معني حروف الأذان والاقامة















معني حروف الأذان والاقامة



1/2188- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه سأل النبي صلي الله عليه و آله عن تفسير الأذان، فقال صلي الله عليه و آله: يا علي الأذان حجّة علي اُمّتي، وتفسيره:

إذا قال المؤذّن: اللَّه أکبر اللَّه أکبر، فإنّه يقول: اللّهمّ أنت الشاهد علي ما أقول، يا اُمّة محمّد قد حضرت الصلاة فتهيّئوا ودعوا عنکم شغل الدنيا.

وإذا قال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد أشهد اللَّه وأشهد ملائکته أنّي أخبرتکم بوقت الصلاة، فتفرّغوا لها.

وإذا قال: أشهد أنّ محمّداً رسول‏اللَّه، فإنّه يقول: يعلم اللَّه وتعلم ملائکته أنّي قد أخبرتکم بوقت الصلاة، فتفرّغوا لها فإنّها خير لکم.

وإذا قال: حيّ علي الصلاة، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد دين قد أظهره اللَّه لکم ورسوله فلا تضيّعوه، ولکن تعاهدوا يغفر اللَّه لکم، تفرّغوا لصلاتکم فإنّها عماد دينکم.

وإذا قال: حيّ علي الفلاح، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد قد فتح اللَّه عليکم أبواب الرحمة، فقوموا وخذوا نصيبکم من الرحمة تربحوا الدنيا والآخرة.

وإذا قال: اللَّه اکبر اللَّه اکبر (حيّ علي خير العمل)، فإنّه يقول: ترحّموا علي أنفسکم فإنّه لا أعلم لکم عملاً أفضل من هذه، فتفرّغوا لصلاتکم قبل الندامة.

وإذا قال: لا إله إلّا اللَّه، فإنّه يقول: يا اُمّة محمّد اعلموا أنّي جعلت أمانة سبع سماوات وسبع أرضين في أعناقکم، فإن شئتم فافعلوا وإن شئتم فادبروا، فمن أجابني فقد ربح ومن لم يجبني فلا يضرّني.

ثمّ قال: يا علي الأذان نور، فمن أجاب نجا، ومن عجز خسف (حنف)، وکنت له خصماً بين يدي اللَّه تعالي، ومن کنت له خصماً فما أسوء حاله، وقال صلي الله عليه و آله: إجابة

[صفحه 155]

المؤذّن کفّارة الذّنوب.[1].

2/2189- عن أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن المروزي الحاکم المقري، قال: حدّثنا أبوعمرو محمّد بن جعفر المقري الجرجاني، قال: حدّثنا أبوبکر محمّد بن الحسن الموصلي ببغداد، قال: حدّثنا محمّد بن عاصم الطريفي، قال: حدّثنا أبوزيد عبّاس بن يزيد بن الحسن الجمّال مولي زيد بن علي، قال: أخبرني (أبي) يزيد بن الحسن، قال: حدّثني موسي بن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: کنّا جلوساً في المسجد إذ صعد المؤذّن المنارة، فقال: اللَّه أکبر اللَّه أکبر، فبکي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام وبکينا لبکائه، فلمّا فرغ المؤذّن قال: أتدرون ما يقول المؤذّن؟ قلنا: اللَّه ورسوله ووصيّه أعلم، قال: لو تعلمون ما يقول لضحکتم قليلاً ولبکيتم کثيراً! فلقوله: اللَّه أکبر معانٍ کثيرة:

منها انّ قول المؤذّن: اللَّه أکبر، يقع علي قِدمه وأزليّته وأبديّته وعلمه وقوّته وقدرته وحلمه وکرمه وجوده وعطائه وکبريائه، فإذا قال المؤذّن: اللَّه أکبر، فإنّه يقول: اللَّه الذي له الخلق والأمر، وبمشيّته کان الخلق، ومنه کلّ شي‏ء للخلق وإليه يرجع الخلق، وهو الأوّل قبل کلّ شي‏ء لم يزل، والآخر بعد کلّ شي‏ء لا يزال، والظاهر فوق کلّ شي‏ء لا يدرک، والباطن دون کلّ شي‏ء لا يحدّ، وهو الباقي وکلّ شي‏ء دونه فانٍ.

والمعني الثاني: اللَّه أکبر، أي العليم الخبير عليهم بما کان ويکون قبل أن يکون.

والثالث: اللَّه أکبر، أي القادر علي کلّ شي‏ء يقدر علي ما يشاء، القويّ لقدرته، المقتدر علي خلقه، القويّ لذاته، قدرته قائمة علي الأشياء کلّها، إذا قضي أمراً فإنّما يقول له کن فيکون.

[صفحه 156]

والرابع: اللَّه أکبر، علي معني حلمه وکرمه، يحلم کأنّه لا يعلم، ويصفح کأنّه لا يري، ويستر کأنّه لا يُعصي، لا يعجّل العقوبة کرماً وصفحاً وحلماً.

والوجه الآخر في معني اللَّه أکبر، أي الجواد جزيل العطاء، کريم الفعال.

والوجه الآخر: اللَّه أکبر، فيه نفي صفته وکيفيّته، کأنّه يقول: اللَّه أجلّ من أن يدرک الواصفون قدر صفته الذي هو موصوف به، وإنّما يصفه الواصفون علي قدرهم لا علي قدر عظمته وجلاله، تعالي اللَّه أن يدرک الواصفون صفته علوّاً کبيراً.

والوجه الآخر: اللَّه أکبر، کأنّه يقول: اللَّه أعلي وأجل، وهو الغنيّ عن عباده، لا حاجة به إلي أعمال خلقه.

وأمّا قوله: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، فإعلام بأنّ الشهادة لا تجوز إلّا بمعرفته من القلب، کأنّه يقول: أعلم أنّ لا معبود إلّا اللَّه عزّ وجلّ، وأنّ کلّ معبود باطل سوي اللَّه عزّ وجلّ، وأقرّ بلساني بما في قلبي من العلم بأنّه لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّه لا ملجأ من اللَّه إلّا إليه، ولا منجا من شرّ کلّ ذي شرّ وفتنة کلّ ذي فتنة إلّا باللَّه.

وفي المرّة الثانية: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه: معناه أشهد أن لا هادي إلّا اللَّه ولا دليل لي إلي الدين إلّا اللَّه، وأشهد اللَّه بأنّي أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأشهد أنّ سکّان السماوات والأرضين وما فيهنّ من الملائکة والناس أجمعين وما فيهنّ من الجبال والأشجار والدواب والوحوش وکلّ رطبٍ ويابس، بأنّي أشهد أن لا خالق إلّا اللَّه ولا رازق ولا معبود ولا ضارّ ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي، ولا مانع ولا ناصح ولا کافي ولا شافي ولا مقدّم ولا مؤخّر إلّا اللَّه، له الخلق والأمر وبيده الخير کلّه، تبارک اللَّه ربّ العالمين.

وأمّا قوله: أشهد أنّ محمّداً رسول‏اللَّه، يقول: اُشهد اللَّه أنّه لا إله إلّا اللَّه، وأنّ

[صفحه 157]

محمّداً عبده ورسوله ونبيّه وصفيّه ونجيّه، أرسله إلي کافة الناس أجمعين، بالهدي ودين الحقّ ليظهره علي الدين کلّه ولو کره المشرکون، واُشهد من في السماوات والأرض من النبيّين والمرسلين والملائکة والناس أجمعين، أنّ محمّداً سيّد الأوّلين والآخرين.

وفي المرّة الثانية: أشهد أنّ محمّداً رسول‏اللَّه، يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد (إلي أحد) إلّا إلي اللَّه الواحد القهّار، الغنيّ عن عباده والخلائق أجمعين، وأنّه أرسل محمّداً إلي الناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلي اللَّه باذنه وسراجاً منيراً، فمن أنکره وجحده ولم يؤمن به أدخله اللَّه عزّ وجلّ نار جهنّم خالداً مخلّداً لا ينفکّ عنها أبداً.

وأما قوله: حيّ علي الصلاة، أي هلمّوا إلي خير أعمالکم، ودعوة ربّکم، وسارعوا إلي مغفرة من ربّکم واطفاء نارکم التي أوقدتموها، وفکاک رقابکم التي رهنتموها، ليکفّر اللَّه عنکم سيّئاتکم، ويغفر لکم ذنوبکم، ويبدّل سيّئاتکم حسنات، فإنّه ملک کريم، ذو الفضل العظيم، وقد أذن لنا معاشر المسلمين بالدخول في خدمته والتقدّم إلي بين يديه.

وفي المرّة الثانية: حيّ علي الصلاة، أي قوموا إلي مناجاة اللَّه ربّکم، وعرض حاجاتکم علي ربّکم، وتوسّلوا إليه بکلامه، وتشفّعوا به وأکثروا من الذکر والقنوت والرکوع والسجود والخضوع والخشوع، وارفعوا إليه حوائجکم فقد أذن لنا في ذلک.

وأمّا قوله: حيّ علي الفلاح، فإنّه يقول: أقبلوا إلي بقاءٍ لا فناء معه، ونجاةٍ لا هلاک معها، وتعالوا إلي حياةٍ لا موت معها، وإلي نعيمٍ لا نفاد له، وإلي ملک لا زوال عنه، وإلي سرورٍ لا حزن معه، وإلي اُنسٍ لا وحشة معه، وإلي نورٍ لا ظلمة معه، وإلي سعة لا ضيق معها، وإلي بهجة لا انقطاع لها، وإلي غنيً لا فاقة معه، وإلي صحة

[صفحه 158]

لا سقم معها، وإلي عزّ لا ذلّ معه، وإلي قوّةٍ لا ضعف معها، وإلي کرامةٍ يا لها من کرامة، واعجلوا إلي سرور الدنيا والعُقبي ونجاة الآخرة الأولي.

وفي المرّة الثانية: حيّ علي الفلاح، فإنّه يقول: سابقوا إلي دعوتکم إليه، وإلي جزيل الکرامة، وعظيم المنّة، وسَنِيِّ النعمة والفوز العظيم ونعيم الأبد، في جوار محمّد صلي الله عليه و آله في مقعد صدقٍ عند مليک مقتدر.

وأمّا قول: اللَّه أکبر، فإنّه يقول: اللَّه أعلي وأجلّ من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من الکرامة لعبدٍ أجابه وأطاعه، وأطاع أمره وعَبدهُ وعرف وعيده واشتغل به وبذکره، وأحبّه وآمن به وامطأنّ إليه ووثق به، وخافه ورجاه، واشتاق إليه ووافقه في حکمه وقضائه ورضي به.

وفي المرّة الثانية: اللَّه أکبر، فإنّه يقول: اللَّه أکبر وأعلي وأجلّ من أن يعلم أحد مبلغ کرامته لأوليائه وعقوبته لأعدائه ومبلغ عفوه وغفرانه، ونعمته لمن أجابه وأجاب رسوله، ومبلغ عذابه ونکاله وهوانه لمن أنکره وجحده.

وأمّا قوله: لا إله إلّا اللَّه، معناه للَّه الحجّة البالغة عليهم بالرسول‏والرسالة، والبيان والدعوة، وهو أجلّ من أن يکون لأحد منهم عليه حجّة، فمن أجابه فله النور والکرامة، ومن أنکره فإنّ اللَّه غنيّ عن العالمين وهو أسرع الحاسبين.

ومعني قد قامت الصلاة في الاقامة: أي حان وقت الزيارة والمناجاة، وقضاء الحوائج ودرک المني والوصول إلي للَّه عزّ وجلّ وإلي کرامته وعفوه ورضوانه وغفرانه.[2].

بيان: قال الصدوق: إنّما ترک الراوي لهذا الحديث ذکر «حيّ علي خير العمل» للتقية.

[صفحه 159]


صفحه 155، 156، 157، 158، 159.








  1. جامع الأخبار، باب الأذان: 171 ح405؛ مستدرک الوسائل 55:4 ح4169؛ البحار 153:84.
  2. معاني الأخبار: 38؛ توحيد الصدوق، باب تفسير حروف الأذان والاقامة: 238؛ مستدرک الوسائل 65:4 ح4187؛ البحار 131:84؛ فلاح السائل: 144.