و يصرف ايضا فيقال: اوله و آخره الثاني ان يکون صفه اي افعل تفضيل بمعني الاسبق فيعطي حکم غيره من صيغ افعل التفضيل من منع الصرف و عدم تانيثه بالتاء و ذکر من التفضيليه بعده يقال: هذا اول من هذين و لقيته عاما اول بنصب اول ممنوع الصرف علي انه صفه للمنصوب و اللام في قوله کمال توحيده الاخلاص له زائده للتقويه مفيده للتوکيد کما في قوله: (فعال لما يشاء) (مصدقا لما معهم) (نزاعه للشوي) و نحو ضربي لزيد حسن و هي من اقسام اللام الجاره التي تفتح مع الضمير دائما الا المتکلم فتکون مکسوره معه و مکسوره مع الظاهر الا المستغاث فتکون مفتوحه نحو يالزيد فرقابينها و بين لام المستغاث لاجله لانها مسکوره و من في قوله فمن وصف الله و ما يتلوه من کلم المجازات اسم شرط مرفوع المحل علي الابتداء و خبره الجزاء لتماميه الفائده به و قيل: الشرط لتحمله ضمير المتبداء و قيل هما معا. المعني: اعلم ان هذا الفقره من الخطبه مع و جازتها متضمنه لاکثر العلوم الالهيه ببراهينها الساط

عه و لذلک تحير في ادراک معناها اولو الافهام و عجزت عن الوصول الي مغزاها العقول و الاوهام و لا باس بالاشاره الي نبذ من کنوز اسرارها و انموزج من رموز انوارها ثم نتبعها بما ذکره بعض الاعلام في تفسير المقام. فنقول: قوله (ع) (اول الدين معرفته) يعني ابتداء الطاعه و العباده معرفته الله سبحانه اذ الطاعه و العباده اي کون العبد کون العبد عبدا فرع معرفته المطاع و المعبود فما لم يعرف لا يمکن اطاعه و لذلک ان اميرالمومنين (ع) بعد ما سال عنه حبر بقوله: هل رايت ربک حين عبدته؟ اجاب بقوله: ويلک ما اعبد ربا لم اره قال: و کيف رايته؟ قال: ويلک لا تدرکه العيون في مشاهده الابصار و لکن راته القلوب بحقايق الايمان رواه في الکافي باسناده عن ابي‏عبدالله (ع) و رواه السيد قد (ره) ايضا في المتن باختلاف و هو المختار الماه و الثامن و السبعون. ثم ان معرفته سبحانه قد تکون ناقصه و قد تکون تامه اما الناقصه فهو ادراک ان للعالم صانعا مدبرا و اما التامه فقد اشار اليها بقوله: (و کمال معرفته التصديق به) اي الاذعان بوجوده و وجوبه لان التصور للشي‏ء اذا اشتد يصير اذعانا و حکما بوجوده اذ من ضروره کونه صانع العالم و الهه ان يکون موجودا في نفسه فان مالم ي

کن موجودا في نفسه. استحال ان يصدر عنه اثر موجود فهاذا الحکم اللاحق هو کمال معرفته و تصوره. ثم ان التصديق به قد يکون ناقصا و قد يکون تاما اما الناقص فهو التصديق به مع تجويز الشريک له و اما التام فقد اشار اليه بقوله: (و کمال التصديق به توحيده) اي الحکم بوحدانيته و انه لا شريک له في ذاته لان طبيعه واجب الوجود لو فرض اشتراکها بين اثنين لزم ان يکون لکل واحد منهما من مميز و راء ما به الاشتراک فيلزم الترکيب في ذايتهما و کل مرکب ممکن و بعباره اخري لو فرضنا موجودين واجبي الوجود لکانا مشترکين في وجوب الوجود و متغايرين بامر من الامور و الا لم يکونا اثنين و ما به الامتياز اما ان يکون تمام الحقيقه او لا يکون تمام الحقيقه بل جزوها لا سبيل الي الاول لان الامتياز لو کان بتمام الحقيقه لکان وجوب الوجود المشترک بينهما خارجا عن حقيقه کل واحد منهما و هو محال لانها بينا ان وجوب الوجود نفس حقيقه الواجب لذاته و لا سبيل الي الثاني لان کل واحد منهما يکون مرکبا مما به الاشتراک و مما به الامتياز و کل مرکب يحتاج الي غيره‏اي الي جزئه فيکون ممکنا لذاته هذا خلف. ثم ان التوحيد قد يکون ناقصا و قد يکون تاما اما الناقص فهو الحکم بوحدانيته مع ع

دم الاخلاص له و اما التام فهو ما اشار اليه بقوله (و کمال توحيده الاخلاص له) اي جعله خالصا عن النقايص اي سلب النقايص عنه ککونه جسما او اعرضنا او نحو هما مما هو من صفات النقص هذا. و قيل: ان المراد بالاخلاص اخلاص العمل له و علي هذا فاللام للتعليل قال سبحانه: (و ما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين). قال الشارح البحراني و صدرالدين الشيرازي في شرح الکافي في قوله: و کمال توحيده الاخلاص له: فيه اشاره الي ان التوحيد المطلق للعارف انما يتم بالاخلاص له و هو الزهد الحقيقي الذي هو تنحيه کل ما سوي الحق الاول عن سنن الايثار و بيان ذلک انه ثبت في علم السلوک ان العارف مادام يلتفت مع ملاحظه جلال الله و عظمته الي شي‏ء سواه فهو بعد واقف دون مقام الوصول جاعل مع الله غيرا حتي ان اهل الاخلاص ليعدون ذلک شرکا خفيا کما قال بعضم من کان في قلبه مثقال خردله سوي جلالک فاعلم انه مرض و انهم ليعتبرون في تحقق الاخلاص ان يغيب العارف عن نفسه حال ملاحظته لجلال الله و ان لحظها فمن حيث هي لاحظه لا من حيث هي مزينه بزينه الحق فاذن التوحيد المطلق ان لا يعتبر معه غيره مطلقا انتهي و لکن الاظهر ما قلناه. ثم ان الاخلاص له قد يکون ناقصا و قد يکو

ن تاما اما الناقص فهو جعله خالصا صفات النقصان مع اثبات صفات الکمال و اما التام فهو مااشار اليه بقوله (و کمال الاخلاص له نفي الصفات عنه) اي الصفات التي وجودها غير وجود الذات و الافذاته بذاته مصداق لجميع النعوت الکماليه و الاوصاف الالهيه من دون قيام امر زائد بذاته تعالي فرض انه صفه کماليه له فعلمه و ارادته و قدرته و حياته و سمعه و بصره کلها موجوده بوجود ذاته الاحديه مع ان مفهوماتها متغايره و معانيها متخالفه فان کمال الحقيقه الوجوديه في جامعيتها للمعاني الکثيره الکماليه مع وحده الوجود هذا. و قد تحصل مما ذکره (ع) ان مراتب العرفان خمسه. الاولي مرتبه التصور و هي ادراک ان للعالم موثرا و هذا المرتبه هي التي نفوس الخلائق مجبوله اليها باقتضاء فطرتها التي فطر الناس عليها و کل مولود يولد علي الفطرد الا ان ابويه يهود انه او ينصرانه او يمجسانه. الثانيه مرتبه التصديق و الاذعان بوجوده و وجوبه بالبراهين الساطعه و الادله القاطعه قال سبحانه: (افي الله شک فاطر السموات و الارض). الثالثه مرتبه التوحيد و التفريد عن الشرکا (قل: هو الله احد) (قل: انما انا بشر مثلکم يوحي الي انما الهکم اله واحد). الرابعه مرتبه الاخلاص اي جعله خالصا ع

ن النقايص. الله الصمد اي المتعالي عن الکون و الفساد لم يلد و لم يولد او جعل العمل خالصا له فمن کان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرک بعباده ربه احدا. الخامسه مرتبه نفي الصفات و هي غايه العرفان و منتهي قوه الانسان. و قد ظهر مما ذکره (ع) ايضا ان کل واحده من المراتب الاربعه الاولي مبده لما بعدها و کل مرتبه من المراتب الاربعه الاخيره کمال لما قبلها و هذه المراتب الخمسه في التمثيل کقشر الجوز و قشر قشره و لبه و لب لبه و الداهن المستخرج منه. فالمرتبه الاولي کالقشره العليا من الجوز لاخير فيها البته ان اکلت فهو مر المذاق بعيده عن المساغ و لکنها تحفظ القشره الصلبه السفلي. و المرتبه الثانيه مثل القشره الثانيه فانها ظاهره النفع بينه الجدوي تصون اللب عن الفساد و تربيه الي وقت الحصاد لکنها نازله القدر زهيده النفع بالنظر الي اللب. و المرتبه الثالثه کالغطاء المحيط باللب الماکول بتبعيه اللب. و المرتبه الرابعه کاللب. و المرتبه الخامسه کالد هن المستخرج من اللب الصافي من المشوبات و الخالص عن الکدورات الذي يکاد يضي‏ء و لو لم تمسسه نار هذا. و لبعض العرفاء في تفسير کلامه (ع) تقرير آخر لاباس بتحريره قال: الدين الانقياد و ال

طاعه و المراد من اوليه المعرفه للانقياد اما توقفه عليها او کونه ابتداء له لان المراد من المعرفه اما التصور و اما عقد القلب عليه و هو ما يحصل بالموعظه الحسنه و اما التصديق الذي هو کمال المعرفه فهو انما يحصل بالحکمه و البرهان و لعل المراد من التصديق الذي به هو مرتبه علم اليقين و من کمال التصديق به توحيده هو مرتبه عين اليقين و من کمال توحيد الاخلاص له هو مرتبه حق القين و هو الذي يحصل عند الفناء و من کمال الاخلاص له نفي الصفات عنه هو الفناء عن الفلناء و هذه المراتب مترتبه في الحصول للسالک التارک و يکون کل مرتبه لا حقه غايه للسابقه عليها و لذا عبر (ع) عن کل مرتبه لا حقه بالکمال بالنسبه الي السابقه و ايضا کل مرتبه لا حقه اخص من السابقه عليها و السابقه اعم منها و وجود العام انما يکون بالخاص فيکون کمالاله و قوله (ع): و کمال توحيده الاخلاص له اي سلب النقايص باثبات الکمالات المقابله لها کسلب الجهل عنه باثبات العلم و سلب العجز عنه ثاثبات القدره له و هکذا و انما کان هذا کمال التوحيد لانه يدل علي ان وحدته تعالي ليست وحده ناقصه هي ماسوي الوحده الحقه الحقيقه من اقسام الوحده بل وحدته وحده حقه هي حق الوحده و لما کان الاخلاص

له مستلزما لاثبات الصفات له قال (ع): و کمال الاخلاص له نفي الصفات عنه اي جعل الکمالات الحاصله الثابته له بسلب النقايص عنه عين ذاته الاحديه فيکون ذاته کل الکمالات علي وجه اعلي و اشرف. فهو الکل في وحدته و يحتمل ان يکون المراد من نفي الصفات عنه ان وصف الواصفين له غير لايق بجنابه مسلوب عنه کل ما ميز تموه باوهامکم في ادق معانيه فهو مخلوق مثلکم مردود اليکم عجز الواصفون عن صفتک اعتصام الوري بمغفرتک تب علينا فاننا بشر ما عرفناک حق معرفتک فيکون غايه غايات المعرفه العجز عنها لا احصي ثناء عليک انت کما؟ اثنيت علي نفسک هذا و قوله (ع) (لشهاده کل صفه انها غير الموصوف و شهاده کل موصوف انه غير الصفه) المراد بالشهاده هنا شهاده الحال و هي الدلاله فان حال الصفه يشهد بحاجتها الي الموصوف و عدم قيامها بدونه و حال الموصوف يشهد بالاسغناء عن الصفه في اصل الوجود و القيام بالذات بدونها و افتقاره اليها في کماله الذي لا يکمل الا بها فلايکون احدهما عين الاخر. ثم ان هذه الفقره اشاره الي برهان نفي الصفات العارضه التي فرضت قديمه کما يقوله الاشاعره و ذلک لان الصفه اذا کانت عارضه کانت مغايره للموصوف لا محاله حسبما عرفت و کل متغايرين في

الوجود لابد ان يکون کل واحد منهما متميزا عن صاحبه بشي‏ء و مشارکا له بشي‏ء آخر لاشتراکهما في الوجود و محال ان يکون جهه الاشتراک عين جهه الامتياز و الا لکان الواحد بما هو واحد کثيرا بل الوحده بعينها کثيره هذا محال فاذن لابد ان يکون کل منهما مرکبا من جزء به الاشتراک و جزء به الامتياز فيلزم الترکيب في ذات الواجب و قد ثبت انه بسيط الحقيقه و الي ذلک اشار (ع) بقوله: (فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه) اي من وصفه تعالي بصفه زايده فقد قرنه بغيره في الوجود (و من قرنه فقد ثناه) اي من قرنه بغيره فقد جعل له ثانا في الوجود لانه قد اثبت قد يمين (و من ثنا فقد جزا) لان من فرضه ثاني اثنين فقد جعله مرکبا ذاجزئين باحدهما يشارکه في الوجود و بالاخر يباينه. و اما ما ذکره الشارح المعتزلي في تعليل التجزيه بقوله: لانه اذا اطلق لفظ الله علي الذات و العلم القديم فقد جعل مسمي هذا اللفظ و فايدته متجزيه کاطلاق لفظ الاسود علي الذات التي حلها السواد فليس بشي‏ء لان الکلام في مرتبه الذات من حيث هي لا من حيث اطلاق لفظه عليها کما هو ظاهر (و من جزاه فقد جهله) لانه اعتقد خلاف ما هو الواقع. تذنيبات: الاول في تحقيق صفاته سبحانه علي ما حققها بعض العارفين

فنقول: ان الصفات علي ثلاثه اقسام: منها سلبيه محضه کالقد و سيه و الفرديه و منها اضافيه محضه کالمبدئيه و الرزاقيه و منها حقيقه سواء کانت ذات اضافه کالعالميه و القادريه اولا کالحياه و البقاء و لا شک ان السلوب و الاضافات زائده علي الذات و زيادنها لا توجب انفعالا و لا تکثرا لان اعتبارها بعد اعتبار المسلوب بها عنها و المضاف اليها لکن يجب ان يعلم ان السلوب عنه تعالي کلها راجعه الي سلب الامکان فانه يندرج فيه سلب الجوهريه و سلب الجسميه و سلب المکان و الحيز و الشريک و النقص و العجز و الافه و غير ذلک. و الاضافات في حقه تعالي کلها راجعه الي الموجديه التي تصحح جميع الاضافات کالخالقيه و الرازقيه و الکرم و الجود و الرحمه و الغفران و لو لم يکن له اضافه واحده اتحدت فيها جميع الاضافات اللايقه به لادي تخالف حيثياتها الي اختلاف حيثيات في الذات الاحديه و اما الصفات الحقيقه فکلها غير زائده علي ذاته و ليس معني عدم زيادتها مجرد نفي اضدادها عنه تعالي حتي يکون علمه تعالي عباره عن نفي الجهل و قدرته عباره عن نفي العجز و علي هذا القياس في السمع و البصر و غيرهما ليلزم التعطيل و لا ايضا معني کونه عالما و قدرا ان يترتب علي مجرد ذاته ما يتر

تب علي الذات مع الصفه بان ينوب ذاته مناب تلک الصفات ليلزم ان لا يکون اطلاق العلم و القدره و غيرهما عليه تعالي علي سبيل الحقيقه فيکون عالما قادرا حيا سمعيا بصيرا بالمجاز فيصح سلبها عنه لانه علامه المجاز و لازمه. فان قلت: فما معني قوله (ع): و کمال الاخلاص له نفي الصفات عنه؟ قلنا: معناه حسبما اشرنا اليه کونها صفات عارضه موجوده بوجود زايد کالعالم و القادر في المخلوقات فان العلم فينا صفه زائده علي ذاتنا و کذا القدره کيفيه نفسانيه و کذا ساير الصفات و المراد ان هذه المفهومات ليست صفات له تعالي بل صفاته و ذاته صفاته لا ان هناک شيئا هو الذات و شيئا آخر هو الصفه ليلزم الترکيب فيه تعالي عنه علوا کبيرا فذاته وجود و علم و قدره و اراده و حياه و سمع و بصر و هو ايضا موجود عالم قادر حي مريد سميع بصير. فان قلت: الموجود ما قام به الوجود و العالم ما قام به العلم و کذا ساير المشتقات. قلنا: ليس کذالک بل ذلک متعارف اهل اللغه لما راوا ان اکثر ما يطلق عليه المشتق لابد فيه من صفه زائده علي الذات کالابيض و الکاتب و الضاحک و غيرها فحکموا علي الاطلاق ان المشتق ما قام به المبد و التحقيق و الاستقراء يوجبان خلافه فانا لو فرضنا بياضا قائما ب

نفسه لقلنا: انه مفرق للبصر و انه ابيض فکذا الحال فيما سواه من العالم و القادر فالعالم ما ثبت له العلم سواء کان بثبوت عينه او بثبوت غيره. الثاني: في الاشاره الي جمله من الاخبار الوارده في بعض مراتب العرفان و هي کثيره جدا و نحن نذکر شطرا منها تيمنا و تبرکا. فنقول: روي الصدوق في التوحيد باسناده عن زيد بن وهب عن ابي‏ذر (ره) قال: خرجت ليله من الليالي فاذا رسول‏الله (ص) يمشي وحده ليس معه انسان فظننت انه يکره ان يمشي معه احد قال (ره): فجعلت امشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال (ص): من هذا فقلت ابوذر جعلني الله فداک فقال (ص) يا اباذر تعال فمشيت معه ساعه فقال: ان المکثرين هم الاقلون يوم القيامه الا من اعطاه الله خيرا فنفخ منه بيمينه و شماله و بين يديه و ورائه و عمل فيه خيرا قال: فمشيت ساعه فقال (ص): اجلس هيهنا و اجلسني في قاع حوله حجاره فقال لي: اجلس جتي ارجع اليک قال: و انطلق في الحره حتي لم اره و تواري عني و اطال اللبث ثم اني سمعته (ع) و هو مقبل يقول: و ان زني و ان سرق قال فلما جاء لم اصبر حتي قلت له: يا نبي الله جعلني الله فداک من تکلمه في جانب الحره؟ فاني ما سمعت احدا يرد عليک شيئا فقال (ع) ذاک جبرئيل عرض لي في جان

ب الحره فقال: ابشر امتک انه من مات لا يشرک بالله عز و جل شيئا دخل الجنه قال: قلت يا جبرئيل: و ان زني و ان سرق و ان شرب الخمر قال: نعم و ان شرب الخمر. قال الصدوق (ره) بعد ذکر الحديث يعني بذلک انه يوفق للتوبه حتي يدخل الجنه. و فيه ايضا عن الاسود بن هلال عن معاذ بن الجبل قال: کنت رفقت النبي (ع) فقال يا معاذ: هل تدري ما حق الله علي العباد؟ يقولها ثلاثا قلت: الله و رسوله اعلم فقال رسول‏الله: حق الله عز و جل علي العباد ان لا يشرکوا به شيئا ثم قال: هل تدري ما حق العباد علي الله اذا فعلوا ذلک؟ قلت: الله و رسوله اعلم قال: ان لا يعذبهم او قال: ان لا يدخلهم النار. و فيه ايضا عن ابن عباس قال: قال رسول‏الله (ص) و الذي بعثني بالحق نبيا لا يعذب الله بالنار موحدا ابدا و ان اهل التوحيد ليشفعون فيشفعون ثم قال (ع) انه اذا اکان يوم القيامه امر الله تبارک و تعالي بقوم سائت اعمالهم في دار الدنيا الي النار فيقولون: يا ربنا کيف تدخلنا النار؟ و قد کنا نوحدک في دار الدنيا و کيف تحرق بالنار السنتا؟ و قد نطقت بتوحيدک في دار الدنيا و کيف تحرق قلوبنا؟ و قد عقدت علي ان لا اله الا الله ام کيف تحرق وجوهنا؟ و قد عفرناها لک في التراب ام کيف ت

حرق ايدينا؟ و قد رفعناها بالدعاء اليک فيقول الله عز و جل: عبادي سائت اعمالکم في دار الدنيا فجزاکم نار جهنم فيقولون: يا ربنا عفوک اعظم ام خطيئتنا؟ فيقول الله عز و جل: بل عفوي فيقولون رحمتک اوسع ام ذنوبنا؟ فيقول الله عز و جل: بل رحمتي فيقولون اقرارنا بتوحيدک اعظم ام ذنوبنا؟ فيقول الله عز و جل: بل اقرارکم بتوحيدي اعظم فيقولون: يا ربنا فليسعنا عفوک و رحمتک التي وسعت کل شي‏ء فيقول الله جل جلاله: ملائکتي و عزتي و جلالي ما خلقت خلقا احب الي من المقرين بتوحيدي و ان لا اله غيري و حق علي ان لا اصلي بالنار اهل توحيدي ادخلوا عبادي الجنه. الثالث: ينبغي ان يعلم ان مجرد الاعتقاد بالتوحيد و نفي الشرک و الاعتراف بالوحدانيه لايکفي في ترتب الثواب و دفع العقاب بل لابد مع ذلک من الاعتقاد بالولايه و الاخبار الوارده في ابواب التوحيد و المعرفه و ان کانت مطلقه الا انها يقيدها مضافه الي اجماع اصحابنا (قد) اخبار اخر مفيده لکون الولايه شرطا في التوحيد ککونها شرطا في صحه الفروع و قبولها و بدونها لاينتفع بشي‏ء منها و هذه الاخبار کثيره جدا بالغه حد الاستفاضه بل التواتر. منها مارواه في جامع الاخبار باسناده عن محمد بن عماره عن ابيه عن الصادق

جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن علي عن آبائه الصادقين عليهم السلام قال: قال رسول‏الله (ع) ان الله تبارک و تعالي جعل لاخي علي بن ابيطالب (ع) فضائل لا يحصي عددها غيره فمن ذکر فضيله من فضائله مقرابها غفرالله له ما تقدم من ذنبه و ما تاخر و لو اتي القيامه بذنوب الثقلين و من کتب فضيله من فضائل علي ابن ابيطالب (ع) لم تزل الملائکه يستغفر له ما بقي لتلک الکتابه رسم و من استمع فضيله غفرالله له الذنوب التي اکتسبها بالاستماع و من نظر الي کتابه في فضائله غفرالله له الذنوب التي اکتسبها بالنظر ثم قال رسول‏الله (ص): النظر الي علي بن ابيطالب (ع) عباده و ذکره عباده و لا يقبل ايمان عبد الا بولايته و البرائه من اعدائه. و في الکافي باسناده عن ابي‏حمزه قال: قال لي ابوجعفر (ع) انما يعبدالله من يعرف الله فاما من لا يعرف الله فانما يعبده هکذا ضلالا قلت جعلت فداک: فما معرفه الله؟ قال: تصديق الله عز و جل و تصديق رسول‏الله (ع) و موالاه علي و الايتمام به و بلائمه عليهم السلام و البرائه الي الله عز و جل من عدوهم هکذا يعرف الله. و في الوسائل و مجمع البيان عن ابي‏حمزه الثمالي قال: قال لنا علي بن الحسين عليهما السلام: اي البقاع افضل؟ فقلنا: ال

له و رسوله و ابن رسوله اعلم فقال: افضل البقاع لنا ما بين الرکن و المقام و لو ان رجلا عمر ما عمر نوح (ع) في قومه الف سنه الا خمسين عاما يصوم النهار و يقوم الليل في ذلک المکان ثم لقي الله بغير و لايتنا لم ينفعه ذلک شيئا. و في الوسائل ايضا باسناده عن المعلي بن خنيس قال: قال ابوعبدالله (ع) يا معلي لوان عبدا عبدالله ماه عام ما بين الرکن و المقام يصوم النهار و يقوم الليل حتي يسقط حاجباه علي عينيه و يلتقي تراقيه هرما جاهلا بحقنا لم يکن له ثواب. و فيه ايضا عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال: نزل جبرئيل علي النبي (ص) فقال: يا محمد السلام يقرئک السلام و يقول خلقت السماوات السبع و ما فيهن و خلقت الارضين السبع و من عليهن و ما خلقت موضعا اعظم من الرکن و المقام و لو ان عبدا دعاني منذ خلقت السماوات و الارض ثم لقيني جاحدا لولايه علي لاکببته في سقر. و روي علي بن ابراهيم القمي باسناده عن زراره عن ابي‏جعفر (ع) في حديث قال: ذروه الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشيائء و رضي الرحمن: الطاعه للامام بعد معرفته اما لوان رجلا قام ليله و صام نهاره و تصدق بجميع ماله و حج جميع دهره و لم يعرف ولايه ولي الله فيواليه و يکون جميع اعمال

ه بدلالته ما کان له علي الله حق في ثوابه و لا کان من اهل الايمان. و بالجمله فقد تحصل من هذه الاخبار و غيرها من الاخبار الکثيره: ان معرفه الامام و الطاعه له شرط في صحه الفروع و الاصول کما ظهر ان اللازم اخذ الاحکام الشرعيه و المسائل الدينيه عنهم لانهم الباب الذي امر الله ان يوتي منه، حيث قال. (و ليسس البر بان تاتو البيوت من ظهورها و لکن البر من اتقي و اتوا البيوت من ابوابها). روي في الصافي عن اميرالمومنين (ع) انه قال نحن البيوت التي امر الله ان يوتي ابوابها نحن باب الله و بيوته التي يوتي منه فمن تابعنا و اقر بولايتنا فقد اتي البيوت من ابوابها و من خالفنا و فضل علينا غيرنا فقد اتي البيوت من ظهورها ان الله لو شاء عرف نفسه حتي يعرفنونه و ياتونه من بابه و لکن جعلنا ابوابه و صراط و سبيله و بابه الذي يوتي منه قال: فمن عدل عن ولايتنا و فضل علينا غيرنا فقد اتي البيوت من ظهورها و انهم عن الصراط لناکبون. و في الکافي باسناده عن محمد بن مسلم قال سمعت اباجعفر (ع) يقول: کل من دان الله عز و جل بعباه يجهد فيها نفسه و لا امام له من الله فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و الله شاني لاعماله و مثله کمثل شاه ضلت عن راعيها و قطيعها فه

جمت ذاهبه او جائيه يومها فلما جنها اليل بصرت بقطيع غنم مع غير راعيها فحنت اليها و اغترت بها، فباتت معها في مربضها فلما ان ساق الراعي قطيعه. انکرت راعيها و قطيعها فهجمت متحيره تطلب راعيها و قطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت الهيا و اغترت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيک و قطيعک فانت تائهه متحيره عن راعيک و قطيعک فهجمت ذعره متحيره نائهه لاراعي لها يرشدها الي مرعاها او يدرها فبيناهي کذلک اذا اغتنم الذئب ضيعتها فاکلها و کذلک و الله يا محمد من اصبح من هذه الامه و الا امام له من الله عز و جل ظاهر عادل اصبح ضالا تائها، و ان مات علي هذه الحاله مات ميته کفر و نفاق و اعلم يا محمد ان ائمه الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين الله عز و جل قد ضلوا و اضلوا، فاعمالهم التي يعملونها: (کرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما کسبوا علي شي‏ء ذلک هو الضلال البعيد). الي غير ذلک من الاخبار البالغه حد الاستفاضه، بل هي متواتره معني و سياتي کثير منها في تضاعيف الکتاب و الله الهادي الي الصواب. و من اشار اليه فقد حده و من حده فقد عده و من قال فيهم فقد ضمنه و من قال علي م فقد اخلي منه. اللغه: (ضمنه) ماخوذ من ضمنته الشي‏ء اي جعلته مح

تويا عليه فتضمنه‏اي فاشتمل عليه و احتوي و (اخلي) مشتق من خلا المنزل من اهله يخلو خلوا و خلاء فهو خال و اخليته جعلته خاليا و وجدته کذلک. الاعراب: اصل فيم و علي م فيما و علي ما، حرفان دخلا علي ماء الاستفهاميه و الاولي للظرفيه و الثانيه للاستعلاء، و حذف الف ما لا تصالها بهما تخفيفا في الاستفهام و هذه قاعده کليه قال ابن هشام: و يجب حذف الف ماء الاستفهاميه اذا جرت و بقاء الفتحه دليلا عليها نحو فيم، و الي م، و علي م، قال: فتلک ولاه السوء قد طال مکثهم فحتي م حتي م العناء المطول و ربما تبعت الفتحه الالف في الحذف و هو مخصوص بالشعر کقوله: يا ابا الاسود لم خلفتني لهموم طارقات ثم قال: و ذکر و ان عله حذف الالف الفرق بين الاستفهام و الخبر و لهذا حذفت في نحو: المعني: قوله (ع) (و من اشار اليه) اي من اشار اليه باشاره عقليه او حسيه (فقد حده) اي جعله محدودا بحد خاص لان المشار اليه لابد ان يکون في جهه مخصوصه و کل ما هو في جهه فهو محدود و له حد و حدود اي اقطار و اطراف الاشياء المحدثه ذلک لان حقيقه ذاته حقيقه الوجود الصرف الذي شده قوته لا تنتهي الي حد و نهايه بل هو فوق ما لا يتناهي بما لا يتناهي اما کونه غير متناه فلان مقدورا

ته غير متناهيه هذا. و يحتمل ان يکون المراد بقوله: فقد عده کونه ذاعدد، و ذلک لان کون وجود الشي محدودا متناهيا يستلزم الترکيب من اصل الوجود و من شي‏ء آخر يقتضي تناهيه الي هذا الحد المعين اذ نفس کون الشي‏ء وجودا او موجودا لا يقتضي هذا التناهي و الا لم يوجد غيره فهناک امران، فيکون المحدود ذاعدد هذا. و ياتي ان شاءالله تضيح هذه الفقره و تحقيقها بنحو آخر في شرح الخطبه الماه و الثانيه و الخمسين. ثم لا يخفي ان المراد بالاشاره في کلام (ع): الاشاره الحضوريه الحسيه التي لا يجوز في حقه سبحانه و تعالي و اما الاشاره الغيبيه فتجوز في حقه و قد وقعت في کتاب العزيز قال سبحانه: (قل هو الله احد) و تحقيق ذلک ما حققه الباقر (ع) في حديث التوحيد: من ان کلمه هو اسم مکني مشاربه الي غايب، فالهاء تنبيه، و الوا و اشاره الي الغائب عن الحواس، کما ان هذا اشاره الي الشاهد و ذلک ان الکفار نبهوا عن الهتهم بما يشاربه الي الشاهد المدرک فقالوا: هذه آلهتنا المحسوسه المدرکه بالابصار فاشر انت يا محمد الي الهک الذي تدعو اليه حتي نراه و ندرکه لاناله فيه، فانزل الله تبارک و تعالي: قل هو اشاره الي کونه تعالي عن ذلک بل هو يدرک الابصار و هو اللطيف الخيبر

الله معناه المعبود الذي اله الخلق عن ادراک ذاته و الاحاطه بکنهه، احد معناه الفرد المتفرد الذي لا نظير له، و هيهنا لطيفه هي ان قوله: قل هو الله احد ثلاثه الفاظ، کل منها اشاره الي مقام من مقامات السالکين: المقام الاول مقام المقربين، و هو اعلي مقامات السايرين الي الله، و هولاء هم الذين نظروا الي ماهيات الاشياء و حقيقها من حيث هي هي فلا جرم ماراوا موجودا في الحقيقه سوي الله لانحصار وجوب الوجود فيه و کون ماعداه ممکنا فيکون هو اشاره اليه سبحانه و لم يفتقر في تلک الاشاره الي مميز، لان الحاجه الي المميز انما يحصل اذا کان هنک موجود ان قد عرفت انهم ما شاهدوا بعقولهم الا الواحد فقط فکفي لفظ لفظه هو في حصول العرفان التام. المقام الثاني مقام اصحاب اليمين الذي ادون من المقام الاول و ذلک انهم شاهدو الحق موجودا و شهدوا الخلق موجودا فحصلت کثره في الموجئات فلم تکن لفظه هو کافيه فاحتاجوا الي اقتران لفظه الله بلفظه هو حتي يحصل التميز. المقام الثالث مقام اصحاب الشمال الذي هو احسن المقامات و هم الذين يجوزون ان يکون واجب الوجود اکثر من واحد فقرن لفظ احد بما تقدم ردا علي هولاء، و ابطالا لمقالتهم فقيل قل هو الله احد (و من قال فيم فقد

ضمنه و من قال علي م فقد اخلي منه) هاتان القضيتان في تقدير شرطيتين متصلتين يراد بهما تنزيه الحق سبحانه عن مثل هذين الاستفهامين في حقه. و تاديب الخلق ان لا يستفهموا عنه کذلک و بيان المراد منهما باستنثنا نقيض تاليهما و حذف الاستثناء هيهنا الذي هو کبري القياس علي ما هو المعتاد في القياس المضمر و تقدير المتصله الاولي انه لوصح السوال عنه بفيم لکان له محل يتضمنه و يصدق عليه انه فيه صدق العرض في المحل او الجسم في المکان لکنه يمتنع کونه في محل و نحوه فيمتنع السوال عنه بفيم بيان الملازمه ان في لما کان مفيدا اللظرفيه و المحل فالاستفهام بفيم يقتضي صحه کونه في محل او مکان اذ لا يصح الاستفهام عن المحل لشي‏ء الا اذا صح کونه حالا فيه الذي و اما بطلان التالي فلانه لوصح کونه في المحل لکان اما ان يجب کونه فيه، فيلزم ان يکون محتاجا الي ذلک المحل و المحتاج الي الغير ممکن بالذات و ان لم يجب حلوله جاز ان يستغني عنه و الغني في وجوده عن المحل يستحيل ان يعرض له ما يحوجه الي المحل، فان الکون في المحل يستلزم الافتقار اليه، و اذا استحال ان يکون في محل امتنه السوال عنه بفيم. و تقدير المتصله الثانيه انه لو صح السوال عنه بعلي م، لجاز خلو ب

عض الجهات و الاماکن عنه، لکنه لا يجوز خلو مکان عنه فامتنع الاستفهام بعلي م، بيان الملازمه ان لفظه علي لما کانت مفيده للعلو و الفوقيه فالاستفهام بعلي م، عن شي‏ء لا يصح الا اذا صح کونه عاليا علي شي‏ء، و ذلک يستلزم امرين، احدهما بالواسه و الاخر بلاواسطه، فالذي بالواسطه هو اخلاء ساير الجهات و الاماکن عنه، و هو ما ذکره (ع) و الذي بلا واسطه هو اثبات الجهه المعينه اعني جهه فوق اذا ختصاصه بجهه معينه مسلتزم نفي کونه في ساير الجهات. و انما جلع (ع) لازم هذه المتصله کونه قد اخلي منه ليلزم من بطلان الالزم و هو الاخلاء منه بطلان ملزمه اعني اختصاصه بالجهه، ليلزم منه بطلان المقدم، و هو صحه السوال عنه بعلي م و اما بطلان التالي فلقوله تعالي: (و هو الله في السموات و في الارض يعلم سرکم و جهرکم) و قوله: (و هو معکم اينما کنتم) لا يقال: مثبت الجهه لا يجهل هذه الايات بل له ان يقول: بعدم التنافي بين الاختصاص و بين مفاد تلک الايات اذا المقصود من کونه في السماء و في الارض کونه عالما بما فيهما و کذلک المراد بالمعيه و المراد من کونه في جهه فوق کونه فيها بذاته، فلا دلاله فيها علي بطلان التالي. قلنا: انما جعل (ع) قوله: فقد اخلي منه لازما

في هذه القضيه، لان نفي هذا اللازم بهذه الايات ظاهر و ذلک لان مثبت الجهه انما اعتمد في اثبات دعويها علي ظواهر الايات المفيده له من امثال قوله تعالي: (الرحمن علي العرض استوي) فکانت معارضه مقتضاها بظواهر هذه الايات انفع في الخطابه، و اوقع في قلوب العامه من البراهين العقليه علي نفي الجهه فلوار تکب الخصم المثبت للجهه للتاويل فيها، باحاطه العلم لا رتکبناه فيما تمسک به من الايات، و قلنا ان المراد بالاستواء هو الاستيلاء بالقدره حسبما سياتي تحقيقه. فان قيل: انما خص جهه العلو بانکار اعتقادها. قلنا: لان کل معتقد لله جهه يخصصه بها، لما توهم انه اشرف الجهات، لانها التي نطق بها الکتاب الکريم فکانت شبهه المجسمه في اثباتها اقوي و کيف کان، فقد تحصل مما ذکرنا انه لا يصح السوال عنه بفيم و علي م کما لا يجوز اعتقاد کونه في شي‏ء، او علي شي‏ء. و يهشد به ايضا ما رواه في الکافي باسناده عن ابي‏بصير عن ابي‏عبدالله (ع) قال: من زعم ان الله من شي‏ء او في شي‏ء او علي شي‏ء فقد کفر، قلت: فسرلي قال: اعني بالحوايه من الشي‏ء له او بامساک له او من شي‏ء سبقه، قال و في روايه اخري: من زعم ان الله من شي‏ء فقد جعله محدثا و من زعم انه في شي‏ء فقد جعله

محصورا، و من زعم انه علي شي‏ء فقد جعله محمولا. قال بعض شراح الکافي في شرح هذا الحديث: يعني ان اطلاق شي‏ء من هذه الالفاظ بالمعني الذي هو متعارف اهل اللغه عليه تعالي مستلزم لاعتقاد التجسيم في حقه تعالي و ذلک الاعتقاد کفر فمن زعم ان احد هذه المعاني صادق في حقه تعالي فقد کفر. ثم فسر (ع) الالفاظ علي ترتيب اللف فقوله: اعني بالحوايه من الشي‏ء، تفسير لمعني في شي‏ء، لان کل ما هو علي شي‏ء فيحويه ذلک الشي‏ء و قوله: او بامساک له تفسير لمعني علي شي‏ء، لان کل ما هو علي شي‏ء فذلک الشي‏ء ممسک له و قوله: او من شي‏ء، سبقه، تفسير لمعني من شي‏ء، لان ما کان من شي‏ء فذلک الشي‏ء مبدوه و سابق عليه لذلک قال في الروايه الاخيره: من زعم ان الله من شي‏ء فقد جعله محدثا، لان معني المحدث هو الموجود بسبب شي‏ء سابق عليه بالوجود و قال (ع): و من زعم انه في شي‏ء فقد جعله محصورا، اي محويا، فيلزمه الحوايه من ذلک الشي‏ء و قال (ع): و من زعم انه علي شي‏ء فقد جعله محمولا فاذن له حامل يملکه هذا. و قد تحقق من ذلک کله ان الله سبحانه لا يکون محصورا في شي‏ء و لا يخلو عنه شي‏ء فلا يکون في ارض و لا في سماء، و لا يخلو عنه ارض و لا سماء. کما ورد في الحديث: لو

دليتم بحبل علي الارض السفلي لهبط علي الله و لهذا قال (ع): و من قال: فيم فقد ضمنه، و من قال: علي م، فقد اخلي منه تصديقا لقوله تعالي: و قول النبي (ص): انه فوق کل شي‏ء و تحت کل شي‏ء قد ملاء کل شي‏ء عظمته فلم يخل منه ارض و لا سماء و لا بر و لا بحر و لا هواء. و في الکافي باسناده عن ابي‏حمزه الثمالي، عن ابيجعفر (ع) قال: مکتوب في التوراه التي لم تغير ان موسي (ع) سال ربه فقال: يا رب اقريب انت مني فاناجيک، ام بعيد فاناديک فاوحي الله عز و جل اليه: يا موسي انا جليس من ذکرني الحديث فان قلت: سلمنا هذا کله و لکن ما تقول في قوله تعالي: (الرحمن علي العرش استوي) فان الظاهر من الاستوا هو الاستقرار و الجلوس عليه. قلنا: هذه الايه هي التي تعلقت بها المشبهه في ان معبودهم جالس علي العرش و بعد ما قام البراهين العقليه و الحجج النقليه علي نفي المکان عنه حسبما عرفته و تعرف ان شاءالله ايضا تفصيلا في شرح الخطلبه الماه و السابعه و السبعين، ثبت تجرده عن جميع الاحياز و الامکنه و اذا ثبت تجرده عنها ثبت ان نسبته الي الکل نسبه واحده فلا بد من ارتکاب التاويل في الايه الشرفيه. و قد ذکروا فيه وجوها و اقوالا کثيره، اقربها ما ذکره القفال من علما ا

لمعتزله و هو ان القمصد من هذا الکلام تصوير عظمه الله و کبريائه و تقريره انه لما خاطب الله عباده في تعريف ذاته و صفاته بم اعتادوه في ملوکهم و عظمائهم فمن ذلک انه جعل الکعبه بيتا يطوف الناس به کما يطوفون بيوت ملوکهم و امر الناس بزيارته کما يزورون بيوت ملکوهم و ذکر في الحجر الاسواد انه يمين الله في ارضه ثم جعله موضع تقبيلهم کما يقبل الناس ايدي ملوکهم و کذلک ذکر في محاسبه العباد يوم القيامه من حضور المالئکه و النبيين و الشهداء و وضع الموازين فعلي هذا القياس اثبت لنفسه عرشا فقال: اذا عرفت هذا فنقول: ان کل ما جاء من الالفاظ الموهمه للتشبيه من العرش و الکرسي فقد ورد مثلها بل اقوي منها في الکعبه و الطواف و تقبيل الحجر و لما توقفنا هيهنا علي ان المقصود تصوير عظمه الله و کبرايائه مع القطع بانه منزه عن ان يکون في الکعبه فکذا الکلام في العرش و الکرسي انتهي کلامه و الرازي، و النيسابوري، و البيضاوي، علي ما حکي عنهم. و لکنک خبير بان الايه من المتشابهات و ما يعلم تاويلها الا الله و الراسخون في العلم و حملها علي ما ذکره القفال، تفسير بالراي و تاويل بالباطل، لان حمل الايات القرانيه علي مجرد التخييل و التمثيل من غير حقيقه ديني

ه و اصل ايماني يوجب قرع باب السفسطه و التعطيل و سد باب الاهتدا و التحصيل و فتح باب التويل في المعاد الجسماني من عذاب القبر و البعث و الميزان و الحساب و الکتاب و الصراط و الجنان و النيران. بل الحق المعتمد تفويض تاويل امثال هذه الي اهل بيت العصمه الذين هم ينابيع العلم و الحکمه فقد ذکروا عليهم السلام فيه وجوها مثل مارواه في الکفي باسناده عن ابي‏عبدالله (ع) انه سئل عن قول الله عز و جل: (الرحمن علي العرش ستوي). فقال استوي علي کل شي فليس شي‏ء، اقرب اليه من شي‏ء و فيه ايضا عنه (ع) بعد ما سئل عنه فقال: استوي من کل شي‏ء فليس شي‏ء اقرب اليه من شي‏ء و في ثالث عنه (ع) ايضا انه قال بعد السوال عنه: استوي في کل شي‏ء فليس شي‏ء اقرب اليه من شي‏ء لم يبعد منه بعيد، و لم يقرب منه قريب استوي في کل شي‏ء الي غير ذلک من الاخبار و توضيح ما ذکره (ع) علي وجه يتضح به المرام، من الايه الشريفه ايضا يستدعي بسطا في الکلام، فنقول: ان الاستواء علي ما ذکره المحدث المجلسي (قده) ان الاستواء يطلق علي معان الاول استقرار و التمکن علي الشي‏ء الثاني قصد الشي‏ء و الاقبال عليه الثالث الاستيلا علي الشي‏ء، قال الشاعر: قد استوي رجل علي العراق بغير سيف

و دم مهراق الرابع الاعتدال يقال: سويت الشي‏ء فاستوي الخاصم المساواه في النسبه. المفسيرين من حمل الايه عليه اي اقبل علي خلققه قصد الي ذلک و قدرووا انه سئل ابوالعباس احمد بن يحيي عن هذه الايه فقال: الاستواء الاقبال علي الشي‏ء و نحو هذا قال الفراء و الزجاج: في قوله: (ثم استوي الي السماء). و الاکثرون منهم حملوها علي الثالث اي استولي عليه و ملکه و دبره، و يحتمل ان يراد به المعني الرابع بان يکون کنايه عن نفي النقص عنه تعلاي من ميع الوجوه فيکون علي العرش حالا و اما المعني الخامس فهو الظاهر من الاخبار التي اسلفناها. ثم اعلم ان العرش قد يطلق علي الجسم العظيم المحيط بساير الجسمانيات و قد يطلق علي جميع المخلوقات قد يطلق علي العلم ايضا کما نطقت به الاخبار الکثيره. فاذا عرفت ذلک فنقول: انه يصح ان يفسر العرش بمجموع الاشيائء و ضمن الاستوا معني الاستيلا و نحوه مما يتعدي بعلي، اي استوت نسبته الي کل شي‏ء حالکونه مستوليا عليه، او يفسر بالعلم يکون متعلق الاستواء مقدرا، اي تساوت نسبته من کل شي‏ء حالکونه متمکنا علي عرش العلم، فيکون اشاره الي بيان نسبته تعالي، و انها بالعلم و الاحاطه، او يفسر بعرش العظمه و الجلال و القدره، کما فسر

بها في بعض الاخبار، اي استوي من کل شي‏ء مع کونه في غايه العظمه و متمکنا علي عرش التقدس و الجلال و الحاصل ان علو قدره ليس مانعا من دنوه بالحفظ و التربيه و الاحاطه و کذا العکس و علي التقادير فقوله: استوي خبر و قوله: علي العرش حال. هذا غايه ما وصل اليه نظري الفاتر في تحقيق المرام و جلمه ما نقدته من کلمات الاعلام في توضيح المقام و الله العالم بحقايق کلامه. الترجمه: يعني ابتدا اطاعت و انقياد شناختن خداوند عالم است و کمال و تمامي شناختن حضرت او تصديق و اعتقاد به وجود اوست و کمال تصديق به او حکم به وحدانيت و يکتا دانستن و منزه و مبرا نمودن اوست از شريک و کمال يکتا دانست او خالص نمودن اوست از صفات نقصان يا خالص نمودن عمل است براي او و کمال خالص نمودن نفي صفات زايده بر ذات است از او و آن را عين ذات دانستن است بجهه آنکه هر صفت شهادت و دلالت دارد بر آنکه غير موصوف است و هر موصوف شاهد و دليل است بر اينکه آن غير صفت پس بنابراين هر که وصف کرد خداوند را با صفتي که زايد بر ذات است پس به تحقيق قرين کرد ذات را با صفت و هر که قرين پيدا کرد او را پس به تحقيق حکم بدوئيست نمود، و هر که ابداء دوئيست نمود پس به تحقيق که مجزي ساخت

او را و هر که ابداء تجزيه کرد پس به تحقيق جاهل شد به ذات شريف او از جهت اينکه اعتقاد خلاف واقع را نمود، تعالي الله عما يقول الظالمون علوا کبيرا. يعني و هر کسي که اشاره کرد بسوي او با اشاره عقليه يا با اشاره حسيه پس به تحقيق که محدود نمود او را به حدي معين و هر که او را محدود کرد پس به تحقيق او را در شمار آورد و معدود نمود او را در عداد مخلوقين، و هر کس گفت خداوند در کدام محل يا در کدام مکان است پس به تحقيق متضمن گردانيد او را در ضمن محل و مکان و هر که گفت که او بر چيست پس به تحقيق خالي گردانيد بعض امکنه را از آن و حال آنکه نسبت حضرت او سبحانه به جميع امکنه و همه اشياء برابر است و هيج مکان از او خالي و هيج شي‏ء از او غائب نيست و لنعم ما قيل. در عالم اگر فلک اگر ماه و خور است از بده هستي تو پيمانه خور است فارغ ز جهاني و جهان غير تو نيست بيرون ز مکاني و مکان از تو پر است.

[صفحه 342]

(کائن) اسم فاعل ن کان قال الفويومي: کان زيد قائما اي وقع مه قيام و انقطع و تستعمل تامه فتکتفي بمرفوع، نحو کان الامر اي حدث و وقع قال تعالي: (و ان کان ذو عسره) اي و ان حصل و قد تاتي بمعني صار، و زائده، کقوله تعالي: (من کان في المهد صبيا) (و کان الله عليما حکيما). اي من هو في المهد، و الله عليم حکيم انتهي. و قال الصدر الشيرازي في شرح الکافي: اعلم ان کلمه کان تستعمل في اللغه علي ثلاثه اوجه. احدها بصيفتها داله علي الوجود و الزمان، و يسمي في عرف النحاه کان التامه کقول الشاعر: اذا کان الشتاء فادفوني، اي اذا وجد و حدث الثاني ما يدل علي النسبه و الزمان فيحتاج في الدلاله علي الوجود الي خبريتم به و هي الناقصه و استعمالها اکثر و هي اداه عند المنطقيين و ان کانت علي قالب الکلمه و الفعل لان معناه غير مستقل في الانفهام کقوله تعالي: (کان الناس امه واحده) و قوله: (ما کان ابراهيم يهوديا) الثالت ان يکون زائده خاليه عن الدلاله علي وجود و زمان، کقوله: علي کان المسومه العراب اي علي المسومه اذا عرفت هذا فنقول: ان کلمه کائن ماخوذه من کان التمه اي موجود لاعن حدث (و الحدث) من حدث الشي‏ء حدوثا کقعد تجدد وجوده فهو

حادث و حديث و منه يقال حدث به عيب اذا تجدد و کان معدوما بل ذلک (و المزايله) من زايله زيالا اذا فارقه (و السکن بالفتحتين من سکنت الي الشي‏ء و هو ما يسکن اليه من اهل و مال و نحو هما هو سکن له (و استانست) به و تانست به اذا سکن القلب و لم ينفر و الانيس الذي يستانس به (و استوحش) الرجل اذا وجد الوحشه. الاعراب کلمه لا في جميع الفقرات للنفي ففي الخمس الاولي بمعني ليس و في قوله: اذ لا منظور اذ لا سکن، لنفي النس و کلمه عن في الفقرتين بمعني من علي حد قوله سبحانه: (و هو الذي يقبل التوبه عنعباده و يعفو عن السيئات) و يجوز کونها في الفقره بمعني بعد کما في قوله تعالي: (عما قليل ليصبحن نادمين) و اذ في قوله: اذ لا منظور ظرف زمان کما في قوله: (فقد نصره الله اذا اخرجه الذين کفروا) و في قوله: اذ لا سکن کذلک عل مانبه عليه الشارح المعتزلي، و لکن الاظهر کونها تعليليه علي حد قوله: (لن ينفعکم اليوم اذ ظلمتم) لاحتياج جعلها ظرفا الي تکلف کما لا يخفي و لا يستوحش لفقده جمله استينافيه کما ذکره القطب الراوندي، و ايراد الشارح المعتزلي عليه بانه کيف يکون مستانفا و الها في فقده ترجع الي المذکور فاسد جدا. اما اولا فلان وجود الضمير لا ينافي الا

ستيناف کما لا ينافيه وجود الواو، و هذا بعينه مثل قوله تعالي: (ثم يعيده) بعد قوله: (او لم ينظروا کيف يبد الله الخلق) فانهم ذکروا انه جمله مستانفه نظرا الي ان اعاده الخلق لم يقع بعد فيقر روا برويتها و اما ثانيا فلانه لو لم يکن کلاما مستانفا لا بد و ان يجعل معطوفا اما علي جمله الصفه اعني قوله: يستانس او علي الموصوف مع صفته و کلاهما غير ممکن کما هو واضح فقد تحقق کون الجمله استينافيه اللهم الا ان يقال انه عطف علي جمله الصفه، و لا زايده، کما في قوله تعالي: (ما معک ان لا تسجد) و احتمل العلامه المجلسي کونها حالا و الاول اظهر. المعني: قد عرفت معاني کلمه کان و الانسب بل المتعين في المقام هو ان يجعل المبد في قوله: (کائن) هو التامه و لکن لما کان المفهوم منه حسبما عرفت، الوجود المقارن للزمان الذي قد انقضي و کن ذاته صبحانه منزهه عن الزمان استحال ان يقصد وصفه بالکون الدال علي الزمان المستلزم للتجدد و الحدثان و اذا استحال ذلک لم يکن له دلاله الا علي الوجود المجرد عن القيدين فلذلک قيده (ع) بقوله: (لا عن حدث) تنبيها علي ان وجوده سبحانه ليس وجودا حدوثيا، و انه صبحانه کائن بلا کينونيه و قوله: (موجود لا عن عدم) اشاره الي ان وجود

ه سبحانه ليس علي حد وجودات ساير الاشياء ناشيا من العدم و مسبوقا به و الفرق بين الفقرتين بعد اتحادهما في الدلاله علي نفي الوجود التجددي هو ان الاولي نافيه للحدوث الزماني و الثانيه نافيه للحدوث الذاتي و هي ابلغ في الدلاله عل وجوب الوجود من الاولي کما لا يخفي و مساقهما مساق قوله (ع) في الخطبه الماه و الخامسه و الثمانين: سبق الاوقات کونه و العدم وجوده، فليلاحظ ثمه (مع کل شي‏ء لا بمقارنه) هذه الفقره کسابقتيها و تاليتها مرکبه من قضيتين، احدا هما ايجابيه و الاخري سلبيه. اما الاولي فهي ان الله سبحانه مع کل شي‏ء، عالم بهم شاهد عليهم مصاحب معهم، غير غايب عنهم کما قال: و اما الثانيه فهي ما اشار اليه بقوله: لا بمقارنه، تنبيها علي ان معينه سبحانه للاشياء ليست بعنوان التقارن المتبادر الي الاذهان القاصره و الاوهام الناقصه کما توهمه کثير من الناس حيث انهم لم يعرفوا من المعيه و الحضور الامعيه حال بمحل او محل بحال او حضور جسم عند جسم او حضور جسم في مکان و لذلک استبعدوا کونه مع کل شي‏ء و حضوره في کلمکان زعما منهم ان کونه مع شي او في مکان مستلزم لکونه فاقدا لمعيه ساير الاشيائء و خلو ساير الامنکه عنه و لم يدورا ان ما توهموه انما

هو من لوازم دميه الاجسام مع امثالها و خصايص حضور الجسمانيات عند اشباهها و اما الله العظيم القيوم ذوالقوه الشديده الغير المتناهيه فنسبه جميع الامکنه و المکانيات و اضعاف اضعافها الي ذاته کنسبه القطره الي بحر لا يتناهي و کذلک نسبه جميع الازمنه الي تسرمد بقائه کنسبه الان الواحد الي زمان لا ينقطع فلا يشغله شان عن شن و لا عالم عن عالم. و برهان ذلک انه سبحانه فاعل الخلق و مبدئهم و موجدهم و غايتهم و تمامهم فيکف يکون غائبا عنهم و الشي‏ء مع نفسه بالامکان بين ان يکون و بين ان لا يکون و مع موجده بالوجوب و الضروره فکيف يصح الشي‏ء ان ينفک و يغيب عنه موجده و خالقه الذي هو به موجود و لا ينفک و لا يغيب عنه نفسه التي هو بها هو فقط فبهذا البرهان ظهر انه سبحانه مع خلقه شاهد عليهم اقرب اليهم من ذواتهم کما قال: (و نحن اقرب اليه من حبل الوريد) الذي هو جز من البدن فاذا کان کذلک فيري اشخاصهم و يسمع کلامهم و يعلم اسرارهم. کما نبه عليه الامام (ع) في جواب ابن ابي‏العوجاء علي مارواه في الکافي باسناده عن عيسي بن يونس قال: قال ابن ابي‏الموجا لا بيعبدالله (ع) في بعض ما کان يحاوره: ذکرت الله فاحلت علي غائب فال ابوعبدالله (ع): ويلک کيف يکون

غائبا من هو مع خلقه شاهد و اليهم اقرب من حبل الوريد يسمع کلامهم و يري اشخاصهم و يعلم اسرارهم فقال ابن ابي‏الموجاء: اهو في کل مکان؟ اليس اذا کان في السماء کيف يکون في الارض؟ و اذا کان في الارض کيف يکون في السمائ؟ فقال ابوعبدالله (ع) انما وصفت المخلوق الذي اذا انتقل عن مکان اشتغل به مکان و خلا منه مکان فلا يدري في المکان الذي صار اليه ما حدث في المکان اذ يکان فيه فاما الله العظيم الشان الملک الديان فلا يخلوا منه مکان و لا يشتغل به مکان و لا يکون الي مکان اقرب منه الي مکان. و رواه الصدوق ايضا في الفقيه في باب الحج (و غير کل شي‏ء لا بمزايله) يعني انه سبحانه مغير لجميع الاشياء مغايره ذاتيه منحيث عدم النسبه بين الرب و المربوب و الصانع و المنصنع و الحاد و و المحدود اذ ذاته لا تماثل به ذات شي‏ء من الموجودات و صفاته لا تشابه صفات شي‏ء من الممکنات و من ذلک تحقق ان غيريته ليست علي جهه المزايه کالمتغايرين من الاجسمام علي وجه التعاندا و التضاد اللذين وجود احدهما في محل او مکان مستلزم لزوال الاخر عنه لانه سبحانه لا يضاده شي‏ء و لا يمانده شي‏ء کيف؟ و هو خالق الاضداد فلو کان معاندا لشي‏ء او مضادا له للزم احتياجه الي المحل او

المکان المنافي لوجوب الوجود فظهر ان تغيره سبحانه للاشياء و تميزه عنها انما هو بنفس ذاته المقدسه التي في غايه الکمال و التمام و کون ماسواه في هنايه الافتقار و النقصان و ياتي مزيد تحقيق لذلک ان شاءالله تعالي في شرح الکلام الثامن و الماتين (فاعل) للاشياء و صانع لهم بنفس قدرته الکامله و ارادته التامه الجامعه (لا) فاعل (بمعني الحرکات و الاله) لانه لا يحتاج في خلقه و فعله الي حرکه ذهنيه او بدنيه کما يفتقر غيره الهيا في افعاله و صنايعه، لان الحرکه من عوارض الجسم و الجسمانيات و الله سبحانه منزه عنذلک کما انه غير محتاج الي آله. اما اجمالا فلان افتقاره الي الاله من صفات الممکن و اما تفصيلا، فلانه لو صدر عنه شي‏ء من الاثار باله فاما ان تکون تلک الاله من فعله ام لا. و علي الاول فهي اما بتوسط آله اخري او بدونها فان کانت بدونها فقد صدق انه فاعل بلذات لا باله و ان کانت بتوسط آله اخري فالکلام فيها کالکلام في الاولي و يلزم التسلسل. و عل الثاني يلزم ان يکون الباري جل شانه مفتقرا في تحقق فاعليته و قدرته الي و الغير و المفتقر الي الغير ممکن بالذات هذا خلف (بصير اذ لا منظور اليه من خلقه) يعني انه سبحانه کان بصيرا في الازل و لا م

يسر کما انه ان سميعا و لا مسموع. و اختلف العلماء في ان السمع و البصر هل هو عين العلم بالمسموعات و المبصرات او صفه اخري فذهب المحققون علي ما عزي الهيم الي الاول و ذهب طائفه الي الثاني استدلال في اثباتهما بعد اثبات العلم بجميع المعلومات. و يضعف بان ذکر الخاص مع العام شايع و تلکف الاستدلال في اثباتهما تنبيها علي تحقق هذا العلم المخصوص له سبحانه اني العلم بالمسموع و المبصر من حيث انه مسموع و مبصر حتي انهما حاضران عنده علي هذه الحيثيه المشاهده الذاتيه بلا آله کما انهما حاضران عندک بالمشاهده العينيه و توسط الاله فاثبات السمع و البصر من حيث انهما عل داخل تحت اثبات العلم مطلقا و من حيص الخصوصيه المذکوره محتاج الي دليل مستقل. و مما ذکرنا ظهر ما في کلام بعض الاعلام حيث اورد بقوله: فان قلت: لم يکن شي‏ء من المبصرات و المسموعات في الازل فلم يکن الله سميما و بصيرا في الازل اذ لا يعقل سماع المسموعات الحادثه و ابصار المبصرات الحادثه في الازل و اجاب بقوله: قلنا: انه سميع و بصير في الازل بمعني انه کان علي وجه اذا وجد المسموع و المبصر لادرکها عند وجودهما انتهي کلامه. و تضيح ما اجاب به ما حکاه الشارح المعتزلي عن ابي‏هاشم و اصحا

به؟ حيث قال: انهم يطلقون عليه فيالازل انه سميع بصير و ليس هناک مسموع و لامبصر و معن ذلک کونه بحال يصح منه ادراک المسموعات و المبصرات اذا وجدت و ذلک يرجع الي کونه حيا لا افه به و لا يطلقون عليه انه سامع مبصر في الازل لان السامع هو المدرک بالفع لا بالقوه و کذلک المبصر. و انت بعد الخبره بسا ذکرناه تعرف فساد جميع ما ذکروا من السوال الجواب و ما حکيناه عن ابي‏هاشم و اصحابه. اما السوال فلان اسمع و البصر حسبما عرفت عباره عن العلم و العلم بالشي‏ء غير متوقف علي وجوده و قد يتحقق ذلک في افراد البشر فکيف الباري الذي لا يخف عليه شي‏ء و اما الجواب فلان فيه اعترافا بورود السوال و انه تعالي لا يدرک المسموع و المبصر قبل وجودهما اشعارا بان فيه جل شانه استعدادا لحصول العلم و الادراک کما ينبه عليه حکيناه عن ابني هاشم من انا لقول ذلک ضروري البطلان حيث ان الصفات الدنيه المکماليه کلها فعليه في حقه سبحانه و ليست شانيه کما برهن في محله. فقد تحقق مما ذکر ناکله انه سبحانه مرک للمسموات و المبصرات في الازل کادرا که لها في البد من غي تفات بينهما اصلا. و يشهد به ما رواه في الکافي السناده عن ابي‏بصير قال: سمعت اباعبدالله (ع) يقول: لم يزل الل

ه عز و جل ربنا و العلم ذاته و لا معلوم و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر و القدره ذاته و لا مقدور فلما احدث الاشيائء و کان المعلوم وقع العلم منه علي المعلوم، و السمع علي المسموع، و البصر عل المبصر، و القدره عل المقدر الحديث و سياتي مزيد تحقيق لهذا الحديث في الفصل الاتي عند شرح قوله ع: عالما بها قبل ابتدائها فانتظر (متوحد) في ملکه و ملکوته و سلطانه (اذ لا سکن) له اي لا يمکن ان يکون له سکن (يستانس به ولا) انيس (يستوحش لفقده) بل توحد بالتحميد، و تمجد بالتمجيد، و علا عن اتخاذ الابناء و تطهر و تقدس عن ملامسه التساء عز و جل عن مجاوره الشرکا و انما امتنه في حقه السکن و الانيس و الاستيناس و الاستيحاش اما اجمالا فلان الانس و الوحشه من توابع المزاح و لو احمق الحيوان، الذي ياخذ لنفسه من جنسه او من غير جنسه انيسا يستانس بصحبته، و يستوحش بفقدانه و الله سبحانه منزه عن ذلک. و اما تفصلا فلانه سبحانه جامع الکملات و الخيرات بالفقد شي‏ء عنه لانه کل وجود و منشا خ ل و مبدء کل موجود فلذلک علا عن اتخاذ الابنا و تقدس عن مباشره النساء و جل عن اخذ الشرکا لان الحاجه الي الاولاد و النساء و الشرکا و امثالها سببها قصور الوجو

د، و قله الابتهاج بمجرد الذات، و کثره التوحش عن النفراد بالوجود المشوب بالاعدام و النقايص، فيجبر القصور، و يزول التوحش بوجود الامثال و الاشباه، استيناسا بها و تخلصا عن وحشه الفراق بسببها و اما الذات الالهيه الجامعه لجميع الخيرات و السعادات و الابتهاجات فکل الموجودات به مبتهجه مسروره لايه مفتقره و منه مستفيضه بل هو في الحقيقه انس کل مستوحش غريب و به سرور کل محزون کئيب. و بعباره اخري اوضح و الطف ان الاستيحاش و التوحش الحاصل للانسان و نحوه عن و التفرد عن الامثال و الشباه لنقص جوهره و قصور وجوده من الکمال و خلو ذاته عن الفضيله التامه و استصحابه للاعدام و الظلات، فيستوحش من ذاته الخاليه عن نور الفضيله و الکمال و يستانس بغيره من الاشباه و الامثال و اما الباري سبحنه فالاشياء الصادره عنه وجوداتها رشحات لبحر وجوده و لمعت لشمس حقيقته و البحر لا يستزيد بالرشحه و النداوه، و الشمس لا تستنير بلمعاتها و ذراتها، فکيف يستانس ذاته المقدسه بما يفيض عنها. هذا کله مضافاالي ان حصول الاستيناس و زوال الاستيحاش انما يکون بوجود الاشباه و هو تعالي لا يشبه شيئا مذکورا سواء کان موجودا في العين ام لا، فان المذکور قد لا يکون موجودا و هم ا

عم من الموجود و نفي الاعم يسلتزم نفي الاخص کما هو ظاهر. الترجمه: يعني ثابت است نه از روي حدوث و تجدد و موجود است نه از کتمان عدم، با همه چيز است نه بعنوان مقارنه، و غير هر چيز است نه بعنوان مفارقت و لنعم ما قيل: اي با همه در کمال نزديکي دور حسنت بنقاب لن ترني مستور نور تو چو آفتاب خاکم بدهن در پرده اختفاست از فرط ظهور و فاعلست نه به معني حرکات و توسط آلات، بيناست در وقتي که هيچ منظور اليه نبوده او را از مخلوقات متفرد و يکانه است بجهه فقدان آن مستوحش شده باشد. آن انس بگيرد و موسي نيست او را که بجهه فقدان آن مستوحش شده باشد. مبرا ذات پاکش از انيسي معرا و منزه از جليسي

[صفحه 351]

اللغه: (الانشاء و الابتدآء) له بمعني واحد قال سبحانه: (هو الذي انشاکم) اي ابتدئکم، و خلقکم و کل من ابتده شيئا فقد انشاه، قال الفيومي: نشاالشي‏ء نشاء مهموز من باب نفع: حدث و تجدد و انشانه احدثته هذا. و قد يفرق بينهما حيث اجتعا صونا للکلام عن التکرار تاره بان الانشاء هو الايجاد لاعن ماده، و الابتداء هو الايجاد لالعله ففي الاول اشاره الي نفي العله الماديه، و في الثاني اشاره الي نفي العله الغائيه في فعله سبحانه و اخري بان الانشاء و الايجاد الذي لم يسبق غير الموجد الي ايجاد مثله و الابتداء هو الايجاد الذي لم يوجد الموجد قبله مثله و ثالثه بان الانشاء هو الايجاد من غير مثال سابق و الابتدا هو الايجاد من غير صور الهاميه فائضه علي الموجد (و الرويه) الفکر و التدبر، قال قي المصباح: و هي کلمه جرت علي السنتهم بغير همز تخفيفا، و هي من روات في الامر بالهمز اذا نظرت فيه (و الاجاله) من الجولان يقال: اجاله و اجال به اذا اداره، کما يقال: جال يجول جولا و جولانا اذا ذهب و جاء و منه الجولان في الحرب و في بعض النسخ احالها بالمهمله، و هو من الاحاله بمعني النقل و الصرف (و التجربه) علي وزن التکمله و التبصره بمني الاختبار

يقال جر به تجريبا و تجربه اي اختبره مره بعد اخري (و الحرکه) محرکه اسم من التحريک بمعني الانتقال، و هو خلاف السکون و هي عندالمتکلمين حصول الجسم في مکان بعد حصوله في مکان اخري يعني انها عباره عن مجموع الحصولين و عند الحکما هي الخروج من القوه الي الفعل علي سبيل التدريج (و الهمامه) بهذه الهيئه لم اجدها في کتب اللغه الا المجمع قال: و الهمامه التردد و الموجود في کتب اللغه همام قال في الاوقيانوس: لاهمام بحرف النفي عل وزن قطام اسم فعل بمعني لا اهم يقال لاهمام اي لا اهم و لا افعله. قال بعض شراح الکافي عند شرح قول الامام (ع): مريد لا بهمامه: اي مريد للشياء لا بهمام النفس و هي اهتمامها باالامور و ترديد عزمها مع الهم و الغم بسبب فوتها ماخوذ من الهمهمه و هي ترديد الصوت الخفي و هو سبحانه منزه عنها. و بنحوه فسره الشارح البحراني في شرح الخطبه هذه و قريب منه عباره الراوندي علي ما حکي عنه قال: يقال: ما له في الامر همه و لا همامه اي لا يهتم به و الهمامه التردد کالعزم انتهي. وقال الشارح المعتزلي: قوله (ع): و لا همامه نفس اه فيه رد علي المجوس و الثنويه القائلين بالهمامه و لهم فيا خبط طويل يذکره اصحاب المقالات و قال ايضا: و لهم ف

ي الهمامه کلام مشهور و هي لفظه اصطلحوا عيها، و اللغه الحربيه ما عرفنا فيها استعمال الهمامه بمعني الهمه الي ان قال: و لکنها لفظه اصطلحيه مشهوره عند اهلها انتهي. (و اجال) ان کان بالجيم المعجمه فمن الجولان و ان کان بالحاء کما في بعض السنخ فمن الاحاله بمعني التحويل و الصرف او بمعني الايثاب، يقال: حال في ظهر دابته اذا وثب و استوي و احاله غيره او ثبه. قال الشارح المعتزل کانه سبحانه لما اقر الاشيائء في احيانها و اوقاتها صار کمن احال غيره علي فرسه هذا و لا يخلو ارادته عن بعد فافهم. و في بعض النسخ اجل بالجيم اي وقت، و في بعضها احل بالحاء من الحلول يقال: احله المکان و بالمکان اذا جعله يحل به (ولائم) ملائمه اذا اصلح (و الغريزه) الطبيعه المجبوله يقال: هو حسن الغريزه اي الطبيعه (و الاشباح) جمع الشبح بمعني الشخص (و الاحاطه) بالشي‏ء الاستداره به من جوانبه، يقال: احاط القوم بالبلد اذا احد قوابه و استداروا بجوانيه، ثم استعمل تاره في شمول الحفظ، و تاره في شمول العلم، و تاره في استيلاء القدره و شمولها (والقرائن) جمع القرينه و المراد بهاهنا النفس الناطقه کالقرونه. قال في الاوقيانوس يقال: اسمحت قرينته و قرونه و قرونته اي ذلت نفس

ه و منه يعلم ما في کلام الشارح المعزتلي حيث جعلها جمع قرونه من الضعف و الفساد (و الاحناء) جمع حنو بمعني الجانب کما في لمجمع و في الاوقيانوس انه يقال: علي العضو المعوج کالحاجب و نحوه و علي کل شي‏ء معوج من الشجر و غيره و لم يذکر مجيئه بمعني الجانب، و ارداده کل من المعنيين صحيحه في المقام و لاباس بهما. الاعراب: کلمه لا في قوله (ع) بلارويه نافيه معترضه بين الخافض و المخوض علي حد قولهم جئت بلازاد و غضب من لاشي‏ء و اختلف علا الادبيه في انها هل هي اسم او حرف. فذهب الکوفيون الي انها اسم و الجار داخل عليها نفسها و جرما بعدها بها نفسها لکونها بمعني غير. و غير هم الي انها حرف، و يسمونها زائده و الظاهر انهم ارادوا بالزياده الزياه من حيث اللفظ من اجل اعتراضها بين شيئين متطالبين و الا فلا يصح المعني باسقاطها لان حذف لا في الامثله المذکوره يوجب فوات المعني المقصود من الکلام اعني النفي و ذلک مثل تسميتهم لا المقترنه بالعاطف في نحو ما قلت: ما ائني زيد و عمر و احتلم نفي اجتماعهما في العجي کما احتمل نفي مجي کل منهما علي کل حال و اذا قلت: ما جائني زيد و لا عمرو، کان نصا و مما ذکرنا ظهرحکم لا في الجملات المتعاطفه: من قوله ع: و لا

تجربه استفادها، و لا حرکه احدثها اه، و اللام في قوله (ع) لاوقاتها علي روايه اجال بالجيم بمعني الي، کما في قوله تعالي: (اوحي لها) و کذلک علي روايته بالحاء و جمله بمعني التحويل و الصرف و علي جمله بمعفي الايثاب فبمعني عليکما في قله تعالي: (و تله للجبين) اي عليه و اما علي روايه اجل بالجيم فللتعليل، و بالحاء فبمعني في، علي حد قوله سبانه: (و نضع الموازين القسط ليوم القيمه) و الضميران في قوله (ع) و الزمها اشباحها راجعان الي الغراير و يحتمل رجوعهما الي الاشيائء و انتصاب عالما، محيطا و عارفا، علي الحاليه من الفاعل، و العامل فيها: الزم اعمالا للاقرب علي ما هو مذهب البصريين. المعني: اعلم انه (ع) لما ذکر في الفص السابق جمله من نموت الجلال و الجمال عقبه بهذا الفصل و نبه فيه علي کيفيه خلقه تعالي لالشاء و علي جمله من صفات فعله و کماله فقال: (انشا الخلق انشاء) اي خلقهم خلقا من غير ماده او من غير سبق موجد غيره سبحانه الي ايجاد مثله او بلا مثال سابق (و ابتدئهم ابتداء) اي اوجدهم ايجاد الالعله غائيه، کالاستيناس بهم و الوحشده لفقدهم او من غير ان يوجد سبحانه مثلهم او من دون افضه صوره الهاميه عليه سبحانه. ففي هاتين الفقرتني اشاره

الي نفي المشابهه بين صنعه سبحانه و صنع البشر و ذلک لان الصنايع البشريه انما تحصل بعد ان ترسم في الخيال صوره المصنوع و تلک الصوره تاره تحصل عن مثال خارجي يشاهده الصانع و يحذو حذوه، و اخري تحصل بمحض الالهام و الاختراع فانه کثيرا ما يفاض علياذهان الا ذکياء صور الاشکال لم يسبقهم الي تصورها غير هم فيتصورونها و يبرزونها في الخارج، و کيفيه صنعه تعالي للعالم منزهه عن الوقوع باحد الوجهين. اما الاول فلانه سبحان قبل القبل بالا قبل، و کان و لم يکن معه شي‏ء، فلا يکون مصنوعته مسبوقه بامثله من صانع آخر عمل هو تعالي بمثل صنع ذلک الصانع. و اما الثاني فلان الفاعل علي وفق ما الهم به و ان کان مبتدها في العرف و مخترعا عندهم لکنه مفتقر الي الملهم و المفيض و الافتقار محال عليه سبحانه بل هو غني في فعله و صنعه عن غيره کما انه مقدس عن مشابهه خلقه في ايجاده و خلقه حيث انه خلقهم (بلا رويه اجالها) و لا فکر اداره او صرف الهيم (و لا تجربه) معينه له علي خلق هذه الاجسام (استفادها) اي اکتسبها لنفسه من قبل، بمعني ان يکون خالقا من قبل اجساما مجربا له مره بعد اخري فحصلت له تلک التجربه و ياتي ان شاء الله تحقيق هاتين الفقرتين في شرح الفصل الثالث

من خطبه الاشباح (و لا حرکه احدثها) کما انا نحتاج في افعالنا الاختياريه بعد التصور و الشوق و الاراده الي احداث حرکه في العضلات ليقع الفعل في الخارج هو سبحانه تعالي شانه عن ذلک لکون الحرکه من خواص الجسم و هو تعالي منزه عن الجسميه و لو احقها (و الا همامه نفس اضطرب فيها) اي تردد نفس موجب لاضطراب له تعالي کالتردد و الاضطراب الحاصلين لنا عند اقدامنا علي فعل من افعالنا. و اما عليما ذهب اليه الشارح المعتزلي من کون الهمامه من الاصطلاحات المخصوصه للمجوس و الثنويه ففهم معناها موقوف علي نقل ما حکاه عنهم. قال: حکي زرقان في کتاب المقالات و ابوعيسي الوراق و الحسن بن موسي و ذکره شيخنا ابوالقاسم البخلي في کتابه المقالات ايضا عن الثنويه: ان النور الاعظم اضطربت عزائمه و ارادته في غز و الظلمه و الاغاره عليها فخرجت من ارادته قطعه و هي الهمامه المضطربه في نفسه فخالطت الظلمه غازيه لها، فاقتطعتها الظلمه من النور الاعظم و حالت بينها و بينه، و خرجت همامه الظلمه غازيه للنور الاعظم فاقتطعها النور الاعظم عن الظلمه، و مزجها باجزائه و امتزجت همامه النور باجزاء الظلمه ايضا ثم ما زالت الهمامتان تنقاربان و تتدانيان و هما ممتزجتان باجزاء هذا

و هذا حتي ابتني منهما هذا العالم المحسوس انتهي. اقول: الثويه اثبتوا اصلين قديمين مدبرين يقسمان الخير و الشر و النفع و الضر، و الصلاح و الفساد يسمون احدهما النور و الثاني الظلمه و بالفارسيه يزدان و اهرمن و لهم تفصيل مذهب موکول الي محله و المجوس قسم نهم الا انهم قالوا بحدوث الظلمه و لهم قاعدتان عمدتان. احداهما بيان سبب امتزاج النور بالظلمه و ذکروا في ذلک وجوها کثيره يطول الکلام بذکرها و لاباس بالاشاره الي واحد منها و هو ان يزدان فکر في انفسه انه لو کان لي منازع کيف يکون و هذه الفکره کانت رديه غير مناسبه بطبيعه النور فحدثت الظلمه من هذه الفکره و سمي اهرمن و کان مطبوعا علي الشر و الضرر و الفساد. و القاعده الثانيه في سبب خلاص النور من الظلمه و لهم فيها ايضا وجوه کثيره منها انه وقعت المحاربه بين عسکر النور و عسکر الظلمه مده کثيره من الوف سنه ثم يظفر عاقبه الامر يزدان و جنوده و عند الظفر و الهاک جنود اهرمن اجمعين يکون القيامه فيرتفع هولاء اليعالم النور و السماء ينحط هولاء الي دار الظلمه و الجحيم و منها ان الملائکه توسطوا بعد المحاربه الي ان العالم السفلي لجنود اهرمن و العالم العلوي خالصا لجنو يزدان الي غير ذلک من ال

اباطيل و الخرفات التي ذکروها في سبب الامتزاج و الخلاص خذ لهم الله اجمعين و لعنهم الي يوم الدين. (اجال الاشياء لاوقاتها) اي اداره و نقلها اليها علي وفق ما اقتضاه القضا اللازم و القدر الحتم. هذا علي روايه اجال بالجيم او بالحاء و جعله من الاحاله بمعني التحويل و النقل، و علي المعني الاخر فالمعني انه اوثب الاشيائء و سواه علي اوقاتها بحسب ما تقتضيه الحکمه و المصلحه. و اما علي روايه اجل بالجيم فالمعني انه وقتها لا وقتها لا تتقدم عليها و لا تتاخر عنها قال سبحانه: (اذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون) و علي روايته بالحاء فمعناه انه احلها في اوقاتها علي اي تقدير کان فالمقوصود انه سبحانه جعل لک شي وقتا معينا و زمانا مخصوصا بحسب اقتضاء النظام الاکمل و النظم الاصلح لا يتقدم عليه و لا يتاخر عنه (و لا ثم بين مختلفاتها) کما اصلح بين العقل الذي هو من عالم الامر و الغيب و بين البدن الذي هو من عالم الخلق و الشهاده مع عدم احتياجه في نفسه و فعله اليه اصلا و کتوفيقه بين العناصر مع اختلافها و تباينا و کجمعه بين النار و اثلج في بعض الملاکه مع التضاد بينهما و تعاندهما (و غر زغرايزها) اي جعل غرائز الاشيائء غريزه لها، کما يقا

ل سبحان من ضوء الاضواء و المقصود به ان طبيعه کل من الاشيائء مجبوله عليه مطبوعه فيه کالفطانه للانسان و البلاد للحمار مثلا (و الزمها اشباحه) اي جعل غريزه کل شي‏ء و سجيته لازمه علي شبحه، به شخصه، غير منفک عنه کالشجاعه لبعض الاشخاص الجبن لاخر و السخاء لشخص و البخل لغيره و کالحراره للعسل، و البروده للکافور، الي غير ذلک من الطبايع الازمه علي الاشخاص الغير المنفکه عنها فان الشجاع لا يکون جبانا، و لا الجبان شجاعا و لا البخيل سخيا، و لا بالعکس. هذا کله علي تقدير رجوع الضميرين الي غرائزها و اما عل تقدير رجوعهما الي الاشيائء کما يقتضيه سياق سوابقهما فالمعني انه تعالي الزم الاشيائء علي الاشخاص يعني ان الاشيائء بعد ما کان في علمه و قضائه سبحانه علي نحو العموم و الکليه جعلها لازمه علي التشخصات الجزئيه و اوجدها في العين في ضمن تلک التشخصات ضروره ان مالم يتشخص لم يوجد و اليه اشير في قوله عز و جل. (و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم) هذا و في بعض النسخ اشباحها اصولها (عالماها قبل ابتدائها) کما انه عالم بها بعد الابتداء و الايجاد من غير تفاوت بين الحالتين (محيطا بحدودها و انتهائها) اي باطرافها و نهاياتها.

قال سبحانه في حم المسجده: (الا انه بکل شي‏ء محيط) و فسره بعضهم بشمول الحفظ قال الراغب اي حافظ له من جمعي جهاته و بعضهم بشمول العلم. فقل: اي عالم به ظاهرا و باطنا جمله و تفصيلا و قيل بلا المراد به احاته علما و قدره معا. و اما قوله تعالي: (احاط بکل شي‏ء علما) فالتميز بالعلم معين قيل: و الاحاطه بالشي‏ء علما هو ان يعلم وجوده و جنسه و قدره و کيفيته غرضه المقصود به و بايجاده و ما يکون هو منه و ليس ذلک الا الله (عارفا بقرائنها و احنائها) اي نفوسها و جوانبها او نفوسها و اعضائها و المعرفه هنا مجاز عن العالم لما قد مر فيما سبق من الفرق بينهما و انه لا يجوز اطلاقها فيالله سبحانه فاذا وقع في کلام الامام (ع) لابد من ان يراد بها معناها المجازي فيکون عارفا بمني عالما و علاقه التجوز واضحه. تبيه و تحقيق: و هو ان قوله: عالما بها قبل ابتدائها يفيد علمه بجميع الاشيائء کلياتها و جزئياتها و فيه رد علي من نفاه راسا فضل ضلالا بعيدا، و علي من نفي علمه بالجزئيات و خسر خسرانا مبينا و يفيد ايضا علمه بالموجودات قبل ايجادها و تکوينها، و الشاهد علي ذلک مضافا الي کلامه (ع) الايات و الاخبار المتواتره و البراهين العقليه. و توضيح المقام و تفصي

له يتم برسم امور. الاول: في بيان الادله النقليه فمن الکتاب آيات کثيره لا تحصي و لنکتف منها بثلاث آيات قال سبحانه في سوره البقره: (و هو بکل شي‏ء عليم) و في سوره النساء: (ان الله کان عليما حکيما) و فيها ايضا (و کان الله عليما حکيما) و من السنه اخبار کثيره بالغه حد التواتر. فمنها ما في التوحيد باسناده عن محمد بن مسلم عن ابي‏جعفر (ع) قال: سمعته يقول: کان الله و لا شي‏ء غيره و لم يزل عالما بما کونه، فعلمه به قبل کونه کعلمه به بعد ما کونه. و منها ما رواه فيه ايضا عن ايوب بن نوح انه کتب اليابي الحسن (ع) يساله عن الله اکان يعلم الاشيائء قبل ان خلق الاشيائء و کونها او لم يعلم ذلک حتي خلقها واراد خلقها و تکوينها فلعلم ما خلق عند ما خلق و ما کون عند ما کون؟ فوقع (ع) بخطه لم يزل الله عالما بالاشيائء قبل ان يخلق الاشيائء کعلمه بالاشيائء بعد ما خلق الاشيائء. و منها ما رواه ايضا عن منصور بن حازم عن ابي‏عبدالله (ع) قال. قلت له: ارايت ما کان و ما هو کائن الي يوم القيامه اليس کان فيعلم الله قال: فقال: بلي قبل ان يخلق السماوات و الارض. و منها ما رواه عن منصور ايضا قال سالته: يعني اباعبدالله (ع) هل يکون اليوم شي‏ء لم يکن فيعلم

الله عز و جل؟ قال (ع) لابل کان في علمه قبلل ان ينشي السماوات و الارض. و منها ما رواه عن حماد بن عيسي قال سالت اباعبدالله (ع) فقلت: لم يزل الله يعلم؟ قال: اني يکون يعلم و لا معلوم؟ قال قلت: فلم يزل يسمع؟ قال: اني يکون ذلک و لا مسموع؟ قال قلت: فلم يزل يبصر؟ قال: اني يکون ذلک و لا مبصر؟ قال ثم قال: لم يزل الله علميا سمعيا بصيرا ذات علامه سمعيه بصيره. اقول: لعل ردعه (ع) للراوي من جهه انه علم من حاله انه اعقتدان علمه و سمعه و بصره سبحانه مثل العلم و السمع و البصر الموجود في غيره سبحانه، بان تکون اوصافا زايده علي الذات و مستلزمه للمتعلقات من حيث کونها امورا نسبيه غير قائمه الا بمتعلقاتها ويشهد بذلک آخر الروايه و ورايه الحسين بن خالد الاتيه و غيرها. و منها ما رواه عن الحسين بن بشار عن ابي‏الحسن علي بن موسي‏الرضا عليهما السلام قال: سالته ايعلم الله الشي‏ء الذي لم يکن ان لو کان کيف کان يکون اولا يعلم الا ما يکون؟ فقال ان الله تعالي هو العلام بالاشياء قبل کون الاشياء قال عز و جل: (انا کنا نستنسخ ما کنتم تعملون) و قال لاهل النار: (و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و انهم لکاذبون) فقد علم الله عز و جل بانهم لوردهم لعادو الم

انهوا عنه و قال اللملائکه لما قالت: فلم يزل الله عز و جل علمه سابقا للاشياء قديما قبل ان يخلقبها فتبارک ربنا و تعالي علوا کبيرا خلق الاشيائء و علمه سابق لها کما شا کذلک لم يزل ربنا عليما سميعا بصيرا. و منها و رواه ايضا عن عبدالله بن مسکان قال: سالت اباعبدالله (ع) عن الله تبارک و تعاليا کان يعلم المکان قبل ان يخلق المکانا و علمه عند ما خلقه و بعد ما خلقه؟ فقال تعالي الله بل لم يزل عالما بلامکان قبل تکوينه کعلمه به بعد کونه و کذلک علمه بجميع الاشيائء کعلمه بالمکان. و منها ما رواه عن الحسين بن خالد قال سمعت الرضا علي بن موسي (ع) يقول: لم يزل الله تبارک و تعالي عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا فقلت له يابن رسول‏الله: ان قوما يقولون: انه عز و جل لم يزل عالما بعلم و قادرا بقدره و حيا بحياه قديما بقدم و سميعا بسمع، و بصيرا، ببصر، فقال (ع): من قال ذک و دان به فقد اتخذ مع الله آلهه اخري و ليس من ولايتنا علي شي‏ء، ثم قال: لم يزل الله عز و جل عليما قادرا احيا قديما سميعا بصيرا لذاته تعالي عما يشرکون و يقولون المشبهون علوا کبيرا. و منها ما في الکافي عن اميرالمومنين (ع) في بعض خطبه قال: احاط بالاشياء علما قبل کونها فلم

يزدد کونها علما علمه بها قبل ان يکونها، کعلمه بها بعد نکوينها. و منها ما فيه ايضا ما في التوحيد عن ابي‏بصير قال: سمعت اباعبدلله (ع) يقول: لم يزل الله عز و جل ربنا العلم ذاته و لا معلوم و السمع ذاته و لا مسموع و البصر ذاته و لا مبصر و القدره ذاته و لا مقدورد لما احدث الاشياء و کان المعلوم وقع العلم منه علي المعلوم السمع علي لمسموع و البصر علي المبصر، و القدره علي المقدور قال: قلت: فلم يزل الله متکلما؟ قال ان الکلام صفه محدثه، و ليست بازليه کان الله و لا يتکلم الي غير ذلک من الاخبار الوارده في هذا الباب مما يقف عليها المتتبع المجد. بيان: قال الفاضل المازندارني في شرح الکافي في شرح الحديث الاخير: قوله (ع) وقع العلم منه علي المعلوم اه، يعني وقع العلم علي ما کان معلما في الزل، و انطبق عليه لا علي امر يغايره و لو في الجمله و المقصود ان علمه قبل الايجاد هو بعينه عله بعد الايجاد و المعلوم قبله هو المعلوم بعينه بعده من غير تفاوت و تغير في العلم اصلا و ليس هناک تفاوت الا تحقق المعلوم في وقت و عدم تحققه قبله و ليس المراد بوقوع العلم علي المعلوم تعلقه به تعلقا لم يکن قبل الايجاد لان علمه متعلق به قبل الايجاد و بعده و هذا

الذي ذکره (ع) هو المذهب الصحيح الذي ذهب اليه الفرقه النجايه الاماميه و اکثر المخالفين. قال قطب المحققين في دره التاج: ذهب جمهور مشايخ اهل السنه و المعتزله الي ان العلم بان الشي‏ء سيوجد نفس العلم بذلک الشي‏ء اذا وجد لان من علم علا قطعيا بان زيدا يدخل البلد غدا عند طلوع الشمس مثلا يعلم بذلک العلم بعينه عند طلوع الشمس انه دخل البلد و لو احتاج احدنا الي تعلق علم آخر به فانما احتاج اليه بطريان الغفله عن العلم الاول و الغفله علي الباري ممتنعه انتهي کلام الفاضل المذکور طاب ثراه. و اوضح منه اذکره المحدث العلامه المجلسي قده في مرئاه القول عند شرح الفقره المذکوره حيث قال: قوله: وقع العلم مه علي المعلوم اي وقع علي ما کان معلوما في الازل و انطبق عليه و تحقق مصداقه و ليس المقصود تعلقه به تعلقا لم يکن قبل الايجاد اذ المراد بوقوع العلم علي المعلوم: العلمبه عل انه حاضر موجود کان قد تعلق العلم به قبل ذلک علي وجه الغيبه و انه سيوجد و التغير يرجع الي المعلوم لا الي العلم. و تحقق المقام ان علمه تعالي بان شيئا وجد هو عين العلم الذي کان له تعالي بانه سيوجد فان العلم بالقضيه انما يتغير بتغيرها و هو بتغير موضوعها او محمولها و الملع

وم هيهنا هي القضيه القائله بان زيدا موجود في الوقت الفلاني و لا يخفي ان زيدا لا يتغير معناه بحوضوره و غيبته نعم يمکن ان يشار اليه اشاره خاصه بالموجود حين وجوده و لا يمنک في غيره و تفاوت الاشاره الي الموضوع لا يوثر في تفاوت اللعلم بالقضه و نفس تفاوت الاشاره راجع الي تغير المعلوم لا العلم. الثاني: انه قد تحقق من الاخبار السالفه علمه تعال بجميع الاشيائء کلياتها و جزئياتها و هذا ممنا اتلق عليه جمهور العقلا و اقام عليه المتکلمون و الحکماء البراهين الساطعه و اولادله القاطمعه کما انهم اقاموا الدليل علي علمه سبحانه بذاته و قد خالف في ذلک جماعه ممن لايمبا بخلافهم و لاباس بالشاره الي بعض البراهين العقليه التي اسسوها في المقام اقتفاء بالاعلام و توضيحا لکلام الامام (ع). فاقول: قال في التجريد و الاحکام و التجرد و استناد کل شي‏ء اليه دلايل العلم و الاخير عام انتهي. توضيح ان کونه سبحانه فاعلا للاشياء المحکمه و مجردا في ذاته عن الماده و کون جميع الاشياء مستندا اليذاته المقدسه ادله علي کون الباري سبحانه عالما الا ان الاول مفيد لعلمه بماسوا و الثاني لعلمه بذاته و الثالث لعلمه بذاته و بما سوا. اما الاول فتفصيله انه سبحانه فال

فعلا محکما متقنا و کل من کان کذلک فهو عالم اما الکبري فضروريه و ينبه عليه ان من راي خطوطا مليحه و الفاظا فصيحه مشتمله علينکات دقيقه و اسرار خفيه علم علما قاطعا بان موجدها عالم و اما الصغري فلما ثبت و تحقق من انه خالق للافلاک و العناصر و الاعراض و الجواهر و الانهار و الاشجارو الازهار و الاثمار و الحيوان و الانسان علي احسن نظام و اتقن انتظام بما لا يقدر علي ضبطه الدفاتر و الاقلام و تحير فيه العقول و الافهام، و کفي بذل شهيدا صنعه الانسان حيث و اما الدليل الثاني فتحقيقه يستدعي رسم مقدمات الاولي ان واجب الوجود مجرد غايه التجرد اذ المراد بغايه التجرد کون الشي‏ء قائما بذاته غير متعلق الهويه و الوجود بماده او موضوع و واجب الوجود کذلک الثانيه ان کلما هو قائم بذاته غير متعلق الهويه بشي‏ء آخر فهو موجود لذاته حاضر عند ذاته غير غائبه و لا منفکه ذاته عن ذاته الثالثه ان العلم هو حضور المعلوم بعينه او بصورته عند المجرد الموجود بالفعل القائم بذاته و انکشافه لديه و ثبوته بين يديه، و هذا ايضا ظاهر و اذا لا حظت هذاه المقدمات ظهر لک ان واجب الوجود لکونه مجردا غايه التجرد و لکونه قائما بذاته و موجودا لذاته و حاضرا عند ذاته، غير غ

ائب عن ذاته و منکشفا لذاته غير محجوب عنها فهو عالم لذاته بذاته لابامر آخر غير ذاته فذاته عقل و عاقل و معقول و الاختلاف اعتباري من جهه التعبير و اما الدليل الثالث فتقريره ان وجود جميع الموجودات مستند الي ذاته و هو ليس مستندا الي شي‏ء من الاشياء. فهو تعالي لکنه غير متعلق بشي‏ء من الاشياء موجود لذاته قائم من الاشياء فهو تعالي لکونه غير متعلق بشي‏ء من الاشياء موجود لذاته قائم بذاته و ذاته حاضره عند ذاته جميع الاشياء لکونه معلوله له تعالي موجوده له حاضره عنده غير غائبه لوجوب کون العله موجوده مع المعلول فان حصول المعلول للعله اشد من حصول الصوره لنا کما صرح به المحقق الطوسي في شرح الاشارات فقد تحقق بما ذکر نا علمه بذاته و بما سواه. و لننعم ما قال المحقق الشيرازي في الاسفار: کيف يسوغ عند ذي فطره عقليه ان يکون واهب کمال ما و مفيضه قاصرا عن ذلک الکمال فيکون المستوهب اشرف من الواهب و المستفيد اکرم من الفيد و حيث ثبت استناد جميع الممکنات الي ذاته تعالي التي هي وجوب صرف و فعليه محضه و من جمله ما يستند اليه هي الذوات الالمه والصور العلميه و المفيض لکل شي‏ء او في بکل کمال لئلا يقصر معطي الکمال عنه، فکان الواجب عالما، و علمه

غير زايد علي ذاته. الثالث: في کيفيه علمه سبحانه بالاشياء قبل تکوينها و ايجادها و هذا المقام مما زلت فيه اقدم العلما و تحيرت فيه افهام الحکما و لنهايته غموضه و صعبوته احتلفوا فيه علي اقوال شتي و غايه اشکاله و دقته تفرقوا فيه ايدي سبا و ايادي سبا. فمنهم من نفاه راسا کالاشراقيين تبعا لمعلمهم افلاطن علي ما حکي عنهم حيث ذهبوا الي ان علمه بالاشياء مع الاشياء و ان اضافه علمه هي بعينها اضافه فاعليته وان معلوميه الشي‏ء ليس الاحضور ذاته الموجوده عند العالم و قبل الوجود لا حضور فلا علم و منهم من ذهب الي اثباته و ان علمه بالاشياء متقدم عليها و هم المشاوون تبعا لمعلمهم ارسطا طاليس قالوا: ان عالميته بالاشياء بتفرر صورها العقليه و ارتسام رسومها الادراکيه في ذاته تعال و اعتذروا عن ذلک بان تلک الصوره و ان کانت اعراضا قائمه بذاته: الا انها ليست بصفاته و ذاته لا ينفعل عنها و لا يستکمل بها لانها بعد الذات و هي من قبيل اللوازم المتاخره و الاثرا، لامن قبيل الصفات و الاحوال و ايضا لا تخل کثرتها بوحده الذات لانها کثره علي ترتيب السبييه و المسبيه کترتيب الواحد و الاثنين و الثلاثه و ما بعدها، فلا تنثلم بها وحده الذات کما تنثلم وحده ا

لواحد بکونه مبداء للاعداد الغير المتناهيه اذا الترتيب يجمع الکثره في وحده. توضيحه ما ذکره الصدر الشيرازي في شرح الهدايه حيث قال: و العم ان المصنف اختار في علم الواجب بالاشياء الکليه و الجزئيه مذهب الحکما القائلين بارتسام صور الموجودات في ذاته تعالي کالکسيمائيس الملطي و ارسطا طاليس، هو الظاهر من کلام الشيخين ابي‏نصر و ابي‏علي و تلميذه بهمينار و بالجمله جمهورا تباع المعلم الاول من المشائين. و تقريره علي ما يستفاد من کتبهم هو ان الصوره القليه قد توخذ عن الصوره الموجوده کما يستفاد من السماء بالرصد و الحس صورتها المعقوله ذلک کصوره بيت ابدعها البنا اولا في ذهنه ثم تصير تلک الصوره العقوله عله محرکه لاعضائه الي ان يوجدها في الخارج فليست تلک الصوره وجدت فعقلت بل عقلت فوجدت. و لما کانت نسبه جميع الاشياء الممکنه الي الله تعالي نسب المصنوع الي النفس الصانعه لو کانت تامه الفاعليه فقياس عقل واجب الوجود للاشياء هو قياس افکار ناللعلوم التي نستبطها ثم نوجدها في الخارج من حيث ان المعقول منها سبب للموجود. و الفرق بين الامرين اننا لکوننا ناقصين في الفاعليه نحتاج في افاعيلنا الاختياريه الي انباعث شوق و استخدام قوه محرکه و استعما

ل آله تحريکيه من العضلات و الرباطات و غيرها ثم الي انقياد ماده لقبول تلک الصوره الاول تعالي لکونه تام الفاعليه لا يحتاج في فاليته ال امر خار عن ذاته بل انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له کن فيکون فانه يعقل ذاته و ما يوجب ذاته و يعلم من ذاته کيفيه الخيريه في الکل فيتبع صور الموجودات الخارجه الصور المعقوله عنده و علي حذائه فالعلام الکنائي بازاء العالم الربوبي، و العالم الربوبي عظيم جدا. و ايضا لو کان الباري يعقل الاشياء من الاشياء لکانت وجوداتها متقدمه علي عاقليته لها فلا يکون واجب الوجود و قد سبق انه واجب الوجود من جميع الوجوه و يکون في ذاته و قوامه ان يقبل ماهيات الاشياء و کان فيه عدمها باعتبار ذاته فيکون في ذاته و قوامه ان يقبل ماهيات الاشياء و کان فيه عدمها باعتبار ذاته فيکون في ذاته جهه امکانيه لکان لغيره مدخل في تتميم ذاته و هو محال فيجب ان يکون من ذاته ما هو الاکمل لامن غيره فقد بقي ان يکون علمه بالممکنات حاصلاله تعالي قبل وجودها لامن وجودها هذا حاصل کلام المشائين في علم الله بما سواه انتهي کلامه. اقول: هذا القول لما کن فاسدا جدا شنع عليه المتاخرون و منهم المحقق الطوسي في شرح الاشارات حيث قال في محکي کلا

مه: لا شک في ان القول بتقرير لوازم الاول في ذاته تعالي قول بکون الشي‏ء الواحد فاعلا و قابلا و قول بکون الاول موصوفا بصفات غير اضافيه و لا سببيه، و قول بکونه ملحا لمعلولاته الممکنه المتکثره تعالي عن ذلک علوا کبيرا اه. و قيل في المقام اقوال اخر يرتقي الي سته، و لکنها کلها غير خاليه عن الفساد و النقض و الايراد و من اراد الاطلاع عليها فليراجع الي کتاب المبده و المعاد و السفر الا لهي من الاسفار للصدر الشيرازي باضافه ما اختراه هناک اليها يرتقي الاقوال الي سبعه هذا. و الذي ينبغي ان يصار اليه هو ان يقال: لما ثبت کون الواجب عالما بذاته لزم کونه عالما بجميع الموجودات، فان ذاته عله موجبه لجميع ماعداه، و مبدء لفيضان کل ادارک حسيا کان او قليا، و منشا لکل ظهور ذهنيا کان او عينيا اما بدن واسطه او بواسطه هي منه و العلم التام بالعله الموجبه يستلزم العلم التام بمعلولها لان المعلول من لاوازم ذات العله التامه فيلزم من تعقلها بکنهه او بالوجه الذي ينشا منه المعلول: تعقله فلزم کونه عالما بجميع المعلومت و اما معرفه کنه هذا الحضور و العلم فلا سبيل لنا اليه کما لا سبيل لنا الي ادراک ذاته. و لنعم ما قال المدقق السابق في کتاب المبده حي

ث قال: و اما کيفيه علمه بالاشياء بحثي لا يلزم منه الاتحاد و لا کونه فالعا و قابلا و لا کثره في ذاته بوجه غير ذلک تعالي عنه علوا کبيرا فاعلم آنهامن اغمض المسائل الحکميه قل من يهتدي اليه سبيلا و لم يزل قدمه فيها، حتي الشيخ الرئيس ابي‏علي بن سينا مع براعته و ذکائه الذي لم يعدل به ذکاء، و الشيخ الا لهي صاحب الاشراق مع صفاء ذهنه و کثره ارتياضه بالحکمه، و مرتبه کشفه، و غير هما من الفايقين في العلم، و اذا کان هذا حال امثالهم فکيف من دونهم اسراء عالم الحواس، مع غش الطبيعه و مخالطته. و لعمري ان اصابه مثل هذا الامر الجليل علي الوجه الذي يوافق الاصول الحکميه و يطابق القواعد الدينيه متبرا عن المناقات و منزها عن المواخذات في اعلي طبقات القوي الفکريه البشريه و هو الحقيقه تمام الحکمه الحقه الالهيه انتهي. اقول: و لصعوبه ذلک لم ياتوا عليهم السلام في الجواب عن هذه المساله في الاحاديث السالفه و غيرها مع کثرتها الا بکلام مجمل من غير تفصيل لما راوا قصور الافهام و المدارک عن درکها تفصيلا فسبحان من عجز ادراک ذاته الافهام و تحير في بلوغ سفاته عقول الانام. الترجمه: ايجاد کرد مخلوقات را ايجاد کردني بدون ماده يا بدون سبق مثال از غير ا

و يا از خود او بيافريد آنها را آفريدني نه به جهت علت و غرضي از قبيل استيناس و رفع استيحاش در حالتي که آن آفريدن بي‏فکري بود که جولان داده باشد آن را يا مصروف بدارد آن فکر را به مخلوقات و بدون تجربه که فايده گرفته باشد از آن و بدون حرکت ذهنيه و بدنيه که احداث نموده باشد آن را و بي‏تردد نفسي که مضطرب بوده باشد در آن گردانيد اشياء را از براي وقتهاي آنها و اصلاح کرد در ميان مختلفات آنها و مطبوع نمود طبايع اشياء را در اشياء و لازم غير منفک گردانيد آن طبايع را به اشخاص خود عالم بود به اشياء پيش از آفريدن آنها و احاطه کننده بود به اطراف آنها و نهايات آنها و دانا بود به نفوس آنها و جوانب آنها.

[صفحه 369]

اللغه: (الفتق) الشق و الفصل (و الاجواء) جمع جو و هو ما بين السماء و الارض و قيل الفضاء الوساع (و الارجاء) جمع رجا بالقصر و هي الناحيه (و السکائک) جمع سکاکه مثل ذوابه و ذوائب و هي الهواء الملاقي عنان السماء کالسکاک تقول: لا افعل ذلک و لو نزوت في السکاکه قيل: و في لسان الحکمه عباره عن الطبقه السابعه من الهواء و ربما فسرت بالهواء المطلق و يحتاج حينئذ الي التاويل لئلا يلزم اضافه الشي الي نفسه. و اصل (الطلم) الضرب عل الوجه بباطن الراحه و تلاطم الامواج: ضرب بعضها بعضا کانه يلطمه (و التيار) الموج و قيل: شده الجريان و هو فيعال اصله تيوار فاجتمعت الواو و الياء فادغم بعد القلب و بعضهم جعله من تير فهو فعال و الرمل (المتراکم) الذي بعضه فوق بعض (و الزخار) مبالغه في الزاخر يوصف به البحر يقال: بحر زاخر اي طام ممتلي (و المتن) الظهر (و العاصفه) الشديده الهبوب و ريح (زعزع) و زعزعان و زعزاع اذا کانت تزعزع الاشياء و تحرکها بشده. (و القاصفه) من القصف يقال: قصف الرعد و غيره قصيفا، اذا اشتد صوته (و سلطته) عل الشي‏ء تسليضا مکنته، فسلط اي تحکم و تمکن (و الدفيق) المندفق (اعقم مهبها) اي جعل هبوبها عقيما، و الريح العقيم خ

لاف الاقح و هي التي لاتثير سحابا، و لا تلقح شجرا (و المهب) مصدر بمعني الهوب، او اسم مکان و (ادم مربها) اي جعل ملازمتها دائمه و هو من الارباب يقال: ارب بالمکان اذا لزم و اقام به و (اعصف محريها) اي جريانها او اسند الي المحل توسعا. (و التصفيق) من صفقه اذا قلبه او بمعني الضرب الذي له صوت او من صفق الشراب اذا حوله مموزجا من انا الي آخر ليصفوو (الاثاره) من ائلوران و هو الهيجان و (المخض) التحريک، يقال: مخضت اللبن اذا حرکته لاستخراج ما فيه من الزبد و (السقاء) مثل کسا ما يوضع فيه الماء و اللبن و نحو هما من جلد الغنم و نحو ليخرج زبده و هو قريب من القرب و البحر (الساجي) الساکن. و (مار) الشي‏ء مورا من باب قال، تحرک بسرعه و (الماثر) المتحرک و عب) الما ارتفع و (عباب) کغراب معظم الما و کثرته و طغيانه (و الرکام) بالضم المتراکم و (و الجو المنفهق) الفتوح الواسع و (المکفوف) الممنوع من السقوط و السيلان و (سقف) البيت عرشه و (السمک) البنا قال سبحانه: رفع سمکها ايبنائها. و (العمد) بفتحتين جمع عماد و هو ما يسند به (و دعم) الشي‏ء دعما من باب علم اذا مال فاقامه و منه الدعامه بالکسر و ما يستند به الحايط اذا ما يمنعه من السقوط و (الدسار

) ککتاب المسمار و الحبل الذي يشد به الاخشاب و يرتب و (الثواقب) جمع الثاقب قال سبحانه: النجم الثاق و سياتي تفسيرها و اختلاف القوال فيها. (و السمتطير) المنتشر يقال: استطار الفجر اذا انتشر ضوئه و (قمرا منيرا) من انار الشي‏ء اذا اضاء و قيل: ان النور اقوي من الضياء لقلوله سبحانه: (الله نو السموات و الارض) و ربما يفرق بان النور الذاتي يسمي ضياء و ما بالعرض يسمي نورا اخذا من قوله سبحانه: (هو الذي جعل الشمس ضيا و القمر نورا) (و الرقيم المائر) هو اللوح المتحرک کني به عن الفلک لانه مسطح کاللوح و في المجمع: و الرقيم من اسماء الفک سمي به لرقمه بالکواکب کالثوب المنقوش. الاعراب: الاصل في کلمه ثم العاطفه ان تکون مفيده للتشريک و الترتيب و المهله و لا يمکن کون ثم في قوله (ع): ثم انشا سبحانه فتق الاجواء علي وفق ذلک الاصل من حيث استلزامها حينئذ خلق الفضاء و السماوات بعد خلق کل شي‏ء مع التراخي کما هو ظاهر فلابد اما من جعلها بمعني الواو، علي حد قوله سبحانه: (و اني لغفار لمن تاب و امن و عمل صالحا ثم اهتدي) او من المصير اليما ذهب اليه الفرا و بعض النحويين من تخلف المهله و الترتيب عنها احيانا مستدلا بقول العرف: اعجبني ما صنعت اليوم

ثم ما صنعت امس اعجب حيث انه لا تراخي بين المعطوف و المعطوف عليه کما لا ترتيب بينهما و بقوله تعالي: (هو الذي خلقکم من نفس واحده ثم خلق منها زوجها) و قوله سبحانه: (و لقد خلقنا الانسان من سلاله من طين ثمن جعلناه نطفه في قرار مکين ثم خلقنا النطفه علقه) حيث لا ترتيب في الايه الاولي و لا تراخي في الثانيه. و اجاب الشارح المعتزلي بان قوله: ثم هو تعقيب و تراخ لا في مخلوقات الباري سبحانه بل في کلامه (ع) کانه يقول: ثم اقول الان بعد قولي المتقدم: نه تعالي انشا فتق الاجواء انتهي. و انت خبير بما فيه ضروره انه لتراخي بين الاخبارين و الاولي ان يعتذر بذلک عن اشکال افادتها الترتيب بان يقول: ان ثم في کلامه لترتيب الاخبار لا لترتيب الحکم کما اعتذر بهجاعه عن الايه الاولي و استدلوا عليه بالمثال السابق و قالوا: ان معناه ثم اخبرک بان ما صنعت امس اعجب. و اضافه الفتق و الشق و السکائک الي تالياتها من قبيل الاضافه بمعني الالم و يحتمل کون اضافه الاولين من قبيل اضافه الصفه الي الموصوف اي الاجواه الفاتقه بين السماء و الارض و الارجا الفاصله بينهما و هو الاقرب معني، لکن الاول انسب بالقواعد الادبيه کما هو ظاهر. و قوله ع: متلاطما و متراکما صف

تان لما کما ان جمله حمله کذلک او انها استينا فيه بيانيه و الي في قوله: قرنها الي حده بمعني الالم کما في قولهم و الامر اليک و قوله ع: في فلک دائر بدل من قوله ع: فيها او حالن عن المنصوبين او ظرف لغو متعلق بوقله منيرا. المعني: لما اشار (ع) الي کيفيه ايجاده سبحانه الخلق في الفصل السابق اجمالا اشار الي کيفيه الخلقه تفصيلا فقال ع: (ثم انشا سبحانه فتق الاجوا و سق الارجا و سکائک الهوا) هذه الجملات الثلاث متحده المفاد و جمع الاجوا و الارجا و السکائک باعتبار تعدد طبقات الهوا و قيل: ان المراد بالاجوا: هو الفضا الظاهر علي اطراف الارض و بالرجاء: الفضاء المتصل باطراف الارض الذي ادني من الاول، و باسکائک الفضاء المرتفع عن الارض و کيف کان ففيها دلاله علي کون الفضاء مخلوقا، و امرا موجودا لان المخلوق لا يکون عدما محضا. قال الشارح المعتزلي: و ذلک ليس ببعيد، فقد ذهب الهي قوم من اهل النظر و جعلوه جسما لطيفا خارجا عن مشابهه هذه الاجسام و منهم من جعله مجردا هذا. و قال العلامه المجلسي في البحار: المراد بفتق الاجواء ايجاد الاجسام في الامکنه الخاليه بناء علي وجود المکان بمعني البعد، و جواز الخلاء او المراد بالجو البعد الموهوم، او احد

العناصر، بناء علي تقدم خلق الهواء و قوله (ع): و شق الارجاء کالتفسير لفتق الاجواء او المراد بالارجاء الافضيه و الامکنه، و بالاجواء عنصر الهواء و قوله (ع): و سکائک الهواء بالنصب کما في کثير من النسخ معطوف علي فتق الاجواء اي انشا سبحانه سکائک الهواء، انتهي کلامه رفع مقامه. و في شرح ابن ميثم فان قلت: ان الاجواء و الارجاء و السکائک امور عدميه فکيف يصح نسبتها الي الانشاء عن القدره؟ قلت ان هذه الاشياء عباره عن الخلاء و الاحياز، و الخلاف في ان الخلاء و الحيز و المکان هل هي امور وجوديه او عدميه مشهور، فان کانت وجوديه کانت نسبتها الي القدره ظاهره و يکون معني فتقها و شقها شق العدم عنها و ان کانت عدميه کان معني فتقها و شقها و نسبتها الي القدره: تقديرها و جعلها احيازا للماء و مقرا، لانه لما کان تمييزها عن مطلق الهواء و الخلاء بايجاد الله فيها الماء صار تعينها بسبب قدرته فتصح نسبتها الي انشائه، فکانه سبحانه شقها و فتقها بحصول الجسم فيها و هذا قريب مما ذکره المجسي اولا. و الحاصل انه سبحانه انشا احيازا و امکنه خاليه (فاجري فيها ماء متلاطما تياره) اي موجه و لجته (متراکما زخاره) اي طمومه و امتلائه و لما لق سبحانه الماء (حمله ع

لي متن الريح العاصفه) الشيديده العصف و الهبوب (و الزعزع القاصفه) الشديده الصوت فاستقل الماء عليها و ثبت، و صارت مکانا له و المراد بهذه الريح اما المتحرک من الهواء الذي ذکره (ع) اولا علي اهو المشهور او غيره: کما يستفاد من روايه الاحتجاج عن هشام بن الحکم عن الصادق (ع) في جواب الزنديق قال (ع) و الريح علي الهواء و الهواء تمسکه القدره و علي هذا فيمکن ان تکون الريح مقدمه في الخلقه علي الهواء او متاخره عنه او مقارنه له. ثم لما کان الما المحمول علي الريح جاريا في الهواء علي مقتضي طبعه (امرها) سبحانه (برده، و سلطها علي شده، و قرنها الي حده) اي امر الريح ان تحفظ الماء و ترده بالمنع عن الجري الذي سبق الاشاره اليه في قوله (ع): فاجري فها ماء اه، فکان قبل الرد قد خلي و طبعه ثم امر الريح برده و قواها علي ضبطه کالشي المشدود و جعلها مقرونه لحده ايمحيطه بنهايته و عن الکيري وقوله فامرها مجاز لان الحکيم لا يامر الجماد و في البحار و لعل المراد بالامرهنا الامر التکويني کما في قوله: کن فيکون و وقوله کونوا قرده. ثم اشار (ع) الي کمال قدرته سبحان بقوله: (الهواء من تحتها فتيق) اي مفتوح منبسط من تحت الريح الحامله للماء و (الماء من فوقه

ا دفيق اي مصبوب مندفق. قال المجلسي: و الغرض انه سبحانه بقدرته ضبط الماء المصبوب بالريح الحامله له کما ضبط الريح بالهواء المنبسط و هو موضع العجب (ثم انشا سبحانه) فوق ذلک الماء (ريحا) اخري (اعمق مهبهما) اي جعل هبوبها عقيما و في کثير من النسخ اعتقم مهبها بالتاء فالالزم حينئذ رفع مهبها للزوم الفعل فالمعني حينئذ صار مهبها عقيما لا يلقح من العقيم الذي لا يولد له ولد، او صار مهبها ضيقا الان الاعتقام هو ان تحفر البئر فاذا قربت من الماء احترف بئرا صغيرا بقدر متجد طعم الما فان کان عذبا حفرت بقيتها، فاستعيرهنا من حيث ضيق العهب کما يحتفر البئر الصغير. و اما ما قيل من ان معني اعتقم مهبهما: جعل مهبها عقيما ففاسد، لانه انما يصح لو کان اعتقم متعد يا (و ادام مربها) اي ملازمتها لتحريک الماء و عن بعض النسخ دبها بالدال اي حرکتها و (اعصف مجريها) ي جريانا او اسندالي المحل مجازا من قبيل سال الميزاب و (و ابعد منشاها) اي جعل مبدئها بعيدا لا يعرف ثمن سلطها علي ذلک الماء. (فامرها بتصفيق الماء الزخار) اي تحويله و قلبه و ضرب بعضه ببعض بشه (و اثاره موج البحار) و تهييجه (فمخضته) مثل (مخض السقاء) الذي يمخض فيه اللبن ليخرج ما فيه من الزبد و

التسشبيه للشاره اليشده التحريک (و عصفت به) اي بهذا الماء العظيم مثل (عصفها بالفضاء) اي عصفا شديدا لان العصف بالفضا يکون اشد من حيث عدم المانع (ترد اوله علي آخره و ساجيه علي مائره) اي ساکنه علي متحرکه (حتي عب عبابه) اي ارتفع معظمه (و رمي بالزبدر کامه) اي متراکه و ما اجتمع منه بعضه فوق بعض. (فرفعه في هواء منفتق) اي رفع الله ذلک الزبد في هوا مفتوق مفتوح (و جو منفهق) اي متسع و منفتح (فسوي نه سبع سموات) اي خلقهن من الزبد، و عدلهن مصونه من العوج و التهافت و السبع لا ينافي التسع التي اثبوتها اصحاب الارصاد اذ الثامن و التاسع مسميان في لسان الشرع بالعرش و الکرسي و سياتي تحيق الکلام فيها (جعل سفلاهن موجا مکفوفا) اي موجا ممنوعا من السيلان اما بامساکه بقدرته او بان خلق حوله و تحته جسما جامدا يمنعه عن السيلان و الانتشار، او بان اجمدها بعد ما کانت سياله. و کون السماء السفلي موجا اما بعنوان الحقيقه حسبما اختاره قوم مستدلا بمشاهده حرکه الکواکب المتحيره و کونها مرتعده مضطربه في مرثي العين. قالوا في محکي کلامهم فيي شرح المعتزلي ان المتحيره متحرکه في افلاکها و نحن نشاهدها بالحسن البصري و بيننا و بينها اجرام الافلاک الشافه و نش

اهدها مرتعده حسب ارتعاد الجسم الساير في الماء و ما ذاک لنا الا لان سماء الدنيا ما متموج فارتعاد الکواکب المشاهده حسا انما هو بحسب ارتعاد اجزا الفلک الادني. ثم قالو فاما الکواکب الثابته فانما لم نشاهدها کذلک لانها ليست بمتحرکه و القمر و ان کان في الدنيا الا ان فلک تدويره من جنس الاجرام الفوقانيه و ليس بما متموج کالفلک الممثل التحتاني و کذلک القول في الشمس. اقول: و ما ذکروه في الشمس و القمر غير خال عن الاشکال و الفساد کما هو واضح فافهم. و اما بعنوان التشبيه و هو الاظهر قال الکيدري: شبه السماء الدنيا بالموج لصفائها و ارتفاعها او اراد انها کانت في الاول موجا ثم عقدها و قال الشارح البحراني و استعار لفظ الموج للسماء لما بينهما من المشابهه في العلو و الارتفاع و ما يترهم من اللون ياتي فيه وجه اخر من العلامه المجلسي طاب ثراه (و عليا هن سقفا محفوظا) عن النقض و الهدم و السقوط و اخلرق الا بامره. قال البحراني: اي من الشياطين ثم نقل عن ابن عباس کيفيه حجب الشياطين عن السماوات و انهم کانوا يدخلونها و يتخبرون اخبارها الي زمن عيسي (ع) فلما ولد منعوا من ثلاث سماوات فلما و لد محمد (ص) منعوا من جميعها، الي اخر ماروي. و قال المحدث

العلامه المجلسي طاب ثراه بعد ان حکي عن اکثر الشارحين کون الحفظ بانسبه الي الشياطين ما لفظه: و هو لا يناسب العليا بل السفي فيناسب ان يکون المراد بقوله تعالي: (و جعلنا السماء سقف مفوظا) السماء العليا انتهي. اقول: و انت خبير بما فيه لان محفوظيه السفلي انما هو بعد ولاده النبي (ع) کما دل عليه روايه ابن عباس و تظافرت به اخبار اهل ابيت علهم السلام و اما السماء العيا فلما لم يختص محفوظيتها بوقت دون وقت بل کانت الشياطين ممنوعين منها قبل ولادته (ع) ايضا حسبما يستفاد من الاخبار فهي اولي و انسب بان تتصف بالحفظ. و بما ذکر نا ظهر ما في کلام البحراني السابق ايضا حيث ان سوق کلامه يفيد ان ذکره لروايه ابن عباس للاستشهاد به علي مدعاه من کون الحفظ في کلامه (ع) بانلسبه الي الشياطين مع انها غير وافيه به اذ حاصل الروايه ان حفظ السموات انما حصل بعد الولاده و هذا مما لا نفع فيه و انما المثمر اقامه الدليل علي تخصيصه (ع) العليا بخصوصها بالحفظ کما عرفت فافهم حيدا هذا. و قال المجلسي: يخطر بالبال وجه اخر و هو ان يکون المراد انه تعالي جعل الجهه السفلي من کل من السماوات مواجه متحرکه واقعا او في النظر و الجهه العليا منها سقفا محفوظا تستقر ع

ليه الملائکه و لا يمکن الشياطين حرقها فيکون ضمير زينها و ساير الضماير راجعه الي المجموع، فيناسب الايه المتقدمه و قوله سبحانه: (و حفظا من کل شيطان مارد) و قد يمر بالخاطر وجه اخر و هو انه (ع) شبه السماء الدنيا بالموج المکفوف لکون الحرکه الخاصه للقمر اسرع من جميع الکواکب فکانه دائما في الموج و مع ذلک لا تسقط و وصف العليا بالمحفوظيه لانه ابطاها بالحرکه الخاصه فکانها محفوظه ثابته و علي الطريقه السابقه يمکن ان يکون المراد بالسفلي من کل منها خوارج مراکزها و تداويرها و بالعليامنها ممثلانها، فالاول مواجه لسرعه حرکتها، و الثواني محفوظه لبطوئها لکن هذان الوجهان بعيدان عن لسان اهل الشرع و مقاصد اهله انتهي کلامه رفع مقامه. (و سمکا مرفوعا) اي سقفا او بنا مرفوعا و يحي بمعني الرفع قال الشاعر: ان الذي سمک السماء بني لنا اي رفعه و هو غير مناسب اللمقام و الا نسب ما قلناه و هو احد معانيه کما في القاموس و غيره و الضمير ان المنصوبان في قوله ع: (بغير عمد يدعمها و لادسار ينتظمها) راجعان الي العليا بملاحظه القرب او الي السفلي بقرينه الضمير الاتي في قوله: ثم زينها الراجع اليها لما سياتي او الي السماوات و هو لا ظهر ليکون اوفق بقوله سب

حانه: (الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها) و اختلف المفسرون في انه هل هناک عمد غير مرثي اولا عمد اصلا فعن ابن عباس و الحسن و قتاده و الجبائي و ابي مسلم الثاني ان المراد رفعها بغير عمدو انتم ترونها کذلک قال ابن عباس: يعني ليس من دونها دعامه يدعمها و لا فوقها علاقه تمسکها قال الطبرسي و هو الاصح و عن مجاهد و عزي الي ابن عباس ايضا الاول و ان ترونها من نعت العمد بغير عمد مرئيه. اقول: و يشهد به ما عن المقي و العياشي عن الرضا (ع) قال فثم عمد و لکن لا ترونها. قال الفخر الرازي: ان العماد ما يعتمد عليه و قد دللنا علي ان هذه الاجسام انما بقيت و اقفه في الجو العالي بقدره الله فحينئذ يکون عمدها هو قدره الله فصح ان يقال: رفع السماوات بغير عمد ترونها اي لها عمد في الحقيقه الا ان تلک العمد هي امساک الله و حفظه و تدبيره و ابقائه اياها في الجو العالي و انتم لاترون ذلک التدبير و لا تعرفون کيفيه ذلک الامساک انتهي (ثم زينها بزيته الکواکب) اي السماء السفلي ليکون اوفق بقوله سبحانه: (انا زينا السماء الدنيا بزينه الکواکب) و يحتمل رجوعه الي السماوات کما هو الاظهر و تزيين البعض تزيين الجميع. قال في الکشاف في تفسير الايه: الدنيا الق

ربي منکم و الزينه مصدر کالنسبه او اسم لما يزان به الشي‏ء کالليقه لما تلاق هب الدواه و يحتملهما قوله: بزينه الکواکب فان اردت المصدر فعلي اضافته الي الفاعل اي بان زانتها الکواکب و اصله بزينه الکواکب او علي اضافته الي المفعول اي بان زان الله الکواکب و اصله بزينه الکواکب او علي اضافته الي المفعول اي بان زان الله الکواکب و حسنها لانها انما زينت السماء بحسنها في انفسها و اصله بزينه الکواکب و ان اردت الاسم فللاضافه و جهان ان تقع الکواکب بيانا للزينه لان الزينه مبهمه في الکواکب و غيرها مما يزان به و ان يراد به ما زينت به الکواکب انتهي و کون الکواکب زينه اما لضوئها کما عن ابن عباس او للاشکال المختلفه الحاصله کالشکل الثريا و بنات النعش و الجواز و غير ذلک اولا خلتلاف اواعها بحرکتها او لرويه الناس اياها مضيئه في الليله الظلماء و يوضحه قوله تعالي: بمصابيح في الموضع الاخر و اما محال الکواکب فستطلع عليه ان شاءالله (و ضياء الثواقب) المراد بها اما الکواکب فيکون کالتسفير لزينه الکواک و الکواکب ثواقب اي مضيئه کانها تثقب الظلمه بضوئها او الشهب التي ترمي بها الشياطين قال سبحانه: النجم الثاقب. قيل: وصف بکونه ثاقبا لوجوه: احدها انه

يثقب الظلام بضو ينفذ فيه. و ثانيها انه يطلع من المشرق نافذا في الهواء کالشي الذي يثقب الشي‏ء و ثالثها انه الذي يرمي به الشيطان فيثقبه‏اي ينفذ فيه و يحرقه. و رابعها قال الفراء: هو النجم المرتفع علي النجوم و العرب تقول للطائر ذا لحق ببطن السماء ارتفاعا: فقد ثقب. اقول: و هنا وجه خامس و هو ان وصفه به لکونه مضيئا کانه يثقب الافلاک بضوئه. و يشهد به ما عن الخصال عن الصدق (ع) انه قال لرجل من اهل اليمن: ما زحل عندکم في النجوم؟ فقال اليماني: نجم نحس فقال (ع): لا تقولن هذا فانه نجم اميرالمومنين (ع) و هو نجم الاوصيا و هو النجم الثاقب الذي قال الله في کتابه فقال له اليماني فما يعني بالثاقب؟ قال ع: لان مطلعه في السماء السابعه و انه ثقب بضوئه حتي اضاء في السماء الدنيا فمن ثم سماه الله النجم الثاقب. (فاجري) و في بعض النسخ و اجري بالواو (فيها سراجا مستطيرا) اي منتشر الضو (و قمرا منيرا) و المراد بالسراج الشمس فانها سراج لمحفل العالم قال سبحانه في سوره الفرقان: و تشبيه الشمس بالسراج من حيث انها تزيل ظلمه الليل عن وجه الارض کما يزيلها السراج عما حوله. قيل: کان اليل عباره عن ظل الارض و کانت الشمس سببا لزواله فکان شبيها بالسراج ف

ي ارتفاع الظلمه به و الضمير في قوله: فيها راجع الي السماوات کما هو الاظهر او الي السفلي کما عزاه المجلسي طاب ثراه الي الاکثر و يحتج حينئذ الي نوع تاويل بانسبه الي جريان الشمس بنا علي کونها في السماء الرابعه. (في فلک دائر) قال العلامه المجلسي (قد): الظرف اما بدل عن فيها، فيفيد حرکه السفلي او العيا او الجميع علي تقادير ارجاع الضمير بالحرکه اليوميه او الخاصه او الاعم و اما في موضع حال عن المنصوبين فيمکن ان يکون المراد بالفلک الدائر: الا فلاک الجزئيه (و سقف سائر و رقيم مائر) قال العلامه المجلسي: هاتان الفقرتان ايضا تدلان علي حرکه السما لکن لا تنافي حرکه الکواکب بنفسها ايضا هذا. و ينبغي تذييل المقام بامور مهمه الاول انه لم يستفد من کلام (ع) ان الصادبر الاول ماذا؟ و قد اختلف فيه کلام العلما کالاخبار. فالحکما يقولون: اول المخلوقات العقل الاول ثم العقل الاول خلق العقل الثاني و الفلک الاول و هکذا الي ان انتهي الي العقل العاشر فهو خلق الفلک التاسع و هيولي العناصر و جماعه منهم يقولون: بان تلک القول و ساير لا يجاده تعالي و الا موثر في الوجود الا الله و کل ذلک مخالف للايات و الاخبار. و اما غيرهم فقيل: اولها الما و يدل عل

يه روايه الروضه الاتيه عن ابي‏جعفر (ع) في جواب الشامي، و نقل عن تاليس الملطي و هو من مشاهير الحکما انه بعد ان وحد الصانع الاول للعالم و نزهه قال: لکنه ابدع العنصر الذي فيه صور الموجودات و المعلومات کلها و سماه المبدع الاول، ثم نقل عنه ان ذلک العنصر هو الماء، قال: و منه انواع الجواهر کلها من السماء و الارض و مبينهما و هو عله کل مبدع و عله کل مرکب من العنصر الجسماني. فذکر ان من جمود الما تکونت الارض و من انحلاله تکون الهواء و من صفوته تکونت النار و من الدخان و الابخره تکونت السماء، قال البحراني: و قيل انه اخذ ذلک من التواره، انتهي. و قيل: اول المخلوقات الهواء، و روي عن علي بن ابراهيم في تفسيره، قال المجلسي قده، و الظاهر انه اخذه من خبر، و لکنه لا تکافو الاخبار الکثيره المسنده، و مع صحته يمکن الجمع بحمل اوليه الماء علي التقدم الاضافي بالنسبه الي الاجسام المشاهده المحسوسه التي يدرکها جميع الخلق، فاذا الهواء ليس منها، و لذا انکر وجوده جماعه. و قيل: اول المخلوقات النار و في بعض الاخبار ان اول ما خلق الله النور کما في العيون و العلل في خبر الشامي عن الرضا عليه‏السلام انه سال رجل من اهل الشام اميرالمومنين عليه‏السلا

م عن مسائل، فکان فيما ساله ان ساله عن اول ما خلق الله قال عليه‏السلام: خلق النور، الحديث. و في بعضها نور النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و في بعضها نوره مع انوار الائمه عليهم‏السلام کما في روايه جابر، قال: قال رسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم: اول ما خلق الله نوري، ففتق منه نور علي عليه‏السلام ثم خلق العرش و اللوح و الشمس وضوء النهار و نور الابصار و العقل و المعرفه الخبر. و في بعض الاخبار العاميه اول ما خلق الله روحي، و في بعضها ايضا اول ما خلق الله العقل، و في بعضها اول ما خلق الله القلم. اقول: و يمکن الجمع بينها، بان تکون اوليه الماء بالنسبه الي العناصر و الافلاک، و اوليه القلم بالنسبه الي جنسه من الملائکه، و باوليه نور النبي صلي الله عليه و آله و سلم و روحه الاوليه الحقيقيه، بل يمکن ان يقال، ان المراد بالعقل و النور و القلم في تلک الاخبار هو نوره سلام الله عليه. قال بعض العارفين في شرح الحديث الاول من اصول الکافي و هو ما رواه عن ابي‏جعفر عليه‏السلام: قال: لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: اقبل، فاقبل ثم قال له: ادبر، فادبر الحديث ما لفظه. اعلموا ايها الاخوان السالکون الي الله بقدم العرفان، ان هذا

العقل اول المخلوقات و اقرب المجعولات الي الحق الاول و اعظمها و اتمها و ثاني الموجودات في الموجوديه، و ان کان الاول تعالي لا ثاني له في حقيقته، لان وحدته ليست عدديه من جنس الوحدات، و هو المراد فيما ورد في الاحاديث عنه صلي الله عليه و آله و سلم من قوله في روايه: اول ما خلق الله العقل، و في روايه اول ما خلق الله نوري، و في روايه اول ما خلق الله روحي، و في روايه اول ما خلق الله القلم، و في روايه اول ما خلق الله ملک کروبي، و هذه کلها اوصاف و نعوت لشي‏ء واحد باعتبارات مختلفه، فبحسب کل صفه يسمي باسم آخر، فقد کثرت الاسماء و المسمي واحد ذاتا و وجودا، الي ان قال: و هذا الموجود حقيقته حقيقه الروح الاعظم المشار اليه بقوله تعالي: (قل الروح من امر ربي) و قوله تعالي: (الا له الخلق و الامر) و انما سمي بالقلم لانه واسطه الحق في تصوير العلوم و الحقائق علي الالواح النفسانيه القضائيه و القدريه، و لکونه وجودا خالصا عن ظلمه التجسم و التحجب، و عن ظلمات النقايص و الاعدام يسمي نورا، اذ النور هو الوجود، و الظلمه هي العدم، و هو ظاهر لذاته مظهر لغيره. و لکونه اصل حياه النفوس العلويه و السفليه يسمي روحا و هو الحقيقه المحمديه عند اعاظم ال

صوفيه و محققيهم، لکونه کمال وجوده الذي منه يبتده و اليه يعود انتهي کلامه ملخصا. فقد تحقق مما ذکره، و ما ذکرناه ان الصادر الاول هو نور النبي صلي الله عليه و آله و سلم. و قد استفاض به الاخبار عن النبي و اهل البيت عليهم‏السلام. فمنها ما في البحار عن الکافي باسناد عن محمد بن سنان، قال کنت عند ابي‏جعفر الثاني عليه‏السلام، فاجريت اختلاف الشيعه، فقال يا محمد ان الله تبارک و تعالي لم يزل متفردا بوحدانيته، ثم خلق محمدا و عليا و فاطمه فمکثوا الف دهر، ثم خلق جميع الاشياء و اشهدهم خلقها و اجري طاعتهم عليها و فوض امورها اليهم، فهم يحلون ما يشاوون، و يحرمون ما يشاوون، و لن يشاووا الا ان يشاء الله تبارک و تعالي، ثم قال يا محمد: هذه الديانه التي من تقدمها مرق، و من تخلف عنها محق، و من لزمها لحق، خذها اليک يا محمد. و منها ما في البحار ايضا عن مصباح الانوار باسناد عن انس عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم، قال: ان الله خلقني و خلق عليا و فاطمه و الحسن و الحسين قبل ان يخلق آدم، حين لاسماء مبنيه و لا ارض مدحيه و لا ظلمه و لا نور و لا شمس و لا قمر و لا جنه و لا نار، فقال العباس: فکيف کان بدو خلقکم يا رسول‏الله؟ فقال يا عم: لما ا

راد الله خلقنا تکلم بکلمه خلق منها نورا، ثم تکلم بکلمه اخري فخلق منها روحا، ثم خلط النور بالروح فخلقني و خلق عليا و فاطمه و الحسن و الحسين، فکنا نسبحه حين لا تسبيح، و نقدسه حين لا تقديس. فلما اراد الله ان ينشا خلقه فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري، و نوري من نور الله، و نوري افضل من نور العرش. ثم فتق نور اخي علي فخلق منه الملائکه، فالملائکه من نور علي، و نور علي من نور الله، و علي افضل من الملائکه. ثم فتق نور ابنتي فاطمه فخلق منه السماوات و الارض، فالسماوات و الارض من نور ابنتي فاطمه، و نور ابنتي فاطمه من نور الله، و ابنتي فاطمه افضل من السماوات و الارض. ثم فتق نور ولدي الحسن، و خلق منه الشمس و القمر، فالشمس و القمر من نور ولدي الحسن، و نور الحسن من نور الله، و الحسن افضل من الشمس و القمر. ثم فتق نور ولدي الحسين، فخلق منه الجنه و الحور العين، فالجنه و الحور العين من نور ولدي الحسين، و نور ولدي الحسين من نور الله، و ولدي الحسين افضل من الجنه و الحور العين. و منها ما فيه ايضا عن ابي‏الحسن البکري استاد الشهيد الثاني طاب ثراه في کتاب الانوار عن اميرالمومنين عليه‏السلام انه قال: کان الله و لا شي‏ء معه، فاو

ل ما خلق الله نور حبيبه محمد صلي الله عليه و آله و سلم قبل خلق الماء و العرش و الکرسي و السماوات و الارض و اللوح و القلم و الجنه و النار و الملائکه و آدم و حواء باربعه و عشرين و اربعماه الف عام. فلما خلق الله نور نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم بقي الف عام بين يدي الله عز و جل واقفا يسبحه و يحمده و الحق تبارک و تعالي ينظر اليه و يقول: يا عبدي انت المراد و المريد و انت خيرتي من خلقي و عزتي و جلالي لولاک ما خلقت الافلاک، من احبک احببته، و من ابغضک ابغضته، فتلا لا نوره و ارتفع شعاعه فخلق الله منه اثني‏عشر حجابا. اولها حجاب القدره ثم حجاب العظمه ثم حجاب العزه ثم حجاب الهيبه ثم حجاب الجبروت ثم حجاب الرحمه ثم حجاب النبوه ثم حجاب الکبرياء (الکرامه خ) ثم حجاب المنزله ثم حجاب الرفعه ثم حجاب السعاده ثم حجاب الشفاعه، ثم ان الله امر نور رسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم ان يدخل في حجاب القدره، فدخل و هو يقول: سبحان العلي الاعلي، و بقي ذلک اثناعشر الف عام. ثم امره ان يدخل في حجاب العظمه، فدخل و هو يقول: سبحان عالم السر و اخفي احدعشر الف عام. ثم دخل في حجاب العزه و هو يقول: سبحان الملک المنان عشره آلاف عام. ثم دخل ف

ي حجاب الهيبه و هو يقول: سبحان من هو غني لا يفتقر تسعه آلاف عام. ثم دخل في حجاب الجبروت و هو يقول: سبحان الکريم الاکرم ثمانيه آلاف عام. ثم دخل في حجاب الرحمه و هو يقول: سبحان رب العرش العظيم سبعه آلاف عام. ثم دخل في حجاب النبوه و هو يقول: سبحان ربک رب العزه عما يصفون سته آلاف عام. ثم دخل في حجاب الکبرياء و هو يقول: سبحان العظيم الاعظم خمسه الاف عام. ثم دخل في حجاب المنزله و هو يقول: سبحان العليم الکريم اربعه الاف عام. ثم دخل في حجاب الرفعه و هو يقول: سبحان ذي الملک و الملکوت ثلاثه آلاف عام. ثم دخل في حجاب السعاده و هو يقول: سبحان من يزيل الاشياء و لا يزال الفي عام. ثم دخل في حجاب الشفاعه و هو يقول: سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم الف عام. قال الامام علي بن ابي‏طالب عليه‏السلام: ثم ان الله خلق من نور محمد صلي الله عليه و آله و سلم عشرين بحرا من نور، في کل بحر علوم لا يعلمها الا الله، ثم قال لنور محمد صلي الله عليه و آله و سلم: انزل في بحر العز، ثم في بحر الخشوع، ثم في بحر التواضع، ثم في بحر الرضا، ثم في بحر الوفاء، ثم في بحر الحلم، ثم في بحر التقي، ثم في بحر الخشيه، ثم في بحر الانابه، ثم في بحر العمل، ثم

في بحر المزيد، ثم في بحر الهدي، ثم في بحر الصيام، ثم في بحر الحياء، حتي تقلب في عشرين بحرا. فلما خرج من ذلک الابحر قال الله: يا حبيبي و يا سيد رسلي و يا اول مخلوقاتي و يا آخر رسلي انت الشفيع يوم المحشر، فخر النور ساجدا، فقطرت منه قطرات کان عددها ماه الف و اربعه و عشرين الف قطره، فخلق الله من کل قطره من نوره نبيا من الانبياء. فلما تکاملت الانوار صارت تطوف حول نور محمد صلي الله عليه و آله و سلم کما تطوف الحجاج حول بيت الله الحرام، و هم يسبحون الله و يحمدونه و يقولون: سبحان من هو عالم لا يجهل، سبحان من هو حليم لا يعجل، سبحان من هو غني لا يفتقر. فناداهم الله تعرفون من انا؟ فسبق نور محمد صلي الله عليه و آله و سلم قبل الانوار، و نادي انت الله الذي لا اله الا انت وحدک لا شريک لک رب الارباب و ملک الملوک، فاذا بالنداء من قبل الله الحق انت صفيي و انت حبيبي و خير خلقي امتک خير امه اخرجت للناس. ثم خلق من نور محمد جوهره و قسمها قسمين، فنظر الي القسم الاول بعين الهيبه فصار ماه عذبا، و نظر الي القسم الثاني بعين الشفقه فخلق منه العرش فاستوي علي رجه الماء، فخلق الکرسي من نور العرش، و خلق من نور الکرسي اللوح، و خلق من نور الل

وح القلم، و قال له اکتب توحيدي فبقي القلم الف عام سکران من کلام الله، فلما افاق قال: اکتب قال: يا رب و ما اکتب؟ قال: اکتب لا اله الا الله محمد رسول‏الله فلما سمع القلم اسم محمد صلي الله عليه و آله و سلم خرسا جدا و قال: سبحان الواحد القهار سبحان العظيم الاعظم، ثم رفع راسه من السجود و کتب لا اله الا الله محمد رسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم، ثم قال: يا رب و من محمد الذي قرنت اسمه باسمک و ذکره بذکرک؟ قال الله تعالي: يا قلم فلولاه ما خلقتک و لا خلقت خلقي الا لاجله فهو بشير و نذير و سراج منير و شفيع و حبيب، فعند ذلک انشق القلم من حلاوه ذکر محمد صلي الله عليه و آله و سلم و قال القلم: السلام عليک يا رسول‏الله، فقال الله تعالي: و عليک السلام مني و رحمه الله و برکاته، فلاجل هذا صار السلام سنه و الرد فريضه. ثم قال الله تعالي: اکتب قضائي و قدري و ما انا خالقه الي يوم القيامه، ثم خلق الله ملائکه يصلون علي محمد و آل محمد، و يستغفرون لامته الي يوم القيامه، ثم خلق الله من نور محمد صلي الله عليه و آله و سلم الجنه و زينها باربعه اشياء: التعظيم، و الجلاله، و السخاء، و الامانه، و جعلها لاوليائه و اهل طاعته. ثم نظر الي باقي

الجوهره بعين الهيبه، فذابت فخلق من دخانها السماوات، و من زبدها الارضين، فلما خلق الله تعالي الارض صارت تموج باهلها کالسفينه فخلق الله الجبال فارساها بها. ثم خلق ملکا من اعظم ما يکون في القوه، فدخل تحت الارض، ثم لم يکن لقدمي الملک قرار، فخلق الله تعالي صخره عظيمه و جعلها تحت قدمي الملک، ثم لم يکن للصخره قرار، فخلق لها ثورا عظيما لم يقدر احد ان ينظر اليه لعظم خلقته و بريق عيونه، حتي لو وضعت البحار کلها في احدي منخريه ما کانت الا کخردله ملقاه في ارض فلاه، فدخل الثور تحت الصخره و حملها علي ظهره و قرونه و اسم ذلک الثور لهوتا، ثم لم يکن لذلک الثور قرار، فخلق الله حوتا عظيما و اسم ذلک الحوت بهموت، فدخل الحوت تحت قدمي الثور فاستقر الثور علي ظهر الحوت. فالارض کلها علي ظهر الملک، و الملک علي الصخره، و الصخره علي الثور، و الثور علي الحوت، و الحوت علي الماء، و الماء علي الهواء، و الهواء علي الظلمه، ثم انقطع علم الخلائق عما تحت الظلمه. ثم خلق الله تعالي العرش من ضيائين: احدهما الفضل، و الثاني العدل، ثم امر الضيائين فانتفسا بنفسين، فخلق منهما اربعه اشياء: العقل، و الحلم و العلم، و السخاء. ثم خلق من العقل الخوف، و خلق من ا

لعلم الرضا، و من الحلم الموده، و من السخاء المحبه، ثم عجن هذه الاشياء في طينه محمد صلي الله عليه و آله و سلم. ثم خلق من بعدهم ارواح المومنين من امه محمد صلي الله عليه و آله و سلم، ثم خلق الشمس و القمر و النجوم و الليل و النهار و الضياء و الظلام و ساير الملائکه من نور محمد صلي الله عليه و آله و سلم. فلما تکاملت الانوار سکن نور محمد تحت العرش ثلاثه و سبعين الف عام، ثم انتقل نوره الي الجنه فبقي سبعين الف عام، ثم انتقل الي سدره المنتهي فبقي سبعين الف عام، ثم انتقل نوره الي السماء السابعه، ثم الي السماء السادسه، ثم الي السماء الخامسه، ثم الي السماء الرابعه، ثم الي السماء الثالثه، ثم الي السماء الثانيه، ثم الي السماء الدنيا، فبقي نوره في السماء الدنيا الي ان اراد الله ان يخلق آدم الحديث. اقول: دلاله هذا الحديث علي کون نور النبي صلي الله عليه و آله و سلم اول المخلوقات ظاهره، و اما الفقرات الباقيه فاکثرها من قبيل المتشابهات، و اللازم رد علم ذلک الي الائمه عليهم‏السلام. و منها ما رواه ايضا من رياض الجنان باسناده الي جابر الجعفي عن ابي‏جعفر عليه‏السلام، قال: قال لي يا جابر: کان الله و لا شي‏ء غيره، و لا معلوم و لا مجه

ول، فاول ما ابتدء من خلق خلقه ان خلق محمدا صلي الله عليه و آله و سلم، و خلقنا اهل البيت معه من نور عظمته، فاوقفنا اظله خضراء بين يديه حيث لا سماء و لا ارض و لا مکان و لا ليل و لا نهار و لا شمس و لا قمر، يفصل نورنا من نور ربنا کشعاع الشمس من الشمس، نسبح الله و نقدسه و نحمده و نعبده حق عبادته. ثم بدء الله ان يخلق المکان، فخلقه و کتب علي المکان: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين و وصيه، به ايدته و نصرته، ثم خلق الله العرش، فکتب علي سرادقات العرش مثل ذلک، ثم خلق الله السماوات، فکتب علي اطرافها مثل ذلک، ثم خلق الله الجنه و النار فکتب عليهما مثل ذلک. ثم خلق الملائکه و اسکنهم السماء، ثم خلق الهواء فکتب عليه مثل ذلک ثم خلق الجن و اسکنهم الهواء، ثم خلق الارض فکتب علي اطرافها مثل ذلک، فبذلک يا جابر قامت السماوات بغير عمد، و ثبتت الارض. ثم خلق الله آدم من اديم الارض الي ان قال عليه‏السلام: فنحن اول خلق الله و اول خلق عبد الله و سبحه، و نحن سبب الخلق و سبب تسبيحهم و عبادتهم من الملائکه و الادميين. و منها ما فيه عنه ايضا عن جابر بن عبدالله، قال: قلت لرسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم: اول شي‏ء خلق الله

ما هو؟ فقال نور نبيک يا جابر، خلقه الله، ثم خلق منه کل خير الحديث. الي غير ذلک من الاخبار مما يطلع عليها المتتبع المجد و ياتي بعضها في تضاعيف الکتاب عند شرح بعض الخطب المناسبه لذلک، و الله الموفق. الثاني: انه لم يذکر عليه‏السلام کيفيه خلقه الارض و لم يعلم ان خلقها هل هو قبل السماء او بعدها، و لعل عدم ذکره عليه‏السلام له نظرا الي ان مقصوده عليه‏السلام اظهار عظمته سبحانه و بيان رشحات قدرته و کماله. و لما کان امر عالم الامر و الملکوت اظهر في الدلاله علي ذلک المقصود و اوفي بالنسبه الي عالم العناصر و الناسوت، خصصها بالذکر لذلک و ان کان في عالم العنصر و الشهاده ايضا في نفسه من شواهد الربوبيه و ادله القدره ما لا يحيط بها حد و لا يضبطها عد، بل في جزئي من جزئيات ذلک العالم من الاسرار الالهيه ما يعجز عنه ادراک القوي البشريه قال سبحانه: (ان في خلق السموات و الارض و اختلاف الليل و النهار و الفلک التي تجري في البحر بما ينفع الناس و ما انزل الله من السماء من ماء فاحيي به الارض بعد موتها و بث فيها من کل دابه و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الارض لايات لقوم يعقلون) و ياتي الاشاره الي بعض آيات القدره و آثار التدبي

ر في الحکمه في عالم العناصر من الارض و غيرها في شرح خطبه الاشباح، و هي الخطبه التسعون. و کيف کان فيشهد بما ذکرنا من عظم ملکوت السماوات و کونها من اعظم الايات ان الارض و البحار و الجبال و کل جسم من عالم الشهاده بالاضافه الي السماوات کقطره في بحر، لا بحسب الکميه و المساحه فقط، بل بحسب الکيفيه ايضا اعني شرافه الوجود و قوه الفعليه کما بحسب الکميه علي النسبه المذکوره. و لذلک ذکر الامام عليه‏السلام امر السماوات في کثير من کلماته الاتيه، و عظم الله امرها و امر النجوم في الايات القرآنيه، فکم من آيه ذکرها الله فيها، بل قيل: ما من سوره من الطوال و اکثر القصار الا و يشتمل علي تفخيمها في مواضع، و کم من قسم اقسم الله بها في القرآن کقوله: (و السماء و الطارق، و ما ادريک ما الطارق النجم الثاقب) و قوله: (و الشمس و ضحيها، و القمر اذا تليها) و قوله: (فلا اقسم بالخنس الجوار الکنس، و النجم اذا هوي، فلا اقسم بمواقع النجوم و انه لقسم لو تعلمون عظيم) فکيف ظنک بما اقسم الله به و اخال الارزاق اليها، فقال: (و في السماء رزقکم و ما توعدون) و انني علي المتفکرين في فقال: (و يتفکرون في خلق السموات و الارض) و امر بالنظر اليه و التفکر فيه في

کثير من الايات، و ذم المعرضين عنه، فقال: (و جعلنا السماء سقفا محفوظا و هم عن آياتها معرضون) فاي نسبه لجميع البحار و الارض و الهواء الي السماء، و هذه متغيرات علي القرب و هي صلاب شداد محفوظات الي ان يبلغ الکتاب اجله، و لذلک سماها الله تعالي محفوظا، و قال: (و جعلنا السماء سقفا محفوظا) و قال: (و حفظناها من کل شيطان رجيم) و قال ايضا: (و بنينا فوقکم سبعا شدادا) و قال: (ئانتم اشد خلقا ام السماء) ثم ان الله زينها بمصابيح: (و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) و بالقمر (و جعل القمر فيهن نورا) و بالشمس (و جعل الشمس سراجا) و بالعرش (رب العرش العظيم) و بالکرسي (وسع کرسيه السموات و الارض) و باللوح (في لوح محفوظ) بالقلم (ن و القلم) و بالقضاء (فقضيهن سبع سموات) و بالقدر (فقدره منازل) و بالوحي و الامر (و اوحي في کل سماء امرها) و بالحکمه حيث ذکر ان خلقها مشتمل علي غايات صحيحه و اغراض عظيمه: (ربنا ما خلقت هذا باطلا، و ما خلقنا السماء و الارض و ما بينهما باطلا ذلک ظن الذين کفروا) و جعلها ايضا مصعد الاعمال، و مهبط الانوار، و قبله الدعاء، و محل الضياء و السناء، و جعل الوانها احسن الالوان، و هو المستنير، و اشکالها احسن الاشکال و هو

المستدير، و نجومها رجوما للشياطين، و علامات يهتدي في ظلمات البر و البحر. (و بالنجم هم يهتدون) و قيض الشمس طلوعها، فسهل معه التقلب بقضاء الاوطار في الاقطار، و غروبا يصلح معه الهدو و القرار في الاکناف لتحصيل الراحه و النبعاث القوه و تنفيذ الغذاء الي الاعضاء. و ايضا لو لا طلوع الشمس لا نجمدت المياه، و غلبت البروده و الکثافه، فاورثت جمود الحراره الغريزيه، و لو لا الغروب لحميت الارض حتي تحترق کل من عليها من انسان و حيوان، فهي بمنزله سراج واحد يوضع لاهل کل بيت بمقدار حاجتهم، ثم يرتفع عنهم ليستقروا و يستريحوا، فصار النور و الظلمه علي تضادهما متظاهرين، علي ما فيه صلاح قطان الارض. و اما ارتفاع الشمس و انحطاطها، فقد جعله الله سببا لاقامه الفصول الاربعه. و اما القمر فهو تلو الشمس و خليفتها، و به يعلم عدد السنين و الحساب، و يضيط المواقيت الشرعيه، و منه يحصل النماء و الرواء، و قد جعل الله في طلوعه و غروبه مصلحه، و کذا في تشکلاته المختلفه و ساير احواله من الاستقامه و السرعه و البطوء کما فصل في محله. و کيف کان فالمقصود الاصلي في المقام بيان کيفيه خلقه الارض، و انها هم خلقت، و ان ايجادها هل هو قبل السماء او بعدها. اما الاول

فالمستفاد من الاخبار ان الها زبد الماء الذي خلقه الله في الهواء، و هو الزبد الذي اشار اليه الامام عليه‏السلام بقوله: فرمي بالزبدر کامه، و الاخبار في هذا المعني کثيره قريبه من التواتر و ياتي جمله منها في ذيل المقام. و يشهد به ايضا ما عن تفسير الامام عليه‏السلام قال: قال اميرالمومنين عليه‏السلام: قال رسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم في قوله عز و جل: (الذي جعل لکم الارض فراشا) ان الله عز و جل لما خلق الماء فجعل عرشه عليه قبل ان يخلق السماوات و الارض و ذلک قول الله عز و جل: (هو الذي خلق السموات و الارض في سته ايام و کان عرشه علي الماء) يعني و کان عرشه علي الماء قبل ان يخلق السماوات و الارض، فارسل الرياح علي الماء فبخر (فتبخر خ ل) الماء من امواجه، فارتفع عنه الدخان و علا فوق الزبد، فخلق من دخانه السماوات السبع، فخلق من زبده الارضين السبع، فبسط الارض علي الماء، و جعل الماء علي الصفاء، و الصفاء علي الحوت، و الحوت علي الثور، و الثور علي الصخره التي ذکرها لقمان لابنه، فقال: (يا بني انها ان تک مثقال حبه من خردل فتکن في صخره او في السموات او في الارض يات بها الله) و الصخره علي الثري، و لا يعلم ما تحت الثري الا الله.

فلما خلق الله الارض دحاها من تحت الکعبه، ثم بسطها علي الماء، فاحاطت بکل شي‏ء. ففخرت الارض، و قالت: احطت بکل شي‏ء فمن يغلبني؟ و کان في کل اذن من آذان الحوت سلسله من ذهب مقرونه الطرف بالعرش، فامر الله الحوت فتحرکت، فتکفات الارض باهلها کما تکفي السفينه علي الماء قد اشتدت امواجه، و لم تستطع الارض الامتناع. ففخرت الحوت و قالت: غلبت الارض التي احاطت بکل شي‏ء فمن يلبني؟ فخلق الله عز و جل الجبال، فارساها و ثقل الارض بها، فلم تستطع الحوت ان تتحرک. ففخرت الجبال و قالت: غلبت الحوت التي غلبت الارض فمن يغلبني؟ فخلق الله عز و جل الحديد، فقطعت به الجبال و لم يکن عندها دفاع و لا امتناع. ففخر الحديد و قال: غلبت الجبال التي غلبت الحوت فمن يغلبني؟ فخلق الله عز و جل النار فالانت الحديد و فرقت اجزائه و لم يکن عند الحديد دفاع و لا امتناع. ففخرت النار و قالت: غلبت الحديد الذي غلبت الجبال فمن يغلبني؟ فخلق الله عز و جل الماء فاطفا النار و لم يکن عندها دفاع و لا امتناع. ففخر الماء و قال: غلبت النار التي غلبت الحديد فمن يغلبني؟ فخلق الله عز و جل الريح، و غلبت الماء فايبست الماء. ففخرت الريح و قال: غلبت الماء الذي غلب النار فمن يغلبني؟

فخلق الله عز و جل الانسان، فصرف الريح عن مجاريها بالبنيان. ففخر الانسان و قال: غلبت الريح التي غلبت الماء فمن يغلبني؟ فخلق الله عز و جل ملک‏الموت فامات الانسان. ففخر ملک‏الموت و قال: غلبت الانسان الذي غلب الريح فمن يغلبني؟ فقال الله عز و جل انا القهار الغلاب الوهاب اغلبک و اغلب کل شي‏ء فذلک قوله: (اليه يرجع الامر کله) فان قيل: المذکور في هذه الروايه و کذا الروايات الاتيه من خلق الارض من الزبد ينافي ظاهرا روايه الکافي التي رواها عن محمد بن مسلم، قال: قال لي ابوجعفر عليه‏السلام: کان کل شي‏ء ماء، و کان عرشه علي الماء، فامر الله عز و جل الماء فاضطرم نارا، ثم امر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان، فخلق الله السماوات من ذلک الدخان و خلق الارض من الرماد، ثم اختصم الماء و النار و الريح فقال الماء: انا جند الله الاکبر، و قال الريح: انا جند الله الاکبر، و قال الريح: انا جند الله الاکبر، و قالت النار انا جند الله الاکبر، فاوحي الله عز و جل الي الريح انت جندي الاکبر. فان المذکور في هذه الروايه خلقه الارض من الرماد. قلت: يمکن الجمع بينها بما قاله المجلسي و هو ان يکون الرماد احد اجزاء الارض مزج بالزبد و وقي الزبد بذلک الم

زج و تصلب، او يکون المراد بالارض المخلوق من الرماد بقيه الارض التي حصلت بعد الدحو، و الله العالم و اما الثاني فالاشهر الاظهر هو ان خلق الارض قبل السماء، و قيل بالعکس و لا يعبا به مع دلاله ظواهر الايات و قيام الاخبار المستفيضه علي خلافه. اما الايات فقد قال تعالي في سوره البقره: (هو الذي خلق لکم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسويهن سبع سموات و هو بکل شي‏ء عليم) و في سوره السجده: (قل ائنکم لتکفرون بالذي خلق الارض في يومين و تجعلون له اندادا ذلک رب العالمين، و جعل فيها رواسي من فوقها و بارک فيها و قدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين، ثم استوي الي السماء و هي دخان فقال لها و للارض ائتيا طوعا او کرها قالتا اتينا طائعين، فقضيهن سبع سموات) الايه. قال الزمخشري في تفسيره: قوله: ثم استوي الي السماء و المعني دعاه داعي الحکمه الي خلق السماء بعد خلق الارض و ما فيها من صارف يصرفه عن ذلک و هي دخان، قيل: کان عرشه قبل خلق السماوات و الارض علي الماء، فاخرج من الماء دخانا، فارتفع فوق الماء و علا عليه، فايبس الماء فجعله ارضا واحده ثم فتقها و جعلها ارضين، ثم خلق السماء من الدخان المرتفع انتهي. و روي في مجمع البيا

ن عن عکرمه، عن ابن‏عباس، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: ان الله خلق الارض في يوم الاحد و الاثنين، و خلق الجبال يوم الثلثاء، و خلق الشجر و الماء و العمران و الخراب يوم الاربعاء، فتلک اربعه ايام، و خلق يوم الخميس السماء، و خلق يوم الجمعه الشمس و القمر و النجوم و الملائکه و آدم هذا. و اما قوله تعالي في سوره النازعات: (ئانتم اشد خلقا ام السماء بنيها رفع سمکها فسويها و اغطش ليلها و اخرج ضحيها و الارض بعد ذلک دحيها) فلا يدل علي خلقه الارض بعد السماء کما توهمه بعض الملاحده و اورد عليها بانها منافيه للايات السابقه، اذ المستفاد منها کون دحو الارض بعد خلق السماء، و هو لا ينافي تقدم خلق اصل الارض علي السماء. قال الطبرسي قال ابن‏عباس: ان الله تعالي دحي الارض بعد السماء، و ان کانت الارض خلقت قبل السماء، و کانت ربوه مجتمعه تحت الکعبه فبسطها و ربما اجيب بان کلمه بعد ليست للتاخر الزماني، و انما هو علي جهه تعداد النعم و الاذکار لها، کما يقول القائل: اليس قد اعطيتک و فعلت بک کذا و کذا، و بعد ذلک ودد تلک، و ربما يکون بعض ما تقدم في اللفظ متاخرا بحسب الزمان، لاته لم يکن الغرض الاخبار عن الاوقات و الامکنه، بل المراد ذکر

النعم و التنبيه عليها، و ربما اقتضت الحال ايراد الکلام علي هذا الوجه. و اما الاخبار فهي کثيره منها ما في البحار عن الکافي باسناده عن سلام بن المستنير، عن ابي‏جعفر عليه‏السلام، قال: ان الله عز و جل خلق الجنه قبل ان يخلق النار و خلق الطاعه قبل ان يخلق المعصيه، و خلق الرحمه قبل الغضب، و خلق الخير قبل الشر و خلق الارض قبل السماء، و خلق الحياه قبل الموت، و خلق الشمس قبل القمر، و خلق النور قبل ان يخلق الظلمه، قال المجلسي قده بعد ذکر الحديث: لعل المراد بخلق الطاعه تقديرها، بل الظاهر في الاکثر ذلک الخلق بمعني التقدير و هو شايع و المراد بخلق الشر خلق ما يترتب عليه الشر ظاهرا و ان کان خيره غالبا و وجوده صلاحا. و منها ما فيه ايضا کالصافي عن علي بن ابراهيم القمي عن الصادق عليه‏السلام في جواب الابرش حيث ساله عن قول الله عز و جل: (او لم ير الذين کفروا ان السموات و الارض کانتا رتقا ففتقناهما) و قال: اخبرني فما کان رتقهما و ما کان فتقهما؟ فاجاب عليه‏السلام بقوله: هو کما وصف نفسه، کان عرشه علي الماء، و الماء علي الهواء، و الهواء، لا يحد، و لم يکن يومئذ خلق غيرهما، و الماء يومئذ عذب فرات، فلما اراد الله ان يخلق الارض امر الريا

ح فضربت الماء حتي صار موجا، ثم ازبد فصار زبدا و احدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعل جبلا من زبد، ثم دحي الارض من تحته، فقال الله تبارک و تعالي: (ان اول بيت وضع للناس للذي ببکه مبارکا) ثم مکث الرب تبارک و تعالي ما شاء، فلما اراد ان يخلق السماء مر الرياح فضربت البحور حتي ازبدتها، فخرج من ذلک الموج و الزبد من وسطه دخان ساطع من غر نار، فخلق الله منه السماء، و جعل فيها البروج و النجوم و منازل الشمس و القمر، و اجراها في الفلک و کانت السماء خضراء علي لون الماء الاخضر، و کانت الارض غبراء علي لون الماء العذب، و کانتا مرتوقتين ليس لهما ابواب و هو النبت و لم تمطر السماء عليها فتنبت، ففتق السماء بالمطر، و فتق الارض بالنبات، و ذلک قوله: او لم ير الذين کفروا الايه، و نسب الشارح البحراني هذه الروايه الي الباقر عليه‏السلام، و لعله اطلع علي سند آخر عنه عليه‏السلام لم نقف عليه. و منها روايه الروضه الاتيه. الثالث: ان المستفاد من کلامه عليه‏السلام ان السماء مخلوقه من الزبد حيث قال: و رمي بالزبد رکامه، فسوي منه سبع سماوات اه، لکن المستفاد من آيه السجده السالفه و من تفسير الامام عن اميرالمومنين عن النبي صلوات الله عليهم في قوله: ال

ذي جعل لکم الارض فراشا الي آخر ما مر سابقا، و من روايه الکافي عن محمد بن مسلم التي اسلفناها ايضا، و من ساير الروايات الوارده في باب الخلقه: ان السماء مخلوقه من الدخان. و جمع بينهما الشارح البحراني بقوله: فنقول: وجه الجمع بين کلامه عليه‏السلام و بين لفظ القرآن الکريم ما ذکره الباقر عليه‏السلام، و هو قوله فخرج من ذلک الموج و الزبد دخان ساطع من وسطه من غير نار، فخلق منه السماء، و لا شک ان القرآن الکريم لا يريد بلفظ الدخان حقيقته، لان ذلک انما يکون عن النار، و اتفق المفسرون الي ان هذا الدخان لم يکن عن نار، بل عن تنفس الماء و تبخيره بسبب تموجه، فهو اذن استعاره للبخار الصاعد من الماء و اذا کان کذلک فنقول: ان کلامه عليه‏السلام مطابق للفظ القرآن، و ذلک ان الزبد بخار يتصاعد علي وجه الماء عن حراره حرکته، الا انه مادامت الکثافه غالبه عليه و هو باق علي وجه الماء لم ينفصل، فانه يخص باسم الزبد، و ما لطف و غلبت عليه الاجزاء الهوائيه فانفصل خص باسم البخار و اذا کان الزبد بخارا و البخار هو المراد في القرآن الکريم کان مقصده و مقصد القرآن الکريم واحدا، فکان البخار المنفصل هو الذي تکونت عنه السماوات، و الذي لم ينفصل هو الذي تکو

نت عنه الارض. و اما وجه المشابهه بين الدخان و البخار الذي صحت لاجله استعاره لفظه فهو امر ان احدهما حسي و هو الصوره المشاهده من الدخان و البخار حتي لا يکاد يفرق بينهما في الحس البصري و الثاني معنوي و هو کون البخار اجزاء مائيه خالطت الهواء بسبب لطافتها عن حراره الحرکه، کما ان الدخان کذلک و لکن عن حراره النار، فان الدخان ايضا اجزاء مائيه انفصلت من جرم المحترق بسبب لطافتها عن حر النار، فکان الاختلاف بينهما ليس الا بالسبب، فلذلک صح استعاره اسم احدهما للاخر انتهي کلامه قده. اقول: هذا التوجيه وجيه جدا الا انه ينافي ما رواه الکليني في روضه الکافي باسناده عن محمد بن عطيه، قال: جاء رجل الي ابي‏جعفر عليه‏السلام من اهل الشام من علمائهم، فقال: يا اباجعفر جئت اسالک عن مسال قد اعيت علي ان اجد احد يفسرها، و قد سالت عنها ثلاثه اصناف من الناس، فقال کل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الاخر، فقال له ابوجعفر عليه‏السلام: ما ذاک؟ قال: فاني اسالک عن اول ما خلق الله من خلقه، فان بعض من سالته قال: القدر، و قال بعضهم: القلم و قال بعضهم: الروح، فقال ابوجعفر عليه‏السلام: ما قالوا شيئا اخبرک ان الله تبارک و تعالي کان و لا شي‏ء غيره، و ک

ان عزيزا و لا احد کان قبل عزه، و ذلک قوله: (سبحان ربک رب العزه عما يصفون) و کان الخالق قبل المخلوق، و لو کان اول ما خلق من خلقه الشي‏ء من الشي‏ء اذا لم يکن انقطاع ابدا، و لم يزل الله اذا و معه شي‏ء ليس هو يتقدمه و لکنه کان اذا لا شي‏ء غيره، و خلق الشي‏ء الذي جميع الاشياء منه و هو الماء الذي خلق الاشياء منه، فجعل نسب کل شي‏ء الي الماء و لم يجعل للماء نسبا يضاف الي شي‏ء، و خلق الريح من الماء ثم سلط الريح علي الماء فشققت الريح متن الماء حتي ثار من الماء زبد علي قدر ما شاء ان يثور، فخلق من ذلک الزبد ارضا بيضاء نقيه ليس فيها صدع و لا ثقب و لا صعود و لا هبوط و لا شجره، ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق النار من الماء فشققت النار متن الماء حتي ثار من الماء دخان علي قدر ما شاء الله ان يثور فخلق من ذلک الدخان سماء صافيه نقيه ليس فيها صدق و لا ثقب، و ذلک قوله: (و السماء بنيا، رفع سمکها فسويها، و اغطش ليلها، و اخرج ضحيها). قال عليه‏السلام: و لا شمس و لا قمر و لا نجوم و لا سحاب، ثم طويها فوضعها فوق الماء ثم نسب الخليقتين فرفع السماء قبل الارض، فذلک قوله عز ذکره: (و الارض بعد ذلک دحيها) يقول: بسطها قال: فقال له الشامي: ي

ا اباجعفر قول الله عز و جل: (او لم ير الذين کفروا ان السموات و الارض کانتا رتقا ففتقناهما) فقال له ابوجعفر عليه‏السلام: فلعلک تزعم انهما کانتا رتقا ملتزقتان ملتصقتان ففتقت احداهما عن الاخري، فقال: نعم، فقال ابوجعفر عليه‏السلام: استغفر ربک، فان قول الله عز و جل کانتا رتقا يقول کانت السماء رتقا لا تنزل المطر، و کانت الارض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارک و تعالي الخلق و بث فيها من کل دابه، فتق السماء بالمطر، و الارض بنبات الحب، فقال الشامي: اشهد انک من ولد الانبياء، و ان علمک علمهم عليهم‏السلام. فان المستفاد من الروايه هذه ان الدخان متکون من النار، و هو المستفاد ايضا من روايه محمد بن مسلم عن ابي‏جعفر عليه‏السلام التي سبقت، حيث قال فيها: فامر الله عز و جل الماء فاضطرم نارا، ثم امر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان، فخلق السماوات من ذلک الدخان، الي آخر ما مر، فدعوي الشارح اتفاق المفسرين علي عدم کون ذلک الدخان من نار مع قيام الاخبار علي خلافه مما لا يلتفت اليها. فان قلت: فما تقول في روايه القمي المتقدمه عن الصادق عليه‏السلام؟ حيث قال فيها: فخرج من ذلک الموج و الزبد دخان ساطع من وسطه من غير نار. قلت: لابد من

تاويلها اما بان يکون المراد بالنار غير النار المتعارفه المسبوقه الي الاذهان، او بوجه آخر من وجوه التاويل حتي تلايم الروايتين، و الا فلابد من طرحها، لان الروايتين مضافا الي کونهما اکثر عددا معتضدتان بالاعتبار العقلي و ظواهر آيه السجده و الاخبار، فلا تکافوهما الروايه المذکوره هذا. و المقام بعد ذلک محتاج الي التامل لتوجيه الجمع بين کلامه عليه‏السلام الدال علي خلق السماء من الزبد، و بين الايه و الاخبار الاخر، و يمکن التوجيه بارجاع الضمير في قوله عليه‏السلام فسوي منه راجعا الي الماء، لان النار التي تار منها الدخان لما کانت مخلوقه من الماء حسبما دلت عليه الروايتان، حسن استناد تسويه السماوات اليه فکان من قبيل استناد الشي‏ء الي علته البعيده، کما اسندت في غيره الي الدخان استنادا الي العله القريبه، فتامل جيدا. الرابع: ان المستفاد من قوله عليه‏السلام: فسوي منه سبع سماوات کون السماوات سبعا، و هو مما لا ريب فيه و لا خلاف، و يطابقه قوله تعالي في سوره البقره، (فسويهن سبع سموات) و في سوره السجده (فقضيهن سبع سموات) و في سوره النبا (و بنينا فوقکم سبعا شدادا). و انما خالف بعض من لا يعبابه في الارض و انکر کونها سبعا، و هو شاذ ض

عيف لا يلتفت اليه بعد دلاله ظاهر الايه علي خلافه، قال سبحانه في سوره الطلاق: (الله الذي خلق سبع سموات و من الارض مثلهن). و تاويلها بالاقاليم السبعه لا حاجه اليه، قال الطبرسي في تفسير الايه: اي و في الارض خلق مثلهن في العدد لا في الکيفيه، لان کيفيه السماء مخالفه لکيفيه الارض، و ليس في القرآن آيه تدل علي ان الارضين سبع مثل السماوات الا هذه الايه، و لا خلاف في السماوات و انها سماء فوق سماء، و اما الارضون فقال قوم: انها سبع ارضين طباقا بعضها فوق بعض کالسماوات، لانها لو کانت مصمته لکان ارضا واحده و في کل ارض خلق خلقهم الله کما شاء، و روي ابوصالح عن ابن‏عباس انها سبع ارضين ليس بعضها فوق بعض يفرق بينهن البحار، و يظل جميعهن السماء، و الله اعلم بصحه ما استاثر بعلمه و خفي علي خلقه انتهي، هذا. و روي في الاخبار المستفيضه ان غلظ کل سماء مسيره خمسماه عام، و من بين السماء الي السماء کذلک، و من هنا الي السماء الدنيا مثلها، و هذه الاخبار صريحه في بطلان قول الحکماء بنفي الخلاء و ذهابهم الي ان الافلاک ليس بينهما فرجه بل مقعر کل فلک فلک مماس لمحدب الفلک الاخر، لانه اذا کان بين کل منهما مسيره خمسماه عام فکيف يتصور الملاصقه و الم

ماسه، فلا يلتفت الي براهينهم العقليه التي اقاموها علي ذلک، و قد مر في روايه الروضه قول ابي‏جعفر عليه‏السلام للشامي: استغفر ربک، فانه لما کان معتقدا بمثل ما قاله الحکماء بالاخذ عن کتبهم امره بالاستغفار، فيدل علي تحريم هذا الاعتقاد و امثاله، فابطل الملاصقه و الالتزاق بينهما. الخامس: ان قوله عليه‏السلام: (ثم زينها بزينه الکواکب). قد بينا سابقا ان الضمير فيه محتمل الرجوع الي السفلي و الرجوع الي السماوات باعتبار ان تزيين البعض تزيين الجميع، و اللازم في المقام تحقيق محل الکواکب و تعيينه. فاقول: الذي ذهب اليه اصحاب الهيئه بل ادعي اتفاقهم عليه هو ان الثوابت کلها في الفلک الثامن، و اما السيارات فالمشهور ان القمر في الفلک الذي هو اقرب الينا، ثم عطارد، ثم زهره، ثم الشمس، ثم المريخ، ثم المشتري، ثم زحل، و فوقها فلک الثوابت المسمي بلسان الشرع بالکرسي، ثم فلک الاطلس الذي هو غير مکوکب و يسمي في لسان الشرع بالعرش، و اختار هذا المذهب في المقام الشارح البحراني. و ذهب طائفه و منهم السيد الجزايري و الشارح المعتزلي الي انها في السماء الدنيا، و مال اليه شيخنا البهائي علي ما عزي اليه، و يظهر من کلام الفخر الرازي ميله اليه ايضا، و هو

الاظهر. لنا ظاهر قوله سبحانه في سوره الصافات: (انا زينا السماء الدنيا بزينه الکواکب، و حفظا من کل شيطان مارد) و في سوره السجده (و زينا السماء الدنيا بمصابيح و حفظا ذلک تقدير العزيز العليم) و في سوره الملک (و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح و جعلناها رجوما للشياطين) و اما الاولون فقد استدلوا علي مذهبهم في الثوابت و انها في الفلک الثامن بما حکاه عنهم الرازي في التفسير، قال عند الکلام علي تفسير الايه الثالثه: و اعلم ان اصحاب الهيئه اتفقوا علي ان هذه الثوابت مرکوزه في الفلک الثامن الذي هو فوق اکر السيارات، و احتجوا عليه بان بعض هذه الثوابت في الفلک الثامن يجب ان تکون کلها هناک، و انما قلنا: ان بعضها في الفلک الثامن، و ذلک لان الثوابت التي تکون قريبه من المنطقه تنکسف بهذه السيارات، فوجب ان تکون الثوابت المنکسفه فوق السيارات الکاسفه، و انما قلنا: ان هذه الثوابت لما کانت في الفلک الثامن وجب ان تکون کلها هناک، لانها باسرها متحرکه حرکه واحده بطيئه في کل ماه سنه درجه واحده فلابد و ان تکون مرکوزه في کره واحده، و علي مذهبهم في السيارات بان زحل ينکسف بالمشتري فيکون فوقه، و المشتري ينکسف بالمريخ فهو فوقه، و اما کون الشمس ت

حتها فلان لها اختلاف منظر دون العلويه، و اما الزهره و عطارد فلا جرم بکونهما تحت الشمس او فوقها، اذ لا يکسفها غير القمر، و لا يدرک کسفها لشي‏ء من الکواکب، لاحتراقها عند مقارنتها، و لا يعرف لهما اختلاف منظر ايضا لانهما لا يبعدان عن الشمس کثيرا و لا يصلان الي نصف النهار، و الاله التي يعرف بها اختلاف المنظر انما تنصب في سطح دائره نصف‏النهار، فحکموا بکونهما تحت الشمس استحسانا، لتکون متوسطه بين السته بمنزله شمسه القلاده. و روي عن الشيخ و من تقدمه انه راي الزهره کشامه علي وجه الشمس و بعضهم ادعي انه راها و عطارد کشامتين عليها، و سميتا سفليين لذلک کما يسمي ما فوق الشمس علويه، و الزهره منها فوق عطارد لانکسافها به، و القمر تحت الکل لانکساف الکل به. اقول: اما دليلهم في الثوابت فمضافا الي مخالفته لظواهر الايات ضعيف في نفسه قال الرازي في تفسير الايه الاولي بعد ذکر مذهب الحکماء: انا قد بينا في علم الهيئه ان الفلاسفه لم يتم لهم دليل في بيان ان هذه الکواکب مرکوزه في الفلک الثامن، و لعلنا شرحنا هذا الکلام في تفسير قوله تعالي: و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح، و قال عند تفسيره بعد ذکر مذهبهم و دليلهم الذي حکيناه عنه آنفا و اعل

م ان هذا الاستدلال ضعيف، فانه لا يلزم من کون بعض الثوابت فوق السيارات کون کلها هناک، لانه لا يبعد وجود کره تحت کره القمر و تکون في البطو مساويه لکره الثوابت، و تکون الکواکب المرکوزه فيما يقارن القطبين مرکوزه في هذه الکره السفليه، اذ لا يبعد وجود کرتين مختلفتين بالصغر و الکبر مع کونهما متشابهتين في الحرکه، و علي هذا التقدير لا يمتنع ان تکون هذه المصبيح مرکوزه في السماء الدنيا، فثبت ان مذهب الفلاسفه في هذا الباب ضعيف انتهي. و انت بعد ما عرفت ضعف دليلهم فيما ذهبوا اليه مع عدم قيام برهان عقلي او نقلي آخر عليه، تعرف انه لا وجه لتاويل الايات الشريفه علي ما يطابق مذهبهم، کما اولها الشارح البحراني حيث انه بعد اختياره مذهب الحکماء و ذکره الاشکال فيه بتنافيه لظاهر الايه، اجاب بانه لا تنافي بين ظاهر الايه و بين ما ذکرناه، و ذلک ان السماء الدنيا لما کانت لا تحجب ضوء الکواکب، و کانت اوهام الخلق حاکمه عند النظر الي السماء و مشاهده الکواکب بکونها مزينه بها، لا جرم صح قوله تعالي: انا زينا السماء الدنيا بزينه الکواکب، لان الزينه بها انما هي بالنسبه الي اوهام الخلق للسماء الدنيا انتهي کلامه. و الحاصل ان ظواهر الادله حجه لو لم

يقم دليل علي خلافه، و مع عدمه فالظاهر حجه، و لا وجه لرفع اليد عنه، و لذلک قال الشارح المعتزلي، و الواجب التصديق بما في ظاهر لفظ الکتاب العزيز. و اما دليلهم في السيارات فقد عرفت انه غير و اف بتمام مدعاهم، لما ذکرنا من ان الترتيب الذي ادعوه في عطارد و زهره و کونهما سفليين بالنسبه الي الشمس و ما فوقها مستند الي مجرد الاستحسان، الا انه لا باس به، لعدم قيام دليل علي خلافهم هنا، و ان هو الا کسائر ادلتهم المستند الي الحدس و الرياضه في ابواب النجوم و الهيئه، لکن السيد الجزائري ادعي قيام الاخبار علي خلاف ما ادعوه من الترتيب، و لکنا بعد لم نظفر علي تلک الاخبار الداله علي الخلاف صريحا، بل قد مضي في شرح قوله: و ضياء الثواقب، عن الصادق عليه‏السلام ما يفيد کون زحل في السماء السابعه، نعم في بعضها تلويح الي ذلک، و لعله ياتي شطر منها في مقامها المناسب. فان قيل: علي تقدير کون کل من السيارات في کل من السماوات يکون کل واحد منها مزينه بکوکبها المرکوزه فيها، فما وجه التخصيص للزينه بالسماء الدنيا في الايه؟ قلت: لما کان الموجود علي هذا التقدير في کل واحد منها واحد من الکواکب، و هو نادر في جنب ساير الکواکب الکثيره الثابته في السماء

الدنيا التي لا يعلم عددها الا الله سبحانه، لا جرم حسن تخصيصها بالذکر. و يمکن الجواب بنحو آخر اولي، و هو ان المقصود في الايات بيان کون الکواکب زينه و سببا للحفظ من الشياطين معا، و الحفظ لما کان بهذه الکواکب الثابته في هذه السماء، حسن التخصيص، و القول بتاتي الحفظ بالسيارات ايضا مما يابي عنه العقول المستقيمه، اذ مع وجود هذه الکواکب علي قربها و کثرتها في هذه السماء و حصول حفظها بها لا يحکم العقل السليم بان ينقض کوکب من الفلک السابع مثلا مع بعده و وحدته، فيوجب الحفظ کما هو ظاهر. فان قيل: المستفاد مما ذکرت ان الشهب التي جعلت رجوما للشياطين هي تلک الکواکب المزينه بها السماء، و هذا مشکل جدا لان هذه الشهب تبطل و تضمحل، فلو کانت هذه الشهب تلک الکواکب الحقيقيه لوجب ان يظهر نقصان کثير في اعداد کواکب السماء، و معلوم ان هذا المعني لم يوجد البته فان اعداد کواکب السماء باقيه علي حاله واحده من غير تغير البته، و ايضا جعلها رجوما مما يوجب وقوع النقصان في زينه السماء، و الجمع بين هذين المقصودين کالجمع بين المتنافيين. قلنا: ليس معني رجم الشياطين بالکواکب هو انهم يرمون باجرام الکواکب، بل يجوز ان ينفصل من الکواکب شعل ترمي الشياطين

بها، و تلک الشعل هي الشهب، و ما ذاک الا کقبس يوخذ من نار، و النار باقيه بحالها. و العجب ان الشارح البحراني اجاب عن الاشکال المذکور باختيار ان الشهب غير تلک الثوابت الباقيه، ثم قال: فاما قوله: و زينا السماء الدنيا بمصابيح و جعلناها رجوما للشياطين، فنقول: کل مضي‏ء حصل في الجو العالي او في السماء فهو مصباح لاهل الارض، الا ان تلک المصابيح منها باقيه علي طول الزمان و هو الثوابت، و منها متغيره و هي هذه الشهب التي يحدثها الله و يجعلها رجوما للشياطين، و يصدق عليها انها زينه للسماء ايضا بالنسبه الي اوهامنا انتهي، و بمثل هذا اجاب الفخر الرازي ايضا عند تفسير الايه الاولي. و لکنک خبير بمنافاته لظواهر الايات خصوصا الايه الثالثه، حيث ان الضمير في قوله: و جعلناها رجوما، راجع الي المصابيح، و الظاهر من المصابيح هي الکواکب بشهاده الايتين الاوليين، و لا داعي الي التاويل و رفع اليد عن الظاهر مع اندفاع الاشکال بما ذکرناه. هذا ما ادي اليه الفهم القاصر في المقام، و تکلمنا علي ما يقتضيه عقولنا القاصره، و الله العالم بحقايق ملکوت سمائه. السادس: في الاشاره الي بعض ما يتعلق بالنيرين اعني الشمس و القمر اللتين اشار عليه‏السلام اليهما بقو

له: فاجري فيهما سراجا مستطيرا، و قمرا منيرا، فان لهما احوالا کثيره من حيث القطر و الحرکه، و سرعتها و بطوها، و الخسوف و الکسوف العارضين لهما، و الکلف الحاصل في وجه القمر، و زياده نور الشمس عليه، و الحراره الموجوده لها دون القمر، الي غير هذه من الحالات التي بحث عنها علماء الهيئه بحسب ما وصل اليها اوهامهم القاصره، و مقصودنا في المقام بيان بعض الاحوال الطاريه عليهما حسب ما يستفاد من الايات و الاخبار الماثوره عن اهل العصمه و الطهاره سلام الله عليهم. فنقول: انهما من اجل کونهما من اعظم الايات و لعظم ما يترتب عليهما من الثمرات من اصلاح الاثمار و النباتات و مدخليتهما في ضبط السنين و الحساب و الاوقات و غير ذلک من المنافع الحاصله منهما للعنصريات، کرر الله سبحانه ذکرهما في کثير من السور و الايات، و ببالي انه ينيف علي عشرين قال سبحانه في سوره البقره. (يسئلونک عن الاهله قل هي مواقيت للناس و الحج) اشاره الي بعض منافع القمر الحاصله فيه من حيث الزياده و النقصان و الطلوع و الافول، و هو ان الحکمه في ذلک ان يعرف الناس معالم امورهم، و اوقات عباداتهم الموظفه في حقهم، و قال في سوره يونس: (هو الذي جعل الشمس ضياء و القمر نورا و قدره

منازل لتغلموا عدد السنين و الحساب، ما خلق الله ذلک الا بالحق، يفصل الايات لقوم يعلمون) اي قدر مسير کل واحد منهما منازل، و الضمير راجع الي خصوص القمر، و تخصيصه بالذکر لسرعه سيره و معاينه منازله و اناطه احکام الشرع به، و لذلک علله بقوله: لتعلموا عدد السنين و الحساب، اي حساب الاوقات من الاشهر و الساعات في التصرفات و المعاملات. قيل: ان الحساب يبني علي اربع مراتب: الساعات، و الايام، و الشهور، و السنون، فالعدد للسنين، و الحساب لما دون و هي الشهور، و الايام، و الساعات، و بعد هذه المراتب الاربع لا يحصل الا التکرار، و کما انهم رتبوا العدد علي اربع مراتب: الاحاد، و العشرات، و المات، و الالوف، و ليس بعدها الا التکرار و معني قوله: (ما خلق الله ذلک الا بالحق) الا متلبسا بالحق مراعيا فيه مقتضي الحکمه البالغه: (يفصل الايات لقوم يعلمون) فانهم المنتفعون بذلک، و قريب منه قوله في سوره الاسري: (و جعلنا الليل و النهار آيتين فمحونا آيه الليل و جعلنا آيه النهار مبصره لتبتغوا فضلا من ربکم و لتعلموا عدد السنين و الحساب و کل شي‏ء فصلناه تفصيلا) اي جعلنا الليل و النهار دلالتين يدلان علي القادر الحکيم، فمحونا آيه الليل اي الايه التي هي

الليل و جعلناها مظلمه، و الاضافه بيانيه، و جعلنا آيه النهار مبصره، اي مضيئه او مبصره للناس من ابصره فبصر، لتبتغوا فضلا من ربکم، اي لتطلبوا في بياض النهار اسباب معاشکم و تتوصلوا به الي استبانه اعمالکم. و قيل: ان المراد بالايتين الشمس و القمر، و تقدير الکلام و جعلنا نيري الليل و النهار آيتين، و المراد بمحو آيه الليل التي هي القمر نقص نورها شيئا فشيئا الي المحاق، او المراد بمحوها کونها مظلمه في نفسها مطموسه النور بما جعل فيها من السواد. اقول: و هذا هو الاظهر و يدل عليه الاخبار المستفيضه. فمنها ما في البحار عن العيون في خبر يزيد بن سلام، انه سال النبي صلي الله عليه و آله و سلم، ما بال الشمس و القمر لا يستويان في الضوء و النور؟ قال: لما خلقهما الله اطاعا و لم يعصيا شيئا، فامر الله عز و جل جبرئيل ان يمحو ضوء القمر فمحاه، فاثر المحو في القمر خطوطا سودا، و لو ان القمر ترک علي حاله بمنزله الشمس لم يمح، لما عرف الليل من النهار، و لا النهار من الليل، و لا علم الصائم کم يصوم، و لا عرف الناس عدد السنين، و ذلک قول الله عز و جل: و جعلنا الليل و النهار الايه، قال: صدقت يا محمد، فاخبرني لم سمي الليل ليلا؟ قال: لانه يلايل الر

جال من النساء، جعله الله عز و جل الفه و لباسا، و ذلک قول الله عز و جل: و جعلنا الليل لباسا، و جعلنا النهار معاشا، قال: صدقت يا محمد و روي في الصافي عن العلل مثله الي قوله و ذلک قول الله و جعلنا الليل اه. و منها ما فيه ايضا عن کتاب النجوم لابن‏طاووس نقلا من کتاب ابن ابي‏جمهور باسناده ان اميرالمومنين عليه‏السلام لما صعد المنبر و قال سلوني قبل ان تفقدوني قال: فقام اليه رجل فساله عن السواد الذي في وجه القمر، فقال عليه‏السلام اعمي سال عن عمياء، اما سمعت الله عز و جل يقول: فمحونا آيه الليل و جعلنا آيه النهار مبصره، و السواد الذي تراه في القمر ان الله عز و جل خلق من نور عرشه شمسين، فامر جبرئيل، فامر جناحه الذي سبق من علم الله جلت عظمته لما اراد ان يکون من اختلاف الليل و النهار و الشمس و القمر، و عدد الساعات و الايام و الشهور، و السنين و الدهور، و الارتحال و النزول، و الاقبال و الادبار، و الحج و العمره، و محل الدين و اجر الاجير، و عدد ايام الحبل و المطلقه، و المتوفي عنها زوجها، و ما اشبه ذلک. قال المجلسي قده بعد نقل الحديث بيان الذي اي علي الذي سبق في علم الله ان يکون قمرا، و الظاهر انه کان هکذا علي احدهما للذي سبق ا

نتهي. و منها ما رواه ايضا عن العياشي عن ابي‏بصير، عن الصادق عليه‏السلام في قوله تعالي: فمحونا آيه الليل، قال: هو السواد الذي في جوف القمر، الي غير ذلک مما يقف عليها المتتبع هذا. و بما ذکرنا عرفت سبب السواد في القمر و انه من فعل جبرئيل و امر الله سبحانه، و ليس سببه ما توهمه الفلاسفه و ارباب الهيئه و اختلفوا فيه علي اقوال تبلغ الي سبعه: الاول انه خيال لا حقيقه له، و رد بانه لو کان کذلک لاختلف فيه الناظرون، لاستحاله موافقه الکل علي خيال واحد. الثاني انه شبه ما ينطبع فيه من السفليات من الجبال و البحار و غيرها، و رد بانه يلزم حينئذ ان يختلف القمر في قربه و بعده و انحرافه عما ينطبع فيه. الثالث انه السواد الکاين في الوجه الاخر، و رد بانه يجب علي ذلک ان لا يري هذا متفرقا. الرابع ان سببه التاذي من کره النار، لقرب ما بينهما، و رده الشيخ الرئيس بان هذا لا يلايم الاصول الحکميه، فان الاجسام الفلکيه لا ينفعل عن الاجسام العنصريه، و ايضا ان الفلک غير قابل للتسخن عندهم. الخامس ان جزء منه لا يقبل النور کما يقبله غيره، و رد بانه يلزم علي هذا عدم اطراد القول ببساطه الفلکيات، و في هذا هدم لقواعدهم المبنيه علي بساطتها. السادس ان

وجه القمر مصوره بصوره وجه الانسان، فله عينان و حاجبان و انف و فم، و رد بانه يلزم ان يبطل فعل الطبيعه عندهم، و ذلک لان لکل عضو طلب نفع و دفع ضرر، فان الفم لدخول الغذاء، و الانف للاستشمام، و الحاجبين لدفع العرق عن العينين، و ليس القمر قابلا لشي‏ء من ذلک، فيلزم التعطيل الدائم فيما زعمتم انه علي احسن النظام و ابلغه. السابع ان هذا السواد اجسام سماويه مختلفه معه في تدويره غير قابله للاناره بالتساوي حافظه لوضعها معه دائما. هذه اقوالهم التي حکيت عنهم في المقام، و قد عرفت فساد الجميع في انفسها، مضافا الي قيام الاخبار علي خلافها، و ظهر لک ان السبب فيه امر القادر المختار المسخر تحت قدرته الشمس و القمر و الليل و النهار هذا. و اما ما رواه في الصافي عن الصادق عليه‏السلام: لما خلق الله القمر کتب عليه لا اله الا الله محمد رسول‏الله، عن اميرالمومنين، و هو السواد الذي ترونه في القمر، فلا ينافي الاخبار السالفه، لجواز ان يکون المحو الواقع في الاحاديث السابقه بهذه الکتابه الواقعه في هذا الحديث، و تمام هذا الحديث ما رواه الطبرسي في الاحتجاج و المحدث الجزايري (ره) في الانوار عن قاسم بن معاويه قال: قلت لابي‏عبدالله عليه‏السلام: هول

اء يروون حديثا في معراجهم انه لما اسري برسول‏الله صلي الله عليه و آله و سلم راي علي العرش لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، ابوبکر الصديق، فقال: سبحان الله غير و اکل شي‏ء حتي هذا؟ قلت: نعم، قال: ان الله عز و جل لما خلق العرش کتب عليه: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الماء کتب في مجراه: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الله عز و جل الکرسي کتب علي قوائمه: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الله عز و جل اللوح کتب فيه: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الله اسرافيل کتب علي جبهته: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الله السماوات کتب في اکنافها: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الله الارضين کتب في اطباقها: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و لما خلق الله عز و جل الجبال کتب علي روسها: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله علي اميرالمومنين، و لما خلق الله عز و جل الشمس کتب الله عز و جل عليها: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و ل

ما خلق الله عز و جل القمر کتب عليه: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، علي اميرالمومنين، و هو السواد الذي ترونه في القمر، فاذا قال احدکم: لا اله الا الله، محمد رسول‏الله، فليقل علي اميرالمومنين. فان قيل: ان الکتابه المکتوبه علي وجه القمر الموجبه للکلف و السواد فيه علي ما دلت عليه الروايه، مکتوبه بعينها علي الشمس ايضا، فلم لم توجب السواد فيها؟ حيث انه لو کان فيها سواد لشاهدناه؟ قلت: اجاب عنه الجزايري بان عدم المشاهده لشده النور و زياده الضياء المانع عنها. و لکنک خبير بما فيه لما قد عرفت في الاخبار السالفه ان نوريهما کانا علي حد سواء، و کان سبب قله نور القمر هو المحو الحاصل بالکتابه، فلم تکن الشمس في الاصل اشد نورا حتي لا يظهر فيها اثر الکتابه، و الاولي ان يجاب بان المقصود لما کان تمايز الليل و النهار، و معرفه السنين و الحساب، کانت الکتابه علي وجه القمر بخط جلي لحصول ذلک الغرض، بخلاف الشمس، و العلم عند الله هذا و قد تحقق مما ذکرنا سبب اختلاف نوري الشمس و القمر، بما لا مزيد عليه. و اما سبب اختلافهما في الحراره، فهو ما بينه الامام عليه‏السلام في روايه الکافي باسناده عن محمد بن مسلم، قال: قلت لابي‏جعفر عليه‏السلام:

جعلت فداک لاي شي‏ء صارت الشمس اشد حراره من القمر؟ فقال: ان الله خلق الشمس من نور النار و من صفو الماء طبقا من هذا و طبقا من هذا حتي اذا کانت سبعه اطباق البسها لباسا من نار، فمن ثم صارت اشد حراره من القمر، قلت جعلت فداک، و القمر، قال: ان الله تعالي ذکره خلق القمر من ضوء نور النار و صفو الماء طبقا من هذا و طبقا من هذا حتي اذا کانت سبعه اطباق البسها لباسا من نار فمن ثم صار القمر ابرد من الشمس. و رواه في البحار عن العلل و الخصال ايضا و قال بعد ذکره الحديث توضيح قوله: حتي اذا کانت سبعه اطباق، يحتمل ان يکون المعني ان الطبقه السابعه فيها من نار، فيکون حرارتها لجهتين، لکون طبقات النار اکثر بواحده، و کون الطبقه العليا من النار، و يحتمل ان يکون لباس النار طبقه ثامنه، فتکون الحراره للجهه الثانيه فقط، و کذا في القمر يحتمل الوجهين، ثم انه يحتمل ان يکون خلقهما من النار و الماء الحققتين من صفوهما و الطفهما، و ان يکون المراد جوهرين لطيفين مشابهين لهما في الکيفيه، و لم يثبت امتناع کون العنصريات في الفلکيات، و قد دل الشرع علي وقوعه في مواضع شتي هذا. و بقي الکلام في حرکتي الشمس و القمر. فاقول: لم نظفر في الاخبار بما يفيد التعي

ين، نعم في بعضها ما يدل علي سرعه الحرکه، مثل ما روي عن سوال النبي صلي الله عليه و آله و سلم عن الروح الامين، من زوال الشمس و جوابه بقوله: لا، نعم، فقال صلي الله عليه و آله له: کيف تقول: لا، نعم، فقال من حيث قلت: لا، الي قلت: نعم، سارت الشمس مسيره خمسماه عام و ما رواه المجلسي قده عن قصص الراوندي باسناده عن الصدوق، باسناده عن محمد بن مسلم عن ابي‏جعفر عليه‏السلام قال: ان موسي عليه‏السلام سال ربه ان يعلمه زوال الشمس، فوکل الله بها ملکا، فقال يا موسي: قد زالت الشمس، فقال موسي: متي؟ فقال: حين اخبرتک، و قد سارت خمسماه عام و عن الکافي عن علي بن ابراهيم باسناده عن ابي‏الصباح الکناني، عن الاصبغ بن نباته، قال: قال اميرالمومنين عليه‏السلام: ان للشمس ثلاثماه و ستين برجا، کل برج منها مثل جزيره من جزاير العرب، فتنزل کل يوم علي برج منها، فاذا غابت انتهت الي حد بطنان العرش، فلم تزل ساجده الي الغد، ثم ترد الي موضع مطلعها و معها ملکان يهتفان معها، و ان وجهها لاهل السماء، و قفاها لاهل الارض، و لو کان وجهها لاهل الارض لاحترقت الارض و من عليها من شده خرها، و معني سجودها: ما قال سبحانه و تعالي: (الم تر ان الله يسجد له من في السموات

و من في الارض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب و کثير من الناس) قال المجلسي (ره) بعد روايه الحديث توضيح- ثلاثماه و ستين برجا- لعل المراد بالبرج الدرجات التي تنتقل اليها بحرکتها الخاصه، او المدارات التي تنتقل الي واحد منها کل يوم، فيکون هذا العدد مبنيا علي ما هو الشايع بين الناس من تقدير السنه به، و ان لم يکن مطابقا لشي‏ء من حرکتي الشمس و القمر- مثل جزيره من جزاير العرب- اي نسبتها الي الفلک مثل نسبه جزيره من الجزائر الي الارض، او الغرض التشبيه في اصل العظمه لا خصوص المقدار، و المقصود بيان سرعه حرکتها و ان کانت بطيئه بالنسبه الي الحرکه اليوميه، قال الفيروزآبادي: جزيره العرب ما احاط به بحر الهند و بحر الشام ثم دجله و الفرات و ما بين عدن ابين الي اطراف الشام طولا و من جده الي ريف العراق عرضا- فاذا غابت- اي بالحرکه اليوميه- الي حد بطنان العرش- اي وسطه، و لعل المراد وصولها الي دائره نصف‏النهار من تحت الارض، فانها بحذاء اوساط العرش بالنسبه الي اکثر المعموره، اذ ورد في الاخبار ان العرش محاذ للکعبه- فلم تزل ساجده- اي مطيعه خاضعه منقاده جاريه بامره تعالي حتي ترد الي- مطلعها- و المراد بمطلعها ما قدر ا

ن تطلع منه في هذا اليوم، او ما طلعت فيه في السنه السابقه في مثله و قوله:- و معني سجودها- يحتمل ان يکون من تتمه الخبر لبيان انه ليس المراد بالسجود ما هو المصطلح، و لعل الاظهر انه من کلام الکليني او غيره انتهي. هذا في حرکه الشمس. و اما القمر فهو اسرع حرکه من الشمس، کما، قال سبحانه: (لا الشمس ينبغي لها ان تدرک القمر) اي في سرعه سيره، لان الشمس تقطع بروج الفلک في ثلاثماه و خسمه و ستين يوما و شي‏ء، و القمر في ثمانيه و عشرين يوما. و في الصحيفه‏السجاديه علي صاحبها افضل الصلاه و التحيه في دعائه اذا نظر الي الهلال: (ايها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في منازل التقدير المتصرف في فلک التدبير) قال بعض شراح الصحيفه: وصفه عليه‏السلام القمر بالسرعه اشاره الي سرعه حرکته العرضيه التي تکون بتوسط فلک تدويره، فانه اسرع عن ساير الکواکب بهذا الاعتبار، اما الثوابت فظاهر، لکون حرکتها من ابطا الحرکات حتي ان القدماء لم يدرکوها، فقيل: انها تتم الدوره في ثلاثين الف سنه، و قيل: في سته و ثلاثين الف سنه، و اما السيارات فلان زحل يتم الدوره في ثلاثين سنه، و المشتري في اثنتي‏عشره سنه، و المريخ في سنه و عشره اشهر و نصف شهر، و کلا من الشم

س و الزهره و عطارد في قريب سنه، و اما القمر فيتم الدوره في نحو من ثمانيه و عشرين يوما، فکان اسرعها حرکه، و اما حرکته الذاتيه و ان قال بهاجم غفير من اساطين الحکماء، حيث اثبتوا لجميع الکواکب حرکه ذاتيه و تدور بها علي انفسها، فهي علي تقدير ثبوتها غير محسوسه و لا معروفه، فحمل وصف القمر بالسرعه علي هذه الحرکه بعيد، نعم لا يبعد حمله علي حرکته المحسوسه علي انها ذاتيه له، کما ذهب اليه بعضهم من جواز کون بعض حرکات السيارت في افلاکها من قبيل حرکه السابح في الماء، و يويده ظاهر قوله تعالي: (و الشمس و القمر کل في فلک يسبحون) انتهي و اورد صاحب شرح الاشارات علي القول بالحرکه الذاتيه، بان هذه تقتضي ان يکون المحو المرئي في وجه القمر شيئا غير ثابت في جرمه و الا لتبدل وضعه. هذا مجمل الکلام فيما يتعلق بالاجسام العلويه و عالم الملکوت، و قد تکلمنا فيه بحسب ما ساعدنا الوقت و المجال، و اما تفصيل حالاتها علي ما تعرضوا له بحسب الوسع و الطاقه البشريه فليطلب من مظانه و مواقعه، و العلم عند الله و النبي و اوصيائه الکرام عليهم‏السلام. الترجمه: يعني پس از آن انشاء کرد خداوند سبحانه و تعالي گشادن فضاها و شکافتن طرفها و گشادگيهاي هوا را، پس ج

اري نمود در آن گشادگيها آبي که تلاطم داشت و زننده يکديگر بود موجهاي او، و تراکم داشت و بالاي همديگر بود انبوهي او، بار نمود آن آب را بر پشت بادي که تند بود وزيدن او، و سخت جنباننده که شديد بود صداي او، پس امر نمود آن باد را به برگردانيدن آن آب به طرف بالا، و مسلط گردانيد آن را به محکم بستن آن آب و مقرون و نزديک نمود آن باد را به نهايت و حد آن آب که فاصله نبود ميان آنها، هوا از زير آن گشاده شده، و آب از بالاي آن ريخته گرديده، پس بعد از اين بيافريد حق سبحانه و تعالي بادي که عقيم نمود وزيدن او را يا اينکه عقيم بود وزيدن او يا اينکه تنگ بود جاي وزيدن او، و دايم نمود ملازمت آن باد را به حرکت دادن آب، و شديد و محکم نمود جريان آن را و دور نمود مهب و منشاء آن را به حيثيتي که هيچ کس را اطلاع نيست بر اينکه از کجا ناشي مي‏شود، پس مامور نمود آن را بر تحويل و بر هم زدن آب انبوه و بر هم خورده و حرکت دادن و برانگيختن موج درياها، پس حرکت داد و بجنبانيد آن باد آن آب را مثل جنبانيدن خيک دوغ به جهت گرفتن روغن، و سخت روان شد به آن آب مثل روان شدن آن در جاهاي خالي در حالتي که برمي‏گردانيد اول آن آب را به آخر آن، و ساکن آن را به م

تحرک آن، حتي اينکه بلند شد معظم آن، و انداخت کف را تراکم آن، پس بلند نمود آن کف را در هواي مفتوح و فضاي واسع، پس خلق کرد و مستقيم نمود از آن کف يا از آن آب هفت آسمان را در حالتي که گردانيد زيرين آن آسمانها را مثل موج در صفا يا از خود موج که ممنوع بود از سيلان، و گردانيد بالاتر آنها را سقفي که محفوظ بود از سقوط و انهدام، و بنائي که بلند بود و مرتفع بي‏ستوني که نگاه بدارد آن را و بدون مسمار و ريسماني که منتظم و ملتئم نمايد آن را، پس از آن زينت بخشيد آن آسمانها را با زينت ستاره‏هاي درخشنده، و با روشني کوکبها يا شهابهاي جهنده که به نور خود هوا را سوراخ‏کننده‏اند، و روان گردانيد در آن آسمانها چراغي که منتشر بود روشني او به اطراف عالم که عبارتست از آفتاب، و جاري نمود ماهي را که نوردهنده بود و تابان در فلک گردنده و سقف سيرکننده و لوح حرکت کننده و جنبنده.

[صفحه 3]

اللغه: (اطوار) جمع طور کثوب و اثواب، و هو في الاصل التاره يقال: اتيته طورا بعد طور، اي تاره بعد تاره و يجي‏ء بمعني الحاله، و المراد به هنا الاصناف المختلفه کما فسر به قوله تعالي: (و قد خلقکم اطوارا). اي مختلفين في الصفات، اغنياء و فقراء، و زمناء و اصحاء، (و الملائکه) ماخوذه من الالوک و هو الرساله، يقال: الک بين القوم الکامن باب ضرب، و الالوک الرسول، و واحدها ملک، و اصله علي ما قاله الفيومي ملاک، و وزنه معفل، فنقلت حرکه الهمزه الي اللام و سقطت لکثره الاستعمال فوزنه معفل فان الفاء هي الهمزه و قد سقطت، و قيل: ماخوذ من لاک اذا ارسل، فملائک مفعل فنقل الحرکه و سقطت الهمزه و هي عين، فوزنه مفل و علي کل تقدير فملک اما اسم مکان بمعني محل الرساله، او مصدر ميمي بمعني المفعول (و السجود) و (الرکوع) هنا جمع ساجد و راکع، و فاعل الصفه يجمع علي فعول اذا جاء مصدره عليه ايضا (و الانتصاب) القيام (و الصف) من صففت الشي‏ء من باب نصر اذا نظمته طولا مستويا و منه صف الجماعه (و التزايل) التفارق (و السامه) الملاله و الضجر (و يغشيهم) مضارع غشيته اي انيته (و الفتره) الانکسار و الضعف (و السدنه) جمع سادن کخدمه و خادم لفظا و معني

(و المارقه) اي الخارجه يقال: مرق السهم من الرميه اذا خرج من الجانب الاخر (و الاقطار) الاطراف (و الارکان) جمع الرکن کاقفال و قفل و هو جانب الشي‏ء و المراد هنا الاجزاء و الجوارح (و الناکس) المتاطي‏ء راسه (و تلفع) بالثوب تلحف و اشتمل به (و النظاير) جمع نظيره و هي المثل و الشبه في الاشکال و الافعال و الاخلاق، و النظير المثل في کل شي‏ء قيل: و في بعض النسخ بالنواظر، اي بالابصار، و في بعضها بالمواطن اي بالامکنه. الاعراب: کلمه ثم هنا للترتيب الحقيقي فيکون فتق السماوات بعد خلق الشمس و القمر بل بعد جعلها سبعا و خلق الکواکب فيها، و يحتمل ان يکون للترتيب الذکري، و ناکسه و تالياها مرفوعات علي انها اوصاف للمناسبه المرفوعه بالابتداء، او معطوفات عليها او علي الثابته بحذف العاطف، و مسوغ الابتداء في المعطوفات مع نکارتها اما عطفها علي ما يصح الابتداء، او کون الخبر مجرورا، مثل و لکل اجل کتاب، او کون الصفه عامله عمل الرفع، و هذه قواعد ثلاث من القواعد المصححه للابتداء بالنکرات، صرح به ابن هشام في المغني، او لقيام الصفه مقام الموصوف و هو رابع القواعد المسوغه للابتداء بالنکره کما قرر في الادبيه، مثل مومن خير من مشرک، اي رجل مومن خي

ر، و يحتمل ان يکون ناکسه و المرفوعان بعدها خبرا لمبتداء محذوف، و الجمله استينافا بيانيا کانه سئل عن حال الملائکه المتصفه بالاوصاف السالفه و عن شانهم، فقال (ع): هم ناکسه الابصار دون العرش هذا و عن بعض النسخ ناکسه و متلفعين و مضروبه بالنصب علي الحاليه، و مثلها محل الجملات بعدها، اعني قوله لا يتوهمون اه. المعني: لما ذکر (ع) کيفيه خلق السماوات السبع و تزيينها بزينه الشمس و القمر و الکواکب، اشار بعد ذلک الي سکانها و حالات الساکنين فيها و صفاتهم و اصنافهم المختلفه باختلاف الصفات، و اقسامهم الکثيره بکثره الشئون و الحالات فقال (ع): (ثم فتق ما بين السماوات العلي) المستفاد من کلام الشارح البحراني ان کلمه ثم هنا للترتيب الذکري حيث قال: فان قلت: لم اخر ذکر فتق السماوات و اسکان الملائکه لها عن ذکر اجراء الشمس و القمر و تزيينها بالکواکب و معلوم ان فتقها متقدم علي اختصاص بعضها ببعض الکواکب؟ قلت: ان اشارته الي تسويه السماوات اشاره جمليه، فکانه قدر او لا ان خلق السماوات کره واحده کما عليه بعض المفسرين، ثم ذکر عليا هن و سفلا هن لجريانهما مجري السطحين الداخل و الخارج لتلک الکره، ثم اشار الي بعض کمالاتها و هي الکواکب و الشمس و

القمر جمله، قم بعد ذلک اراد التفصيل فاشار الي تفصيلها و تمييز بعضها عن بعض بالفتق و اسکان کل واحده منهن ملاء معينا من الملائکه، ثم عقب ذلک بتفصيل الملائکه، و لا شک ان تقديم الاجمال و تعقيبه بالتفصيل اولي في الفصاحه انتهي. اقول: ظاهر کلمه ثم و ظاهر سياق کلامه (ع) انها هنا للترتيب الحقيقي فيستفاد منهما ان خلق السماوات بعد خلق الشمس و القمر و الکواکب، و بعد جعلها سببا، و دعوي معلوميه تقدم الفتق علي اختصاص بعضها ببعض الکواکب ممنوعه اذ لم يقم دليل علي التقدم، بل يمکن ان يکون السماوات السبع مرتتقه مطبقه مخلوقه فيها الکواکب، ثم فصل بينها بالهواء و نحوه، کما روي نظيره في مجمع البيان عن ابن‏عباس في تفسير الايه الشريفه: (او لم يرالذين کفروا ان السموات و الارض کانتا رتقا ففتقناهما). حيث قال: المعني کما کانتا ملتزقتين منسدتين ففصلنا بينهما بالهواء، عن ابن‏عباس و غيره انتهي. فان قيل: قد مضي في ثالث تنبيهات الفصل السابق في حديث ابي‏جعفر (ع) ما يدل علي بطلان هذا التفسير، حيث امر الشامي بالاستغفار عن زعم کون المراد بالرتق و الفتق الالتصاق و الانفصال الي آخر مامضي. قلت: ما ذکرناه هنا من مجمع البيان انما هو علي سبيل التنظير، ض

روره ان کلامنا في فتق السماوات، و تفسير ابن‏عباس کالحديث السابق ناظران الي فتق السماء و الارض، و احدهما غير الاخر، و بطلان احتمال الا لتصاق بين السماء و الارض بدليل خاض لا يوجب بطلان احتمال الا لتصاق في السماوات السبع. و الحاصل انه لا دليل علي کون ثم في کلامه (ع) للترتيب الذکري بخصوصه بل يحتمل ذلک و کونها للترتيب المعنوي، و علي اي تقدير ففي کلامه (ع) دلاله علي بطلان مذهب الفلاسفه من تماس الافلاک و عدم الفصل بينهما بهواء و نحوه. و کيف کان فلما خلق الله سبحانه السماوات و فصل بعضها عن بعض (ملاهن اطوارا من ملائکته) و اسکنهم فيها علي وفق ما يقتضيه تدبيره و حکمته، و للناس في ماهيه الملائکه آراء، متشته و اهواء مختلفه. فمنهم من قال: انها اجسام لطيفه نورانيه قادره علي التشکيلات باشکال مختلفه کامله في العلم و القدره علي الافعال الشاقه، مسکنها السماوات، رسل الله الي انبيائه و امنائه علي وحيه يسبحون الليل و النهار لا يفترون، و لا يعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يومرون، نسبه في شرح المقاصد الي اکثر الامه و الفخر الرازي الي اکثر المسلمين. و منهم من قال: انها هي هذه الکواکب الموصوفه بالاسعاد و الانحاس المسعدات ملائکه الرحم

ه، و المنحسات ملائکه العذاب، و هو مذهب عبده الاوثان. و منهم من قال: انهم متولدون من جوهر النور لا علي سبيل التناکح، بل علي سبيل تولد الضوء من المضي‏ء، و الحکمه من الحکيم، کما ان الشياطين متولدون من جوهر الظلمه حسب تولد السفه من السفيه، و هو راي معظم المجوس و الثنويه المثبتين للاصلين حسب ماهر تفصيله في شرح الفصل السابع من فصول الخطبه، و هذه الاقوال متفقه في کون الملائکه اشياء متحيزه جسمانيه. و منهم من قال: انهم في الحقيقه هي الانفس الناطقه بذاتها المفارقه للابدان علي نعت الصفا و الخيريه، کما ان الشياطين هي الانفس الناطقه علي وصف الخباثه و الکدره، و هو قول طائفه من النصاري. و منهم من ذهب الي انها جواهر قائمه بانفسها و مخالفه بنوع النفوس الناطقه البشريه من حيث الماهيه و اکمل منها قوه، و اکثر علما، و انما النفوس البشريه جاريه منها مجري الاضوا، بالنسبه الي الشمس، ثم ان هذه الجواهر علي قسمين منها ما هي بالنسبه الي اجرام الافلاک و الکواکب کنفوسنا الناطقه بالنسبه الي ابداننا و منها ما هي اعلي شانا من تدبير اجرام الافلاک، بل هي مستغرقه في معرفه الله و محبته، و مشتغله بطاعته، و هذا القسم هم الملائکه المقربون، و نسبتهم

الي الملائکه الذين يدبرون السماوات کنسبه اولئک المدبرين الي نفوسنا الناطقه و هذان القسمان اتفقت الفلاسفه علي اثباتهما. و منهم من اثبت نوعا آخر و هي الملائکه المدبره لاحوال هذا العالم السفلي ثم قالوا: ان المدبرات ان کانت خيرات فهم الملائکه، و ان کانت شريره فهم الشياطين، و هذه الاقوال الاخيره متفقه في نفي التحيز و الجسميه عنها هذا. و قال المحدث المجلسي طاب ثراه في البحار: اعلم انه اجتمعت الاماميه بل جميع المسليمن الا من شذ منهم من المتفلسفين الذين ادخلوا انفسهم بين المسلمين لتخريب اصولهم و تضييع عقايدهم: علي وجود الملائکه، و انهم اجسام لطيفه نورانيه اولي اجنحه مثني و ثلاث و رباع و اکثر قادرون علي التشکل بالاشکال المختلفه، و انه سبحانه يورد عليهم بقدرته ما شاء من الاشکال و الصور علي حسب الحکم و المصالح، و لهم حرکات صعودا و هبوطا، و کانوا يراهم الانبياء و الاوصياء عليهم‏السلام، و القول بتجردهم و تاويلهم بالعقول و النفوس الفلکيه و القوي و الطبايع و تاويل الايات المتظافره و الاخبار المتواتره تعويلا علي شبهات واهيه و استبعادات و هميه، زيغ عن سبيل الهدي، و اتباع لاهل الهوي و العمي انتهي. ثم ان للملائکه اقساما لا تحصي

حاصله من اختلافهم في النعوت و الصفات و تفاوتهم في المراتب و الدرجات، فمنهم الکروبيون و منهم الروحانيون و منهم المدبرون و منهم الحافظون و منهم المسبحون و منهم الصافون و منهم امناء الوحي و سفراء الرسل و منهم الخزنه للجنان و منهم الزبانيه للنيران الي غيرذلک، و قد اشار الي جمله منها الامام سيد الساجدين و زين‏العابدين (ع) في دعاء الصحيفه في الصلاه علي حمله العرش و کل ملک مقرب، و اما الامام (ع) فقد قسمهم هنا الي اقسام اربعه و فصلهم بکلمه من، و الظاهر ان القسمه ليست حقيقه، بان يکون بين الاقسام تباينا و انفصالا حقيقتا، ضروره جواز اتصاف بعض هذا الاقسام بالاوصاف الثابته لغيره، و جواز اجتماع اثنين منها، او ثلاثه او جميع الاربعه في نوع و احدا و فرد واحد کما قال (ع) في الصيحفه السجاديه: (اللهم و حمله عرشک الذين لا يفترون من تسبيحک، و لا يسامون من تقديسک). حيث اثبت لحمله العرش کونهم مسبحين و قد فصل هنا حيث قال (ع) و مسبحون لا يسامون، و منهم الثابته اه و قد علم مما ذکرنا ان هذه القسمه ليست ايضا بعنوان منع الجمع، فبقي کونها بعنوان منع الخلو، او جميع اصناف الملائکه من المذکورين هنا و غيرهم يمکن دخوله في قوله (ع): و مسبحون لا

يسامون، اذ ما من ملک الا و هو مسبح له سبحانه کما قال سبحانه حکايه عنهم: و نحن نسبح بحمدک، غايه الامر ان بعضا منهم متصف مع ذلک بصفه اخري او جبت جعله قسما براسه فافهم. و مما ذکرنا يظهر ما في کلام القطب الراوندي علي ما حکي عنه الشارح المعتزلي من جعله حفظه العباد و السدنه لابواب الجنان مع امناء الوحي قسما و احدا و ارجاعه الاقسام الاربعه الي الثلاثه، کما يظهر منه ايضا ما في کلام الشارح البحراني من جعله امناء الوحي و السنه الرسل و المختلفين بالقضاء و الامر، داخلين في الاقسام السابقه علي هذا القسم في کلامه (ع)، لما عرفت من ان تفصيله في الاقسام باعتبار اختلاف الصفات، لا باعتبار القسمه الحقيقه، و معه لا داعي الي تقليل الاقسام و ارجاع بعضها الي بعض و ادخالها فيه، و ان کان المقصود بيان ان حفظه العباد و السدنه للابواب کما ان فيهم وصف الحافظه و السدانه کذلک فيهم وصف الامانه. فنقول: ان فيهم وصف المسبحيه ايضا فما الداعي الي جعلهم مع الامناء بخصوصهم قسما و احدا، و کذلک نقول: ان اتصاف امناء الوحي و السنه الرسل و المختلفين بالقضاء و الامر، بکونهم مع ذلک ايضا سجودا لا يرکعون مثلا لا يوجب ادخالهم في هذا القسم، لانا نقول: انهم م

تصفون مع ذلک بکونهم حفظه العباد ايضا فان جبرئيل مثلا مع کونه امين الوحي کان حافظا لابراهيم (ع) مثلا عند القاء النار، و ليوسف (ع) في غيابه الجب و نحو ذلک. اذا عرفت ذلک فلنرجع الي شرح الکلام و توضيح الاقسام التي اشار اليها بقوله: (فمنهم) اي القسم الاول منهم (سجود لا يرکعون، و رکوع لا ينتصبون، و صافون لا يتزايلون، و مسبحون لا يسامون) يعني ان بعضا منهم ساجد لا يرفع راسه من السجود ليرکع، و منهم من هو راکع لا يقوم من رکوعه، و منهم صافون للعباده لا يتفارقون من مکانهم، و منهم مسبحون لا يملون من تسبيحهم، کما قال سبحانه حکايه عنهم: (و ما منا الا له مقام معلوم، و انا لنحن الصافون، و انا لنحن المسبحون). اشاره الي تفاوت مراتبهم و درجاتهم في العباده، اي مامنا احد الا له مقام معلوم في العباده و المعرفه و الانتهاء الي امر الله في تدبير العالم، و انا لنحن الصافون في اداء الطاعه و منازل الخدمه، و انا لنحن المسبحون المنزهون الله عما لا يليق به. و قيل: ان المراد بالصافين القائمون صفوفا في الصلاه و عن الکلبي صفوف الملائکه في السماء کصفوف اهل الدنيا في الارض، و عن الجبائي المعني صافون باجنحتنا في الهواء للعباده و التسبيح، و المرا

د بالمسبحين القائلون سبحان الله علي وجه التعظيم لله هذا. و ينبغي ان يعلم ان المراد بالسجود و الرکوع و الصيف و التسبيح في کلامه (ع) ما هو المتبادر منها، اعني وضع الجبهه علي ما يصح السجود عليه في الاول، و الانحناء في الثاني، و القيام في خط مستطيل في الثالث، و قول سبحان الله و نحوه في الرابع، و انکر الشارح البحراني ذلک و لا باس بنقل عبارته لتوضيح مارامه. قال: ثم ان السجود و الرکوع و الصف و التسبيح عبادات متعارفه من الحق و متفاوته في استلزام کمال الخشوع و الخضوع، و لا يمکن حملها علي ظواهرها المفهومه منها، لان وضع الجبهه علي الارض و انحناء الظهرء و الوقوف في خط واحد و حرکه اللسان بالتسبيح امور مبنيه علي وجود هذه الالات التي هي خاصه ببعض الحيوانات، و بالحري ان يحمل تفاوت المراتب المذکوره لهم علي تفاوت کمالاتهم في الخضوع و الخشوع لکبرياء الله و عظمته، اطلاقا للفظ الملزوم علي لازمه علي ان السجود في اللغه هو الانقياد و الخضوع کمامر. اذا عرفت ذلک فنقول: يحتمل ان يکون قوله منهم سجود اشاره الي مرتبه الملائکه المقربين، لان درجتهم اکمل درجات الملائکه، فکانت نسبه عبادتهم و خضوعهم الي خضوع من دونهم کنسبه خضوع السجود الي خضوع

الرکوع. فان قلت: انه قد تقدم ان الملائکه المقربين بين مبروون عن تدبير الاجسام و التعلق بها، فکيف يستقيم ان يکونوا من سکان السماوات و من الاطوار الذين ملئت بهم قلت: ان علاقه الشي‏ء بالشي‏ء و اضافته اليه يکفي فيها ادني مناسبه بينهما، و المناسبه هنا حاصله بين الاجرام السماويه و بين هذا الطور من الملائکه، و هي مناسبه العله للمعلول، و الشرط للمشروط انتهي، و اشار بقوله: فان قلت: انه قد تقدم اه، الي ما ذکره سابقا من ان المقربين هم الذوات المقدسه عن الجسميه و الجهه، و عن حاجتها الي القيام بها و عن تدبيرها اه. اقول: و انت خبير بما فيه. اما اولا فلان صرف الالفاظ المذکوره عن معانيها الظاهره فيها حسب ما اعترف به لاوجه له، بل قد قام الاخبار المتواتره علي المعني الظاهر، مثل ما رواه في البحار عن ابي‏ذر قال: قال رسول‏الله (ص): اني اري ما لا ترون، و اسمع ما لا تسمعون ان السماء اطت و حق لها ان تئط ما فيها موضع اربع اصابع الا و ملک واضع جبهته ساجد الله. و عن ابن‏جبير ان عمر سال النبي (ص) عن صلاه الملائکه فلم يرد عليه شي‏ء فاتاه جبرئيل فقال ان اهل سماء الدنيا سجود الي يوم القيامه يقولون: سبحان ذي الملک و الملکوت، و اهل السماء ا

لثانيه رکوع الي يوم القيامه يقولون: سبحان ذي العزه و الجبروت، و اهل السماء الثالثه قيام الي يوم القيامه يقولون: سبحان الحي الذي لا يموت. و في الانوار عن الصادق (ع) قال: قال رسول‏الله (ص) مررنا ليله المعراج بملائکه من ملائکه الله عز و جل، خلقهم الله کيف شاء، و وضع و جوههم کيف شاء ليس شي‏ء من اطباق و جوههم الا و هو يسبح الله و يحمده من کل ناحيه باصوات مختلفه اصواتهم مرتفعه بالتسبيح و البکاء من خشيه الله، فسالت جبرئيل عنهم، فقال: کما تري خلقوا ان الملک منهم الي جنب صاحبه ما کلمه قط، و لا رفعوا رووسهم الي ما فوقهم، و لا خفضوا رووسهم الي ما تحتهم، خوفا من الله و خشوعا، فسلمت عليهم فردوا علي ايماء برووسهم، و لا ينظرون الي من الخشوع، فقال لهم جبرئيل: هذا محمد نبي الرحمه ارسله الله الي العباد رسولا و نبيا، و هو خاتم الانبياء و سيدهم، قال: فلما سمعوا ذلک من جبرئيل اقبلوا علي بالسلام، و بشروني و اکرموني بالخير و لامتي. قال الشارح: انه جاء في الخبر ان حول العرش سبعين الف صف قيام قد وضعوا ايديهم علي عواتقهم رافعين اصواتهم بالتهليل و التکبير، و من ورائهم ماه الف صف قد وضعوا الايمان علي الشمائل ما منهم احد الا و هو يسبح ا

لي غير ذلک، مما يقف عليه المتتبع، فان نص الروايه الاولي ان سجود الملائکه انما هو بوضع الجبهه، و المستفاد من تخصيص الساجدين بالسماء الدنيا و الراکعين بالثانيه، و القائمين بالثالثه، في الروايه الثانيه ان المراد من کل من الالفاظ المذکوره معانيها المتعارفه، اذا لواريد المعني الذي ذکره الشارح لزم ان يکون الساجدون الذين هم اکمل خشوعا، ادني درجه و اسفل مکانا من الراکعين الذين هم ادني خشوعا منهم، و هکذا و هو کما تري. و منه يظهر ايضا فساد ما ذکره الشارح في شرحه من جعل الساجدين عباره عن المقربين، و الراکعين عباره عن حمله العرش، و الصافين عباره عن الحافين حول العرش، بملاحظه ان زياده الخشوع يوجب ارتفاع الدرجه، و الساجد اعلي خشيه من الراکع فيکون اعلي درجه منه، و الراکع اکمل خشوعا من الصافين فيکون اعلي مقاما منهم. وجه ظهور الفساد ان ما ذکره من قبيل الاستدلال بالعقل، و لا عبره به في مقابل النس الدال علي الخلاف، و اما الروايه الثالثه فقد استفيد منها ان تسبيح الملائکه انما هو برفع الاصوات و تکلمهم بحرکه اللسان، حيث انهم ردوا السلام او لا علي النبي بالايماء، ثم تعرض عليهم جبرئيل بالتکلم فسلوا عليه (ع) و بشروه، و اما الروايه ال

رابعه فقد دلت علي ان صف الملائکه انما هو بالقيام، کما دلت علي تسبيحهم برفع الاصوات هذا. و مما ذکرناه عرفت ايضا ما في تخصيص الجوارح و الالات ببعض الحيوات، و انکار ثبوتها في حق الملائکه علي ما هو المسثفاد من ظاهر کلامه، فان هذا عجب غايه العجب، ضروره ان الملائکه لهم ايدو ارجل و عواتق و ابصار و وجوه و اجنحه الي غير ذلک من الجوارح المثبته لهم في الايات و الاخبار و الاثار، بل کان ان يکون ضروريا، غايه الامر ان جوارحهم ليس من قبيل جوارحنا کثيفه، بل نورانيه لطيفه، و الظاهر ان ما ذکره من فروعات مذهب الفلاسفه المستنده الي الاوهام السخيفه و العقول الناقصه و الاستبعادات الوهميه حسبما عرفت سابقا، و لا يعباء بها قبال الادله القاطعه و البراهين الساطعه. و اما ثانيا فلانه لقائل ان يقول: انه اذا لم يکن خضوع الملائکه و خشوعهم بعنوان السجده و الرکوع و القيام و التسبيح و نحو ذلک من العناوين المتصوره في عبادات البشر ففي ضمن اي عنوان يخضعون و يخشعون؟ و ان کان المراد بالخضوع التکويني، ففيه ان الخضوع التکويني عام لجميع الموجودات، و لا اختصاص له بالملائکه، اذ کل شي‏ء خاضع له و مقهور تحت قدرته، قال: (و ان من شي‏ء الا يسبح بحمده) و ان ا

ريد الخضوع التکليفي کما هو الظاهر فلابد و ان يکون التکليف في ضمن عنوان من العناوين، و الثابت في الاخبار ان عبادتهم انما هو في ضمن واحد من العناوين المذکوره، و لم يثبت عنوان آخر وراء تلک العناوين من الادله النقليه و العقل لا مسرح له فيها. هذا کله مضافا الي قوله سبحانه: (فسجد الملائکه کلهم اجمعون الا ابليس). فان ذلک مقيد للعموم من جهات عديده، فيدل علي سجود جميع اصناف الملائکه و آحادهم و حينئذ نقول: ان سجدتهم لادم اما ان يکون بالعنوان المتعارف الذي هو وضع الجبهه کما هو الظاهر، ففيه دلاله علي هدم جميع ما قاله الشارح، و اما ان يکون عباره عن مجرد اظهار التواضع فهو خلاف الظاهر اولا من حيث انهم اظهروا التواضع لادم، و اعترفوا بفضيلته حين انباهم بالاسماء و ثانيا من حيث ان حکايه حال قوم لقوم بالفاظ مخصوصه يوجب اراده المعاني المتعارفه عند المحکي لهم من هذه الالفاظ، و لا ريب ان المتبادر من السجده هو المعني الشرعي، هذا کله مضافا الي افاده بعض الاخبار کون سجودهم بالعنوان المتعارف، و بعد التنزل نقول: ان اکثر المفسرين احتملوا اراده کل من المعنيين، فلو لم يتصور في حقهم وضع الجبهه لما احتملوا ذلک بل جعلوا الايه نصا في المعني ا

لاخر. و اما ثالثا فان احتماله کون المراد بالسجود الملائکه المقربون نظر الي کون درجتهم اکمل الدرجات کما ان خضوع السجودي افضل الخضوعات ممنوع، لما قد مر في الروايه السابقه من ان اهل السماء، الدنياهم الساجدون، و انه ليس في السماء موضع اربع اصابع الا و فيها ملک ساجد، مع ان المقربين عنده ارفع درجه من حمله العرش الذين هم اعلي درجه من اهل السماء الدنيا بمراتب، و من اهل ساير السماوات ايضا. و اما رابعا فان المستفاد من الايراد الذي اورده علي نفسه من کون المقربين منزهين عن تدبير الاجسام اه، و تقريره في الجواب ذلک حيث لم يتعرض لرده مضافا الي تصريحه سابقا بما ذکره في الايراد حسب ما حکيناه عنه: ان المقربين عنده منزهون عن الجهه و الجسميه و تدبير الاجسام و التعلق بها کما هو راي الفلاسفه الذي ببناء سابقا، و علي ذلک فنقول ان جبرئيل هل هو ملک مقرب ام لا؟ فان قال: لا، و لا اظنه قائلا به، فقد رد قوله سبحانه في وصفه: (انه لقول رسول کريم، ذي قوه عند ذي العرش مکين، مطاع ثم امين). فان المکانه هو القرب کما صرح به المفسرون، و قوله (ع) في الصحيفه السجاديه: و جبرئيل الامين علي وحيک، المطاع في اهل سمواتک، المکين لديک المقرب عندک). و الاخب

ار الکثيره الداله علي ذلک، مثل ما راه علي بن ابراهيم في حديث المعراج قال جبرئيل: اقرب الخلق الي الله انا و اسرافيل الي غير ذلک مما لا حاجه الي ذکره. و ان قال نعم و هو الظاهر من کلامه بل صريحه في ذيل قوله: و منهم امناء علي وحيه، فنقول: انه کيف لا يکون في جهه و مکان و لقد قال سبحانه: (و لقد راه نزله اخري، عند سدره المنتهي). و قال: (و لقد راه بالافق المين). و کيف يمکن انکار جسميته و قد ملاء ما بين الخافقين باجنحته، و کيف ينکر تدبيره الاجسام مع انه کان ناصرا للنبي في غزواته، و مصاحبا معه في خلواته، و قالعا لبلاد قوم لوط، و مهلکا بصيحته لثمود، و قد وصفه الله بکونه مطاعا في السماوات و معناه ان يطاع له في الامر و النهي، و معلوم ان الامر و النهي انما يکونان لتدبير الامور. و اما خامسا فان ما ذکره من کفايه ادني الملابسه في صحته الاضافه مسلم، الا ان هذا الجواب يدفعه ما مر في الروايه، من انه ليس في السماء موضع اربع اصابع الا و فيها ملک ساجد، و مثله الروايه الاخري، فانهما صريحتان في سکون الملائکه ساجدين في السماء بعنوان الحقيقه لا بعنوان المجاز. و اما سادسا فان قوله: و المناسبه حاصله بين الاجرام السماويه و بين هذا الطور

من الملائکه، و هي مناسبه العله للمعلول، و الشرط للمشروط، مما لا يفهم معناه. اذا العله الفاعلي للسماوات هو الله سبحانه، و العله المادي هو الماء او الدخان او الزبد او نور محمد (ص) علي ما مر، و لا عليه للملائکه في شي‏ء منها، و القول بانه سبحانه عله العلل و ان العله للسماوات العقول المجرده، هو مذهب الفلاسفه الباطل عند الاماميه. و کيف کان فقد وضح و ظهر ان الملائکه المشغولين بطاعه الله علي اصناف اربعه: منهم سجود، و منهم رکوع، و منهم صفوف لا يتفارقون عن صفهم، و منهم مسبحون لا يملون من تسبيحهم بل يتقوون به، کما قال سبحانه: (فالذين عند ربک يسبحون له بالليل و النهار و هم لا يسامون). (لا يغشيهم نوم العيون) الظاهر رجوع الضمير الي الصنف السابق، و الظاهر اطراد الاوصاف في الجميع. ثم مفاد کلامه (ع) عدم غشيان النوم للملائکه و علله الشارح البحراني (ره) بان غشيان النوم لهم مستلزم لصحه النوم عليهم، و اللازم باطل في حقهم، فالملزوم مثله، اما الملازمه فظاهره، و اما بطلان اللازم فلان النوم عباره عن تعطيل الحواس الظاهره عن افعالها، لعدم انصباب الروح النفساني اليها، او رجوعها بعد الکلال و الضعف، و الملائکه السماويه منزهون عن هذه الاسب

اب و الالات، فوجب ان يکون النوم غير صحيح في حقهم فوجب ان لا يغشيهم. و عن القطب الراوندي ان معني قولهم لا يغشيهم نوم العيون يقتضي ان لهم نوما قليلا لا يغفلهم عن ذکر الله، فاما الباري سبحانه فانه لا تاخذه سنه و لا نوم اصلا مع انه حي، و هذه هي المدحه العظمي، و اورد عليه الشارح المعتزلي بقوله: و لقائل ان يقول: لو ناموا قليلا لکانوا زمان النوم و ان قل غافلين عن ذکر الله، لان الجمع بين النوم و بين الذکر يستحيل، ثم قال، و الصحيح ان الملک لا يجوز عليه النوم کما لا يجوز عليه الاکل و الشرب، لان النوم من توابع المزاج و الملک لامزاج له، و اما مدح الباري بانه لا تاخذه سنه و لا نوم فخارج عن هذا الباب، لانه يستحيل عليه النوم استحاله ذاتيه لا يجوز تبدلها، و الملک يجوز ان يخرج عن کونه ملکا بان يخلق في اجزاء جسميه رطوبه و يبوسه و حراره و بروده يحصل من اجتماعها مزاج و يتبع ذلک المزاج النوم، فاستحاله النوم عليه انما هي مادام ملکا، فهو کقولک: الماء بارد، اي مادام ماء لانه يمکن ان يستحيل هواء ثم نارا فلا يکون باردا لانه ليس حينئذ ماء، و الباري جلت عظمته يستحيل علي ذاته ان يتغير، فاستحال عليه النوم استحاله مطلقه مع انه حي، و من هذ

ا نشا التمدح انتهي. و ظاهره کما تري انکار صحه النوم عليه مطلقا و استحالته في حقه، لان تجويزه له مع الخروج عن حقيقته الملکيه مما لا يقابل بالانکار و خارج عن محل الکلام، و اما المستفاد من الکلام المحکي عن الراوندي فهو انه يعرضهم حاله السنه و هو اول النعاس و لا يعرضهم النوم الموجب للغفله. و يمکن الاستشهاد عليه بما رواه الصدوق باسناده عن داود العطار، قال: قال لي بعض اصحابي: اخبرني عن الملائکه اينامون، فقلت: لا ادري، فقال: يقول الله عز و جل: (يسبحون الليل و النهار لا يفترون) ثم قال: الا اطرقک عن ابي‏عبدالله (ع) فيه بشي‏ء، قلت: بلي، فقال: سئل عن ذلک فقال: ما من حي الا و هو ينام ما خلا الله وحده عز و جل: فقلت: يقول الله عز و جل يسبحون اليل و النهار لا يفترون فقال: انفاسهم تسبيح هذا. و به ظهر الجواب عما اورده الشارح المعتزلي بانهم لو ناموا قليلا لکانوا زمان النوم غافلين، کما ظهر به وجه الجمع بين قوله (ع): لا يغشيهم نوم العيون، و بين الروايه المرويه في العلل لمحمد بن علي بن ابراهيم بن هاشم، قال: سئل ابو عبدالله (ع) عن الملائکه ياکلون و يشربون و ينکحون، فقال: لا، انهم يعيشون بنسيم العرش، فقيل له: ما العله في نومهم، فق

ال: فرقا بينهم و بين الله عز و جل، لان الذي لا تاخذه سنه و لا نوم هو الله. و حاصل الجمع ان يحمل النوم في هذه الروايه و ما شابهها من الاخبار المثبته له، علي النوم القليل المعبر عنه بالسنه الغير المانعه عن الذکر و التسبيح. و في قوله لا يغشيهم نوم العيون علي النوم الغالب الموجب للغفله، و لا يبعد استفاده هذا المعني من قوله: لا يغشيهم، کما ذکره الراوندي باخذه من الغشي الموجب لتعطيل القوي المحرکه، الا انه خلاف الظاهر، و الظاهر انه ماخوذ من غشيته اذا اتيته، فلا دلاله فيه من حيث الوضع، و انما الدلاله باقتضاء الجمع الذي ذکرناه، و عليه فالمعني انه لا ياتيهم نوم العيون الموجب للغفله، کما ياتي غيرهم. و هذا نظير ما روي في خواص النبي (ع) من انه کان ينام عينه و لا ينام قلبه انتظار اللوحي الالهي، فالنوم و ان اعتراه، لکنه لا يعطله عن مراقبه ربه سبحانه کما يعطل غيره و الله العالم (و لا سهو العقول، و لا فتره الابدان، و لا غفله النسيان.) الفرق بين السهو و النسيان و الغفله: ان السهو هو عزوب الشي‏ء و انمحاوه عن القوه الذاکره مع ثبوته في الحافظه بحيث يلحظ الذهن عند الالتفات اليه، و النسيان هو ذهابه عنهما معا بحيث يحتاج في تحصيله ال

ي کسب جديد، و الغفله اعم منهما، و لما کان هذه الامور الثلاثه من عوارض القوي الانسانيه صح سلبها عن الملائکه، لعدم وجود تلک المعروضات فيهم کما في الانسان، و سلب الاعم و ان کان مستلزما لسلب الاخص الا انه (ع) جميع فيهما لزياده التوکيد. و اما سلب فتور الابدان فلان الفتور هو وقوف الاعضاء البدنيه عن العمل بسبب تحلل الارواح البدنيه و ضعفها و رجوعها للاستراحه، و کل ذلک عن توابع المزاج الحيواني، فلا جرم صح سلبه عنهم، و فاقا لقوله سبحانه: يسبحون الليل و النهار لا يفترون. و القسم الثاني (منهم امناء علي وحيه) الحافظون له مودين اياه الي رسله جمع الامين و هو الحافظ لما کلف بحفظه علي ما هو عليه ليوديه الي مستحقه، قال سبحانه: (ذي قوه عند ذي العرش مکين، مطاع ثم امين) روي ان رسول‏الله (ص) قال لجبرئيل: ما احسن ما اثني عليک ربک: ذي قوه عند ذي العرش اه فما کانت قوتک؟ و ما کانت امانتک؟ فقال: و اما قوتي فاني بعثت الي مداين لوط و هي اربع مداين في کل مدينه اربعماه الف مقاتل سوي الذراري، فحملتهم من الارض السفلي حتي سمع اهل السماوات اصوات الدجاج و نباح الکلاب، ثم هويت بهن، و اما امانتي فاني لم او مر بشي‏ء فعدلت الي غيره، و في روايه اخر

ي فدوته الي غيره. و اما امناء الوحي فقد اشير اليهم في جمله من الاخبار. مثل ما رواه في الاختصاص باسناده عن ابن‏عباس، قال عبدالله بن سلام للنبي فيما ساله: من اخبرک، قال النبي: جبرئيل، قال: عمن قال: عن ميکائيل، قال عمن؟ قال عن اسرافيل، قال: عمن؟ قال: عن اللوح المحفوظ، قال: عمن، قال: عن القلم، قال: عمن، قال: عن رب العالين، قال: صدقت. و نظيره ما رواه الصدوق في العيون باسناده عن علي بن هلال، عن علي بن موسي الرضا، عن موسي بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن ابي‏طالب، عن النبي عليهم‏السلام، عن جبرئيل، عن ميکائيل، عن اسرافيل، عن اللوح، عن القلم، قال الله عز و جل: ولايه علي بن ابي‏اطالب حصني، و من دخل حصني امن من عذابي. و في بعض الاخبار ان جبرئيل قال لرسول (ع) في وصف اسرافيل: هذا حاجب الرب، و اقرب خلق الله منه، و اللوح بين عينيه من ياقوته حمراء فاذا تکلم الرب بالوحي ضرب اللوح جبينه، فنظر فيه ثم القي الينا نسعي به في السماوات و الارض. و لعل الاختلاف فيه محمول علي اختلاف الکيفيات، او بحسب اختلاف المقامات، و المستفاد من الروايه الاخيره کظاهر الاولي کون اللوح و رقا، کما

ان مفاد الثانيه کونه ملکا، و کلاهما مما ورد في الاخبار کالقلم، و قد ظهر من هذه الاخبار کيفيته تلقي الوحي. و في روايه اخري بنحو آخر، و هو ماروي ان رسول‏الله (ص) قال لجبرئيل: من اين تاخذ الوحي، قال: اخذه من اسرافيل، قال: من اين ياخذه اسرافيل؟ قال: ياخذه من ملک فوقه من الروحانيين، قال: ممن ياخذه ذلک الملک؟ قال: يقذف في قلبه قذفا هذا. و قال الشارح البحراني: يشبه ان يکون هذا القسم داخلا في الاقسام السابقه من الملائکه، و انما ذکره ثانيا باعتبار وصف الامانه علي الوحي و الرساله ثم اورد علي نفسه بقوله فان قلت: کيف يصح ان يکون هذا القسم داخلا في السجود لان من کان ابدا ساجدا کيف يتصور ان يکون مع ذلک مترددا في الرساله و النزول و الصعود، مختلفا بالا و امر و النواهي الي الرسل، و اجاب بقوله قلت: انا بينا انه ليس المراد بسجود الملائکه هو وضع الجبهه علي الارض بالکيفيه التي نحن عليها، و انما هو عباره عن کمل عبوديتهم لله و خضوعهم تحت قدر قدرته، و الامکان و الحاجه تحت ملک وجوب وجوده، و معلوم انه ليس بين السجود بهذا المعني بين ترددهم باوامر الله و اختلافهم بقضائه علي وفق مشيته و امره منافاه، بل کل ذلک من کمال عبوديتهم و خضوعهم لع

زته و اعترافهم بکمال عظمته انتهي. اقول: و فيه بعد الغض عما اوردنا عليه سابقا في ادخال هذا القسم في القسم السابق، مضافا الي ما ذکرناه ايضا من منع کون السجود بمعني الخضوع المطلق حسبما مر تفصيلا بما لا مزيد عليه، انه جعل الساجدين عباره عن المقر بين الذين حکم فيهم بکونهم منزهين عن الجسميه و الجهه و سکون السماوات و تدبير الاجسام و علي ذلک فنقول له: هب ان السجود بالمعني الذي ذکرت لا ينافي الرساله و التردد صعودا و هبوطا، و الوساطه بين الحق و الرسل و الاختلاف بالقضاء و الامور، الا ان تنزههم عن الاصاف المذکوره ينا في هذه الامور قطعا کما هو ظاهر لا يخفي. و لما کان الملائکه و سايط بين الحق سبحانه و بين رسله في تاديه خطاباته اليهم مفصحين لهم عن مکنون علمه حسن التعبير عنهم بانهم (السنه الي رسله) تشبيها لهم باللسان المفصح عما في الضمير و انما احتيج الي الواسطه في تبليغ الخطابات و تاديتها، لان التخاطب يقتضي التناسب بين المتخاطبين، فاقتضت الحکمه توسط الملک ليتلقف الوحي بوجهه الذي في عالم الملکوت تلقفا روحانيا، و يبلغه بوجهه الذي في عالم الملک و الحکمه الي النبي، لان من خواص الملک ان يثمثل للبشر فيراه جسما، فربما ينزل الملک

الي الصوره البشريه، و ربما يترقي النبي الي رتبه الملکيه و يتعري عن کثره البشريه فياخذ عنه الوحي (و مختلفون لقضائه و امره) من الاختلاف بمعني التردد، و في وصف الائمه في بعض الخطب الاتيه و في الزياره الجامعه: و مختلف الملائکه، اي محل ترددهم و ياتي توضيح ذلک في الفصل الاخر من فصول الخطبه الماه و الثامنه ان شاء الله. و المراد بالقضاء اما الحکم و هو احد معانيه العشره، فيکون عطف الامر عليه من قبيل عطف الخاص علي العام. و اما بمعني الامر کما فسربه قوله: (و قضي ربک الا تعبدوا الا اياه و بالوالدين احسانا.) و علي ذلک فالعطف للتفسير و التبيين، و علي التقديرين فالمراد بالامر الامر التکليفي هذا. و لکن الاظهر ان المراد بالقضاء هو ما يساوق القدر، و بالامر الامورات القمدره الحادثه في العالم السفلي، فيکون المعني و مختلفون بمقتضياته و مقدراته، و انما جعلنا المصدر بمعني المفعول، لان القضاء بمعني المصدري عباره عن ابداع الحق سبحانه صور الموجودات و جميع الاشياء معقوله مفصله محفوظه عن التغير في اللوح المحفوظ، و هو ام الکتاب و يسمي بالعلم الملزم، و معلوم ان هذا المعني مما قد فرغ عنه، و لا يتصور تردد الملائکه و تدبيرهم فيه، و انما تدب

يرهم في المقتضيات الموجوده علي طبق ما في اللوح المحفوظ. توضيحه ان القضاء کما عرفت عباره عن ابداعه سبحانه لصور الموجودات الکليه و الجزئيه التي لا نهايه لها من حيث هي معقوله في العالم العقلي و هو ام الکتاب ثم لما کان ايجاد ما يتعلق منها بمواد الاجسام في موادها و اخراج الماده من القوه الي الفعل غير ممکن الا علي سبيل التعاقب و التدرج، لامتناع قبولها لتلک الکثره دفعه، و کان الجود الالهي مقتضيا لا يجادها و لتکميل الماده بابداعها فيها و اخراج ما فيها من قبول تلک الصور من القوه الي الفعل، قدر بلطيف حکمته وجوده زمانا لا ينقطع ليخرج فيه تلک الامور من القوه الي من القوه الي الفعل واحدا بعد واحد، فيصير في جميع ذلک موجوده في موادها و الماده کامله بها، فالمقتضيات عباره عن وجود هذه الاشياء مفصله واحدا بعد واحد في موادها السفليه الخارجيه بعد ان کانت ثابته في صحايفها العلويه بايدي المدبرات، و الي هذا اشار سبحانه في قوله: (و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه و ما ننزله الا بقدر معلوم) و الي هذا القسم من الملائکه اشار في قوله سبحانه: (فالمدبرات امرا) روي في مجمع البيان عن عبدالرحمان بن سابط ان المراد بالمدبرات جبرئيل و ميکائيل و ملک

الموت و اسرافيل يدبرون امور الدنيا فاما جبرئيل فموکل بالرياح و الجنود و اما ميکائيل فموکل بالقطر و النبات و اما ملک الموت بقبض الانفس و اما اسرافيل فهو يتنزل بالامر عليهم، و التدبير ليس منحصر في الاربعه حسبما تعرفه في الاخبار الاتيه، و انما ذکرناه لتوضيح معني الايه، کما ان الامور الواقعه فيها التدبير لا تنحصر فيما ذکر و ستعرفه ايضا و قد ظهر بما ذکرنا معني القضاء و المقتضيات و الملائکه المختلفون بالقضاء. و اما القدر فهو دون مرتبه القضاء، اذا هو عباره عن صور جميع الموجودات في لوح المحو و الاثبات علي الوجه القابل للتغيير، و الي ذلک الاشاره في قوله سبحانه: (يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب) قال الصادق (ع) بعد ما سئل عنه عن هذه الايه: ان ذلک الکتاب کتاب يمحو الله فيه ما يشاء و يثبت فمن ذلک الذي يرد الدعاء القضاء و ذلک الدعا مکتوب عليه الذي يرد به القضاء حتي اذا صار الي ام الکتاب لم يغن الدعاء فيه شيئا. و حاصل ما ذکرنا کله يرجع الي جعل المراد بالقضاء في کلامه (ع) الامور المحتومه، بالامر الامور الموقوفه و نظيره ما روي عن الصادق (ع)، قال: هما امر ان موقوف و محتوم، فما کان من محتوم امضاه، و ما کان من موقوف ف

له فيه المشيه يقضي فيه ما يشاء هذا. و يحتمل ان يکون المقصود من قوله (ع): بقضائه و امره، انهم مختلفون باظهار قضائه و امره الي النبي و الائمه عليهم‏السلام، و الي ذلک وقع الاشاره في وصف الائمه (ع) بانهم مختلف الملائکه، اي محل اختلافهم کم في الاخبار المتظافره، و قد عقد في الکافي بابا في ذلک، و هو باب ان الائمه معدن العلم و شجره انبوه و مختلف الملائکه، و اليه الاشاره في قوله سبحانه: تنزل الملائکه و الروح فيه باذن ربهم من کل امر. قال الصادق (ع): اذا کان ليله القدر نزلت الملائکه و الروح و الکتبه الي السماء الدنيا فيکتبون ما يکون من قضاء الله في تلک السنه فاذا اراد الله ان يقدم شيئا او يوخره امر الملک ان يمحو ما يشاء، ثم اثبت الذي اراد. قال القمي تنزل الملائکه و روح القدس علي امام الزمان و يدفعون اليه ما قد کتبوه. و يشهد به ما رواه في الکافي عن الباقر (ع) قال: قال الله عز و جل في ليله القدر: (فيها يفرق کل امر حکيم) يقول ينزل فيها کل امر حکيم و المحکم ليس بشيئين انما هو شي‏ء واحد فمن حکم بما ليس فيه اختلاف فحکمه من حکم الله عز و جل و من حکم بامر فيه اختلاف فراي انه مصيب فقد حکم بحکم الطاغوت انه لينزل فيه ليله القدر ا

لي ولي الامر تفسير الامور سنه سنه يومر فيها في امر نفسه بکذا و کذا، و في امر الناس بکذا و کذا، و انه ليحدث لولي الامر سوي ذلک کل يوم علم الله عز ذکره الخاص و المکنون و العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلک الليه من الامر ثم قره. (و لو ان ما في الارض من شجره اقلام و البحر يمده من بعده سبعه ابحر ما نفدت کلمات الله ان الله عزيز حکيم.) و فيه ايضا عن حمران، عن ابي‏جعفر (ع) انه قال: يقدر في ليله القدر کل شي‏ء يکون في تلک السنه الي مثلها من قابل من خير و شر و طاعه و معصيه و مولود و اجل و رزق، فما قدر في تلک السنه و قضي فهو المحتوم، و لله عز و جل فيه المشيه. و المراد حسبما ذکرنا اظهار تلک المقادير للملائکه، و اظهارهم لها الي النبي و الائمه عليهم‏السلام في تلک الليله، و الا فالمقادير کما عفرت من الازل الي الابد ثابته في ام الکتاب هذا. و بقي الکلام في ان المختلفين بالقضاء و الامرهم بعض الملائکه او جمعيهم، قال النيسابوري: قوله تعالي: تنزل الملائکه، يقتضي نزول کل الملائکه اما الي السماء الدنيا و اما الي الارض، و هو قول الاکثرين، و علي التقديرين فان المکان لا يسعهم الا علي سبيل التفاوت و النزول فوجا فوجا کاهل الحج، فانهم علي

کثرتهم يدخلون الکعبه افواجا انتهي کلامه علي ما حکي عنه. و لکن الظاهر من کلمه منهم في کلام الامام (ع) هو ان المتصفين بهذا الوصف بعض الملائکه و هو الظاهر مما روي عن ابي‏جعفر (ع) في حديث طويل قال: اذا اتت ليله القدر فيهبط من الملائکه الي ولي الامراه، و المتسفاد من الاخبار الکثيره ان جبرئيل من هذه الجمله، و نص الايه الشريفه کون روح القدس منها ايضا، و قد يفسر بالروح الامين و هو جبرئيل، و لکن الظاهر انه غيره کما يدل عليه ما روي عن الصادق (قال: ان الروح اعظم من جبرئيل ان جبرئيل من الملائکه و الروح هو خلق اعظم من الملائکه، اليس يقول الله تبارک و تعالي: تنزل الملائکه و الروح. و في شرح الصحيفه قال: اتي رجل علي بن ابي‏طالب (ع) يساله عن الروح اليس هو جبرئيل، فقال له: جبرئيل من الملائکه و الروح غير جبرئيل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما احد يزعم ان الروح غير جبرئيل، فقال له علي (ع): انک ضال تروي عن اهل الضلال، يقول الله تبارک و تعالي لنبيه (ص). (اتي امر الله فلا تستعجلوه سبحانه و تعالي عما يشرکون ينزل الملائکه بالروح) و الروح غير جبرئيل. و عنه (ع) ايضا ان له سبعين الف وجه، و لکل وجه سبعون الف لسان، لکل لسان سبعون لغه

يسبح الله تعالي بتلک اللغات کلها، و يخلق الله تعالي من تسبيحه ملکا يطير مع الملائکه و لم يخلق الله اعظم من الروح غير العرش، و لو شاء ان يبلع السماوات السبع و الارضين السبع بلقمه واحده لفعل، فسبحان من هو علي کل شي‏ء قدير، و مثلهما في البحار. و القسم الثالث (منهم الحفظه لعباده) ظاهر العباره ان المراد بهم حفظه العباد من المعاطب و المهالک لا الحفظه عليهم يحفظون علي العبد عمله، فهم من اشير اليهم في قوله: (له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله) روي في المجمع عن علي (ع) انهم ملائکه يحفظونه من المهالک حتي ينتهوا به الي المقادير. و في الصافي عن علي بن ابراهيم، عن الصادق (ع) ان هذه الايه قرئت عنده، فقال لقاربها: الستم عربا، فکيف يکون المعقبات من بين يديه و انما المعقب من خلفه، فقال الرجل جعلت فداک: کيف هذا، فقال: انما نزلت له: معقبات من خلفه، و رقيب من بين يديه يحفظونه بامر الله، و من ذا الذي يقدر ان يحفظ لشي من امر الله و هم الملائکه الموکلون بالناس، و مثله عن العياشي. و عنه ايضا عن الباقر (ع) من امر الله يقول بامر الله من ان يقع في رکي. او يقع عليه حايط، او يصيبه شي‏ء حتي اذا نزل القدر خلوا بينه و بينه

يدفعونه الي المقادير و هما ملکان يحفظانه بالليل، و ملکان يحفظانه بالنهار يتعاقبانه (و السدنه لابواب جنانه) اي المتولون لابواب الجنان بفتحها و اغلاقها و ادخال من اذن لهم بالدخول. اقول: اما الجنان فعلي ما اشير اليه في القرآن ثمان: جنه النعيم و جنه الفردوس و جنه الخلد و جنه الماوي و جنه عدن و دار السلام و دار القرار و جنه عرضها السماوات و الارض، و في بعض کتب الاخبار تسميه الاخيره بالوسيله. و اما ابوابها فثمانيه ايضا علي ما في بعض کتب الاخبار: الباب الاول اسمه التوبه و الثاني الزکاه و الثالث الصلاه و الرابع الامر و النهي و الخامس الحج و السادس الورع و السابع الجهاد و الثامن الصبر. و في الصافي عن الخصال، عن الصادق عن ابيه، عن جده، عن علي عليهم‏السلام قال: ان للجنه ثمانيه ابواب: باب يدخل منه النسبيون و الصديقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسه ابواب يدخل منها شيعتنا و محبونا، فلا ازال واقفا علي الصراط ادعو اقول رب سلم شيعتي و محبي و انصاري و اوليائي و من تولا ني في دار الدنيا، فاذا النداء من بطنان العرش قد اجيبت دعوتک، و شفعت في شيعتک و يشفع کل رجل من شيعتي و من تولاني و نصرني و حارب من حاربني بفعل او قو

ل في سبعين الفا من جيرانه و اقربائه، و باب يدخل منه ساير المسلين ممن يشهد ان لا اله الا الله و لم يکن في قلبه مثقال ذره من بغضنا اهل البيت. و عن الباقر (ع) احسنوا الظن بالله و اعلموا ان للجنه ثمانيه ابواب عرض کل باب منها مسيره اربعماه سنه. و اما سدنتها و خزانها فقد اشير اليه في سوره الزمر، قال سبحانه: (و سيق الذين اتقوا ربهم الي الجنه زمرا حتي اذا جاوها و فتحت ابوابها و قال لهم خزنتا سلام عليکم طبتم فادخلوها خالدين.) و في الانوار في حديث المحشر فاذا اتوا الي رضوان الله و هو جالس علي باب الجنه و معه سبعون الف ملک، مع کل ملک سبعون الف ملک فينظر اليهم و هم في اقبح صوره من سواد البدن و طول الشعرو کونهم عزلا بلاختان، فقال لهم: کيف تدخلون الجنه و تعانقون الحور العين علي هذه الهئيه؟ فيامر جماعه من الملائکه الواقفين امامه فيذهبون بالمومنين الي عين ماء عند جدار الجنه، و هي عين الحياه فاذا اغتسلوا فيها صار وجه کل واحد منهم کالبدر في تمامه و تسقط شعورهم و غلفهم و تبيض قلوبهم من النفاق و الحسد و الکذب والرذائل و الاوصاف الذميمه حتي لا يتحاسدوا في الجنه بعلو الدرجات و التفاوت في المراتب، فيصير کل واحد منهم بصوره ابن‏اربع

ه عشر سنه، و يعطي حسن يوسف و صوت داود، و صبر ايوب، فاذا اتوا الي باب الجنه وجدوا علي بابها حلقه تطن عند کل من يدخلها و يقول في طنينها: يا علي، لکنها تطن عند کل داخل بطنين خاص ليس کالطنين الاخر، فيعرف بذلک الطنين اهل المومن في منازله و خدمه و حورالعين ان هذا فلان فياتون لاستقباله هذا. و قد اشير الي طايفه من السدنه و الابواب في حديث الجنان و النوق من روضه الکافي، و هو مارواه الکليني عن علي بن ابراهيم، الي طايفه من السدنه و الابواب في حديث الجنان و النوق من روضه الکافي، هو ما رواه الکليني عن علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن ابن‏محبوب عن محمد بن اسحاق المدني عن ابي‏جعفر (ع) قال: ان رسول‏الله (ع) سئل عن قول الله: (يوم نحشر المتقين الي الرحمن وفدا) فقال: يا علي ان الوفد لا يکونون الا رکبانا، اولئک رجال اتقوا الله فاحبهم الله عز ذکره و اختصهم و رضي اعمالهم فسماهم المتقين. ثم قال له: يا علي اما و الذي فلق الحبه و بري‏ء النسمه انهم ليخرجون من قبورهم، و ان الملائکه لتستقبلهم بنوق من نوق العز عليها رحائل الذهب مکلله بالدر و الياقوت و جلائها الاستبرق و السندس و خطمها جندل الارجوان، تطير بهم الي المحشر مع کل رجل منهم الف ملک

من قدامه و عن يمينه و عن شماله يزفونهم. زفا حتي ينتهوابهم الي باب الجنه الاعظم و علي باب الجنه شجره ان الورقه منها ليستظل تحتها الف رجل من الناس، و عن يمين الشجره عين مطهره مزکيه، قال: فيسقون منها فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد، و يسقط عن ابشارهم الشعر و ذلک قول الله عز و جل: (و سقيهم ربهم شرايا طهورا) من تلک العين المطهره. قال: ثم يصرفون الي عين اخري عن يسار الشجره فيغتسلون فيها و هي عين الحياه فلا يموتون ابدا. قال: ثم يوقف بهم قدام العرش و قد سلموا من الافات و الاسقام و الخر و البرد ابدا. قال: فيقول الجبار جل ذکره للملائکه الذين معهم: احشروا اوليائي الي الجنه و لا توقفوهم مع الخلايق، فقد سبق رضائي عنهم و وجبت رحمتي لهم و کيف اريد ان اوقفهم مع اصحاب الحسنات و السيئات. قال، فتسوقهم الملائکه الي الجنه، فاذا انتهوا الي باب الجنه الاعظم ضرب الملائکه ضربه تصر صريرا يبلغ صوت صريرها کل حورا، اعدها الله عز و جل لاوليائه في الجنان، فيتباشرون بهم اذا سمعوا صرير الحلقه، فيقول بعضم لبعض: قد جائنا اولياء الله، فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنه، و تشرف عليهم ازواجهم من الحور العين و الدميين، فيقلن، مرحبا بکم، فما کان اشد شوق

نا اليکم و يقول لهن اولياء الله: مثل ذلک، فقال علي (ع): يا رسول‏الله اخبرنا عن قول الله عز و جل: (غرف مبنيه من فوقها غرف) بماذا بنيت يا رسول‏الله فقال (ص): يا علي تلک غرف بناها الله عز و جل لاوليائه بالدر و الياقوت و الز برجد، سقوفها الذهب، محبوکه بالفضه، لکل غرفه منها الف باب من ذهب، علي کل باب منها ملک موکل به، فيها فرش مرفوعه بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بالوان مختلفه، و حشوها المسک و الکافور و العنبر، و ذلک قول الله عز و جل. (و فرش مرفوعه) اذا دخل المومن الي منازله في الجنه و وضع علي راسه تاج الملک و الکرامه البس حلل الذهب و الفضه و الياقوت و الدر المنظومه في الاکليل تحت التاج. قال: و البس سبعين حله حريرا بالوان مختلفه و ضرب مختلفه منسوجه بالذهب و الفضه و الولو و الياقوت الاحمر، فذلک قول الله عز و جل: (يحلون فيها من اساور من ذهب و لولو و لباسهم فيه حرير) فاذا جلس المومن علي سريره اهتز سريره فرحا، فاذا استقرلو لي الله عز و جل منازل له في الجنان استاذن عليه الملک الموکل بجناته ليهنيه بکرامه الله عز و جل ايا فيقول له خدام المومن من الوصفاء و الوصايف: مکانک، فان ولي الله قد اتکا علي اريکته و زوجته الحورا

ء، تهياله فاصبر لولي الله. قال: فتخرج عليه زوجته الحورا، من خيمه لها تمشي مقبله تمشي و حولها و صايفها و عليها سبعون حله منسوجه بالياقوت و اللولو و الزبرجد هي من مسک و عنبر و علي راسها تاج الکرامه و عليها نعلان من ذهب مکللتان بالياقوت و اللولو، شراکهما ياقوت احمر، فاذا دنت من ولي الله فهم ان يقوم اليها شوقا، فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب و لا نصب و انت لي. قال: فيعتنقان مقدر خمسماه عام من اعوام الدنيا لا يملها و لا تمله. قال: فاذا فتر بعض الفتور من غير ملاله نظر الي عنقها، فاذا عليها قلائد من قصب من ياقوت احمر، وسطها لوح صفحته دره مکتوب بها: انت يا ولي الله حبيبي و انا الحوراء، حبيتک اليک تناهت نفسي والي تناهت نفسک، ثم يبعث الله اليه الف ملک يهنونه بالجنه و يزو جونه بالحوراء. قال: فينتهون الي اول باب من جنانه (جناته خ ل) فيقولون للمک الموکل بابواب جنانه: استاذن لنا علي ولي الله فان الله بعثنا اليه تهنيه فيقول لهم الملک: حتي اقول للحاجب فيعلمه مکانکم. قال: فيدخل الملک الي الحاجب و بينه و بين الحاجب ثلاث جنان حتي ينتهي الي اول باب، فيقول للحاجب: ان علي باب العرصه الف ملک ارسلهم رب االعالمين ليهنئوا ولي

الله، و قد سالوني ان آذن لهم، فيقول الحاجب: انه ليعظم علي ان استاذن لاحد علي ولي الله و هو مع زوجته الحوراء. قال: و بين الحاجب و بين ولي الله جنتان. قال: فيدخل الحاجب الي القيم، فيقول: له ان علي باب العرصه الف ملک، ارسلهم رب العزه يهنون ولي الله فاستاذن لهم فيقدم القيم الي الخدام، فيقول لهم: ان رسل الجبار علي باب العرضه، و هم الف ملک، ارسلهم يهنون ولي الله فاعلموه بمکانهم، فيعلمونه فيوذن للملائکه فيدخلون علي ولي الله، و هو في الغرفه و لها الف باب، علي کل باب من ابوابها ملک موکل به فاذا اذن للملائکه بالدخول علي ولي الله فتح کل ملک بابه الموکل به. قال: فيدخل القيم کل ملک من باب من ابواب الغرفه، فيبلغون رساله الجبار جل و عز و ذلک قول الله عز و جل: (و الملائکه يدخلون عليهم من کل باب) من ابواب الغرفه، (سلام عليکم يا صبرتم فنعم عقبي الدار) قال: و ذلک قول الله عز و جل: (و اذا رايت ثم رايت نعيما و ملکا کبيرا) يعني بذلک ولي الله و ما هو فيه من الکرامه و النعيم و الملک العظيم الکبير، ان الملائکه من رسل الله عز ذکره يستاذنون عليه فلا يدخلون الا باذنه فذلک الملک العظيم الکبير الحديث. (و) القسم الرابع (منهم الثابته في ال

ارضين السفلي اقدامهم) و عن بعض انسخ في الارض السفلي اقدامهم قال في البحار: و هو اظهر، و الجمع علي الاول اما باعتبار القطعات و البقاع، او لان کلا من الارضين السبع موضع قدم بعضهم و الوصف علي الاول بالقياس الي ساير الطبقات، و علي الثاني بالقياس الي السماء (و المارقه) اي الخارجه (من السماء العيا) و هي السابعه (اعناقهم و الخارجه من الاقطار) اي من جوانب الارض او جوانب السماء (ارکانهم) و هذا اشاره الي صخامتهم و عرضهم (و المناسبه لقوايم العرش اکتافهم) و المراد بالتناسب اما القرب او الشباهه في العظم، فان العرش علي عظمه حسبما تعرفه في الاخبار الاتيه و کفي بذلک کونه محيطا بجميع المخلوقات و کون الارضين و السماوت جميعا و ما فيها عنده کحاقه في فلاه، له اربع قوائم. کما رواه في البحار، عن الدر المنثور، عن حماد قال: خلق الله العرش من زمر ده خضراء و له اربع قوائم من ياقوته حمرا و خلق له الف لسان، و خلق في الارض الف امه يسبح الله بلسان العرش. و فيه ايضا من روضه الواعظين، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن جده عليهم‏السلام انه قال: في العرش تمثال ما خلق الله من البر و البحر، و هذا تاويل قوله: (و ان من شي‏ء الا عندنا خزائنه) و ان بين

القائمه من قوائم العرش و القائمه الثانيه خفقان الطير المسرع مسير الف عام، و العرش يکسي کل يوم سبعين الف لون من النور لا يستطيع ان ينظر اليه خلق من خلق الله، و الاشياء کلها في العرش کحلقه في فلاه، و ان لله تعالي ملکا يقال له: خرقائيل له ثمانيه عشر الف جناح، ما بين الجناح الي الجناح خمسماه عام، فخطر له خاطر هل فوق العرش فزاده الله تعالي مثلها اجنحه اخري، فکان له ست و ثلاثون الف جناح ما بين الجناح الي الجناح خمسماه عام، ثم اوحي الله اليه ايها الملک طر، فطار مقدار عشرين الف عام لم ينل راسه قائمه من قوائم العرش، ثم ضاعف الله له في الجناح و القوه و امره ان يطير، فطار مقدار ثلاتين الف عام لم ينل ايضا فاوحي لله اليه ايها الملک لو طرت الي نفخ الصور مع اجنحتک و قوتک لم تبلغ الي ساق عرشي فقال الملک: سبحان ربي الاعلي و بحمده، فانزل الله عز و جل: (سبح اسم ربک الاعلي) فقال النبي (ص): اجعلواها في سجودکم. و من اکمال الدين باسناده عن ليث بن ابي‏سليم، عن مجاهد، قال: قال ابن‏عباس: سمعت رسول‏الله (ص) يقول: ان لله تبارک و تعالي ملکا يقال له: دردائيل، کان له سته عشر الف جناح ما بين الجناح الي الجناح هوا، و الهوا کما بين السماء و ا

لارض، فجعل يوما يقول في نفسه: افوق ربنا جل جلاله شي‏ئ؟ فعلم الله تبارک و تعالي ما قال، فزاده اجنحه مثلها، فصار له اثنان و ثلاثون الف جناح، ثم اوحي الله عز و جل اليه، فطار مقدار خمسماه عام فلم ينل راسه قائمه من قوائم العرش، فلما علم الله عز و جل اتعابه اوحي اليه ايها الملک عد الي مکانک، فانا عظيم فوق کل عظيم، و ليس فوقي شي‏ء و لا اوصف بمکان، فسلبه الله عز و جل اجنحته و مقامه من صفوف الملائکه، فلما ولد الحسين (ع) هبط جبرئيل في الف قبيل من الملائکه لتهنيه النبي (ص) فمر بدردائيل، فقال له: سل النبي بحق مولوده ان يشفع لي عند ربي، فدعا له النبي (ص) بحق الحسين (ع) فاستجاب الله دعائه ورد عليه اجنحته ورده الي مکانه هذا. و يحتمل ان يکون المراد بالمناسبه في کلامه (ع) التماس، فالمراد بهم حمله العرش، بل هذا هو الظاهر بملاحظه ان الاوصاف المذکوره في کلامه (ع) قد اثبتت في الاخبار الکثيره علي هولاء الطائفه. مثل ما روي عن ابن‏عباس في تفسير قوله تعالي: (و يحمل عرش ربک فوقهم يومئذ ثمانيه) قال: يقال: ثمانيه صفوف من الملائکه لا يعلم عدتهم الا الله، و يقال ثمانيه اهلاک روسهم تحت العرش في السماء السابعه، و اقدامهم في الارض السفلي، و

لهم قرون کقرون الوعله، ما بين اصل قرن احدهم الي منتهاء خمسماه عام. و عن الخصال باسناده عن حفص بن غياث، قال سمعت ابا عبدالله (ع) يقول: ان حمله العرش ثمانيه، لکل واحد منهم ثمانيه اعين، کل عين طباق الدنيا. و عن تفسير الامام (ع) قال: قال رسول‏الله (ص): ان الله لما خلق العرش خلق له ثلاثماه و ستين الف رکن، و خلق عند کل رکن ثلاثماه الف و ستين الف ملک لو اذن الله لاصغرهم فالتقم السماوات السبع و الارضين السبع ما کان بين لهواته الا کالرمله في المفازه الفصفاصه، فقال لهم الله: يا عبادي احملوا عرشي هذا فتعاطوه فلم يطيقوا حمله و لا تحريکه، فخلق الله عز و جل مع کل واحد منهم واحدا فلم يقدروا ان يزعزعوه، فخلق الله مع کل واحد منهم عشره فلم يقدروا ان يحرکوه، فخلق الله بعدد کل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا ان يحرکوه، فقال الله عز و جل لجميعهم: خلوه علي امسکه بقدرتي، فخلوه فامسکه الله عز و جل بقدرته، ثم قال لثمانيه منهم احملوه انتم، فقالوا: يا ربنا لم نطقه نحن و هذا الخلق الکثير و الجم الغفير فکيف نطيقه الان دونهم؟ فقال عز و جل: لاني انا الله المقرب للبعيد و المذلل للعبيد و المخفف للشديد و المسهل للعسير افعل ما اشاء و احکم ما

اريد اعلمکم کلمات تقولونها يخف بها عليکم، قالوا و ما هي؟ قال: تقولون: بسم الله الرحمن الرحيم و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم و صلي الله علي محمد و آله الطيبين فقالوها، فحملوه، فخف علي کواهلهم کشعره نابته علي کاهل رجل جلد قوي فقال الله عز و جل لساير تلک الاملاک: خلوا علي هولاء الثمانيه و طوفوا انتم حوله و سبحوني و مجدوني و قد سوني، فانا الله القادر علي ما رايتم و علي کل شي‏ء قدير و عن وهب قال حمله العرش اليوم اربعه فاذا کان يوم القيامه ايدوا باربعه آخرين ملک منهم في صوره انسان يشفع لبني آدم في ارزاقهم و ملک في صوره نسر يشفع للطير في ارزاقهم و ملک في صوره ثور يشفع للبهايم في ارزاقها و ملک في صوره الاسد يشفع للسباع في ارزاقها، فلما حملوا العرش و قعوا علي رکبهم من عظمه الله، فلقنوا لا حول و لا قوه الا بالله، فاستووا قياما علي ارجلهم. و عن ابن زيد قال لم يسم من حمله العرش الا اسرافيل. و عن هارون بن رئاب، قال: حمله العرش ثمانيه يتجاوبون بصوت ضخيم، يقول اربعه منهم: سبحانک و بحمدک علي حامک بعد علمک، و اربعه منهم يقولون: سبحانک و بحمدک علي عفوک بعد قدرتک. هذا و لا ينافي هذه الاخبار ما وردت في الاخبار الاخر من

ان حمله العرش ثمانيه اربعه من الاولين، و هم نوح و ابراهيم و موسي و عيسي عليهم‏السلام، و اربعه من الاخرين، و هم محمد و علي و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم. لان العرش في الاخبار الاوله الجسم المحيط بالمخلوقات، و في هذه الاخبار هو العلم لانه احد معانيه کما عرفته في شرح الفصل الخامس من فصول هذه الخطبه و صرح بما ذکرناه الصدوق في اعتقاداته حيث قال: و انما صارت هولاء حمله العرش الذي هو العلم، لان الانبياء الذين کانوا قبل نبينا محمد (ص) علي شرايع الاربعه من الاولين: نوح و ابراهيم و موسي و عيسي، و من قبل هولاء الاربعه صارت العلوم اليهم، و کذلک صار العلم بعد محمد و علي و الحسن و الحسين الي من بعد الحسين من الائمه عليهم‏السلام. (ناکسه دونه) اي دون العرش (ابصارهم) اما لکثره نور العرش کما يدل عليه ما روي عن ميسره، قال: ثمانيه ارجلهم في التخوم و رووسهم عند العرش لا يستطيعون ان يرفعوا ابصارهم من شعاع النور، و اما لزياده الخوف کما روي عنه ايضا قال: حمله العرش ارجلهم في الارض السفلي و رووسهم قد خرقت العرش و هم خشوع لا يرفعون طرفهم و هم اشد خوفا من اهل السماء السابعه و اهل السماء السابعه اشد خوفا من السماء التي تليها و السم

اء التي تليها اشد خوفا من التي تليها، و في دعاء الصحيفه السجاديه علي داعيه افضل السلام و التحيه في وصف الملائکه: (الخشع الابصار فلا يرومون النظر اليک، النواکس الاذقان الذين قد طالت رغبتهم فيما لديک). و في التوحيد باسناده عن و هب عن ابن‏عباس عن النبي (ص) قال: ان الله تبارک و تعالي ملائکه ليس شي‏ء من اطباق اجسادهم الا و هو يسبح الله عز و جل و يحمده باصوات مختلفه لا يرفعون رووسهم الي السماء و لا يخفضونها الي اقدامهم من البکاء و الخشيه (متلفعون تحته) اي تحت العرش (باجنحتهم) روي الشارح البحراني عن و هب قال: ان لکل ملک من حلمه العرش و من حوله اربعه اجنحه اما جناحان فعلي وجهه مخافه ان ينظر الي العرش فيصعق و اما جناحان فيلفون (فيهفون خ‏ل) بهما ليس لهم کلام الا التسبيح و التحميد. و في الانوار روي ان صنفا من الملائکه لهم سته اجنحه فجناحان يلفون بهما اجسادهم و جناحان يطيرون بهما في امر من امور الله و جناحان مر خيان علي وجوههم حياء من الله و حينئذ فکل جناحين لغرض مخصوص، و به يظهر فائده الجناح الثالث المشار اليه في قوله سبحانه: (اولي اجنحه مثني و ثلاث و رباع). ثم ان هذا في جانب القله، و اما في جانب الکثره فيزيد الله سبحا

نه فيهم ما يشاء، و هو علي کل شي‏ء قدير (مضروبه بينهم و بين من دونهم) من الملائکه او البشر او الجن او الاعم (حجب العزه و استار القدره) المانعه عن ادراک ذواتهم و الاطلاع علي شئوناتهم. و توضيحه بالتمثيل ان ملوک الدنيا اذا بلغوا في العز و العظمه مرتبه الغايه القصوي لا يصل الي حضور خواصه فضلا عن ذاته الا الاوحدي من الناس، و لا يراهم الا من کان له معهم علقه شديده و وسيله قويه، و الحاجب عن ذلک ليس الاهيبه السلطنه و قدره الملک و عظمته و اذا کان هذا حال خواص السلطنه العاريه و الملوک الذين هم في الحقيقه مملوک، فشان خواص الحضره الربوبيه و ملک الملوک اعلي و استناد الحايل عن ادراک مقاماتهم و درجاتهم الي حجب العزه و استار القدره احري (و لا يتوهمون ربهم بالتصوير) لکونهم منزهين عن الادراکات الوهميه و الخياليه في حق مبدئهم و خالقهم جلت عظمته، لان عقولهم صافيه غير مشوبه بالتوهمات و التخيلات (و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدونه بالاماکن، و لا يشيرون اليه بالنظاير) لان اجراء الصفات و التحديد بالاماکن و الاشاره بالنظاير انما هو من مخترعات الواهمه و المتخيله المختصتين بذوات الا مزجه العنصريه الغير الجائزتين في حق الملائکه

السماويه و مقر بي الحضره الربوبيه، هذا تمام الکلام في شرح حال الملائکه حسبما اقتضاه المقام و ياتي شطر منه عند شرح بعض الخطب الاتيه المقتضيه لذبک کخطبه الاشباح و غيرها، و الله الموفق و المعين. الترجمه: پس منشق کرد و گشود خداوند سبحانه و تعالي ميان آسمانهائي که بلند هستند، پس پر کرد آن طبقات را با اصناف مختلفه از ملائکه و فرشتگان خود، پس بعضي از ايشان ساجدانند که رکوع نمي‏کنند، و بعضي راکعانند که راست نمي‏ايستند. و بعضي ديگر صف زدگانند که از صفوف و مکانهاي خود زايل نمي‏شوند، و طائفه‏ي تسبيح کنندگانند که ملال و پريشاني نمي‏آورند، عارض نمي‏شود بايشان خواب چشمها و نه سهو عقلها و نه سستي بدنها و نه غفلت فراموشي، و بعضي ديگر امينانند بروحي او و زبانهاي صدقند در رسانيدن فرمايشات او به پيغبران و تردد کنندگانند بقضاء و امر او، و بعضي ديگر از ايشان حافظانند بندگان خدا را از مکاره و مهالک، و طايفه ديگر دربانان و خازنانند از براي درهاي بهشتهاي او، و بعضي ديگر از ايشان آنانند که ثابت است در زمينهاي زيرين قدمهاي ايشان و بيرون رفته از آسمان بلند گردنهاي ايشان و خارج است از اطراف زمين و آسمان اعضا و جوارح ايشان، و مناسبست با

قائمه‏هاي عرش دوشهاي ايشان و پائين افتاده در زير عرش چشمان ايشان، پيچيده شده‏اند در زير عرش به بالهاي خودشان، زده شده ميان آنها و ميان فروتر از آنها پرده‏هاي عزت و سترهاي قدرت و عظمت در حالتي که تو هم نمي‏کنند پروردگار خودشان را به صورت درآوردن، و اجراء نمي‏کنند بر او صفات مخلوقات را و تحديد نمي‏کنند او را به مکانها و اشاره نمي‏کنند بسوي او به نظاير و امثال و نعم ما قيل: برتر است از مدرکات عقل و وهم لا جرم گم گشت در روي فکر و فهم چون بکلي روي گفت و گو نيست هيچکس را جز خموشي روي نيست

[صفحه 39]

اللغه: (الحزن) من الارض ما غلظ منها و هو علي وزن فلس (و السهل) خلافه (و العذب) من الارض ما طاب منها و استد للنبات (و السبخ) کفلس ايضا المالحه منها يعلوها الملوحه الغير الصالحه للنبات و لا تکاد تنبت الا بعض الاشجار و مثله السبخه بفتح الموحده و سکونها ايضا تخفيفا واحده السباخ مثل کلبه و کلاب بالکسر ايضا يجمع علي سبخات مثل کلمه و کلمات (و التربه) التراب و الجمع ترب کغرفه و غرف (سنها بالماء) من سننت الماء علي الارض صببتها (ولاطها) اي مزجها من لاط الشي‏ء بالشي‏ء لوطا لصق (و البله) بالکسر الرطوبه من البلل (و اللزوب) الاشتداد يقال لزب الشي‏ء لزوبا من باب قعد اشتد، وطين لازب يلزق باليد لاشتداده (فجبل) و في بعض النسخ (فجعل) و کلاهما بمعني خلق (و احناء) جمع حنو و هو الجانب و (وصول) جمع الوصل کما ان (فصول) جمع الفصل و هما کل ملتقي عظمين في الجسد يطلق عليه باعتبار اتصال احد العظمين بالاخر وصولا و اوصالا، و باعتبار انفصال احدهما عن الاخر فصولا و مفاصل. و تفسير الشارح البحراني الوصول بالمفاصل غير مناسب لما عرفت من ترادف المفاصل للفصول و ان کان محل الوصل عين محل الفصل الا ان التغاير بحسب الاعتبار موجود و ملحوظ

نعم مصداقهما متحد (و اصلدها) من الصلد و هو الصلب المتين و (صلصل) الشي‏ء صلصله اذا صوت يقال صلصل الحديد و صلصل الرذعد و الصلصال الطين اليابس الغير المطبوخ الذي يسمع له عند النقر صوت کما يصوت الفخار و هو المطبوخ من الطين، و قيل: ان الصلصال هو الطين المنتن ماخوذ من صل اللحم و اصل اذا صار منتنا، و هو ضعيف لما سنذکره (فتمثلت) اي تصورت و في بعض النسخ فمثلت من مثل بين يديه مثولا من باب قعد انتصب قائما (و الاذهان) جمع الذهن و هو الفطنه و في الاصطلاح القوي الباطنه المدرکه (و الاختدام) الاستخدام (و الادوات) الالات (و المشام) جمع المشموم لما يشم کالماکول لما يوکل (معجونا) من عجنه عجنا اي خمره و العجين الخمير (و الطينه) الخلقه و الجبله (و الاشباه) جمع الشبه المثل و النظير. الاعراب: کلمه حتي في قوله حتي خلصت و حتي لزبت حرف ابتداء يبتدء بها الجمل المستانفه مثل قوله: (ثم بدلنا مکان السيئه الحسنه حتي عفوا). و ذهب ابن‏مالک الي انها جاره و ان بعدها ان مضمره قال ابن هشام: و لا اعرف له في ذلک سلفا و فيه تکلف اضماران من غير ضروره، و لفظه ذات منصوبه علي الوصفيه مونثه ذو، و جمله اجمدها لا محل لها من الاعراب لانها مستانفه بيانيه فک

انه قيل: ثم فعل بها ماذا؟ فقال: اجمدها و تحتمل الانتصاب علي الحاليه، و الضمير فيه و في اصلدها راجع الي الصوره، و اللام في قوله (ع) لوقت معدود للتعليل او بمعني الي، و الضمير في قوله (ع): نفخ فيها راجع الي الصوره ايضا، و کلمه من في قوله من روحه زائده او تبعضيه او نشويه بناء علي الاختلاف في معني الروح حسبما تعرفه، و معجونا منتصب علي الحاليه من انسانا و يحتمل الوصفيه له، و کلمه من في قوله: من الحر و البرد بيانيه. المعني: (منها في صفه آدم (ع)) يعني بعض هذه الخطبه في صفته (ع) فانه (ع) لما فرغ من اظهار قدره الله سبحانه في عجائب خلقه الملکوت و السماوات و بدايع صنعته في ايجاد الفضاء و الهواء و المجردات اشار الي لطائف صنعه في العنصريات من ايجاد الانسان و اختياره علي الاشباه و الاقرآن لکونه نسخه جامعه لما في عالم الملک و الملکوت، و نخبه مصطفاه من رشحات القدره و الجبروت، اتزعم انک جرم صغير و فيک انطوي العالم الاکبر فقال (ع): (ثم جمع سبحانه) اسناد الجمع اليه تعالي من التوسع في الاسناد من باب بني‏الامير المدينه اذ الجمع حقيقه فعل ملک الموت بامر الله سبحانه بعد ان اقتضت الحکمه خلقه آدم و جعله خليفه في الارض. قال سيد بن

طاووس في کتاب سعد السعود علي ما حکي عنه في البحار: وجدت في صحف ادريس من نسخه عتيقه ان الارض عرفها الله جل جلاله انه يخلق منها خلقا فمنهم من يطيعه و منهم من يعصيه، فاقشعرت الارض و استعفت اليه و سالته ان لا ياخد منها من يعصيه و يدخله النار و ان جبرئيل اتاها لياخذ عنها طينه آدم (ع) فسالته بعزه الله ان لا ياخذ منها شيئا حتي يتضرع الي الله و تضرعت فامره الله بالانصراف عنها، فامر الله ميکائيل فاقشعرت و تضرعت و سالت فامره الله الانصراف عتبا، فامر الله تعالي اسرافيل بذلک فاقشعرت و سالت و تضرعت فامره الله بالانصراف عنها، فامر عزرائيل فاقشعرت و تضرعت فقال: قد امرني ربي بامرانا ماض سرک ذاک ام سائک فقبض منها کما امره الله ثم صعد بها الي موقفه فقال الله له: کما وليت قبضها من الارض و هو کاره کذلک تلي قبض ارواح کل من عليها و کلما قضيت عليه الموت من اليوم الي يوم القيامه. و مضمون هذه الروايه مطابق لاخبار اهل البيت عليهم‏السلام، فان الموجود فيها ايضا ان القابض هو عزرائيل و انه قبض (من حزن الارض و سهلها و عذبها و سبخها) اي من غليظها و لينها و طيبها و ما لحها، و هذه اشاره الي ان القبضه الماخوذه من غير محل واحد من وجه الارض و ي

وافقه ساير الاخبار، و لعل ذلک هو السر في تفاوت انواع الخلق لاستناده الي اختلاف المواد و في بعض الاخبار انها اخذت من اديم الارض اي من وجهها و مه سمي آدم و المراد انه جمع سبحانه من اجزاء الارض المختلفه (تربه سنها بالماء) اي مزجها به (حتي خلصت) اي صارت خالصه (و لاطها) اي الصقها (بالبله) اي بالرطوبه (حتي لزبت) و اشتدت. قيل: هاتان الفقرتان اشارتان الي اصل امتزاج العناصر و انما خص الارض و الماء لانهما الاصل في تکون الاعضاء، المشاهده التي تدور عليها صوره الانسان المحسوسه (فجبل) (فجعل خ) منها (صوره ذات احناء و وصول) اي صاحبه جوانب و اوصال (و اعضاء و فصول) اي جوارح و مفاصل. و هاتان اشارتان الي خلق الصوره الانسانيه و افاضتها بکمال اعضائها و جوارحها و مفاصلها و ما يقوم به صورتها (اجمدها حتي استمسکت، و اصلدها حتي صلصلت) اي جعلها جامده بعد ما کانت رطبه لينه حتي صارلها استمساک و قوام، و جعلها صلبه متينه حتي صارت صلصالا يابسا يسمع له عند النقرصوت کصلصله الحديد. و قال بعضهم: ان الصلصال هو المنتن و کلام الامام (ع) شاهد علي فساده حيث انه (ع) نبه بحصول الاستمساک بعد الجمود و حصول الصلصاليه بعد الصلود و من الواضح ان النتن يرتفع

مع حصول الجمود و اليبوسه فهو علي تقدير وجوده انما کان قبل تلک الحاله و هي حاله المسنونيه المشار اليها في قوله تعالي: (و لقد خلقنا الانسان من صلصال من حماء مسنون). قال الفخر الرازي کونه حماء مسنونا يدل علي النتن و التغير و ظاهر الايه يدل علي ان هذا الصلصال انما تولد من الحما المسنون فوجب ان يکون کونه صلصالا مغاير الکونه حما مسنونا، و لو کان کونه صلصالا عباره عن النتن و التغير لم يبق بين کونه صلسالا و بين کونه حما مسنونا تفاوت، انتهي هذا. و يحتمل ان تکون هاتان الفقرتان اشاره الي قوام ماده الانسان، فالاجماد لغايه الاستمساک راجع الي بعض اجزاء الصوره المجعوله کاللحم و العروق و الاعصاب و نحوها، و الاصلاد راجع الي البعض الاخر کالاسنان و العظام و بعد ان اکمل الله سبحانه للصوره اعضائها و جوارحها و هيئها لقبول الروح ابقاها (لوقت معدود و اجل معلوم) اي لاجل وقت او الي وقت معين اقتضت الحکمه و المصلحه نفخ الروح فيها، و الي هذا الوقت اشير في قوله تعالي: (هل اتي علي الانسان حين من الدهر لم يکن شيئا مذکورا). قال في مجمع البيان: و قد کان شيئا الا انه لم يکن شئيا مذکورا، لانه کان ترابا وطينا الي ان نفخ فيه الروح، و قيل انه اتي

علي آدم اربعون سنه لم يکن شيئا مذکورا لا. في السماء و لا في الارض، لانه کان جسدا ملقي من طين قبل ان ينفخ فيه الروح. و روي عطا عن ابن‏عباس انه ثم خلقه بعد عشرين و ماه سنه انتهي. و عن بعض الصحف السماويه ان طينه آدم (ع) عجنت اربعين سنه ثم جعلت لازبا، ثم جعلت حما مسنونا اربعين سنه ثم جعلت صلصالا کالفخار اربعين سنه، ثم جعلت جسدا ملقي علي طريق الملائکه اربعين سنه و نفخ فيها من روحه بعد تلک المده. و في العلل باسناده عن عبدالعظيم الحسني قال: کتبت الي ابي‏جعفر (ع) اساله عن عله الغائط و نتنه، قال: ان الله خلق آدم و کان جسده طيبا فبقي اربعين سنه ملقي تمربه الملائکه فنقول لامر ما خلقت، و کان ابليس يدخل في فيه و يخرج من دبره فلذلک صار ما في جوف آدم منتنا خبيثا غير طيب. و في البحار عن الخصال و تفسير الفرات باسناده عن الحسن (ع) فيما ساله کعب الاحبار اميرالمومنين (ع) قال: لما اراد الله خلق آدم بعث جبرئيل فاخذ من اديم الارض قبضه فعجنه بالماء العذب و المانح و رکب فيه الطبايع ققبل ان ينفخ فيه الروح فخلقه من اديم الارض فطرحه کالجبل العظيم، و کان ابليس يومئذ خازنا علي السماء الخامسه يدخل في منخر آدم ثم يخرج من دبره ثم يضرب بيده

علي بطنه فيقول لاي امر خلقت؟ لئن جعلت اسفل مني لا عينک فمکث في الجنه الف سنه ما بين خلقه الي ان ينفخ فيه الروح الحديث. و وجه الجمع بين هذه الروايه و ما سبق من حيث اختلافهما في مقدار مده تاخير النفخ غير خفي علي العارف الفطن. فان قيل: لماذا اخر نفخ الروح في تلک المده الطويله. قلنا: لعله من باب اللطف في حق الملائکه لتذهب ظنونهم في ذلک کل مذهب فصار کانزال المتشابهات الذي تحصل به رياضه الاذهان في تخريجها و في ضمن ذلک يکون اللطف، و يجوز ان يکون في اخبار ذريه آدم بذلک لطف لهم و لا يجوز اخبارهم بذلک الا اذا کان المخبر عنه حقا. اقول: هکذا اجاب الشارح المعتزلي، و يشير الي جوابه الاول الروايه السابقه فيما حکاه (ع) من قول ابليس لاي امر خلقت اه. و الاولي ان يقال: ان السر فيه لعله اعتبار الملائکه، اذا الاعتبار في التدريج اکثر او ليعلم الناس التاني في الامور و عدم الاستعجال، و مثله خلق السماوات و الارض في سته ايام علي ما نطق به القرآن الحکيم مع انه سبحانه کان قادرا علي خلقها في طرفه عين، قال اميرالمومنين (ع): و لو شاء ان يخلقها في اقل من لمح البصر لخلق، و لکنه جعل الانائه و المداراه مثالا لامنائه و ايجابا للحجه علي خلقه. (

و) کيف کان فلما حل الاجل الذي اقتضت الحکيمه فيه النفخ (نفخ فيها) اي في الصوره المستعده لقبول النفخ (من روحه) الذي اصطفاه علي ساير الارواح و المراد بنفخ الروح فيها افاضته عليها، استعير به عنها لان نفخ الريح في الوعاء لما کان عباره عن ادخال الريح في جوفه و کان الاحياء عباره عن افاضه النفس علي الجسد و يستلزم ذلک حلول القوي و الارواح في الجثه باطنا و ظاهرا حسن الاستعاره. قال بعض المتالهين: ان النفخ لما کان عباره عن تحريک هواء يشتعل به الحطب و نحوه کالفحم فالبدن کالفحم و هذا الروح کالهواء الذي في منافذ الفحم و اجوافه، و النفخ سبب لاشتعال الروح البخاري بنار النفس و تنورها بنور الروح الامري فللنفخ صوره و حقيقه و نتيجه، فصورته اخراج الهواء من آله النفخ الي جوف المنفوخ فيه حتي تشتعل نارا و هذه الصوره في حق الله محال، و لکن النتيجه و المسبب غير محال، و قد يکني بالسبب عن النتيجه و الاثر المترتب عليه کقوله تعالي: (غضب الله عليهم) (و انتقمنا منهم). و صوره الغضب عباره عن نوع تغير في نفس الغضبان يتاذي به و نتيجته اهلاک المغضوب عليه او جرحه و ايلامه فعبر في حق الله عن نتيجه الغضب بالغضب و عن نتيجه الانتقام بالانتقام، فکذلک ي

کمن ان يقال هيهنا: انه عبر عما ينتج نتيجه النفخ بالنفخ و ان لم يکن علي صوره النفخ و لکن نحن لانکتفي في الاسماء التي هي مبادي افعال الله بهذا القدر، و هو مجرد ترتب الاثر من غير حقيقه تکون بازاء الصوره، بل نقول: حقيقه النفخ الذي في عالم الصوره عباره عن اخراج شي‏ء من جوف النافخ الي جوف المنفوخ فيه کالزق و نحوه هي افاضه نور سر الروح العلوي الالهي علي القالب اللطيف المعتدل المستوي اعني به الروح الحيواني القابل لفيضان النور العقلي و الروح الالهي کقبول البلور لفيضان النور الحسي من الشمس النافذ في اجزائه و اقطاره و هکذا يکون انوار الحس و الحياه نافذه في کل جزء من اجزاء القالب و البدن، فعبر عن اضافه الروح علي البدن بالنفخ فيه انتهي. بقي الکلام في اضافه الروح اليه سبحانه، فنقول: ان الافاضه من باب التشريف و الاکرام، روي في الکافي باسناده عن محمد بن مسلم، قال سالت ابا عبدالله (ص) عن قول الله عز و جل و نفخت فيه من روحي کيف هذا النفخ؟ فقال: ان الروح متحرک کالريح و انما سمي روحا لانه اشتق اسمه من الريح، و انما اخراجه علي لفظه الريح لان الارواح مجانسه للريح، و انما اضافه الي نفسه لانه اصطفاه علي ساير الارواح کما قال لبيت من

البيوت، بيتي، و لرسول من الرسل خليلي و اشباء ذلک و کل ذلک مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر. و مثل اضافه الروح اليه تعالي اضافه الصوره اليه سبحانه في بعض الاخبار کما رواه في الکافي عن محمد بن مسلم ايضا قال: سالت اباجعفر (ع) عما يروون ان الله تعالي خلق آدم علي صورته فقال: هي صوره محدثه مخلوقه اصطفاها الله تعالي و اختارها علي ساير الصور المختلفه فاضافها الي نفسه کما اضاف الکعبه الي نفسه و الروح الي نفسه فقال: بيتي و نفخت فيه من روحي هذا. و لکن الصدوق روي في العيون باسناده عن الحسين بن خالد قال: قلت للرضا (ع): يابن رسول‏الله ان الناس يروون ان رسول الله (ص) قال: ان الله خلق آدم علي صورته فقال: قاتلهم الله لقد حذفوا اول الحديث ان رسول‏الله (ص) مر برجلين يتسابان فسمع احدهما يقول لصاحبه: قبح الله وجهک و وجه من يشبهک، فقال رسول‏الله: يا عبدالله لا تقل هذا الاخيک فان الله عز و جل خلق آدم علي صورته. فان المستفاد من هذه الروايه رجوع الضمير في صورته الي الرجل المسبوب، و انما لم يتعرض الباقر (ع) في الروايه الاولي لرده و لم يشر الي تحريف الروايه اما للتقيه او اشاره الي ان الروايه علي تقدير صحتها ايضا لا دلاله فيها علي ما هو مطل

وب العامه من اعتقاد التجسيم و اثبات الصوره له، سبحانه عما يقول الظالمون و تعالي علوا کبيرا. و ربما يجاب بان المراد انه علي صورته لانه مظهر الصفات الکماليه الالهيه، او يقال: ان الضمير راجع الي آدم اي صورته اللايقه به المناسبه له هذا. و قد تحقق بما ذکرناه کله معني نفخ الروح و وجه المناسبه في اضافته الي الضمير الراجع اليه تعالي. و اما نفس الروح فاعلم انه قد يطلق علي النفس الناطقه التي تزعم الحکماء انها مجرده، و هي محل للعلوم و الکمالات و مدبره للبدن، و قد يطلق علي الروح الحيواني و هو البخار اللطيف المنبعث من القلب الساري في جميع اجزاء البدن، و يمکن اراده المعنيين کليهما من الروح المنفوخ في آدم، و قد استفيد من قول الباقر (ع) في الروايه السابقه: ان الروح متحرک کالريح کون الروح متحرکا سريعا في جميع اجزاء البدن و انه يجري آثاره في تجاويف اعضائه فيصلح البدن و يحيي مادام فيه، کما ان الريح متحرک سريعا في اقطار العالم و يجري آثاره فيها فيصلح العالم بجريانه و يفسد بفقدانه. و في الاحتجاج في جمله مسائل الزنديق عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: فهل يوصف الروح بخفه و ثقل و وزن؟ قال (ع): الروح بمنزله الريح في الزق اذا نفخت فيه امتلاء

الزق منها فلا يزيد في وزن الزق و لوجها فيه و لا ينقصها خروجها منه کذلک الروح ليس لها ثقل و لا وزن، قال: اخبرني ما جوهر الريح قال (ع): الريح هواء اذا تحرک سمي ريحا و اذا سکن سمي هواء و به قوام الدنيا و لو کفت الريح ثلاثه ايام لفسد کل شي‏ء علي وجه الارض و نتن. و ذلک ان الريح بمنزله مروحه تذب و تدفع الفساد عن کل شي‏ء و تطيبه فهي بمنزله الروح اذا خرج عن البدن نتن البدن و تغير تبارک الله احسن الخالقين (فتمثلت) الصوره المجبوله بعد نفخ الروح (انسانا). روي في العلل مرفوعا عن ابي‏عبدالله (ع): قال سمي الانسان انسانا لانه ينسي و قال الله عز و جل: و لقد عهدنا الي آدم من قبل فنسي. و عن الدر المنثور عن ابن‏عباس قال: خلق الله آدم من اديم الارض يوم الجمعه بعد العصر فسماه آدم ثم عهدالله فنسي فسماه الانسان، قال ابن‏عباس: فبالله ما غابت الشمس من ذلک اليوم حتي اهبط من الجنه. و قال الراغب الانسان قيل سمي بذلک لانه خلق خلقه لاقوام له الا بانس بعضهم ببعض، و لهذا قيل الانسان مدني بالطبع من حيث انه لاقوام لبعضهم الا ببعض و لا يمکنه ان يقوم بجميع اسبابه و محاوجه. و قيل سمي بذلک لانه يانس بکل ما يالفه، و قيل هو افعلان و اصله انسيان سم

ي بذلک لانه عهد اليه فنسي. اقول: الانسان لو کان من الانس فوزنه فعلان و هو مذهب البصريين، و لو کان من النسي فوزنه افعان اصله انسيان علي وزن افعلان فحذفت الياء استخفافا لکثره ما يجري علي السنتهم و عند التصغير يرد الي الاصل يقال انيسيان، و هو مذهب الکوفيين و الروايه السابقه مويده لمذهبهم، و قوله (ع) (ذا اذهان يجيلها) قال الشارح البحراني: اشاره الي ما للانسان من القوي الباطنه المدرکه و المتصرفه و معني اجالتها تحريکها و بعثها في انتزاع الصور الجزئيه کما للحس المشترک، و المعاني الجزئيه کما للوهم (و فکر يتصرف بها) اي صاحب حرکات فکريه يتصرف بها في امور معاشه و معاده، و الا فالقوه المتفکره في الانسان واحده و هي القوه المودعه في مقدم البطن الاوسط من الدماغ من شانها ترکيب الصور بالصور و المعاني بالمعاني و المعاني بالصور و الصور بالمعاني (و جوارح يختدمها، و ادوات يقلبها). المراد بالجوارح و الادوات اما معني واحد و هي الاعضاء و الالات البدنيه جميعا فانها خادمه للنفس الناطقه و واسطه التقليب، و اما ان المراد بالاولي الاعم و بالثانيه خصوص بعض الاعضاء مما يصح نسبه التقليب و التقلب اليه کاليد و الرجل و البصر و القلب (و معرفه ي

فرق بها بين الحق و الباطل) و المراد بالمعرفه هي القوه العاقله اذ الحق و الباطل من الامور الکليه و التميز بينها حظ العقل (و) هي المفرقه ايضا بين (الاذواق و المشام و الالوان و الاجناس). و المراد بالاذواق المذوقات المدرکه بالذوق و هي قوه منبثه في العصب المفروش علي سطح اللسان التي يدرک بها الطعوم من الحلاوه و المراره و الحموضه و الملوحه و غيرها. و بالمشام المشمومات المدرکه بالشم و هي قوه مودعه في زايدتي مقدم الدماغ الشبيهتين بحلمتي الثدي بها تدرک الروايح من الطيبه و المنتنه و غير هما. و بالالوان المبصرات المدرکه بحس البصر و هي قوه مرتبه في العصبتين المجوفتين اللتين تتلاقيان فتفترقان الي العينين التي بها يدرک الالوان من السواد و البياض و الحمره و الصفره و الاشکال و المقادير و الحرکات و نحوها. و بالاجناس الامور الکليه المنتزعه من تصفح الجزئيات و ادراکها و لذلک اخر (ع) ذکر الاجناس عنها اشاره الي ما ذکر، و ذلک لان النفس بعد ما ادرک الجزئيات بالمدرکات و المشاعر السالفه تتنبه لمشارکات بينها و مباينات فاصله بينها مميزه لکل واحد منها عن الاخر، فتنتزع منها تصورات کليه بعضها ما به الاشتراک بينها، و بعضها ما به امتياز احدي

ها عن الاخري، و لعله اريد بالاجناس مطلق الامور الکليه لا الجنس المصطلح في علم المنطق و الکلام. فان قلت: التفرقه بن الاذواق و المشام و الالوان انما هو من فعل الحواس الظاهره، اذ هي المدرکه لها و المميزه بينها حسبما ذکرت فما معني نسبته الي العقل؟ قلت: ادراک هذه و ان کان بالحواس المذکوره الا انها قد يقع فيها الشک و المرجع فيها حينئذ الي العقل لانه الرافع للشک عنها. توضيح ذلک ما ورد في روايه الکافي باسناده عن يونس بن يعقوب، قال: کان عند ابي‏عبدالله (ع) جماعه من اصحابه منهم حمران بن اعين و محمد بن النعمان و هشام ابن سالم و الطيار و جماعه فيهم هشام بن الحکم و هو شاب، فقال ابو عبدالله (ع): يا هشام الا تخبرني کيف صنعت بعمرو بن عبيد و کيف سالته: فقال هشام: يابن رسول‏الله اني اجلک و استحييک و لا يعمل لساني بين يديک، فقال ابو عبدالله (ع): اذا امرتکم بشي‏ء فافعلوا، قال هشام: بلغني ما کان فيه عمرو بن عبيد و جلوسه في مسجد البصره فعظم ذلک علي فخرجت اليه و دخلت البصره يوم الجمعه فاتيت مسجد البصره فاذا انا بحلقه کبيره فيها عمرو بن عبيد و عليه شمله سوداء متزر بها من صوف و شمله مرتد بها و الناس يسالونه فاستفرجت الناس فافرجوا لي

ثم قعدت في آخر القوم علي رکبتي، ثم قلت: ايها العالم اني رجل غريب تاذن لي في مساله؟ فقال لي: نعم، فقلت له: الک عين؟ فقال لي يا بني اي شي‏ء تريد من هذا السوال و شي‏ء تراه کيف تسال عنه؟ فقلت: هکذا مسالتي فقال: يا بني سل و ان کانت مسالتک حمقاء، قلت: اجبني فيها، قال لي: سل، قلت: الک عين؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: اري بها الالوان و الاشخاص، قلت: فلک انف؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: اشم به الرائحه، قلت: الک فم؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: اذوق به الطعم، قلت: فلک اذن؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: اسمع بها الصوت، قلت: الک قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: امير به کلما ورد علي هذه الجوارح و الحواس، قلت: او ليس في هذه الجوارح غني غن القلب؟ فقال: لا، قلت: و کيف ذلک و هي صحيحه سليمه؟ قال: يابني ان الجوارح اذا شکت في شي‏ء شمته او راته او ذاقته او سمعته ردته الي القلب فيستبين اليقين (فيستيقن خ) و يبطل الشک، قال هشام: فقلت له: فانما اقام الله القلب لشک الجوارح؟ قال: نعم قلت: لابد من القلب و الا لم يستيقن الجوارح؟ قال: نعم، فقلت له: يا ابامروان فان الله تبارک و تعالي لم يترک جوارحک حتي جعل لها امام

ا ينح لها الصحيح و يتيقن به ما شککت فيه و يترک هذا الخلق کلهم في حيرتهم و شکهم و اختلافهم لا يقيم لهم اماما يردون اليه شکهم و حيرتهم و يقيم لک اماما لجوارحک ترد اليه حيرتک و شکک؟ قال: فسکت و لم يقل لي شيئا، ثم التفت الي فقال لي: انت هشام بن الحکم؟ فقلت: لا، فقال: امن جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن اين انت؟ قلت: من اهل الکوفه، قال: فانت اذا هو، ثم ضمني اليه و اقعدني في مجلسه و زال عن مجلسه و ما نطق حتي قمت، قال: فضحک ابو عبدالله (ع) فقال: يا هشام من علمک هذا؟ قلت: شي‏ء اخذته منک و الفته، فقال هذا و الله مکتوب في صحف ابراهيم و موسي. قال بعض المحققين من شراح الحديث: و معني شک الحواس و غلطها ان الحس او الوهم المشوب بالحس يشک او يغلط بسبب من الاسباب، ثم يعلم النفس بقوه العقل ما هو الحق المتيقن کما يري البصر العظيم صغيرا لبعده و الصغير کبيرا لقربه و الواحد اثنين لحول في العين و الشجره التي في طرف الحوض منکوسه لانعکاس شعاع البصر من الماء اليها، و السمع يسمع الصوت الواحد عند الجبل و نحوه مما فيه صلابه او صقاله صوتين لمثل العله المذکوره من انعکاس الهواء المتموج بکيفيه المسموع الي الصماخ تاره اخري و يقال للصوت الثاني: الصد

اء، و کما تجد الذائقه الحلو مر الغلبه المره الصفراء علي جرم اللسان، و کذا تشمئز الشمامه من الروائح الطيبه بالزکام فهذه و امثالها اغلاط حسيه يعرف القلب حقيقه الامر فيها انتهي ما اهمنا نقله. و اتضح به کل الوضوح ان التفرقه بين الحق و الباطل و بين المحسوسات عند الشک و الارتياب انما هي وظيفه العقل و القلب و هو اللطيفه النورانيه المتعلقه اول تعلقها بهذا القلب الصنوبري و نسبته الي اعضاء الحس و الحرکه کنسبه النفس الي قوي الحس و الحرکه في انه ينبعث منه الدم و الروح البخاري الي ساير الاعضاء فالتفس رئيس القوي و امامها و القلب و هو مستقرها و عرش استوائها باذن الله رئيس ساير الاعضاء و امامها. (معجونا) اي مخمرا ذلک الانسان (بطينه الالوان المختلفه) و اصلها و هذه اشاره الي اختلاف اجزاء الانسان فان بعض اعضائه ابيض کالعظام و الشحم، و بعضها احمر کالدم و اللحم، و بعضها اسود کالشعر و حدقه العين و هکذا، و مثل اختلاف اجزائه اختلاف افراد نوع الانسان، فمنهم السعيد و الشقي و الطيب و الخبيث، و کل ذلک مستند الي اختلاف المواد. کما يدل عليه ما رواه القمي في تفسيره باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن ابي‏جعفر محمد بن علي بن الحسين عن ابيه عن

آبائه عن اميرالمومنين صلوات الله عليهم في حديث طويل، و فيه قال: فاغترف ربنا تبارک و تعالي غرفه بيمينه من الماء العذب الفرات و کلتا يديه يمين فصلصلها في کفه فجمدت، فقال لها: منک اخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين و الائمه المهتدين و الدعاه الي الجنه و اتباعهم الي يوم القيامه و لا ابالي و لا اسال عما افعل و هم يسالون، ثم اغترف غرفه من الماء المالح الاجاج فصلصلها في کفه فجمدت، ثم قال: منک اخلق الجبارين و الفراعنه و العتاه و اخوان الشياطين و الدعاه الي النار و اشياعهم الي يوم القيامه، و لا اسال عما افعل و هم يسالون، قال: و شرط في ذلک البداء فيهم و لم يشترط في اصحاب اليمين، ثم خلط المائين جميعا في کفه فصلصلهما ثم کفاهما قدام عرشه و هما سلاله من طين الحديث، و سياتي تمامه بعيد ذلک. (و الاشباه الموتلفه) کالايتلاف بين العظام و الاسنان و نحوها فانها اجسام متشابهه ايتلف بعضها مع بعض و بها قامت الصوره الانسانيه (و الاضداد المتعاديه و الاخلاط المتباينه، من الحر و البرد و البله و الجمود و المسائه و السرور). و المراد بالبله و الجمود الرطوبه و اليبوسه، و کلمه من تبيين للاضداد و الاخلاط جميعا و ليست بيانا للاخلاط فقط ب

قرينه ذکر المسائه و السرور. قيل: و المراد بالحر الصفراء و بالبرد البلغم و بالبله الدم و بالجمود السودا، فکلامه (ع) اشاره الي الطبايع الاربع التي بها تحصل المزاج و بها قوام البدن الانساني. و في حديث القمي السابق بعد قوله (ع): ثم کفاهما قدام عرشه و هما سلاله من طين، قال: ثم امر الله الملائکه الاربعه الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور ان يجولوا علي هذه السلاله من طين فابرئوها و انشاوها ثم جزوها و فصلوها و اجروا فيها الطبايع الاربعه. قال: الريح في الطبايع الاربعه من البدن من ناحيه الشمال، و البلغم في الطبايع الاربعه من ناحيه الصبا، و المره في الطبايع الاربعه من ناحيه الدبور، و الدم في الطبايع الاربعه من ناحيه الجنوب. قال: فاستقلت النسمه و کمل البدن، فلزمه من ناحيه الريح حب النساء و طول الامل و الحرص، و لزمه من ناحيه البلغم حب الطعام و الشراب و البر و الحلم و الرفق، و لزمه من ناحيه المره الغضب و السفه و الشيطنه و التجبر و التمرد و العجله، و لزمه من ناحيه الدم حب الفساد و اللذات و رکوب المحارم و الشهوات قال ابوجعفر: وجدنا هذا في کتاب اميرالمومنين صلوات الله عليه هذا. و اما المسائه و السرور فهما من الکيفيات النفسانيه

، و سبب السرور ادراک الکمال و الاحساس بالمحسوسات الملائمه و التمکن من تحصيل المرادات و القهر و الاستيلاء علي الغير و الخروج عن الالام و تذکر الملذات، و سبب المسائه مقابلات هذه. قال البحراني: و مقصوده (ع) التنبيه علي ان طبيعه الانسان فيها قوه قبول و استعداد لتلک الکيفيات و امثالها، و تلک القوه هي المراد بزينه المسائه و السرور و الله العالم. الترجمه: پس جمع فرمود حق سبحانه و تعالي از زمين درشت و زمين نرم و زمين شيرين و زمين شور پاره خاک را، آميخت و ممزوج نمود آن خاک را به آب تا اينکه خالص و پاکيزه شد، و مخلوط و ملصق نمود آن را به رطوبت تا اينکه چسبان گشت پس ايجاد کرد از آن صورت و شکلي که صاحب طرفها بود و بندها و صاحب جوارح بود و فصلها، خشک ساخت آن صورت را تا اينکه قوام حاصل شد آنرا، و سخت گردانيد آن را تا اينکه گل خشک آوازکننده گرديد پس باقي گذاشت آن را به جهت وقت شمرده شده و اجل دانسته گرديده، پس از آن دميد در آن صورت روح خود را يا از روحي که اختيار کرده بود آن را به ساير ارواح، پس متمثل شد و متصور گرديد انساني که صاحب ذهنهائي است که متحرک مي‏سازد آن را، و صاحب فکرهائي است که تصرف و تفتيش مي‏کند با آن، و صاحب

جوارحي که طلب خدمت مي‏کند از آنها، و صاحب آلاتي که برمي‏گرداند آنها را در امورات خود، و صاحب معرفت و عقلي که فرق مي‏گذارد با آن ميان حق و باطل و ميان ذوقها و مشامها و ميان رنگها و جنسها در حالتي که آميخته و خمير شده بود آن انسان به اصل رنگهاي گوناگون و شبه‏هائي که با همديگر الفت دارند، چون استخوان و دندان و ضدهائي که تعاند دارند با همديگر و خلطهائي که تباين دارند با يکديگر از حرارت و برودت و رطوبت و يبوست و پريشاني و خوشحالي.

[صفحه 55]

اللغه: (استادي الله الملائکه) اي طلب منهم الاداء (و الخنوع) کالخضوع لفظا و معني (و التکرمه) اما بمعني التکريم و هو التعظيم و الاحترام مصدرتان من التفعيل کما في الاوقيانوس، او اسم من التکريم علي ما قاله الفيومي (و ابليس) افعيل من ابلس قال سبحانه: (فاذا هم مبلسون) اي آيسون من رحمه الله، و اسمه بالعبرانيه عزازيل بزائين معجمتين و بالعربيه الحارث و کنيته ابومره (و القبيل) في الاصل الجماعه تکون من الثلاثه فصاعدا من قوم شتي فان کانوا من اب واحد فقبيله و قد تسمي قبيلا و جمعه قبل و جمع القبيله القبائل (و الشقوه) بکسر الشين الشقاوه (و التعزز) التکبر (و استوهنوا) عدوه و اهنا ضعيفا (و النظره) بکسر الظاء مثل کلمه اسم من انظرت الدين اخرته قال سبحانه: (فنظره الي ميسره). اي تاخير (و السخطه) بالضم کالسخط الغضب و عدم الرضا (و البليه) اسم من الابتلاء و هو الامتحان (و انجز) وعده و عدته اذا و في به. الاعراب: الملائکه منصوب بنزع الخافض اي من الملائکه، و اضافه العهد الي الوصيه قبل من قبيل اضافه الصفه الي الموصوف اي وصيته المعهوده، و استثناء ابليس اما منقطع علي ما هو الاظهر الاشهر بين اصحابنا و کثير من المعتزله، او متصل

علي ما ذهب اليه طائفه من متکلمي العامه و اختاره منا الشيخ (ره) في التبيان، و منشا الخلاف ان ابليس هل هو من الجن ام من الملائکه، و ياتي تحقيق الکلام فيه، و انتصاب الاستحقاق و الاستتمام و النجاز علي المفعول له. المعني: (و استادي الله الملائکه) اي طلب منهم اداء (و ديعته) المودعه (لديهم و) طلب اداء (عهد وصيته اليهم) و المراد بتلک الوديعه و الوصيه ما اشار اليه سبحانه في سورتي الحجر و ص. قال في الاولي: (و اذ قال ربک للملائکه اني خالق بشرا من صلصال من حما مسنون فاذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين). قال اميرالمومنين (ع) علي ما رواء القمي عنه و کان ذلک من الله تقدمه في آدم قبل ان يخلقه و احتجاجا منه عليهم. و في الثانيه: (و اذ قال ربک للملائکه اني خالق بشرا من طين فاذا سويته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين). فلقد کان عز و جل اوصاهم و عهد اليهم انه خالق بشرا لابدلهم من السجود له بعد استوائه و نفخ الروح فيه، و الي ذلک اشار (ع) بقوله (في الاذعان بالسجود له و) الانقياد (الخنوع) و الخضوع (لتکرمته) و تعظيمه (فقال) سبحانه للملائکه بعد الاستواء و نفخ الروح (اسجدوا لادم) قال الصادق (ع): و کان ذلک الخطاب بعد ظهر ال

جمعه (فسجدوا) و بقوا علي السجده الي العصر (الا ابليس) قال الرضا (ع) کان اسمه الحارث سمي ابليس لانه ابلس من رحمه الله (و قبيله) قال المحدث المجلسي قده: و ضم القيل هنا الي ابليس غريب، فانه لم يکن له في هذا الوقت ذريه و لم يکن اشباهه في السماء، فيمکن ان يکون المراد به اشباهه من الجن في الارض بان يکونوا مامورين بالسجود ايضا، و عدم ذکرهم في الايات و ساير الاخبار لعدم الاعتناء بشانهم، او المراد به طائفه خلقها الله تعالي في السماء غير الملائکه، و يمکن ان يکون المراد بالقبيل ذريته و يکون اسناد عدم السجود اليهم لرضاهم بفعله کما قال (ع) في موضع آخر: انما يجمع الناس الرضا و السخط، و انما عقر ناقه ثمود رجل واحد فمعهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا، فقال سبحانه: (فعقروها فاصبحوا نادمين. انتهي) اقول: و الاوجه ما اجاب به اخيرا و يشهد به مضافا الي ما ذکره ما رواه السيد (ره) في آخر الکتاب عنه (ع) من ان الراضي بفعل قوم کالداخل فيه معهم و قال سبحانه: (قل قد جائکم رسل من قبلي بالبينات و بالذي قلتم فلم فتلتموهم ان کنتم صادقين). فانه روي في الکافي عن الصادق (ع) قال: کان بين القاتلين و القائلين خمسماه عام، فالزمهم الله القتل لرضاهم ب

ما فعلوا، و مثله عن العياشي في عده روايات (اعترتهم) و غشيتهم (الحميه) و العصبيه و (غلبت عليهم الشقوه) و الضلاله (تعز زوا) و تکبروا (بخلقه النار و استوهنوا) و استضعفوا (خلق الصلصال) و قالوا: ان مادتنا و جوهر ناخير من جوهر آدم الطيني فلا نسجد له، لان السجود انما هو لمکان شرف الجوهر و جوهر النار اشرف من جوهر التراب، و هذا معني قوله سبحانه في سوره الاعراف: (قال ما منعک ان لا تسجد اذ امرتک قال انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين) و في الکافي و الاحتجاج عن الصادق (ع) انه دخل عليه ابوحنيفه فقال له: يا باحنيفه بلغني انک تقيس، قال: نعم، اقيس قال: لاتقس فان اول من قاس ابليس حين قال: (خلقتني من نار و خلقته من طين) فقاس ما بين النار و الطين و لو قاس نوريه آدم بنوريه النار عرف فضل ما بين النورين و صفاء احدهما علي الاخر. قال بعض الافاضل: ان ابليس قد غلط حيث لاحظ الفضل باعتبار الجوهر و العنصر فلو لاحظه باعتبار الفاعل لعلم فضل آدم عليه نظرا الي ما اکرمه الله به من اضافه روحه الي نفسه و نسبه خلقته الي يديه حيث قال: (فاذا نفخت فيه من روحي) و قال: (لما خلقت بيدي) مضافا الي ما في قياسه في نفسه ايضا من الفساد من حيث ان الطي

ن امين يحفظ کل ما اودع عنده و النار خائن يفني کل ما يلقي فيه. و النار متکبر طالب للعلو، و التراب متواضع طالب السفل، و التواضع افضل من التکبر هذا و قد ظهر مما ذکرناه فساد العمل بالقياس ايضا و قد عنونه اصحابنا في علم الاصول و حکموا بعدم جواز العمل في الاحکام الشرعيه بالاقيسه و الاستحسانات العقليه، نظرا الي ما نشاهده من حکم الشارع في الموارد الکثيره بخلاف ما يقتضيه عقولنا الناقصه. کجمعه بين المتشاکلات و تفريقه بين المختلفات في منزوحات البئر. و کجمعه بين النوم و البول و الغائط في الاحداث. و حکمه بوجوب الاحرام في الحل مع ان الحرم افضل. و حکمه بوجوب مسح ظاهر القدم مع ان الباطن اولي. و حکمه بحرمه صوم يوم العيد و وجوب سابقه و ندبيه لاحقه. و حکمه بوجوب خمسماه دينار و هو نصف الديه الکامله في قطع احدي اليدين و قطع اليد لربع دينار. و حکمه لقطع اليد لسرقه ربع دينار و عدم جواز قطعه للغضب و لو کان الفا الي غير ذلک من الموارد التي يقف عليها المتتبع و مع ذلک کيف يمکن الاستبداد بالعقول الناقصه و الاراء الفاسده في استخراج مناطات الاحکام الشرعيه و قد قام الاخبار المتواتره عن ائمتنا عليهم‏السلام علي النهي عن العمل بالقياس و الا

ستحسانات العقليه، مثل قولهم: ان دين الله لا يصاب بالعقول، و ان السنه اذا قيست محق الدين، و انه لا شي‏ء ابعد عن عقول الرجال من دين الله. روي الصدوق و الکليني باسنادهما عن ابان بن تغلب، قال: قلت لابي عبدالله (ع) ما تقول في رجل قطع اصبعا من اصابع المراه کم فيها؟ قال: عشره من الابل، قال: قلت: قطع اثنين؟ فقال: عشرون، قلت: قطع ثلاثا؟ قال: ثلاثون، قلت: قطع اربعا؟ قال: عشرون، قلت: سبحان الله يقطع ثلاثا فيکون عليه ثلاثون فيقطع اربعا فيکون عليه عشرون، ان هذا کان يبلغنا و نحن بالعراق فنبرء ممن قاله، و نقول: ان الذي (جاء به خ) قاله شيطان، فقال: مهلا يا ابان هذا حکم رسول‏الله ان المراه تعاقل الرجل الي ثلث الديه فاذا بلغت الثلث رجعت المراه الي النصف، يا ابان انک اخذتني بالقياس، و السنه اذا قيست محق الدين. و في الاحتجاج ان الصادق (ع) قال لابي‏حنيفه لما دخل عليه: من انت؟ قال: ابوحنيفه، قال: مفتي اهل العراق، قال: نعم، قال: بم تفتيهم؟ قال: کتاب الله، قال: فانت العالم بکتاب الله؟ ناسخه و منسوخه و محکمه و متشابهه، قال: نعم، قال: فاخبرني عن قول الله عز و جل. (و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياما آمنين) اي موضع هو؟ قال ابوح

نيفه: هو ما بين مکه و المدينه، فالتفت ابو عبدالله (ع) الي جلسائه و قال: نشدتکم بالله هل تسيرون بين مکه و المدينه و لا تومنون علي دمائکم من القتل و علي اموالکم من السرق؟ فقالوا اللهم نعم، قال: و يحک يا اباحنيفه ان الله لا يقول الا حقا، اخبرني عن قول الله: (و من دخله کان آمنا) اي موضع هو؟ قال: ذلک بيت‏الله الحرام، فالتفت ابو عبدالله (ع) الي جلسائه و قال لهم: نشدتکم بالله هل تعلمون ان عبدالله بن زبير و سعيد بن جبير دخلاه فلم يامنا القتل؟ قالوا اللهم نعم، فقال: ابو عبدالله (ع): و يحک يا اباحنيفه ان الله لا يقول الا حقا. فقال ابوحنيفه: ليس لي علم بکتاب الله عز و جل انما انا صاحب قياس، قال ابو عبدالله (ع): فانظر في قياسک ان کنت مقيسا ايما اعظم عند الله القتل او الزنا؟ قال: بل القتل، قال: فکيف رضي الله في القتل بشاهدين و لم يرض في الزنا الا باربعه؟ ثم قال له: الصلاه افضل ام الصيام؟ قال: بل الصلاه افضل، قال: فيجب علي قياس قولک علي الحائض قضاء مافاتها من الصلاه في حال حيضها دون الصيام، و قد اوجب الله عليها قضاء الصوم دون الصلاه، ثم قال: البول اقذ رام المني؟ قال: البول اقذر، قال: يجب علي قياسک ان يجب الغسل من البول دو

ن المني، و قد اوجب الله الغسل علي المني دون البول. قال: انما انا صاحب راي، قال (ع) فما تري في رجل کان له عبد فتزوج و زوج عبده في ليله واحده فدخلا بامراتيهما في ليله واحده ثم سافرا و جعلا امر اتيهما في بيت واحد فولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المراتين و تقي الغلامان ايهما في رايک المالک و ايهما المملوک و ايهما الوارث و ايهما الموروث؟ قال: انما انا صاحب حدود، فقال (ع): فما تري في رجل اعمي فقاء عين صحيح، و اقطع قطع يدرجل کيف يقام عليهما الحد؟ قال: انما انا رجل عالم بمباعث الانبياء، قال: فاخبرني عن قول الله تعالي لموسي و هارون حين بعثهما الي دعوه فرعون: (لعله يتذکر او يخشي) لعل منک شک؟ قال: نعم، قال: ذلک من الله شک اذ قال لعله؟ قال ابوحنيفه: لا اعلم. قال (ع): انک تفتي بکتاب الله و لست ممن ورثه، و تزعم انک صاحب قياس و اول من قاس ابليس و لم يبن دين الاسلام علي القياس، و تزعم انک صاحب راي و کان الراي من رسول‏الله (ص) صوابا و من دونه خطاء، لان الله قال: (ان احکم بينهم بما اريک الله) و لم يقل ذلک لغيره، و تزعم انک صاحب حدود و من انزلت عليه اولي بعلمها منک، و تزعم انک عالم بمباعث الانبياء و خاتم الانبياء اعلم بمبا

عثهم منک، لو لا ان يقال: دخل علي ابن رسول‏الله فلم يساله من شي‏ء ما سالتک عن شي‏ء، فقس ان کنت مقيسا، قال: لا تکلمت بالراي و القياس في دين الله بعد هذا المجلس، قال (ع): کلا ان حب الرياسه غير تارکک کما لم يترک من کان قبلک الخبر. ثم ان ابليس اللعين بعد ما تمرد عن السجود و تکبر عن طاعه المعبود سال الله النظره و المهله و الابقاء الي يوم البعث و قال: (رب فانظرني الي يوم يبعثون). (فاعطاه الله النظره استحقاقا للسخطه) اي لاجل استحقاقه سخط الله سبحانه و غضبه، فان في الامهال، و اطاله العمر ازدياد الاثم الموجب لاستحقاق زياده العقوبه، قال سبحانه: (و لا يحسبن الذين کفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين) (و استتماما للبليه) اي لابتلاء بني آدم و تعريضهم للثواب بمخالفته (و انجاز اللعده) قيل: المراد به وعد الامهال، و ليس بشي‏ء، لانه لم يسبق منه سبحانه وعد في امهاله حتي ينجزه، بل الظاهر ان المراد به انه تعالي لما کان لا يضيع عمل عامل بمقتضي عدله و قد عبده ابليس في الارض و في السماء و کان مستحقا للجزاء الذي وعده سبحانه لکل عامل مکافاه لعمله، فانجز له الجزاء الموعود في الدنيا مکافاه لعبادته

حيث لم يکن له في الاخره من خلاق. روي في البحار عن العياشي عن الحسن بن عطيه قال: سمعت ابا عبدالله (ع) يقول: ان ابليس عبدالله في السماء في رکعتين سته الف سنه و کان انظار الله، اياه الي يوم الوقت المعلوم بما سبق من تلک العباده. و في روايه علي بن ابراهيم الاتيه عن اميرالمومنين (ع) قال ابليس: يا رب و کيف و انت العدل الذي لا تجور و لا تظلم فثواب عملي بطل، قال: لا، و لکن سلني (اسال خ) من امر الدنيا ما شئت ثوابا لعملک فاعطيک، فاول ما سال البقاء الي يوم الدين فقال الله: قد اعطيتک الخبر. و في روايته الاتيه ايضا عن زراره عن ابي‏عبدالله (ع) قال: قلت: جعلت فداک بماذا استوجب ابليس من الله ان اعطاه ما اعطاه؟ قال: بشي‏ء کان منه شکره الله عليه، قلت و ما کان منه جعلت فداک؟ قال: رکعتين رکعهما في السماء في اربعه آلاف سنه (فقال: انک من المنظرين الي يوم الوقت المعلوم). قال الرازي في تفسيره: اعلم ان ابليس استنظر الي يوم البعث و القيامه و غرضه منه ان لا يموت، لانه اذا کان لا يموت قبل يوم القيامه و ظاهر ان بعد قيام القيامه لا يموت فحينئذ يلزم منه ان لا يموت البته، ثم انه تعالي منعه عن هذا المطلوب و قال: (انک من المنظرين الي يوم الوقت

المعلوم). و اختلفوا في المراد منه علي وجوه: احدها ان المراد من يوم الوقت وقت النفخه الاولي حين يموت کل الخلايق و انما سمي هذا الوقت بالوقت المعلوم، لان من المعلوم انه يموت کل الخلايق فيه، و قيل انما سماه الله تعالي بهذا الاسم، لان العالم: بذلک هو الله تعالي لا غير کما قال تعالي: (انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو) و قال: (ان الله عنده علم الساعه) و ثانيها ان المراد من يوم الوقت المعلوم هو الذي ذکره و هو قوله: (الي يوم يبعثون) و انما سماه الله تعالي بيوم الوقت المعلوم لان ابليس لما عينه و اشار اليه بعينه صار ذلک کالمعلوم، فان قيل: لما اجابه الله تعالي الي مطلوبه لزم ان لا يموت الي وقت قيام الساعه و بعد قيام القيامه لا يموت ايضا فيلزم ان يندفع عنه الموت بالکليه، قلنا يحمل قوله: الي يوم يبعثون الي ما يکون قريبا منه، و الوقت الذي يموت فيها کل المکلفين قريب من يوم البعث علي هذا الوجه، فيرجع حاصل هذا الکلام الي الوجه الاول. و ثالثها ان المراد بيوم الوقت المعلوم يوم لا يعلمه الا الله تعالي و ليس المراد منه يوم القيامه انتهي. اقول: و المستفاد من بعض اخبارنا الوجه الاول، و هو ما روي في الطل عن الصادق (ع) انه

سئل عنه فقال: يوم الوقت يوم ينفخ في الصور نفخه واحده فيموت ابليس ما بين النفخه الاولي و الثانيه. و من البعض الاخر انه عند الرجعه، و هو ما رواه القمي باسناده عن ابي عبدالله (ع) في قوله، قال: يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول‏الله (ع) علي الصخره في بيت‏المقدس، و في روايه اخري رواها العياشي عنه (ع) ايضا انه سئل عنه فقال: اتحسب انه يوم يبعث فيه الناس ان الله انظره الي يوم يبعث فيه قائمنا، فاذا بعث الله قائمنا کان في مسجد الکوفه و جاء ابليس حتي يجثو بين يديه علي رکبتيه فيقول: يا ويله من هذا اليوم فياخذ بناصيته فيضرب عنقه فذلک يوم الوقت المعلوم، و يحتمل الجمع بينها بان يقتله القائم ثم يحيي و يقتله رسول‏الله (ع) ثم يحيي و يموت عدن النفخه، و الله العالم بحقايق الامور. و ينبغي التنبيه علي امور مهمه مفيده لزياده البصيره في المقام الاول انه سبحانه ذکر قصه آدم و کيفيه خلقته و معامله ابليس معه في مواقع کثيره من القرآن الکريم و في ذلک اسرار کثيره: منها الاشاره الي کمال قدرته و عظمته حيث انه خلق انسانا کاملا ذا عقل و حس و حياه و صاحب مشاعر ظاهره و باطنه من تراب جامد، ثم جعله طينا لازبا فجعله حما مسنونا فجعل الحما صلصالا ياب

سا، ثم نفخ فيه من روحه فاستوي انسانا کاملا فتبارک الله احسن الخالقين. و منها تذکير الخلق بما انعم به علي ابيهم آدم حيث فضله علي ملائکه السماء بما علمه من الاسماء و جعله مسجودا لهم و ذا مزيه عليهم. و منها تحذير الخلق عن مکائد الشيطان ليجتنبوا عن مصائده و فخوفه فان عداوته اصليه و منافرته ذاتيه لا يمکن توقع الوصل و العلقه معه البته. و منها تنبيه الخلق علي ان آدم مع فعله زله واحده کيف اخرج من جوار رحمه الله و اهبط الي دار البليه، فما حال من تورط في الذنوب و اقتحم في المهالک و العيوب مدي عمره و طول زمانه و هو مع ذلک يطمع في دخول دار الخلد و نعم ما قيل: يا ناظرا نورا بعيني راقد و مشاهدا للامر غير مشاهد تصل الذنوب الي الذنوب و ترتجي درک الجنان و نيل فوز العابد انسيت ان الله اخرج آدما منها الي الدنيا بذنب واحد الثاني لقائل ان يقول: امر الملائکه بالسجود لادم لماذا و ما السر في ذلک؟ قلنا: فيه اسرار کثيره: منها اظهار فضيلته علي الملائکه. و منها الابتلاء و الامتحان ليظهر حال ابليس علي الملائکه حيث علموا بعد ابائه و امتناعه عن السجده انه لم يکن منهم و قد زعموا قبل ذلک انه منهم کما يدل عليه ما رواه علي بن ابرا

هيم القمي عن ابيه عن ابن ابي‏عمير عن جميل عن ابي عبدالله (ع) قال سئل عما ندب الله الخلق اليه ادخل فيه الضلال؟ (الضلاله خ) قال: نعم و الکافرون دخلوا فيه، لان الله تبارک و تعالي امر الملائکه بالسجود لادم فدخل في امره الملائکه و ابليس، فان ابليس کان مع الملائکه في السماء يعبدالله و کانت الملائکه يظن انه منهم فلما امر الله الملائکه بالسجود لادم اخرج ما کان في قلب ابليس من الحسد، فعلمت الملائکه ان ابليس لم يکن منهم، فقيل له (ع): فکيف وقع الامر علي ابليس و انما امر الله الملائکه بالسجود لادم؟ فقال: کان ابليس منهم بالولاء و لم يکن من جنس الملائکه، و ذلک ان الله خلق خلقا قبل آدم، و کان ابليس فيهم حاکما في الارض فعتوا و افسدوا و سفکوا الدماء فبعث الله الملائکه فقتلوهم و اسروا ابليس و رفعوه الي السماء فکان مع الملائکه يعبد الله الي ان خلق الله تبارک و تعالي آدم. و منها ان سجودهم له لما کان في صلبه من انوار نبينا و اهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم يدل عليه ما رواه في الصافي و البحار عن تفسير الامام عن علي بن الحسين عن ابيه عن رسول الله سلام الله عليهم، قال: يا عبادالله ان آدم لما راي النور ساطعا من صلبه اذ کان الله

قد نقل اشباحنا من ذروه العرش الي ظهره راي النور و لم يتبين الاشباح، فقال: يا رب ما هذه الانوار؟ فقال عز و جل: انوار اشباح نقلتهم من اشرف بقاع عرشي الي ظهرک و لذلک امرت الملائکه بالسجود لک اذ کنت و عاء لتلک الاشباح، فقال آدم: يا رب لو بينتها لي، فقال الله عز و جل: انظر يا آدم الي ذروه العرش، فنظر آدم و وقع نور اشباحنا من ظهر آدم علي ذروه العرش فانطبع فيه صور انوار اشباحنا التي في ظهره کما ينطبع وجه الانسان في المراه الصافيه فراي اشباحنا، فقال: ما هذه الاشباح يا رب؟ قال الله يا آدم هذه اشباح افضل خلايقي و برياتي هذا محمد و انا الحميد المحمود في فعالي شققت له اسما من اسمي و هذا علي و انا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي، و هذه فاطمه و انا فاطر السماوات و الارض فاطم اعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي و فاطم اوليائي عما يعرهم (يعتريهم خ) و يشينهم فشققت لها اسما من اسمي، و هذا الحسن، و هذا الحسين و انا المحسن المجمل فشققت اسميهما من اسمي هولاء خيار خليقتي و کرام بريتي بهم آخذوبهم اعطي و بهم اعاقب و بهم اثيب فتوسل بهم الي يا آدم اذا دهتک داهيه فاجعلهم الي شفعائک فاني آليت علي نفسي قسما حقا ان لا اخيب بهم آملا و لا اردبه

م سائلا فلذلک حين زلت منه الخطيئه دعا الله عز و جل بهم فتيب عليه و غفرت له. الثالث لقائل ان يقول: ماذا کان المانع لابليس عن السجود؟ قلت: المستفاد من روايه القمي السالفه انه الحسد، و المستفاد من الايات القرآنيه انه الاستکبار، و هو المستفاد ايضا مما رواه في البحار عن قصص الراوندي بالاسناد الي الصدوق باسناده الي ابن‏عباس قال: قال ابليس لنوح (ع): لک عندي يد ساعلمک خصالا، قال نوح: و ما يدي عندک؟ قال: دعوتک علي قومک حتي اهلکهم الله جميعا، فاياک و الکبر و اياک و الحرص و اياک و الحسد، فان الکبر هو الذي حملني علي ان ترکت السجود لادم فاکفرني و جعلني شيطانا رجيما، و اياک و الحرص فان آدم ابيح له الجنه و نهي عن شجره واحده فحمله الحرص علي ان اکل منها، و اياک و الحسد فان ابن‏آدم حسد اخاه فقتله، فقال نوح: متي تکون اقدر علي ابن‏آدم؟ فقال: عند الغضب هذا. و لا منافاه بينها لانه يجوز ان يکون المانع الحسد و الکبر الناشي من قياسه الفاسد جميعا. و يدل عليه ما رواه علي بن ابراهيم باسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن ابي‏جعفر محمد بن علي بن الحسين عن ابيه عن آبائه عن اميرالمومنين صلوات الله عليهم. في حديث طويل و ساق الحديث الي قوله: فخل

ق الله آدم فبقي اربعين سنه مصورا و کان يمر به ابليس اللعين فيقول: لامر ما خلقت، فقال العالم (ع): فقال ابليس: لان امرني الله بالسجود لهذا لعصيته، قال: ثم نفخ فيه، فلما بلغت فيه الروح الي دماغه عطس عطسه فقال: الحمدلله، فقال الله له: يرحمک الله، ثم قال الله تبارک و تعالي للملائکه: اسجدوا لادم فسجدوا له، فاخرج ابليس ما کان في قلبه من الحسد فابي ان يسجد فقال الله عز و جل. (ما منعک الا تسجد اذا امرتک؟ قال انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين). قال الصادق (ع) فاول من قاس ابليس و استکبر، و الاستکبار هو اول معصيه عصي الله بها، قال: فقال ابليس: يا رب اعفني من السجود لادم و انا اعبدک عباده لم يعبدکها ملک مقرب و لا نبي مرسل، قال الله تعالي: لا حاجه لي الي عبادتک انما اريد ان اعبد من حيث اريد لا من حيث تريد، فابي ان يسجد فقال الله تبارک و تعالي: اخرج منها فانک رجيم و ان عليک لعنتي الي يوم الدين. فقال ابليس: يا رب کيف و انت العدل الذي لا تجور فثواب عملي بطل، قال: لا، و لکن اسال من امر الدنيا ما شئت تراما لعملک فاعطيک فاول ما سال البقاء الي يوم الدين، فقال الله قد اعطيتک. قال: سلطني علي ولد آدم، قال: سلطتک قال: اجرني ف

يهم مجري الدم في العروق قال: اجريتک، قال: لا يولد لهم ولد الا ولد لي اثنان و اراهم و لا يروني و اتصور لهم في کل صوره شئت، فقال: قد اعطيتک، قال: يا رب زدني، قال: قد جعلت لک و لذريتک صدورهم او طانا، قال: رب حسبي فقال ابليس عند ذلک: فوعزتک لاغوينهم اجمعين لا عبادک منهم المخلصين ثم لاتينهم من بين ايديهم و من خلفهم و عن شمائلهم و لا تجد اکثرهم شاکرين. هذا و روي ايضا باسناده عن زراره عن ابي‏عبدالله (ع) قال: لما اعطي الله تبارک و تعالي لابليس ما اعطاه من القوه قال آدم: يا رب سلطت ابليس علي ولدي و اجريته فيهم مجري الدم في العروق و اعطيته ما اعطيته فما لي و لولدي: فقال: لک و لولدک السيئه بواحده و الحسنه بعشر امثالها، قال: يا رب زدني، قال: التوبه مبسوطه الي حين يبلغ النفس الحلقوم، فقال: يا رب زدني، قال: اغفرو لا ابالي قال: حسبي. الرابع اختلفوا في ان ابليس اللعين هل هو من الجن ام من الملائکه، المعزي الي اکثر المتکلمين من اصحابنا و المعتزله هو الاول، و ذهب کثير من فقهاء العامه علي ما حکي عنهم الفخر الرازي و جمهور المفسرين و منهم ابن‏عباس علي ما حکاه عنهم الشارح البحراني الي الثاني. و المختار عندنا هو الاول و فاقا للاکثر

و منهم المفيد و قد نسبه الي الاماميه کلها، حيث قال في المحکي عنه في کتاب المقالات: ان ابليس من الجن خاصه و انه ليس من الملائکه و لا کان منها، قال الله تعالي: (الا ابليس کان من الجن). و جاثت الاخبار المتواتره عن ائمه الهدي من آل محمد عليهم‏السلام بذلک، و هو مذهب الاماميه کلها و کثير من المعتزله و اصحاب الحديث انتهي. و احتج للمختار بوجوه. الاول: ان ابليس من الجن فوجب ان لا يکون من الملائکه، اما انه من الجن فلقوله تعالي في سوره الکهف: (الا ابليس کان من الجن ففسق عن امر ربه). و اما انه اذا کان من الجن فوجب ان لا يکون من الملائکه، فلقوله تعالي: (و يوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائکه اهولاء اياکم کانوا يعبدون، قالوا سبحانک انت و لينا من دونهم بل کانوا يعبدون الجن) فان الايه صريحه في الفرق بين الجن و الملائکه. و ما ربما يتوهم من ان معني قوله سبحانه: کان من الجن، انه کان خازن الجنه علي ما روي عن ابن‏مسعود، او ان کان بمعني صار، اي صار من الجن کما ان قوله: و کان من الکافرين، بمعني صار من الکافرين، فظاهر الفساد. اما اولا فلانه خلاف الظاهر المتبادر من الايه الشريفه، کما ان حمل کان بمعني صار کذلک. و اما ثانيا فلانه سبحانه

علل ترک السجود بانه کان من الجن و لا يمکن تعليل ترک السجود بکونه خازنا للجنه کما لا يخفي. و العجب من بعضهم حيث قال: ان کونه من الجن لاينافي کونه من الملائکه لان الجن من الاجتنان و هو الاستتار، و الملائکه مستترون عن العيون فصح جواز اطلاق اللفظ عليهم. و فيه ان الجن و ان کان يجوز اطلاقه بحسب اللغه علي الملک الا اته صار في الاصطلاح مختصا بالجنس المقابل للملک و الانس، فلا يجوز الاطلاق. الثاني ان ابليس له ذريه و نسل، قال الله تعالي: افتتخذونه ذريته اولياء من دوني). و الملائکه لا ذريه لهم اذ ليس فيهم انثي کما يدل عليه قوله سبحانه: (و جعلوا الملائکه الذين هم عباد الرحمن اناثا). و اورد عليه بمنع دلاله الايه عل انتفاء الانثي او لا، و منع ملازمه انتفاء الانثي علي تقديره ثانيا، الا تري ان الشياطين ليس فيهم انثي و مع ذلک لهم ذريه، و لذلک قال شيخنا الطوسي (ره) في محکي کلامه عن التسبيان: من قال ان ابليس له ذريه و الملائکه لا ذريه لهم و لا يتناکحون و لا يتناسلون فقد عول علي خبر غير معلوم. الثالث ان الملائکه معصومون لادله العصمه و ابليس ليس بمعصوم فلا يکون منهم و ربما يستدل بوجوه اخر لا حاجه الي ذکرها. و احتج للقول الثاني بو

جهين. الاول انه سبحانه استثناه في غير موضع من القرآن من الملائکه، و الاستثناء اخراج ما لولاه لدخل، و هو يفيد کونه من الملائکه. و ما اورد عليه اولا من ان الاستثناء المنقطع شايع في کلام العرب و کثير في کلام الله سبحانه قال: (و اذ قال ابراهيم لابيه و قومه يا قوم انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني). و قال: (لا يسمعون فيما لغوا و لا تاثيما الا قيلا سلاما سلاما) و قال: و لا تاکلوا اموالکم بينکم بالباطل الا ان تکون تجاره عن تراض). الي غير ذلک. و ثانيا من ان الاستثناء علي تسليم اتصاله ايضا لا يفيد الدخول کما قال الز مخشري بعد قوله سبحانه الا ابليس استثناء متصل، لانه کان جنيا واحدابين اظهر الالوف من الملائکه مغمورا بهم فغلبوا عليه في قوله فاسجدوا ثم استثني منهم استثناء واحد منهم. فقد رد الاول لانه خلاف الاصل و لا يصار اليه الا بدليل و الادله السالفه لا تصلح للدلاله لانها من قبيل العمومات، و الامر في المقام دائر بين تخصيصها علي جعل ابليس من الملائکه و بين حمل الاستثناء علي المنقطع علي جعله من الجن و کلاهما خلاف الاصل الا ان الاول اولي لان تخصيص العام اغلب من انقطاع الاستثناء فلابد من المصير اليه. و الثاني بان تغليب ا

لکثير علي القيل اذا کان ذلک القليل ساقط العبره غير ملتفت اليه في جنب الکثير اما اذا کان معظم الحديث لا يکون الا عن ذلک الواحد لم يجز اجراء حکم غيره عليه و تغليبه عليه و فيه نظر و وجهه سيظهر. الثاني انه لو لم يکن ابليس من الملائکه لما کان الامر بالسجده بقوله اسجدوا شاملا له، فلا يکون ترکه للسجود اباء و استکبارا و معصيه، و لما استحق الذم و العقاب، و حيث حصلت هذه الامور کلها فعلمنا بتناول الخطاب له، و لا يتناوله الا مع کونه من الملائکه. ورد او لا بمنع کونه مخاطبا بذلک الخطاب العام المستلزم للتناول، لم لا يجوز ان يخاطب بامر آخر مختص به، و ثانيا بمنع استلزام تناول ذلک الخطاب له علي تقدير تسليمه کونه من الملائکه لجواز ان يکون طول مخالطته بهم و نشوه معهم مصححا لتعلق الخطاب و تناوله فلا يثبت به الملازمه. و يضعف الاول بان ظاهر قوله: و اذ قلنا للملائکه اسجدو الادم فسجدوا الا ابليس، ان الاباء و العصيان انما حصل بمخالفه هذا الامر لا بمخالفه امر آخر. و الثاني بان طول المخالطه لا يوجب تناول الحکم و الا لتناول خطاب المذکور في الادله الشرعيه للاناث و بالعکس و هو خلاف ما صرح به علماء الاصول. اقول: هذا جمله ما استدل به علي ال

طرفين في المقام و التعويل عندنا علي الاخبار الصحيحه عن العتره الطاهره: منها روايه علي بن ابراهيم القمي السالفه في الامر الثاني. و منها ما عن تفسير الامام عن يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار عن ابويهما عن العسکري (ع) في ذيل قصه هاروت و ماروت بعد اثباته (ع) عصمه الملائکه، قالا: قلنا له فعلي هذا لم يکن ابليس ايضا ملکا، فقال: لابل کان من الجن، اما تسمعان الله عز و جل يقول: (و اذ قلنا للملائکه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس کان من الجن). فاخبر عز و جل انه کان من الجن، و هو الذي قال الله عز و جل: (و الجان خلقناه من قبل من نار السموم). و منها ما رواه العياشي عن جميل بن دراج عن ابي‏عبدالله (ع) قال: سالته عن ابليس اکان من الملائکه او هل کان يلي شيئا من امر السمائ؟ قال (ع): لم يکن من الملائکه و لم يکن يلي شيئا من امر السماء، و کان من الجن، و ان مع الملائکه، و کانت الملائکه تري انه منها، و کان الله يعلم انه ليس منها، فلما امر بالسجود کان منه الذي کان. و منها ما رواه علي بن ابراهيم باسناده عن جميل قال: کان الطيار يقول لي ابليس ليس من الملائکه و انما امرت الملائکه بالسجود لادم، فقال ابليس لا اسجد فما لابليس يعصي

حين لم يسجدو ليس هو من الملائکه، قال فدخلت انا و هو علي ابي‏عبدالله (ع)، قال فاحسن و الله في المساله فقال جعلت فداک: ارايت ما ندب الله اليه المومنين من قوله: (يا ايها الذين امنوا). دخل في ذلک المنافقون معهم؟ قال: نعم، و الضلال و کل من اقر بالدعوه الظاهره و کان ابليس ممن اقر بالدعوه الظاهره معهم. الي غير ذلک من الاخبار الکثيره التي قد سمعت في صدر المساله عن المفيد (قده) ادعائه تواترها و نسبه المذهب المختار الي الاماميه رضوان الله عليهم الظاهر في کونه مجمعا عليه بينهم، و لا يعبا بخلاف شيخنا الطوسي قدس الله روحه في المساله و لا يقدح ذلک في الاجماع مع کونه معلوم النسب و ادعاوه الروايه عن ابي‏عبدالله (ع) بکونه من الملائکه ضعيف، بما قاله العلامه المجلسي من انا لم نظفر بها و ان ورد في بعض الاخبار فهو نادر ماول. فان قلت: سلمنا ذلک کله و لکن کيف يتصور في حق الملائکه عدم علمهم بان ابليس منهم بعد ان اسروه من الجن و رفعوه الي السماء، و ما المراد بقولهم عليهم‏السلام في الاخبار السابقه و کانت الملائکه تري انه منها؟ قلنا: يحتمل ان يکون المراد ان الملائکه تري انه منهم في طاعه الله و عدم العصيان لمواظبته علي عبادته سبحانه ازم

نه متطاوله، فيکون من قبيل قولهم عليهم‏السلام: سلمان منا، او انهم لما راوا تباين اخلاقه ظاهرا للجن و تکريم الله تعالي اياه و جعله من بينهم مرفوعا الي السماء، و جعله رئيسا علي بعضهم کما قيل، ظنوا انه کان منهم وقع بين الجن. الخامس لقائل ان يقول: کيف کان سجود الملائکه لادم اهو بنحو السجود المتعارف من وضع الجبهه علي المسجد او بنحو آخر؟ قلت: الموجود في کلمات الاعلام انه کان بنحو السجود المتعارف، و هو المروي عن الصادق (ع) ايضا، و لا اشکال فيه و انما الاشکال في ان السجده عباده، و کيف جاز في حق آدم. قلت: قد اتفق المسلمون علي ان ذلک السجود ليس سجود عباده، لان سجود العباده لغير الله کفرو لا يمکن ان يکون مامورا به. ثم اختلفوا بعد ذلک علي اقوال: احدها انه علي وجه التکرمه لادم و التعظيم لشانه و تقديمه عليهم و هو قول قتاده و جماعه من اهل العلم، و هو المروي عن ائمتنا و لهذا جعل اصحابنا ذلک دليلا علي افضليه الانبياء من الملائکه من حيث انه امرهم بالسجود لادم و ذلک يقتضي تعظيمه و تفضيله عليهم و اذا کان المفضول لا يجوز تقديمه علي الفاضل علمنا انه افضل من الملائکه، و قد نسب الصدوق ذلک في العقايد الي اعتقاد الاماميه، و هو ظاهر في

قيام اجماعهم علي هذا القول. لا يقال: سجود التعظيم و التکرمه هو عباره اخري لسجود العباده فيعود الاشکال لانا نقول: لانسلم کونه عباده، و ذلک لان الفعل قد يصير بالمواضعه مفيدا کالقول يبين ذلک ان قيام احدنا للغير يفيد من الاعظام ما يفيده القول و ما ذاک الا للعاده فلا يمتنع ان يکون في بعض الاوقات سقوط الانسان علي الارض و الصاقه الجبين بها مفيدا ضربا من التعظيم و ان لم يکن ذلک عباده، و اذا کان کذلک لم يمتنع ان يتعبد الله الملائکه بذلک اظهارا لرفعته و کرامته. الثاني ان السجود کان لله و آدم کالقبله حکاه الطبري عن الجبائي و ابي‏القاسم البلخي. و اورد عليه او لا بانه لا يقال صليت للقبله بل يقال صليت الي القبله فلو کان آدم قبله يقول اسجدوا الي آدم مع انه قال اسجدوا لادم، و يظهر منه عدم کونه قبله. و ثانيا بان اباء ابليس عن السجود انما هو لاعتقاده تفضيله به و تکرمته و حسبانه ان کونه مسجودا له يدل علي انه اعظم شانا من الساجد کما يشعر به قوله: (ارايتک هذا الذي کرمت علي) و قوله: (انا خير منه). و من المعلوم ان السجده للقبله لا يوجب تفضيل القبله علي الساجد الا تري ان النبي (ص) کان يصلي الي الکعبه و لا يلزم ان يکون الکعبه افضل م

نه. و اجيب عن الاول بانه کما يجوزان يقال: صليت الي القبله کذلک يصح ان يقال: صليت للقبله، و کلاهما بمعني واحد، و يشهد بصحته قول حسان في مدح مولانا اميرالمومنين (ع): ما کنت اعرف (احسب خ) ان الامر منصرف عن هاشم ثم منها عن ابي‏حسن اليس اول من صلي لقبلتکم و اعرف الناس بالايات (القرآن خ) و السنن و عن الثاني بان ابليس شکي تکريمه و ذلک التکريم لانسلم انه حصل بمجرد تلک المسجوديه، بل لعله حصل بذلک مع امور اخر، هذا، و انت خبير بما فيه. الثالث ان السجود في اصل اللغه هو الانقياد و الخضوع و هو المراد هنا. و رده الفخر الرازي بان السجود لا شک انه في عرف الشرع عباره عن وضع الجبهه علي الارض، فوجب ان يکون في اصل اللغه کذلک، لاصاله عدم النقل انتهي. و فيه ما لا يخفي و انت بعد الخبره بما ذکرناه تعرف ان الاقوي هو القول الاول. السادس ان قيل: اي حکمه في خلقه الشيطان و تسليطه علي ابن‏آدم و امها له الي يوم الدين؟ قلت: هذه شبهه وقعت في البريه و اصلها نشات من ابليس من استبداده بالراي في مقابله النص و اختياره الهوي في معارضه الامر و استکباره بالنار التي خلق منها علي الطين و الصلصال، و تفضيل هذه الشبهه ما حکاه الفخر الرازي عن محمد

بن عبدالکريم الشهرستاني في اول کتابه المسمي بالملل و النحل حکايه عن ماري شارح الاناجيل الاربعه، قال: و هي مذکوره في التوراه متفرقه علي شکل مناظره بينه و بين الملائکه بعد الامر بالسجود، قال ابليس للملائکه: ان اسلم ان لي الها هو خالقي و موجدي و هو خالق الخلق لکن لي علي حکمه الله اساله سبعه. الاول ما الحکمه في الخلق لا سيما کان عالما بان الکافر لا يستوجب عند خلقه الا الالام؟ الثاني ثم ما الفائده في التکليف مع انه لا يعودمنه ضر و لا نفع، و کل ما يعود الي المکلفين فهو قادر علي تحصيله لهم من غير واسطه التکليف؟ الثالث هب انه کلفني بمعرفته و طاعته فلماذا کلفني بالسجود لادم؟ الرابع ثم لما عصيته في ترک السجود لادم فلم لعنني و اوجب عقابي مع انه لافائده له و لا لغيره فيه و لي فيه اعظم الضرر؟ الخامس ثم لما فعل ذلک فلم مکنني من الدخول الي الجنه و وسوست لادم (ع)؟ السادس ثم لما فعلت ذلک فلم سلطني علي اولاده و مکنني من اغوائهم و اضلالهم؟ السابع ثم لما استمهلته المده الطويله في ذلک فلم امهلني؟ و معلوم ان العالم لو کان خاليا عن الشر لکان ذلک خيرا. قال شارح الاناجيل: فاوحي الله تعالي اليه من سرادقات الجلال و الکبرياء يا ابليس ان

ک ما عرفتني و لو عرفتني لعلمت انه لا اعتراض علي في شي‏ء من افعالي، فاني انا الله لا اله الا انا لا اسال عما افعل. قال الفخر الرازي بعد حکايه ذلک: و اعلم انه لو اجتمع الاولون و الاخرون من الخلايق و حکموا بتحسين العقل و تقبيحه لم يجدوا عن هذه الشبهات مخلصا و کان الکل لازما؟ اما اذا اجبنا بذلک الجواب الذي ذکره الله تعالي زالت الشبهات و اندفعت الاعتراضات، و کيف لا، و کما انه سبحانه واجب الوجود في ذاته واجب الوجود في صفاته فهو مستغن في فاعليته عن الموثرات المرجحات اذلوا فتقر لکان فقيرا لاغنيا فهو سبحانه مقطع الحاجات و منتهي الرغبات و من عنده نيل الطلبات، و اذا کان کذلک لم تتطرق اللميه الي افعاله و لم يتوجه الاعتراض علي خالقيته انتهي. قال الصدر الشيرازي في کتابه المسمي بمافتيح الغيب بعد ذکره شبهات ابليس و جوابه سبحانه و ذکره ما حکيناه عن الرازي: اقول: ان لکل من هذه الشبهات جوابا برهانيا صحيحا واضحا عند اصحاب القلوب المستقيمه، لابتنائه علي الاصول الحقه العرفانيه في المقدمات الاضطراريه اليقينه لکن الجاحد المعوج لا ينفعه کثره البراهين النيره، و انما يسکته الجواب الجدلي المشهور المبني علي المقدمات المقبوله التي يذعن ب

ها الجمهور، و ليس معني قوله تعالي لا اسال عما افعل انه ليس لما فعله مبدء ذاتي و غايه عقليه و مصلحه حکميه، کما هو مذهبهم من ابطال العليه و المعلوليه و انکار العلاقه الذاتيه بين الاسباب و مسبباتها و تجويز ترجيج احد المتساويين في النسبه علي الاخر و تمکين المجازات الاختياريه و الارادات التخييليه بل المراد احد معنيين. الاول انه لالميه للفعل الصادر عن ذاته من غير واسطه سوي ذاته و انما ذاته هو منشا الفعل المطلق و غايته و کما لاسبب لذاته في وجوده لا سبب لذاته في ايجاده و الا لکان ناقصا في ذاته مستکملا بغيره تعالي عن ذلک علوا کبيرا. الثاني ان من ليس له درجه الارتقاء الي عالم الملکوت و الوصول الي شهود المعارف الالهيه و ادراک الحضره الربوبيه فلا يمکنه العلم بکيفيه الصنع و الايجاد علي ما هو عليه، و لا سبيل له الا التسليم و الاعتراف بالقصور و من له مرتبه ادراک الاشياء کما هي بالعلم اللدني فلا حاجه له الي السوال، لانه يلاحظ الامور علي ما هي عليه بنورالله و بعين قلبه المنور بنور الايمان و العرفان، لا بانوار المشاعر کالشيطان، و لهذا منع رسول‏الله (ع) الناس عن التکلم و البحث في الاشياء الغامضه کسر القدرو مساله الروح، لان الب

حث عنها لا يزيد الا حيره و دهشه. و قال في شرح اصول الکافي ما محصله: ان غرض الفخر الرازي اثبات مذهب اصحابه من القول بالفاعل المختار و نفي التخصيص في الافعال، و ذلک مما ينسد به باب اثبات المطالب بالبراهين کاثبات الصانع و صفاته و افعاله و اثبات البعث و الرساله، اذ مع تمکين هذه الاراده الجزافيه لم يبق اعتماد علي شي‏ء من اليقينيات، فيجوز ان يخلق الفاعل المختار بالاراده التي يعتقدها هولاء الجدليون فينا امرا يرينا الاشياء لا علي ما هي عليه. فاقول: ان لکل شبهه من هذه الشبهات التي اوردها اللعين جوابا برهانيا حقا من قبل الله تعالي بما يسکته، و هو بيان حاله و ما هو عليه من کفره و ظلمه جوهره عن ادراک الحق کما هو، و ان ليس غرضه في ابداء هذه الشبهات الا الاعتراض و اغواء من يتبعه من الجهال الناقصين او الغاوين الذين هم جنود ابليس اجمعون، فقيل له: انک لست بصادق في دعواک معرفه‏الله و ربوبيته و لو صدقت فيها لم تکن معترضا علي فعله. و اما الاجوبه الحکميه عن تلک الشبهات علي التفصيل لمن هو اهلها و مستحقها فهي هذه. اما الشبهه الاولي و هي السوال عن الحکمه و الغايه في خلق ابليس، فالجواب عنها انه من حيث انه من جمله الموجودات علي الاطلا

ق فمصدر و غايته ليس الا ذاته تعالي التي تقتضي وجود کل ما يمکن وجوده و يفيض عنها الوجود علي کل قابل و منفعل، و اما حيثيه کونه موجودا ظلمانيا و ذاتا شريره و جوهرا خبيثا فليس ذلک بجعل جاعل، بل هو من لوازم هويته النازله في آخر مراتب النفوس و هي المتعلقه بمادون الاجرام السماويه و هو الجسم الناري الشديده القوه فلا جرم غلبت عليه الانانيه و الاستکبار و الافتخار و الاباء عن الخضوع و الانکسار. و اما الشبهه الثانيه و هي السوال عن حکمه التکليف بالمعرفه و الطاعه، فالجواب عنها ان الغايه في ذلک تخليص النفوس من اسر الشهوات و سجن الظلمات و نقلها من حدود البهيميه و السبعيه الي حدود الانسانيه و الملکيه و تطهيرها و تهذيبها بنور العلم و قوه العمل من درن الکفر و المعصيه و رجس الجهل و الظلمه، و لا ينافي عموم التکليف عدم تاثيره في النفوس الجاشيه و القلوب القاسيه، کما ان الغايه في انزال الغيث اخراج الحبوب و انبات الثمار و الاقوات منها و عدم تاثيره في الصخور القاسيه و الاراضي الخبيثه لا ينافي عموم النزول، و الله اجل من ان تعود اليه فائده في هدايه الخلق کما في اعطائه اصل خلقه بل هو الذي (اعطي کل شي‏ء خلقه ثم هدي). من غير غرض او عوض في

فضله وجوده. و اما الشبهه الثالثه و هي السوال عن فايده تکليفه بالسجود لادم و الحکمه فيه، فالجواب عنها اولا انه ينبغي ان يعلم ان لله سبحانه في کل ما يفعله او يامر به حکمه بل حکما کثيره لانه تعلي منزه عن فعل العبث و الاتفاق و الجزاف و ان خفي علينا وجه الحکمه في کثير من الامور علي التفصيل بعد ان علمنا القانون الکلي في ذلک علي الاجمال، و خفاء الشي‏ء علينا لا يوجب انتفائه، و هذا يصلح للجواب عن هذه الشبهه و نظايرها. و ثانيا ان التکليف بالسجود کان عاما للملائکه و کان هو معهم في ذلک الوقت فعمه الامر بها تبعا و بالقصد الثاني، لکنه لما تمرد و عصي و استکبر و ابي بعد ما اعتقد بنفسه انه من المامورين صار مطرودا ملعونا. و ثالثا ان الاوامر الالهيه و التکاليف الشرعيه ما يمتحن به جواهر النفوس و يعلن ما في بواطنهم و يبرز ما في مکان صدورهم من الخير و الشر و الشقاوه فتتم به الحجه و تظهر المحجه (ليهلک من هلک عن بينه و يحيي من حي عن بينه). و اما الشبهه الرابعه و هي السوال عن لمه تعذيب الکفار و المنافقين و ايلامهم بالعقوبه و ابعادهم عن دار الرحمه و الکرامه، فالجواب عنها ان العقوبات الاخرويه من الله تعالي ليس باعثها الغضب و الانتقام

و ازاله الغيظ و نحوها تعالي الله عن ذلک علوا کبيرا، و انما هي لوازم و تبعات ساق اليها اسباب داخليه نفسانيه و احول باطنيه انتهمت الي التعذيب بنتائجها من الهوي الي الهاويه و السقوط في اسفل درک الجحيم و مصاحبه الموذيات من العقارب و الحيات و غيرها. و مثالها في هذا العالم الامراض الوارده علي البدن الموجبه للاوجاع و الاسقام بواسطه نهمه سابقه، فکما ان وجع البدن لازم من لوازم ما ساق اليه الاحوال الماضيه و الافعال السابقه من کثره الاکل او افراط الشهوه و نحوهما من غير ان يکون هيهنا معذب خارجي، فکذلک حال العواقب الاخرويه و ما يوجب العذاب الاليم الدائم لبعض النفوس الجاحده للحق المعرضه عن الايات و هي (نار الله الموقده التي تطلع علي الافئده) و اما التي دلت عليه الاخبار و الايات الوارده في الکتب الالهيه و الشرايع الحقه من العقوبات الجسمانيه الوارده علي بدن المسي‏ء من خارج علي ما يوصف في التفاسير فهي ايضا منشاها امور باطنيه و هيئات نفسانيه برزت من الباطن الي الظاهر و تصورت بصور النيران و العقارب و الحيات و المقامع من حديد و غيرها، و هکذا حصول الاجسام و الاشکال و الاشخاص في الاخره کما حقق في مباحث المعاد الجسماني و کيفيه تجس

م الاعمال، و دل عليه کثير من الايات مثل قوله تعالي: (و ان جهنم لمحيطه بالکافرين) و قوله: (و برزت الجحيم للغاوين) و قوله: (کلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) و قوله: (و اذا بعثر ما في القبور و حصل ما في الصدور) ثم اذا سلم معاقب من خارج فان في ذلک ايضا مصلحه عظيمه، لان التخويف و الانذار بالعقوبه نافع في اکثر الاشخاص و الانقياد بذلک التخويف بتعذيب المجرم المسي‏ء تاکيد للتخويف و مقتض لازدياد النفع، ثم هذا التعذيب، و ان کان شرا بالقياس الي الشخص المعذب لکنه خير بالقياس الي اکثر افراد النوع فيکون من جمله الخير الکثير الذي يلزمه الشر القليل کما في قطع العضو لاصلاح البدن و ساير الاعضاء. و اما الشبهه الخامسه و هي السوال عن فائده تمکين الشيطان من الدخول الي آدم في الجنه حتي غره بوسوسته فاکل ما نهي عنه فاخرج به من الجنه، فالجواب عنها ان الحکمه في ذلک و المنفعه عظيمه، فانه لو بقي في الجنه ابدا لکان بقي هو وحده في منزلته التي کان عليها في اول الفطره من غير استکمال و اکتساب فطره اخري فوق الاولي و اذ هبط الي الارض خرج من صلبه اولاد لا تحصي يعبدون الله و يطيعونه الي يوم القيامه و يرتقي منهم عدد کثير

في کل زمان الي درجات الجنان بقوتي العلم و العباده، و اي حکمه و فائده اعظم و اجل و ارفع و اعلي من وجود الانبياء و الاوليائ؟ و من جملتهم سيد المرسلين و اولاده المعصومين صلوات الله عليهم و علي ساير الانبياء و المرسلين، و لو لم يکن في هبوطه الي الارض مع ابليس الا ابتدائه مده الدنيا و اکتسابه درجه الاصطفاء لکانت الحکمه عظيمه و الخير جليلا. و اما الشبهه السادسه و هي السوال عن وجه الحکمه في تسليطه علي ذريه آدم بالاغواء و الوسوسه بحيث يراهم من حيث لا يرونه، فالجواب عنها ان نفوس افراد البشر في اول الفطره ناقصه بالقوه، و مع ذلک بعضها خيره نورانيه شريفه بالقوه مايله الي الامور القدسيه عظيمه الرغبه الي الاخره، و بعضها خسيسه الجوهر ظلمانيه شريره مائله الي الجسمانيات عظيمه في ايثار الشهوه و الغضب، فلو لم يکن الاغواء و لا طاعه النفس و الهوي لکان ذلک منافيا للحکمه لبقائهم علي طبقه واحده من نفوس سليمه ساذجه فلا تتمشي عماره الدنيا بعد النفوس الجاسيه الغلاظ العماله في الارض لاغراض دنيه عاجله، الا تري الي ما روي من قوله تعالي في الحديث القدسي: اني جعلت معصيه آدم سببا لعماره العالم، و ما روي ايضا في الخبر: لو لا انکم تذنبون لذهب

الله بکم و جاء بقوم يذنبون. و اما الشبهه السابعه و هي السوال عن فائده امهاله الي يوم الوقت المعلوم، فالجواب عنها بمثل ما ذکرناه، فان بقائه تابع لبقاء النوع البشري بتعاقب الافراد و هي مستمره الي يوم القيامه، فکذلک وجب استمراره لاجل ايراثه الفائده التي ذکرناها في وجوده و وجود وسوسته الي يوم الدين، انتهي ما اهمنا نقله و بعض اجوبته غير خال عن التامل فتامل. الترجمه: ا و طلب ادا نمود حق سبحانه و تعالي از فرشتگان امانت خود ر که نزد ايشان داشت و وصيت معهوده‏ي که به ايشان نموده بود در اذعان و انقياد نمودن ايشان به سجده کردن مر او را و خضوع و فروتني ايشان از براي تعظيم و تکريم آن، پس فرمود خداوند رب‏العزه و ايشان را که سجده کنيد آدم را پس همه سجده کردند و هيچ يک تمرد نکرد مگر شيطان ملعون و قبيله و تابعان او، عارض شد ايشان را عصبيت و غالب شد بر ايشان شقاوت و بدبختي، تکبر نمودند و عزيز شمردند خودشان را بجهه مخلوق شدن ايشان از آتش، و ضعيف و خوار شمردند مخلوق از صلصال و گل خشک را، پس عطا فرمود خداوند او را مهلتي از براي استحقاق او مرسخط و غضب خداوندي را، و از براي تمام ساختن امتحان بني نوع انسان، و از جهت راست نمودن وعده

خود پس فرمود که بدرستي تو از مهلت داده شدگان هستي تا روزي که وقت دانسته شده است.

[صفحه 84]

اللغه: (السکون) هو الاطمينان و المسکن المنزل و (الرغد) النفع الواسع الکثير الذي ليس فيه عناء، قال ابن‏دريد: الرغد السعه في العيش و (العيشه) بکسر العين کالعيش بالفتح مصدر عاش يعيش و هو الحياه و ما يعاش به من الرزق و الطعام و الخبز و (محله) القوم منزلهم (فاغتره) من الغره بالکسر و هو الغفله و (نفس) الشي‏ء بالضم نفاسه کرم و نفست به مثل ضننت به لنفاسته لفظا و معني و (المقام) بالفتح اسم مکان من قام بمعني انتصب و بالضم اسم مکان من اقام و کلاهما صحيحان و عزم (عزيمه) و عزمه اجتهد وجد في امره و (الجذل) بفتحتين مصدر جذل اذا فرح و (اعتز) بفلان عد نفسه عزيزه به اللغه: (التوبه) الانابه و اصلها الرجوع عما سلف و الندم علي ما فرط و (لقيه) القاه من باب تعب لقيا استقبله و کل شي‏ء استقبل شيئا او صادفه فقد لقيه قال الطبرسي (ره) في تفسير: فتلقي آدم من ربه کلمات: التلقي نظير التلقن يقال: تلقيت منه اي اخذت و قبلت، و اصله من لقيت خيرا فيعدي الي مفعول و احد ثم يعدي الي مفعولين بتضعيف العين، نحو لقيت زيدا خيرا کقوله تعالي: (و لقيهم نضره و سرورا) اقول: و مثله قول الامام (ع): و لقيه کلمه رحمته، و حکي الفخر الرازي عن القفال ق

ال: اصل التلقي التعرض للقادم يوضع في موضع الاستقبال للشي‏ء الجائي، ثم يوضع القبول و الاخذ قال الله: (و انک لتلقي القرآن من لدن حکيم عليم). اي تلقنه، و يقال: تلقينا االحاج اي استقبلناه، و يقال: تلقيت هذه الکلمه من فلان اي اخذتها منه، و اذا کان هذا اصل الکلمه و کان من تلقي رجلا فتلاقيا لقي کل واحد صاحبه فاضيف الاجتماع اليهما معا، صلح ان يشترکا في الوصف بذلک، فيقال: کل ما تلقيته فقد تلقاک، فجاز ان يقال: تلقي آدم کلمات اي اخذها و وعاها و استقبلها بالقبول، و جاز ان يقال تلقي کلمات بالرفع علي معني جائته عن الله کلمات و (المرد) کالرد مصدر من رده اذا صرفه. اللغه: (هبط) الماء و غيره هبطا من باب ضرب نزل و في لغه قليله يهبط هبوطا من باب قعد و هبطته انزلته يتعدي و لا يتعدي و (البليه) کالبلاء و البلوي اسم من الابتلاء بمعني الامتحان و (التناسل) التوالد و (الذريه) و النسل و الولد نظائر و تکون الذريه واحدا و جمعا و فيها ثلاث لغات افصحها ضم الذال و بها قرء السبعه في الايات القرآنيه، و الثانيه کسرها، و يروي عن زيد بن ثابت، و الثالثه فتح الذال مع تخفيف الراء و زان کريمه و بها قرء ابان بن عثمان و تجمع علي ذريات و الذراري. و في

اصلها اربعه مذاهب: من الذره بالهمز من ذرء الله الخلق، و من الذر و الذر و الذري، فعلي الاول وزنها فعليه ابدلت الهمزه ياء کبريه، و علي الثاني وزنها فعيله کقمريه او فعليه نحو ذر يره، فلما کثرت الراات ابدلت الاخيره ياء و ادغم الياء الاولي فيها، نحو سريه فيمن اخذها من السر، و هو النکاح، او فعوله نحو ذروره فابدلوا الراء الاخيره لما ذکرناه فصار ذرويه ثم ادغمت الواو في الياء فصار ذريه، و علي الثالث فوزنها فعوله، و علي الرابع فعيله الاعراب: کلمه ثم في قوله (ع) ثم اسکن حرف عطف مفيده للتعقيب فتفيد ان الاسکان في الجنه بعد امر الملائکه بالسجود و سجودهم و هو الظاهر من الترتيب الذکري في الايه الشريفه البقره حيث قال سبحانه: (و اذا قلنا للملائکه اسجدوا لادم) ثم قال: (و قلنا يا آدم اسکن انت). الايه الا ان المستفاد من الاخبار و ظاهر بعض الايات و التفاسير کون السجود حين السکون في الجنه و يمکن الجواب بان المراد بالسکني في الايه الشريفه و في قول الامام (ع) هو المقام مع اللبث و الاستقرار و هو لا ينافي کون آدم (ع) في الجنه قبل ذلک ايضا و کون سجود الملائکه له حين ما کان هو فيه کما هو ظاهر لا يخفي و نصب ابليس في قوله و حذره ابليس عل

ي نزع الخافض، و نفاسه منصوب علي المفعول له، و الباء في قوله: بدار المقام للسببيه، و في قوله بشکه باء الاثمان و هي الداخله علي الاعواض مثل بعت الکتاب بدرهم، و قد يطلق عليها باء المقابله، و في قوله (ع): بالجذل و بالاعتزاز کذلک، و يحتمل کونها هنا بمعني من بناء علي کون الاستبدال بمعني التبدل يقال تبدله يقال تبدله و تبدل منه اذا اتخذه منه بدلا. الاعراب: مفعول بسط محذوف، و التقدير بسط الله له بساط رحمته و کرامته في توبته، بان جعلها مقترنه بالقبول، و علي ما في بعض النسخ من انتفاء کلمه له يجوز جعل بسط بمعني سر يقال: بسط فلانا، اي سره فالمفعول حينئذ الضمير المحذوف الراجع الي آدم (ع). الاعراب: و تناسل الذريه بالجر عطف علي البليه المعني: (ثم) انه سبحانه بعد ما امر الملائکه بالسجود لادم فسجدوا الا ابليس فجعله رجيما و اخرجه من جواره و (اسکن آدم) و اقره (دارا) اي في دار (ارغد فيها عيشته) اي جعله فيها في عيشه واسعه کما قال سبحانه في سوره البقره: (و قلنا يا آدم اسکن انت و زوجک الجنه و کلا منه رغدا حيث شئتما). (و آمن فيها محلته) نسبه الامن الي المحل من قبيل المجاز العقلي اي جعله فيها في امن الافات و سلامه من المکاره و الص

دمات، و هذه من صفات الجنه لان من دخلها کان آمنا کما قال سبحانه: (ادخلوها بسلام آمنين). و هذا لا غبار عليه و انما الکلام في ان الجنه التي اسکنه الله فيها هل هي جنه الدنيا و تفصيل ذلک ما ذکره الفخر الرازي، قال: اختلفوا في ان الجنه المذکوره في الايه هل کانت في الارض او في السماء و بتقدير انها کانت في السماء فهل هي الجنه التي هي دارالثواب او جنه الخلد او جنه اخري. فقال ابوالقاسم البلخي و ابومسلم الاصفهاني: هذه الجنه کانت في الارض و حملا الاهباط علي الانتقال من بقعه الي بقعه، کما في قوله تعالي: (اهبطوا مصرا) و احتجا عليه بوجوه. احدها ان هذه الجنه لو کانت هي دارالثواب لکانت جنه الخلد، و لو کان آدم في جنه الخلد لما لحقه الغرور من ابليس بقوله: (هل ادلک علي شجره الخلد و ملک لا يبلي) و لما صح قوله: (ما نهيکما ربکما عن هذه الشجره الا ان تکونا ملکين او تکونا من الخالدين). و ثانيها ان من دخل هذه الجنه لا يخرج منها، لقوله تعالي: (و ما هم منها بخارجين). و ثالتها ان ابليس لما امتنع من السجود لعن، فما کان يقدر مع غضب الله علي ان يصل الي جنه الخلد. و رابعها ان الجنه التي هي دارالثواب لا يفني نعيمها، لقوله تعالي: (اکلها دائم و

ظلها) و لقوله تعالي: (و اما الذين سعدوا ففي الجنه خالدين فيها) الي ان قال: (عطاء غير مجذوذ). اي غير مقطوع، فهذه الجنه لو کانت هي التي دخلها آدم لما فنيت، لکنها تفني لقوله تعالي: (کل شي‏ء هالک الا وجهه). و لما خرج منها آدم و انقطعت تلک الراحات و خامسها انه لا يجوز في حکمته تعالي ان يبتدء الخلق في جنه يخلدهم فيها و لا تکليف لانه لا يعطي جزاء العاملين من ليس بعامل، و لانه تعالي لا يهمل عباده بل لابد من ترغيب و ترهيب و وعد و وعيد. و سادسها لا نزاع في ان الله تعالي خلق آدم في الارض و لم يذکر في هذه القصه انه نقله الي السماء. و لو کان تعالي قد نقله الي السماء کان ذلک اولي بالذکر، لان نقله من الارض الي السماء من اعظم النعم، فدل ذلک علي انه لم يحصل، و ذلک يوجب ان المراد من الجنه التي قال الله له (اسکن انت و زوجک الجنه). جنهه اخري غير جنه الخلد. القول الثاني و هو قول الجبائي ان تلک الجنه کانت في السماء السابعه، و الدليل عليه قوله تعالي: اهبطوا منها، ثم ان الاهباط الاول کان من السماء السابعه الي السماء الاولي، و الاهباط الثاني کان من السماء الي الارض. القول الثالث و هو قول جمهور اصحابنا ان هذه الجنه هي دارالثواب و الدل

يل عليه ان الالف و اللام في لفظ الجنه لا يفبد العموم، لان سکون جميع الجنان محال، فلابد من صرفها الي المعهود السابق، و الجنه التي هي المعهوده المعلومه بين المسلمين هي دارالثواب فوجب صرف اللفظ اليها. القول الرابع ان الکل ممکن و الادله النقليه ضعيفه و متعارضه، فوجب التوقف و ترک القطع و الله اعلم انتهي. اقول: و الاظهر من هذه الاقوال هو القول الاول، لقوه ادلته و ان کان يمکن تطرق النظر اليها. اما الاول و الثاني فلا مکان ان يقال: ان الخلود فيها و عدم الخروج انما يکون بعد استقرار اهل الجنه فيها للثواب، و هو المستفاد من ادله الخلود، و اما قبل ذلک فلا دليل عليه. و اما الثالث فلما قيل: من ان ابليس لم يدخل في الجنه بل وسوس لهما من وراء مجدار الجنه او من الارض. و فيه نظر لان المستفاد من ظاهر الايات کون مخاطبته معهما مشافهه، کما ان الموجود في اخبارنا دخوله اليها بوسيله الحيه حسبما ياتي الاشاره اليها. و الاولي ان يقال: هذا الدليل علي تقدير تسليمه جار علي غير هذا القول ايضا و ذلک، لان غضب الله سبحانه کما هو مانع من دخول جنه الخلد فکذلک مانع من دخول مطلق الجنه و ان لم تکن دار خلد، لان الجنتين کلتيهما مشترکتان في کونهما دار ر

حمه و قرب، فلا يستحقهما من غضب الله عليه و لعنه و طرده بقوله: (فاخرج منها فانک رجيم). فان قيل: فکيف التوجيه بين ذلک و بين ما استظهرت من الايات و دلت عليه الاخبار من دخوله في الجنه بتوسط الحيه. قلت: يمکن التوجيه بان يقال: انه کان ممنوعا من دخولها بارزا بحيث يعرف، و قد دخلها مخفيا ليدليهما بغرور، و قد ورد ذلک في بعض الاخبار، او يقال: ان دخوله فيه علي وجه التقرب و التنعم مناف لکونه مغضوبا عليه، و اما الدخول للتدليس و الازلال بعد اقتضاء الحکمه له فلا منافاه له معه کما لا يخفي. و اما الرابع فلما مر في الاولين. و اما الخامس فلجواز ان يکون ذلک تفضلا منه سبحانه، و ليست في ذلک منافاه للحکمه کما توهم. و اما السادس فظاهر لانه استبعاد محض، هذا کله ما يقتضيه التصرفات الفکريه و دقه النظر في الادله و القاطع للکلام انما هو الاخبار الماثوره عن العتره الطاهره. فقد روي في الکافي و العلل عن الصادق (ع) انها کانت من جنان الدنيا يطلع فيها الشمس و القمر و لو کان من جنان الخلد ما خرج منها ابدا. و مثلهما علي بن ابراهيم القمي في تفسيره عن ابيه رفعه اليه (ع) و قوله: (و حذره ابليس و عداوته) اشاره الي ما حکاه سبحانه في سوره طه بقوله: و ا

ذ قلنا للملائکه اسجدوا لادم فسجدوا الا ابايس ابي فقلنا يا آدم ان هذا عدو لکل و لزوجک فلا يخرجنتکما من الجنه فتشقي) فوسوس اليه الشيطان و قال: (يا آدم هل ادلک علي شجره الخلد و ملک لا يبلي) و (اغتره عدوه نفاسه) و بخلا (عليه بدار المقام و مرافقه الابرار) من الروحانيين و الملائکه لمقربين. فاکلا منها فبدت لهما سواتمها و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنه و عصي آدم ربه فغوي). و اما کيفيه الاغترار فقد ياتي تفصيلا (فباع اليقين بشکه) قيل: ان بيع اليقين بالشک مثل قديم للعرب لمن عمل عملا لا يفيده و ترک ما ينبغي له ان يفعله، تمثل به اميرالمومنين (ع) هيهنا و لم يرد ان آدم شک في امر الله. اقول: و يمکن اجراء الکلام علي ظاهره بان يراد باليقين اليقين بعداوه ابليس و بالشک الشک فيها، و المراد ببيعه به تبديله به و ذلک لان ابليس لما ابي و استکبر عن السجود و اظهر الفضيله و الانيه و جعل مطرودا تيقن آدم بعداوته له، و قد اعلمه الله سبحانه به حينئذ ايضا کما قال: (فقلنا يا آدم ان هذا عدو لک و لزوجک فلا يخرجنکما من الجنه فتشقي). و لما وسوس اليهما الشيطان: (و قاسمهما اني لکما لمن الناصحين). و لم يکن آدم و حوا شاهدا قبل ذلک من يحلف بالله کاذ

با، وثقا بقوله وشکا في عداوته لمکان ذلک، و يمکن استنباط ذلک من روايه العيون و الاحتجاج الاتيه للرضا (ع) مع المامون، و ليس في ذلک منفاه لمرتبه الرساله کما توهم، لان ذلک ليس باعظم من اکل الشجره و ستعرف تحقيقه في مقامه انشاء الله و قوله: (و العزيمه بوهنه) اي العزيمه التي کانت له في عدم القرب من الشجره و الاکل منها بالوهن الذي حصل به من النسيان، قال سبحانه: (و لقد عهدنا الي آدم من قبل فنسي و لم نجد له عزما) قال في الکشاف: و العزم التصميم و المضي علي ترک الاکل و ان يتصلب في ذلک تصلبا يويس الشيطان من التسويل له، و قال: فان قلت: ما المراد بالنسيان؟ قلت: لا يجوز ان يراد النسيان الذي هو نقيض الذکر و انه لم يعن بالوصيه العنايه الصادقه و لم يستوثق منها بعقد القلب عليها و ضبط النفس حتي تولد من ذلک النسيان، و ان يراد الترک و انه ترک ما وصي به من الاحتراس عن الشجره و اکل ثمرتها انتهي. و قال الطبرسي (ره) معناه امرناه و اوصينا اليه ان لا يقرب الشجره و لا ياکل منها، فترک الامر عن ابن‏عباس و لم نجد له عقدا ثابتا، و قيل معناه: فنفسي من النسيان هو السهو و لم نجد له عزمان علي الذنب، لانه اخطا و لم يتعمد عن ابن‏زيد و جماعه، و قيل

: و لم نجد له حفظا لما امر به عن عطيه، و قيل: صبرا عن قتاده. قال الشاارح البحراني: و حاصل هذه الاقوال يعود الي انه لم يکن له قوه علي حفظه ما امر الله سبحانه انتهي. و في الکافي عن علي بن ابراهيم باسناده عن ابي‏جعفر (ع) قال: ان الله تبارک و تعالي عهد الي آدم ان لا يقرب هذه الشجره، فلما بلغ الوقت الذي کان في علم الله ان ياکل منها نسي فاکل منها، و هو قول الله تبارک و تعالي: (و لقد عهدنا) الايه و فيه ايضا عن الصادق (ع)، قال في قوله تعالي: (و لقد عهدنا الي آدم من قبل). کلمات في محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الائمه من ذريتهم عليهم‏السلام فنسي هکذا و الله انزلت علي محمد (ص). اقول: و الظاهر ان المراد بتلک الکلمات حسبما يستفاد من الاخبار التي ياتي بعضها هو اقرار آدم بفضيله محمد و آله المعومين عليهم‏السلام و اعتقاده لشرافتهم و عدم تمنيه منزلتهم، فنفسي تلک الکلمات و تمني منزلتهم فاخرجه الله سبحانه من الجنه (و استبدل بالجذل) و السرور خوفا و (وجلا و بالاعتزاز) اي العزه التي طلبها من اکل الشجره بتدليس ابليس و قول لهما: (ما نهيکما ربکما عن هذه الشجره الا ان تکونا ملکين او تکونا من الخالدين). (ندما) و خيبه، و لذلک: (

قالا ربنا ظلمنا انفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنکونن من الخاسرين). تذنيبات الاول لقائل ان يقول: کيف تمکن ابليس من وسوسه آدم مع کونه خارج الجنه و کون آدم في الجنه؟ فنقول: قد اختلفوا فيه علي اقوال. احدها ما حکي عن القصاص و هو الذي روي عن ابن‏عباس انه لما اراد ابليس ان يدخل الجنه منعته الخزنه فاتي الحيه و هي دابه لها اربع قوائم کانها البختيه و هي کاحسن الدواب بعد ما عرض نفسه علي ساير الحيوانات، فما قبله واحد منها فابتلعته الحيه و ادخلته الجنه خفيه من الخزنه، فلما دخلت الحيه الجنه خرج ابليس من فمها و اشتغل بالوسوسه فلاجرم لعنت الحيه و سقطت قوائمها و صارت تمشي علي بطنها و جعل رزقها في التراب و عدوا لبني آدم. و ثانيها انه دخل الجنه في صوره دابه. و ثالثها ما قاله بعض الاصوليين: ان آدم و حواء لعلهما کانا يخرجان الي باب الجنه و ابليس کان يقرب و يوسوس اليهما. و رابعها ان ابليس کان في الارض و اوصل الوسوسه اليهما في الجنه. اقول: و الاظهر هو القول الاول، لبعد الرابع من حيث ان الوسوسه عباره عن الکلام الخفي و الکلام الخفي لا يمکنه ايصاله من بعد، و الثالث و الثاني لم يرد بهما خبر، و الموجود في اخبارنا ان ايقاع الشيطان لهم

ا فيما نهيا عنه قد کان بسبب الحيه، و ذلک علي ما حکاء المفسر الفيض في الصافي و المحدث الجزائري في الانوار هو ان الشيطان لما اخرج من الجنه لم يقدر علي الدخول اليها بنفسه فاتي الي جدار الجنه و راي الحيه علي اعلي الجدار، فقال لها ادخليني الجنه و اعلمک الاسم الاعظم، فقالت له: الملائکه تحرس الجنه فيرونک، فقال لها: ادخل في فمک و اطبقي علي حتي ادخل، ففعلت، و من ثم صار السم في انيابها و في فمها لمکان جلوس ابليس فيه، فلما ادخلته قالت له: اين الاسم الاعظم؟ فقال لها: لو کنت اعلمه لما احتجت اليک في الدخول، فاتي الي آدم و بدء به فقال: (ما نهيکما ربکما عن هذا الشجره الا ان تکونا ملکين). ان تناولتما منها تعلمان الغيب و تقدران علي ما يقدر عليه من خصه الله بالقدره. (او تکونا من الخالدين) لا تموتان ابدا (و قاسمهما) حلف لهما (اني لکما لمن الناصحين). و کان ابليس بين لحيي الحيه و کان آدم يظن الن الحيه هي التي تخاطبه و لم يعلم ان ابليس قد اختبي بين لحيي الحيه فرد آدم علي الحيه ان هذا من غرور ابليس کيف يخوننا ربنا ام کيف تعظمين الله بالقسم به و انت تنسينه الي الخيانه و سوء الظن و هو اکرم الاکرمين ام کيف اروم التوصل الي ما منعني منه

ربي و اتعاطاه بغير حکمه، فلما آيس ابليس من قبول آدم فاتي الي حواء و خاطبها من حيث يوهمها هي التي تخاطبها، و قال: يا حواء ارايت هذه الشجره التي کان الله عز و جل حرمها عليکما فقد احلها لکما بعد تحريمها، لما عرف من حسن طاعتکما له و توقير کما اياه و ذلک ان الملائکه الموکلين بالشجره الذين معهم الحراب يدفعون عنها ساير حيوانات الجنه لا يدفعک عنها اذ رمتها فاعلمي بذلک انه قد احل لک و ابشري بانک ان تناولتها قبل آدم کنت انت المسلطه عليه الامره الناهيه فوقها، فقالت حواء سوف اجرب هذا فرامت فارادت الملائکه ان يدفعوها عنها بحرابها، فاوحي الله اليهم انما تدفعون بحرابکم من لا عقل له بزجره، فاما من جعلته ممکنا مميزا فکلوه الي عقله الذي جعلته حجه عليه فان اطاع استحق ثوابي و جزائي، فترکوها و لم يتعرضوا لها بعد ما هموا بمنعها بحرابهم، فظنت ان الله مانهيهم، لانه قد احلها بعد ما حرمها، فقالت صدقت الحيه و ظنت ان المخاطب بها الحيه، فتناولت منها و لم تنکر من نفسها شيئا، فاتت حواء الي آدم فصارت عونا للشيطان عليه، و قالت الم تعلم ان الشجره المحرمه علينا قد ابيحت لنا تناولتها و لم يمنعني منه املاکها و لم انکر شيئا من حالي، و لذلک اغتر

آدم فقام آدم معها الي الاکل من الشجره فکانت اول قدم مشت الي الخطيئه، فما مد ايديهما اليها تطاير ما عليهما من الحلي و الحلل و بقيا عريانين فاخذا من ورق التين فوضعاه علي عورتيهما، فتطاير الورق فوضع آدم يده علي عورته و الاخري علي راسه کما هو شان العراه. و يستفاد من بعض الاخبار ان هذا هو العله في وجوب الوضوء، و هو ما رواه الصدوق طاب ثراه في الفقيه قال: جاء نفر من اليهود الي رسول‏الله (ص) فسالوه عن مسائل و کان فيما سالوه اخبرنا يا محمد لاي عله توضا هذه الجوارح الاربع و هي انظف المواضع في الجسد، قال النبي (ص): لما ان وسوس الشيطان الي آدم (ص) دنا من الشجره فنظر اليها فذهب ما وجهه، ثم قام و مشي اليها و هي اول قدم مشت الي الخطيئه، ثم تناول بيده منها ما عليها فاکل فطار الحلي و الحلل عن جسده، فوضع آدم يده علي ام راسه و بکي فلما تاب الله عز و جل عليه فرض عليه و علي ذريته تطهير هذه الجوارح الاربع، فامر الله بغسل الوجه لما نظر الي الشجره، و امره بغسل اليدين الي المرفقين لما تناول بهما، و امره بمسح الراس لما وضع يده علي ام راسه و امره بمسح القدمين لما مشي بهما الخطيئه. و قد ذکر فيه عله اخري له رواها عن ابي‏الحسن علي بن موسي

الرضا عليهماالسلام و لا ربط لها بالمقام، و لا يذهب عليک ان توارد العلل المتعدده علي معلول واحد في العناوين الشرعيه لاضير فيه، لانها من قبيل المعرفات و ليست عللا حقيقه کما هو ظاهر. الثاني قد اختلف الاخبار کالاقوال في الشجره المنهيه، ففي روايه انها شجره الحسد، و في اخري انها شجره الکافور، و في ثالثه انها شجره الحنطه. و عن تفسير الامام انها شجره علم محمد و آل محمد عليهم‏السلام آثرهم الله بها دون ساير خلقه لا يتناول منها بامر الله الا هم، و منها ما کان يتناوله النبي و علي و فاطمه و الحسن و الحسين عليهم‏السلام بعد اطعامهم المسکين و اليتيم و الاسير حتي لم يحسوا بجوع و لا عطش و لا تعب و لا نصب، و هي شجره تميزت من بين ساير الاشجار بان کلا منها انما يحمل نوعا من الثمار و کانت هذه الجشره و جنسها تحمل البر و العنب و التين و العناب و ساير انواع الثمار و الفواکه و الاطعمه فلذلک اختلف الحاکون بذکرها، فقال بعضهم: بره، و قال آخرون: هي عنبه: و قال آخرون: هي عنابه و هي الشجره التي من تناول منها باذن الله الهم علم الاولين و الاخرين من غير تعلم، و من تناول بغير اذن الله خاب مراده و عصي ربه. و عن العيون باسناده الي عبدالسلام بن

صالح الهروي قال: للرضا (ع) يابن رسول‏الله اخبرني عن الشجره التي اکل منها آدم و حواء ما کانت؟ فقد اختلف الناس فيها، فمنهم من يروي انهاالحنطه، و منهم من يروي انها العنب، و منهم من يروي انها شجره الحسد، فقال (ع): کل ذلک حق؟ قلت: فما معني الوجوه علي اختلافها فقال: يا ابا الصلت ان شجره الجنه تحمل انواعا، و کانت شحجره الحنطه و فيها عنب ليست کشجره الدنيا، ان آدم لما اکرمه الله تعالي ذکره باسجاده ملائکته و بادخاله الجنه قال في نفسه: هل خلق الله بشرا افضل مني؟ فعلم الله عز و جل ما وقع في نفسه فناداه ارفع راسک يا آدم و انظر الي ساق عرشي، فرفع راسه فنظر الي ساق العرش فوجد عليه مکتوبا: لا اله الا الله محمد رسول‏الله علي بن ابي‏طالب اميرالمومنين و زوجته فاطمه سيده نساء العالمين و الحسن و الحسين سيد اشباب اهل اجنه، فقال آدم: يا رب، من هولائ؟ فقال عز و جل: هولاه من ذريتک، و هم خير منک و من جميع خلقي و لولاهم ما خلقتک و لا خلقت الجنه و النار و لا السماء و لا الارض فاياک ان تنظر اليهم بعين الحسد فاخرجک عن جواري فنظر اليهم بعين الحسد و تمني منزلتهم فتسلط عليه الشيطان حتي اکل من الشجره التي نهي عنها و تسلط علي حواء لنظرها الي

فاطمه بعين الحسد حتي اکلت من الشجره کما اکل آدم، فاخرجهما الله عن جنته و اهبطهما عن جواره الي الارض هذا. و قال بعض العارفين: کما ان لبدن الانسان غذاء من الحبوب و الفواکه، کذلک لروحه غذاء من العلوم و المعارف، و کما ان لغذاء بدنه اشجارا تثمرها، فکذلک لروحه اشجار تثمرها و لکل صنف منه ما يليق به من الغذاء، فان من الانسان من يغلب فيه حکم البدن علي الروح، و منهم من هو بالعکس، و لهم في ذلک درجات يتافضل بها بعضهم علي بعض، و لاهل الدرجه العليا کل ما لاهل الدرجه السفلي و زياده، و لکل فاکهه في العالم الجسماني مثال في العالم الروحاني مناسب لها، و لهذا فسرت الشجره تاره بشجره الفواکه، و اخري بشجره العلوم، و کان شجره علم محمد اشاره الي المحبوبيه الکامله المثمره لجميع الکمالات الانسانيه المقتضيه للتوحيد المحمدي الذي هو الفناء في الله و البقاء بالله المشار اليه بقوله (ص): لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملک مقرب و لانبي مرسل، فان فيها من ثمار المعارف کلها، و شجره الکافور اشاره الي برد اليقين الموجب للطمانينه الکامله المستلزمه للخلق العظيم الذي کان لنبينا (ص) و دونه لاهل بيته، فلا منافاه بين الرويات و لا بينها و بين ما قالها اهل ا

لتاويل انها شجره الهوي و الطبيعه لان قربها انما يکون بالهوي و الشهوه الطبيعيه، و هذا معني ما ورد انها شجره الحسد: فان الحسد انما ينشا منها انتهي. و قد تلخص منه و من الروايات السالفه ان آدم کما اکل من الشجره المنهيه التي هي شجره الفاکهه في عالم الظاهر، فکذلک اکل في عالم الباطن و الحقيقه من الشجره المختصه بال محمد عليهم‏السلام التي غرسها الله لهم بيد قدرته، فطابق ظاهره و باطنه في ارتکاب الخطيئه و کان ذلک سببا لاهباطه الي دار البليه. و في بعض الاخبار ان ذلک ايضا سبب لوجوب عسل الجنابه و لزياده حظ الذکر من الانثي في الميراث. و هو ما رواه الصدوق في الفقيه قال: جاء نفر من اليهود الي النبي (ص) فساله اعلمهم عن مسائل فکان فيما ساله ان قال: لاي شي‏ء امر الله تغعلي بالاغتسال من الجنابه و لم يامر بالغسل من الغائط و البول؟ فقال رسول‏الله (ص): ان آدم لما اکل من الشجره دب ذلک في عروقه و شعره و بشره، فاذا جامع الرجل اهله خرج الماء من کل عرق و شعره في جسد، فاوجب الله تعالي علي ذريته الاغتسال من الجنابه الي يوم القيامه، و البول يخرج من فضله الشراب الذي يشربه الانسان، و الغايط يخرج من فضله الطعام الذي ياکله الانسان، فعليه في ذل

ک الوضو، قال اليهودي: صدقت يا محمد. و في العيون باسناده عن الرضا عن آبائه عليهم‏السلام في حديث الشامي مع اميرالمومين (و ساله لم صارت للذکر مثل حظ الانثيين؟ فقال (ع): من قبل السنبله کانت عليها ثلاث حبات، فبادرت اليها حواء فاکلت منها حبه و اطعمت آدم حبتين، فلذلک ورث الذکر مثل حظ الانثين. الثالث اعلم ان الناس اختلفوا في عصمه الانبياء عليهم‏السلام علي اقوال شتي، و ينبغي ان نشير او لا الي معني العصمه. فنقول: العصمه في اللغه السم من عصمه الله من المکروه يعصمه من باب ضرب اي حفظه و وقاه و منعه عنه، و في الاصطلاح هي ملکه اجتناب المعاصي مع التمکن منها. و قيل هي ملکه تمنع الفجور و يحصل بها العلم بمعايب المعاصي و مناقب الطاعات. و قال الراغب: هي فيض الهي يقوي بها الانسان علي تحري الخير و تجنب الشر حتي تصير کمانع له و ان لم يکن منعا محسوسا. و قال العلامه في الباب الحادي عشر: العصمه لطف خفي يفعل الله تعالي بالمکلف بحيث لا يکون له داع الي ترک الطاعه و ارتکاب بالمعصيه مع قدرته علي ذلک. و قال المرتضي في کتاب الدرر و الغرر: العصمه هي اللطف يفعله الله تعالي فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح، فيقال علي هذا: ان الله عصمه ب

ان فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح، و يقال: ان العبد معصوم، لانه اختار عند هذا الداعي الذي فعل له الامتناع من القبيح، و اصل العصمه في موضوع اللغه المنع، يقال: عصمت فلانا من السوء اذا منعت من حلوله به، غير ان المتکلمين اجروا هذه اللفظه علي من امتنع باختياره عند اللطف الذي يفعله الله تعالي به، لانه اذا فعل ما يعلم انه يمتنع عنده من فعل القبيح فقد منعه من القبيح فاجروا عليه لفظه المانع قهرا و قسرا و اهل اللغه يتعارفون ذلک ايضا و يستعملونه، لانهم يقولون فيمن اشار علي غيره براي فقبله منه مختارا، و احتمي بذلک من ضرر يلحقه و سوء يناله انه حماه من ذلک الضرر و منعه و عصمه منه، و ان کان علي سبيل الاختيار انتهي. و قد ظهر مما ذکرنا کله ان العصمه ملکه مانعه عن ارتکاب المعاصي و موجبه لاتيان الطاعات علي وجه الاختيار، فما هب اليه بعضهم من ان المعصوم مجبول عليهما و انه لا يمکنه الاتيان بالمعاصي باطل حدا و الا لما استحق مدحا کما هو ظاهر. اذا عرفت ذلک فالعم ان الناس اختلفوا في عصمه الانبياء علي اقوال کثريه قال الفخر الرازي و ضبط القول فيه ان يقال، الاختلاف في هذا الباب يرجع الي اقسام اربعه: احدها ما يقع في باب الاعتقاد.

و ثانيها ما يقع في باب التبليغ. و ثالثها في باب الاحکام و الفتيا. و رابعها ما يقع علي افعالهم و سيرتهم. اما اعتقادهم الکفر و الضلال فان ذلک غير جايز عند اکثر الامه، و قالت الفضيله من الخوارج: انهم قد وقعت منهم الذنوب و الذنب عندهم کفر و شرک فلا جرم قالوا: بوقوع الکفر منهم، و اجازت الاماميه عليهم اظهار الکفر علي سبيل التقيه. اما النوع الثاني و هو ما يقع بالتبليغ فقد اجمعت الامه علي کونهم معصومين عن الکذب و التحريف فيما يتعلق بالتبليغ و الا لارتفع الوثوق بالاداء، و اتفقوا علي ان ذلک کما لا يجوز و قوعه منهم عمدا لا يجوز ايضا سهوا، و من الناس من جوز ذلک سهوا قالوا: لان الاحتراز عنه غير ممکن. و اما النوع الثالث و هو ما يتعلق بالفتيا فاجمعوا علي انه لا يجوز خطاوهم فيه علي سبيل التعمد، و اما علي سبيل السهو فجوزه بعضهم، و اباه آخرون. و اما النوع الرابع و هو الذي يقع في افعالهم فقد اختلفت الامه فيه علي اقوال خمسه: احدها قول من جوز عليهم الکبائر علي جهه العمد و هو قول الحشويه. و الثاني قول من لا يجوز عليهم الکبائر لکنه يجوز عليهم الصغائر علي جهه العمد الا ما ينفر کالکذب و التطفيف، و هذا قول اکثر المعتزله. القول الثالث

انه لا يجوز ان ياتوا بصغيره و لا بکبيره علي جهه العمد البته، بل علي جهه التاويل و هو قول الجبائي. القول الرابع انه لا يقع منهم الذنب الا علي جهه السهو و الخطاء، و لکنهم ماخوذون بما يقع منهم علي هذه الجهه و ان کان ذلک موضوعا عن امتهم، و ذلک لان معرفتم اقوي و دلائلهم اکثر، و انهم يقدرون من التحفظ علي ما لا يقدر عليه غيرهم. القول الخامس انه لا يقع منهم الذنب لا الکبيره و لا الصغيره لا علي سبيل القصد و لا علي سبيل السهو و لا علي سبيل التاويل و الخطاء و هو مذهب الرافضه. و اختلف الناس في وقت العصمه علي ثلاثه اقوال: احدها قول من ذهب انهم معصومون من وقت مولدهم، و هو قول الرافضه. و ثانيها قول من ذهب الي ان وقت عصمتهم وقت بلوغهم و لم يجوزوا منهم ارتکاب الکفروا و الکبيره قبل النبوه، و هو قول کثير من المعتزله. و ثالثها قول من ذهب الي ان ذبک وقت النبوه، اما قبل النبوه فجائز و هو قول اکثر اصحابنا و قول ابي‏الهذيل و ابي‏علي من المعتزله، انتهي ما اهمنا نقله من کلامه. و قد ظهره منه ان الشيعه لا يجوزون عليهم المعاصي مطلقا. و اما ما ذکره من ان الاماميه اجازت عليهم اظهار الکفر علي سبيل التقيه فهو افتراء عليهم، و نما هو شي‏ء ذکر

ه صاحب المواقف، و کيف يجوزون اظهار الکفر للانبياء و الائمه مع تاييدهم بالنفوس القدسيه و القوي الربانيه، و ما هذه النسبه الا فريه بينه و بهتان عظيم. و اماما ذکره من ان الشيعه لا يجوزون عليهم المعاصي مطلقا فهو حق و لهم علي ذلک ادله عقليه و نقليه ذکروها في کتبهم الکلاميه و التفاسير القرآنيه. منها ان متابعه النبي واجب لقوله: فاتبعوني، فلو کان عاصيا وجب الاقتداء عليه في معصيته فيفضي الي الجمع بين الحرمه و الوجوب و هو محال و اذا ثبت ذلک في حق النبي ثبت في حق ساير الانبيا لعدم القول بالفصل. و منها انه لو اقدم علي المعصيه لوجب زجره عنها من باب النهي عن المنکر مع ان زجرهم و ايذائهم محرم لقوله: (ان الذين يوذون ا لله و رسوله لعنهم الله في الدينا و الاخره) و منها انه لا شي‏ء اقبح عند العقل من نبي رفع الله درجته و ائتمنه علي وحيه و جعله خليفه في بلاده و عباده يسمع نداء ربه ان لا تفعل کذا فيقدم عليه ترجيحا للذته و غير ملتفت الي نهي ربه و لا منزجر بوعيده هذا معلوم القبح بالضروره. و منها انه لو لم يکونوا معصومين لانتفت فايده البعثه و اللازم باطل فالملزوم مثله، بيان الملازمه انه اذا جازت المعصيه عليهم لم يحصل الوثوق بصحه قول

هم لجواز الکذب حينئذ عليهم، و اذا لم يحصل الوثوق لم يحصل الانقياد لامرهم و نهيهم فينتفي فائده بعثتهم و هو محال هذا. و قد ذکروا ادله کثيره وراء ما ذکرنا عليک بمطالبتها من مواقعها. فان قلت: غايه ما يستفاده من تلک ادله هو کونهم معصومين بعد البعثه علي ما ذهب اليه الاشاعره و طائفه من المعتزله. و لا دلاله فيها علي وجوب العصمه قبلها ايضا کما هو مذهب الشيعه. قلنا: اذا تمت دلالتها علي ما بعد البعثه فنقول فيما قبل البعثه: ان من الواضح ان القلوب تشمئز و لا ينقاد الي طاعه من عهد منه في سالف عمره انواع المعاصي و الکبائر و ما تنفر النفس عنه، الا تري ان عالما لم يکن له مبالاه في افعاله و اقواله قبل تحصيله و في ايام صغره، لا يکون له وقع في القلوب بعد ما کمل و بلغ من العلم و الکمال غايته. اذا مهدت هذا فنقول: ما ورد في الکتاب العزيز و الاخبار مما يوهم صدور الذنب عنهم الذي جعله الخصم دليلا علي مذهبه لابد من حمله علي ترک الاولي جمعا بينها و بين ادله العصمه العقليه و النقليه مع ان جميع الادله الموهمه لخلاف العصمه قد ذکر له وجوه و محامل في مواضعه و عليک في ذلک بمطالعه کتاب تنزيه الانبياء الذي رتبه علم الهدي المرتضي رضي الله عنه و

غيره من الکتب المعده لذلک، و لو لا خوف الاطاله لذکرنا نبذه منه الا انه لا باس بذکر ما يوهم ذلک في قصه آدم (ص) الذي تمسک به الخصم و هو سبعه اوجه. الاول انه کان عاصيلا لقوله: و عصي آدم ربه، و العاصي صاحب الکبيره لانه فد توعد (ع) ليه بالعقاب، قال سبحانه: (و من يعص الله و رسوله فان له نار جهنم). الثاني انه کان غاويا لقوله: فغوي، و الغي ضد الرشد يدل عليه المقابله في قوله: (قد تبين الرشد من الغي). الثالث انه تائب لقوله: (ثم اجتبيه ربه فتاب عليه). و التوبه انما هو عن الذنب. الرابع ارتکابه المنهي عنه کما يشهد به توبيخه بقوله: (الم انهکما عن تلکما الشجره). و يدل عليه قوله: (و لا تقربا هذه الشجره) و مرتکب المنهي عنه مذنب. الخامس انه ظالم لقوله: (فتکونا من الظالمين) و قوله حکايه عنهما (ربنا ظلمنا انفسنا). و الظلم ذنب بالضروره. السادس اعترافه بانه لو لا مغفره الله اياه لکان خاسرا في قوله: (و ان لم تغفرلنا و ترحمنا لنکونن من الخاسرين). و الخسران انما يکون عن الذنب: السابع انه اخرج من الجنه بسببب اطاعته للشيطان و قبوله لوسوسته و ازلاله و ذلک يقتضي کونه مذنبا هذا. و الجواب عن الاول ان کون آدم عاصيا مسلم، و ما ان کل عاص صا

حب کبيره فممنوع، لان المعصيه عباره عن مخالفه الامر واجبا کان او مندوبا، فانهم يقولون اشرت عليه في امر ولده في کذا فعصاني، بل يطلق علي مخالفه الاوامر الارشاديه ايضا کما يقولون: امرته بشرب الدواء، فعصاني، و قال عمرو بن العاص لمعاويه: امرتک امرا جازما فعصيتني و کان من التوفيق قتل ابن‏هاشم و قال ابن‏المنذر ليزيد بن المهلب امير خراسان: امرتک امرا جازما فعصيتني فاصحبت مسلوب الاماره نادما اذا عرفت ذلک فنقول: لا يمتنع اطلاق اسم العصيان علي فعل آدم (ع)، لا لکونه تارکا للواجب، بل لکونه تارکا للاولي من باب حسنات الابرار سيئات المقربين و اما ما قيل في الاستدلال من ان العاصي قد توعد عليه بالعقاب في قوله: و من يعص الله الايه، فنقول: ان الايه و ان کانت مفيده للعموم بدلاله لفظه من الا انها مخصوصه بالعاصي بترک الاوامر الواجبه، لا مطلق الاوامر ضروره ان المندوب لا عقاب علي ترکه. و يشهد بما ذکرنا من عدم کون الامر في المقام الزاميا انه علي تقدير کونه للالزام لزم استحقاق آدم للعقاب بنص الايه الشريفه اعني قوله: و من يعص الله الايه و کيف لاحد ان يجتري و يجسر علي هذه الدعوي و يجيز العقاب علي الانبياء الذين هم اعلام الهدي و ال

عروه الوثقي ان هذا الا بهتان عظيم و افتراء. و عن الثاني سلمنا ان الغي عباره عن ضد الرشد الا ان الرشد هو ان يتوصل بشي‏ء الي شي‏ء يوصل الي المقصود، فمن توصل بشي‏ء الي شي‏ء فحصل له ضد مقصوده کان ذلک غيا کما قال الشاعر: فمن يلق خيرا يحمد الناس امره و من يغو لم يعدم علي الغي لائما و علي ذلک فمعني قوله سبحانه: فغوي، فخاب مما کان يطمع فيه باکل الشجره من الخلود في الجنه و الملک الدائم. و عن الثالث انا نمنع من ان التوبه لا يکون الا عن ذنب لانه عباره عن الندم علي ما مضي فيجوز علي ترک المندوب و سياتي تحقيق له في الفصل الاتي. و عن الرابع المنع من کون مرتکب المنهي عنه مذنبا مطلقا و انما هو في ارتکاب المناهي التحريميه، و اما مخالفه النهي التنزيهي فلا يکون ذنبا، و ذلک لان، آدم کان مند الي ترک التناول من الشجره و کان بالتناول منها تارکا نفلا و فضلا و لم يکن فاعلا للقبيح، لان القبيح ما يستحق فاعله للعقاب و قد علمت ان العقاب منفي عن الانبياء، و من اجاز العقاب عليهم فقد اساء عليهم الثناء و اعظم الفريه علي الله تعالي. فان قيل: الم يکن اخراج آدم و اهباطه الي الارض عقوبه له؟ قلت: ان آدم لم يکن مخلوقا للجنه و انما خلقه الله سب

حانه ليکون خليفه في الارض کما يشهد به اخباره سبحانه للملائکه قبل خلق آدم بقوله: (اني جاعل في الارض خليفه). و انما کان اسکانه في الجنه من باب التفضل و الاکرام. و عن الخامس بان الظالم ربما يقال علي من بخس نفسه الثواب، فنقول: لا شک انه کان تارکا للافضل فضل مع القدره علي تحصيل الافضل فکان ذلک ظلما علي نفسه فالظلم هو النقص و بخس الثواب بترک المنذوب. و عن السادس بان الخسران عباره عن عدم الربح، و من الواضح انه لو لم يقدم علي اکل الشجره حصل له الثواب الموعود من الله سبحانه من الاکل الرغيد و العيش السعيد، و بالاقدام عليه حصل له الخسران و فوت المنفعه علي نفسه و حاصله منع ان الخسران لا يکون الا عن ذنب. و عن السابع بما ذکرناه سابقا من ان آدم خلق لان يکون خليفه في الارض و ليس في اهباطه الي الارض دلاله علي کونه مذنبا، نعم يمکن ان يقال: ان ترکه للاولي کان سببا لتعجيل الهبوط، لاحتمال تغير المصلحه في البقاء بحصول الاکل هذا. و بقي الکلام في ان اکل آدم من الشجره هل کان علي سبيل السهو و النسيان او علي سبيل العمد و القصد. المستفاد من بعض الاخبار هو الاول، و هو روايه علي بن ابراهيم عن ابي‏جعفر (ع) التي سبقت عند شرح قوله (ع) و الع

زيمه بوهنه. و ربما اورد عليه بانه لو کان ناسيا لما عوتب علي ذلک الفعل، لعدم القدره علي الترک مع النسيان و تکليف الغافل قبيح عقلا. و فيه ان العتاب يحتمل ان يکون علي ترک التحفظ لان استقلال العقل بقبح المواخذه علي النسيان مطلقا ممنوع لان النسيان الصادر عن ترک التحفظ لا يقبح المواخذه عليه، و لذلک صح دعاء النبي (ص) و استيهابه لها من ربه ليله المعراج بقوله: (ربنا لا تواخذنا ان نسينا) الايه. و هذه المواخذه هي التي من برفعها علي امه النبي (ص) و خصت به من بين الامم کما يدل عليه حديث رفع التسعه الذي رواه الصدوق في الخصل و التوحيد عن النبي (ص). و هو انه (ص) قال: رفع عن امتي تسعه اشياء: الخطاء، و النسيان، و ما استکرهوا عليه، و ما لا يعلمون، و ما لا يطيقون، و ما اضطروا اليه، و الحسد، و الطيره، و التفکر في الوسوسه في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفه، و بالجمله المواخذه علي النيسان مع التحفظ قبيحه عقلا و اجماعا: و اما مع عدمه فليس فيها قبح، و لذلک استوهبها النبي (ص) ليله المعراج و من الله علي امته برفعها منها من باب التفضل و الانعام. و اما الثاني اعني اقدامه علي الاکل مع العمد فقد ذهب اليه جمع من المفسرين من العامه و الخاصه، ث

م اختلفوا فيه علي اقوال. احدها ان ذلک النهي کان نهي تنزيه لانهي تحريم، و قد علمت انه مذهب الاماميه. الثاني انه کان عمدا من آدم و کان ذلک کبيره و کان آدم نبيا في ذلک الوقت و هو مذهب الفضليه من الخوارج خذلهم الله. الثالث ما عزاه الفخر الرازي الي اکثر المعتزله، و هو انه اقدم علي الاکل بسبب اجتهاد اخطا فيه، و ذلک لا يقتضي کون الذنب کبيره، بيان الاجتهاد و الخطاء انه لما قيل له و لا تقر باهذه الشجره فلفظه هذه قد يراد بها الشخص، و قد يشار بها الي النوع، فلما سمع آدم قوله: و لا تقربا هذه الشجره، ظن آدم ان المراد بها الشجره المشخصثه المعينه. فترک الاکل منها و تناول من شجره اخري من نوعها الا انه کان مخطئا في ذلک الاجتهاد، لان مراده سبحانه من کلمه هذه کان النوع لا الشخص، و الخطاء في الفروع اذا کان خطاء لا يوجب استحقاق العقاب، لاحتمال کونه صغيره مغفوره کما في شرعنا. اقول: و مثل هذه المقاله قد ورد في بعض اخبارنا، و هو ما رواه الصدوق في العيون کالطبرسي في الاحتجاج عن علي بن محمد بن الجهم، قال حضرت مجلس المامون و عنده الرضا (ع)، فقال له المامون: يابن رسول‏الله اليس من قولک ان الانبياء معصومون؟ قال: بلي، فقال: ما معني قول ا

لله عز و جل: (و عصي آدم ربه فغوي) فقال (ع): ان الله تبارک و تعالي قال لادم. (اسکن انت و زوجک الجنه و کلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذه الشجره) و اشار لهما الي شجره الحنطه. (فتکونا من الظالمين). و لم يقل لها لا تاکلا من هذه الشجره و لا مما کان من جنسها فلم يقربا تلک الشجره و انما اکلا من غيرها لما ان وسوس الشيطان اليهما و قال: انما نهيکما ربکما عن هذه الشجره و ما نهيکما ان تقربا غيرها و لم ينهکما عن الاکل منها: (الا ان تکونا ملکين او تکونا من الخالدين، و فاسمعها اني لکما لمن الناصحين). و لم يکن آدم و حواء شاهدا قبل ذلک من يحلف بالله کاذبا. (فد ليهما بغرور فاکلا منها) ثقمه بيمينه بالله و کان ذلک من آدم قبل النبوه و لم يکن ذلک بذنب کبير استحق دخول النار به و انما کان من الصغاير الموهوبه التي تجوز علي الانبياء قبل نزول الوحي اليهم فلما اجتبيه الله و جعله نبيا کان معصوما لا يذنب صغيره و لا کبيره قال الله: (و عصي آدم ربه فغوي ثم اجتبيه ربه فتاب عليه و هدي) و قال: ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين) الحديث اقول: و هذا الحديث کما تري مطابق لمذهب المعتزله کما حکيناه عنهم، و مخالف لاصول

الاماميه لتصريح ذيله بجواز صدور الصغيره علي الانبياء قبل نزول الوحي فلابد اما من طرحه لضعف سنده من حيث الارسال کما في الاحتجاج، او انتهاء سلسله السند الي تميم بن عبدالله بين تميم القرشي کما في العيون، فان السند فيه حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي، قال حدثتني ابي عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن علي بن محمد بن الجهم، و قد ضعفه العلامه في الخلاصه حيث قال: تميم بن عبدالله بن تميم القرشي الذي روي عنه ابوجعفر محمد بن بابويه ضعيف. او حمله علي التقيه و ان بعدت، او تاويله بما يطابق اصول المذهب، و قد او له الطبرسي علي ما رايته في حاشيه بعض نسخ الاحتياج بقوله: و لعل الرضا (ع) اراد بالصغاير الموهوبه ترک المندوبه و ارتکاب المکروه من الفعل دون الفعل القبيح و فيه ان ما ذکره و ان کان مقتضي اصول المذهب الا ان تاويل الروايه به غير ممکن، لان الصغاير بالمعني الذي ذکره لا اختصاص لها بما قبل نزول الوحي حسبما ورد في الروايه، و لا يجب العصمه عنها بعد النبوه ايضا کما يفهمه قوله (ع): فلما اجتبيه الله و جعله نبيا کان معصوما لا يذنب صغيره و مثل هذا الاشکال يلوح علي روايه اخري نظير تلک الروايه، و هي ما رواه في العيون ايضا باسناده

عن ابي الصلت الهروي قال لما جمع المامون لعلي بن موسي الرضا عليهماالسلام اهل المقالات من اهل الاسلام و الديانات من اليهود و النصاري و المجوس و الصابئين و ساير اهل المقالات، فلم يقم احد الا و قد الزمه حجته کانه القمه حجرا، قام اليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له يابن رسول‏الله: اتقول: بعصمه الانبياء عليهم‏السلام؟ قال (ع): نعم، قال: فما تقول بقول الله: (و عصي آدم ربه فغوي) الي ان قال: فقال الرضا (ع): ويحک يا علي اتق الله و لا تنسب الي انبياء الله الفواحش و لا تتاول کتاب الله برايک فان الله عز و جل قد قال: (و لا يعلم تاويله الا الله و الراسخون في العلم). و اما قوله عز و جل في آدم: و عصي آدم ربه فغوي فان الله عز و جل خلق آدم حجه في ارضه و خليفه في بلاده، لم يخلقه للجنه و کانت المعصيه من آدم في الجنه لا في الارض و عصمته يحب ان يکون في الارض ليتم مقادير امر الله، فلما اهبط الي الارض و جعل حجه و خليفه عصم بقوله عز و جل: (ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين) الحديث، و عسي ان يکون للروايتين تاويل عند غيري و فوق کل ذي علم عليم هذا و يلوح علي الروايه الاولي اشکال آخر و هو انه (ع) قد ذکر ان المشار

اليها بقوله و لا تقربا هذه الشجره شجره الحنطه، و لم يقل لهما: لا تاکلا من هذه الشجره، و لا مما کان من جنسها فلم يقربا هذه و انما اکلا من غيرها بتدليس ابليس. و حاصل الاشکال ان يقال: المشار اليها بهذه اما ان تکون شخص الشجره، و اما ان تکون نوعها، فعلي الاول لا يکون اکله من غيرها مما هي من نوعها ترکا للاولي علي مذهبنا و ذنبا علي مذهب غيرنا، فاي توبيخ کان من الله سبحانه عليه في فعله ذلک، و علي الثاني کيف يمکن تدليس الشيطان لهما بقوله: انما نهيکما ربکما عن هذه الشجره و ما نهيکما ان تقربا غيرها حسبما ورد في الروايه مضافا الي ان اللازم علي الله سبحانه نصب القرينه علي اراده النوع، بان يقول: و لا تقربا هذه الشجره و لا غيرها مما کان من نوعها، لقبح الاغراء بالجهل و تاخير البيان عن الوقت الحاجه. و يمکن رفع الاشکال بان يقال: ان المنهي عنه انما کان نوع الشجره، و کلمه هذه قد يشار بها الي الشخص، و قد يشار بها الي النوع، فقوله: و لا تقربا هذه الشجره، مع نصب القرينه من قبيل الخطاب بالمجمل لا ان الخطاب مجمل بل متعلق الخطاب اعني المکلف به مردد بين الکلي و الفرد، و نفس الخطاب اعني التکليف بالاجتناب معلوم، فاللازم علي آدم (ع) حينئ

ذ هو الاحتياط بالاجتناب عن جميع الافراد، و قد دلسه الشيطان و اوقعه في خلاف الاحتياط المقتضي للاجتناب، و قال له ان الله حيث لم ينصب قرينه علي اراده النوع فقد اباح النوع الا الفرد الخاص فاکل من غير ذلک الفرد و استحق التوبيخ، و هذا ليس من قبيل الاغراء بالجهل، و لا من قبيل تاخير البيان عن وقت الحاجه، اذ نفس التکليف قد کان معلوما بالعلم التفصيلي لا جهاله فيه اصلا، و لا حاجه له الي البيان غايه الامر کون المکلف به مجملا مرددا بين امرين و العقل حاکم فيه بوجوب الاحتياط بترک المحتملات، هذا ما نقده الخاطر القاصر في المقام، و العلم بحقايق الامور و الاحکام لله و لاوليائه الکرام عليهم‏السلام. المعني: (ثم) ان آدم (ع) لما اغتره عدوه و اکل من الشجره و ارتکب خلاف الاولي و استبدل الاعتزاز بالندم (بسط الله له) بساط رحمته و کرامته (في توبته) بان الهمها اليه و تقبلها بقبول حسن (و لقيه) اي لقنه (کلمه رحمته) التي اشير اليها في قوله سبحانه: (فتلقي آدم من ربه کلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم). (و وعده المرد) و الرجوع (الي جنته) کما قال سبحانه في سوره البقره: (فلما ياتينکم مني هدي فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون) و في سو

ره طه (فمن تبع هداي فلا يضل و لا يشقي). تنبيهات الاول: ان ظاهر کلام الامام (ع) کون توبه آدم قبل الاهباط من الجنه حيث عطف الاهباط علي بسط التوبه، و هو مقتضي الترتيب الذکري في الايه من سوره طه، قال سبحانه: (و عصي آدم ربه فغوي ثم اجتبيه ربه فتاب عليه و هدي قال اهبطا منها جميعا). حيث جعل الامر بالهبوط بعد التوبه قال الشارح المعتزلي و ذلک احد قولي المفسرين اه، و لکن الاشهر ان التوبه کانت بعد الهبوط کما ورد في سوره البقره قال سبحانه: (فاز لهما الشيطان فاخرجهما مما کانا فيه و قلنا اهبطوا بعضکم لبعض عدو و لکم في الارض مستقر و متاع الي حين فتلقي آدم من ربه کلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم). و الاقوي عندي کون التوبه بعد الاهباط علي ما ورد في سوره البقره، فيکون کلام الامام (ع) من قبيل التقديم و التاخير، و التقدير فاستبدل بالجذل و جلا و بالاعتزاز ندما فاهبطه الله الي دار البليه و تناسل الذريه، ثم بسط في توبته و لقيه کلمه رحمته. فان قلت: مقتضي النظم حسبما ذکرت في احدي الايتين مخالف للاخري ظاهرا فما الدليل علي ترجيح ما يستفاد من آيه البقره؟ ثم علي تقدير وجود الدليل ما السر في تقديم التوبه علي الاهباط في آيه طه؟ قلت: ا

ما السر فيما ذکر فلعله هو انه سبحانه لما نسب الي آدم العصيان و الغي الظاهرين في صدور الذنب الموهمين للافتضاح و سقوطه عن رتبه النبوه و الاصطفاء کما سبق الي ذوي الافهام القاصره و العقول الناقصه من العامه العمياء فانهم و ان لم يقروا بذلک الا انه لازم کلامهم نظرا الي ان المذنب لا يکون نبيا کما عرفت في الفصل السابق، اقتضي الحال و المقام ان يعقبه بما يوجب دفع ذلک التوهم و ينبه علي ان صدور ذلک لم يوجب انحطاط رتبته بحيث يسلبه التوفيق و الالطاف الخفيه بالکليه، و يکون موجبا للخذلان و الحرمان فعقبه من دون فصل بما افاد کونه مجتبي و مرتضي، و ان صدور ذلک الفعل لم يسقطه عن الاستعداد و القابليه للعنايه الربانيه، کما قدم الاجتباء علي التوبه لذلک السر ايضا و هو زياده اشعاره بدفع ذلک التوهم فاقتضي الحال تقديمه و اما سوره البقره فقد جرت الحکايه فيها علي ما هو الاصل فيها من المطابقه للمحکي، و هذا السر مما لم يسبق اليه احد غيري من العلماء و المفسرين و الله العالم. و اما الدليل علي تقدم الاهباط علي التوبه فهو الاخبار الکثيره منها ما رواه علي بن ابراهيم القمي في تفسيره عن الصادق (ع) قال: فاهبط آدم علي الصفاء و انما سميت الصفا لان ص

فوه الله نزل عليها و نزلت الحواء علي المروه (و انما سميت المروه ظ) لان المراه نزلت عليها، فبقي آدم اربعين صباحا ساجدا يبکي علي الجنه فنزل عليه جبرئيل فقال يا آدم: الم يخلقک الله بيده و نفخ فيک من روحه و اسجد لک ملائکته؟ قال: بلي، قال: و امرک ان لا تاکل من الشجره فلم عصيته؟ قال: يا جبرئيل ان ابليس حلف لي بالله انه لي ناصح و ما ظننت ان احدا من خلقه يحلف بالله عز و جل کاذبا، فقال له جبرئيل: يا آدم تب الي الله. و منها مارواه ايضا باسناده عنه (ع)، قال: ان آدم بقي علي الصفا اربعين صباحا ساجدا يبکي علي الجنه، و علي خروجه من جوار الله عز و جل، فنزل جبرئيل فقال: يا آدم مالک تبکي؟ فقال: يا جبرئيل ما لي لا ابکي و قد اخرجني الله من جواره و اهبطني الي الدنيا، فقال: يا آدم تب اليه الحديث و ياتي بتمامه انشاء الله في اواخر الخطبه عند شرح اعلام الحج و منها ما رواه في البحار عن معاني الاخبار عن العجلي عن ابن زکريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن محمد بن سنان عن المفضل قال: قال ابوعبدالله (ع) ان الله تبارک و تعالي خلق الارواح قبل الاجساد بالفي عام، فجعل اعلاها و اشرفها ارواح محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الائمه من ب

عدهم صلوات الله عليهم فعرضها علي السماوات و الارض و الجبال، فغشيها نورهم فقال الله تبارک و تعالي للسماوات و الارض و الجبال: هولاء احبائي و اوليائي و حججي علي خلقي و ائمه بريتي، ما خلقت خلقا هو احب الي منهم و لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري، فمن ادعي منزلتهم مني و محلهم من عظمتي عذبته عذابا لا اعذبه احدا من العالمين، و جعلته مع المشرکين في اسفل درک من تاري و من اقر بولايتهم و لم يدع منزلتهم مني و مکانهم من عظمتي جعلته معهم (معي خ ل) في روضات جناني و کان لهم فيها ما يشاوون عندي، و ابحتهم کرامتي و احللتهم جواري و شفعتهم في المذنبين من عبادي و امائي، فولايتهم امانه عند خلقي فايکم يحملها باثقالها و يدعيها لنفسه دون خيرتي فابت السماوات و الارض و الجبال ان يحملنها و اشفقن من ادعاء منزلتها و تمني محلها من عظمه ربها، فلما اسکن الله آدم و زوجته الجنه قال لهما: (کلا منها رغدا حيث شئتما و لا تقربا هذه الشجره). يعني شجره الحنطه (فتکونا من الظالمين). فنظرا الي منزله محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الائمه من بعدهم عليهم‏السلام فوجداها اشرف منازل اهل الجنه فقالا: يا ربنا لمن هذه المنزله؟ فقا

ل الله جل جلاله: ارفعا رووسکما الي ساق عرشي فرفعا رووسهما فوجدا اسم محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الائمه بعدهم صلوات الله عليهم مکتوبا علي ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا ما اکرم اهل هذه المنزله عليک، و ما احبسهم اليک و ما اشرفهم لديک؟ فقال الله جل جلاله: لو لا هم ما خلقتکما فهولاء خزنه علمي و امنائي علي سري اياکما ان تنظرا اليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي و محلهم من کرامتي فتدخلا بذلک في نهيي و عصياني فتکونا من الظالمين، قالا ربنا و من الظالمون؟ قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق، قالا ربنا فارنا منازل ظالميهم حتي نراها کما راينا منزلتهم في جنتک، فامر الله تبارک و تعالي النار فابرزت جميع ما فيها من الوان النکال و العذاب، و قال الله عز و جل مکان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في اسفل درک منها: (کلما ارادوا ان يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها) و کلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب يا آدم و يا حواء لا تنظرا الي انواري (ابراري خ ل) و حججي بعين الحسد فاهبطکما عن جواري و احل بکما هواني (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سواتهما و قال ما نهيکما ربکما عن هذه الشجره الا

ان تکونا ملکين او تکونا من الخالدين و قاسمهما اني لکما لمن الناصحين فد ليهما بغرور). و حملهما علي تمني منزلتهم فنظرا اليهم بعين الحسد فخدلا حتي اکلا من شجره الحنطه فعاد مکان ما اکلا شعيرا فاحمل الحنطه مما لم ياکلاه و اصل الشعير کله مما عاد مکان ما اکلاه فلما اکلا من الشجره طار الحلي و الحلل عن اجسادهما و بقيا عريانين (و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنه و ناديهما ربهما الم انهکما عن تلکما الشجره و اقل لکما ان الشيطان لکما عدو مبين فقالا ربنا ظلمنا انفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنکونن من الخاسرين). قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موکولين الي انفسهما في طلب المعاش، فلما اراد الله عز و جل ان يتوب عليهما جائهما جبرئيل فقال لهما: انکما ظلمتا انفسکما بتمني منزله من فضل عليکما، فجزاو کما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل الي ارضه فاسالا ربکما بحق الاسماء التي رايتموها علي ساق العرش حتي يتوب عليکما، فقالا: اللهم انا نسالک بحق الاکرمين عليک: محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الائمه الا تبت علينا و رحمتنا، فتاب الله عليهما انه هو التواب الرحيم، فلم تزل انبياء الله بعد ذلک يحفظ

ون هذه الامانه و يخبرون بها اوصياتهم و المخلصين من اممهم، فيابون حملها و يشفقون من ادعائها و حملها الانسان الذي قد عرف فاصل کل ظلم منه الي يوم القيامه و ذلک قول الله عز و جل: (انا عرضنا الامانه علي السموات و الارض و الجبال فابين ان يحملنها و اشفقن منها و حملها الانسان انه کان ظلوما جهولا). قال المجلسي (ره) الانسان الذي عرف هو ابوبکر هذا و الاخبار في هذا الباب کثيره، و الاستقصاء فيها موجب للاطاله و فيما ذکرناه کفايه انشاء الله و بقي الکلام في مده بکاء آدم علي الجنه و المستفاد من روايتي علي بن ابراهيم السالفتين انه بکي اربعين صباحا و في روايه الصدوق في العيون عن الرضا عن آبائه عليهم‏السلام في اساله الشامي عن اميرالمومنين (ع) بالکوفه، قال: و ساله عن بکاء آدم علي الجنه و کم کانت دموعه التي خرجت من عينيه؟ فقال (ع): بکي ماه سنه و خرج من عينه اليمني مثل الدجله و العين الاخري مثل الفرات و في الانوار للمحدث الجزائري اخذا عن الاخبار، ثم ان آدم و حواء انزلا من السماوات علي جبل في شرقي الهند، يقال له: باسم و في روايه اخري يقال له: سرانديب، و هو في الاقليم الاول مما يلي معدل النهار، و قد کانت حواء ضفرت راسها في الجنه، فقا

لت: ما اصنع بهذه الضفيره و انا مغضوب علي، ثم انها حلت ضفرتها و في خبر آخر انها حلت عقيصه واحده فاطارت الريح ذلک الطيب في بلاد الهند، فمن ثم کان اکثر الطيب منه. ثم اتي جبرئيل فاخذ آدم الي مکه ليعلمه المناسک، فطوي له الارض فصار موضع قدميه عمران، و ما بينهما خراب فاهبط آدم علي الصفا و به سمي لهبوط صفي الله عليه و حواء. علي المروه و به سميت لنزول المراه و هي حواء عليها، فبکي آدم علي ما وقع منه و علي فراق الجنه ثلاثماه سنه من ايام الدنيا و في ايام الاخره يوم کالف سنه ما بين العصر الي العشاء، و بکي حتي صار علي خديه کالنهرين، فخرج من عينه اليمني دموع مثل دجله، و من عينه اليسري مثل الفرات، ثم ان آدم راي حواء يوم الثامن من شهر ذي الحجه فلم يعرفها ذلک اليوم لشعت احوالهما و طول احزانهما، فتروي و تفکر ذلک، ثم انه عرفها يوم التاسع، فمن ثم سمي يوم الثامن يوم الترويه و التاسع يوم عرفه، و لما لم تقبل توبته في تلک السنين و الاعوام اتي اليه جبرائيل، فقال: يا آدم ادع الله بالاسماء التي رايتها مکتوبه علي ساق العرش بسطور النور و قل: اللهم بحق محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الائمه الطاهرين ان تقبل توبتي. و لعل المحدث المذک

ور قد اخذ تقدير مده البکاء بما ذکره مما رواه الصدوق في الفقيه في باب عله وجوب الصلاه الخمس عن النبي (ص) قال: و اما صلاه العصر فهي الساعه التي اکل آدم فيها من الشجره فاخرجه الله من الجنه فامر الله ذريته بهذه الصلاه الي يوم القيامه و اختارها لامتي فهي من احب الصلاه الي الله عز و جل، و اوصاني ان احفظها من بين الصلوات، و اما صلاه المغرب فهي الساعه التي تاب الله فيها علي آدم، و کان ما بين ما اکل من الشجره و بين ما تاب الله عليه ثلاثماه سنه من ايام الدنيا، و في ايام الاخره يوم کالف سنه ما بين العصر الي العشاء، فصل آدم ثلاث رکعات رکعه لخطيئته و رکعه لخطيئه حواء و رکعه لتوبته الحديث، و ياتي بتمامه انشاء الله في شرح الخطبه الماه و التاسعه هذا. و لا باس باختلاف هذه الاخيار في مده ايام البکاء زياده (الزايد خ) و نقصانا، (الناقص خ) لا مکان حمل الاقل علي الشديد و الاکثر علي الخفيف و المراد بالشديد هو ما يشتمل علي النوح، و يقال له: البکاء بالمد و الثاني بالقصر، الثاني: اختلف الاقوال کالاخبار في الکلمات التي تلقاها آدم من ربه التي اشار اليها الامام (ع) بقوله: و لقاه کلمه رحمته. فقيل ان المراد بها هي قوله: ربنا ظلمنا انفسنا

الايه. و قيل هي سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله اکبر. و عن ابن عباس ان الله علم آدم و حواء امر الحج و الکلمات التي يقال فيه، فحجا، فلما فرغا اوحي الله تعالي اليهما اني قد قلبت توبتکما. و في الکافي عن احدهما (ع) ان الکلمات: لا اله الا انت سبحانک اللهم و بحمدک عملت سوء و ظلمت نفسي فاغفرلي و انت خير الغافرين، لا اله انت سبحانک اللهم و بحمدک عملت سوء و ظلمت نفسي فاغفرلي و ارحمني انک انت ارحم الراحمين، لا اله الا انت سبحانک اللهم و بحمدک عملت سوء و ظلمت نفسي فاغفرلي و تب علي انک انت التواب الرحيم. و في اکثر اخبارنا ان المراد بها الاسماء المبارکه لمحمد و آل محمد سلام الله عليهم التي توسل آدم بها الي الله سبحانه في قبول توبته، و لا منافاه بينها لا مکان تلقي الجميع و ان کان الاقوي الاخير لقوه ادلته عددا و سندا. فمن تلک الادله روايه معاني الاخبار السالفه في التذييل الاول. و منها ما عن تفسير الامام (ع) لما زلت من آدم الخطيئه و اعتذر الي ربه عز و جل قال يا رب: تب علي و اقبل معذرتي فلقد تبين نقص الخطيئه و ذلها باعضائي و ساير بدني، قال الله تعالي يا آدم: اما تذکر امري اياک بان تدعوني بمحمد و آله الطيبين ع

ليهم‏السلام عند شدائدک و دواهيک و في النوازل تبهظک، قال آدم يا رب بلي، قال الله عز و جل: فهم محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين عليهم‏السلام خصوصا فادعني اجبک الي ملتمسک و ازدک فوق مرادک، قال آدم: يا رب الهي و قد بلغ عندک من محلهم انک بالتوسل بهم تقبل توبتي و تغفر خطيئتي و انا الذي اسجدت له ملائکتک و ابحته جنتک و زوجته حواء امتک و اخدمته کرام ملائکتک، قال الله تعالي: يا آدم انما امرت الملائکه بتعظيمک بالسجود لک اذ کنت و عاء لهذه الانوار و لو کنت سالتني بهم قبل خطيئتک ان اعصمک و ان افطنک لدواعي عدوک ابليس حتي تحترز منها لکنت قد جعلت ذلک، و لکن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي فالان فبهم فادعني لاجيبک، فعند ذلک قال آدم: اللهم بجاه محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الطيبين من آلهم لما تفضلت بقبول توبت و غفران زلتي و اعادتي من کراماتک الي مرتبتي، قال الله عز و جل: قد قبلت توبتک و اقبلت برضواني عليک و صرفت الائي و نعمائي اليک و اعدتک الي مرتبتک من کراماتي و وفرت نصيبک من رحماني، فذلک قوله عز و جل (فتلقي آدم من ربه کلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم) و منها ما في البحار عن معاني الاخبار باسناده عن المف

ضل عن الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام، قال: سالته عن قول الله عز و جل: (و اذا بتلي ابراهيم ربه بکلمات). ما هذه الکلمات؟ قال (ع): هي الکلمات التي تلقيها آدم من ربه فتاب عليه و هو انه قال: يا رب اسالک بحق محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين الا تبت علي، فتاب الله عليه انه هو التواب الرحيم، فقلت: يا بن رسول‏الله فما يعني عز و جل بقوله اتمهن، قال: اتمهن الي القائم اثنا عشر اماما، تسعه من ولد الحسين (ع) قال المفضل: فقلت له: يابن رسول‏الله، فاخبرني عن قول الله عز و جل: (و جعلها کلمه باقيه في عقبه). قال: يعني بذلک الامامه جعلها الله في عقب الحسين (ع) الي يوم القيامه قال: فقلت له: يا بن رسول‏الله فکيف صارت الامامه في ولد الحسين دون الحسن و هما جميعا ولدا رسول‏الله (ص) و سبطاه و سيدا شباب اهل الجنه؟ فقال: ان موسي و هارون کانا نبيين و مرسلين اخوين، فجعل الله النبوه في صلب هارون دون صلب موسي و لم يکن لاحد ان يقول: لم فعل الله ذلک، فان الامامه خلافه الله عز و جل ليس لاحد ان يقول: لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهماالسلام، لان الله هو الحکيم في افعاله لا يسال عما يفعل و هم يسالون و منها ما فيه ايضا عن جامع

الاخبار و امالي الصدوق بالاسناد عن معمر بن راشد، قال: سمعت اباعبدالله (ع) يقول: اتي يهودي النبي (ص)، فقام بين يديه يحد النظر اليه، فقال (ع): يا يهودي حاجتک؟ قال: انت افضل ام موسي بن عمران النبي کلمه الله و انزل عليه التوراه و العصا و فلق له البحر و اظله بالغمام؟ فقال له النبي (ص): انه يکره للعبد ان يزکي نفسه و لکني اقول: ان آدم لما اصاب الخطيئه کان توبته ان قال: اللهم اني اسالک بحق محمد و آل محمد لما غفرت لي فغفرها الله له، و ان نوحا لما رکب في السفينه و خاف الغرق، قال: اللهم اني اسالک بحق محمد و آل محمد لما انجيتني من الغرق فنجاه الله، و ان ابراهيم لما القي في النار قال: اللهم اني اسالک بحق محمد و آل محمد لما انجيتني منها فجعلها الله عليه بردا و سلاما، و ان موسي لو ادرکني ثم لم يومن بي و بنبوتي ما نفعه ايمانه شيئا و لا نفعته النبوه، يا يهودي و من ذريتي المهدي (ع) اذا خرج نزل عيسي بن مريم لنصرته فقدمه و صلي خلفه الي غير ذلک من الاخبار الکثيره، ترکناها مخافه الاطناب، و قد عقد المحدث العلامه المجلسي طاب ثراه في البحار بابا في ان دعاء الانبياء استجيب بالتوسل و الاستشفاع بهم صلوات الله عليهم اجمعين الثالث: في تح

قيق توبه الانبياء علي وجه لا ينافي العصمه فنقول: قد عرفت في الفصل السابق ان الانبياء عليهم‏السلام معصومون من اول عمرهم الي آخره، و انه لم يصدر منهم ذنب قط لا صغيره و لا کبيره لا في الصغر و لا في الکبر و لا قبل البعثه و لا بعد البعثه لا علي سبيل العمد و لا علي سبيل السهو و الخطاء، علي ما ذهبت اليه اصحابنا رضي الله عنهم، و عند ذلک احتاجوا الي تاويل ما ورد في الکتاب العزيز من الايات الداله علي توبتهم، و کذلک ما ورد في الاخبار فمن توبه النبي (ص) مثل ما رواه في الکافي باسناده عن ابي‏عبدالله (ع) ان رسول‏الله (ص) کان يتوب الي الله عز و جل کل يوم سبعين مره. و ما رواه الطبرسي في مجمع البيان عن ام‏سلمه قالت: کان رسول‏الله (ص) باخره لا يقوم و لا يقعد و لا يجي‏ء، و لا يذهب الا قال سبحان الله و بحمده استغفر الله و اتوب اليه فسالناه عن ذلک، فقال اني امرت بها ثم قرء (اذا جاء نصر الله و الفتح) الي آخر السوره و کذلک ما ورد من توبه الائمه عليهم‏السلام کما في الاخبار الکثيره و الادعيه الماثوره، کفاک شاهدا ادعيه الصحيفه السجاديه و لا سيما دعاء التوبه و دعاء الاستقاله المتضمنه للاعتراف بالذنوب و المعاصي اذا عرفت ذلک فاقول: قد اجا

ب عنه اکثر الاصحاب بان ترک المندوب و فعل المکروه ربما يسمي ذنبا فيجوز التوبه حينئذ قال الطبرسي (ره): و عندنا يصح التوبه اذا کانت من ترک المندوب و يکون ذلک علي وجه الرجوع الي فعله، و علي هذا يحمل توبه الانبياء في جميع ما نطق به القرآن و قد اجيب عن استغفار النبي و الائمه عليهم‏السلام و توبتهم مضافا الي ما مر بوجوه خاصه احدها انه لتعليم الامه و تاديبهم و تنبيههم علي کيفيه الاقرار و الاعتراف بالتقصير و الذنوب و الاستغفار و التوبه الثاني انه من قبيل التواضع و الاعتراف بالعبوديه و ان البشر مظنه التقصير الثالث ان الاعتراف بالذنوب و الاستغفار منها انما هو علي تقدير وقوعها، و المعني ان صدر مني شي‏ء من هذه الامور فاغفره لي، و قد تقرر انه لا يلزم من صدق الشرطيه صدق کل واحد من جزئيها الرابع انهم يتکلمون علي لسان امتهم و رعيتهم، فاعترافهم بالذنوب اعتراف بذنوب امتهم، لان کل راع مسئول عن رعيته و انما اضافوا الذنوب الي انفسهم المقدسه للاتصال و السبب، و لا سبب اوکد مما بين الرسول او الامام (ع) و بين امته و رعيته، الا تري ان رئيس القوم اذا وقع من قومه هفوه او تقصير قام هو في الاعتذار منهم و نسب ذلک الي نفسه و اذا اريد عتابهم

و توبيخهم وجه الکلام اليه دون غيره منهم، و ان لم يفعل هو ذلک بل و لا شهدء و هذا في الاستعمال معروف اقول: و يويد هذا الوجه ما رواه القمي عن الصادق (ع) في قوله تعالي: (ليغفر لک الله ما تقدم من ذنبک و ما تاخر) قال (ع): و الله ما کان له ذنب و لا هم بذنب، و لکن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها و في المجمع عنه انه سئل عنها، فقال (ع): و الله ما کان له ذنب، و لکن الله سبحانه ضمن له ان يغفر ذنوب شيعه علي ما تقدم من ذنبهم و ما تاخر، قال بعض اهل المعرفه: قد ثبت عصمته فلم يبق لاضافه الذنب اليه الا ان يکون هو المخاطب و المراد امته کما قيل: اياک ادعو و اسمعي يا جاره الخامس ما ذکره الشيخ عل بن عيسي الاربلي (ره) في کشف الغمه و استحسنه اکثر من تاخر عنه کالمحدث المجلسي (ره) و الشيخ البهائي في شرح الاربعين و الطريحي و شارح الصحيفه السيد صدرالدين علي الحسيني و غيرهم من متصدي الاخبار قال (ره) فائده سينه کنت اري الدعاء الذي کان يقوله ابوالحسن (ع) في سجده الشکر و هو (رب عصيتک بلساني و لو شئت و عزتک لاخرستني و عصيتک يصري و لو شئت و عزتک لا کمهتني و عصيتک بسمعي. و لو شئت و عزتک لاصممتني و عصيتک بيدي و لو شئت و عزتک لکنعتني و عصيتک بفرج

ي و لو شئت و عزتک لعقمتني و عصيتک برجلي و لو شئت و عزتک لجذمتني و عصيتک بجميع جوارحي التي انعمت بها علي و لم يکن هذا جزاک مني). بخط عميد الروساء لعقمتني و المعروف عقمت المراه و عقمت و اعقمها الله. فکنت افکر في معناه و اقول: کيف يتنزل علي ما يعقده الشيعه من القول بالعصمه، و ما اتضح لي ما يدفع التردد الذي يوجبه، فاجتمعت بالسيد السعيد النقيب رضي‏الدين ابي‏الحسن علي بن موسي الطاووس الحسني رحمه الله و الحقه بسلفه الطاهر، فذکرت له ذلک فقال: ان الوزير السعيد مويد الدين القمي رحمه الله سالني عنه، فقلت: کان يقول هذا ليعلم الناس، ثم اني ذکرت بعد ذلک فقلت: هذا کان يقوله في سجدته في الليل و ليس عنده من يعلمه، ثم سالني الوزير مويدالدين محمد بن العلقمي ره فاخبرته بالسوال و الجواب الاول الذي قلت و الذي اوردته عليه و قلت: ما بقي الا ان يکون يقوله علي سبيل التواضع، و ما هذا معناه، فلم يقع مني هذه الاقوال بموقع و لا حلت من قلبي في موضع، و مات السيد رضي‏الدين رحمه الله، فهداني الله الي معناه و وقفني علي فحواه، فکان الوقوف عليه و العلم به و کشف حجابه بعد السنين المتطاوله و الاحوال المجريه و الادوار المکرره من کرامات الامام موسي

(ع) و معجزاته و لتصح نسبه العصمه اليه (ع) و تصدق علي آبائه و ابنائه البرره الکرام و تزول الشبهه التي عرضت من ظاهر هذا الکلام. و تقريره ان الانبياء و الائمه عليهم‏السلام تکون اوقاتهم مشغوله بالله تعالي و قلوبهم مملوه و خواطرهم متعلقه بالملا الا علي، و هم عليهم‏السلام ابدا في المراقبه کما قال (ص) اعبد الله کانک تراه فان لم تکن تراه فانه يراک، فهم ابدا متوجهون اليه و مقلبون بکلهم عليه، فمتي انحطوا عن تلک الرتبه العاليه و المنزله الرفيعه الي الاشتغال بالماکل و المشرب و التفرغ الي النکاح و غيره من المباحات، عدوه ذنبا و اعتقدوه خطيئه و استغفروا منه. الا تري ان بعض عبيد ابناء الدنيا لو قعدو اکل و شرب و نکح و هو يعلم انه بمرئي من سيده و مسمع، لکان ملوما عند الناس و مقصرا فيما يجب عليه من خدمه سيده و مالکه، فما ظنک بسيد السادات و ملک الاملاک. و الي هذا اشار (ص) انه ليغان علي قلبي و اني لاستغفر بالنهار سبعين مره، و لفظه السبعين انما هي لعد الاستغفار لا الي الرين، و قوله حسنات الابرار سيئات المقربين. و يزيده ايضاحا من لفظه ليکون ابلغ من التاويل و يظهر من قوله عقمني و العقيم الذي لا يولد له و الذي يولد من السفاح لا يکون

ولدا، فقد بان بهذه انه کان يعد اشتغاله في وقت ما بما هو ضروره للابدان معصيه و يستغفر الله منها. و علي هذا فقس البواقي و کلما يرد عليک من امثالها، و هذا معني شريف يکشف بمدلوله حجاب الشبه و يهدي به الله من حسر عن بصره و بصيرته رين العمي و العمه، و ليت السيد (ره) کان حيا لاهدي هذه العقيله اليه و اجلو عرايسها عليه، فما اظن ان هذا المعني اتضح من لفظ الدعاء لغيري، و لا ان احدا سار في ايضاح مشکله و فتح مقفله مثل سيري. و قد ينتج الخاطر العقيم فياتي بالعجائب، و قديما ما قيل: مع الخواطي سهم صائب انتهي کلامه رفع مقامه. و قد اقتفي اثره القاضي ناصرالدين البيضاوي في شرح المصابيح عند شرح قوله (ص): انه ليغان علي قلبي و اني لاستغفر الله في اليوم ماه مره، قال: الغين لغه في الغيم و غان علي کذا اي غطي، قال ابوعبيده في معني الحديث اي يتغشي قلبي ما يلبسه، و قد بلغنا عن الاصمعي انه سئل عن هذا، فقال للسائل: عن قلب من تروي هذا؟ فقال: عن قلب النبي (ص)، فقال: لو کان غير قلب النبي (ص)، لکنت افسره لک، قال القاضي و لله در الاصمعي في انتهاجه منهج الادب و اجلاله القلب الذي جعله الله موقع وحيه و منزل تنزيله. ثم قال: لما کان قلب النبي (ص) اتم

القلوب صفاء و اکثرها ضياء و اعرفها عرفانا و کان (ص) معنيا مع ذلک بتاسيس المله و تشريع السنه مسيرا غير معسر، لم يکن له بد من النزول الي الرخص و الالتفات الي حظوظ النفس مع مما کان ممتحنا به من احکام البشريه، فکان اذا تعاطي شيئا من ذلک اسرعت کدوره الي القلب لکمال رقته و فرط نورانيته، فان الشي‏ء کلما کان ارق و اصفي کان ورود المکدرات عليه ابين و اهدي، فکان اذا احس بشي‏ء من ذلک عده علي النفس دنبا فاستغفر منه انتهي ما حکي عنه ملخصا. و قال المحدث العلامه المجلسي طاب ثراه في المجلد السابع من البحار: اعلم ان الاماميه رضي الله عنهم اتفقوا علي عصمه الائمه عليهم‏السلام من الذنوب صغيرها و کبيرها فلا يقع منهم ذنب اصلا لا عمدا و لا نسيانا و لا لخطاء في التاويل و لا للاسهاء من الله سبحانه، و لم يخالف فيه الا الصدوق محمد بن بابويه و شيخه ابن الوليد رحمه الله عليهما فانهما جوزا الاسهاء من الله تعالي لمصلحه في غير ما يتعلق بالتبليغ و بيان الاحکام، لا السهو الذي يکون من الشيطان، و قد مرت الاخبار و الادله الداله عليها في المجلد السادس و الخامس و اکثر ابواب هذا المجلد مشحونه بما يدل عليها، فاما ما يوهم خلاف ذلک من الاخبار و الادعي

ه فماوله بوجوه. الاول ان ترک المستحب و فعل المکروه قد يسمي ذنبا و عصيانا، بل ارتکاب بعض المباحات ايضا بالنسبه الي رفعه شانهم و جلالتهم ربما عبروا عنه بالذنب، لانحطاط ذلک عن ساير احوالهم کما مرت الاشاره اليه في کلام الاربلي (ره) الثاني انهم بعد انصرافهم عن بعض الطاعات التي امروا بها من معاشره الخلق و تکميلهم و هدايتهم و رجوعهم عنها الي مقام القرب و الوصال و مناجاه ذي الجلال، ربما و جدوا انفسهم لانحطاط ذلک عن ساير احوالهم کما مرت الاشاره اليه في کلام الاربلي (ره) الثاني انهم بعد انصرافهم عن بعض الاطاعات التي امروا بها من معاشره الخلق و تکميلهم و هدايتهم و رجوعهم عنها الي مقام القرب و الوصال و مناجاه ذي الجلال، ربما و جدوا انفسهم لانحطاط تلک الاحوال عن هذه المرتبه العظمي مقصرين، فيتضرعون لذلک و ان کام بامره تعالي، کما ان احدا من ملوک الدنيا اذا بعث واحدا من مقربي حضرته الي خدمه من خدماته التي يحرم بها من مجلس الحضور و الوصال، فهو بعد رجوعه يبکي و يتضرع و ينسب نفسه الي الجرم و التقصير، لحرمانه عن هذا المقام الخطير. الثالث ان کمالاتهم و فضائلهم و علومهم لما کانت من فضله تعالي، و لو لا ذلک لامکن ان يصدر منهم انواع

المعاصي، فاذا نظروا الي تلک الحال اقروا بفضل ربهم و عجز نفسهم بهذه العبارات الموهمه لصدور السيئات فمفادها اني اذنبت لو لا توفيقک، و اخطات لو لا هدايتک. الرابع انهم لما کانوا في مقام الترقي في الکمالات و الصعود علي مدارج الترقيات في کل آن من الانات في معرفه الرب تعالي و ما يتبعها من السعادات فاذا نظروا الي معرفتهم السابقه و عملهم معها، اعترفوا بالتقصير و تابوا منه، و يمکن ان ينزل عليه قول النبي (ص) و اني لاستغفر الله في کل يوم سبعين مره. الخامس انهم عليهم‏السلام لما کانوا في غايه المعرفه لمعبودهم فکلما اتوا به من الاعمال بغايه جهدهم ثم نظروا الي قصورها عن يليق بجناب ربهم، عدوا طاعتهم من المعاصي، و استغفروا منها کما يستغفر المذنب العاصي. و من ذاق من کاس المحبه جرعه شائقه لا يابي عن قبول تلک الوجوه الرائفه و العارف المحب الکامل اذا نظر الي غير محبوبه او توجه الي غير مطلوبه، يري نفسه من اعظم الخاطئين، رزقنا الله الوصول الي درجات المحبين. اقول: هذا ما ذکره علماونا البارعون في التفصي عن الاشکال المذکور، شکر الله سعيهم و اجزل مساعيهم رضوان الله عليهم، الا ان لي في المقام وجها آخر و هو بحسب الظاهر قريب من بعض الوجوه

السابقه الا ان نسبته اليها کنسبه الثريا الي الثري کما هي غير خفيه علي صاحب الذوق السليم و الطبع المستقيم. و هو انک قد عرفت في التذييل الاول من تذييلات الفصل الثامن من فصول هذه الخطبه، ان اول ما خلق الله سبحانه انوار النبي و آله عليهم‏السلام، کما عرفت انه سبحانه خلق تلک الانوار من قبل ان يخلق العالم بالوف من السنين، و مر هناک في حديث ابي‏الحسن البکري انه سبحانه خلقها قبل ايجاد العالم باربعه و عشرين و اربعماه الف عام. اذا تذکرت ذلک فنقول: انهم قد کانوا حينئذ انوارا بسيطه و جواهر مجرده عن التعلق بالاجسام و الجسمانيات، خالصه عن الکدورات، فارغه عن القيودات و العلاقات، مستغرقه في تلک المده المتطاوله في شهود جمال الحق سبحانه و تعالي مشتغله في جميع هذه المده بالتسبيح و التقديس و التنزيه، تاره في حجاب القدره و اخري في حجاب العظمه، و ثالثه في حجاب العزه، و رابعه في حجاب الهيبه الي غير هذه من حجب النور المذکوره في الحديث المذکور، ثم اقتضت الحکمه الربانيه اهباطهم من عالم التجرد الي عالم التقيد و التعلق، فتصوروا بالصور الانسانيه هدايه للخلق و ارشادا للامه، و حصلت لهم في هذا العالم من القيودات و العلاقات ما هو مقتضي البشر

يه و الجسمانيه، و لما لم يتمکنوا في هذا العالم في الاستغراق التام و الفراغ الکامل، مثل تمکنهم في ذلک العالم، لوجود التعلقات المانعه هنا و عدمها هناک، استغفرو الله سبحانه لذلک، و اعترفوا بالتقصير اعتراف المذنب المقصر، هذا ما خطر بالخاطر القاصر، و الله الهادي الي المنهج القويم، و الصراط المستقيم المعني: ثم ان آدم لما اکل من الشجره اخرجه الله سبحانه من الجنه (فاهبطه) اي انزله (الي دار البليه) و المراد بالاهباط علي تقدير کون آدم (ع) في جنه السماء واضح، و اما علي تقدير کونه في جنه الدنيا کما هو الاظهر لما قد مر، فالمراد بالاهباط هو الانتقال من بقعه الي بقعه کما في قوله تعالي: اهبطوا مصرا، و المراد بدار البليه هو دار الدنيا، لان الله سبحانه قد جعل فيه البلاء ادبا للظالم و امتحانا للمومن و درجه للانبياء و کرامه للاولياء علي ما ورد في الخبر ثم ان اول بقعه هبط اليها آدم هي الصفا علي ما مر في الاخبار، و في بعض الاخبار هي جبل سرانديب کما مر ايضا و هو جبل باعلي الصين في ارض الهند يراه البحريون من مسافه ايام، و فيه علي ما نقل اثر قدم آدم مغموسه، و نقل ان الياقوت الاحمر موجود في هذا الجبل تحدرها السيول و الامطار من ذروته

الي الحضيض و به يوجد الماس ايضا و يوجد العود. و قد کان هبوط آدم بعد غروب الشمس علي ما رواه علي بن ابراهيم عن ابيه عن الحسن بن محبوب عن ابي‏جعفر (ع)، قال: کان عمر آدم (ع) من يوم خلقه الله الي يوم قبضه تسعماه و ثلاثين سنه، و دفن بمکه و نفخ فيه يوم الجمعه بعد الزوال، ثم برء زوجه من اسفل اضلاعه و اسکنه جنته من يومه ذلک، فما استقر فيها الا ست ساعات من يومه ذلک حتي عصي الله و اخرجهما من الجنه بعد غروب الشمس و مابات فيها. و في الفقيه عن الحسين بن العلاء عن ابي‏عبدالله (ع) قال: انه لما اهبط آدم من الجنه ظهرت به شامه سوداء من قرنه الي قدمه فطال حزنه و بکاوه لما ظهر به فاتاه جبرئيل فقال: له ما يبکيک يا آدم؟ فقال: لهذه الشامه التي ظهرت بي قال: قم يا آدم فصل فهذا وقت الصلاه الاولي، فقام فصلي فانحطت الشامه الي عنقه، فجائه في الصلاه الثانيه فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاه الثانيه، فقام فصلي فانحطت الشامه الي سرته، فجائه في الصلاه الثانيه فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاه الثالثه، فقام فصلي فانحطت الشامه الي رکبتيه، فجائه في الصلاه الرابعه، فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاه الرابعه، فقام فصلي فانحطت الشامه الي قدميه

، فجائه في الصلاه الخامسه فقال: يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاه الخامسه، فقام فصلي فخرج منها، فحمد الله و اثني عليه فقال جبرئيل: يا آدم مثل ولدک في هذه الصلاه کمثلک في هذه الشامه من صلي من ولدک في کل يوم و ليله خمس صلوات خرج من ذنوبه کما خرجت من هذه الشامه. و في الوسائل في باب تحريم العصير العنبي باسناده عن ابي‏عبدالله (ع) قال: ان الله لما اهبط آدم امره بالحرث و الزرع و طرح غرسا عليه من غرس الجنه فاعطاه النخل و العنب و الزيتون و الرمان فغرسها لعقبه و ذريته، فاکل هو من ثمارها فقال ابليس: ائذن لي ان آکل منه شيئا فابي ان يطعمه فجاء عند آخر عمر آدم، فقال لحواء: قد اجهدني الجوع و العطش اريدان تذيقني من هذه الثمار، فقالت له: ان آدم عهد الي ان لا اطعمک شيئا من هذا الغرس و انه من الجنه و لا ينبغي لک ان تاکل منه، فقال لها: فاعصري منه في کفي شيئا، فابت عليه، فقال: ذريني امصه و لا آکله، فاخذت عنقودا من عنب فاعطته فمصه و لم ياکل منه لما کانت حواء قد اکدت عليه، فلما ذهب يعض عليه اجتذبته حواء من فيه، فاوحي الله الي آدم ان العنب قد مصه عدوي و عدوک ابليس و قد حرمت عليک من عصيره الخمر ما خالطه نفس ابليس فحرمت الخمر، لان عدو ال

له ابليس مکر بحواء حتي امصته العنبه، و لو اکلها لحرمت الکرمه من اولها الي آخرها و جميع ثمارها و ما يخرج منه، ثم انه قال لحواء: لو امصصتني شيئا من التمر کما امصصتني من العنب، فاعطته تمره فمصها الي ان قال ثم ان ابليس ذهب بعد وفاه آدم فبال في اصل الکرمه و النخله، فجري الماء في عودهما ببول عدو الله، فمن ثم يختمر العنب و الکرم، فحرم الله علي ذريه آدم کل مسکر، لان الماء جري ببول عدو الله في النخله و العنب و صار کل مختمر خمرا لان الماء اختمرت في النخله و الکرمه من رائحه بول عدو الله هذا. و قد استطرفت هذه الاخبار لکونها غير خاليه عن المناسبه للمقام مع ما فيها من الاشاره الي بعض ما ابتلي به آدم (ع) بعد اهباطه الي دار البليه. و من اعظم ما ابتلي به قتل هابيل و لقدرتي له بما رواه في العيون باسناده عن الرضا عن آبائه عليهم‏السلام في حديث الشامي مع اميرالمومنين (ع) و ساله عن اول من قال الشعر: فقال (ع): آدم (ع)، فقال: و ما کان شعره؟ قال (ع): لما انزل من السماء الي الارض فراي تربتها وسعتها و هواها، و قتل قابيل هابيل قال آدم (ع): تغيرت البلاد و من عليها فوجه الارض مغبر قبيح تغير کل ذي لون و طعم و قل بشاشه الوجه المليح

و ما لي لا اجود بسکب دمع و هابيل تضمنه الضريح اري طول الحياه علي غما و هل انا من حياتي مستريح قتل قابيل هابيل اخاه فواحزنا لقد فقد المليح فاجابه ابليس لعنه الله تنح عن البلاد و ساکنيها فبي في الخلد ضاق بک الفسيح و کنت بها و زوجک في قرار و قلبک من اذي الدنيا مريح فلم تنفک من کيدي و مکري الي ان فاتک الثمن الربيح و بدل اهلها اثلا و خمطا بجنات و ابواب متيح فلو لا رحمه الجبار اضحي بکفک من جنان الخلد ريح هذا و قوله (ع) (و تناسل الذريه) اي اهبطه الي دار توالد الاولاد من البنات و البنين. و قد اختلف في ابتداء التناسل فذهب المجوس المجوزون لنکاح المحارم الي ان آدم زوج البنات للبنين فحصل التناسل و کثر الخلق. و في الاثار انهم کان لهم ملک فسکر ليله فوقع علي اخته و امه فلما افاق ندم و شق ذلک عليه و اراد رفع التعيير عنه، فقال للناس: هذا حلال، فامتنعوا عليه فجعل يقتلهم و حفرلهم الاخدود. و في خبر آخر عن اميرالمومنين (ع) ياتي في شرح الخطبه الثانيه و التسعين انه احتج لهم علي جوازه بتزويج اولاد آدم و انهم قد کانوا ينکحون اخواتهم فقبله جماعه و بقوا عليه الي الان. و وافقهم علي ذلک الاعتقاد الفاسد جم

هور المخالفين، فانهم قالوا: ان حواء امراه آدم کانت تلد في کل بطن غلاما و جاريه، فولدت اول بطن قابيل و توامته اقليميا، و البطن الثاني هابيل و توامته ليوذا، فلما ادرکوا جميعا امر الله تعالي ان ينکح قابيل اخت هابيل و هابيل اخت قابيل، فرضي هابيل و ابي قابيل، لان اخته کانت حسناء، و قال: ما امر الله سبحانه بهذا و لکن هذا من رايک فامرهما آدم ان يقربا قربانا فرضيا بذلک، فانطلق هابيل الي افضل کبش من غنمه و قربه التماسا لوجه الله تعالي و مرضاه ابيه، و اما قابيل فانه قرب الزوان الذي يبقي في البيدر الذي لا يستطيع ان يدسه، فقرب ضعثا منه لا يريد به وجه الله و لا مرضاه ابيه، فقبل الله قربان هابيل و اتت نار بيضاء من السماء فاخذته، ورد علي قابيل قربانه، فقال ابليس لعنه الله لقابيل: انه يکون لهابيل عقب يفتخرون علي عقبک، بان قبل قربان ابيهم فاقتله حتي لا يکون له عقب، فقتله، و هذا مقاله المخالفين الموافقه لمذهب المجوس لعنهم الله. و اما الحق الحقيق الذي ينبغي ان يدان به فهو ما ذهب اليه اصحابنا اخذا عن الاخبار الماثوره عن اهل بيت العصمه و الطهاره سلام الله عليهم. منها ما رواه الصدوق في الفقيه عن زراره عن ابي‏عبدالله (ع) ان آدم ولد

له شيث و ان اسمه هبه الله، و هو اول وصي الله من الادميين في الارض، ثم ولد له بعد شيث يافث، فلما ادرکا اراد الله ان يبده بالنسل ما ترون و ان يکون ما قد جري به القلم من تحريم ما حرم الله عز و جل من الاخوات علي الاخوه، انزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنه اسمها نزله، فامر الله عز و جل ان يزوجها من شيث، فزوجها منه، ثم انزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنه اسمها منزله فامر الله عز و جل ان يزوجها من يافث، فزوجها منه، فولد لشيث غلام، و ولد ليافث جاريه، فامر الله عز و جل آدم (ع) حين ادرکا ان يزوج ابنه يافث من ابن شيث، ففعل، فولد الصفوه من النبيين و المرسلين من نسلهما، و معاذ الله ان يکون ذلک علي ما قالوا من امر الاخوه و الاخوات. و منها ما فيه عن القاسم بن عروه عن بريد العجلي عن ابي‏جعفر (ع)، قال: ان الله تبارک و تعالي انزل علي آدم حوراء من الجنه فزوجها احد ابنيه و زوج الاخر ابنه الجان، فما کان في الناس من جمال کثير او حسن خلق فهو من الحوراء، و ما کان فيهم من سوء الخلق فهو من ابنه الجان. و منها ما رواه ابوبکر الحضرمي عن ابي‏جعفر (ع) قال: قال: لي ما يقول الناس في تزويج آدم ولده؟ قال: قلت يقولون: ان حواء کانت تل

د لادم في کل بطن غلاما و جاريه، فتزوج الغلام الجاريه التي من البطن الاخر الثاني و تزوج الجاريه الغلام الذي من البطن الاخر الثاني حتي توالدوا، فقال ابوجعفر (ع): و ليس هذا کذاک، ايحجکم المجوس، و لکنه لما ولد آدم هبه الله و کبر سال الله ان يزوجه، فانزل الله حوراء من الجنه فزوجها اياه فولدت له اربعه بنين، ثم ولد آدم ابنا آخر فلما کبر امره فتزوج الي الجان فولد اربع بنات فتزوج بنو هذا بنات هذا، فما کان من جمال فمن قبل الحور، و ما کان من حلم فمن قبل آدم، و ما کان من حقد فمن قبل الجان، فلما توالدوا صعد الحوراء الي السماء. و منها ما رواه الصدوق ايضا باسناده عن مسمع عن زراره قال: سئل ابوعبدالله (ع) عن بدء النسل من آدم کيف کان هو؟ و عن بدء النسل من ذريه آدم فان اناسا عندنا يقولون: ان الله تبارک و تعالي اوحي الي آدم ان يزوج بناته بنيه و ان هذا کله اصله من الاخوه و الاخوات، فقال ابوعبدالله (ع): تعالي الله عن ذلک علوا کبيرا، يقول من قال هذا: بان الله عز و جل خلق صفوه خلقه و احبائه و انبيائه و رسله و المومنين و المومنات و المسلمين و المسلمات من حرام، و لم يکن له من القدره ما يخلقهم من حلال، و قد اخذ ميثاقهم علي الحلال الطهر

الطاهر الطيب، فو الله لقد نبئت (بينت خ) ان بعض البهائم تنکرت له اخته، فلما نزا عليها و نزل کشف له عنها، فعلم انها اخته اخرج عزمو له ثم قبض عليه باسنانه حتي قطعه فخر ميتا، و آخر تنکرت له امه ففعل هذا بعينه، فکيف الانسان في فضله و علمه، غير ان جيلامن هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم اهل بيوتات انبيائهم و اخذوا من حيث لوم يومروا باخذه فصاروا الي ما ترون من الضلال و الجهل الي ان قال (ع): و حقا اقول: ما اراد من يقول هذا و شبهه الا تقويه حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله. ثم انشا (ع) يحدثنا کيف بدء النسل من آدم و کيف کان بدء النسل من ذريته، فقال: ان آدم صلوات الله عليه ولد له سبعون بطنا في کل بطن غلام و جاريه الي ان قتل هابيل، فلما قتل هابيل جزع آدم جزعا شديدا قطعه عن اتيان النساء فبقي لا يستطيع ان يغشي حواء خمسماه عام، ثم تجلي ما به من الجزع عليه فغشي حواء، فوهب الله شيئا وحده ليس معه ثان، و اسم شيث هبه الله، و هو اول ما اوصي اليه من الادميين في الارض، ثم ولدله من بعد شيث يافث ليس معه ثان، فلما ادرکا و اراد الله ان يبلغ النسل ما ترون و ان يکون ما جري به القلم من تحريم ما حرم الله عز و جل من الاخوات علي الاخوه، انزل

الله بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنه اسمها نزله فامر الله ان يزوجها من شيث الي آخر ما مر في الحديث الاول. و يمکن الجمع بين هذه الاخبار المختلفه ظاهرا بان يکون ليافث زوجتان: احديهما حوراء، و الاخري جنيه، او يکون الولد المنزوج بالجنيه غير شيث و يافث هذا. و لم يستفد من الروايات احوال بنات آدم لابد اما من بقائهن بلا زوج، و اما من جواز تزويج العمات دون الاخوات، و هو بعيد ايضا و الله العالم الترجمه: پس از آن ساکن گردانيد حق سبحانه و تعالي جناب آدم علي نبينا و آله و عليه‏السلام را در سرائيکه وسيع نمود در آن عيش او را، و ايمن ساخت در آن محل او را از مکاره و آفات، و بترسانيد او را از ابليس لعين و دشمني او، پس فريفته ساخت او را دشمن او بجهت بخل و حسد او بسکون او در سراي اقامت که بهشتست و به رفيق شدن او با نيکوکاران که ملائکه مقربين‏اند، پس بفروخت يقين بعداوت ابليس را بشک در عداوت بجهت قسم خوردن او به خداوند که من از ناصحين هستم، و بفروخت عزيمت و اهتماميکه داشت در نخوردن از شجره بوهن و سستي خود که عارض شد او را بجهه تدليس ابليس، و استبدال کرد و بدل نمود فرح و سرور را بخشيت و ترس، و عزت و بزرگي را بندامت و پريشان

ي. الترجمه: پس بعد از اينکه جناب آدم از شجره‏ي منهيه اکل نمود، و بعمل خود نادم و پشيمان گشت و چهل شبانه روز و بروايتي يکصد سال و بروايت ديگر سيصد سال گريه و زاري کرد، بسط فرمود خداوند سبحانه و تعالي بجهت او بساط کرامت و رحمت خودش را در توبه‏ي او، به اين نحو که الهام توبه فرمود بر او و قبول کرد آنرا از او، و تلقين نمود بر او کلمه‏ي رحمت خود را که بنا بر اشهر توسل باسماء مبارکه‏ي محمد و آل محمد سلام الله عليهم است که در ساق عرش ديده بود و وعده فرمود بر او رجوع دادنش را ببهشت عنبر سرشت خود.

[صفحه 129]

اللغه: و (الانداد) جمع الند و هو المثل و (اجتالتهم) من الجولان اي ادارتهم و (الشياطين) جمع الشيطان من الشطن و هو البعد، قال الزمخشري في محکي کلامه: قد جعل سيبويه نون الشيطان في موضع من کتابه اصليه و في آخر زائده، و الدليل علي اصالتها قولهم: تشيطن، و اشتقاقه من شطن اذا بعد لبعده عن الصلاح و الخير، و من شاط اذا بطل اذا جعلت نونه زائده و (واتر) من المتواره و هي المتابعه، قيل: و لا يکون المواتره بين الاشياء الا اذا وقعت بينها فتره، و الا فهي مدارکه و مواصله و (اثار) الغبار يثيره هيجه و اثار و الارض في الايه الشريفه اي قلبوها للزراعه و (المقدره) بفتح الميم و حرکات الدال کالقدره مصدر من قدر عليه اذا قوي و (المهاد) الفراش و البساط و (الاوصاب) جمع الوصب و هو المرض و الوجع و (اهرمه) اذا اضعفه من هرم هرما من باب تعب کبر و ضعف و رجل هرم ککتف و امراه هرمه و (الاحداث) جمع الحدث بفتحتين و هو الامور الحادثه، و خصت في العرف بالنوايب المتجدده و المصايب الحادثه اللغه: (النبي) فعيل بمعني الفاعل و هو مشتق من النبا و هو الخبر و نبا و نبا و انبا کلها بمعني اخبر، و النبي مخبر عن الله تعالي، و قلبوا فيه الهمزه کما في

الذريه حسبما مر في الفصل السابق. و عن شاح المقاصد النبوه هو کون الانسان مبعوثا من الحق الي الخلق، فان کان النبي ماخوذا من النباوه و هو الارتفاع لعلو شانه و ارتفاع مکانه، او من النبي بمعني الطريق لکونه وسيله الي الحق، فالنبوه علي الاصل کالابوه، و ان کان من النبا بمعني الخبر لانبائه عن الله تعالي فعلي قلب الهمزه و اوا ثم الادغام کالمروه. و قال في المحکي عنه: النبي هو انسان بعثه الله لتبليغ ما اوحي اليه، و کذا الرسول، و قد يخص بمن له شريعه و کتاب فيکون اخص من النبي، و اعترض عليه بزياده عدد الرسل علي الکتب، و ربما يفرق بان الرسول من له کتاب او نسخ لبعض احکام الشريعه السابقه، و النبي قد يخلو عن ذلک کيوشع (ع). و في کلام بعض المعتزله ان الرسول صاحب الوحي بواسطه الملک، و النبي هو المخبر عن الله بکتاب او الهام او تنبيه في منام، و التفصيل في ذلک المقام موکول الي الکتب الکلاميه، و من اراد اقتباس النور في هذا الباب من کلام ائمه فعليه بالرجوع الي باب الفرق بين الرسول و النبي و المحدث، و هو ثالث ابواب کتاب الحجه من الکافي و (الحجه) بالضم ما يحج به الانسان غيره اي يغلب به و (المحجه) بفتح الميم جاده الطريق و (الغابر) هو الب

اقي و قد يطلق علي الماضي فهو من الاضداد. الاعراب: و جمله اخذ علي الوحي اه في محل النصب علي الحاليه من فاعل اخذ او مفعوله، و لما في قوله (ع) لما بدل، ظرفيه بمعني حين او بمعني اذ و تختص بالماضي و بالاضافه الي الجمله فتقضي جملتين وجدت ثانيتهما عند وجود اوليهما و تقدير الکلام: لما بدل اکثر خلقه عهد الله اصطفي من ولده انبياء، و العامل فيها الجواب المقدم، و آيات المقدره بالاضافه و في بعض النسخ الايات المقدره بالتوصيف، و من سقف بيان للايات. الاعراب: الظاهر ان کلمه او في قوله (ع) او کتاب او حجه او محجه لمنع الخلو اذا لانفصال الحقيقي کمنع الجمع لا يمکن ارادته، و سياق الکلام هو منع الخلو کما يدل عليه قوله: و لم يخل الله صريحا، و يمکن جعلها بمعني الواو نظرا الي دلاله و لم يخل صراحه علي منع الخلو، فلا حاجه الي جعلها لذلک فافهم، و (رسل) مرفوع علي الخبريه، يعني انهم رسل، و الجمله هذه لا محل لها من الاعراب لکونها مستانفه فکانه قيل هولاء المرسلون الذين لم يخل الخلق منهم هل بلغوا ما ارسلوا به ام قصروا فيه لوجود التقيه، فقال (ع): انهم رسل لا يقصر اه، فهي من قبيل الاستيناف البياني، و متعلق لا يقصر محذوف، اي لا يقصر بهم عن ادا

ء الرساله و ابلاغ التکليف و کلمه (من) في قوله (ع) من سابق بيان للرسل و تفصيل لهم. المعني: الله سبحانه لما اهبط آدم الي دار الدنيا و بدء بالنسل و الاولاد (اصطفي من ولده انبياء اخذ علي الوحي ميثاقهم و علي تبليغ الرساله امانتهم) اي اخذ منهم العهد و الميثاق علي اداء الوحي اليهم من الاصول و الفروع، و اخذ الامانه منهم علي تبليغ الرساله و نشر الشرايع و الاحکام و ابلاغها الي امتهم کما قال سبحانه: (و اذا اخذنا من النبيين ميثاقهم و منک و من نوح و ابراهيم و موسي و عيسي بن مريم- الايه). و توضيح هذا الاخذ ما رواه في الکافي کالبحار من تفسير العياشي باسنادهما عن ابي‏حمزه الثمالي عن ابي‏جعفر (ع) قال لما اکل آدم من الشجره اهبط الي الارض فولد له هابيل و اخته توام، ثم ان آدم امر هابيل و قابيل ان يقربا قربانا، و کان هابيل صاحب غنم و کان قابيل صاحب زرع، فقرب هابيل کبشا من افاضل غنمه، و قرب قابيل من زرعه ما لم ينبق، فتقبل قربان هابيل و لم يتقبل قربان قابيل و هو قول الله عز و جل: (و اتل عليهم نبا ابني آدم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما و لم يتقبل من الاخر- الايه). و کان القربان تاکله النار، فعمد قابيل الي النار فبني لها بيت

ا و هو اول من بني بيوت النار، فقال: لاعبدن هذه النار حتي يتقبل مني قرباني، ثم ان ابليس لعنه الله اتاه و هو يجري من ابن آدم مجري الدم في العروق، فقال له: يا قابيل قد تقبل قربان هابيل و لم يتقبل قربانک، و انک ان ترکته يکون له عقب يفتخرون علي عقبک و يقولون نحن ابناء الذي تقبل قربانه، و انتم ابناء الذي ترک قربانه، فاقتله کيلا يکون له عقب يفتخرون علي عقبک، فقتله، فلما رجع قابيل الي آدم (ع) قال له: يا قابيل اين هابيل؟ قال: اطلب (اطلبوه خ ل) حيث قربنا القربان، فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا، فقال آدم: لعنت من ارض کما قبلت دم هابيل و بکي آدم صلي الله عليه علي هابيل اربعين ليله، ثم ان آدم سال ربه ولدا فولد له غلام فسماه هبه الله لان الله عز و جل و هبه له، و اخته توام فلما انقضت نبوه آدم و استکمل ايامه اوحي الله عز و جل اليه يا آدم قد قضيت نبوتک و استکملت ايامک فاجعل العلم الذي عندک و الايمان و الاسم الاکبر و ميراث العلم و آثار علم النبوه في العقب من ذريتک عند هبه الله ابنک، فاني لم اقطع العلم و الايمان و الاسم الاکبر و آثار علم النبوه من العقب من ذريتک الي يوم القيامه و لن ادع الارض الا و فيها عالم يعرف به ديني و يعرف

به طاعتي، و يکون نجاه لما يولد فيما بينک و بين نوح. و بشر آدم بنوح، و قال: ان الله تبارک و تعالي باعث نبيا اسمه نوح و انه يدعو الي الله عز ذکره، و يکذبه قومه، فيهلکهم الله بالطوفان، و کان بين آدم و بين نوح عشره آباء انبياء و اوصياء کلهم، و اوصي آدم الي هبه الله ان من ادرکه منکم فليومن به و ليتبعه و ليصدق به فانه ينجو من الغرق. ثم ان آدم مرض المرضه التي مات فيها ارسل هبه الله، و قال له ان لقيت جبرئيل او من لقيت من الملائکه فاقراه مني السلام و قل له: يا جبرئيل ان ابي يستهديک من ثمار الجنه، فقال له جبرئيل: يا هبه الله ان اباک قد قبض و انا نزلنا للصلاه عليه (و ما نزلنا الا للصلاه عليه خ)، فارجع، فرجع فوجد آدم قد قبض فاراه جبرئيل کيف يغسله حتي اذا بلغ للصلاه قال هبه الله: يا جبرئيل تقدم فصل علي آدم، فقال له جبرئيل: ان الله عز و جل امرنا ان نسجد لابيک آدم و هو في الجنه فليس لنا ان نوم شيئا من ولده فتقدم هبه الله و صلي علي ابيه و جبرئيل خلفه و جنود الملائکه، و کبر عليه ثلاثين تکبيره، فامره جبرئيل فرفع من ذلک خمسا و عشرين تکبيره و السنه اليوم فينا خمس تکبيرات، و قد کان يکبر علي اهل بدر تسعا و سبعا. ثم ان هبه الله لما

دفن آدم اتاه قابيل فقال: يا هبه الله اني قد رايت ابي آدم قد خصک من العلم بما لم اخص به انا، و هو العلم الذي دعا به اخوک هابيل فتقبل به قربانه، و انما قتلته لکيلا بکون به عقب فيفتخرون علي عقبي فيقولون نحن ابناء الذي تقبل منه قربانه و انتم ابناء الذي ترک قربانه، و انک ان اظهرت من العلم الذي اختصک به ابوک شيئا قتلتک کما قتلت اخاک هابيل. فلبث هبه الله و العقب من بعده مستخفين بما عندهم من العلم و الايمان و الاسم الاکبر و ميراث النبوه و آثار علم النبوه حتي بعث الله نوحا، و ظهرت وصيه هبه الله حين نظروا في وصيه آدم، فوجدوا نوحا نبيا قد بشر به ابوهم آدم، فامنوا به و اتبعوه و صدقوه، و قد کان آدم اوصي الي هبه الله ان يتعاهد هذه الوصيه عند راس کل سنه فيکون يوم عيدهم فيتعاهدون بعث نوح و زمانه الذي يخرج فيه، و کذلک في وصيه کل نبي حتي بعث الله محمدا (ص)، و انما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم، و هو قول الله عز و جل: (و لقد ارسلنا نوحا الي قومه- الايه) و کان من بين آدم و نوح من الانبياء مستخفين، و لذلک خفي ذکرهم في القرآن فلم يسموا کما سمي من استعلن من الانبياء صلوات الله عليهم اجمعين، و هو قول الله عز و جل: (و رسلا قد قصصناهم

عليک من قبل و رسلا لم نقصصهم عليک) يعني لم اسم المستخفين کما سميت المستعلنين من الانبياء عليهم‏السلام، فمکث نوح صلي الله عليه في قومه الف سنه الا خمسين عاما لم يشارکه في نبوته احد، و لکنه قدم علي قوم مکذبين للانبياء عليهم‏السلام الذين کانوا بينه و بين آدم صلي الله عليه و ذلک قول الله عز و جل: (کذبت قوم نوح المرسلين) يعني من کان بينه و بين آدم الي ان انتهي الي قوله عز و جل: (و ان ربک لهو العزيز الرحيم) ثم ان نوحا لما انقضت نبوته و استکمل ايامه، اوحي الله عز و جل اليه ان يا نوح قد قضيت نبوتک و استکملت ايامک فاجعل العلم الذي عندک و الايمان و الاسم الاکبر و ميراث العلم و آثار علم النبوه في العقب من ذريتک، فاني لن اقطعها کما لم اقطعها من بيوتات الانبياء صلوات الله عليهم التي بينک و بين آدم (ع) و لن ادع الارض الا و فيها عالم يعرف به ديني و يعرف به طاعتي و يکون نجاه لمن يولد فيها بين قبض النبي الي خروج النبي الاخر. و بشر نوح ساما بهود، فکان فيما بين نوح و هود من الانبياء عليهم‏السلام و قال نوح: ان الله باعث نبيا يقال له: هود و انه يدعو قومه الي الله عز و جل فيکذبونه و الله عز و جل مهلکهم بالريح، فمن ادرکه منکم فليو

ء من به و ليتبعه فان الله عز و جل ينجيه من عذاب الريح و امر نوح (ع) ابنه ساما ان يتعاهد هذه الوصيه عند راس کل سنه، فيکون يومئذ عيدا لهم فيتعاهدون و فيه ما عندهم من العلم و الايمان و الاسم الاکبر و مواريث العلم و آثار علم النبوه، فوجدوا هودا نبيا و قد بشر به ابوهم نوح (ع) فامنوا به و اتبعوه و صدقوه فنجوا من عذاب الريح، و هو قول الله عز و جل (و الي عاد اخاهم هودا) و قوله عز و جل: (کذبت عاد المرسلين اذ قال لهم اخوهم هود الا تتقون) و قال تبارک و تعالي: (و وصي بها ابراهيم بنيه و يعقوب) و قوله: (و وهبنا له اسحق و يعقوب و کلا هدينا) لنجعلها في اهل بيته (و نوحا هدينا من قبل) لنجعلها في اهل بيته. و امر العقب من ذريته الانبياء عليهم‏السلام من کان قبل ابراهيم لابراهيم (ع)، فکان بين ابراهيم و هود من الانبياء صلوات الله عليهم و هو قول الله عز و جل. (و ما قوم لوط منکم ببعيد) و قوله عز ذکره: (فامن له لوط و قال اني مهاجر الي ربي) و قوله عز و جل: (و ابراهيم اذ قال لقومه اعبدوا الله و اتقوه ذلکم خير لکم). فجري بين کل نبيين عشره انبياء و تسعه و ثمانيه انبياء کلهم انبياء، و جري لکل نبي کما جري لنوح (ع)، و کما جري لادم و هود و ص

الح و شعيب و ابراهيم صلوات الله عليهم. حتي انتهت الي يوسف بن يعقوب (ع)، ثم صارت من بعد يوسف في اسباط اخوته. حتي انتهت الي موسي (ع) فکان بين يوسف و بين موسي من الانبياء، فارسل الله موسي و هارون الي فرعون و هامان و قارون، ثم ارسل الرسل: (تتري کل ما جاء امه رسولها کذبوه فاتبعنا بعضهم بعضا و جعلنا هم احاديث) و کانت بنواسرائيل يقتل نبيين اثنان قائمان و يقتلون اثنين و اربعه قيام، حتي انه کان ربما قتلوا في اليوم الواحد سبعين نبيا، و يقوم سوق قتلهم آخر النهار، فلما نزلت التوراه علي موسي (ع)، بشر بمحمد (ص)، و کان بين يوسف و موسي من الانبياء، و کان وصي موسي يوشع بن نون عليهماالسلام، و هو فتاه الذي ذکره الله في کتابه. فلم تزل الانبياء تبشر بمحمد (ص)، حتي بعث الله تبارک و تعالي المسيح عيسي بن مريم فبشر بمحمد (ص) و ذلک قوله تعالي (يجدونه) يعني اليهود و النصاري (مکتوبا) يعني صفه محمد (ص) (عندهم) يعني في التوراه و الانجيل (يامرهم بالمعروف و ينهيهم عن المنکر) و هو قول الله عز و جل يخبر عن عيسي (ع): (و مبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد) و بشر موسي و عيسي بمحمد (ص)، کما بشر الانبياء بعضهم ببعض، حتي بلغت محمدا. فلما قضي محمد

(ص) نبوته و استکمل ايامه اوحي الله تبارک و تعالي اليه ان يا محمد قد قضيت نبوتک و استکملت ايامک، فاجعل العلم الذي عندک و الايمان و الاسم الاکبر و ميراث العلم آثار علم النبوه في اهل بيتک، عند علي بن ابي‏طالب (ع) فاني لم اقطع العلم و الايمان و الاسم الاکبر و ميراث العلم و آثار علم النبوه من العقب من ذريتک، کما لم اقطعها من بيوتات الانبياء الذين کانوا بينک و بين ابيک آدم، و ذلک قول الله تعالي: (ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين ذريه بعضها من بعض و الله سميع عليم) و ان الله تبارک و تعالي لم يجعل العلم جهلا، و لم يکل امره الي احد من خلقه، لا الي ملک مقرب و لا الي نبي مرسل، و لکنه ارسل رسولا من ملائکته، فقال له: قل کذا و کذا فامرهم بما يحب و نهيهم عما يکره، فقص عليهم امر خلقه بعلم، فعلم ذلک العلم و علم انبيائه و اصفيائه من الانبياء و الاخوان و الذريه التي بعضها من بعض، فذلک قوله عز و جل: (و لقد اتينا آل ابراهيم الکتاب و الحکمه و آتيناهم ملکا عظيما) فاما الکتاب فهو النبوه، و اما الحکمه فهم الحکماء من الانبياء من الصفوه و اما الملک العظيم فهم الائمه من الصفوه، و کل هولاء من الذريه التي بعضه

ا من بعض، و العلماء الذين جعل فيهم البقيه و فيهم الباقيه و حفظ الميثاق حتي تنقضي الدنيا، و العلماء و لو لاه الامر استنباط العلم و للهداه فهذا شان الفضل من الصفوه و الرسل و الانبياء و الحکماء و ائمه الهدي و الخلفاء الذين هم ولاه امر الله عز و جل، و استنباط علم الله و اهل آثار علم الله من الذريه التي بعضها من بعض من الصفوه بعد الانبياء عليهم‏السلام من الاباء و الاخوان و الذريه من الانبياء. فمن اعتصم بالفضل انتهي بعلمهم و نجا بنصرتهم، و من وضع ولاه امر الله تبارک و تعالي في غير الصفوه من بيوتات الانبياء صلوات الله عليهم، فقد خالف امر الله جل و عز و جل الجهال ولاه امر الله و المتکلفين بغير هدي من الله عز و جل، و زعموا انهم اهل استنباط علم الله، فقد کذبوا علي الله تبارک و تعالي و رسوله، و رغبوا عن وصيته و طاعته، و لم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله تبارک و تعالي، فضلوا و اضلوا اتباعهم و لم يکن لهم حجه يوم القيامه انما الحجه في آل ابراهيم (ع)، لقول الله عز ذکره: (و لقد آتينا آل ابراهيم الکتاب و الحکم و النبوه و آتيناهم ملکا عظيما) فالحجه الانبياء صلوات الله عليهم و اهل بيوتات الانبياء عليهم‏السلام حتي يقوم الساعه، لا

ن کتاب الله ينطق بذلک وصيه الله بعضها من بعض الذي وضعها علي الناس، فقال جل و عز: (في بيوت اذن الله ان ترفع) و هي بيوت الانبياء و الرسل و الحکماء و ائمه الهدي، فهذا بيان عروه الايمان التي نجابها من نجا قبلکم و بها ينجو من يتبع الائمه، و قال الله عز و جل في کتابه: (و نوحا هدينا من قبل و من ذريته داود و سليمان و ايوب و يوسف و موسي و هارون و کذلک نجزي المحسنين، و زکريا و يحيي و عيسي و الياس کل من الصالحين، و اسمعيل و اليسع و يونس و لوطا و کلا فضلنا علي العالمين، و من آبائهم و ذرياتهم و اخوانهم و اجتبيناهم و هديناهم الي صراط مستقيم، اولئک الذين آتيناهم الکتاب و الحکم و النبوه فان يکفر بها هولاء فقد وکلنا بها قوما ليسوا بها بکافرين) فانه وکل بالفضل من اهل بيته و الاخوان و الذريه، و هو قول الله تبارک و تعالي: ان يکفر به امتک فقد وکلنا اهل بيتک بالايمان الذي ارسلتک به، فلا يکفرون به ابدا و لا اضيع الايمان الذي ارسلتک به من اهل بيتک من بعدک علماء امتک و ولاه امري بعدک امري بعدک و اهل استنباط العلم الذي ليس فيه کذب و لا اثم و لا زور و لا بطر و لا رياء، فهذا بيان ما ينتهي اليه امر هذ، الامه ان الله عز و جل طهر اهل بيت

نبيه (ص) و سالهم اجر الموده و اجري لهم الولايه و جعلهم اوصيائه و احبائه ثانيه بعده في امته، فاعتبروا ايها الناس فيما قلت: حيث وضع الله عز و جل ولايته و طاعته و مودته و استنباط علمه و حججه، فاياه فتقبلوا به، و به فاستمسکوا تنجوا به، و يکون لهم الحجه يوم القيامه و طريق ربکم جل و عز، لا يصل ولايه الي الله عز و جل الا بهم، فمن فعل ذلک کان حقا علي الله ان يکرمه و لا يعذبه، و من يات الله عز و جل بغير ما امره کان حقا علي الله عز و جل ان يذله و ان يعذبه. اقول: لا يخفي علي الفطن العارف ما في هذه الروايه الشريفه من النکات الرايقه و الاسرار الفايقه و المطالب المهمه و المسائل المعظمه، و بالغور فيها يمکن استخراج بعض ما تضمنته من کنوز الاسرار، و بالتوسل بها يمکن الوصول الي رموز المعارف و حقائق الانوار، و انما ذلک في حق من امتحن قلبه بنور العرفان و الايمان، و صفي ذهنه من کدورات الشبهات و ظلمات الاوهام، و ذلک فضل الله يوتيه من يشاء و الله ذوالفضل العظيم و قوله (ع) (لما بدل اکثر خلقه عهد الله اليهم) يعني اذ بدل اکثر الخلق عهد الله و ميثاقه الماخوذ عليهم في باب التوحيد و المعرفه و النبوه و الولايه حسبما اشير اليه في الايه الش

ريفه و الاخبار المتواتره قال سبحانه: (و اذ اخذ ربک من بني‏آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم الست بربکم قالوا بلي شهدنا ان تقولوا يوم القيمه انا کنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرک آباونا من قبل و کنا ذريه من بعدهم افتهلکنا بما فعل المبطلون). قال اکثر المفسرين و اهل الاثر: ان الله اخرج ذريه آدم من صلبه کهيئه الذر فعرضهم علي آدم و قال: اني آخذ علي ذريتک ميثاقهم ان يعبدوني و لا يشرکوا بي شيئا و علي ارزاقهم، ثم قال: الست بربکم قالوا: بلي شهدنا انک ربنا، فقال للملائکه: اشهدوا، فقالوا: شهدنا. و قيل: ان الله جعلهم فهماء عقلاء يسمعون خطابه و يفهمونه، ثم ردهم الي صلب آدم و الناس محبوسون باجمعهم حتي يخرج کل من اخرجه في ذلک الوقت و کل من ثبت علي الاسلام فهو علي الفطره الاولي، و من کفر و جحد فقد تغير علي الفطره الاولي. و رد المحققون هذا التفسير بوجوه کثيره تنيف علي عشره. و منهم المرتضي رضي الله عنه، و قد شدد النکير علي ذلک في کتاب الغرر و الدرر، قال بعد ذکر الايه: و قد ظن بعض من لا بصيره له و لا فطنه عنده ان تاويل هذه الايه ان الله استخرج من ظهر آدم (ع) جميع ذريته و هم في خلق الذر، فقررهم بمعرفته و اشهدهم علي ا

نفسهم، و هذا التاويل مع ان العقل يبطله و يحيله، مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه، لان الله قال: (و اد اخذ ربک من بني‏آدم). و لم يقل من آدم، و قال (من ظهورهم) و لم يقل من ظهره و قال: (ذريتهم) و لم يقل ذريته، ثم اخبر تعالي بانه فعل ذلک لئلا يقولوا يوم القيامه انهم کانوا عن هذا غافلين او يعتذروا بشرک آبائهم و انهم نشاوا علي دينهم و سننهم و هذا يقتضي ان الايه لم تتناول ولد آدم لصلبه و انها تناولت من کان له آباء مشرکون، و هذا يدل علي اختصاصها ببعض ذريه آدم، فهذا شهاده الظاهر ببطلان تاويلهم. فاما شهاده العقل فمن حيث لا تخلو هذه الذريه التي استخرجت من ظهر آدم فخوطبت و قررت من ان تکون کامله العقل مستوفيه الشروط او لا تکون کذلک. فان کانت بالصفه الاولي وجب ان يذکر هولاء بعد خلقهم و انشائهم و اکمال عقولهم ما کانوا عليه في تلک الحال و ما قرروا به و استشهدوا عليه لان العاقل لا ينسي ما جري هذا المجري و ان بعد العهد و طال الزمان، و لهذا لا يجوز ان يتصرف احدنا في بلد من البلدان و هو عاقل کامل، فينسي مع بعد العهد جميع تصرفه المتقدم و ساير احواله، و ليس ايضا لتخلل الموت بين الحالين تاثير لانه لو کان تخلل الموت يزيل الذکر لکان تخلل

النوم و السکر و الجنون و الاغماء بين احوال العقلاء يزيل الذکر، لما مضي من احوالهم، لان ساير ما عددناه مما ينفي العلوم يجري مجري الموت في هذا الباب، و ليس لهم ان يقولوا اذا جاز في العاقل الکامل ان ينسي ما کان عليه في حال الطفوليه جاز ما ذکرناه، و ذلک انا انما اوجبنا ذکر العقلاء لما ادعوه اذا کملت عقولهم من حيث جري عليهم و هم کاملوا العقل، و لو کانوا بصفه الاطفال في تلک الحال لم نوجب عليهم ما اوجبناه، علي ان تجويز النسيان عليهم ينقض الغرض في الايه، و ذلک ان الله تعالي اخبر بانه انما قررهم و اشهدهم لئلا يدعوا يوم القيامه الغفله عن ذلک، و سقوط الحجه عنهم فيه، فاذا جاز نسيانهم له عاد الامر الي سقوط الحجه عنهم و زوالها. و ان کانوا علي الصفه الثانيه من فقد العلم (العقل خ) و شرايط التکليف قبح خطابهم و تقريرهم و اشهادهم و صار ذلک عبثا قبيحا تعالي الله عنه. ثم قال: فان قيل: قد ابطلتم تاويل مخالفيکم فما تاويلها الصحيح عندکم؟ قلنا في الايه و جهان احدهما ان يکون تعالي انما عني بها جماعه من ذريه بني‏آدم خلقهم و بلغهم و اکمل عقولهم و قررهم علي السن رسله بمعرفته و ما يجب من طاعته، فاقروا بذلک و اشهدهم علي انفسهم به لئلا يقو

لوا يوم القيامه انا کنا عن هذا غافلين، او يعتذروا بشرک آبائهم الي ان قال: و الجواب الثاني و هو احسن انه تعالي لما خلقهم و رکبهم ترکيبا يدل علي معرفته و يشهد بقدرته و وجوب عبادته، و اراهم العبر و الايات و الدلايل في غيرهم و في انفسهم، کان بمنزله المستشهد لهم علي انفسهم و کانوا في مشاهده ذلک و معرفته و ظهوره علي الوجه الذي اراد الله تعالي و تعذر امتناعهم منه و انفکاکهم من دلالته بمنزله المقر المعترف، و ان لم يکن هناک شهاده و لا اعتراف علي الحقيقه الي آخر ما ذکره، و قد وافقه علي الجواب الاخير الزمخشري في الکشاف و غيره من المفسرين. و اقول: اما ما ذکره السيد (ره) من عدم انطباق ظاهر الايه بما حملوها عليه من وجود عالم اخذ الميثاق و اخراج ذريه آدم من صلبه کالذر فمسلم، لکن يتوجه عليه ان ما ذکره من الوجهين في تاويل الايه ايضا کذلک، بل مخالفه الظاهر فيهما ازيد منها في الوجه الذي ذکروه مع عدم شاهد علي واحد منهما في شي‏ء من الاخبار. و اما انکار اصل هذه القضيه و الحکم باستحالته بما ذکره من دليل العقل، فلا وجه له و لا يعبا بالدليل المذکور قبال الاخبار المتواتره المفيده لوجود ذلک العالم، بل قد وقع في الاخبار الکثيره تفسير ال

ايه به ايضا، و الاستقصاء فيها موجب للاطناب الممل الا انا نذکر شطرا منها تبرکا و توضيحا و استشهادا. منها ما رواه علي بن ابراهيم القمي في تفسيره عن ابن مسکان عن ابي‏عبدالله (ع) في قوله: و اذ اخذ ربک، الي قوله: قالوا بلي، قلت: معاينه کان هذا؟ قال: نعم، فثبتت المعرفه و نسوا الموقف و سيذکرونه فلو لا ذلک لم يدر احد من خالقه و رازقه، فمنهم من اقر بلسانه في الذر و لم يومن بقلبه، فقال الله: (فما کانوا ليومنوا بما کذبوا به من قبل) و منها ما رواه ايضا عنه (ع)، قال: کان الميثاق ماخوذا عليهم لله بالربوبيه و لرسوله بالنبوه و لاميرالمومنين و الائمه عليهم‏السلام بالامامه، فقال: الست بربکم، و محمد نبيکم، و علي امامکم، و الائمه الهادون ائمتکم؟ فقالوا: بلي. و منها ما في البحار عن امالي الشيخ عن المفيد باسناده عن جابر عن ابي‏جعفر عن ابيه عن جده عليهم‏السلام، ان رسول‏الله (ص) قال لعلي (ع): انت الذي احتج الله بک في ابتدائه الخلق حيث اقامهم اشباحا، فقال لهم: الست بربکم؟ قالوا: بلي، قال: و محمد رسول‏الله؟ قالوا: بلي، قال: و علي اميرالمومنين؟ فابي الخلق جميعا استکبارا و عتوا عن ولايتک الا نفر قليل، و هم اقل القليل و هم اصحاب اليمين.

و منها ما فيه ايضا من بصائر الدرجات باسناده عن عبدالرحمان بن کثير عن ابي‏عبدالله في قوله عز و جل: و اذ اخذ ربک من بني‏آدم الايه، قال: اخرج الله من ظهر آدم ذريته الي يوم القيامه کالذر فعرفهم نفسه، و لو لا ذلک لم يعرف احد ربه و قال: الست بربکم؟ قالوا: بلي و ان محمدا رسول‏الله و عليا اميرالمومنين. و منها ما فيه ايضا من کشف الغمه من کتاب الامامه عن الحسن بن الحسين الانصاري عن يحيي بن العلا عن معروف بن خربوز المکي عن ابي‏جعفر (ع) قال: لو يعلم الناس متي سمي علي اميرالمومنين لم ينکروا حقه، فقيل له: متي سمي؟ فقره: و اذ اخذ ربک الي قوله الست بربکم قالوا: بلي قال: محمد رسول‏الله و علي اميرالمومنين. و منها ما فيه ايضا من تفسير فرات بن ابراهيم عن ابن القاسم معنعنا عن ابي‏عبدالله (ع) في قوله تعالي: و اذ اخذ ربک من بني‏آدم الي آخر الايه، قال: اخرج الله من ظهر آدم ذريته الي يوم القيامه فخرجوا کالذر و عرفهم نفسه و اراهم نفسه، و لو لا ذلک لم يعرف احد ربه، قال: الست بربکم؟ قالوا: بلي، قال: فان محمدا عبدي و رسولي و ان عليا اميرالمومنين خليفتي و اميني، و قال النبي (ص): کل مولود يولد علي المعرفه بان الله تعالي خالقه، و ذلک قوله

تعالي: (و لئن سئلتهم من خلقهم ليقو لن الله) الي غير هذه من الاخبار الکثيره، و قد عقد المجلسي طاب ثراه بابا فيها في مجلد الامامه من البحار. و بالجمله فقد تلخص مما ذکرنا ان المراد من العهد الماخوذ عن الخلق الذي بدلوه هو الميثاق الماخوذ عليهم لله بالربوبيه و لرسوله (ص) بالنبوه و للائمه عليهم‏السلام بالولايه، و کذلک المراد بالحق في قوله (ع) (فجهلوا حقه) هو الحق اللازم علي العباد من المعرفه و التوحيد کما يشهد به روايه معاذ بن جبل التي مضت في ثاني التذنيبات من رابع فصول الخطبه، قال کنت رفقت النبي (ص)، فقال يا معاذ هل تدري ما حق الله علي العباد؟ يقولها ثلاثا، قلت: الله و رسوله اعلم، فقال رسول‏الله (ص) حق الله عز و جل علي العباد ان لا يشرکوا به شيئا الي آخر ما مر هناک، و يحتمل ان يکون المراد به الاعم مما ذکرنا و من الفروعات، و يشعر به ثالث الجملات المعطوفه من قوله: (و اتخذوا الانداد) اي الامثال (معه و اجتالتهم) اي ادارتهم و صرفتهم (الشياطين عن معرفته، و اقتطعتهم عن عبادته) اي اقطعتهم کما في بعض النسخ کذلک، فهم قطاع طريق العباد عن عباده الله سبحانه و تعالي (و) لما کان الحال بهذا المنوال (بعث فيهم) اي ارسل اليهم (رسله،

و واتر اليهم انبيائه) اي ارسلهم متواترا و بين کل نبيين فتره، قال سبحانه: (ثم ارسلنا رسلنا تتري کلما جاء امه رسولها کذبوه فاتبعنا بعضهم بعضا و جعلناهم احاديث فبعدا لقوم لا يومنون) قال الطبرسي في تفسير الايه اي متواتره تتبع بعضهم بعضا، عن ابن عباس و مجاهد، و قيل متقاربه الاوقات، و اصله الاتصال و منه الوتر لاتصاله بمکانه من القوس و منه الوتر، و هو الفرد عن الجمع المتصل، قال الاصمعي يقال: واترت الخبر اتبعت بعضه بعضا و بين الخبرين هنيهه انتهي، و قوله: (ليستادوهم ميثاق فطرته) الي قوله: و يروهم آيات المقدره اشاره الي الغايه من بعث الرسل و الثمره المترتبه علي ذلک، و هي علي ما ذکره (ع) خمس، و المراد من ميثاق الفطره هو ميثاق التوحيد و النبوه و الولايه. کما يشهد به ما رواه الصدوق في التوحيد باسناده عن عبدالرحمان بن کثير مولي ابي‏جعفر (ع) عن ابي‏عبدالله (ع) في قول الله عز و جل: (فطره الله التي فطر الناس عليها) قال: التوحيد و محمد رسول‏الله و علي اميرالمومنين. و عن ابن مسکان عن زراره قال: قلت لابي‏جعفر (ع) اصلحک الله، قول الله عز و جل في کتابه: (فطره الله التي فطر الناس عليها) قال: فطرهم علي التوحيد عند الميثاق علي معرفت

ه انه ربهم، قلت: و خاطبوه؟ قال: فطاطا راسه ثم قال: لو لا ذلک لم يعلموا من ربهم و لا من رازقهم. و عن عبدالله بن سنان عن ابي‏عبدالله (ع) قال: سالته عن قول الله عز و جل: فطره الله التي فطر الناس عليها، ما تلک الفطره؟ قال: هي الاسلام، فطرهم الله حين اخذ ميثاقهم علي التوحيد فقال: الست بربکم و فيهم المومن و الکافر، و المراد بالنعمه في قوله (ع): (و يذکروهم منسي نعمته) اما النعمه التي من بها علي العباد في عالم الذر و الميثاق حسبما مر، او جميع النعم المغفول عنها، و الاول هو الظاهر نظر الي ظاهر لفظ النسيان (و يحتجوا عليهم) اي في يوم القيامه (بالتبليغ) اي تبليغ الاحکام و نشر الشرايع و الاديان: (ليهلک من هلک عن بينه و يحيي من حي عن بينه، و لئلا يکون للناس علي الله حجه بعد الرسل، و کان الله عزيزا حکيما). (و يثيروا) اي يهيجوا (لهم دفائن العقول) من شواهد التوحيد و ادله الربوبيه کما قال سبحانه: (اني في خلق السموات و الارض و اختلاف الليل و النهار و الفلک التي تجري في البحر بما ينفع الناس و ما انزل الله من السماء من ماء فاحيي به الارض بعد موتها و بث فيها من کل دابه و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الارض الايات لقوم

يعقلون) (و يروهم آيات المقدره) اي علامات القدره و شواهدها حتي ينظروا اليها بنظر الدقه و الاعتبار و الا فالامارات المذکوره مما هي بمرئي و مسمع من کل احد لا حاجه فيها الي الارائه کما هو ظاهر. ثم اشار (ع) الي ست آيات من تلک الايات و بينها بقوله: (من سقف فوقهم مرفوع، و مهاد تحتهم موضوع) کما قال سبحانه: (و السقف المرفوع) و قال: (الم نجعل الارض مهادا و الجبال اوتادا) الي ان قال: (و بنينا فوقکم سبعا شدادا) و قد مضي في التذييل الثاني من تذييلات الفصل الثامن من فصول هذه الخطبه ما يوجب زياده البصيره في المقام فتذکر (و معايش تحييهم، و آجال تفنيهم و اوصاب تهرمهم) نسبه الاحياء الي المعايش اي المطعومات و المشروبات التي بها قوام الحياه، و الافناء الي الاجال، و الاهرام الي الاوصاب و الامراض من قبيل الاسناد الي السبب مجازا علي حد انبت الربيع البقل (و احداث) اي نوائب حادثه و مصائب متجدده (تتتابع عليهم) و في کل واحده من الايات المذکوره دلاله علي ان للعالم صانعا قادرا يفعل فيه ما يشاء و يحکم ما يريد، لاراد لقضائه و لا دافع عن بلائه. المعني: اعلم انه (ع) بعد ما نبه بخلقه آدم (ع) و تفصيل ما جري عليه من اسجاد الملائکه له و اسکانه

في الجنه و اجتنائه من الثمره المنهيه و اهباطه الي الارض و اصطفاء الانبياء من ولده لارشاد الخلق و هدايه الانام، اشار (ع) الي العنايه الکامله لله سبحانه بالخلق من عدم اخلائه امه منهم من نبي هاد لهم الي المصالح و رادع لهم عن المفاسد، او کتاب مرشد الي الخيرات و الحسنات و مانع عن الشرور و السيئات، و ذلک کله لا کمال اللطف و اتمام العنايه فقال (ع): (و لم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل او کتاب منزل) و هذا مما لا ريب فيه، و لابد من بيان الحاجه الي بعث الرسل و اقامه البرهان علي اضطرار الناس اليه و انه لابد في کل زمان من حجه معصوم عالم بما يحتاج اليه الخلق، و قد دللوا علي ذلک في الکتب الکلامه بالبراهين العقليه و النقليه و نحن نذکر منها هنا وجها واحدا لاقتضاء المقام، و ذلک موقوف علي رسم مقدمات. الاولي ان لنا خالقا صانعا قادر علي کل شي‏ء. الثانيه انه سبحانه منزله عن التجسم و التعلق بالمواد و الاجسام و عن ان يکون مبصرا او محسوسا باحدي الحواس. الثاليه انه تعالي حکيم علام بوجوه الخير و المنفعه في النظام و سبيل المصلحه للخلايق في المعيشه و القوام و البقاء و الدوام. الرابعه ان الناس علي کثرتهم محتاجون في معاشهم و معادهم الي

من يدبر امورهم و يعلمهم طريق المعيشه في الدنيا و النجاه من العذاب في العقبي، و ذلک لان من المعلوم ان نوع الانسان مدني بالطبع، بمعني انه لابد في بقاء النوع الي اجتماع کل واحد من الافراد مع الاخر يستغني به فيما يحتاج اليه من الماکل و المشارب و الملابس و المساکن و نحوها، فيکون هذا يطحن لهذا، و ذلک بيني لذلک، و ذلک يخيط لاخر، و هکذا، فمن ذلک احتاجوا الي بناء البلاد و اجتماع الاحاد، و اضطروا الي عقد المعاملات. و بالجمله لابد في بقاء الانسان من الاجتماع و المعاونه، و التعاون لا يتم الا بالمعامله و لابد في المعامله من قانون عدل، اذ لو ترک الناس و آراوهم في ذلک لاختلقوا فيه، فيري کل احد منهم ماله عدلا ما عليه ظلما و جورا نظرا الي ان کل احد بالذات و الطبع طالب لجلب المنفعه لنفسه و دفع المضره، عن نفسه کما هو واضح، فعلم وجه الحاجه في المعاملات الي القانون العدل. و لابد لذلک القانون من مقنن و معدل و لا يجوز ان يکون ذلک المعدل ملکا، بل لابد و ان يکون بشرا، ضروره ان الملک لا يمکن رويه اکثر الناس له لان قواهم لا يقوي علي رويه الملک علي صورته الاصليه، و انما رآهم الافراد من الانبياء بقوتهم القدسيه، و لو فرض ان يتشکل بحيث يرا

ه جميع الخلق کان ملتبسا عليهم کالبشر کجبرئيل في صوره دحيه، و لذلک قال سبحانه: (و لو جعلناه ملکا لجعلناه رجلا و للبسنا عليهم ما يلبسون) و لابد ان يکون المعدل له خصوصيه ليست لساير الناس حتي يستشعر الناس فيه امرا لا يوجد لهم فيتميز به منهم، فيکون له المعجزات التي اخبر نابها، و الحاجه الي هذا الانسان في بقاء نوع البشر اشد من کثير من المنافع التي لا ضروره فيها للبقاء، کانبات الشعر علي الحاجبين و تقعير الاخمص للقدمين و ما يجري مجراهما من منافع الاعضاء التي بعضها للزينه و بعضها للسهوله في الافعال و الحرکات، و وجود هذا الانسان الصالح لان يشرع و يعدل ممکن، و تاييده بالمعجزات الموجبه لاذعان الخلق له ايضا ممکن، فلا يجوز ان تکون العنايه الاولي تقتضي تلک المنافع و لا تقتضي هذه التي هي اصلها و عمدتها. فاذا تمهدت هذه المقدمات فثبت و تبين انه واجب ان يوجد نبي و ان يکون انسانا و ان يکون له خصوصيه ليست لساير الناس، و هي الامور الخارقه للعادات، و يجب ان يسن للناس سننا باذن الله و امره و وحيه و انزال الملک اليه، و يکون الاصل الاول فيما يسنه تعريفه اياهم ان لهم صانعا قادرا واحدا لا شريک له، و ان النبي عبده و رسوله، و انه عالم با

لسر و العلانيه، و انه من حقه ان يطاع امره، و انه قد اعد للمطيعين الجنه و للعاصين النار حتي يتلقي الجمهور احکامه المنزله علي لسانه من الله و الملائکه بالسمع و الطاعه. و الي هذا البرهان اشار الصادق (ع) فيما رواه في الکافي باسناده عن هشام بن الحکم عنه (ع) انه قال للزنديق الذي ساله من اين اثبت الانبياء و الرسل؟ قال: انا لما اثبتنا ان لنا خالقا صانعا متعاليا عنا و عن جميع ما خلق، و کان ذلک الصانع حکيما متعاليا لم يجز ان يشاهده خلقه و لا يلامسوه فيبا شرهم و يباشرونه و يحاجوهم و يحاجونه، ثبت ان له سفرا في خلقه يعبرون عنه الي خلقه و عباده، و يدلونهم علي مصالحهم و ما به بقاوهم، و في ترکه فناوهم، فثبت الامرون و الناهون عن الحکيم العليم في خلقه، و المعبرون عنه جل و عز هم الانبياء و صفوته من خلقه حکما مودين بالحکمه مبعوثين بها غير مشارکين للناس علي مشارکتهم لهم في الخلق و الترکيب في شي‏ء من احوالهم، مويدين عند الحکيم العليم بالحکمه، ثم ثبت ذلک في کل دهر و زمان مما اتت به الرسل و الانبياء من الدلائل و البراهين لکيلا يخلو ارض الله من حجه يکون معه علم يدل علي صدق مقالته و جواز عدالته هذا. و قال بعض شراح الکافي في شرح قوله

(ع): ثم ثبت ذلک في کل دهر و زمان مما اتت به الرسل و الانبياء من الدلائل و البراهين: يعني انه ثبت وجود النبي في کل وقت من جهه ما اتوابه من المعجزات و خوارق العادات، کان قائلا يقول: ان الذي ذکرته من البرهان قد دل علي حاجه الناس في کل زمان بوجود النبي و انه يحب من الله بعثه الرسل و الانبياء و ارسالهم، و لکن من اي سبيل تعلم الناس النبي و يصدق بنبوته و رسالته، فاجيب بانه ثبت ذلک عليهم بمشاهده ما اتت به الرسل و النبيون من الدلائل و البراهين، عين المعجزات الظاهره منهم، و هي المراد هيهنا بالدلائل و البراهين اذ الناس لا يذعنون الا بما يشاهدونه و قوله (ع): لکيلا يخلو ارض الله من حجه يکون معه علم يدل علي صدق مقالته و جواز عدالته تعليل متعلق بقوله: ثم ثبت ذلک فيکل دهر، و وجه التعليل ان ما دامت الارض باقيه و الناس موجودون فيها فلابد لهم من حجه لله عليهم يقوم بامرهم و يهديهم الي سبيل الرشاد و حسن المعاد، و هو الحجه الظاهره و لابد ان يکون معه علم بالله و آياته يدل علي صدق مقالته و دعوته اللناس و علي جريان حکمه عليهم و جواز عدالته فيهم، و هو الحجه الباطنه انتهي. و به ظهر الوجه في عدم اخلائه سبحانه خلقه من نبي مرسل علي ما صرح

به الامام (ع)، کما ظهر وجه قوله (ع): (او حجه لازمه) اي لازمه علي الخلق (او محجه قائمه) اي طريقه عدل يقفون و لا يميلون عنها يمينا و يسارا، و المراد بها هنا هي الشريعه کما قال سبحانه: (و لکل جعلنا منکم شرعه و منهاجا) و قال: (و شرع لکم من الدين ما وصي به نوحا) ثم ان الحجه قد تطلق و يراد بها الکتاب، و قد تطلق علي الامام المعصوم الذي يکون مقتدي للخلائق ياتمون به و يتعلمون منه سبيل الهدي و طريق التقوي، نبيا کان او وصيا، و هو المراد منها فيما رواه في الکافي باسناده عن ابي‏اسحاق عمن يثق به من اصحاب اميرالمومنين، ان اميرالمومنين (ع) قال: اللهم انک لا تخلي ارضک من حجه لک عليهم ليهتدوا به سبيلک، و يسلکوا به سبيل قربک و رحمتک و ينجوبه عن معصيتک و عقابک. و قد تطلق و يراد بها العقل، فانه حجه لله علي الناس في الباطن کما ان النبي و الامام حجه في الظاهر، و قد وردت به الاخبار المستفيضه عن ائمتنا عليهم‏السلام. اذا عرفت ذلک فنقول، الظاهر بل المتعين ان المراد بها هنا هو الامام المعصوم اعني الوصي بخصوصه، لعدم امکان اراده النبي و الکتاب لسبق ذکرهما و عدم امکان اراده العقل لان حجيته منحصره في المستقلات العقليه لا مجال له في غيرها،

فلا يعرف الحق من الباطل في الامور التي عجزت عن ادراکها عقول البشر بافکارها، و انما يعرفها الامام بنور الالهام فلا يتم اللطف منه تعالي علي خلقه بعد النبي (ص) الا بوجوده (ع) فيهم. و بذلک ظهر فساد ما توهمه الشارح المعتزلي من جعله الحجه في العباره حجه العقل حيث قال: و منها ان يقال الي ماذا يشير (ع) بقوله او حجه لازمه، هل هو اشاره الي ما يقوله الاماميه من انه لابد في کل زمان من وجود امام معصوم، الجواب انهم يفسرون هذه اللفظه بذلک، و يمکن ان يکون المراد بها حجه العقل انتهي. وجه الفساد ما ذکرنا، و نزيد توضيحا و نقول: ان الله سبحانه حجتين: داخليه و خارجيه، و الناس اما اهل بصيره عقليه ام اهل حجاب، فالحجه علي اهل البصيره انما هي عقولهم الکليه العارفين بها بالمصالح و المفاسد الکامنه الواقعيه، فلا حاجه لهم الي اتباع الحجه الخارجيه، بل حجه الله عليهم بصيرتهم و نور عقلهم و هداهم، و اما اهل الحجاب و ذو العقول الناقصه فالحجه عليهم انما هي الخارجيه، لعدم احاطه عقولهم بالجهات المحسنه و المقبحه، فلا يکمل اللطف في حقهم الا بقائد خارجي يتبعون به، اذا الاعمي يحتاج في قطع السبيل الي قائد خارجي يتبعه تقليدا في کل قدم و هو واضح. فقد

تحصل مما ذکرنا ان المراد بالحجه في کلامه (ع) هو الامام المعصوم کما قد ظهر مما بيناه هنا و فيما سبق في شرح قوله من نبي مرسل: لزوم وجود الحجه في الخلق، لمکان الحاجه. و مخلص ما ذکرناه هنا و سابقا ان نظام الدنيا و الدين لا يحصل الا بوجود امام يقتدي به الناس و ياتمون به و يتعلمون منه سبيل هداهم و تقواهم، و الحاجه اليه في کل عصر و زمان اعظم و اهم من الحاجه الي غذاهم و کساهم و ما يجري مجراهما من المنافع و الضرورات، فوجب في العنايه الربانيه ان لا يترک الارض و لا يدع الخلق بغير امام نبيا کان اوصيا، و الا لزم احد الامور الثلاثه: اما الجهل و عدم العلم بتلک الجاجه، او النقص و عدم القدره عغلي خلقه، او البخل و الضنه بوجوده و الکل محال علي الله سبحانه هذا. و يطابق کلام الامام (ع) ما رواه في الکافي عن علي بن ابراهيم عن محمد ابن عيسي عن محمد بن الفضيل عن ابي‏حمزه عن ابي‏جعفر (ع) قال: قال: و الله ما ترک الله ارضا منذ قبض الله آدم الا فيها امام يهتدي به الي الله، و هو حجه علي عباده و لا تبقي الارض بغير امام حجه لله علي عباده. و عن ابي‏بصير عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: ان الله اجل و اعظم من ان يترک الارض بغير امام عادل. و ايضا عنا

ابي‏بصير عن احدهما (ع)، قال: قال: ان الله لم يدع الارض بغير عالم، و لو لا ذلک لم يعرف الحق من الباطل، يعني في الامور التي تعجز عن ادارکها العقول حسبما مر سابقا. و في الاخبار الکثيره المستفيضه بل القريبه من التواتر المعنوي المرويه في الکافي و علل الشرايع و اکمال الدين و رجال الکشي و غيرها ان الارض لو بقيت بغير امام لساخت، يقال: ساخت الارض بهم انخسفت، و المراد به في الاخبار اما غوصها في الماء حقيقه او کنايه عن هلاک البشر و ذهاب نظامها کما نبه عليه المحدث المجلسي طاب ثراه في مراه العقول ثم انه (ع) وصف المرسلين بانهم رسل (لا يقصر بهم قله عددهم) اي عن نشر التکليف و حمل اعباء الرساله (و لا کثره المکذبين لهم) اي عن تبليغ الاحکام و اداء الامانه، و هذا الکلام صريح في عدم جواز التقيه علي الانبياء. و منه يظهر فساد ما نسبه الفخر الرازي الي الاماميه من تجويزهم الکفر علي الانبياء تقيه حسبما مر في تذييلات الفصل الثاني عشر في باب عصمه الانبياء عليهم‏السلام، ضروره ان اقتداء الاماميه رضوان الله عليهم انما هو علي امامهم (ع)، و مع تصريحه (ع) بما ذکر کيف يمکن لهم المصير الي خلاف قوله (ع) هذا. مضافا الي ما اوردناه عليه سابقا بل و

مع الغض عن تصريحه (ع)، بذلک ايضا نقول: کيف يمکن ان يتفوه ذو عقل بصدور کلمه الکفر عن نبي مع ان بعث النبي ليس الا لحسم ماده الکفر، نعوذ بالله همن هذه الفريه البينه و ذلک البهتان العظيم، ثم انه (ع) بين الرسل و ميزهم بقوله: (من سابق سمي له من بعده او غابر) اي لا حق (عرفه من قبله) يعني انهم بين سابق سمي لنفسه من بعده، بمعني انه عين من يقوم مقامه من بعده، او ان السابق سمي الله له من ياتي بعده و اطلعه عليه، و بين لا حق عرفه من قبله و بشربه، کتعريف عيسي (ع) و بشارته بالنبي (ص) کما قال سبحانه حکايته عنه: (و مبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد). و قد مر في حديث الکافي عند شرح قوله: و اصطفي من ولده انبياء اه، تفصيل بشاره الانبياء السلف للخلف سلام الله عليهم اجمعين فتذکر. الترجمه: پس فرو فرستاد او را بسراي محنت و امتحان و بخانه‏ي تناسل نسل و زائيدن اولاد، و برگزيد او سبحانه از اولاد او پيغمبران را در حالتي که اخذ فرمود بر ابلاغ وحي عهد و پيمان ايشان را، و بر رساندن رسالت امانت آنها را در حيني که تبديل کردند بيشتر خلايق پيمان خدا را که بسوي ايشان است، پس جاهل و نادان شدند حق او را و فرا گرفتند شريکان و امثال مر او را، و

برگردانيدند ايشان را شياطين از شناخت او، و بريدند ايشان را از پرستش او، پس مبعوث و برانگيخته فرمود در ميان ايشان فرستادگان خود را، و پي‏درپي فرستاد بسوي ايشان پيغمبران خود را، تا طلب ادا کنند از ايشان عهد فطرت و پيمان خلقت خود را که مخلوق شده بودند بر آن که عبارتست از توحيد و معرفت، و تا اينکه يادآوري نمايند ايشان را نعمتهاي فراموش شده‏ي او را و اتمام حجت بکنند بر ايشان با تبليغ و رساندن احکام، و برانگيزانند از براي ايشان دفينه‏هاي عقلها و خزاين فهمها، و بنمايند ايشان را علامات قدرت خداوندي را که آن امارات قدرت عبارتست از آسماني که در بالاي ايشان برافراشته و فراشي است که در زير آنها نگاه داشته، و معيشتهائي است که زنده ميدارد ايشان را، و اجلهائي که فاني مي‏سازد ايشان را، و بيماريهائي که پير فاني مي‏گرداند ايشان را، و مصيبتهائيکه پي‏درپي مي‏آيد بر ايشان. الترجمه: و خالي نگذاشت حق سبحانه و تعالي مخلوقان خود را از پيغمبر مرسلي يا از کتاب منزلي يا برهاني لازم که عبارتست از امام معصوم يا طريقه‏ي مستقيمه‏ي که عبارتست از شريعت قويمه آنها، رسولاني هستند که قاصر نمي‏کند يا مقصر نمي‏کند آنها را کمي عدد ايشان از تبليغ ر

سالت، و نه بسياري تکذيب کنندگان ايشان از اداء وحي و امانت، طايفه از ايشان سابق بودند که نام ميبردند بجهت خود آن کسي را که بعد از اوست، يا اينکه خداوند عالم نام برد آن کسي را که بعد از او بود، و طايفه ديگر لاحق بودند که تعريف کرده بود او را آن کسي که پيش از او بود.

[صفحه 162]

اللغه: (نسل) نسلا من باب ضرب کثر نسله، و يتعدي الي مفعول يقال: نسلته اي ولدته و نسل الماشي ينسل بالضم و بالکسر نسلا و نسلا و نسلانا اسرع، و نسلت القرون اي ولدت او اسرعت و (سلف) سلوفا من باب قعد مضي و انقضي و (خلفته) جئت بعده، و الخلف بالتحريک الولد الصالح، فاذا کان فاسدا اسکنت اللام و ربما استعمل کل منهما مکان الاخر و (الميثاق) و الموثق کمجلس العهد و (السمات) جمع السمه و هي العلامه و (الميلاد) کالمولد وقت الولاده و لم يستعمل في الموضع کما توهمه الشارح البحراني بل مختص بالزمان، و المولد يطلق علي الوقت و الموضع کما صرح به الفيومي (و الملل) جمع المله و هي الشريعه و الدين (و الاهواء) جمع هوا بالقصر اراده النفس (و طرائق متشتته) اي متفرقه و (الملحد) من الالحاد يقال الحد و لحد اذحاد عن الطريق و عدل عنه و (الانقاذ) کالنقذ و الاستنقاذ التخليص و (المکان) مصدر بمعني الکون. الاعراب: قوله (ع): علي ذلک متعلق بالفعل الذي يليه، و اللام في قله لانجاز عدته تعليل للبعث متعلق به، و ماخوذا و مشهوره و کريما منصوبات علي الحاليه من محمد (ص)، کما ان محل الجمله اعني قوله (ع): و اهل الارض اه، کذلک، و ملل و اهواء و طرائق م

رفوعات علي الخبريه من اهل الارض، و اسنادها اليه من باب التوسع، و الاصل ذو ملل متفرقه، و قيل: ان المبتداء محذوف اي مللهم ملل متفرقه، و اهواوهم اهواء منتشره، و طرائقهم طرائق متشتته، و بين ظرف متعلق بقوله: متشتته، و هو من الظروف المبهمه لا يتبين معناه الا بالاضافه الي اثنين فصاعدا او ما يقوم مقامه کقوله تعالي: عوان بين ذلک. قال الفيومي في المصباح: و المشهور في العطف بعدها ان يکون بالواو، لانها للجمع المطلق، نحو المال بين زيد و عمرو، و اجاز بعضهم بالفاء مستدلا بقول امرء القيس: بين الدخول فحومل، و اجيب بان الدخول اسم لمواضع شتي، فهو بمنزله قولک المال بين القوم و بها يتم المعني انتهي. اذا عرفت ذلک فاقول: الظاهر ان کلمه او في قوله: او ملحد، او مشير، بعني الواو اجرا للفظ بين علي ما هو الاصل فيه، مضافا الي عدم معني الانفصال هيهنا، و قول الشارح البحراني، ان الانفصال هنا لمنع الخلو فاسد، ضروه ان بعض اهل الارض عند بعثه النبي (ص) کان من اهل التوحيد حسبما تعرفه و هولاء ليس داخلا في احد الاصناف الثلاثه فافهم جيدا، و الباء في بمکانه سببيه، اي انقذهم بسبب کونه و وجوده (ع) من الجهاله. المعني: اعلم انه (ع) ساق هذه الخطبه بما ا

قتضاه الترتيب الطبيعي، اي من لدن آدم (ع) الي بعث محمد (ص) و هدايه الخلق به و اقتباسهم من انوار وجوده الذي هو المقصود العمده في باب البعثه، فقال (ع) (علي ذلک) يعني علي هذا الاسلوب الذي ذکرناه من عدم اخلاء الارض و الخلق من الانبياء و الحجج (نسلت القرون) و ولدت او اسرعت، و هو کنايه عن انقضائها (و مضت الدهور، و سلفت الاباء) اي تقدموا و انقضوا (و خلفت الابناء) اي جائوا بعد آبائهم و صاروا خليفه لهم (الي ان بعث الله) النبي الامي العربي القرشي الهاشمي الا بطحي التهامي المضطفي من دوحه الرساله، و المرتضي من شجره الولايه (محمدا (ص) لانجاز عدته) التي وعدها لخلقه علي السنه رسله السابقين بوجوده (ع) (و لا تمام نبوته) الظاهر رجوع الضمير فيه الي الله سبحانه، و قيل: برجوعه الي محمد (ص) و لا يخلو عن بعد. و ينبغي الاشاره الي الحجج الذين لم يخل الله سبحانه خلقه منهم من لدن آدم (ع) الي بعث نبينا صلوات الله عليهم اجمعين فنقول: روي الصدوق في الامالي عن ابن المتوکل عن الحميري عن ابن عيسي عن الحسن بن محبوب عن مقاتل بن سليمان عن ابي‏عبدالله الصادق (ع)، قال: قال رسول‏الله (ص): انا سيد النبيين، و وصيي سيد الوصيين، و اوصيائي ساده الاوصياء

، ان آدم سال الله عز و جل ان يجعل له وصيا صالحا، فاوحي الله عز و جل اليه اني اکرمت الانبياء بالنبوه ثم اخترت خلقا (خلقي خ ل) و جعلت خيارهم الاوصياء فقال آدم: يا رب اجعل وصيي خير الاوصياء، فاوحي الله عز و جل اليه يا آدم اوص الي شيث و هو هبه الله بن آدم، و اوصي شيث الي ابنه شبان، و هو ابن نزله الحوراء التي انزلها علي آدم من الجنه فزوجها ابنه شيثا، و اوصي شبان الي محلث، و اوصي محلث الي محوق و اوصي محوق الي عثميا، و اوصي عثميا الي اخنوخ و هو ادريس النبي و اوصي ادريس الي ناخور و دفعها ناخور الي نوح النبي و اوصي نوح الي سام، و اوصي سام الي عثامر و اوصي عثامر الي برغيثاشا و اوصي برغيثاشا الي يافث، و اوصي يافث الي بره، و اوصي بره الي جفشيه، و اوصي جفشيه الي عمران، و دفعها عمران الي ابراهيم الخليل (ع): و اوصي ابراهيم الي ابنه اسماعيل، و اوصي اسماعيل الي اسحاق، و اوصي اسحاق الي يعقوب، و اوصي يعقوب الي يوسف، و اوصي يوسف الي بريثا، و اوصي الي شعيب، و دفعها شعيب الي موسي بن عمران، و اوصي موسي بن عمران الي يوشع بن نون، و اوصي يوشع بن نون الي داود، و اوصي داود الي سليمان، و اوصي سليمان الي آصف بن برخيا و اوصي آصف بن برخيا

الي زکريا، و اوصي (دفعها خ ل) زکريا الي عيسي بن مريم و اوصي عيسي بن مريم الي شمعون بن حمون الصفا، و اوصي شمعون الي يحيي. ابن زکريا، و اوصي يحيي بن زکريا الي منذر، و اوصي منذر الي سليمه، و اوصي سليمه الي برده. ثم قال رسول‏الله (ص): و دفعها الي برده، و انا ادفعها اليک يا علي، و انت تدفعها الي وصيک، و يدفعها وصيک الي اوصيائک من ولدک واحدا بعد واحد حتي تدفع الي خير اهل الارض بعدک، و لتکفرن بک الامه، و لتختلفن عليک اختلافا شديدا الثابت عليک کالمقيم، و الشاذ عنک في النار، و النار مثوي للکافرين. و قد مضي في شرح قوله (ع): و اصطفي من ولده انبياء اخذ علي الوحي ميثاقهم، ما يوجب ازدياد البصيره في المقام فراجعه و قوله (ع): (ماخوذا علي النبيين ميثاقه). اقول: قد عرفت في الفصل الرابع عشر عند شرح قوله (ع): لما بدل اکثر خلقه عهد الله اليهم، ما دل علي اخذ ميثاق جميع الخلق علي توحيد الله تعالي و نبوه محمد (ص) و امامه الائمه عليهم‏السلام في عالم الميثاق. و ينبغي ان نذکر هنا بعض ما يفيد اخذ ميثاق النبيين بخصوصهم سلام الله عليهم، فاقول: قال سبحانه في سوره آل عمران: (و اذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتکم من کتاب و حکمه ثم جائکم رس

ول مصدق لما معکم لتومنن به و لتنصرنه قال: ئاقررتم و اخذتم علي ذلکم اصري، قالوا اقررنا، قال فاشهدوا و انا معکم من الشاهدين). قال الطبرسي عند تفسير الايه: و روي عن اميرالمومنين (ع) و ابن عباس و قتاده ان الله اخذ الميثاق علي الانبياء قبل نبينا (ص) ان يخبروا اممهم بمبعثه و رفعته، و يبشروهم به و يامروهم بتصديقه. و قال ايضا: و قد روي عن علي (ع) انه قال: لم يبعث الله نبيا آدم و من بعده الا اخذ عليه العهد لئن بعث الله محمدا و هو حي ليومنن به و لينصرنه، و امره بان اخذ العهد بذلک علي قوله و في تفسير علي بن ابراهيم القمي قال الصادق (ع) في قوله: (و اذ اخذ ربک بمن بني‏آدم- الايه) کان الميثاق ماخوذا عليهم بالربوبيه و لرسوله (ص) بالنبوه و لاميرالمومنين و الائمه عليهم‏السلام بالامامه فقال (الست بربکم) و محمد نبيکم و علي امامکم و الائمه الهادون ائمتکم؟ فقالوا: بلي، فقال الله تعالي. (ان تقولوا يوم القيمه) اي لئلا تقولوا يوم القيامه (انا کنا عن هذا غافلين) فاول ما اخذ الله عز و جل الميثاق علي الانبياء بالربوبيه و هو قوله (و اذ اخذنا من النبيين ميثاقهم) فذکر جمله الانبياء ثم ابرز افضلهم بالاسامي فقال: (و منک) يا محمد فقدم رسول‏

الله (ص) لانه افضلهم (و من نوح و ابراهيم و موسي و عيسي بن مريم) فهولاء الخمسه افضل الانبياء و رسول‏الله (ص) افضلهم، ثم اخد بعد ذلک ميثاق رسول‏الله (ص) علي الانبياء بالايمان به و علي ان ينصروا اميرالمومنين، فقال: (و اذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتکم من کتاب و حکمه ثم جائکم رسول مصدق لما معکم) يعني رسول‏الله (ص) (لتومنن به و لتنصرنه) يعني اميرالمومنين (ع) تخبروا اممکم بخبره و خبر وليه من الائمه. و في البحار عن کشف الغمه من کتاب بکر بن محمد الشامي باسناده عن ابي‏الصباح الکناني عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال: اتي رجل اميرالمومنين (ع) و هو في مسجد الکوفه قد احتبي بسيفه، قال: يا اميرالمومنين ان في القرآن آيه قد افسدت قلبي و شککتني في ديني، قال (ع) له: و ما هي؟ قال: قوله عز و جل: (و اسئل من ارسلنا من قبلک من رسلنا) هل کان في ذلک الزمان نبيا غيره (ص) يساله؟ فقال له علي (ع): اجلس اخبرک انشاء الله ان الله عز و جل يقول في کتابه: (سبحان الذي اسري بعبده ليلا من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي الذي بارکنا حوله لنريه من آياتنا) فکان من آيات الله عز و جل التي اراها محمدا (ص) انه اتاه جبرئيل فاحتمله من مکه فوافي به بيت‏

المقدس في ساعه من الليل، ثم اتاه بالبراق فرفعه الي السماء، ثم الي البيت المعمور، فتوضا جبرئيل و توضا النبي (ص) کوضوئه، و اذن جبرئيل و اقام مثني مثني، و قال للنبي: تقدم فصل و اجهر بصلاتک فان خلفک افقا من الملائکه لا يعلم عددهم الا الله، و في الصف الاول ابوک آدم و نوح و هود و ابراهيم و موسي و کل نبي ارسله الله مذ خلق السماوات و الارض الي ان بعثک يا محمد، فتقدم النبي (ص) فصلي بهم غير هائب و لا محتشم رکعتين، فلما انصرف من صلاته اوحي الله اليه اسال من ارسلنا من قبلک من رسلنا الايه، فالتفت اليهم النبي (ص)، فقال بم تشهدون؟ قالوا: نشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريک له، و انک رسول‏الله، و ان عليا اميرالمومنين و وصيک و کل نبي مات خلف وصيا من عصبته غير هذا، و اشاروا الي عيسي بن مريم، فانه لاعصبه له، و کان وصيه شمعون الصفا ابن حمون بن عمامه، و نشهد انک رسول‏الله سيد النبيين، و ان علي بن ابيطالب (ع) سيد الوصيين، اخذت علي ذلک مواثيقنا لکما بالشهاده، فقال الرجل احييت قلبي و فرجت عني يا اميرالمومنين. و فيه ايضا عن بصائر الدرجات باسناده عن حمران عن ابيجعفر(ع) قال: ان الله تبارک و تعالي اخذ الميثاق علي اولي العزم اني ربکم و

محمد رسولي و علي اميرالمومنين و اوصياوه من بعده ولاه امري و خزان علمي، و ان المهدي انتصر به لديني الي عيز هذه مما يطلع عليه المتتبع (مشهوره سماته) اي صفاته و علاماته في الکتب المنزله و الصحف المساويه من التواره و الزبور و الانجيل و صحف ابراهيم و دانيال و کتاب زکريا و شعيا و غيرها، قال سبحانه في سوره البقره: (الذين آتيناهم الکتاب يعرفونه کما يعرفون ابنائهم) يعني يعرفون محمدا (ص) بنعته و صفته و مبعثه و مهاجره و صفه اصحابه کما يعرفون ابنائهم في منازلهم، و قال ايضا في سوره الاعراف: (الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يحدونه مکتوبا عندهم في التورات و الانجيل) روي العياشي عن الباقر (ع) يعني اليهود و النصاري صفه محمد و اسمه. و في الصافي عن المجالس عن اميرالمومنين (ع) في حديث قال يهودي لرسول‏الله (ص) اني قرات نعتک في التوراه محمد بن عبدالله، مولده بمکه، و مهاجره بطيبه ليس بفظ و لا غيظ و لا سخاب و لا مترنن بالفحش و لا قول الخنا، و انا اشهد ان لا اله الا الله و انک رسول‏الله، هذا مالي فاحکم فيه بما انزل الله. و في الکافي عن الباقر (ع) لما انزلت التوراه علي موسي بشر بمحمد (ص)، قال: فلم تزل الانبياء تبشر به حتي بعث ال

له المسيح عيسي بن مريم (ع) فبشر بمحمد (ع)، و ذلک قوله: يجدونه يعني اليهود و النصاري، مکتوبا، يعني صفه محمد عندهم، يعني في التوراه و الانجيل، و هو قول الله عز و جل يخبر عن عيسي: (و مبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد) و قد مضي تمامه عند شرح قوله (ع): و اصطفي من ولده انبياء، اخذ علي الوحي و في الکافي ايضا مرفوعا ان موسي (ع) ناجاه ربه تبارک تعالي، فقال في مناجاته: اوصيک يا موسي وصيه الشفيق المشفق بابن البتول عيسي بن مريم، و من بعده بصاحب الجمل الاحمر الطيب الطاهر المطهر، فمثله في کتابک انه مهيمن علي الکتب کلها، و انه راکع ساجد راغب راهب، اخوانه المساکين و انصاره قوم آخرون (کريما ميلاده) اي وقت ولادته (ص)، فقد تولد و کان طالع ولادته علي ما حکاه المجلسي قد عن ابي‏معشر: الدرجه العشرون من جدي، و کان زحل و المشتري في العقرب، و المريخ في بيته في الحمل، و الشمس في الحمل في الشرف، و الزهره في الحوت في الشرف، و العطارد ايضا في الحوت، و القمر في اول الميزان، و الراس في الجوزاء، و الذنب في القوس. و روي ايضا اتفاق الحکماء علي ان طالعه (ص) المشتري و العطارد و الزهره و المريخ، و قالوا ان نظر المشتري علامه العلم و الحکمه و ال

فطنه و الکياسه و الرياسه له (ص)، و ان نظر العطارد کان آيه لطافته و ظرافته و ملاحته و فصاحته و حلاوته (ص)، و ان نظر الزهره دليل صباحته و سروره و بشاشته و حسنه و طيبه و بهائه و جماله و دلاله (ص)، و ان نظر المريخ علامه شجاعته و جلادته و محاربته و قتاله و قهره و غلبته. و اما تاريخ ولادته (ص) فقد قال في الکافي: انه ولد (ص) لاثنتي عشره ليله مضت من شهر ربيع الاول في عام الفيل يوم الجمعه مع الزوال. و روي ايضا عند طلوع الفجر قبل ان يبعث باربعين سنه، و حملت به امه ايام التشريق عند الجمره الوسطي، و کانت في منزله عبدالله بن عبدالمطلب و ولدته في شعب ابي‏طالب في دار محمد بن يوسف في الزاويه القصوي عن يسارک و انت داخل في الدار، و قد اخرجت الخيزران ذلک البيت فصيروه مسجدا يصلي الناس فيه، انتهي کلامه رفع مقامه. اقول: اما ما ذکره من کون تولده في ثاني عشر من شهر ربيع الاول فهو المشهور بين الجمهور و لعله (ره) وافقهم علي ذلک تقيه، و لبعض العامه قول بکونه من ثامن ذلک الشهر، و قول آخر بانه في عاشره و قول شاذ بکونه في شهر رمضان. و المشهور في اخبارنا و بين اصحابنا بل المدعي عليه اجماعنا في جمله من العباير ان تولده (ص) في السابع عشر. و

اما ما ذکره من ان امه حملت به في ايام التشريق عند الجمره الوسطي يستلزم بقائه في بطن امه اما ثلاثه اشهر او سنه و ثلاثه اشهر مع انه خلاف ما اتفق عليه اصحابنا من کون اقل مده الحمل سته اشهر و اکثرها تسعه، و لم يقل احد ايضا بکون ذلک من خصايصه و لا وردت عليه روايه. و اجاب عنه جمع من الاصحاب کالمجلسي (ره) و المحدث الجزايري (ره) و غيرهما بانه مبني علي النسي‏ء المراد بقوله: (انما النسي‏ء زياده في الکفر) و ذلک ان المشرکين کانوا يوخرون موسم الحج، فمره کانوا يحجون في صفر و اخري في محرم و هکذا، تبعا لاعتدال الوقت و الهوآء و کان حجهم في سنه تولده في جمادي الاخره. قال الجزائري و يويده ما رواه ابن طاوس في کتاب الاقبال انه (ص) حملت به امه في ثمان عشر مضت من جمادي الاخره، و لما فتح النبي (ص) مکه کان حجهم في شهر ذي الحجه فقال الادن دار الزمان کما کان فلا يجوز لاحد تغييره و لا تبديله انتهي. و کيف کان فقد کان مولده علي مذهب الشيعه اليوم السابع عشر من شهر ربع الاول و بعث للرساله يوم السابع و العشرين من رجب و له حينئذ اربعون سنه (و) قد کان (اهل الارض يومئذ) اي يوم بعثه و تصديعه بالرساله ذي (ملل) و شرايع (متفرقه و اهواء) اي آرا (من

تشره و طرائق) اي مسالک (متشتته) و متفرقه و مذاهب مختلفه (بين مشبه لله بخلقه، او ملحد في اسمه، او مشير الي غيره). قال الشارح المعتزلي: ان العلماء يذکرون ان النبي (ص) بعث و الناس اصناف شتي في اديانهم، يهود و نصاري و مجوس و صابئون و عبده اصنام و فلاسفه و زنادقه، فاما الامه التي بعث فيها محمد (ص) فهم العرب و کانوا اصنافا شتي، فمنهم معطله، و منهم غير معطله، فاما المعطله منهم فبعضهم انکر الخالق و البعث و الاعاده و قالوا: ما قال القرآن العزيز منهم: (ما هي الا حيوتنا الدنيا نموت و نحيي و ما يهلکنا الا الدهر) فجعلوا الجامع لهم الطبع و المهلک الدهر، و بعضم اعترف بالخالق سبحانه و انکر البعث، و هم الذين اخبر سبحانه عنهم بقوله: (قال من يحيي العظام و هي رميم) و منهم من اقروا بالخالق و نوع من الاعاده، و انکروا الرسل و عبدوا الاصنام و زعموا انها شفعاء عند الله في الاخره و حجوا لها و نحروا لها الهدي و قربوا لها القربان و حللوا و حرموا، و هم جمهور العرب، و هم الذين قال الله تعالي عنهم: (و قالوا ما لهذا الرسول ياکل الطعام و يمشي في الاسواق) و کانوا في عباده الاصنام مختلفين، فمنهم من يجعلها مشارکه للباري جل اسمه و يطلق عليها لفظ

الشريک، و منهم من لا يطلق عليها لفظ الشريک و يجعلها وسائل و ذرايع الي الخالق سبحانه و هم الذين قالوا: (انما نعبدهم ليقربونا الي الله زلفي) و کان في العرب مشبهه و مجسمه، و کان جمهورهم عبده الاصنام فکان و دلکلب بدومه الجندل، و سواع لهذيل و نسر لحمير، و يغوث لهمدان، و اللات لسقيف بالطايف، و العزي لکنانه و قريش و بعض بني‏سليم، و مناه لغسان و الاوس و الخزرج، و کان هبل لقريش خاصه علي ظهر الکعبه، و اساف و نائله علي الصفا و المروه، و کان في العرب من يميل الي اليهوديه، منهم جماعه من التبابعه و بلوک اليمن، و منهم نصاري کبني تغلب و العباديين رهط عدي بن زيد و نصاري نجران، و منهم من کان يميل الي الصابئه و يقول بالنجوم و الانواء، فاما الذين ليسوا بمعطله من العرب فالقليل منهم و هم المتالهون اصحاب الورع و التحرج عن القبايح، کعبدالله و عبدالمطلب و ابيطالب و زيد بن عمرو بن نفيل و قس بن ساعده الايادي، و جماعه غير هولاء، انتهي باختصار منا. اذا عرفت هذا فاقول: قوله (ع) بين مشبه لله بخلقه، اشاره الي بعض هذه الفرق، و هم المشبهه الذين شبهوا الله تعالي بالمخلوقات و مثلوه بالحادثات و اثبتوا له صفات الجسم. فمنهم مشبهه الحشويه، قالوا:

هو جسم لا کالاجسام، و مرکب من لحم و دم لا کاللحوم و الدماء، و له الاعضاء و الجوارح، و يجوز عليه الملامسه و المعانقه و المصافحه للمخلصين. و منهم الذين قالوا: ان الله علي العرش من جهه العلو مماس له من الصحفه العليا، و يجوز عليه الحرکه و الانتقال، قال اميه بن ابي‏الصلت: من فوق عرش جالس قد حط رجليه علي کرسيه المنصوب و منهم اليهود و النصاري الذين قالوا: (نحن ابناء الله و احباوه، و قالت اليهود عزيز ابن الله، و قالت النصاري المسيح ابن الله) و قالت اليهود: (يد الله مغلوله) و قد اثبتوا له سبحانه يدا و ولدا الي غير هولاء من المشبهه و المجسمه. و قوله (ع): او ملحد في اسمه اشاره الي فرقه اخري من هذه، و هم الذين يعدلون باسماء الله تعالي عما هي عنه فيسمون بها اصنامهم، و يغيرونها بالزياده و النقصان، فاشتقوا اللات من الله، و العزي من العزيز، و مناه من المنان و هذا المعني حکاه الطبرسي عن ابن عباس و مجاهد في تفسير قوله تعالي: (و لله الاسماء الحسني فادعوه بها و ذرو الذين يلحدون في اسمائه) ثم قال: و قيل: ان معني يلحدون في اسمائه يصفونه بما لا يليق به، و يسمونه بما لا يجوز تسميته به، و هذا الوجه اعم فائده، و يدخل فيه قوله الجب

ائي: اراد تسميتهم المسيح بانه ابن الله، ثم قال و في هذا دلاله علي انه لا يجوز ان يسمي الله الا بما سمي به نفسه. و قوله (ع): او مشير الي غيره اشاره الي الدهريه و بعض عبده الاصنام ممن لم يدخل في القسمين السابقين. و الحاصل ان الناس عند بعث النبي (ص) کانوا علي مذاهب مختلفه، و آراء متفرقه من اليهوديه و النصرانيه و المجوسيه و الدهريه و عبده الاصنام و غيرهم (فهداهم الله) سبحانه (به) (ص) ينوره وجوده (من الضلاله) و الغويه (و انقذهم بمکانه) اي خلصهم و انجاهم بکونه و وجوده (من) ظلمه (الجهاله) فانجلي به عين قلوب العارفين، و اضمحل باطل الشيطان بما جاء به من الحق اليقين. الترجمه: پس بر اين منوال منقضي ميشد قرنها و ميگذشت روز کارها، و از پيش رفتند پدران و از پس در آمدند و خليفه شدند پسران، تا اينکه برانگيخت خداوند عالم محمد بن عبدالله (ص) را بجهت روا کردن وعده‏ي خود که بانبياء گذشته داده بود، و بجهت تمام فرمودن نبوت خود در حالتيکه فرا گرفته بود بر پيغمبران عهد و پيمان او را در حالتيکه مشهور و معروف بود علامات و صفات او در کتب سماويه و صحف منزله، و در حالتيکه مشهور و معروف بود علامات و صفات او در کتب سماويه و صحف منزله، و د

ر حالتيکه شريف و عزيز بود وقت ولادت او و حال آنکه اهل زمين در روز بعثت او صاحبان ملل و مذاهب متفرقه بودند، و خداوندان هواها و رايهاي پراکنده و صاحبان راههاي مختلف در ميان، تشبيه کننده‏ي حق تعالي بمخلوقات خود و عدول کننده در اسماء حسناي او و اشاره‏کننده بر غير او، پس هدايت و راهنمايي فرمود ايشان را بنور وجود او از گمراهي، و خلاص فرمود آنها را بجهت هستي او از جهالت و ناداني.

[صفحه 175]

اللغه: (رغب) بالکسر من باب تعب اذا تعدي بکلمه في فبمعني الارداه و الميل، و اذا عدي بعن فبمعني الاعراض و العدول، يقال: رغب فيه رغبا و رغبه اذا اراده و رغب عنه اذا لم يرده و اعرض عنه و (البلوي) و البلاء بمعني واحد و (خلفوا) اثقالهم تخليفا خلوها وراء ظهورهم و (الهمل) محرکه مصدر همل کضرب يقال: ترکت الابل و الغنم و نحوهما هملا، اي سدي يرعي بعير راع ليلا و نهارا، و الهمل ايضا جمع هامل مثل همل و همال و زان رکع و کتاب، يقال: بغير هامل اي راع و لا راعي له و (العلم) هو العلامه و ما ينصب في الطريق لاهتداء الناس به من الميل و المنار و (الفضايل) جمع الفضيله و هو الخير، و هو خلاف النقيصه و (الفرايض) جمع الفريضه بمعني المفروضه، و هي الاحکام الواجبه يقال: فرض الله الاحکام اي اوجبها و (النسخ). ازاله ما کان ثابتا و (الرخص) جمع الرخصه کغرف و غرفه و هو التسهيل في الامر و التيسير يقال: رخص الشرع لنا في کذا ترخيصا و ارخص ارخاصا اذا يسره و سهله و (العزائم) جمع العزيمه و فسرها اهل اللغه باالفريضه و الظاهر بفريضه المقابله بالرخص اراده الفرايض المشتمله علي الجد و الضيق و (العبر) جمع عبره و هو الاعتبار و الاتعاظ بما مضي

و (المحکم) من اللفظ ما اتضح دلالته و (المتشابه) خلافه و (غمض) الحق غموضا من باب قعد خفي و نسب غامض لا يعرف و (المباين) بفتح الياء مفعول من باين بمعني المفاصل و (ارصد له) اي اعدله. الاعراب: کريما حال من مفعول قبضه، و کلمه ما مفعول لقوله خلف مجازا، و الاصل مثل ما خلفت، و اذ لم يترکوهم تعليل لتخليف الانبياء، و کتاب منصوب علي انه عطف بيان لما، و مبينا حال من فاعل خلف، و هو العامل فيه، و مفسرا حال بعد حال، و الضماير کلها راجعه الي الکتاب المشتمل علي الاحکام المذکوره، و بين ماخوذ متعلق بمقدر حال من الکتاب، اي حالکون ذلک الکتاب دائرا بين ماخوذ، و مباين بالجر عطف علي سابقه اي بين مباين بين محارمه. و ما توهمه الشارح المعتزلي و تبعه غيره من ان الواجب کونه بالرفع لا بالجر نظرا الي انه ليس معطوفا علي ما قبله، بدليل ان جميع ما قبله يستدعي الشي‏ء و ضده، او الشي‏ء و نقيضه و قوله و مباين بين محارمه لا نقيض و لا ضد له، لانه ليس القرآن العزيز علي قسمين احدهما مباين بين محارمه، و الاخر غير مباين، فان ذلک لا يجوز، فوجب رفع مباين و ان يکون خبر مبتدء محذوف. فيه انا ان اراد ان کلمه بين يستدعي الاضافه الي اثنين فصاعدا نقيضا کان احده

ما للاخر او ضدا نظر الي عدم تماميه المعني بدونهما، فقيه منع ذلک، لما قد عرفت في الفصل السابق من تجويزهم اضافته الي شي‏ء واحد يقوم مقام شيئين کما في قوله تعالي: عوان بين ذلک، و قول امرء القيس، بين الدخول فحومل، حيث ردوا من جوز العطف بعدها بالفاء، استدلالا بالبيت المذکور بان الدخول اسم لمواضع شتي و ان اراد ان جميع ما ذکره (ع) قبل قوله و مباين مما اقحم فيه کلمه بين قد ذکر (ع) فيه الشي‏ء و ضده او الشي‏ء و نقيضه، و مباين لو کان مجرورا بالعطف للزم ان يذکر له ضدا و نقيض و ليس فليس، ففيه ان کون ما قبله علي النسق المذکور لا يستدعي کون ذلک علي ذلک النسق ايضا، الا تري الي قوله (ع) بعد ذلک بين محارمه حيث لم يذکر له ضد و لا نقيض فان قلت: ان المحارم لما لم تکن شيئا واحدا بل بعضها من قبيل الکبائر و بعضها من قبيل الصغائر کما بينها بقوله (ع): من کبير اوعد عليه نيرانه او صغير اه لا جرم حسن الاکتفاء بها في مقام الاضافه قلت: اولا ان هذا هدم لما اسسته، و ثانيا ان المباين ليس ايضا شئيا واحدا شخصيا، بل هو مثل المحارم، و بعباره اخري الحرمه المباينه بين المحارم تابعه للمحارم في تعدد الافراد فافهم جيدا و اما قوله: لان القرآن العزيز ل

يس علي قسمين، احدهما مباين، و الاخر غير مباين، ففيه ان ذلک مما تضحک منه الثکلي، ضروره ان الکتاب ليس منحصرا في المباين، بل بعضه جدل و بعضه قصص و بعضه مثل و بعضه احکام و بعضه ترغيب و بعضه ترهيب، کما ان بعضه مباين بين محارمه الي غير ذلک مما اشتمل عليه، و بالجمله فقد تلخص مما ذکرنا کله ان مباين مجرور معطوف علي ما قبله و ليس بمرفوع علي انه خبر مبتدء محذوف، مضافا الي ان جعله مرفوعا خلاف ما يستفاد من سياق کلامه (ع) سابقا و لا حقا. المعني: (ثم) ان محمدا (ص) لما بلغ الرساله و ادي الامانه و اکمل الدين و اتم النعمه و هدي الامه من الضلاله و انقذها من الجهاله (اختار) الله (سبحانه) عند ذلک له اي (لمحمد (ص) لقائه، و رضي له ما عنده) مما لا عين رات و لا اذن سمعت و لا خطر علي قلب بشر (فاکرمه) و اعزه (عن) اللبث و البقاء في (الدار الدنيا، و رغب به) و صرفه (عن) اقامه (مقام) المحنه و (البلوي فقبضه) اي قبض روحه الشريف (اليه) اي الي قربه الروحاني حالکونه (کريما) شريفا (ص) و کان قبضه (ص) لاثنتي عشره ليله مضت من ربيع الاول يوم الاثنين، و هو ابن ثلاث و ستين سنه علي ما في الکافي، و الاشهر انه لليلتين بقيتا من صفر، و لم يمض (ص) حتي بين

للناس معالم دينهم، و اوضح لهم سبيلهم، و لم يترکهم بعده سدي و هملا، بل خلف فيهم الثقلين علي ما دل عليه الحديث المتواتر بين الفريقين و ياتي انشاء الله في شرح المختار السادس و الثمانين و غيره من المقام اللايق و المناسب. و من جمله طرقه الصدوق: قال: حدثنا احمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السکري عن محمد بن زکريا الجوهري عن جعفر بن محمد ابن عماره عن ابيه عن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن علي عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين عن ابيه علي بن ابيطالب سلام الله عليهم، قال: قال رسول‏الله (ص): اني مخلف فيکم الثقلين: کتاب الله و عترتي اهل بيتي، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض کهاتين، و ضم بين سبابتيه، فقام اليه جابر بن عبدالله، فقال: يا رسول‏الله من عترتک؟ قال (ص) علي و الحسن و الحسين و الائمه من ولد الحسين عليهم‏السلام الي يوم القيامه. و الي ذلک المعني اشار (ع) بقوله: (و خلف فيکم) اي خلي وراء ظهره مثل (ما خلقت الانبياء) السابقه و الرسل السالفه (في اممها) من آثار النبوه و اعلام الرساله (اذ لم يترکوهم هملا) اي لم يترکوا اممهم يفعلون ما يشائون کالابل التي رعت حيث تشاء و لا راعي لها ليلا و

نهارا، و يحتمل الجمع علي ما مر اي لم يترکوهم هاملين (بغير طريق واضح) يوصل الي مقام القرب و الزلفي (و لا علم قائم) بينهم ينجي بهم عن ورطه الهلاکه و الردي اقول: قد عرفت في الفصل السادس عشر ان بعث الانبياء و الحجج عليهم‏السلام انما هولان يدعوا الخلق الي الحق بالحکمه و الموعظه الحسنه، و ليکونوا سببا لانتظام امر معاشهم و معادهم، لمکان ما جائوا به من القانون العدل و الشرع السواء، و لاجل ذلک مست الحاجه علي ان ياتوا من عنده سبحانه بکتاب باق و علم قائم بعد انقراض قرن النبي المبعوث الي زمن مجي‏ء بعث النبي الاخر، ليکون تذکره لهم، و کيلا يندرس آثار النبوه من الارض و لا تنقطع بفقدانهم، و لا يکون الخلق ينسون ما ذکروا به و غافلين و کالهمل من الحيوان يعملون ما يشتهون، او کالهمج الرعاع لکل ناعق يصغون، و لما کان شرع نبينا (ص) مستمرا الي يوم القيامه وجب له ان يخلف لمن يليه ما يکون ذکري و تذکره في هذه المده المتطاوله و قد خلف الثقل الاکبر مضافا الي الثقل الاصغر و هو حبل ممدود من السماء الي الارض ينجي به من المهالک و من فارقه فهالک و بين فيه الحلال و الحرام و الحدود و الاحکام و جميع ما يحتاج اليه الناس کملا، و کما جعله الله سبحا

نه خاتما للانبياء فقد جعل کتابه خاتما للکتب، فلا کتاب بعده احل فيه حلالا و حرم حراما، فحلاله حلال الي يوم القيامه و حرامه حرام الي يوم القيامه فيه شرعکم و خبر من قبلکم و خبر من بعدکم و هو (کتاب ربکم) و جعله النبي (ص) علما باقيا و طريقا قائما بين امته حالکونه (مبينا حلاله و حرامه) کما قال تعالي: (احل الله البيع و حرم الربوا) و قد يجعل الحلال اعم من المباح و المکروه ليکون ذلک مع قوله (ع): (و فضائله و فرائضه) اشاره الي الاحکام الخمسه التي عليها مدار الفقه، ليکون الفضائل اشاره الي المندوبات، و الفرائض اشاره الي الواجبات، و ذلک مثل قوله سبحانه: (فاذا قضيتم الصلوه فاذکروا الله قياما و قعودا و علي جنوبکم فاذا اطماننتم فاقيموا الصلوه ان الصلوه کانت علي المومنين کتابا موقوتا) فان ذکر الله سبحانه بعد قضاء الصلاه و فعلها داخل في المندوبات، و اقامه الصلاه بعد الاطمينان موقوته مفروضه (و ناسخه و منسوخه) و المراد بالاول الحکم الرافع للحکم الثابت بالنص المتقدم، و يسمي الثاني و هو الحکم المرفوع منسوخا و مثال ذلک قوله تعالي: (و المحصنات من الذين اوتوا الکتاب من قبلکم) فانه منسوخ بقوله تعالي: (و لا تنکحوا المشرکات) و بقوله: (و

لا تمسکوا بعصم الکوافر) کما يدل عليه ما رواه في الکافي عن الحسن بن الجهم قال: قال لي ابوالحسن الرضا (ع): يا ابامحمد ما تقول في رجل يتزوج نصرانيه علي مسلمه؟ قلت جعلت فداک و ما قولي بين يدک، قال: لتقولن فان ذلک تعلم به قولي، قلت: لا يجوز تزويج نصرانيه علي مسلمه و لا علي غير مسلمه، قال: و لم؟ قلت: يقول الله عز و جل (و لا تنکحوا المشرکات حتي يومن) قال: فما تقول في هذه الايه (و المحصنات من المومنات و المحصنات من الذين اوتوا الکتاب من قبلکم) قلت: فقوله: و لا تنکحوا المشرکات نسخت هذه الايه فتبسم (ع) ثم سکت (و رخصه و عزائمه) الظاهر ان المراد بالعزائم الاحکام التي لا يجوز مخالفتها بحال من الاحوال، مثل وجوب الاعتقاد و الاقرار بالتوحيد کما قال تعالي: (فاعلم انه لا اله الا الله) و بالرخص ما يجوز مخالفته و اذن في ترکه في بعض الاحيان لقيام الداعي الي المخالفه کاکل الميته في حال المخمصه علي ما يدل عليه الايه الشريفه (انما حرم عليکم الميته و الدم و لحم الخنزير و ما اهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا اثم عليه) و قريب منه ما قيل: من ان الرخص ما اذن في فعله مع قيام السبب المحرم لضروره او غيرها، و العزائم ما کان من

الاحکام الشرعيه جاريا علي وفق سببه الشرعي اقول: و ذلک مثل صوم شهر رمضان، فانه رخصه بمعني انه يجوز ترکه في حق الحامل المقرب و المرضعه القليله اللبن و الشيخ و الشيخه، و يجب ترکه في حق المريض و المسافر، فيکون الافطار عزيمه لهما و (الصوم ظ) عزيمه في حق غيرهم من الجامعين لشرايط الوجوب، قال تعالي: (يا ايها الذين آمنوا کتب عليکم الصيام کما کتب علي الذين من قبلکم لعلکم تتقون، اياما معدودات، فمن کان منکم مريضا او علي سفر فعده من ايام اخر، و علي الذين يطيقونه فديه طعام مسکين، فمن تطوع خيرا فهو خير له، و ان تصوموا خير لکم ان کنتم تعلمون) فان الصيام عزيمه في حق المومنين، و رخص في ترکه لمن کان مريضا او علي سفر فيجب له الافطار کما رخص جوازا في حق الذين لهم طاقه و ليس لهم وسع من الحامل المقرب و نحوها ممن ذکرناه، و اليه الاشاره بقوله: و علي الذين يطيقونه، فانهم مرخصون في الافطار مخيرون بين الصوم و الفديه و ان يصوموا خير لهم ان کانوا يعلمون (و خاصيه و عامه) العام هو اللفظ الموضوع للدلاله علي استغراق اجزائه او جزئياته، و الخاص خلافه و الاول مثل قول تعالي: (اقيموا الصلوه و آتوا الزکوه) و قوله: (احل لکم الطيبات) و الثاني مثل قو

له: (و جاء رجل من اقصي المدينه) و يحتمل ان يکون المراد بالعام ما لفظه موضوع للعموم و اريد منه ذلک ايضا: کقوله تعالي: (و الله بکل شي‏ء عليم) و بالخاص ما لم يرد به ذلک و ان کان اللفظ موضوعا له، مثل قوله تعالي حکايه عن بلقيس: (و اوتيت من کل شي‏ء) فان لفظه عام و معناه خاص، لانها لم توت شيئا کثيرا منها الذکر و اللحيه و قوله: (يا بني‏اسرائيل اذکروا نعمتي التي انعمت عليکم و اني فضلتکم علي العالمين) لان معناه خاص، لانهم انما فضلوا علي اهل زمانهم باشياء خصهم بها (و عبره و امثاله) العبر جمع العبره ماخوذه من العبور الذي هو انتقال الجسم من مکان الي آخر، و معناها انتقال ذهن الانسان من شي‏ء الي آخر بسبب من الاسباب کانتقاله من المصائب و الالام الواقعه علي الغير الي نفسه فيقد رها کانها نازله به، فيحصل له بذلک رغبه عن الدنيا و ميل الي العقبي، قال تعالي: (فاخذه الله نکال الاخره و الاولي، ان في ذلک لعبره لمن يخشي) و هذا اکثر مواقع استعمالها، و قد يستعمل في الانتقال من آثار الصنع و القدره الي وجود الصانع و صفات کماله، قال سبحانه: (يقلب الله الليل و النهار ان في ذلک لعبره لاولي الابصار) و قال ايضا: (و ان لکم في الانعام لعبره نس

قيکم مما في بطونه من بين فرث و دم لبنا خالصا سائغا للشاربين) و اما الامثال فکقوله عز من قائل: (مثل الذين حملوا التوريه ثم لم يحملوها کمثل الحمار يحمل اسفارا) و قوله: (مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله کمثل حبه انبتت سبع سنابل في کل سنبله ماه حبه). (و مرسله و محدوده) المراد بالمرسل هو المطلق، و هو علي ما عرفه اکثر الاصوليين اللفظ الدال علي شايع في جنسه، و فرق الشهيد في التمهيد بينه و بين العام، بان المطلق هو الماهيه لا بشرط شي‏ء و العام هو الماهيه بشرط الکثره المستغرقه. و التفصيل في ذلک موکول الي الاصول، و المراد بالمحدود هو المقيد مثال الاول قوله تعالي: (و اذ قال موسي لقومه ان الله يامرکم ان تذبحوا بقره) و مثال الثاني قوله: (قال انه يقول انها بقره لا ذلول تثير الارض و لا تسقي الحرث مسلمه لا شيه فيها- الايه) (و محکمه و متشابه) قال تعالي: (هو الذي انزل عليک الکتاب منه آيات محکمات هن ام الکتاب و اخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنه و ابتغاء تاويله) و المحکم ماخوذ من حاکمت و احکمت بمعني رددت و منعت، و الحاکم يمنع الظالم من الظلم، و بناء محکم اي وثيق يمنع من تعرض له، و سميت

الحکمه حکمه لمنعها عما لا ينبغي، و التشابه ان يکون احد الشيئين شبيها بالاخر بحيث يعجز الذهن عن التميز بينهما، قال تعالي: (ان البقر تشابه علينا) و قال رسول‏الله (ص): حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلک، و لما کان من شان المتشابهين عجز الانسان عن التميز بينهما سمي کل ما لا يهتدي الانسان اليه بالمتشابه اطلاقا لاسم السبب علي المسبب هذا. و عرفها المحققون من العامه و الخاصه بان اللفظ الموضوع لمعني اما ان يحتمل غير ذلک ام لا، الثاني النص، و علي الاول فاما ان يکون احدهما راجحا و الاخر مرجوحا ام لا، بل يکون احتماله لهما علي السواء، فعلي الاول الراجح الظاهر، و المرجوح الماول، و الثاني المشترک او المجمل، و القدر المشترک بين النص و الظاهر هو المحکم، و بين المجمل و الماول هو المتشابه. فقد ظهر من ذلک ان المحکم ما اتضح دلالته، و المتشابه خلافه و قد حققنا الکلام فيهما بما لا مزيد عليه في حواشينا علي القوانين مثال الاول قوله: (ان الله لا يظلم الناس شيئا، و لا يظلم مثقال ذره) و مثال المتشابه قوله: (و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلثه قروء) و قوله: (الرحمن علي العرش استوي) و التشابه في الاولي من جهه الاشتراک، و في الثانيه من تعذر ال

حقيقه و اختفاء قرينه المجاز، و من المتشابه الحروف المقطعه في اوايل السور مثل الم و حم و طه و نحوها و قوله (ع) (مفسرا جمله) المراد بالجمل الالفاظ المجمله المحتمله المحتاجه الي التفسير و البيان، مثل ثلاثه قروء في الايه السابقه المردده بين الطهر و الحيض، و منه علي مذهب البعض قوله: (حرمت عليکم امهاتکم، و حرمت عليکم الميته و الدم، و احلت لکم بهيمه الانعام) و امثالها مما اضيف فيه التحليل و التحريم الي الاعيان فان اراده الحقيقه فيها غير ممکنه، و المجازات متعدده، و اللفظ مجمل بالنسبه اليها و محتمل لکل منها (و مبينا غوامضه) اي معضلاته و مشکلاته. ثم اشار (ع) الي تقسيم الکتاب بنحو آخر بقوله: (بين ماخوذ ميثاق علمه) اي علي کل احد لا يقبل العذر فيه، و ذلک مثل معرفه الصانع و توحيده قال تعالي: (و اذ اخذ ربک من بني‏آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم الست بربکم قالوا بلي الايه) (و) بين (موسع علي العباد في جهله) کالمتشبهات التي جعل علمها مخصوصا بالراسخين في العلم، و غيرهم منها في سعه کما قال: (و ما يعلم تاويله الا الله و الراسخون في العلم) (و بين مثبت في الکتاب فرضه، و معلوم في السنه نسخه) هذا الکلام نص و صريح في وقوع نس

خ الکتاب بالسنه المتواتره، فيدل علي جوازه بطريق اولي، لان الوقوع اخص من الامکان، و هو مذهب اصحابنا رضي الله عنهم و المتکلمين من المعتزله و الاشاعره، و اليه ذهب اصحاب ابي‏حنيفه و مالک، و خالف فيه الشافعي و اکثر الظاهريه علي المحکي عنهم في النهايه و الحنبلي في احدي الروايتين عنه، و المساله معنونه في الاصول و يشهد بوقوعه قوله: (و اللاتي ياتين الفاحشه من نسائکم فاستشهدوا عليهن اربعه منکم فان شهدوا فامسکوهن في البيوت حتي يتوفيهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا، و اللذان ياتيانها منکم فاذوهما فان تابا و اصلحا فاعرضوا عنهما ان الله کان توابا رحيما) فان مفاد الايه الاولي حبس الفواحش من النساء في البيوت الي حين الممات، کما ان مفاد الثانيه وجوب ايذاء الاتين للفاحشه، ثم نسخ ذلک اي الحبس و الايذاء بالجلد الثابت لغير المحصن و المحصنه بالکتاب اعني قوله: (الزانيه و الزاني فاجلدوا کل واحد منهما ماه جلده) و بالرجم الثابت لهما بالسنه النبويه و اما ما قيل: من ان الايه الاولي منسوخه بايه الجلد و الرجم الثابت بالسنه مضاف الي الجلد زياده و ليس نسخا له، و ان الايه الثانيه باقيه بحالها غير منسوخه اذ الزاني المستحق للحد يذم او لا و يعن

ف، ثم يحد فليست الايتان منسوختين بالسنه ففيه منع اضافه الجلد الي الرجم دائما کمنع اضافه الرجم اليه کذلک، بل بعض الفاحشات مستحقه للجلد فقط و بعضها للرجم فقط و بعضها يجمع لها بين الحدين علي ما فصل في الکتب الفقهيه و اما ما قاله الشارح البحراني في تقرير الاستشهاد بهما علي المدعي: من انه کانت الثيب اذا زنت في بدء الاسلام تمسک في البيوت الي الممات، و البکر توذي بالکلام و نحوه بمقتضي هاتين الايتين، ثم نسخ في حق الثيب بالرجم و في حق البکر بالجلد و التعزير بحکم السنه ففيه اولا ان الايه الاولي غير مختصه بالثيب بل شامله لها و للبکر، اللهم الا ان يقال باستفاده الثيبوبه من الاضافه، لانه سبحانه اضافهن اضافه زوجيه اذ لو اراد غير الزوجات لقال: من النساء، و لم يقل: من نسائکم، فالبکر تکون خارجه عنها و ثانيا ان السنه لم تقم علي الرجم في حق الثيب مطلقا بل في حق المحصنه منها فاللازم تبديل لفظ الثيب في قوله: ثم نسخ، في حق الثيب بالمحصنه و ثالثا ان ثبوت الجلد للبکر انما هو بالکتاب لا بحکم السنه، لا يقال ان غايه ما يستفاد من الکتاب هو جلد الزانيه ماه جلده، و کون المراد بها هي البکر الغير المحصنه مما استفيد من السنه، فثبوت الجلد في

حقها قد کان بحکم السنه فکان الناسخ هو السنه دون الکتاب، لانا نقول: ان الناسخ هو الکتاب، و السنه بيان لما هو المراد بالناسخ فافهم. و رابعا ان المستفاد من کلامه (ره) ان الايه الاولي وارده في حق الثيب و الايه الثانيه في حق البکر و هو خلاف ما يستفاده من الاخبار، فان المستفاد منها ان الاولي وارده في حق النساء، و الثانيه في حق الرجال. قال علي بن ابراهيم القمي (ره) عند تفسير الايتين: فان في الجاهليه اذا زني الرجل يوذي و المراه تحبس في بيت الي ان تموت، ثم نسخ ذلک بقوله: الزانيه و الزاني فاجلدوا کل واحد منهما ماه جلده. و روي في الوسائل عن رساله المحکم و المتشابه للمرتضي، نقلا من تفسير النعماني باسناده عن اسماعيل بن جابر عن ابي‏عبدالله عن آبائه عن اميرالمومنين عليهم‏السلام في حديث الناسخ و المنسوخ، قال: کان من شريعتهم في الجاهليه ان المراه اذا زنت حبست في البيت و اقيم بادوها حتي ياتيها الموت، و اذا زني الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه و آذوه و عيروه و لم يکونوا يعرفون غير هذا، قال الله تعالي في اول الاسلام و اللاتي ياتين الفاحشه الي آخر الايتين، فلما کثر المسلمون و قوي الاسلام و استوحسوا امور الجاهليه انزل الله تعالي: الزا

نيه و الزاني، الايه، فنسخت هذه آيه الحبس و الاذي. اقول: و لعل مراده (ع) نسخ هذه الايه لتلک الايتين في حق غير المحصن و المحصنه فلا ينافي ما قررناه في مقام الاستشهاد کما يخفي (و) بين (واجب في السنه اخذه، و مرخص في الکتاب ترکه) هذا الکلام کسابقه صريح في عکس سابقه، و هو وقوع نسخ السنه بالکتاب، فيدل علي الجواز بالاولويه حسبما مر و هو مذهب الاماميه و الاشاعره و المعتزله و جميع فقها العامه، و المخالف منحصر في الشافعي علي ما حکي عنه، و الشاهد علي وقوعه ان التوجه الي بيت المقدس کان واجبا في ابتداء الاسلام بالسنه خاصه، لعدم دليل في الکتاب عليه ثم نسخ بقوله تعالي: (فول وجهک شطر المسجد الحرام) و ان مباشره النساء في الليل کانت محرمه علي الصائمين بالسنه ايضا، و قد نسخ بقوله تعالي: (فالان باشروهن و ابتغوا ما کتب الله لکم) و ان صوم عاشورا کان واجبا بالسنه، ثم نسخ بصوم شهر رمضان بقوله: (فمن شهد منکم الشهر فليصمه) کما رواه في الوسائل عن الحارث العطار، قال: سالت اباجعفر (ع) عن صوم عاشورا فقال صوم متروک بنزول شهر رمضان، و المتروک بدعه، و فيه ايضا عن زراره بن اعين و محمد بن مسلم جميعا انهما سالا اباجعفر الباقر (ع) عن صوم يوم عاش

ور، فقال: کان صومه قبل شهر رمضان، فلما نزل شهر رمضان ترک (و بين واجب لوقته و زايل في مستقبله) کالنذر و العهد و اليمين الموقت بوقت معين، قال تعالي: (و اوفوا بالعهد ان العهد کان مسئولا) و قال ايضا: (و اوفوا بعهد الله اذا عاهدتم و لا تنقضوا الايمان بعد توکيدها و قد جعلتم الله عليکم کفيلا) و تمثيل الشارح البحراني له بالحج الواجب في العمر مره لا معني له، اذ الحج و ان کان واجبا في العمر مره الا انه لا يزول وجوبه في المستقبل، مع عدم الاتيان، بل يجب في العام القابل و يجب قضاوه مع عدم الاتيان به دوام العمر. فان قيل: لعل مراده (ع) بقوله: و زايل في مستقبله، هو زوال الوجوب بعد الاتيان بالواجب، و علي ذلک فيصح التمثيل. قلت: لو بني علي ذلک لاستوي فيه جميع الواجبات سواء کان وجوبه في العمر مره او غير مره ضروره ان کلا منها مع الاتيان يوجب سقوط التکليف، فلا يبقي بعد الاتيان و الامتثال وجوب کما هو ظاهر. لا يقال کيف يمکن انکار الفرق بين الحج و بين صلاه الظهر و امثالها من الواجبات المکرره، مع ان الحج اذ اتي به مره يزول التکليف به بعده، بخلاف الظهر فان الاتيان به في ذلک اليوم لا يوجب سقوط الوجوب في الغد لانا نقول: ان اردت من عدم س

قوط الوجوب في الغد عدم سقوط وجوب الظهر الماتي به في ذلک اليوم، فقيه انه ساقط قطعا اذ لا معني للامتثال عقيب الامتثال و ان اردت عدم سقوط وجوب الظهر الواجب عند زوال الغد، ففيه انه واجب مستقبل لا منافاه بين وجوبه و سقوط وجوب ظهر اليوم بعد الاتيان به في وقته فافهم جيدا و من العجب جعله الحج من الموقتات مع انه لا وقت له فلو بد له بصلاه الجمعه و مثل بها کما فعله الشارح المعتزلي لکان له وجه (و) بين حکم (مباين بين محارمه) جمع محرم کمقعد، و المراد بها المحرمات التي هي محل الحرمه، و المراد بالحکم المباين اي المفاصل هو الحرمه، و المعني و بين حرمه مفاصله بين محال الحرمه، اي مفرقه بين محرمات الکتاب بالشده و الضعف کما بينه بقوله: (من کبير اوعد عليه نيرانه، او صغير ارصد له غفرانه) فرق بين الکبير و الصغير بان الاول ما توعد عليه بالنيران، و الثاني ما اعد له الغفران. و بهذا صرح في جمع من الاخبار، مثل ما رواه المفيد عن عباد بن کثير قال سالت اباجعفر (ع) عن الکبائر، فقال کل ما اوعد الله عليه النار. و في الوسائل عن علي بن جعفر في کتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليهماالسلام قال: سالته عن الکبائر التي قال الله عز و جل: (ان تجتنبوا کبائر

ما تنهون عنه) قال: التي اوجب الله عليه النار، و بمعناها اخبار اخر و في بعض الااخبار انها سبع، و هو ما رواه في الکافي عن ابن محبوب، قال کتب معي بعض اصحابنا الي ابي‏الحسن (ع) يساله عن الکبائر کرم هي و ما هي؟ فکتب (ع): الکبائر من اجتنب ما اوعد الله عليه النار کفر عنه سيئاته اذا کان مومنا و السبع الموجبات قتل النفس الحرام و عقوق الوالدين و اکل الربوا و التعرب بعد الهجره و قذف المحصنه و اکل مال اليتيم و الفرار من الزحف. و مثله في تعيين السبع المذکور روايه ثواب الاعمال باسناده عن احمد بن عمر الحلبي عن ابي‏عبدالله (ع)، و زيد في بعض الاخبار علي السبع، و نقص في اخري و اختلف الحاصر لها في السبع ايضا في تعيينها، و بالجمله الاخبار کالاقوال في المقام مختلفه جدا و قد جمعوا بينها بحمل الکبيره علي ما هو کذلک بالنسبه الي ما هو اصغر منه و الصغيره علي ما هو کذلک بالنسبه الي ما هو اکبر منه، فالقبله صغيره بالنسبه الي الزنا، و کبيره بالنسبه الي النظر و هکذا قال الصدوق: الاخبار في الکبائر ليست مختلفه، لان کل ذنب بعد الشرک کبير بالنسبه الي ما هو اصغر منه، و کل کبير صغير بالنسبه الي الشرک بالله و في مجمع البيان عند تفسير قوله تعالي:

(ان تجتنبوا کبائر ما تنهون عنه نکفر عنکم سيئاتکم) قال: اختلف في معني الکبيره، فقيل: کل ما اعد الله عليه في الاخره عقابا و اوجب عليه في الدنيا حدا فهو کبيره، و هو المروي عن سيعد بن جبير و مجاهد، و قيل: کل ما نهي الله عنه فهو کبيره، عن ابن عباس و الي هذا ذهب اصحابنا، فانهم قالوا: المعاصي کلها کبيره من حيث کانت قبايح لکن بعضها اکبر من بعض، و ليس في الذنوب صغيره و انما تکون بالاضافه الي ما هو اکبر منه و يستحق العقاب عليه اکثر هذا و اکثر الاخبار جمعا و احتواء لها، ما رواه الصدوق باسناده، و الطبرسي في مجمع البيان جميعا عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، قال حدثني ابوجعفر الثاني (ع) قال سمعت ابي يقول: سمعت ابي‏موسي بن جعفر (ع) يقول: دخل عمرو بن عبيد علي ابي‏عبدالله (ع) فلما سلم و جلس تلاهذه الايه: (الذين يجتنبون کبائر الاثم و الفواحش) ثم امسک، فقال له ابوعبدالله (ع) ما اسکتک؟ قال احب ان اعرف الکبائر من کتاب الله، فقال (ع): نعم يا عمرو اکبر الکبائر الاشراک بالله يقول الله: (و من يشرک بالله فقد حرم الله عليه الجنه) و بعده الاياس من روح الله، لان الله عز و جل يقول: (و لا يياس من روح الله الا القوم الکافرون) ثم الا من من

مکر الله، لان الله عز و جل يقول: (و لا يامن مکر الله الا القوم الخاسرون) و منها عقوق الوالدين، لان الله سبحانه جعل العاق جبارا شقيا، و قتل النفس التي حرم الله الا بالحق لان الله عز و جل يقول: (فجزاوه جهنم خالدا فيها) الي آخر الايه، و قذف المحصنه لان الله عز و جل يقول: (لعنوا في الدنيا و الاخره و لهم عذاب عظيم) و اکل مال اليتيم، لان الله عز و جل يقول: (انما ياکلون في بطونهم نارا و سيصلون سعيرا) و الفرار من الزحف، لان الله عز و جل يقول: (و من يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال او متحيزا الي فئه فقد باء بغضب من الله و ماويه جهنم و بئس المصير) و اکل الربوا لان الله عز و جل يقول: (الذين ياکلون الربوا لا يقومون الا کما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) و السحر لان الله عز و جل يقول: (و لقد علموا لمن اشتريه ما له في الاخره من خلاق) و الزنا، لان الله عز و جل يقول: (و من يفعل ذلک يلق اثاما، يضاعف له العذاب يوم القيمه و يخلد فيه مهانا) و اليمين الغموس الفاجره لان الله عز و جل يقول: (الذين يشترون بعهد الله و ايمانهم ثمنا قليلا اولئک لا خلاق لهم في الاخره) و الغلول لان الله عز و جل يقول: (و من يغلل يات بما غل يوم القيمه)

و منع الزکاه المفروضه، لان الله عز و جل يقول: (فتکوي بها جباهم و جنوبهم و ظهورهم) و شهاده الزور و کتمان الشهاده، لان الله عز و جل يقول: (و من يکتمها فانه اثم قلبه) و شرب الخمر، لان الله عز و جل نهي عنها کما نهي عن عباده الاوثان، و ترک الصلاه متعمدا او شيئا مما فرض الله عز و جل، لان رسول‏الله (ص) قال: من ترک الصلاه متعمدا فقد برء من ذمه الله و ذمه رسوله، و نقض العهد و قطيعه الرحم لان الله عز و جل يقول: (لهم اللعنه و لهم سوء الدار) قال: فخرج عمرو و له صراخ من بکائه و يقول: هلک من قال برايه و نازعکم في الفضل و العلم (و بين مقبول في ادناه و موسع في اقضاه) کالقيام الي صلاه الليل، فان قليله مقبول و الکثير منه موسع، قال تعالي: (يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا اوزد عليه ورتل القرآن ترتيلا) و قال ايضا: (ان ربک يعلم انک تقوم ادني من ثلثي الليل و نصفه و ثلثه و طائفه من الذين معک، و الله يقدر الليل و النهار، علم ان لن تحصوه فتاب عليکم فاقروا ما تيسر من القرآن) اي صلوا ما تيسر من الصلاه في الليل، عبر عن الصلاه بالقرآن، لانها تتضمنه و کقرائه القرآن، فانه مرغوب فيها و من القربات المتسحبه قليلها مقب

ول و الناس من الکسير منها في سعه، و بها فسرت الايه الاخيره في احد التفسيرين، و روي في مجمع البيان عن الرضا عن ابيه عن جده عليهم‏السلام قال: ما تيسر منه اي من القرآن لکم فيه خشوع القلب و صفاء السر هذا. و ينبغي تذييل هذا الفصل بامور مهمه مفيده لزياده البصيره الاول في الارشاه الي فائده انزال القرآن و نعته بلسان الرمز و الاشاره و بيان جمله من القابه و اسمائه. فاقول: اعلم هداک الله الي الصراط المستقيم، و ثبتک علي المنهج القويم، ان القرآن لما کان اصله مکتوبا: (في کتاب مکنون لا يمسه الا المطهرون) بلا صحائف و لا اوراق، لکونه قبل وجود الانفس و الافاق، و کنا في ابتداء وجودنا ضعفاء العقول، ضعفاء الابصار و لم يکن تصل قوه انظارنا الي اطراف هذه الارقام، و اکناف هذه الکلمات العظام، لتعاظم حروفها، و تعالي کلماتها، و تباعد اطرافها و حافاتها، لا جرم تضرعنا اليه سبحانه بلسان احتياجنا و استعدادنا، و قلنا: الهنا ارحم علي قصورنا، و لا تويسنا عن روحک و رحماتک، و اهدنا سبيلا الي مطالعه کلماتک، و وصولا الي رضوانک و جناتک، فتلطف سبحانه بنا بمقتضي عنايته الشامله، و حکمته الکامله و رحمته الواسعه، و قدرته البالغه، فاعطي لنا نسخه مختصر

ه من اسرار کتبه الجامعه، و انموزجا و جيزا من معاني کلماته التامه. و هو القرآن الکريم و الصراط المستقيم، و التنزيل من العزيز الرحيم، نزله علي النبي الامين، لا نجاء العباد من سلاسل تعلقات النفس، و وساوس الشيطان اللعين، فلو کشف نقاب العزه عن وجهه، و رفع جلباب العظمه و الکبرياء عن سره، لشفي کل عليل، و روي کل غليل، و داوي کل مريض القلب بعلل الاخلاق الذميمه و اسقام الجهالات المهلکه، و انجي المقيدين بسلاسل التعلقات، و المزينين بحب الاهل و الاولاد و الشهوات، و هو مع عظمه قدره و علو منزلته و سمو مکانه، قد تلبس بلباس الحروف و الاصوات، و اکتسي بکسوه الالفاظ و العبارات، رحمه منه سبحانه علي العباد، و شفقه علي خلقه و تقريبا الي افهامهم و مداراه معهم، و منازله الي اذواقهم، و الا فما للتراب و رب الارباب، ففي کل حرف منه الف رمز و اشاره و فيکل لفظ الف سر و کنايه. و لذلک قال رسول‏الله (ص) فيما رواه في الکافي باسناده الي الصادق (ع) عن آبائه، عنه (ص): ايها الناس انکم في دار هدنه و انتم علي ظهر سفر و السير بکم سريع و قدر ايتم الليل و النهار و الشمس و القمر يبليان کل جديد و يقربان کل بعيد و ياتيان بکل موعود، فاعد و الجهاز لبعد الم

جاز قال: فقام المقداد بن الاسود، فقال يا رسول‏الله: و ما دار الهدنه؟ قال: دار بلاغ و انقطاع فاذا التبست عليکم الفتن کقطع الليل المظلم فعليکم بالقرآن، فانه شافع مشفع و ماحل مصدق من جعله امامه قاده الي الجنه و من جعله خلفه ساقه الي النار و هو الدليل يدل علي خير سبيل و هو کتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل و هو الفصل ليس بالهزل، و له ظهر و بطن، فظاهره حکم، و باطنه علم، ظاهره انيق و باطنه عميق له تخوم و علي تخومه تخوم، لا تحصي عجائبه، و لا تبلي غرائبه، فيه مصاييح الهدي و منار الحکمه، و دليل علي المعرفه لمن عرف الصفه، فليجل جال بصره، و ليبلغ الصفه نظره، ينج من عطب و يتخلص من نشب فان التفکر حياه قلب البصير کما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليکم بحسن التخلص و قله الترابص هذا. و لغايه عظمته منتهي جلالته سمي باسماء مختلفه و لقب بالقاب کثيره، لان الشي‏ء کلما ازداد جلاله و رفعه ازداد نعتا و وصفا: فمنها الکتاب قال تعالي: (ذلک الکتاب لا ريب فيه) و منها القرآن: (انه لقرآن کريم) و منها الفرقان لکونه فارقا بين الحق و الباطل، قال سبحانه: (و بينات من الهدي و الفرقان) و منها النور، لانه نور عقلي ينکشف به احوال المبدء و المعاد

و يترا اي منه حقائق الاشياء، و يهتدي به في ظلمات بر الاجسام و بحر النفوس و يظهر به للساکين الي الدار الاخري طريق الجنه و طريق النار، قال تعالي: (قد جائکم من الله نور و کتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام و يخرجهم من الظلمات الي النور). و منها الحکمه، قال تعالي: (و يعلمهم الکتاب و الحکمه) و هي عباره عن افضل علم باحکم معلوم و لا يوصف بها الا المتجردون عن جلباب البشريه، و المنسلخون عن لباس هذا الوجود الکوني و لذلک قال سبحانه بعد قوله: و يعلمهم الکتاب و الحکمه: (ذلک فضل الله يوتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم) و منها الروح، قال تعالي: (يلقي الروح علي من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق) و منها الحق، لانه ثابت لا يتغير ابدا من حق الامر اذا ثبت، و لانه صادق مطابق للواقع لا يعتريه شک و ريب، قال تعالي: (بل هو الحق من ربک لتنذر قوما ما اتيهم من نذير) و منها الهدي، لانه يهدي الي الصراط المستقيم، قال تعالي: (هدي للمتقين، و ذلک هدي الله يهدي به من يشاء) و منها الذکر، (انه لذکر لک و لقومک و سوف يسئلون) سمي به لانه يتذکر به امور الاخره و احوال المبدء و المعاد. و منها النبا العظيم، لانه يخبر عن عالم الغيب و ال

مغيبات، قال: (بل هو نباء عظيم انتم عنه معرضون) و منها الشفاء، لانه يقع به الشفاء علي الامراض النفسانيه و الاسقام الباطنيه قال تعالي: (قل هو للذين آمنوا هدي و شفاء) و منها الرحمه، قال تعالي: (و ما انزلنا عليک الکتاب الا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه و هدي و سحوه لقوم يومنون) و منها العلي الحکيم، قال تعالي: (و انه في ام الکتاب لدينا لعلي حکيم) اما کونه عليا فلان اصله من العالم العلوي، و اما کونه حکيما فواضح. و منها التنزيل و منها البشير النذير و منها العزيز و منها الموعظه الحسنه و منها المجيد الي غير ذلک من الالقاب و الاسماء و لا شک ان کثره الاسامي و الاوصاف تدل علي عظم شان المسمي و الموصوف، و الله العالم بجلاله شان کلامه و رفعه مرتبه کتابه و مقامه. الثاني: انه لابد ان يعلم ان القرآن الذي نزل به الروح الامين علي سيد المرسلين صلوات الله عليه و آله اجمعين هل هو ما بين الدفتين و ما وصل الينا و تناولته ايدينا ام لا، بل الواصل الينا بعض القرآن و ان القرآن الاصيل الذي نزل به جبرئيل قد حرف و بدل و زيد عليه و نقص عنه، اختلف فيه الاصحاب. فالذي ذهب اليه اکثر الاخباريين علي ما حکي عنهم السيد الجزايري في رساله منبع الحياه و

کتاب الانوار هو وقوع التحريف و الزياده و النقصان. و اليه ذهب علي بن ابراهيم القمي، و تلميذه محمد بن يعقوب الکليني، و الشيح احمد بن ابي‏طالب الطبرسي، و المحدث العلامه المجلسي قدس الله روحهم. و ذهب المرتضي علي ما حکي عنه، و الصدوق في اعتقاداته، و الشيخ في التبيان و الطبرسي في مجمع البيان الي عدمه، و عزي ذلک الي جمهور المجتهدين بل الظاهر من الصدوق قيام الاجماع عليه حيث قال في اعتقاداته: ان اعتقادنا ان القرآن الذي انزل الله علي نبيه محمد (ص) هو ما بين الدفتين، و هو ما في ايدي الناس ليس باکثر من ذلک الي ان قال و من نسب الينا انا نقول: انه اکثر من ذلک فهو کاذب انتهي. و مثله الشيخ، حيث ادعي قيامه علي عدم الزياده، قال في محکمي کلامه: و اما الکلام في زيادته و نقصانه فمما لا يليق به، لان الزياده فيه مجمع علي بطلانه، و اما النقصان منه فالظاهر ايضا من مذهب المسلمين خلافه، و هو الاليق بالصحيح من مذهبنا، و هو الذي نصره المرتضي (ره)، و هو الظاهر من الروايات، غير انه رويت روايات کثيره من جهه الخاصه و العامه بنقصان کثير من آي القرآن طريقها الاحاد لا توجب علما، فالاولي الاعراض و ترک التشاغل بها، لانها يمکن تاويلها انتهي. و مثل

ه الطبرسي في مجمع البيان حديث قال: فاما الزياده فيه فمجمع علي بطلانه و اما النقصان فيه فقد روي جماعه من اصحابنا و جماعه من حشويه العامه، ح‏ن‏افي القرآن تغييرا و نقصائا، و الصحيح من مذهب اصحابنا خلافه. قال: و هو الذي نصره المرتضي و استوفي الکلام فيه غايه الاستيفاء في جواب المسائل الطر ابلسيات، و ذکر في مواضع ان العلم بصحه نقل القرآن کالعلم بالبلدان و الحوادث الکبار و الوقايع العظام و الکتب المشهوره و اشعار العرب المسطوره، فان العنايه اشتدت و الدواعي توفرت علي نقله و حراسته، و بلغت الي حد لم تبلغه فيما ذکرناه. لان القرآن معجزه النبوه و ماخذ العلوم الشرعيه، و الاحکام الدينيه، و علماء المسلمين قد بلغوا في حفظه و حمايته الغايه، حتي عرفوا کل شي‏ء اختلفوا فيه من اعرابه و قرائه حروفه و آياته، فکيف يجوز ان يکون مغيرا او منقوصا مع العنايه الصادقه و الضبط الشديد. و قال ايضا قدس سره: و ان العلم بتفصيل القرآن و ابعاضه في صحه نقله کالعلم بجملته و جري ذلک مجري ما علم ضروره من الکتب المصنفه، ککتاب سيبويه و المزني فان اهل العنايه بهذا الشان يعلمون من تفضيلهما ما يعلمونه من جملتهما حتي لو ان مدخلا ادخل في کتاب سيبويه بابا في

النحو ليس من الکتاب لعرف و ميز و علم انه ملحق، و ليس من اصل الکتاب، و کذلک القول في کتاب المزني، و معلوم ان العنايه بنقل القرآن و ضبطه اضبط من العنايه بضبط کتاب سيبويه و دواوين الشعراء. ثم قال الطبرسي: ذکر اي المرتضي ان من خالف في ذلک من الاماميه و الحشويه لا يعتد بخلافهم، فان الخلاف في ذلک مضاف الي قوم من اصحاب الحديث نقلوا اخبارا ضعيفه ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع علي صحته انتهي ما ذکره في مجمع البيان. و هذه العبارات منه و ممن سبق ذکره کما تري مطبقه في صحه نقل ما بين الدفتين و عدم وقوع تغير فيه بوجه من الوجوه، و انما اختلفت في دعوي الاجماع. فالظاهر من الصدوق کما عرفت قيامه علي عدم التغير بوجه، حيث نسب ذلک الي اعتقاد الاماميه. و عباره الشيخ و الطبرسي حسبما حکيناها صريحه في قيامه علي عدم الزياده و تبعهما علي ذلک من متاخري المتاخرين السيد المحقق الکاظمي في شرح الوافيه حيث، قال: اتفق الکل لا تمانع بيهنم علي عدم الزياده، و نطقت به الاخبار، و المرتضي رضي الله عنه و ان لم يدع الاجماع عليه الا انه (ره) حسبما عرفت اشد نکيرا منهم لدعواه العلم الضروري به. اذا عرفت ذلک فاقول: المختار عندي هو وقوع النقص

ان فيه دون الزياده، و لا باس بذکر ادله الطرفين و ما يمکن الاستدلال به عنهم حتي يتضح الحق من البين، و لنقدم ادله النافين لکون قولهم مطابقا للاصل، ثم نتبعها بادله المثبتين فنقول: احتج النافون القائلون بالعدم بوجوه، بعضها دال علي عدم التغيير مطلقا و بعضها مختص بنفي الزياده. الاول الاجماع المستفاد من کلام الصدوق السابق و المنقول في کلام الشيخ و الطبرسي صريحا حسبما تقدم. و فيه بعد الغض عن حجيه الاجماع المنقول في نفسه ان حجيته انما هو من جهه افادته الظن و هو لا يکافو القطع الحاصل من الاخبار المتواتره المفيده للنقيصه حسبما تعرفها انشاء الله، نعم هو حجه علي مدعي الزياده، لان الظن الحاصل من ادلتها لا يقاوم الظن الحاصل منه. الثاني ما ظهر من کلام المرتضي من توفر الدواعي و اشتداد العنايات علي حفظه و ضبطه، لکونه معجزه النبوه و ماخذ العلوم الشرعيه و مدرک الاحکام الدينيه. و فيه منع توفر الدواعي علي الحفظ و الضبط لو لم يقم علي التضييع و التحريف. و ما استدل به عليه اولا من کونه متضمنا للتحدي و الاعجاز، و ثانيا من کونه مدرک الاحکام الشرعيه لا ينهض علي الاثبات: اما الاول فلانه انما يتم لو انحصر طريق اثبات النبوه فيه، کانحصار مع

جزه عيسي (ع) في الطب و ابراء الاکمه و الابرص، و معجزه موسي (ع) في العصا و اليد البيضاء، و اما مع الانحصار فلا تتوفر الدواعي عليه، کاکثر معجزاته لم يتوافر بعد. فان قلت: سلمنا عدم انحصار معجزته فيه و لکنه اظهر المعجزات و اقويها و آکدها فتوفر الدواعي عليه. قلت: ان الاعجاز کما يحصل بالجميع کذلک يحصل بالبعض، اذ المناط في الاعجاز هو الفصاحه و البلاغه و غرابه الاسلوب و حسن النظم، و هي باقيه بحالها لم تتغير و لم تتبدل، فلا يخرجه وقوع التحريف فيه عن کونه دليلا للنبوه و الرساله، بل لو فرض و العياذ بالله سقوط جميع آياته عن الاعجاز لکفانا فيه قوله: (و اوحينا الي ام موسي ان ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه في اليم و لا تخافي و لا تحزني انا رآدوه اليک و جاعلوه من المرسلين) فانها مع اختصارها و جازتها مشتمله علي امرين و نهيين و خبرين و بشارتين. و حکي ان بعضهم سمع بدويه تنشد ابياتا، فقال لها: لله درک ما افصحک، فقالت: الفصاحه لله و ذکرت هذه الايه، و قوله سبحانه: (و قيل يا ارض ابلعي مائک و يا سماء اقامي و غيض الماء و قضي الامر و استوت علي الجودي- الايه) لانها مشتمله علي وجوه عديده من الفصاحه يقطع معها بانها خارجه عن وسع البشر. و ق

د روي ان من تکلم من قريش بکلام فصيح کان يعلقه علي الکعبه مباهاه و تفاخرا، فلما نزل الايه هذه ذهبوا في ظلام الليل و اخذوا ما عقلوه مخافه الفضاحه و الشناعه. و في مجمع البيان يروي ان کفار قريش ارادوا ان يتعاطوا معارضه القرآن، فعکفوا علي لباب البر و لحوم الضان و سلاف الخمر اربعين يوما لتصفو اذهانهم، فلما اخذوا فيما ارادوا و سمعوا هذه الايه ترکوا ما اخذوا فيه و افترقوا. و کيف کان فقد ظهر مما ذکرنا ان وقوع التحريف لا يخرجه عن الاعجاز حتي تبقي النبوه الخاصه بلا دليل، لان الفصاحه باقيه علي حالها بل ساير وجوه الاعجاز ايضا موجوده فيه کالصرفه و اشتماله علي القصص و الحکايات، و الاخبار عن المغيبات و عدم الاختلاف فيه مع طوله الي غير هذه من الجهات. و اما الثاني فلان المتيقن الثبوت من الاخبار الانيه هو طروا التحريف علي الايات المشتمله علي فضائل اهل البيت و فضايح اهل النفاق، و اما طروه علي آيات الاحکام الشرعيه منها محکمه، و لم يثبت مانع منها، فلا يرفع اليدعن مقتضاها، و مجرد احتمال وجود المانع لا يکفي في رفع اليدعن اقتضاء المقتضي، و بالجمله کون القرآن مدرک الاحکام الشرعيه انما يدل علي عدم وقوع التحريف و النقصان في آيات الاحکام

، و يستلزم توفر الدواعي فيها فحسب لا مطلقا. و هذا کله مبني علي التنزل و المماشاه و الا فنقول ان کونه مدر کاللاحکام و ان کان مقتضيا لتوفر الدواعي انه انما يتم اذا لم يمنع منه مانع و لم يمنع المکلفون علي انفسهم اللطف اذ قد يتوفر الدواعي علي تضييعه و کتمانه اکثر منها علي ضبطه و اعلانه، نظير الامام (ع)، فان وصيه النبي (ص) بحفظه و اعانته و کونه حجه الله علي خلقه و بريته و اصل احکامه و شريعته، مما يوجب توفر الدواعي عليه مع ان الدواعي قد توفرت علي حجبه و غيبته، و نعم ما قال في التجريد: وجوده لطف و تصرفه لطف آخر، و عدمه منا. و بالجمله وقوع التحريف و النقصان في آيات الاحکام علي فرض ثبوته ليس بابعد من غيبه الامام، فکما ان المکلفين صاروا سببا لاختفائه و غيبته، و مانعا عن تبليغه و الرجوع اليه مع کونه اساس الاحکام و عماد الاسلام، فکذلک صاروا مانعا عن استنباط الاحکام من القرآن بسبب ما فعلوه فيه من التحريف و احدثوه فيه من النقصان. الثالث قوله تعالي: (و انه لکتاب عزيز لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه) فان ورود التحريف عليه اتيان الباطل من خلفه، و قد اخبر الله سبحانه بعدمه فلابد ان يکون سالما محفوظا. و فيه ان المراد

بالايه انه ليس في اخباره عما مضي باطل، و لا في اخباره عما يکون في المستقبل باطل، بل اخباره کلها موافقه لمخبراتها، رواه الطبرسي في مجمع البيان عن ابي‏جعفر و ابي‏عبدالله عليهماالسلام، و في تفسير القمي عن ابي‏الجارود عن ابي‏جعفر (ع) قال: لا ياتيه الباطل من قبل التوراه و لا من قبل الانجيل و الزبور، و لا من خلفه لا ياتيه من بعده کتاب يبطله الرابع قوله تعالي: (انا نحن نزلنا الذکر و انا له لحافظون) فان الله سبحانه قد اخبر بکونه حافظا للقرآن فلابد من کونه محفوظا عن تطرق التغيير، قال الفخر الرازي في الايه دلاله قويه علي کون التسميه آيه من کل سوره، لان الله قد وعد بحفظ القرآن و الحفظ لا معني له الا ان يبقي مصونا من الزياده و النقصان، فلو لم تکن التسميه من القرآن لما کان القرآن مصونا من التغيير، و لما کان محفوظا عن الزياده. و فيه ان کون اصل القرآن الذي نزل به الروح الامين علي خاتم النبيين (ص) محفوظا عند الائمه الذين هم خزان علم الله و کهوف کتبه، يکفي في صدق الايه و لا دلاله فيها علي کون ما بايدينا محفوظا کما لا يخفي، مضافا الي احتمال ان يکون المراد انه سبحانه يحفظه الي آخر الدهر بان بعث جماعه يحفظونه و يدرسونه و يشتهرو

نه بين الخلق، فتحفظه الامه و تناولته الايدي قرنا بعد قرن الي يوم القيامه لقيام الحجه به علي الخلق و کونه معجزه النبوه. هذا کله بعد الغض عن رجوع الضمير في له الي النبي (ص)، و الا کما ذهب اليه الفراء فيسقط الاستدلال راسا، قال ابن الانباري لما ذکر الله الا نزال و المنزل و المنزل دل ذلک علي المنزل عليه، فحسنت الکنايه عنه لکونه امرا معلوما کما في قوله: (انا انزلناه في ليله القدر) فان عود الضمير الي القرآن مع عدم تقدم ذکره لکونه معلوما من المقام الخامس الاخبار الداله علي وجوب التمسک بالقران و الامره بالرجوع اليه کحديث الثقلين المتواتر بين الفريقين و نحوه، و الاخبار المفيده بعرض الاخبار المتعارضه عليه، مثل مقبوله عمر بن حنظله و فيها: فما وافق حکمه حکم الکتاب و السنه و خالف العامه فيوخذ به و يترک ما خالف حکمه حکم الکتاب و السنه و وافق العامه. و ما رواه السکوني عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: قال رسول‏الله (ص): ان علي کل حق حقيقه و علي کل صواب نورا فما وافق کتاب الله فخذوه و ما خالف کتاب الله فدعوه. و ما رواه عبدالرحمن بن ابي‏عبدالله، قال: قال الصادق (ع): اذا ورد عليکم حديثان مختلفان فاعرضو هما علي کتاب الله، فما وافق کتاب ا

لله فخذوه، و ما خالف کتاب الله فردوه الي غير هذه مما هي قريبه من التواتر او متواتره. تقريب الاستدلال ان المراد بالکتاب الذي امرنا بالتمسک به و الرجوع اليه و عرض الاخبار المتعارضه عليه ان کان هو الکتاب المنزل المحفوظ عن تطرق السوانح و طرو الزياده و النقصان الذي هو موجود عند الائمه عليهم‏السلام علي قول المدعين للتحريف، ففيه ان التمسک به و الرجوع اليه مما لا يستطاع. و ان کان المراد به المحرف المبدل، فلا وجه له، لانه لم يبق فيه حجيه و ليس به وثوق و اطمينان فلا بد ان يکون الموجود بايدينا سالما محفوظا. قال الشيخ في محکي کلامه: و رواياتنا متناصره بالحث علي قرائته و التمسک بما فيه ورد ما يرد من اختلاف الاخبار في الفروع اليه و عرضها عليه، فما وافقه عمل عليه و ما خالفه يجنب و لم يلتفت اليه. و قد ورد عن النبي (ص) روايه لا يدفعها احد انه قال اني مخلف فيکم الثقلين ما ان تمسکتم بهما لن تضلوا: کتاب الله، و عترتي اهل بيتي، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، و هذا مما يدل انه موجود في کل عصر، فانه لا يجوز ان يامرنا بالتمسک بما لا نقدر علي التمسک به، کما ان اهل البيت و من يجب اتباع قوله حاصل في کل وقت انتهي کلامه. و مخلصه

ان ظاهر هذه الاخبار انه لم يتطرق علي هذا القرآن الموجود بايدينا تحريف و تغيير، لان المستفاد منها وجوب الرجوع اليه اذا الرجوع الي غيره غير مقدور، فلابد من کونه محفوظا من الخلل و النقصان، و الا لم يبق به وثوق و اطمينان، فلا يکون وجه للامر بالرجوع اليه. و فيه اولا ان الاخبار المذکوره اما نبويه کخبر الثقلين و بعض اخبار العرض، و اما مرويه عن الائمه عليهم‏السلام. اما الطائفه الاولي فلا دلاله فيها علي المدعي اصلا، لانه (ص) قد کان امرنا بالاتباع بالکتاب و العرض عليه و لم يتطرق عليه تحريف يومئذ، کما امرنا باتباع اهل بيته و عترته و اخذ الاحکام عنهم و الاقتباس من انوارهم، و انما طرئت السوانح بعد ما اختار الله سبحانه له (ص)، لقائه فمنع المکلفون علي انفسهم اللطف بسوه اختيارهم، و غيروا کتاب الله و نبذوه و رآء ظهورهم کما ترکوا العتره و صاروا سببا لاعتزالهم و تشريدهم الي ان انتهي الامر الي الغيبه الکبري، فکما ان غيبه الامام (ع) و اعتزال الائمه و قصور اليد عن التمسک بهم و اخذ الاحکام عنهم الناشي من سوء فعل المکلفين لا منافاه له مع امر النبي (ص) بالتمسک، فکذلک قصور اليد عن اتباع القرآن المنزل علي ما هو عليه لا ينافي امر النبي

(ص) باتباعه و التمسک به، بل نقول: ان امره (ص) لم يکن الا لاجل ان لا يفعلوا ففي کتاب الله ما فعلوه، و ان لا يقصروا في حق الال علي ما قصروا. و اما الطائفه الثانيه فلا دلاله فيها ايضا، لانا نقول: ان الائمه عليهم‏السلام انما امرونا بالرجوع الي هذا الکتاب الموجود بايدينا مع ما هو عليه من التحريف و النقصان لاجل التقيه و الخوف علي انفسهم و شيعتهم، فيکون ما استفدناه حکما ظاهريا بالنسبه الينا فافهم و ثانيا ان يجاب عنه بما ذکره في الصافي، فانه بعد نقله کلام الشيخ الذي حکيناه قال: اقول: يکفي في وجوده في کل عصر وجوده جميعا کما انزل الله محفوظا عند الله و وجود ما احتجنا اليه منه عندنا و ان لم نقدر علي الباقي، کما ان الامام کذلک فان الثقلين سيان في ذلک انتهي. و اورد عليه المحقق الکاظمي (ره) بان التمسک بهم عباره عن موالاتهم و سلوک طريقتهم، و ذلک ممکن مع الغيبه للعلم بهم، و هذا بخلاف التمسک بالقرآن فانه انما يتحقق بالاخذ و الاطلاع عليه، فقد بان الفرق و اتضح الامر انتهي اقول: و الانصاف انه ان اريد بلفظ تمسکتم في الروايه، التمسک التفصيلي بان يتمکن من الرجوع الي المتمسک به و يوخذ عنه الاحکام مهما اريد، فهو غير ممکن في حال الغيب

ه الکبري، لظهور انسداد باب العلم فيه، مع ان انفتاحه في حال ظهور الائمه عليهم‏السلام ايضا محل کلام حسبما قررناه في الاصول، و ان اريد به التمسک الاجمالي بان نرجع اليه بقدر الامکان و مع عدم التمکن و القدره نکون في مقام التسليم و الاذعان و العزم علي الرجوع مع التمکن و التوفيق، فالحق ان الثقلين سيان فيه. و بالجمله هما في حال الغيبه الکبري سيان في عدم امکان التمسک بهما تفصيلا و في امکانه اجمالا، بان يصدقا و يسلما و يوخذ عنهما الاحکام بقدر الوسع و الطاقه، و التفرقه بينهما بحمل التمسک بالثقل الاصغر علي التمسک التفصيلي و التمسک بالاکبر علي التمسک الاجمالي مما لا وجه له. و ثالثا انا نقول: ان اهل بيت العصمه سلام الله عليهم لعلمهم بعدم طرو التحريف علي آيات الاحکام رخصونا في الرجوع و العرض، فبملاحظه ترخيصهم يحصل لنا القطع بکونها محفوظه عن الخلل او انهم رخصونا في ذلک، لعلمهم بانه ليس في الساقط ما يرجع اليه او يعرض عليه الا و في الثابت ما يقوم مقامه. هذا تمام الکلام في ادله النافين، و قد عرفت انها غير ناهضه علي اثبات المدعي کما لا يخفي. و حجه القائلين بالتحريف ايضا وجوه کثيره بعضها مثبت لوقوع مطلق التحريف، و بعضها مختص باث

بات الزياده و النقيصه، و بعضها دال علي النقصان فقط فالادله في المقام علي ثلاثه اقسام. القسم الاول الادله الداله علي مطلق التحريف و التغيير فيه. اولها ما ذکره السيد الجزائري من ان القرآن کان ينزل منجما علي حسب المصالح و الوقايع، و کتاب الوحي کانوا اربعه عشر رجلا من الصحابه، و کان رئيسهم اميرالمومنين (ع)، و قد کانوا في الاغلب ما يکتبون الا ما يتعلق بالاحکام و الا ما يوحي اليه (ص) في المحافل و المجامع، و اما الذي کان يکتب ما ينزل عليه في خلواته و منازله فليس هو الا اميرالمومنين (ع)، لانه کان يدور معه کيفما دار، فکان مصحفه اجمع من غيره من المصاحف، فلما مضي رسول‏الله (ص) الي لقاء حبيبه و تفرقت الاهواء بعده، جمع اميرالمومنين (ع) القرآن کما انزل، و شده بردائه و اتي به الي المسجد، فقال لهم: هذا کتاب ربکم کما انزل، فقال عمر: ليس لنا فيه حاجه هذا عندنا مصحف عثمان، فقال (ع) لن تروه و لن يراه احد حتي يظهر القائم (ع). اقول: اما قوله: فکان مصحفه اجمع من غيره من المصاحف فيشهد به: ما رواه في الکافي باسناده عن جابر عن ابي‏عبدالله، قال: سمعته يقول: ما ادعي احد انه جمع القرآن کله کما انزل الا کذاب، و ما جمعه و حفظه کما انزله ا

لله الا علي بن ابي‏طالب (ع) و الائمه من بعده. و اما ما ذکره من اتيان اميرالمومنين (ع) بالکتاب الي المسجد فيدل عليه ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن ابي‏ذر الغفاري انه لما توفي رسول‏الله (ص) جمع علي (ع) القرآن و جاء به الي المهاجرين و الانصار و عرضه عليهم لما قد اوصاه بذلک رسول‏الله (ص)، فلما فتحه ابوبکر خرج في اول صفحه فتحها فضايح القوم، فوثب عمرو قال: يا علي اردده لا حاجه لنا فيه، فاخذه علي (ع) و انصرف، ثم احضر زيد بن ثابت و کان قاريا للقرآن، فقال له عمر: ان عليا جائنا بالقرآن و فيه فضايح المهاجرين و الانصار، و قد اردنا ان تولف لنا القرآن و تسقط منه ما کان فيه فضيحه و هتک المهاجرين و الانصار، فاجابه زيد الي ذلک، ثم قال: فان انا فرغت من القرآن علي ما سالتم و اظهر علي (ع) القرآن الذي الفه اليس قد بطل کل ما عملتم؟ قال عمر: فما الحيله؟ قال زيد: انت اعلم بالحيله، فقال عمر: ما الحيله دون ان نقتله و نستريح منه، فدبر في قتله علي يد خالد بن الوليد فلم يقدر علي ذلک، فلما استخلف عمر سال عليا ان يدفع اليهم فيحرفوه فيما بينهم، فقال يا اباالحسن: ان کنت جئت به الي ابي‏بکر فائت به الينا حتي نجتمع عليه، فقال علي (ع) هيهات ليس

الي ذلک سبيل انما جئت به الي ابي‏بکر لتقوم الحجه عليکم. لا تقولوا يوم القيامه انا کنا عن هذا غافلين، او تقولوا ما جئتنا به، ان القرآن الذي عندي لا يمسه الا المطهرون و الاوصياء من ولدي، فقال عمر: فهل وقت لاظهاره معلوم؟ قال: نعم اذا قام القائم من ولدي يظهره و يحمل الناس عليه فتجري السنه به صلوات الله عليه. الثاني ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن اميرالمومنين صلوات الله عليه في جواب سئوال الزنديق حيث ساله عن تصريح الله سبحانه بهفوات الانبياء و زلاتهم مثل قوله: (و عصي آدم ربه فغوي) و نحوه، و توريته اسماء من اغتر و فتن خلقه و ضل و اضل و تعبيره عنهم بالکنابه مثل قوله: (يوم يعض الظالم علي يديه) و نحوه، فقال (ع): ان الکنايه عن اسماء ذو الجرائر العظيمه من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالي، و انها من فعل المغيرين و المبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، و اعتاضوا الدنيا من الدين، و قد بين الله قصص المغيرين بقوله: (الذين يکتبون الکتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا) و بقوله: (و ان منهم لفريقا يلوون السنتهم بالکتاب) و بقوله: (اذ يبيتون ما لا يرضي من القول) بعد فقد الرسول (ص)، و ما بقيمون به اود با

طلهم حسب ما فعلته اليهود و النصاري بعد فقد موسي و عيسي (ع) من تغيير التوراه و الانجيل و تحريف الکلم عن مواضعه و بقوله: (يريدون ليطفوا نور الله بافواههم و يابي الله الا ان يتم نوره) يعني انهم اثبتوا في الکتاب ما لم يقله الله ليلبسوا علي الخليفه فاعمي الله قلوبهم حتي ترکوا فيه ما دل علي احدثوه فيه و حرفوا منه، و بين عن افکهم و تلبيسهم و کتمان ما علموه منه، و لذلک قال لهم: (لم تلبسون الحق بالباطل و تکتموا الحق) و ضرب مثلهم بقوله: (فاما الزبد فيذهب جفاء و اما ما ينفع الناس فيمکث في الارض) فالزبد في هذا الموضع کلام الملحدين الذين اثبتوه في القرآن، فهو يضمحل و يبطل و يتلاشي عند التحصيل، و الذي ينفع الناس منه فالتنزيل الحقيقي الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و القلوب تقبله و الارض في هذا الموضع هي محل العلم و قراره، و ليس يسوغ مع عموم التقيه التصريح باسماء المبدلين، و لا الزياده في آياته علي ما انبتوه من تلقائهم في الکتاب لما في ذلک من تقويه حجج اهل التعطيل و الکفر و الملل المنحرفه من قبلتنا و ابطال هذا العلم الظاهري الذي قد استکان له الموافق و المخالف بوقوع الاصطلاح علي الايتمار لهم و الرضا بهم، و لان

اهل الباطل في القديم و الحديث اکثر عددا من اهل الحق، و لان الصبر علي ولاه الامر مفروض بقول الله تعالي لنبيه (ص) (فاصبر کما صبر اولوا العزم من الرسل) و ايجابه مثل ذلک علي اوليائه و اهل طاعته بقوله: (لقد کان لکم في رسول‏الله اسوه حسنه) ثم، قال (ع) فحسبک من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت، فان شريعه التقيه نحظر باکثر منه. الثالث ما رواه علي بن ابراهيم القمي عن الصادق (ع) في قوله تعالي: (له معقبات من بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله) انه قال: کيف يحفظ الشي‏ء من امر الله و کيف يکون العقب من بين يديه؟ فقيل له کيف يابن رسول‏الله؟ فقال: انما انزلت معقبات من خلفه و رقيب من بين يديه يحفظونه بامر الله. الرابع ما رواه عنه (ع) ايضا في قوله: (لقد تاب الله علي النبي و المهاجرين و الانصار) ان الايه هکذا نزلت لقد تاب الله بالنبي علي المهاجرين. الخامس ما رواه ايضا قال: انه قرء علي ابي‏عبدالله (ع): (الذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا و ذرياتنا قره اعين و اجعلنا للمتقين اماما) فقال ابوعبدالله (ع): لقد سالوا الله عظيما ان يجعلهم للمتقين اماما، فقيل يابن رسول‏الله کيف ذلک؟ فقال (ع): انما نزلت و اجعل لنا من المتقين اماما. السا

دس ما رواه ايضا عن ابن ابي‏عمير عن ابن سنان قال قرات علي ابي‏عبدالله (ع): (کنتم خير امه اخرجت للناس) فقال ابوعبدالله (ع) خير امه يقتلون اميرالمومنين و الحسن و الحسين ابني علي عليهم‏السلام، فقال القاري: جعلت فداک کيف نزلت؟ فقال (ع) نزلت خير ائمه اخرجت للناس، الا تري مدح الله لهم في آخر الايه: (تامرون بالمعروف و تنهون عن المنکر و تومنون بالله) السابع ما رواه السيد المعتمد السيد هاشم البحراني عن المفيد في کتاب الاختصاص، قال: و روي عن جابر الجعفي قال: کنت ليله من بعض الليالي عند ابي‏جعفر (ع) فقرات هذه الايه: (يا ايها الذين آمنوا اذا نودي للصلوه من يوم الجمعه فاسعوا الي ذکر الله) فقال: مه يا جابر کيف قرات، يا ايها الذين آمنوا اذ نودي للصلاه من يوم الجمعه فاسعوا الي ذکر الله، قال: قال: قلت فکيف اقرء جعلني الله فداک؟ قال: هذا تحريف يا جابر، قال: فقال (ع) يا ايها الذين آمنوا اذ نودي للصلاه فامضوا الي ذکر الله هکذا نزلت يا جابر، لقد کان يکره ان يعدو الرجل الي الصلاه يا جابر لم سميت الجمعه يوم الجمعه؟ قال: قلت: تخبرني جعلني الله فداک، قال: افلا اخبرک بتاويله الاعظم؟ قال: قلت: بلي جعلني الله فداک، قال: فقال: يا جابر سم

ي الله الجمعه جمعه لان الله عز و جل جمع في ذلک الاولين و الاخرين و جميع ما خلق الله من الجن و الانس و کل شي‏ء خلق ربنا و السماوات و الارضين و البحار و الجنه و النار و کل شي‏ء خلق الله في الميثاق فاخذ الميثاق منهم له بالربوبيه و لمحمد (ص) بالنبوه و لعلي (ع) بالولايه، و في ذلک اليوم قال الله للسماوات و الارض: (ائتيا طوعا او کرها فالتا اتينا طائعين) فسمي الله ذلک اليوم الجمعه، لجمعه فيه الاولين و الاخرين، ثم قال عز و جل يا ايها الذين آمنوا اذ نودي للصلاه من يوم الجمعه من يومکم هذا الذي جمعکم فيه و الصلاه اميرالمومنين (ع) يعني بالصلاه الولايه، و هي الولايه الکبري ففي ذلک اليوم اتت الرسل و الانبياء و الملائکه و کل شي‏ء خلق الله و الثقلان الجن و الانس و السماوات و الارضون و المومنون بالتلبيه لله عز و جل، فامضوا الي ذکر الله و ذکر الله اميرالمومنين (ع)، و ذروا البيع يعني الاول، ذلکم، يعني بيعه اميرالمومنين و خلافته، خير لکم من بيعه الاول و ولايته، ان کنتم تعلمون، فاذا قضيت الصلاه يعني بيعه اميرالمومنين، فانتشروا في الارض يعني بالارض الاوصياه امر الله بطاعتهم و ولايتهم، کما امر بطاعه الرسول و طاعه اميرالمومنين کني ا

لله في ذلک من اسمائهم فسماهم بالارض، و ابتغوا من فضل الله، قال جابر: و ابتغوا من فضل الله، قال: تحريف هکذا نزلت و ابتغوا من فضل الله علي الاوصياء و اذکروا الله کثيرا لعلکم تفلحون، ثم خاطب الله عز و جل في ذلک الموقف محمدا (ص)، فقال يا محمد: فاذا راوا الشکاک و الجاحدون تجاره، يعني الاول او لهوا، يعني الثاني، انصرفوا اليها، قال: قلت انفضوا اليها قال: تحريف هکذا نزلت، و ترکوک، مع علي قائما، قل يا محمد ما عند الله، من ولايه علي و الاوصياء، خير من اللهو و التجاره، يعني بيعه الاول و الثاني للذين اتقوا، قال: قلت: ليس فيها للذين اتقوا، قال: فقال: بلي هکذا نزلت الايه، و انتم هم الذين اتقوا، و الله خير الرازقين. الثامن ما رواه الصدوق في التوحيد باسناده عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن ابيه عن الرضا علي بن موسي عليهماالسلام قال سالته عن قول الله عز و جل: (هل ينظرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام و الملائکه) قال: يقول: هل ينظرون الا ان ياتيهم الله بالملائکه في ظلل من الغمام، و هکذا نزلت، و العجب من الصدوق مع روايته ذلک کيف انکر وقوع التحريف فيه. القسم الثاني الادله الداله علي وجود الزياده و النقصان. اولها ما رواه في

الصافي عن العياشي عن ابي‏جعفر (ع) قال: لو لا انه زيد في کتاب الله و نقص ما خفي حقنا علي ذي حجي. الثاني ما رواه العياشي عنه (ع) ايضا ان القرآن قد طرحت منه آي کثيره و لم يزد فيه الا حروف اخطات به الکتبه و توهمتها الرجال. الثالث ما في تفسير علي بن ابراهيم في قوله: (و اذ اخذنا ميثاق النبيين و منک و من نوح و ابراهيم و موسي و عيسي بن مريم) قال: هذه الواو زياده في قوله و منک، و انما هو منک و من نوح. القسم الثالث الادله الداله علي وجود النقصان فقط، و هي کثيره. اولها ما رواه في الکافي عن هشام بن سالم عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: ان القرآن الذي جاء به جبرئيل الي محمد (ص) سبعه عشر الف آيه، و وجه دلالته ان الموجود بايدينا من القرآن لا يزيد علي سبعه آلاف آيه، و علي ما ضبطه الشيخ الطبرسي سته آلاف و ماتا آيه و سته و ثلاثون آيه. الثاني ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن علي (ع) في جواب الزنديق الذي احتج عليه بتناقض ظواهر بعض الايات انه (ع) قال: و اما ظهورک علي تناکر قوله: (و ان خفتم الا تقسطوا في اليتامي فانکحوا ما طاب لکم من النساء) و ليس يشبه القسط في اليتامي نکاح النساء و لا کل النساء ايتام، فهو مما قدمت ذکره من اسقاط المنافقين

في القرآن بين القول في اليتامي و بين نکاح النساء من الخطاب و القصص اکثر من ثلث القرآن، و هذا و ما اشبهه مما اظهرت حوادث المنافقين فيه لاهل النظر و التامل و وجد المعطلون و اهل الملل المخالفه للاسلام مساغا الي القدح في القرآن، و لو شرحت لک کلما اسقط و حرف و بدل مما يجري هذا المجري لطال و ظهر ما يحظر التقيه اظهاره من مناقب الاولياء و مثالب الاعداء. الثالث ما رواه في الکافي عن احمد بن محمد بن ابي‏نصر، قال دفع الي ابوالحسن (ع) مصحفا، فقال: لا تنظر فيه، ففتحته و قرات فيه: لم يکن الذين کفروا، فوجدت فيها اسم سبعين من قريش باسمائهم و اسماء آبائهم، قال فبعث الي ابعث الي بالمصحف. الرابع ما رواه ابوعبيده بسنده عن ابن عمر قال: لا يقولن احدکم قد اخذت القرآن کله و ما يدريه ما کله، قد ذهب منه قرآن کثير، و لکن ليقل قد اخذت منه ما ظهر. و بسنده عن عايشه، قال: کانت سوره الاحزاب تقرء في زمان الرسول (ص) ماتي آيه، فلما کتب عثمان المصاحف لم يقدر منها الا علي ما هو الان. و بسنده عن زر بن حبيش، قال: قال لي ابي بن کعب: کم تعدون سوره الاحزاب؟ قلت: اثنتين و ستين آيه او ثلاثا و ستين آيه، قال: ان کانت لتعدل سوره البقره. و في الکشاف عن زر

مثله الا ان فيه قلت ثلاث و سبعين آيه، قال فو الذي يحلف به ابي ابن کعب ان کانت لتعدل سوره البقره او اطول و لقد قرانا منها آيه الرجم، الشيخ و الشيخه اذا زنيا فارجمو هما البته نکالا من الله و الله عزيز حکيم. الخامس ما رواه في کتاب تذکره الائمه عن تفسير الکازر، و المولي فتح الله عن مصحف ابن مسعود، و هو آيات کثيره في سور متعدده. ففي المائده: (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليک في شان علي و ان لم تفعل فما بلغت رسالته) و في الرعد و هو قوله تعالي: (انما انت منذر و علي لکل قوم هاد) و في الشعراء: (و سيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم اي منقلب ينقلبون، و رواه القمي ايضا عن ابي‏عبدالله (ع) و في الصافات قوله: (وقفوهم انهم مسئولون في ولايه علي مالکم لا تناصرون). و في النساء قوله تعالي: (ام يحسدون الناس علي ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم و آل محمد الکتاب و الحکمه و آتيناهم ملکا عظيما) و في الزمر قوله: (فاما نذهبن بک فانا منهم منتقمون بعلي بن ابي‏طالب) و رواه الطبرسي ايضا عن جابر بن عبدالله الانصاري. و في طه قوله تعالي: (و لقد عهدنا الي آدم من قبل کلمات في محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و التسعه من ذريه الحسين فنس

ي و لم نجد له عزما) و رواه ايضا في الکافي عن الصادق (ع) الا ان في آخره و الائمه من ذريتهم بدل قوله و التسعه، ثم قال هکذا و الله نزلت علي محمد (ع) و في النجم قوله تعالي: (و اوحي الي عبده في علي ليله المعراج ما اوحي) و في آيه الکرسي: (الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخده سنه و لا نوم له ما في السموات و ما في الارض و ما تحت الثري، عالم الغيب و الشهاده هو الرحمن الرحيم من ذا الذي يشفع عنده) و في الاحزاب قوله: (و کفي الله المومنين القتال بعلي بن ابيطالب و کان الله قويا عزيزا) و منها سوره الولايه: (بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها الذين آمنوا آمنوا بالنبي و الولي اللذين بعثناهما يهديانکم الي صراط مستقيم نبي و ولي بعضهما من بعض، و انا العليم الخبير، ان الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم، فالذين اذا تليت عليهم آياتنا کانوا باياتنا مکذبين، ان لهم في جهنم مقام عظيم، نودي لهم يوم القيمه اين الضالون المکذبون للمرسلين، ما خلفهم المرسلين الا بالحق، و ما کان الله لينظرهم الي اجل قريب فسبح بحمد ربک و علي من الشاهدين) و منها سوره النورين، ترکت ذکرها لکونها مع طولها مغلوطه لعدم وجود نسخه مصححه عندي يصح الرکون اليها. الساد

س ما رواه علي بن ابراهيم القمي في تفسيره و هو ايضا کثير. منها قوله تعالي: (و من يطع الله و رسوله في ولايه علي و الائمه من بعده فقد فاز فوزا عظيما) و منها قوله تعالي: و لکن الله يشهد بما انزل اليک في علي انزله بعلمه و الملائکه يشهدون) و منها قوله تعالي: (ان الذين کفروا و ظلموا آل محمد حقهم لم يکن الله ليغفر لهم) و منها (و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاوک يا علي فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول) و منها قوله تعالي: (و لو تري الذين ظلموا آل محمد حقهم في غمرات الموت) السابع ما رواه في الصافي عن العياشي عن الباقر (ع) في قوله: (و اذ اخذ الله ميثاق النبيين) انها نزلت و اذ اخذ الله ميثاق امم النبيين. الثامن ما فيه عنه في قوله: فبدل الذين اه اننها نزلت فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم غير الذي قيل لهم، فانزلنا علي الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما کانوا يفسقون. التاسع ما رواه في الکافي عن ابي‏بصير مقطوعا في حديث طويل، ثم اتي الوحي الي النبي (ص) فقال: (سئل سائل بعذاب واقع للکافرين بولايته علي ليس له دافع من الله ذي المعارج) قال: قلت: جعلت فداک انا لانقرئها هکذا، فقال: هکذا و الله نزل بها جبرئيل علي محمد (ص)، و هکذ

ا هو و الله مثبت في مصحف فاطمه عليهاالسلام، الي غير ذلک مما يقف عليه المتتبع المجد و اکثر التفاسير احتواء لذلک تفسير القمي، و فيما ذکرناه کفايه لمن طلب الحق، لانها علي اختلاف مودياتها متفقه علي الدلاله علي النقيصه في الکتاب فيحصل منها العلم الضروري بها. و المناقشه فيها بان الزيادات المذکوره فيها انما هي من قبيل الاحاديث القدسيه لا القرآن فبعيده جدا کما ان احتمال ان يکون الناقصات من قبيل التفاسير و بيان المعاني کذلک، لما عرفت من التصريح في بعضها بانها هکذا نزلت، و في بعضها هکذا و الله نزلت، و مع ذلک التصريح کيف يمکن القول بکون المنقوصات من قبيل التفاسير کما توهمه الصدوق. و الانصاف ان القول بعد النقص فيه مما يمکن انکاره بعد ملاحظه الادله و الاخبار التي قد مناها، فانها قد بلغت حد التواتر، مضافا الي اخبار ورود الامه علي الحوض و قولهم بعد سئوال النبي (ص) عنهم کيف خلفتموني في الثقلين: اما الاکبر فحرقناه (فبدلناه خ ل) و اما الاصغر فقتلناه، و هذه الاخبار ايضا متواتره، و مع التنزل عن بلوغها حد التواتر نقول: انه بانضمامها الي الاخبار الاول لا محاله تکون متواتره مفيده للعلم بنبوت النقصان، اذ لو کان القرآن الموجود بايدي

نا اليوم بعينه القرآن المنزل من السماء من دون ان يکون فيه تحريف و نقصان، فاي داع کان لهم علي الطبخ و الاحراق الذي صار من اعظم المطاعن عليهم. فان قلت: اذا ثبت وقوع التغيير في القرآن فکيف يجوز لنا قرائته؟ بل اللازم قرائته علي نحو ما انزل فيما اطلعنا عليه. قلت: ان الائمه عليهم‏السلام رخصونا علي ما هو الموجود الان و لم ياذنوا بقرائته علي نحو ما انزل. يدل علي ذلک ما رواه في الکافي مرسلا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن بعض اصحابه عن ابي‏الحسن (ع) قال: قلت له: جعلت فداک انا نسمع الايات في القرآن ليس هي عندنا کما نسمعها و لا نحسن ان نقراها کما بلغنا عنکم فهل ناثم؟ فقال (ع): لا اقروا کما تعلمتم فسيجيئکم من يعلمکم. و فيه ايضا باسناده الي سالم بن سلمه، قال: قرء رجل علي ابي‏عبدالله (ع) و انا استمع حروفا من القرآن ليس علي ما يقرئها الناس، فقل ابوعبدالله (ع): مه کف عن هذه القرائه و اقرء کما يقرء الناس حتي يقوم القائم (ع): فاذا قام قرء کتاب الله علي حده و اخرج المصحف الذي کتبه علي (ع) فان قلت: سلمنا وجود التحريف فيه فلم لم يصححه اميرالمومنين (ع) حيثما جلس علي سرير الخلافه مع انه لم يکن منه مانع يومئذ. قلت: انه (ع) لم يت

مکن منه لوجود التقيه المانعه من حيث کونه مستلزما للتشنيع علي من سبقه کما لم يتمکن من ابطال صلاه الضحي، و من اجراء متعتي الحج و النساء، و من عزل شريح عن القضاوه، و معاويه عن الاماره، و قد صرح بذلک في روايه الاحتجاج السابقه في مکالمته (ع) مع الزنديق. مضافا الي اشتمال عدم التصحيح علي مصلحه لا تخفي، و هو ان يتم الحجه في يوم القيامه علي المحرفين المغيرين من هذه الجهه ايضا بحيث يظهر شناعه فعلهم لجميع اهل المحشر، و ذلک بان يصدر الخطاب من مصدر الربوبيه الي امه محمد (ص)، و يقال لهم: کيف قراتم کتابي الذي انزلته اليکم؟ فيصدر عنهم الجواب، بانا قراناه کذا و کذا، فيقال لهم: ما انزلناه هکذا فلم ضيعتموه و حرفتموه و نقصتموه؟ فيجيبوا ان يا ربنا ما قصرنا فيه و لا ضيعناه و لا فرطنا، بل هکذا وصل الينا، فيخاطب حمله الوحي و يقال لهم: انتم قصرتم في تبليغ وحيي و اداء امانتي؟ فيقولوا ربنا ما فرطنا في وحيک من شي‏ء و انما فرط فيه فلان و فلان بعد مضي نبيهم، فيظهر شناعه فعلهم و فضاحه عملهم لجميع اهل المحشر و يستحقوا بذلک الخزي العظيم و العذاب الاليم مضافا الي استحقاقهم للنکال و العقاب بتفريطهم في امر الرساله و تقصيرهم في غصب الخلافه. فان

قلت: سلمنا ان عليا (ع) لم يتمکن من تصحيحه و ان بقائه علي التحريف کان مشتملا علي المصلحه التي ذکرتها، و لکن بقي هنا شي‏ء و هو ان الائمه لم لم يدفعوا ما عندهم من الکتاب المنظم المحفوظ السالم عن التحريف الي الامه و ما کان المانع لهم من ذلک؟ قلت: السر من عدم اظهارهم عليهم‏السلام له وجوه کثيره. منها انه لو اظهر ذلک الکتاب مع بقاء هذا الکتاب المحرف لوقع الاختلاف بين الناس و يکون ذلک سببا لرجوع الناس الي کفرهم الاصلي و اعقابهم القهقري. و منها ان شوکه النفاق يومئذ کان اکثر فلو اظهروه لاحدث المنافقون فيه ما احدثه رئيسهم قبلهم. و منها انه مع اظهاره ايضا لا يکون له رواج، لمکان شهره ذلک المحرف الي غير هذه من الاسرار التي تستفاد من الاخبار. و کيف کان فقد ظهرو تحقق مما ذکرنا کله ان حدوث التحريف و النقصان في القرآن مما لاغبار عليه. و اما الزياده ففيها تردد و الاقوي العدم اذ الدليل عليها ليس الا عده روايات و هي لا تقاوم الاجماعات التي ادعاها الشيخ و الصدوق و الطبرسي و المحقق الکاظمي. فان قلت: قد ظهر من کلام الصدوق الاجماع علي عدم النقيصه ايضا، فان کان الاجماع المنقول حجه في المقامين کليهما، و الا فلا يعبا به في شي‏ء منهما و

التفرقه بينهما بالعمل به في احدهما دون الاخر شطط من الکلام. قلت: الاجماع المنقول انما هو معتبر لاجل افادته الظن، و هو لا يکافو القطع الحاصل من الاخبار المتواتره الداله علي النقيصه، و لکن لما کان الظن الحاصل منه اقوي من الظن الحاصل من ادله الزياده لا جرم رجحناه عليها. هذا تمام الکلام في المقام، و قد تکلمنا فيه بمقتضي افهامنا، و الله العالم بحقايق الامور. التذبيل الثالث: اعلم انه قد تواترت الاخبار عن العتره الزاکيه و اجمعت الاصحاب من الفرقه الناجيه الاماميه علي ان قيم القرآن بعد النبي (ص) الي العالم بتفسير محکماته و تاويل متشابهاته، و الحافظ لاسراره و آياته و انوار بيناته، هو علي و الطيبون من اولاده عليهم‏السلام، و قد طابق العقل في ذلک النقل فکلاهما متطابقان في علمهم بالقرآن. اما العقل فلانه قد علمت عند شرح قوله (ع): و لم يخل الله خلقه من نبي مرسل او کتاب منزل او حجه لازمه، ان الارض لا تبقي بلا حجه من بعد النبي (ص)، اذا الحاجه من الخلق ماسه دائما الي وجود من يقربهم الي الله و يهديهم الي سبيل ربهم بالحکمه و الموعظه الحسنه، فلابد ان يکون ذلک الحجه عالما بجميع القرآن، اذ القرآن لا يکون بنفسه حجه من دون قيم، ضروره

ان القرآن ليس کتابا يقوم بعلمه عامه اهل النظر من الفضلاء فضلا عن غيرهم کيف؟ و اکثر ارباب النظر عاجزون عن مطالعه کتب الحکماء و فهمها، ککتب افلاطن و ارسطو فکيف يمکنهم ان يعملوا القرآن و يفهموه، و هو کتاب الهي و کلام رباني نسبته الي ساير الکتب کنسبه الرب تعالي الي مصنفي تلک الکتب، و هو مشتمل علي رموز و بطون و اسرار و نکات، فلا يهتدي الي نوره الا بتاييد الهي و الهام رباني و تعليم نبوي، و لم نجد احدا يقال: انه علم القرآن کله، و انه قيمه الا عليا و اولاده المعصومين سلام الله عليهم اجمعين فهم قيم القرآن و عارفوه. و في روايه الکافي عن منصور بن حازم، قال: قلت: لابي‏عبدالله (ع) الي ان قال: و قلت الناس: تعلمون ان رسول‏الله (ص) کان هو الحجه من الله علي خلقه، قالوا: بلي، قلت: فحين مضي رسول‏الله (ص) من کان الحجه علي خلقه؟ فقالوا: القرآن، فنظرت فاذا هو يخاصم فيه المرجئي و القدري و الزنديق الذي لا يومن به حتي يغلب الرجال بخصومته، فعرفت ان القرآن لا يکون حجه الا بقيم، فما قال فيه من شي‏ء کان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن؟ فقالوا: ابن مسعود قد کان يعلم، و عمر يعلم، و حذيفه يعلم، قلت: کله؟ قالوا: لا فلم اجد احدا يقال: انه يعرف ذ

لک کله الا عليا صلوات الله عليه، و اذا کان الشي‏ء بين القوم، فقال هذا: لا ادري، و قال هذا: لا ادري، و قال هذا: لا ادري و قال هذا: انا ادري فاشهد ان عليا (ع) کان قيم القرآن، و کانت طاعته مفروضه، و کان الحجه بعد رسول‏الله (ص)، و ان ما قال في القرآن فهو حق فقال (ع) رحمک الله. و اما النقل فقد روي عن ابن عباس انه کان ليله من الليالي عند اميرالمومنين (ع) و هو يفسر فاتحه الکتاب، فراي نفسه عنده کجره عند بحر عظيم، و هو (ع) قال لو شئت لاوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحه الکتاب. و في غايه المرام عن محمد بن الحسن الصفار باسناده عن الاصبغ بن نباته، قال اميرالموالمنين (ع): لو کسرت لي و ساده فقعدت عليها لقضيت بين اهل التوراه بتوارتهم، و اهل الانجيل بانجيلهم و اهل الفرقان بفرقانهم بقضاء يصعد الي الله يزهر و الله ما نزلت آيه في کتاب الله في ليل و نهار الا او قد علمت فيمن انزل، و لا احد مر علي راسه الموسي الا و قد نزلت فيه آيه من کتاب الله تسوق الي الجنه او الي النار، فقام اليه رجل، فقال يا اميرالمومنين (ع): ما الايه التي نزلت فيک؟ قال (ع) له: اما سمعت الله يقول: (افمن کان علي بينه من ربه و يتلوه شاهد) و في غايه المرام ايضا عن

الشيخ في اماليه باسناده عن علي (ع)، قال: سلوني عن کتاب الله، فو الله ما انزلت آيه من کتاب الله عز و جل في اليل او نهار و لا مسير و لا مقام الا و قد اقرانيها رسول‏الله (ص) و علمني تاويلها، فقام ابن الکوا، فقال يا اميرالمومنين: فما کان ينزل عليه و انت غائب عنه؟ قال: کان يحفظ علي رسول‏الله (ص) ما کان ينزل عليه من القرآن و انا عنه غائب حتي اقدم عليه فيقرئنيه و يقول لي يا علي انزل الله علي بعدک کذا و کذا فيعلمني تاويله و تنزيله. و في البحار عن بصائر الدرجات باسناده عن ابراهيم بن عبدالحميد عن ابيه عن ابي‏الحسن الاول (ع)، قال: قلت له جعلت فداک: النبي (ص) ورث علم النبيين کلهم؟ قال لي: نعم قلت له جعلت فداک: النبي (ص) ورث علم النبيين کلهم؟ قال: لي: نعم قلت: من لدن آدم الي ان انتهي الي نفسه، قال: نعم، قلت ورثهم النبوه و ما کان في آبائهم من النبوه و العلم، قال: ما بعث الله نبيا الا و قد کان محمد (ص) اعلم منه، قال: قلت: ان عيسي بن مريم کان يحيي الموتي باذن الله، قال: صدقت، و سليمان بن داود کان يفهم کلام الطير، قال: و کان رسول‏الله (ص) يقدر علي هذه المنازل، فقال: ان سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده و شک في امره: (ما لي

لا اري الهدهد ام کان من الغائبين) و کانت المرده و الريح و النمل و الناس و الجن و الشياطين له طائعين، و غضب عليه، فقال: (لاعذبنه عذابا شديدا او لاذبحنه او لياتيني بسلطان مبين) و انما غضب عليه لانه کان يدله علي الماء فهذا و لم يعط سليمان، و انما اراد ليدله علي الماء فهذا لم يعط سليمان و کانت المرده له طائعين و لم يکن يعرف الماء تحت الهواء و کانت الطير تعرفه، ان الله يقول في کتابه: (و لو ان قرانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او کلم به الموتي) فقد ورثنا نحن هذا القرآن فعندنا ما تسير به الجبال و تقطع به البلدان و يحيي به الموتي باذن الله، و نحن نعرف ما تحت الهواء و ان کان في کتاب الله لايات لا يراد بها امر من الامور التي اعطاها الله الماضين النبيين و المرسلين الا و قد جعله الله ذلک کله لنا في ام الکتاب، ان الله تبارک و تعالي يقول: (و ما من غائبه في السماء و الارض الا في کتاب مبين) ثم قال عز و جل: (ثم اورثنا الکتاب الذين اصطفيناه من عبادنا) فنحن الذين اصطفانا الله، فقد ورثنا علم القرآن الذي فيه تبيان کل شي‏ء و في الکافي باسناده عن عبدالرحمن بن کثير عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: (قال الذي عنده علم من الکتاب انا اتيک

به قبل ان يرتد اليک طرفک) قال: ففرج ابوعبدالله (ع) بين اصابعه فوضعها في صدره، ثم قال و عندنا و الله علم الکتاب کله. و في تفسير علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي‏عمير عن ابن اذينه عن ابي‏عبدالله (ع) ايضا قال: الذي عنده علم الکتاب، هو اميرالمومنين (ع) و سئل عن الذي عنده علم من الکتاب اعلم ام الذي عنده علم الکتاب؟ فقال (ع) ما کان علم الذي عنده علم من الکتاب عند الذي عنده علم الکتاب الا بقدر ما تاخذ البعوضه بجناحها من ماء البحر. و في غايه المرام عن محمد بن الحسن الصفار باسناده عن عبد الاعلي بن اعين قال: سمعت اباعبدالله (ع) يقول: قد ولدني رسول‏الله (ع) و انا اعلم کتاب الله، و فيه بدو الخلق و ما هو کائن الي يوم القيامه و فيه خبر السماء و خبر الارض و خبر الجنه و خبر النار و خبر ما کان و خبر ما هو کائن، اعلم ذلک کانما انظر الي کفي ان الله يقول: (فيه تبيان کل شي‏ء) و قريب منه ما في الکافي باسناده عن عبد الاعلي مولي آل سام، قال: سمعت اباعبدالله (ع) يقول: و الله اني لاعلم کتاب الله من اوله الي آخره کانه في کفي، فيه خبر المساء و خبر الارض و خبر ما کان و خبر ما هو کائن، قال الله عز و جل فيه تبيان کل شي‏ء. قال بعض المحققين

: قوله (ع): کانه في کفي تنبيه علي ان علمه بما في الکتاب شهودي بسيط واحد بالذات متعلق بالجميع، کما ان رويه ما في الکف رويه واحده متعلقه بجميع اجزائه، و التعدد انما هو بحسب الاعتبار. و قوله (ع): فيه خبر السماء يعني من احوال الافلاک و حرکاتها و احوال ملائکه و درجاتها و حرکات الکواکب و مداراتها و منافع تلک الحرکات و تاثيراتها الي غير ذلک من الامور الکاينه في العلويات و المنافع المتعلقه بالفلکيات. و قوله (ع): و خبر الارض يعني من جوهرها و انتهائها و ما في جوفها و ارجائها و ما في تحتها و اهوائها و ما فيها من المعدنيات و ما تحت الفلک من البسايط و المرکبات التي يتحير في ادراک نبذ منها عقول البشر، و يتحير دون بلوغ ادني مراتبها ظاهر الفکر و النظر. و قوله (ع): و خبر ما کان و خبر ما هو کائن اي من اخبار السابقين و اخبار اللاحقين کلياتها و جزئيتها و احوال الجنه و مقاماتها و تفاوت مراتبها و درجاتها و اخبار المثاب فيها بالانقياد و الطاعه و الماجور فيها بالعباده و الزهاده و اهوال النار و درکاتها و احوال مراتب العقوبه و مصيباتها، و تفاوت مراتب البرزخ في النور و الظلمه، و تفاوت احوال الخلق فيه بالراحه و الشده، کل ذلک بدليل قوله

: فيه تبيان کل شي‏ء، اي کشفه و ايضاحه فلا سبيل الي انکاره. التذييل الرابع: اعلم انه قد ورد الاخبار المتظافره في النهي عن تفسير القرآن بالراي منها ما في مجمع البيان، قال: اعلم ان الخبر قد صح عن النبي و الائمه القائمين مقامه ان تفسير القرآن لا يجوز الا بالاثر الصحيح و النص الصريح، قال: و روي العامه انه (ص) قال: من فسر القرآن برايه فاصاب الحق فقد اخطا و منها ما عن تفسير العياشي عن ابي‏عبدالله (ع)، قال من فسر القرآن ان اصاب لم يوجر، و ان اخطا سقط ابعد من السماء. و منها ما عن الرضا عن ابيه عن آبائه عن اميرالمومنين عليهم‏السلام، قال: رسول‏الله (ص): ان (قال ظ) الله عز و جل في الحديث القدسي ما آمن بي من فسر کلامي برايه، و ما عرفني من شبهني بخلقي، و ما علي ديني من استعمل القياس في ديني. و منها ما رواه في الکافي عن زيد الشحام في حديث قتاده مع ابي‏جعفر (ع) قال، فقال ابوجعفر (ع): ويحک يا قتاده ان کنت انما فسرت القرآن من تلقاء نفسک فقد هلکت و اهلکت، و ان کنت انما اخذته من الرجال فقد هلکت و اهلکت الي ان قال: فقال ابوجعفر (ع) ويحک يا قتاده انما يعرف القرآن من خوطب به. اذا عرفت ذلک فنقول: ان طائفه من متاخري اصحابنا و هم الا

خباريون قالوا: بعدم جواز استنباط حکم من الاحکام من القرآن و عدم جواز الاستدلال به علي شي‏ء من المسائل الا بعد صدور بيانه من الائمه عليهم‏السلام، متمسکا بالاخبار المذکوره، و بادله اخري استدلوا بها علي مذهبم في محالها، و قد خالفوا في ذلک جميع المجتهدين، لاتفاقهم علي جواز العمل بمحکمات الکتاب نصا کان او ظاهرا و استدلوا عليه بادله و افيه و براهين شافيه تعرضوا لها في علم الاصول، و لا حاجه لنا في المقام الي اشباع الکلام في هذه المساله، و انما مقصودنا تحقيق معني الاخبار المذکوره ليتضح المراد بها و يظهر ايضا عدم دلالتها علي ما رامه الاخباريه فنقول: ان التفسير ماخوذ من الفسر و هو کشف الستر عن المستور، يقال: فسر الشي‏ء فسرا اذا کشف عن غطائه، و قد يقال: انه کشف المراد عن اللفظ المشکل، و في الاوقيانوس انه في عرف المفسرين مرادف للتاويل و في المصباح فسرت الشي‏ء افسره بالکسر فسرا و التفسير مثله. اذا عرفت هذا فاعلم انه ان اريد بالتفسير المذکور في الاخبار المعنيان الاولان، فلا يکون فيها دلاله علي المنع بالظواهر و بالنصوص بطريق اولي، لظهور ان التفسير علي المعنيين المذکورين انما يکون في الالفاط التي معانيها خفيه مستوره، و الالف

اظ التي معانيها مشکله کالمجملات و المتشابهات، و لا ريب ان المعاني الظاهره من الالفاظ بنفسها لا ستره عليها حتي يحتاج الي الکشف، و لا اشکال فيها حتي يحتاج الي الفسر. و اما علي القول بکونه مرادفا للتاويل فکذلک، اذ نحن لا ننکر عدم جواز تاويل ما يحتاج الي التاويل من تلقاء النفس و نعترف بانحصار علم المتشابهات المحتاجه اليه في الائمه عليهم‏السلام، لقوله تعالي: (و ما يعلم تاويله الا الله و الراسخون في العلم) و لکن اين ذلک من اتباع المحکمات من العمل بالظواهر، نعم علي القول بان معناه البيان و الايضاح کما حکيناه عن المصباح و الصحاح يکون للاستدال بالاخبار المذکوره وجه، لعدم اختصاص التفسير علي ذلک المعني بالالفاظ المجمله و المتشابهه الا ان يقال: ان المراد بالراي في الاخبار المذکوره هو الاعتبار العقلي الظني الراجع الي الاستحسان، فالمراد من التفسير بالراي حمل اللفظ علي خلاف ظاهره او احد احتماليه، لرجحان ذلک في نظره القاصر، فلا يشمل حمل ظواهر الکتاب علي معانيها اللغويه و العرفيه الظاهره، فالمقصود بهذه الروايات ذم المخالفين و طردهم من حيث استغنائهم بارائهم الفاسده عن مراجعه اهل البيت عليهم‏السلام، و يشعر بذلک ما قاله سبحانه.

في الحديث القدسي السالف: و ما علي ديني من استعمل القياس في ديني، و يرشد اليه ما روي عن الصادق (ع)، قال يعرفوا حقيقته فوضعوا له تاويلا من عند انفسهم بارائهم فاستغنوا بذلک عن مساله الاوصياء، و يمکن ان يراد بالراي الهوي و ميل الطبع. توضيحه ما ذکره الغزالي في احياء العلوم و هوان يکون له في الشي‏ء، راي و اليه ميل من طبعه و هواه فيتاول القرآن علي وفق رايه و هواه ليحتج علي تصحيح غرضه، و لو لم يکن له ذلک الراي و الهوي فکان لا يلوح له من القرآن ذلک المعني، و هذا تاره يکون مع العلم، کالذي يحتج ببعض آيات القرآن علي تصحيح بدعته و هو يعلم انه ليس المراد بالايه ذلک، و لکن يلبس به علي خصمه و تاره يکون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن و يستدل عليه بما يعلم انه ما اريد به کالذي يدعو الي مجاهده القلب القاسي فيقول قال الله عز و جل: (اذهب الي فرعون انه طغي) و يشير الي قلبه و يومي الي انه المراد بفرعون، و هذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحه، تحسينا للکلام و ترغيبا للمستمع، و قد تستعمله الباطنيه في المقاصد الفاسده لتغرير الناس و دعوتهم الي مذهبهم الباطل فينزلون القرآن علي وفق رايهم و مذهبهم علي امور يعملون قطعا

انها غير مراده به انتهي مخلصا. و قد ظهر و اتضح مما ذکرنا کله ان الاخبار الماثوره لا تنهض دليلا علي المنع من استنباط الاحکام من الظواهر و محکمات الکتاب، و لا علي المنع من العمل بها الا بعد السماع و النقل کيف و قد مدح الله سبحانه المستنبطين بقوله: لعلمه الذين يستنبطونه، ورود الاخبار المتواتره بعرض الاخبار المتعارضه علي کتاب الله و اخذ الموافق له و طرح المخالف، فتدل علي ان الکتاب حجه و معروض عليه، و لو لم يصح فهم معناه الا بالنص کيف يمکن العرض عليه و هو غير مفهوم المعني، و تمام الکلام في ذلک موکول الي حواشينا علي قوانين الاصول هذا. و قد بقي في المقام بعض ابحاث قرانيه من تواتره و تواتر قرائات السبع و فضائله و فضائل قرائته و سماعه و النظر فيه و غير ذلک من المباحث الشريفه النفيسه، الا انا طوينا عنها کشحا لخوف الاطاله و الاطناب، و لعلنا نشير الي بعضها في المقام المناسب، و الله الموفق و المعين. الترجمه: پس اختيار کرد و برگزيد خداوند سبحانه و تعالي بجهه محمد خاتم الانبياء صلوات الله عليه و آله ملاقات روحاني او را و پسنديد از براي او آن چيزي را که نزد اوست، پس اکرام فرمود و عزيز شمرد او را از ماندن دار دنياي فاني و صرف

فرمود و بگردانيد ميل او را از اقامت مقام بلاد محنت، پس قبض فرمود روح شريف او را بسوي خود در حالتيکه عزيز و شريف بود و خليفه گذاشت آن حضرت بعد از خود در ميان شما مثل آن چيزيکه خليفه گذاشتند پيغمبران در ميان امتان خود، زيرا که ترک نکردند ايشان امتان را سر خود و واگذاشته بيراه روشن و بدون علامت و نشانه ثابت که عبارتست آن خليفه گذاشته شده از کتاب پروردگار شما در حالتي که بيان‏کننده بود آن حضرت حلال آنرا و حرام آن را و فضيلتهاي آن را که مندوبات است و فريضه‏هاي آن را که واجباتست و نسخ‏کننده آنرا و نسخ کرده شده آن را و رخصتهاي آن را که در حال ضرورت اذن داده شده و عزيمتهاي آن را که در هيچ حال اذن مخالفت آنها داده نشده، و و خاصهاي آنرا و عامهاي آن را و عبرتهاي آنرا و مثلهاي آنرا و مطلقات آنرا و مقيدات آن را و محکمات آنرا که واضح الدلاله هستند و متشابهات آن را که غير واضح الدلاله مي‏باشند در حالتيکه آن حضرت تفسيرکننده بود مجملهاي آن را، و بيان‏کننده بود مشکلهاي آنرا، در حالتيکه آن کتاب ميان چيزي است که اخذ کرده شده است پيمان دانستن آن، و ميان چيزيست که وسعت داده شده بر بندگان در جهالت آن، و ديگر ميان آن چيزيستکه ثبت ش

ده است در کتاب فرض و وجوب آن، و دانسته شده است در سنت نبوي نسخ آن، و ديگر ميان آن چيزيست که واجبست در سنت اخذ و فراگرفتن آن و اذن و رخصت داده شده است در آن کتاب ترک نمودن آن، و ديگر مسائل آن چيزيست که واجبست در وقت خود و زايل است در زمان استقبال خود، و ديگر ميان حکمي است که جدا شده است ميان محرمات خود با شدت و ضعف، که آن محرمات عبارتست از کبيريکه وعده داده است بر آن آتش سوزان خود را، و از صغيريکه آماده و مهيا فرموده است بجهه آن رحمت و غفران خود را، و ديگر ميان چيزيست که مقبول است در مرتبه ادناي خود و موسع است يعني وسعت داده شده در مرتبه اعلاي خود.

[صفحه 231]

اللغه: (الحج) بالفتح و الکسر هو القصد و في لسان الشرع او المتشرعه قصد بيت الله الحرام تقربا اليه سبحان بافعال مخصوصه في زمان مخصوص في مواطن مخصوصه، و في المصباح حج حجا من باب قتل قصد و الاسم الحج بالکسر و (الورود) هو الدخول في الماء للشرب منه (يالهون) اليه من وله يوله من باب ضرب و منع و حسب اذا ذهب عقله من فرح او حزن، و معني يالهون اليه يشتد شوقهم اليه حتي يکاد يذهب عقولهم من شده الاشتياق و (الولوه) بالضم مصدر وله يوله من الباب الرابع مثل الولوغ من ولغ يولغ، او مصدر وله يوله من الباب السادس مثل الولوغ ايضا من ولغ يولغ او مصدر وله يوله من الباب الثاني مثل الرجوع من رجع يرجع او بالفتح مصدر وله يوله من الباب الرابع ايضا مثل الولوع من ولع يولع، و علي جميع الاحتمالات فالهمزه في يالهون مقلوبه من الواو. و بما ذکرنا ظهر فساد ما توهمه الشارح المعتزلي حيث انه بعد ضبطه في المتن يولهون اليه و له الحمام اه قال: الوله شده الوجد حتي يکاد العقل يذهب، و له الرجل يوله و لها، و من روي يالهون اليه ولوه الحمام فسره بشي‏ء آخر، و هو يعکفون عليه عکوف الحمام، و اصل اله عبد، و منه الاله اي المعبود، و لما کان العکوف علي

الشي‏ء، کالعباده الملازمه له و الانقطاع اليه، يقال: اله فلان الي کذا اي عکف عليه کانه يعبده. ثم قال: و لا يجوز ان يقال: يالهون اليه في هذا الموضع بمعني يولهون، و ان اصل الهمزه الواو کما فسره الراوندي لان فعولا لا يجوز ان يکون مصدرا من فعلت بالکسر و لو کان يالهون هو يولهون کان اصله اله باکسر فلم يجز ان يقول: ولوه الحمام، و اما علي ما فسرناه نحن فلا يمتنع ان يکون الولوه مصدرا، لان الاله مفتوح، فصار کقولک: دخل دخولا، انتهي. وجه ظهور الفساد اولا ان المضبوط من کلامه (ع) في النسخ المتعدده يالهون اليه ولوه الحمام و لم نعثر بعد علي ما ضبطه الشارح اعني يولهون اليه و له الحمام في شي‏ء من النسخ، و لعله غير کلامه لما زعم من عدم مطابقته للقواعد الصرفيه مع ان ذلک الزعم فاسد حسبما تعرفه بعيد هذا. و ثانيا ان ما ذکره من عدم مجي‏ء فعول مصدرا من فعل بالکسر لا يعرف وجه له بل اللغه يشهد بخلافه علي ما يظهر من الکتب المدونه فيها، حيث ان المتحصل منها ان فعولا بضم الفاء قد يجي‏ء مصدرا من فعل مفتوح العين، سواء کان مضارعه يفعل بالفتح ايضا کالرکوع و الرنوع و الولوغ و البهوغ بالغين المعجمه في الاخيرين، او يفعل بالضم کالسجود و البلوغ و ال

عقود و الدخول، او يفعل بالکسر کالرجوع و قد يکون مصدرا من فعل مکسور العين سواء کان مضارعه يفعل بالکسر کالولوع ايضا او بالفتح کالولوغ ايضا، و قد ذکروا ان الفعول ايضا بفتح الفاء قد يکون مصدرا من فعل بکسر العين کالولوع بالعين المهمله. و ثالثا ان ما ذکره اخيرا من قوله: و اما علي ما فسرناه نحن فلا يمتنع ان يکون الولوه مصدرا لان اله مفتوح فصار کقولک دخل دخولا. فيه اولا انه لم يسبق منه تفسير في ذلک، و انما روي تفسيرا من غيره بقوله و من روي يالهون اه فسره هکذا، فقوله: و اما علي ما فسرناه نحن غير خال عن السماجه. و ثانيا بعد الاغماض و الحمل علي التسامح اللفظي ان التفسير المذکور لا يصح ما ذکره، اذ الهمزه في اله بمعني عبد اصليه و ليست مقلوبه من الواو، فکيف يکون الولوه مصدرا له، و انما مصدره الاهه و الوهه حسبما مر في تفسير لفظ الجلاله في صدر الخطبه. و ثالثا ان ظاهر تمثيله بقوله: دخل دخولا، يشعر بکون اله من هذا الباب ايضا اي من باب فعل يفعل بفتح عين الماضي حسبما صرح به نفسه ايضا و ضم عين المضارع مع ان اللغويين صرحوا بان اله بمعني عبد من باب فعل يفعل کفرح يفرح و (السماع) لم اجده في کتب اللغه و لعله بضم السين و تشديد الميم ج

مع سامع کسمار جمع سامر و هکذا ضبطه الشارح البحراني و (يحرزون الارباح) من قولهم احرزت الشي‏ء احرازا ضممته، و منه قولهم: احرز قصب السبق اذا سبق اليها فضمها دون غيره و (التبادر) هو التسارع، و يتعدي بالي کما ان التسارع کذلک يقال: سارعوا اليه و تسارعوا و (العائذين) جمع عائذ بالياء المثناه و الذال المعجمه و هو المتسجير المعتصم الملتجي، و في بعض النسخ: العابدين بالباء الموحده و الدال المهمله و الاول اقرب و (الوفاده) کالافاده بقلب الواو همزه و الوفد و الوفود مصدر وفد کضرب يقال: وفد الي الامير و عليه وفدا و وفودا و وفاده و افاده اذا قدم و ورد، و في الحديث حق الصلاه ان تعلم انها وفاده الي الله، اي قدوم اليه طلبا لفضله. الاعراب: جمله يردونه في محل النصب علي الحاليه، و الورود و الولوه منتصبان علي المصدريه مجازا، اي ورودا مثل ورود الانعام و ولوها مثل ورود (ولوه ظ) الحمام، و مواقف مفعول فيه، و موعد منصوب بنزع الخافض اي الي موعد مغفرته و يحتمل الانتصاب علي المفعول فيکون المعني انهم يتسارعون عند الحج لوعد المغفره، و من استطاع في محل الجر بدل من الناس بدل بعض من الکل و الربط في الجمله الخبريه اعني قوله: فان الله غني عن العال

مين، العموم فيها الشامل للمبتداء اذ العالمين شامل لمن کفر و غيره و مثله قوله: (و الذين يمسکون بالکتاب و اقاموا الصلوه انا لانضيع اجر المصلحين) المعني: قال الرضي (ره) (و منها ذکر الحج) اعلم ان فاتحه کلامه (ع) في هذا الفصل کخاتمته مشتمله علي ذکر وجوب الحج و فرضه، و تالي الفاتحه و متلو الخاتمه متطابقان في وصف البيت الحرام و الواسطه بينهما وارده في اوصاف الحاج الکرام و مدايحهم و الثناء لهم، فهو من ابلغ الکلام علي احسن نظام. قال (ع): (و فرض عليکم حج بيته الحرام) اما فرض الحج و وجوبه فقد ثبت بالکتاب و السنه و اجماع المسلمين بل الضروره من دين الاسلام حسبما ياتي في آخر الفصل انشاء الله. و اما البيت الحرام فهو اول بيت وضع للناس مبارکا و هدي للعالمين، و موضعه اول بقعه خلقت من الارض خلقها الله سبحانه من زبد الماء و دحي الارض من تحتها و اختارها علي اجزائها و جعلها مطاف الملائکه المقربين و الانبياء المرسلين و العباد الصالحين، کيف لا وقد بناه الخليل بامر الجليل و المهندس جبرائيل و التلميذ اسماعيل کما قال: (و اذا بوانا لابراهيم مکان البيت الا تشرک بي شيئا و طهره بيتي لطائفين و القائمين و الرکع السجود) و ينبغي التعرض في الم

قام لاصل بناء البيت و مبناه و لبعض المشاعر و المناسک و الاشاره الي جهه توصيف البيت بالحرام فالبحث في مقاصد ثلاثه. المقصد الاول: اعلم ان موضع البيت حسبما اشير اليه هو اول جز من اجزا الارض في علام الخلق کما روي في الفقيه عن ابي‏جعفر (ع) لما اراد الله ان يخلق الارض امر الرياح الاربع فضر بن بهن الماء حتي صار موجا، ثم ازبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحي الارض من تحته، و هو قول الله: (ان اول بيت وضع للناس للذي ببکه مبارکا) فاول بقعه خلقت من الارض الکعبه ثم بدت الارض منها. و اما البناء الاصلي ففي روايه الفقيه عن علي بن موسي بن جعفر عليهم‏السلام انه قال في خمسه و عشرين من ذي القعده انزل الله عز و جل الکعبه البيت الحرام، فمن صام ذلک اليوم کان کفاره سبعين سنه، و هو اول يوم انزل فيه الرحمه من السماء علي آدم (ع) و في روايه اخري فيه ايضا عن ابي‏خديجه، عن ابي‏عبدالله عليه‏السلام ان الله عز و جل انزله لادم من الجنه و کان دره بيضاء فرفعه الله عز و جل الي السماء و بقي اسه و هو بحيال هذا البيت يدخله کل يوم سبعون الف ملک و لا يرجعون اليه ابدا، فامر الله عز و جل ابراهيم و اسماعيل عليهماالسلام

ببنيان البيت علي القواعد. و في تفسير علي بن ابراهيم عن الصادق (ع) في روايه طويله، قال (ع): فلما بلغ يعني اسماعيل مبلغ الرجال امر الله تعالي ابراهيم (ع) ان يبني البيت، فقال: يا رب في اي بقعه؟ فقال: في البقعه التي انزلت علي آدم القبه، فاضاء لها الحرم، فلم تزل القبه التي انزلها الله علي آدم قائمه حتي کان ايام الطوفان ايام نوح (ع) فلما غرقت الدنيا رفع الله تلک القبه و غرقت الدنيا الا موضع البيت فسميت البيت العتيق لانه اعتق من الغرق، فلما امر الله ابراهيم ان يبني البيت لم يدر في اي مکان يبنيه، بعث الله جبرئيل فخط له موضع البيت فانزل الله عليها القواعد من الجنه، و لما کان الحجر الذي انزله الله علي آدم اشد بياضا من الثلج، فلما مسته ايدي الکفار اسود فبني ابراهيم البيت و نقل اسماعيل الحجر من ذي طوي فرفعه الي السماء تسعه اذرع ثم دله علي موضع الحجر فاستخرجه ابراهيم و وضعه في موضعه الحديث. اقول: المستفاده من هاتين الروايتين و من بعض الروايات الاتيه في المقصد الثاني ان اصل البناء کان في زمن آدم، و يطابقهما بعض الروايات الداله علي ان اول البناء کان من آدم، ثم انطمس في زمان نوح فبناه ابراهيم، ثم بناه العمالقه، ثم قريش، ثم

الحجاج اللعين. و في روايه ابي‏بصير المرويه في الفقيه عن ابي‏عبدالله (ع) قال: ان آدم هو الذي بني البنيه و وضع اساسه و اول من کساه الشعر و اول من حج اليه الحديث. الا ان المستفاد من بعض الروايات الاخر انه کان قبل آدم هناک بيت يسمي بيت الضراح کان يطوف به الملائکه، فلما هبط آدم الي الارض امر بطوافه. و يويده ما رواه الصدوق عن بکير بن اعين عن اخيه زراره، قال: قلت لابي‏عبدالله (ع): جعلني الله فداک اسالک في الحج منذ اربعين عاما فتفتيني. فقال: يا زراره بيت يحج قبل آدم بالفي عام تريد ان يفتي مسائله في اربعين عاما، و سياتي انشاء الله عند شرح قوله: و وقفوا مواقف انبيائه في حديث حج آدم ما يفيد ذلک ايضا. و وجه الجمع بين هذه الروايات و الروايات الاوله غير خفي علي اهل المعرفه. المقصد الثاني: في الاشاره الي بعض المشاعر العظام کالحجر و المقام، و هما من الايات التي اشير اليها في قوله تعالي: فيه آيات بينات. اما الحجر فقد اودع الله فيه مواثيق الخلق، قال الصدوق في الفقيه: و انما يقبل الحجر و يستلم ليودي الي الله العهد الذي اخذ عليهم في الميثاق، و انما وضع الحجر في الرکن الذي هو فيه و لم يضعه في غيره، لانه تعالي حين اخذ الميثاق اخذه

في ذلک المکان، و جرت السنه بالتکبير و استقبال الرکن الذي فيه الحجر من الصفا، لانه لما نظر آدم و قد وضع الحجر في الرکن کبر الله و هلله و مجده، و انما جعل الميثاق في الحجر لان الله لما اخذ الميثاق له بالربوبيه و لمحمد (ص) بالنبوه و لعلي (ع) بالوصيه، اصطکت فرايص الملائکه، و اول من اسرع الي الاقرار بذلک الحجر، فلذلک اختار الله و القمه الميثاق و هو يجي‏ء، يوم القيامه و له لسان ناطق و عين ناظره يشهد لکل من وافاه الي ذلک المکان و حفظ الميثاق، و انما اخرج الحجر من الجنه ليذکر آدم ما نسي من العهد و الميثاق انتهي. و تفصيل ما ذکره هنا و سنده ما رواه في علل الشرايع باسناده عن بکير بن اعين، قال: ابوعبدالله (ع): هل تدري ما کان الحجر؟ قال: قلت: لا قال: کان ملکا عظيما من عظماء الملائکه عند الله عز و جل، فلما اخذ الله من الملائکه الميثاق، کان اول من آمن به و اقر لذلک ذلک الملک فاتخذه الله امينا علي جميع خلقه فالقمه الميثاق و اودعه عنده و استعبد الخلق ان يجدوا عنده في کل سنه الاقرار بالميثاق و العهد الذي اخذه الله عليهم، ثم جعله الله مع آدم في الجنه يذکر الميثاق و يجدد عند الاقرار في کل سنه. فلما عصي آدم فاخرج من الجنه انساه

الله العهد و الميثاق الذي اخذ الله عليه و علي ولده لمحمد و وصيه صلوات الله و سلامه عليهما و جعله باهتا حيرانا، فلما تاب علي آدم حول ذلک الملک في صوره دره بيضاء، فرماه من الجنه الي آدم و هو بارض الهند، فلما رآه آنس اليه و هو لا يعرفه باکثر من انه جوهره، فانطقه الله عز و جل، فقال: يا آدم اتعرفني؟ قال: لا قال: اجل استحوذ عليک الشيطان فانساک ذکر ربک، و تحول الي الصوره التي کان بها في الجنه مع آدم. فقال لادم: اين العهد و الميثاق؟ فوثب اليه آدم و بکي ذکر الميثاق و بکي خضع له و قبله و جدد الاقرار بالعهد و الميثاق، ثم حول الله عز و جل جوهر الحجر دره بيضاء يضي‏ء، فحمله آدم علي عاتقه اجلالا له و تعظيما، فکان اذا اعيا حمله جبرئيل (ع) حتي وافي به مکه، فما زال يانس به بمکه و يجدد الاقرار له کل يوم و ليله، ثم ان الله عز و جل لما اهبط جبرئيل الي ارضه و بني الکعبه هبط الي ذلک المکان بين الرکن و المقام و الباب، و في ذلک المکان تراي لادم حين اخذ الميثاق، و في ذلک المواضع القم الملک الميثاق، فبتلک العله وضع في ذلک الرکن و نحي آدم من مکان البيت الي الصفا و حوا الي المروه، و جعل الحجر في الرکن فکبر الله و هلله و مجده، فلذلک جرت

السنه بالتکبير في استقبال الرکن الذي فيه الحجر من الصفا. و ان الله عز و جل اودعه العهد و الميثاق و القمه اياه دون غيره من الملائکه لان الله عز و جل لما اخذ الميثاق له بالربوبيه و لمحمد (ص) بالنبوه و لعلي (ع) بالوصيه اصطکت فرايص الملائکه، و اول من اسرع الي الاقرار بذلک ذلک الملک، و لم يکن فيهم اشد حبا لمحمد و آل محمد عليهم‏السلام منه، فلذلک اختاره الله عز و جل من بينهم و القمه الميثاق فهو يجي‏ء يوم القيامه و له لسان ناطق و عين ناظره يشهد لکل من وافاه الي ذلک المکان و حفظ الميثاق. اقول: من کان علمه مقتبسا من نور النبوه و الوحي الا لهي يعلم سر استلام الحجر و تقبيله و ان اداء الامانه عنده من جهه اختصاصه بالتقدم الي الولايه من بين الملائکه، و يعرف انه يودي الموافاه يوم القيامه و اما من اضل الله و اعمي قلبه فلا يظنه الا حجرا لا يضر و لا ينفع. کما روي الفخر الرازي عن عمر بن الخطاب انه انتهي الي الحجر الاسود فقال اني لاقبلک و اني لاعلم انک حجر لا تضر و لا تنفع و ان الله ربي و لو لا اني رايت رسول‏الله (ص) يقبلک ما قبلتک. و زاد الغزالي قال: ثم بکي حتي علي نشيجه فالتفت الي ورائه فراي عليا کرم الله وجهه و رضي عنه، فقال:

يا اباالحسن هيهنا تسکب العبرات و تستجاب الدعوات، فقال علي: بل هو يضر و ينفع، قال: و کيف؟ قال ان الله تعالي لما اخذ الميثاق علي الذريه کتب عليهم کتابا ثم القمه هذا الحجر فهو يشهد للمومن بالوفا و يشهد علي الکافر بالجحود انتهي. اقول: کما يمکن ان يکون قوله: انک حجر لا تضر و لا تنفع، من باب الجهاله و لا غرو فيها، لما ستطلع عليه انشاء الله في تضاعيف ذلک الکتاب بجهالاته التي اعظم من هذه، کذلک يمکن ان يکون من باب التجاهل باقتضاء خبثه الباطني و نفاقه الغريزي هذا. و في بعض الاخبار ان الحجر لا يستقر مکانه الا ان يضعه نبي او امام کما مر ان اول وضعه في موضعه کان من آدم، ثم من ابراهيم، حيث انه لما بني البيت و انتهي الي موضع الحجر ناداه ابوقبيس يا ابراهيم ان لک عندي وديعه، فاعطاه الحجر فوضعه موضعه، رواه في الفقيه. و عند ما هدمت قريش الکعبه من جهه السيل الذي کان ياتيهم من اعلي مکه فيدخلها و انصدعت، وضعه النبي (ص) موضعه. و عند ما هدمها الحجاج علي ابن الزبير ثم بناها و فرغ من بناها سال علي ابن الحسين عليهماالسلام ان يضعها في موضعه فاخذه و وضعه موضعه. و في زمن القرامطه الاسماعيليه خذ لهم الله و لعنهم حيثما نقلوا الحجر الي مسجد

الکوفه ثم رد الي مکه فوضعه الامام صاحب العصر عجل الله فرجه موضعه، و کان ذلک في الغيبه الکبري، کل ذلک رويناه عن الاخبار الصحيحه. و في الفقيه و کان اشد بياض من اللبن فاسود من خطا يا بني‏آدم، و لو لا ما مسه من ارجاس الجاهليه ما مسه ذو عاهه الا برء، و في روايه علي بن ابراهيم القمي و کان الحجر الذي انزله الله علي آدم اشد بياضا من الثلج فلما مسته ايدي الکفار اسود. و اما المقام فهو من اعظم الاعلام، قال في الفقيه: قال زراره بن اعين لابي‏جعفر (ع): قد ادرکت الحسين (ع) قال: نعم، اذکروا انا معه في المسجد الحرام و قد دخل فيه السيل و الناس يقومون علي المقام يخرج الخارج و يقول: قد ذهب به السيل و يدخل الداخل و يقول: مکانه، قال: فقال يا فلان ما يصنع هولائ؟ فقلت اصلحک الله يخافون ان يکون قد ذهب بالمقام، قال: ان الله عز و جل جعله علما لم يکن ليذهب به فاستقروا و کان موضع المقام الذي وضعه ابراهيم عند جدار البيت، فلم يزل هناک حتي حوله اهل الجاهليه الي المکان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبي (ص) مکه رده الي الموضع الذي وضعه ابراهيم (ع) فلم يزل هناک الي ان ولي عمر، قال للناس: من فيکم يعرف المکان الذي کان فيه المقام؟ فقال له رجل: ا

نا کنت قد اخذت مقداره بنسع فهو عندي قال: ايتني به، فاتاه فقاسه ثم رده الي ذلک المکان هذا. و لکون المقام من المشاعر العظام و اعظم البينات و الاعلام خص بالذکر في القرآن و طوي ذکر غيره، قال تعالي: (فيه آيات بينات مقام ابراهيم) و فيه اثر قدم ابراهيم، و سبب هذا الاثر انه لما ارتفع بنيان الکعبه قام علي هذا الحجر ليتمکن من رفع الحجاره، فغاصت فيه قدماه. و قيل: انه لما جاء زائرا من الشام الي مکه و کان قد عهد لامراته ان لا ينزل بمکه حتي يرجع، فلما وصل الي مکه قالت له ام اسماعيل او امراه اسماعيل: انزل حتي نغسل راسک، فلم ينزل فجائته بهذا الحجر فوضعته علي الجانب الايمن فوضع قدمه عليه حتي غسلت احد جانبي راسه، ثم حولته الي الجانب الا يسر حتي غسلت الجانب الاخر. و غير خفي ان تاثر الصخره الصماء و غوص قدمه فيها الي الکعبين و بقائها في الوف من السنين مع کثره الاعداء من اليهود و النصاري و الملحدين، من اعظم آيات التوحيد و اظهر براهين التفريد. المقصد الثالث: في عله وصف البيت بالحرام و الاشاره الي بعض اسمائه: اما الاول فلما قال في الفقيه من انه حرم علي المشرکين ان يدخلوه، و يحتمل ان يکون ذلک من جهه انه حرام فيه ما هو حلال في غيره من

البيوت کالجماع و الملابسه لشي‏ء من الاقذار، او انه حرام دخوله من غير احرام قال في الفقيه: و حرم المسجد لعله الکعبه، و حرم الحرام لعله المسجد، و وجب الاحرام لعله الحرم، و قال رسول‏الله (ص) يوم فتح مکه: ان الله حرم مکه يوم خلق السماوات و الارض فهي حرام الي ان تقوم الساعه لم تحل لاحد قبل و لا تحل لاحد من بعدي و لم تحل لي الا ساعه من النهار. و اما وصفه بالعتيق في قوله: (وليطوفوا بالبيت العتيق) فاما من جهه انه عتيق من الناس لم يملکه احد غيره تعالي، و اما انه عتيق و قديم و قد بينا في المقصد الاول انه کان قبل آدم، و اما انه عتيق من الغرق و الطوفان حيث رفع الي السماء في طوفان نوح، و اما انه من عتق الطاير اذا قوي في و کره فلما بلغ في القوه الي حيث ان قصد قاصد تخريبه اهلکه الله سمي عتيقا. و اما الثاني ففي الصافي عن الخصال عن الصادق (ع) اسماء مکه خمسه: ام القري، و مکه، و بکه و البساسه اذا ظلموا بها بستهم اي اخرجتهم و اهلکتهم و ام رحم کانوا اذا الزموها رحموا. ثم انه (ع) بعد وصفه البيت بالحرام وصفه بانه (الذي جعله قبله للانام) و هذه العباره صريحه في ان القبله هي نفس البيت لجميع الخلق، و لما لم يتمکن النائي من تحصيل التوج

ه الي العين اکتفي في حقه بمراعاه الجهه، و هو مذهب المتاخرين من اصحابنا، خلافا للمتقدمين حيث ذهبوا الي ان البيت قبله للمسجد و المسجد لاهل الحرام و الحرم لمن في الدنيا، و التفصيل في الفقه و کونه قبله للانام صريح الکتاب مضافا الي السنه و الاجماع، قال تعالي: (قد نري تقلب وجهک في السماء فلنولينک قبله ترضيها فول وجهک شطر المسجد الحرام و حيث ما کنتم فولوا وجوهکم شطره) قال الصدوق في الفقيه: و صلي رسول‏الله (ص) الي بيت‏المقدس بعد النبوه ثلاث عشره سنه، و تسعه عشر شهرا بالمدينه ثم عيرته اليهود، فقالوا له: انک تابع لقبلتنا، فاغتم لذلک غما شديدا فلما کان في بعض الليل خرج (ص) يقلب وجهه في آفاق السماء فلما اصبح صلي الغداه، فما صلي من الظهر رکعتين جائه جبرئيل فقال له: قد نري تقلب وجهک في السماء الايه، ثم اخذ بيد النبي (ص) فحول وجهه الي الکعبه و حول من خلفه وجوههم حتي قام الرجال مقام النساء و النساء مقام الرجال، فکان اول صلاته الي بيت‏المقدس و آخرها الي الکعبه و بلغ الخبر مسجدا بالمدينه و قد صلي اهله من العصر رکعتين، فحولوا نحو الکعبه فکان اول صلاتهم الي بيت‏المقدس و آخرها الي الکعبه، فسمي ذلک المسجد مسجد القبلتين، فقال المس

لمون صلاتنا الي بيت‏المقدس اتضيع يا رسول‏الله؟ فانزل الله تعالي: (و ما کان الله ليضيع ايمانکم) اي صلاتکم الي بيت‏المقدس، قال الصدوق و قد اخرجت الخبر في ذلک علي وجهه في کتاب النبوه. و في الاحتجاج للطبرسي قال ابومحمد الحسن العسکري صلوات الله عليه: لما کان رسول‏الله (ص) بمکه امره الله عز و جل ان يتوجه نحو البيت‏المقدس في صلاته و يجعل الکعبه بينه و بينها اذا امکن و اذا لم يمکن استقبل بيت‏المقدس کيف کان، و کان رسول‏الله (ص) يفعل ذلک طول مقامه بها ثلاث عشره سنه، فلما کان بالمدينه و کان متعبدا باستقبال بيت‏المقدس استقبله و انحرف عن الکعبه سبعه عشر شهرا او سته عشر شهرا و جعل قوم من مرده اليهود يقولون: و الله ما يدري کيف محمد يصلي حتي صار يتوجه الي قبلتنا و ياخذ في صلاته بهدينا، فاشتد ذلک علي رسول‏الله (ص) لما اتصل به عنهم و کره قبلتهم و احب الکعبه، فجائه جبرئيل فقال له رسول‏الله: يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله عن بيت‏المقدس الي الکعبه، فقد تاذيت بما اتصل الي من قبل اليهود من قبلتهم فقال جبرئيل: فاسال ربک ان يحو لک اليها فانه لا يردک عن طلبتک لا يخيبک عن بغيتک، فلما استتم دعائه صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته فقال اقره يا

محمد: (قد نري تقلب وجهک في السماء فلنولينک قبله ترضيها فول وجهک شطر المسجد الحرام و حيث ما کنتم فولوا وجوهکم شطره) الايه، فقال اليهود عند ذلک: (ما وليهم عن قبلتهم التي کانوا عليها) فاجابهم الله باحسن جواب، فقال يا محمد: (قل لله المشرق و المغرب) و هو يملکها و تکليفه التحول الي جانب کتحويله لکم الي جانب آخر: (يهدي من يشاء الي صراط مستقيم) و هو اعلم بمصلحتهم و توديهم طاعتهم الي جنات النعيم (و هو مصلحهم و موديهم الي جنات النعيم، هکذا في تفسير الامام (ع) و قال ابومحمد (ع): و جاء قوم من اليهود الي رسول‏الله (ص)، فقالوا يا محمد، هذه القبله بيت‏المقدس قد صليت اليها اربع عشره سنه ثم ترکته الان امحقا کان ما کنت عليه؟ فقد ترکته الي باطل، فان ما يخاف الحق باطل، او کان باطلا فقد کنت عليه طول هذه المده فما يومننا ان تکون الان علي باطل؟ فقال رسول‏الله (ص): بل ذلک کان حقا و هذا حق يقول الله عز و جل: (قل لله المشرق و المغرب يهدي من يشاء الي صراط مستقيم) اذا عرف صلاحکم يا ايها العباد في استقبال المشرق امرکم به، و اذا عرف صلاحکم في استقبال المغرب امرکم به، و اذا عرف صلاحکم في غيرهما امرکم به، فلا تنکروا تدبير الله في عباده و ق

صده الي مصالحهم. ثم قال رسول‏الله (ص): لقد ترکتم العمل يوم السبت ثم عملتم بعده ساير الايام ثم ترکتموه في السبت ثم عملتم بعده افترکتم الحق الي الباطل او الباطل الي حق او الباطل الي الباطل او الحق الي الحق؟ قولوا کيف شئتم فهو قول محمد و جوابه لکم، قالوا بل ترک العمل يوم السبت حق و العمل بعده حق، قال رسول‏الله (ص): فکذلک قبله بيت‏المقدس في وقته حق ثم قبله الکعبه في وقته حق ثم قبله الکعبه في وقته حق، فقالوا له يا محمد: افبدا لربک فيما امرک به بزعمک من الصلاه الي بيت‏المقدس حتي نقلک الي الکعبه؟ قال رسول‏الله (ص): ما بداله عن ذلک، فانه العالم بالعواقب و القادر علي المصالح، لا يستدرک علي نفسه غلطا و لا يستحدث رايا يخالف المقدم جل عن ذلک، و لا يقع عليه ايضا مانع يمنعه من مراده و ليس يبدو (الا خ) لمن کان هذا وصفه، و هو جل و عز متعال عن هذه الصفات علوا کبيرا ثم قال رسول‏الله (ص): ايها اليهود اخبروني عن الله عز و جل اليس يمرض ثم يصح و يصح ثم يمرض ابدا له في ذلک شي‏ئ؟ ليس يحيي و يميت ابدا له فيکل واحد من ذلک؟ قالوا: لا، قال: کذلک عز و جل تعبد نبيه محمدا بالصلاه الي الکعبه بعد ان کان تعبده بالصلاه الي بيت‏المقدس، و ما بدا

له (لله خ) في الاول. ثم قال: اليس الله عز و جل تاتي بالشتاء في اثر الصيف و الصيف في اثر الشتاء ابدا له في کل واحد من ذلک؟ قالوا: لا، قال: فکذلک لم يبدو له في القبله، قال: ثم قال (ص): اليس قد الزمکم في الشتاء ان تحترزوا من البرد بالثياب الغليظه و الزمکم في الصيف ان تحترزوا من الحر فبداله في الصيف حين امرکم بخلاف ما کان امرکم به في الشتائ؟ قالوا: لا، قال رسول‏الله (ص): فکذلکم الله تعبدکم في وقت لصلاح يعلمه بشي‏ء ثم بعده في وقت آخر لصلاح يعلمه بشي‏ء آخر، فاذا اطعتم الله عز و جل في الحالتين استحققتم ثوابه، فانزل الله تعالي: (و لله المشرق و المغرب فاينما تولوا فثم وجه الله ان الله واسع عليم) يعني اذا توجهتم بامره فثم الوجه الذي تقصدون منه الله و تاملون ثوابه. ثم قال رسول‏الله (ص): يا عباد الله انتم کالمرضي و الله عز و جل کالطبيب فصلاح المرضي فيما يعلمه (يعمله خ) الطيب و يدبره به، لا فيما يشتهيه المريض و يقترحه الا فسلمو الله امره تکونوا من الفائزين، فقيل يا رسول‏الله: فلم امر بالقبله الاولي؟ قال: لما قال الله عز و جل: (و ما جعلنا القبله التي کنت عليها) و هي بيت‏المقدس (الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه

) الا لنعلم ذلک وجودا بعد ان علمناه سيوجد و ذلک ان هوي اهل مکه کان في الکعبه فاراد الله ان يبين متبع محمد (ص) ممن خالف (متبعي محمد من مخالفيه خ) باتباع القبله التي کرهها، و محمد (ص) يامر بها، و لما کان هوي اهل المدينه في بيت‏المقدس امرهم بمخالفتها و التوجه الي الکعبه ليبين من يوافق محمدا فيما يکرهه فهو مصدقه و موافقه ثم قال: (و ان کانت لکبيره الا علي الذين هدي الله) و ان التوجه الي بيت‏المقدس في ذلک الوقت کبيره الا علي من يهدي الله، فعرف ان لله عز و جل ان يتعبد بخلاف ما يريده المرء ليبتلي طاعته في مخالفه هواه. قوله (ع) (يردونه ورود الانعام) شبه (ع) و رود الحاج علي البيت الحرام بورود الانعام علي الماء للشرب و وجه الشبه الاجتماع و التزاحم، و من ذلک سمي ببکه لانه من البلک الذي هو عباره عن دفع البعض بعضا، يقال: بکه يبکه بکا اذا دفعه و زاحمه. کما قال الصادق (ع) في روايه العلل: انما سميت بکه بکه، لان الناس يباکون فيها اي يزدحمون. و روي عطا قال: صلي رجل في المسجد الحرام فمرت به امراه بين يديه فزجرها و کان الباقر (ع) حاضرا، فمنع الرجل و قال: لا تزجرها هذه بکه يبک بعضه بعضا اي يدق. و في الفقيه روي ان الکعبه شکت الي ا

لله عز و جل في الفتره بين عيسي و محمد عليهماالسلام فقالت يا رب مالي قل زواري مالي قل عوادي، فاوحي الله اليها اني منزل نورا جديدا علي قوم يحنون اليک کما تحن الانعام الي اولادها، و يزفون اليک کما تزف النسوان الي ازواجها، يعني امه محمد (ص)، اي يشتاقون اليک کما تشتاق الانعام، و يسرعون اليک کما تسرع النسوان و هو معني قوله (ع) (يالهون) اي يسرعون (اليه ولوه الحمام) و کل ذلک کنايه عن شده اشتياق الحجاج و فرط ميلهم الي البيت الحرام (جعله سبحانه) اي الحج (علامه لتواضعهم لعظمته و) اماره (اذعانهم لعزته) اذبه يعرف المتواضع من المتکبر و يتميز المذعن من المتجبر، لما فيه من التواضع و الخضوع ما ليس في ساير العبادات، و من هجر البلدان و قطع العلاقات، و تعب الابدان و ترک الشهوات، و تحمل الاخطار بقطع الاسفار و رکوب الضوامر في الجبال و القفار، و کشف الراس و نزع اللباس و عدم التمکن من البلوغ الا بشق الانفس، و غير ذلک کم النسک العظام التي حارت الافهام عن ادراک اسرارها، و قصرت الاوهام عن اقتباس انوارها، الا من اتي الله بقلب سليم، فهداه الي صراط مستقيم، و اما من لم يجعل الله له نورا فماله من نور، و من لم يعط هدي و دليلا فاولئک هم کالان

عام بل اضل سبيلا. کما روي في الفقيه ان ابن ابي‏العوجاء ذخل تمردا و انکارا علي من يحج و کان يکره العلماء مسائلته اياهم و مجالسته لهم، لخبث لسانه و فساد ضميره، فاتي جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام، فجلس اليه في جماعه من نظرائه، ثم قال له: ان المجالس امانات و لابد لمن به سوال ان يسال افتاذن لي في الکلام؟ فقال تکلم، فقال: الي کم تدوسون هذا البيدر، و تلوذون بهذا الحجر، و تعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب و المدر، و تهرولون حوله هروله البعير اذ انفر، من فکر هذا او قدر علم ان هذا فعل اسسه غير حکيم و لاذي نظر، فقل فانک راس هذا الامر و سنامه، و اسه و نظامه. فقال ابوعبدالله (ع): ان من اضله الله و اعمي قلبه استوخم الحق فلم يستعذبه و صار الشيطان وليه يورده مناهل الهلکه ثم لا يصدره، و هذا بيت استعبدالله به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه، فحثهم علي تعظيمه و زيارته، و جعله محل انبيائه و قبله للمصلين له، فهو شعبه من رضوانه، و طريق يودي الي غفرانه، منصوب علي استواء الکمال، و مجتمع العظمه و الجلال، خلقه الله تعالي قبل دحو الارض بالفي عام، و احق من اطيع فيما امر و انتهي عما نهي عنه و زجر الله المنشي‏ء للارواح و الصور الحديث. ثم ا

شار (ع) الي وصف الحجاج بقوله: (و اختار من خلقه سماعا) اي السامعين الذين (اجابو الله دعوته) لهم الي الحج (و صدقوا کلمته) الجاريه عن لسان ابراهيم (ع) و هو الاذان به و الامر باتيانه، و المراد بتصديقهم کلمته اتيانهم ما امروا به وقد اشير الي ذلک في قوله سبحانه مخاطبا لابراهيم (ع): (و اذن في الناس بالحج ياتوک رجالا و علي کل ضامر ياتين من کل فج عميق) قال: علي بن ابراهيم: و لما فرغ ابراهيم من بناء البيت امره الله ان يوذن في الناس بالحج، فقال: يا رب و ما يبلغ صوتي، فقال: اذن عليک الاذان و علي البلاغ، و ارتفع علي المقام و هو يومئذ ملصق بالبيت، فارتفع به المقام حتي کان اطول من الجبال، فنادي و ادخل اصبعيه في اذنيه و اقبل بوجهه شرقا و غربا يقول: ايها الناس کتب عليکم الحج الي البيت العتيق فاجيبوا ربکم، فاجابوه من تحت البحور السبعه و من بين المشرق و المغرب الي منقطع التراب من اطراف الارض کلها من اصلاب الرجال و من ارحام النساء بالتلبيه: لبيک اللهم لبيک، اولا ترونهم ياتون يلبون، فمن حج يومئذ الي يوم القيامه فهم ممن استجاب الله و ذلک قوله: (فيه آيات بينات مقام ابراهيم) يعني بذلک نداء ابراهيم علي المقام بالحج. و عن الکافي و ال

علل عن الصادق (ع) قال: لما امر ابراهيم و اسماعيل ببناء البيت و ثم بناوه قعد ابراهيم علي کل رکن ثم نادي هلم الحج، فلو نادي هلموا الي الحج لم يحج الا من کان يومئذ انسيا مخلوقا، و لکن نادي هلم هلم الحج الحج، فلبي الناس في اصلاب الرجال، لبيک داعي الله، لبيک داعي الله، فمن لبي عشرا حج عشرا، و من لبي خمسا حج خمسا، و من لبي اکثر فبعدد ذلک، و من لبي واحده حج واحده، و من لم يلب يحج، و نحو ذلک في الفقيه (و وقفوا مواقفا انبيائه) هذه الفقره کالتاليه لها تحريص و ترغيب للحجاج علي اتيان المناسک و تحملهم الاذي عند ذلک، لانهم لو تفکروا و تدبروا فيما هم عليه من متابعه الانبياء و تشبههم بملائکه السماء، لاستسهلوا احتمال الاذي في تحمل الضيم القماء، بل يجدون الاذي لذه و الذل عزه. و اما الانبياء الواقفون في تلک المواقف. فاولهم آدم (ع)، و يدل عليه ما رواه علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي‏عمير عن ابان بن عثمان عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: ان آدم بقي علي الصفا اربعين صباحا ساجدا يبکي علي الجنه و علي خروجه منها من جوار الله عز و جل، فنزل جبرئيل فقال يا آدم مالک تبکي؟ فقال: يا جبرئيل مالي لا ابکي و قد اخرجني الله من جواره و اهبطني الي الد

نيا، فقال: يا آدم: تب اليه؟ قال: کيف اتوب؟ فانزل الله تعالي عليه قبه من نور فيه موضع البيت فسطع نورها في حيال مکه فهو الحرم، فامر الله جبرئيل ان يضع عليه الاعلام، قال: ثم يا آدم، فخرج به يوم الترويه و امره ان يغتسل و يحرم و اخرج من الجنه اول يوم من ذي القعده فلما کان يوم الثامن من ذي الحجه اخرجه جبرئيل الي مني فبات بها فلما اصبح اخرجه الي عرفات، و قد کان علمه حين اخرجه من مکه: الاحرام، و علمه التلبيه، فلما زالت الشمس يوم عرفه فقطع التلبيه و امره ان يغتسل، فلما صلي العصر اوقفه بعرفات و علمه الکلمات التي تلقي بها ربه و هي: (سبحانک اللهم و بحمدک لا اله الا انت عملت سوء و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفرلي انک انت خير الغافرين، سبحانک اللهم و بحمدک لا اله الا انت عملت سوء و ظلمت نفسي و اعترفت بذنبي فاغفرلي انک انت التواب الرحيم) فبقي الي ان غابت الشمس، رده الي المشعر فبات بها، فلما اصبح قام علي المشعر الحرام فدعا الله بکلمات و تاب اليه ثم افاض الي مني و امره جبرئيل ان يحلق الشعر الذي عليه، فحلقه ثم رده الي مکه فاتي به الي عند الجمره الاولي فعرض ابليس عندها فقال يا آدم اين تريد؟ فامره جبرئيل ان يرميه بسبع حصيات و ا

ن يکبر مع کل حصاه تکبيره، ففعل، ثم ذهب فعرض له ابليس عند الجمره الثانيه فامره ان يرميه بسبع حصيات، فرمي و کبر مع کل حصاه تکبيره ثم مضي به، فعرض له ابليس عند الجمره الثالثه، فامره ان يرميه بسبع حصيات فرمي و کبر مع کل حصاه تکبيره، ثم مضي به فذهب ابليس لعنه الله فقال له جبرئيل: انک لن تراه بعد هذا اليوم ابدا، فانطلق به الي البيت الحرام و امره ان يطوف به سبع مرات، ففعل فقال له: ان الله قد قبل توبتک و حلل لک زوجتک، قال: فلما قضي آدم (ع) حجته لقته الملائکه بالابطح، فقالوا: يا آدم بر حجک، اما انا قد حججنا قبلک هذا البيت بالفي عام. و في الفقيه قال ابوجعفر (ع) اتي آدم هذا البيت الف آتيه علي قدميه منها سبعماه حجه و ثلاثماه عمره و کان ياتيه من ناحيه الشام، و کان يحج علي ثور و المکان الذي بنيت فيه الحطيم و هو ما بين باب البيت و الحجر الاسود و طاف آدم قبل ان ينظر الي حواء ماه عام، و قال له جبرئيل حياک الله و بياک يعني اصلحک الله. و فيه ايضا باسناده عن ابي‏عبدالله (ع) قال: موضع الکعبه ربوه من الارض بيضاء تضي‏ء کضوء الشمس و القمر حتي قتل ابنا آدم احدهما صاحبه فاسودت فلما نزل آدم رفع الله تعالي له الارض کلها حتي رآها، ثم قا

ل هذه لک کلها، قال يا رب ما هذه الارض البيضاء المنيره؟ قال: هي حرمي في ارضي و قد جعلت عليک ان تطوف بها کل يوم سبعماه طواف. و منهم نوح النبي (ع) قال الصدوق في الفقيه: و روي انه کان طول سفينه نوح الفا و ماتي ذراع، و طولها في السماء ثمانين ذراعا، فرکب فيها فطافت بالبيت سبعه اشواط، وسعت بين الصفا و المروه سبعا ثم استوت علي الجودي و منهم ابراهيم و اسماعيل عليهماالسلام و اختصاص البيت بهما کاختصاصهما به من جهه تجديد البناء و وقوفهما فيها غني عن البيان. و منهم موسي (ع) قال الصدوق و روي ان موسي (ع) احرم من زمله و انه مر في سبعين نبيا علي صفايح الروحاء عليهم العباء القطوانيه، يقول لبيک عبدک و ابن عبديک لبيک و روي في خبر آخر ان موسي (ع) مر بصفايح الروحاء (علي جمل احمر خطامه من ليف عليه عبائتان قطوا نيتان، و هو يقول: لبيک يا کريم لبيک. و قال الصادق (ع): لما حج موسي (ع) نزل جبرئيل (ع) فقال له موسي: يا جبرئيل ما لمن حج هذا البيت بلانيه صادقه و لا نفقه طيبه؟ قال لا ادري حتي ارجع الي ربي، فلما رجع قال الله يا جبرئيل ما قال لک موسي؟ و هو اعلم بما قال قال يا رب قال لي ما لمن حج هذا البيت بلانيه صادقه و نفقه طيبه؟ قال الله: ارج

ع اليه و قل عليه اهب له حقي و ارضي عنه خلقي، قال فقال يا جبرئيل: ما لمن حج هذا البيت بنيه صادقه و نفعه طيبه؟ قال: فرجع الي الله فاوحي الله اليه، قل له رجعله في الرفيق الاعلي مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئک رفيقا. و منهم يونس بن متي کما في الفقيه فقد مر بصفايح الروحاء و هو يقول: لبيک کشاف الکرب العظام لبيک. و منهم عيسي بن مريم فقد مر بصفايح الروحاء و هو يقول: لبيک ابن امتک لبيک کما رواه الصدوق ايضا. و منهم سليمان بن داود، فقد روي الصدوق ايضا عن زراره عن ابي‏جعفر (ع) قال: ان سليمان بن داود عليهماالسلام قد حج البيت في الجن و الانس و الطير و الرياح، و کسا البيت القباطي و روي عن ابي‏بصير عن ابي‏عبدالله (ع)، قال: ان آدم هو الذي بني البنيه و وضع اساسه و اول من کساه الشعر و اول من حج اليه، ثم کساه تبع بعد آدم الانطاع، ثم کساه ابراهيم الخصف، و اول من کساه الثياب سليمان کساه القباطي. و منهم النبي (ص)، فقد حج عشرين حجه، و کذلک اولاده المعصومون سلام الله عليهم اجمعين فهنيئا للحجاج الواقفين مواقف الانبياء و المرسلين، و السالکين مسالک الاولياء المرضيين، و طوبي لهم و حسن ماب و انا اسال الله سبحانه ان

يوفقني ثانيا للعکوف عليه بعد ما منحني في غابر الزمان الوقوف عليه بحق محمد نبي الرحمه و آله اهل الصلاه و الطهاره. (و تشبهوا ملائکته المطيفين بعرشه) قد عرفت في الفصل التاسع عند شرح قوله (ع): و منهم الثابته في الارضين السفلي اقدامهم اه، عدد الملائکه المطيفين بالعرش، و اما صفوفهم فقد قال الشارح البحراني: جاء في الخبر ان حول العرش سبعين الف صف قيام قد وضعوا ايديهم علي عواتقهم رافعين اصواتهم بالتهليل و التکبير، و من ورائهم ماه الف صف قد وضعوا الايمان علي الشمائل ما منهم احد الا و هو يسبح. و في روايه طويله لعلي بن ابراهيم باسناده عن جابر عن يزيد الجعفي عن ابي‏عبدالله عن آبائه عن اميرالمومنين عليهم‏السلام المسوقه لابتداء خلق آدم (ع) بعد ما ذکر (ع) قوله سبحانه للملائکه: اني جاعل في الارض خليفه، و قولهم له اتجعل فيها من يفسد فيها و يسفک الدماء، و قوله لهم: اني اعلم ما لا تعلمون قال (ع) فقالت يا ربنا افعل ما شئت لا علم لنا الا ما علمتنا انک انت العليم الحکيم، قال (ع): فباعدهم الله من العرش مسيره خمسماه عام، قال (ع): فلا ذوا بالعرش و اشاروا بالاصابع، فنظر الرب جل جلاله اليهم و نزلت الرحمه، فوضع لهم بيت المعمور، فقال طوف

وا به و دعوا العرش، فانه لي رضي فطافوا به و هو البيت الذي يدخله کل يوم سبعون الف ملک لا يعودون اليه، فوضع الله البيت المعمور توبه لاهل السماء و وضع الکعبه توبه لاهل الارض الحديث. قال الغزالي في احياء العلوم: و اما الطواف بالبيت فاعلم انه صلاه فاحضر في قلبک فيه من التعظيم و الخوف و الرجاء و المحبه و اعلم انک بالطواف متشبه بالملائکه المقربين الحافين حول العرش الطائفين حوله، و لا تظنن ان المقصود طواف جسمک بالبيت بل طواف قلبک رب البيت حتي لا تبتدء بالذکر الا منه، و لا تختم الا به کما تبدء بالبيت و تختم به. قال: و اعلم ان الطواف الشريف هو طواف القلب بحضره الربوبيه، و ان البيت مثال ظاهر في عالم الملک لتلک الحضره التي لا تشاهد بالبصر و هي عالم الملکوت کما ان البدن مثال ظاهر في عالم الشهاده للقلب الذي لا يشاهد بالبصر و هو في عالم الغيب و ان عالم الملک و الشهاده مدرجه الي عالم الغيب و الملکوت لمن فتح الله له الباب، و الي هذه الموازنه وقعت الاشاره بان البيت المعمور في السماوات بازاء الکعبه، فان طواف الملائکه به کطواف الانس بهذا البيت، و لما قصرت رتبه اکثر الخلق عن مثل ذلک الطواف امروا بالتشبه بهم بحسب الامکان، و وعدوا

بان من تشبه بقوم فهو منهم، و الذي يقدر علي مثل ذلک الطواف يقال: ان الکعبه تزوره و تطوف به انتهي. اقول: هذا الطواف الحقيقي مختص باولياء الله سلام الله عليهم، و في عالم المعني الکعبه طائفه بهم و کاسبه من فيوضاتهم و الي هذا المعني اشار الفرزدق في قصيدته الميميه التي قالها في مدح علي بن الحسين عليهماالسلام علي رغم هشام بن عبدالملک ابن مروان عليهم اللعنه و النيران، بقوله: هذا الذي يعرف البطحاء وطاته و البيت يعرفه و الحل و الحرم يکاد يمسکه عرفان راحته رکن الحطيم اذا ما جاء يستلم لو يعلم الرکن من قد جاء يلثمه لخر يلثم منه ما وطي القدم ثم لما کان طباع الخلق مايله الي حب الارباح و طلب المنافع في المکاسب شوقهم بقوله (ع): (يحرزون الارباح في متجر عبادته) تنبيها علي ان قيامهم بالعباده في هذه المواقف الشريفه تجاره للاخره و لا محاله مشتمله علي الربح و المنفعه، فلا ينبغي للعاقل ان يفوتها علي نفسه. قال ابوجعفر الباقر (ع) في مروي الفقيه: الحج و العمره سوقان من اسواق الاخره اللازم لهما من اضياف الله ان ابقاه ابقاه و لا ذنب له و ان اماته ادخله الجنه، و لا يخفي ما في هذه العباره من حسن الاستعاره، حيث شبه الحجاج بالتج

ار و شبه عبادتهم ببضاعه التجاره، و ذکر المتجر استعاره تخييليه، و ذکر الارباح ترشيح، و المراد بالارباح هو الثواب الجميل و الاجر الجزيل المبذول للحجاج و المعتمرين و الوفاد و الطائفين. قال الصادق (ع) ان لله تعالي حول الکعبه عشرين و ماه رحمه منها ستون للطائفين و اربعون للمصلين و عشرون للناظرين. و قال (ع) ايضا من نظر الي الکعبه و عرف من حقنا و حرمتنا مثل الذي عرف من حقها و حرمتها غفر الله له ذنوبه کلها و کفاه هم الدنيا و الاخره. و قال اميرالمومنين (ع): ما من مهل يهل في التلبيه الا اهل من عن يمينه من شي‏ء الي مقطع التراب و من عن يساره الي مقطع التراب و قال له الملکان: ابشر يا عبدالله و ما يبشر الله عبد الا بالجنه، و من لبي في احرامه سبعين مره ايمانا و احتسابا اشهد الله له الف ملائکه ببرائه من النار و برائه من النفاق، و من انتهي الي الحرم فنزل و اغتسل و اخذ نعليه بيده ثم دخل الحرم حافيا تواضعا لله محا الله عنه ماه الف سيئه و کتب الله له ماه الف حسنه و بني له ماه الف درجه و قضي له ماه الف حاجه، و من دخل المسجد حافيا بسکينه و وقار و خشوع غفر الله له، و من نظر الکعبه عار فابحقها غفر الله له ذنوبه، و کفي ما اهمه. و روي

الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن محمد بن قيس قال: سمعت اباجعفر (ع) يحدث الناس بمکه، قال (ع): صلي رسول‏الله (ص) باصحابه الفجر، ثم جلس معهم يحدثهم حتي طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتي لم يبق معه الا رجلان: انصاري و ثقيف، فقال لهما رسول‏الله (ص): قد علمت ان لکما حاجه تريدان ان تسالاني عنها، فان شئتما اخبرتکما بحاجتکما قبل ان تسالاني، و ان شئتما فاسلاني، فقالا، بل تخبرنا انت يا رسول‏الله فان ذلک اجلي للعمي و ابعد من الارتياب و اثبت للايمان فقال النبي (ص): اما انت يا اخا الانصار فانک من قوم يوثرون علي انفسهم و انت قروي و هذا الثقفي بدوي افتوثره بالمساله؟ قال: نعم قال (ص): اما انت يا اخا ثقيف جئتني تسالني عن وضوئک و صلاتک و مالک فيهما، فاعلم انک اذا ضربت يدک في الماء و قلت: بسم الله الرحمن الرحيم، تناثرت الذنوب التي اکتسبها يداک. فاذا غسلت وجهک تناثرت الذنوب التي اکتسبتها عيناک بنظرهما وفوک بلفظه فاذا غسلت ذراعيک تناثرت الذنوب عن يمينک و شمالک فاذا مسحت راسک و قدميک تناثرت الذنوب التي مشيت اليها علي قدميک، فهذا لک في وضوئک. فاذا قمت الي الصلاه و توجهت و قرات ام الکتاب و ما تيسر لک من السور ثم رکعت فاتممت ر

کوعها و سجودها و تشهدت و سلمت غفرلک کل ذنب فيما بينک و بين الصلاه قدمتها الي الصلاه الموخره، فهذا لک في صلاتک و وضوئک. و اما انت يا اخا الانصار فانک جئت تسالني عن حجک و عمرتک و مالک فيهما من الثواب، فاعلم انک اذا توجهت الي سبيل الحج ثم رکبت راحلتک لم تضع راحلتک خفا و لم ترفع خفا الا کتب الله لک حسنه و محاعنک سيئه. فاذا احرمت و لبيت کتب الله لک بکل تلبيه عشر حسنات و محاعنک عشر سيئات. فاذا طفت بالبيت اسبوعا کان لک بذلک عند الله عهد و ذکر يستحيي منک ربک ان يعذبک بعده. فاذا صليت عند المقام رکعتين کتب الله لک بهما الفي رکعه مقبوله. و اذا سعيت بين الصفا و المروه سبعه اشواط کان لک بذلک عند الله مثل اجر من حج ماشيا من بلاده و مثل اجر من اعتق سبعين نسمه (رقبه خ). و اذا وقفت بعرفات الي غروب الشمس فلو کان عليک من الذنوب مثل رمل عالج و زبد البحر ليغفر الله لک. فاذا رميت الجمار کتب الله لک لکل حصاه عشر حسنات فيما تستقبل من عمرک. فاذا خلقت راسک کان لک بکل شعره حسنه يکتب لک فيما يستقبل من عمرک. فاذا طفت بالبيت اسبوعا للزياره و صليت عند المقام رکعتين ضرب ملک کريم علي کتفيک، فقال اما ما مضي فقد غفرلک فاستانف العمل فيما بينک و

بين عشرين و ماه يوم هذا. و الاخبار في فضائل الحج کثيره و قد جمع الصدوق فيها بابا في الفقيه و اخرجت هذه الاخبار منه و فيها کفايه للمهتدي انشاء الله. (و يتبادرون عنده موعد مغفرته) اي يتسارعون و يستبق کل منهم الاخر عند الحج الي وعده المغفره من الله سبحانه لهم، و يحتمل ان يکون اسم مکان (جعله سبحانه للاسلام علما) اي جعل البيت علامه للدين و الاسلام الذين هما طريقان الي الرضوان، کما ان السالکين و المسافرين يهتدون الي مطالبهم و ماربهم بالاعلام المنصوبه و المناور المرفوعه (و للعائذين حرما) يعني جعله حرما للمعتصمين به و الملتجئين اليه لا يجوز ايذاوهم فيه و اخراجهم منه. قال في الفقيه: و روي ان من جني جنايه ثم لجا الي الحرم لم يقم عليه الحد و لا يطعم و لا يسقي و لا يوذي حتي يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، فان اتي ما يوجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لانه لم ير للحرم حرمه. و فيه ايضا و سال عبدالله بن سنان اباعبدالله (ع) عن قول الله: (و من دخله کان آمنا) قال من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط الله و ما دخل من الوحش و الطير کان آمنا من ان يهاج او يوذي حتي يخرج من الحرم الحديث. و مثله في الکافي عن العياشي عنه (ع) و عنه

(ع) ايضا قال: اذا احدث العبد في غير الحرم جنايه ثم فر الي الحرم لم يسع لاحد ان ياخذه في الحرم و لکن يمنع من السوق و لا يبايع و لا يطعم و لا يسقي و لا يکلم فانه اذا فعل ذلک يوشک ان يخرج فيوخذ، و اذا جني الحرم جنايه اقيم عليه الحد في الحرم، و زاد في الکافي انه لم يدع للحرم حرمه. و في الکافي عنه (ع) ايضا و قد ساله سماعه عن رجل لي عليه مال فغاب عني بزمان فرايته يطوف حول الکعبه افاتقاضاه مالي؟ قال: لا تسلم عليه، و لا تردعه حتي يخرج من الحرم هذا و من اجل کونه حرم الله سبحانه لم يقصده جبار بسوء الا ابتلاه الله بشاغل اورماه بقاتل. و قد قصده اصحاب الفيل فارسل سبحانه اليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجاره من سجيل فجعلهم کعصف ماکول علي ما نطق به التنزيل. و قصده تبع الملک و اراد قتل مقاتلته و سبي ذراريهم و هدمه بعد ذلک فسالت عيناه حتي وقعتا علي خديه فسال عن ذلک، فقالوا: ما نري الذي اصابک الا بما نويت في هذا البيت، لان البلد حرم الله و البيت بيت الله و سکان مکه ذريه ابراهيم خليل الرحمن، فقال: صدقتم فما مخرجي مما وقعت فيه؟ قالوا: تحدث نفسک بغير ذلک، فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتي ثبتتا في مکانهما، فدعا القوم الذين اشارو اليه به

دمها، فقتلهم ثم اتي البيت فکساه الانطاع و اطعم الطعام ثلاثين يوما کل يوم ماه جزور، حتي حملت الجفان الي السباع في روس الجبال، و نثرت الاعلاف للوحش، ثم انصرف من مکه الي المدينه فانزل بها قوما من اهل اليمن من غسان و هم الانصار. فان قيل: کيف لم يجز علي الحجاج اللعين ما جري علي تبع و اصحاب الفيل مع هدمه البيت؟ قلنا: ان الحجاج لم يکن قصده الي هدم البيت و انما کان قصده الي ابن الزبير و کان ضدا للحق، فلما استجار بالکعبه اراد الله ان يبين للناس انه لم بجره، فامهل من هدمها عليه و بذلک صرح في الفقيه. ثم اکد (ع) وجوب الحج بقوله (فرض حجه و اوجب) معرفه (حقه) و ملاحظه حرمته (و کتب عليکم) اي الزام عليکم (وفادته) و القدوم اليه لکسب الفيوضات و تحصيل الکمالات. روي الصدوق باسناده عن ابي‏عبدالله، قال: الحجاج و المعتمر وفد الله ان سالوه اعطاهم، و ان دعوه اجابهم و ان شفعوا شفعهم، و ان سکتوا ابتدئهم و يعوذون (يعوضون ظ) بالدر هم الف درهم (فقال و لله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا و من کفر فان الله غني عن العالمين). قال الطبرسي معناه و لله علي من استطاع الي حج البيت سبيلا من الناس حج البيت، اي من وجد اليه طريقا بنفسه و ماله.

و اختلف في الاستطاعه، قيل: هي الزاد و الراحله عن ابن عباس و ابن عمر، و قيل: ما يمکنه معه بلوغ مکه باي وجه يمکن عن الحسن و معناه القدره علي الوصول اليه، و المروي عن ائمتنا عليهم‏السلام انه وجود الزاد و الراحله و نفقه من يلزمه نفقته و الرجوع الي کفايه اما من مال اوضياع او حرفه مع الصحه في النفس و تخليه السرب من الموانع و امکان السير. اقول: اما اشتراط الزاد و الراحله في تحقق الاستطاعه للبعيد فمما اجمع عليه الاصحاب. و اما القريب الغير المحتاج الي قطع المسافه کاهل مکه و ما قاربها ممن يمکنه السعي من غير راحله بحيث لا يشق عليه عاده فان الراحله حينئذ غير شرط. و اما البعيد المتمکن من المشي فهل هي شرط للوجوب في حقه ام لا الظاهر من المنتهي الاول حيث قال: اتفق علمائنا علي ان الزاد و الراحله شرطان في الوجوب فمن فقدهما او احدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج و ان تمکن من المشي و استشکل فيه بعض متاخري المتاخرين کصاحب المدارک و نحوه من اجل قيام بعض الاخبار علي الثاني. و اما الرجوع الي الکفايه فقد اشترطه الشيخان و ابوالصلاح و ابن البراج و ابن حمزه، و رواه الصدوق في الفقيه عن ابي‏الربيع الشامي قال سئل ابوعبدالله (ع) عن قول ا

لله عز و جل: و لله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا، فقال: ما يقول الناس فيها؟ فقيل له: الزاد و الراحله، فقال (ع): قد سئل ابوجعفر (ع) عن هذا فقال: هلک الناس اذا لئن کان من کان له زاد و راحله قدر ما يقوت عياله و استغني به عن الناس ينطلق اليه فيسلبهم اياه لقد هلکوا اذا، فقيل له: فما السبيل؟ فقال: السعه في المال اذا کان يحج ببعض و يبقي بعض لقوت عياله، اليس قد فرض الله عز و جل الزکاه فلم يجعلها الا علي من يملک ماتي درهم. و ذهب الاکثر و منهم المرتضي و ابن ادريس و ابن ابي‏عقيل و ابن الجنيد الي عدم الاشتراط، استدلالا بعموم الايه و الاخبار الصحيحه، و استضعافا لسند روايه ابي‏الربيع، و طعنا فيه بجهاله الراوي و بان من جمله رجاله خالد بن جرير و لم يرد فيه توثيق بل و لا مدح يعتدبه هذا. و اما قوله تعالي: و من کفر، فقد قال الطبرسي: معناه، و من جحد فرض الحج و لم يره واجبا، عن ابن عباس و الحسن: (فان الله غني عن العالمين) لم يتعبدهم بالعباده لحاجته اليها و انما تعبدهم بها لما علم فيها من مصالحهم. و قيل: ان المعني به اليهود فانه لما نزل قوله: (و من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) قالوا نحن مسلمون، فامروا بالحج فلم يح

جوا، و علي هذا يکون معني من کفر من ترک الحج من هولاء فهو کافر انتهي. اقول: اطلاق الکافر علي تارک الحج کما في الايه قد وقع في الاخبار الکثيره و تفسيره بالجاحد بوجوبه حسبما فعله الطبرسي و تبعه غير لا داعي اليه، و انما هو ناش عن حسبان ان الکفر له معني واحد و هو المعني المعروف بين الفقهاء و هو ما يوجب نجاسه المتصف به و خلوده في النار، و ليس کذلک بل له معان متعدده. بيان ذلک ان الکفر في اللغه هو الستر، و منه سمي الليل کافرا لانه يستر ما اظهره نور النهار، و اطلاقه علي الکافر من جهه ستره ما انعم الله به عليه من المعارف الحقه و الانوار الالهيه و النعم الجليه و الخفيه، و في لسان الفقهاء يطلق الکافر علي جاحد الرب و منکره، و علي منکر ما علم ثبوته ضروره من دين الاسلام. و اما في القرآن و الاخبار، فربما اطلق علي تارک بعض الواجبات و لو لم يکن عن جحود کما يطلق علي فاعل بعض المحرمات، و يدل علي عدم انحصار معناه في المعروف ما رواه الکليني عن علي بن ابراهيم عن ابيه هم بکر بن صالح عن القاسم ابن يزيد عن ابي‏عمرو الزبيري عن ابي‏عبدالله (ع) قال: الکفر في کتاب الله عز و جل علي خمسه اوجه: فمنها کفر الجحود و الجحود علي وجهين و الکفر بت

رک ما امر الله و کفر البرائه و کفر النعم: فاما کفر الجحود فهو الجحود بالربوبيه، و هو قول من يقول: لا رب و لا جنه و لا نار، و هو قول صنفين من الزنادقه لعنهم الله يقال لهم: الدهريه و هم الذين يقولون: و ما يهلکنا الا الدهر الي ان قال و اما الوجه الاخر من الجحود علي معرفته فهو ان يجحد الجاحد و هو يعلم انه حق قد استيقن عنده، و قد قال الله عز و جل. (و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلما و علوا) و قال الله تعالي: (و کانوا من قبل يستفتحون علي الذين کفروا فلما جائهم ما عرفوا کفروا به فلعنه الله علي الکافرين) فهذا تفسير وجهي الجحود، و الوجه الثالث من الکفر النعم، و ذلک قوله تعالي يحکي قول سليمان: (هذا من فضل ربي ليباوني اشکر ام اکفر و من شکر فانما يشکر لنفسه و من کفر فان ربي غني کريم) و قال: (لئن شکرتم لازيدنکم و لئن کفرتم ان عذابي لشديد) و قال: فاذکروني اذکرکم و اشکروا لي و لا تکفرون) و الوجه الرابع من الکفر ترک ما امر الله به و هو قول الله تعالي: (و اذ اخذنا ميثاقکم لا تسفکون دمائکم و لا تخرجون انفسکم من ديارکم ثم اقررتم و انتم تشهدون، ثم انتم هولاء تقتلون انفسکم و تخرجون فريقا منکم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم و ال

عدوان و ان ياتوکم اساري تفادوهم و هو محرم عليکم اخراجهم افتومنون ببعض الکتاب و تکفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلک منکم) فکفرهم بترک ما امر الله به و نسبهم الي الايمان و لم يقبله منهم و لم ينفعهم عنده فقال: (فما جزاء من يفعل ذلک منکم الا خزي في الحيوه الدنيا و يوم القيمه يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون) و الوجه الخامس من الکفر کفر البرائه، و ذلک قوله تعالي يحکي قول ابراهيم: (کفرنا بکم و بدا بيننا و بينکم العداوه و البغضاء ابدا حتي تومنوا بالله وحده) يعني تبر انا منکم الحديث، فقد ظهر منه ان اطلاق الکفر علي ترک بعض الفرائض و اتيان بعض المناهي ليس من اجل اشتماله علي الجحود و الانکار، حيث انه (ع) جعل الکفر الجحودي قسيما للکفر بترک ما امر الله به. اذا عرفت ذلک فنقول: ان تارک الحج مع وجود الاستطاعه کافر حقيقه و ان لم يحکم بنجاسته، لان الحکم بالنجاسه من خواص الکفر علي وجه الجحود، و يدل علي ذلک مضافا الي ظهور الايه الشريفه، ما رواه الصدوق في آخر الفقيه في باب النوادر في وصيه رسول‏الله (ص) لعلي (ع) يا علي، تارک الحج و هو مستطيع کافر قال الله تبارک و تعالي: (و لله علي الناس حج البيت) الايه. يا علي من سوف

الحج حتي يموت بعثه الله يوم القيامه يهوديا او نصرانيا، و في ذلک الباب ايضا يا علي کفر بالله العظيم من هذه الامه عشره: القتاه و الساحر و الديوث و ناکح المراه حراما في دبرها و ناکح البهيمه و من نکح ذات محرم و الساعي في الفتنه و بايع السلاح من اهل الحرب و مانع الزکاه و من وجد سعه فمات و لم يحج هذا. و الاخبار في عقوبه تارک الحج و مسوفه و کونه کبيره موبقه کثيره، و من الايات الداله علي ذلک مضافه الي الايه السابقه قوله تعالي: (و من کان في هذه اعمي فهو في الاخره اعمي و اضل سبيلا) قال الصدوق روي محمد بن الفضيل، قال سالت اباالحسن (ع) عن هذه الايه فقال: نزلت فيمن سوف الحج حجه الاسلام و عنده ما يحج به فقال: العام احج العام العام احج حتي يموت قبل ان يحج و روي عن معاويه بن عمار قال: سالت اباعبدالله (ع) عن رجل لم يحج قط و له مال فقال هو ممن قال الله عز و جل: (و نحشره يوم القيمه اعمي) فقلت سبحان الله اعمي، فقال: اعماه الله عن طريق الخير. تکميل: قد عرفت فضل البيت الحرام و فضائل المشاعر العظام و کونه حرم الله و امنه و اختياره سبحانه علي جميع اقطار ارضه من سهله و حزنه الا انه قد وردت اخبار مستفيضه داله علي تفضيل ارض کربلا عليه

و کونه حرم الله سبحانه من قبله. مثل ما رواه جعفر بن محمد بن قولويه في المزار باسناده عن ابن ابي‏يعفور عن ابي‏عبدالله (ع) في حديث ثواب زياره الحسين (ع) قال: و الله لو اني حدثتکم في فضل زيارته لترکتم الحج راسا و ما حج احد ويحک اما علمت ان الله اتخذ کربلا حرما آمنا مبارکا قبل ان يتخذ مکه حرما قال ابن ابي‏يعفور: قد فرض الله علي الناس حج البيت و لم يذکر زياره قبر الحسين (ع)، قال: و ان کان کذلک فان هذا شي‏ء جعله الله هکذا اما سمعت قول اميرالمومنين (ع) ان باطن القدم احق بالمسح من ظاهر القدم و لکن الله فرض هذا علي العباد، اما علمت ان الاحرام لو کان في الحرم کان افضل لاجل الحرم و لکن الله صنع ذلک في غير الحرم. و روي ايضا باسناده عن عمر بن يزيد عن ابي‏عبدالله (ع) ان ارض الکعبه قالت من مثلي و قد بني بيت الله علي ظهري ياتيني الناس من کل فج عميق، و جعلت حرم الله و امنه، فاوحي الله اليها کفي و قري ما فضل ما فضلت به فيما اعطيت ارض کربلا الا. بمنزله الابره غمست في البحر فحملت من ماء البحر و لو لا تربه کربلا ما فضلتک و لو لا من ضمنه کربلا لما خلقتک و لا خلقت الذي افتخرت به، فقري و استقري و کوني ذنبا متواضعا ذليلا مهينا غير مس

تنکف و لا مستکبر لارض کربلا و الا مسختک و هويت بک في نار جهنم. و باسناده عن ابي‏الجارود عن علي بن الحسين (ع) قال: اتخذ الله ارض کربلا حرما قبل ان يتخذ مکه حرما باربعه و عشرين الف عام. و باسناده عن صفوان الجمال قال: سمعت اباعبدالله (ع) يقول: ان الله فضل الارضين و المياه بعضها علي بعض، فمنها ما تفاخرت و منها ما بغت، فما من ارض و لا ماء الا عوقبت لترک التواضع لله حتي سلط الله علي الکعبه المشرکين و ارسل الي زمزم ماء مالحا فافسد طعمه، و ان کربلا و ماء الفرات اول ارض و اول ماء قدس الله و بارک عليه، فقال لها تکلمي ما فضلک الله، فقالت: انا ارض الله المقدسه المبارکه، الشفاء في تربتي و مائي و لا فخر بل خاضعه ذليله لمن فعل بي ذلک و لا فخر علي من دوني بل شکر الله، فاکرمها و زادها بتواضعها و شکرها لله بالحسين (ع) و اصحابه، ثم قال ابوعبدالله (ع): من تواضع لله رفعه الله و من تکبر وضعه الله. و الحمدلله علي حسن توفيقه لشرح الخطبه الاولي و منه اسال التوفيق لشرح الخطبه الاتيه بحق محمد و عترته الطاهره. الترجمه: و واجب گردانيد حق تعالي بر شما حج خانه خود را که حرام است بر مشرکين داخل شدن او، چنان خانه‏ي که گردانيده است آنرا قبله

‏ي خلقان در حالتيکه وارد مي‏شوند بر آن با ازدحام مثل وارد شدن حيوانات بر آب در وقت تشنگي، و شايق مي‏شوند بسوي آن مثل اشتياق کبوتران حرم به آشيان خودشان، گردانيد خداوند آن خانه را علامت و نشانه بجهت فروتني و تواضع آنها مر بزرگواري و عظمت خود را، و بجهه اعتقاد و يقين آنها مر عزت و سلطنت او را، و پسنديد از خلق خود شنوندگان که اجابت کردند بجهه او دعوت او را، و تصديق نمودند از براي او کلمه‏ي تامه‏ي او را، و بايستادند ايشان در جاي ايستادن انبياء مرسلين، و متشبه شدند بملائکه مقربين که طواف کنندگانند بر عرش رب العالمين در حالتيکه جمع‏آوري مي‏کنند ايشان سودها و منفعتها در تجارتگاه پرستش او، و مي‏شتابند و سرعت مي‏کنند بر وعده‏گاه آمرزش او گردانيد آن خانه را خداوند نشانه و علامت از براي دين اسلام، و حرم و مامن بجهه پناه برندگان، واجب نمود حج آنرا و لازم گردانيد حق آن را و متحتم فرمود آمدن آن را بجهه کسب فيض و سعادت پس فرمود، مر خداي راست بر بندگان حج بيت الحرام هر کسي که تمکن داشته باشد بسوي او از حيثيت راه، و هر کس کافر باشد يعني ترک حج نمايد پس به تحقيق خداوند ملک منان غني و بي‏نياز است از همه عالميان يعني امر فرمودن

خداوند ايشان را بعبادت نيست بجهه افتقار و حاجت بلکه بجهت وجود مصلحتست در طاعات و عبادات.


صفحه 293، 317، 342، 351، 369، 3، 39، 55، 84، 129، 162، 175، 231.