في فضل ليلة القدر وتعينها وأعمالها
(ما) اجتمع التيمي والعدوي عند رسولاللَّه صلي الله عليه و آله وهو يقرأ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ» بتخشّعٍ وبکاء، فيقولان: ما أشدّ رقّتک لهذه السورة، فيقول رسولاللَّه صلي الله عليه و آله: لما رأت عيني ووعا قلبي، ولما يري قلب هذا من بعدي، فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يري؟ قال: فکتب لهما في التراب «تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ» قال: ثمّ يقول: هل بقي شيء بعد قوله عزّ وجلّ «کُلِّ أَمْرٍ» فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزَّل إليه بذلک؟ فيقولان: أنت يا رسولاللَّه، فيقول: نعم، فيقول: هل تکون ليلة القدر من بعدي، فيقولان: نعم، قال: فيقول هل ينزل ذلک الأمر فيها؟ فيقولان: نعم، فيقول: إلي مَن؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي، قال: فإن کانا ليعرفان تلک الليلة بعد [صفحه 420] رسولاللَّه صلي الله عليه و آله من شدّة ما يداخلهما من الرعب (في تلک الليلة).[1]. 2/3066- إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الأصبغ بن نباتة، أنّ رجلاً سأل علياً عليهالسلام عن الروح، قال: ليس هو جبرئيل، فإنّ جبرئيل من الملائکة والروح غير جبرئيل، وکان الرجل شاکّاً، فکبر ذلک عليه، فقال: لقد قلت عظيماً ما أجد من الناس من يزعم أنّ الروح غير جبرئيل، قال علي عليهالسلام: أنت ضالّ تروي عن أهل الضلال، يقول اللَّه تعالي لنبيّه: «أَتَي أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي عَمَّا يُشْرِکُونَ يُنَزِّلُ الْمَلاَئِکَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَي مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ»[2] فالروح غير الملائکة، وقال تعالي: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ»[3] وقال تعالي: «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِکَةُ صَفّاً»[4] وقال لآدم وجبرئيل يومئذٍ مع الملائکة: «إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ»[5] فسجد جبرئيل من الملائکة للروح، وقال تعالي لمريم: «فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً»[6] وقال لمحمد صلي الله عليه و آله: «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَي قَلْبِکَ»[7] ثمّ قال: «لِتَکُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ»[8] والزبر الذکر، والأوّلين رسولاللَّه صلي الله عليه و آله منهم، فالروح واحدة والصور شتّي. قال: فلم يفهم الشاک ما قاله أميرالمؤمنين عليهالسلام غير أنّه قال: الروح غير [صفحه 421] جبرئيل، فسأله عن ليلة القدر، فقال: إنّي أراک تذکر ليلة القدر تنزّل الملائکة والروح فيها؟ قال له علي عليهالسلام: فإن عمي عليک شرحه فسأعطيک ظاهراً منه تکون أعلم أهل بلادک بمعني ليلة القدر، قال: قد أنعمت عليّ (إذا) بنعمة، قال له عليّ عليهالسلام: إنّ اللَّه فرد يحبّ الوتر، وفرد اصطفي الوتر فأجري جميع الأشياء علي سبعة، فقال عزّ وجلّ: «خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ»[9] وقال: «سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً»[10] وقال: جهنّم «لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ»[11] وقال: «سَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ»[12] وقال: «سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْکُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَاف»[13] وقال: «حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ»[14] وقال: «سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ».[15]. فأبلغ حديثي أصحابک لعلّ اللَّه يجعل فيهم نجيباً إذا هو سمع حديثنا نفر قلبه إلي مودّتنا ويعلم فضل علمنا، وما نضرب من الأمثال التي لا يعلمها إلّا العالمون بفضلنا، قال السائل: بيّنها في أيّ ليلة أقصدها؟ قال: اُطلبها في السبع الأواخر، واللَّه لئن عرفت آخر السبعة لقد عرفت أوّلهنّ، ولئن عرفت أولهنّ لقد أصبت ليلة القدر، قال: ما أفقَه ما تقول، قال: إنّ اللَّه طبع علي قلوب قومٍ فقال: «إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَي الْهُدَي فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً»[16] فأمّا إذا أبيت وأبي عليک أن تفهم، فانظر فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرون من شهر رمضان فاطلبها في أربع وعشرين وهي ليلة السابع، ومعرفة السبعة فإنّ من فاز بالسبعة کمل الدين کلّه، وهي الرحمة للعباد والعذاب [صفحه 422] عليهم، وهم الأبواب التي قال اللَّه تعالي: «لِکُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ»[17] يهلک عند کلّ باب جزء وعند الولاية کلّ باب.[18]. 3/3067- يحيي بن صالح، عن مالک بن خالد، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبداللَّه بن الحسن، عن عباية، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام: أنّ رسولاللَّه صلي الله عليه و آله اعتکف عاماً في العشر الأوّل من شهر رمضان، واعتکف في العالم المقبل في العشر الأوسط، فلمّا کان العام الثالث رجع من بدر فقضي اعتکافه، فنام فرآي في منامه ليلة القدر في العشر الأواخر کأنّه يسجد في ماء وطين، فلمّا استيقظ رجع من ليلته وأزواجه وأناس من أصحابه، ثمّ إنّهم مطروا ليلة ثلاث وعشرين، فصلّي النبي صلي الله عليه و آله حين أصبح، فرئي في وجه النبي صلي الله عليه و آله الطين، فلم يزل يعتکف في العشر الأواخر حتّي توفّاه اللَّه تعالي.[19]. 4/3068- ابنأبيالحديد، في أمالي ابندُريد، قال: أخبرنا الجرموزي، عن ابنالمهلبي، عن شداد بن إبراهيم، عن عبيداللَّه بن الحسن الفهري، عن ابنعرادة، قال: قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام أخبرنا عن ليلة القدر؟ قال: ما أخلو من أن أکون أعلمها فأستر علمها، ولست أشک أنّ اللَّه إنّما يسترها عنکم نظراً لکم، لأنکم لو أعلمکموها عملتم فيها وترکتم غيرها، وأرجو أن لا تخطئکم إن شاء اللَّه.[20]. 5/3069- أحمد بن محمّد، عن الحسن بن العباس بن حريش، قال: عرضت هذا الکتاب علي أبيجعفر عليهالسلام فأقرّ به، قال: قال أبوعبداللَّه عليهالسلام: قال عليّ عليهالسلام في صبح أوّل ليلة القدر التي کانت بعد رسولاللَّه صلي الله عليه و آله: [صفحه 423] فاسألوني فواللَّه لأخبرنّکم بما يکون إلي ثلاثمائة وستين يوماً من الذرّ فما دونها فما فوقها، ثمّ لا أخبرنّکم بشيء من ذلک بتکلّف ولا برأي ولا بادّعاء في علم إلّا من علم اللَّه وتعليمه، واللَّه لا يسألني أهل التوراة، ولا أهل الانجيل، ولا أهل الزبور، ولا أهل الفرقان، إلّا فرّقت بين کل أهل کتاب بحکم ما في کتابهم.[21]. [صفحه 424]
1/3065- محمّد بن يعقوب، عن أبيعبداللَّه عليهالسلام قال: کان عليّ عليهالسلام کثيراً ما يقول:
صفحه 420، 421، 422، 423، 424.