في فضل ليلة القدر وتعينها وأعمالها















في فضل ليلة القدر وتعينها وأعمالها



1/3065- محمّد بن يعقوب، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: کان عليّ عليه‏السلام کثيراً ما يقول:

(ما) اجتمع التيمي والعدوي عند رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله وهو يقرأ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ» بتخشّعٍ وبکاء، فيقولان: ما أشدّ رقّتک لهذه السورة، فيقول رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: لما رأت عيني ووعا قلبي، ولما يري قلب هذا من بعدي، فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يري؟ قال: فکتب لهما في التراب «تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ» قال: ثمّ يقول: هل بقي شي‏ء بعد قوله عزّ وجلّ «کُلِّ أَمْرٍ» فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزَّل إليه بذلک؟ فيقولان: أنت يا رسول‏اللَّه، فيقول: نعم، فيقول: هل تکون ليلة القدر من بعدي، فيقولان: نعم، قال: فيقول هل ينزل ذلک الأمر فيها؟ فيقولان: نعم، فيقول: إلي مَن؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي، قال: فإن کانا ليعرفان تلک الليلة بعد

[صفحه 420]

رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله من شدّة ما يداخلهما من الرعب (في تلک الليلة).[1].

2/3066- إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الأصبغ بن نباتة، أنّ رجلاً سأل علياً عليه‏السلام عن الروح، قال:

ليس هو جبرئيل، فإنّ جبرئيل من الملائکة والروح غير جبرئيل، وکان الرجل شاکّاً، فکبر ذلک عليه، فقال: لقد قلت عظيماً ما أجد من الناس من يزعم أنّ الروح غير جبرئيل، قال علي عليه‏السلام: أنت ضالّ تروي عن أهل الضلال، يقول اللَّه تعالي لنبيّه: «أَتَي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي عَمَّا يُشْرِکُونَ يُنَزِّلُ الْمَلاَئِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ»[2] فالروح غير الملائکة، وقال تعالي: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ»[3] وقال تعالي: «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً»[4] وقال لآدم وجبرئيل يومئذٍ مع الملائکة: «إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ»[5] فسجد جبرئيل من الملائکة للروح، وقال تعالي لمريم: «فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً»[6] وقال لمحمد صلي الله عليه و آله: «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَي قَلْبِکَ»[7] ثمّ قال: «لِتَکُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ»[8] والزبر الذکر، والأوّلين رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله منهم، فالروح واحدة والصور شتّي.

قال: فلم يفهم الشاک ما قاله أميرالمؤمنين عليه‏السلام غير أنّه قال: الروح غير

[صفحه 421]

جبرئيل، فسأله عن ليلة القدر، فقال: إنّي أراک تذکر ليلة القدر تنزّل الملائکة والروح فيها؟ قال له علي عليه‏السلام: فإن عمي عليک شرحه فسأعطيک ظاهراً منه تکون أعلم أهل بلادک بمعني ليلة القدر، قال: قد أنعمت عليّ (إذا) بنعمة، قال له عليّ عليه‏السلام: إنّ اللَّه فرد يحبّ الوتر، وفرد اصطفي الوتر فأجري جميع الأشياء علي سبعة، فقال عزّ وجلّ: «خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ»[9] وقال: «سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً»[10] وقال: جهنّم «لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ»[11] وقال: «سَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ»[12] وقال: «سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْکُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَاف»[13] وقال: «حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ»[14] وقال: «سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ».[15].

فأبلغ حديثي أصحابک لعلّ اللَّه يجعل فيهم نجيباً إذا هو سمع حديثنا نفر قلبه إلي مودّتنا ويعلم فضل علمنا، وما نضرب من الأمثال التي لا يعلمها إلّا العالمون بفضلنا، قال السائل: بيّنها في أيّ ليلة أقصدها؟ قال: اُطلبها في السبع الأواخر، واللَّه لئن عرفت آخر السبعة لقد عرفت أوّلهنّ، ولئن عرفت أولهنّ لقد أصبت ليلة القدر، قال: ما أفقَه ما تقول، قال: إنّ اللَّه طبع علي قلوب قومٍ فقال: «إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَي الْهُدَي فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً»[16] فأمّا إذا أبيت وأبي عليک أن تفهم، فانظر فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرون من شهر رمضان فاطلبها في أربع وعشرين وهي ليلة السابع، ومعرفة السبعة فإنّ من فاز بالسبعة کمل الدين کلّه، وهي الرحمة للعباد والعذاب

[صفحه 422]

عليهم، وهم الأبواب التي قال اللَّه تعالي: «لِکُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ»[17] يهلک عند کلّ باب جزء وعند الولاية کلّ باب.[18].

3/3067- يحيي بن صالح، عن مالک بن خالد، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبداللَّه بن الحسن، عن عباية، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

أنّ رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله اعتکف عاماً في العشر الأوّل من شهر رمضان، واعتکف في العالم المقبل في العشر الأوسط، فلمّا کان العام الثالث رجع من بدر فقضي اعتکافه، فنام فرآي في منامه ليلة القدر في العشر الأواخر کأنّه يسجد في ماء وطين، فلمّا استيقظ رجع من ليلته وأزواجه وأناس من أصحابه، ثمّ إنّهم مطروا ليلة ثلاث وعشرين، فصلّي النبي صلي الله عليه و آله حين أصبح، فرئي في وجه النبي صلي الله عليه و آله الطين، فلم يزل يعتکف في العشر الأواخر حتّي توفّاه اللَّه تعالي.[19].

4/3068- ابن‏أبي‏الحديد، في أمالي ابن‏دُريد، قال: أخبرنا الجرموزي، عن ابن‏المهلبي، عن شداد بن إبراهيم، عن عبيداللَّه بن الحسن الفهري، عن ابن‏عرادة، قال: قيل لأمير المؤمنين عليه‏السلام أخبرنا عن ليلة القدر؟ قال:

ما أخلو من أن أکون أعلمها فأستر علمها، ولست أشک أنّ اللَّه إنّما يسترها عنکم نظراً لکم، لأنکم لو أعلمکموها عملتم فيها وترکتم غيرها، وأرجو أن لا تخطئکم إن شاء اللَّه.[20].

5/3069- أحمد بن محمّد، عن الحسن بن العباس بن حريش، قال: عرضت هذا الکتاب علي أبي‏جعفر عليه‏السلام فأقرّ به، قال: قال أبوعبداللَّه عليه‏السلام: قال عليّ عليه‏السلام في صبح أوّل ليلة القدر التي کانت بعد رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله:

[صفحه 423]

فاسألوني فواللَّه لأخبرنّکم بما يکون إلي ثلاثمائة وستين يوماً من الذرّ فما دونها فما فوقها، ثمّ لا أخبرنّکم بشي‏ء من ذلک بتکلّف ولا برأي ولا بادّعاء في علم إلّا من علم اللَّه وتعليمه، واللَّه لا يسألني أهل التوراة، ولا أهل الانجيل، ولا أهل الزبور، ولا أهل الفرقان، إلّا فرّقت بين کل أهل کتاب بحکم ما في کتابهم.[21].

[صفحه 424]


صفحه 420، 421، 422، 423، 424.








  1. الکافي 249:1؛ تفسير البرهان 483:4؛ البحار 71:25؛ تفسير نور الثقلين 633:5.
  2. النحل: 1 تا 2.
  3. القدر: 3 تا 4.
  4. النبأ: 38.
  5. ص: 72.
  6. مريم: 17.
  7. الشعراء: 193 تا 194.
  8. الشعراء: 194 تا 196.
  9. الطلاق: 12.
  10. الملک: 3.
  11. الحجر: 44.
  12. يوسف: 43.
  13. يوسف: 43.
  14. البقرة: 261.
  15. الحجر: 87.
  16. الکهف: 57.
  17. الحجر: 44.
  18. مستدرک الوسائل 463:7 ح8666؛ البحار 5:97؛ الغارات 183:1.
  19. مستدرک الوسائل 465:7 ح8667؛ البحار 7:97؛ دار السلام 48:1.
  20. شرح النهج لابن أبي الحديد 473:4؛ البحار 5:97.
  21. البحار 20:97؛ بصائر الدرجات: 152.