مسجد براثا















مسجد براثا



1/2861- الحارث الأعور وعمرو بن الحريث وأبوأيّوب، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أنّه لمّا رجع من وقعة الخوارج نزل عين السواد، فقال له راهب: لا ينزل هاهنا إلّا وصيّ نبيّ يقاتل في سبيل اللَّه، فقال علي عليه‏السلام: فأنا سيّد الأوصياء وصيّ سيّد الأنبياء، قال: فإذا أنت أصلع قريش وصيّ محمّد، خذ عليّ الإسلام، إنّي وجدت في الانجيل نعتک وأنت تنزل مسجد براثا بيت مريم وأرض عيسي، قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: فاجلس يا حبّاب، قال: هذه دلالة اُخري، ثمّ قال: فانزل يا حبّاب من هذه الصومعة وابن‏هذا الدير مسجداً، فبني حباب الدير مسجداً ولحق بأمير المؤمنين عليه‏السلام إلي الکوفة، فلم يزل بها مقيماً حتّي قُتل أميرالمؤمنين عليه‏السلام فعاد حبّاب إلي مسجده ببراثا.

وفي رواية أنّ الراهب قال: قرأت أنّه يصلّي في هذا الموضع ايليا وصيّ البارّ قليطا محمّد نبيّ الاُمّيين الخاتم لمن سبقه من أنبياء اللَّه ورسله (في کلام کثير) فمن أدرکه فليتّبع النور الذي جاء به، ألا وإنّه يغرس في آخر الأيّام بهذه البقعة شجرة لا تفسد ثمرتها.

وفي رواية زاذان: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ومن أين شربک؟ قال: من دجلة، قال: ولِمَ لم تحفر عيناً تشرب منها؟ قال: قد حفرتها وخرجت مالحة، قال: فاحتفر الآن بئراً اُخري، فاحتفر فخرج ماءها عذباً، فقال: يا حبّاب ليکن شربک من هاهنا، ولا يزال هذا المسجد معموراً فإذا خرّبوه وقطعوا نخله حلّت بهم، أو قال: بالناس داهية.

وفي رواية محمّد بن القيس: فأتي أميرالمؤمنين عليه‏السلام موضعاً من تلک الملبة فرکلها برجله فانبجست عين خرّارة، فقال: هذه عين مريم، ثمّ قال عليه‏السلام: فاحتفروا

[صفحه 349]

هاهنا سبعة عشراً ذراعاً، فاحتفروا فإذا صخرة بيضاء، فقال: هاهنا وضعت مريم عيسي من عاتقها وصلّت هاهنا، فنصب أميرالمؤمنين عليه‏السلام الصخرة وصلّي إليها وأقام هناک أربعة أيّام.

وروي: أنّ أميرالمؤمنين صاح فقال: يا بئر (بالعبراني) أقرب إليّ، فلمّا عبر إلي المسجد وکان فيه عوسج وشوک عظيم، فانتضي سيفه وکسح ذلک کلّه وقال: إنّ هاهنا قبر نبيّ من أنبياء اللَّه، وأمر الشمس أن ارجعي، وکان معه ثلاثة عشر رجلاً من أصحابه، فأقام القبلة بخطّ الاستواء وصلّي إليها.[1].

2/2862- وتروي هذه الرواية في (البحار) من طريق آخر، فيها زيادات لم تُذکر في الرواية المتقدّمة وهذا نصّها:

قال المجلسي رحمه الله: وجدت بخطّ المحدّث الأخباري محمّد بن المشهدي باسناده، عن محمّد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن مشايخه، عن سليمان الأعمش، عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، قال: حدّثني أنس بن مالک- وکان خادم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله-، قال:

لمّا رجع أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام من قتال أهل النهروان نزل براثا، وکان بها راهب في قلايته، وکان اسمه الحبّاب، فلمّا سمع الراهب الصيحة والعسکر أشرف من قلايته إلي الأرض فنظر إلي عسکر أميرالمؤمنين عليه‏السلام فاستفظع ذلک ونزل مبادراً فقال: من هذا ومن رئيس هذا العسکر؟ فقيل له: هذا أميرالمؤمنين عليه‏السلام وقد رجع من قتل أهل النهروان، فجاء الحبّاب مبادراً يتخطّي الناس حتّي وقف علي أميرالمؤمنين عليه‏السلام فقال: السلام عليک يا أميرالمؤمنين حقّاً حقّاً، فقال له عليه‏السلام: وما علمک بأنّي أميرالمؤمنين حقّاً حقّاً؟ فقال له: بذلک أخبرنا علماؤنا وأحبارنا، فقال له: يا حبّاب، فقال الراهب: وما علمک باسمي؟ فقال عليه‏السلام: أعلمني

[صفحه 350]

بذلک حبيبي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله، فقال له حبّاب: مدّ يدک فأنا أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمّداً رسول‏اللَّه، وأنّک عليّ بن أبي‏طالب وصيّه.

فقال له أميرالمؤمنين: وأين تأوي؟ فقال: أکون في قلاية لي هاهنا، فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام: بعد يومک هذا لا تسکن فيها ولکن ابن‏هاهنا مسجداً وسمّه باسم بانيه، فبناه رجل اسمه براثا، فسمّي المسجد ببراثا باسم الباني له، ثمّ قال عليه‏السلام: ومن أين تشرب يا حبّاب؟ فقال: يا أميرالمؤمنين من دجلة هاهنا، قال: فلِمَ لا تحفر هاهنا عيناً أو بئراً، فقال: يا أميرالمؤمنين کلّما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام: احفر هاهنا بئراً، فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقلعها أميرالمؤمنين عليه‏السلام فانقلعت عن عين أحلي من الشهد وألذّ من الزبد.

فقال له: يا حبّاب يکون شربک من هذه العين، أما إنّه يا حبّاب ستبني إلي جنب مسجدک هذا مدينة وتکثر الجبابرة فيها وتعظم البلاء، حتّي أنّه ليرکب فيها کلّ ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام، فإذا عظم بلاؤهم شدّوا علي مسجدک بفطوة ثمّ- وابنه بنين (بلبن) ثمّ وابنه لا يهدمه إلّا کافر ثمّ بيتاً- فإذا فعلوا ذلک منعوا الحجّ ثلاث سنين، واحترقت خضرهم، وسلّط اللَّه عليهم رجلاً من أهل السفح لا يدخل بلداً إلّا أهلکه وأهلک أهله، ثمّ ليعد عليهم مرّة اُخري، ثمّ يأخذهم القحط والغلاء ثلاث سنين حتّي يبلغ بهم الجهد، ثمّ يعود عليهم.

ثمّ يدخل البصرة فلا يدع فيها قائمة إلّا سخطها، وأهلکها، وأسخط أهلها، وذلک إذا عمرت الخربة وبني فيها مسجد جامع، فعند ذلک يکون هلاک البصرة، ثمّ يدخل مدينة بناها الحجّاج يقال لها: واسط فيفعل مثل ذلک، ثمّ يتوجّه نحو بغداد فيدخلها عفواً، ثمّ يلتجئ الناس إلي الکوفة، ولا يکون بلداً من الکوفة يستوثق

[صفحه 351]

الأمر له، ثمّ يخرج هو والذي أدخله بغداد نحو قبري لينبشه فيتلقّاهما السفياني فيهزمهما ثمّ يقتلهما ويوجّه جيشاً نحو الکوفة فيستعبد بعض أهلها، ويجي‏ء رجل من أهل الکوفة فيلجئهم إلي سور فمن لجأ إليها أمن، ويدخل جيش السفياني إلي الکوفة فلا يدعون أحداً إلّا قتلوه، وإنّ الرجل منهم ليمرّ بالدرّة المطروحة العظيمة فلا يتعرّض لها، ويري الصبيّ الصغير فيلحقه فيقتله، فعند ذلک يا حبّاب يتوقّع بعدها، هيهات هيهات واُمور عظام وفتن کقطع الليل المظلم، فاحفظ عنّي ما أقول لک يا حبّاب.

بيان: قال الفيروزآبادي: القلي رؤوس الجبال، والفطو السوق الشديد. قال المجلسي‏رحمه الله: اعلم أنّ النسخة کانت سقيمة فأوردت الخبر کما وجدته.[2].

3/2863- عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري أنّه قال: صلّي بنا علي عليه‏السلام ببراثا بعد رجوعه من صفين، فقال: الشراة ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته، فقال: من عميد هذا الجيش؟ فقلنا: هذا، فأقبل إليه فسلّم عليه فقال: يا سيّدي أنت نبيّ؟ فقال: لا النبي سيّدي قد مات، قال: فأنت وصيّ نبي؟ قال: نعم، ثمّ قال: اجلس کيف سألت عن هذا؟ قال: أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع- وهو براثا- وقرأت في الکتب المنزلة أنّه لا يصلّي في هذا الموضع بهذا الجمع إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ، وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلي الکوفة، فقال له علي عليه‏السلام: فمن صلّي هاهنا؟ قال: صلّي عيسي بن مريم عليه‏السلام واُمّه، فقال له علي عليه‏السلام: فاُخبرک من صلّي هاهنا؟ قال: نعم، قال: الخليل عليه‏السلام.[3].

ورواه الشيخ باسناده عن جابر بن عبداللَّه.

[صفحه 352]


صفحه 349، 350، 351، 352.








  1. مناقب ابن شهر آشوب، باب إخباره عليه‏السلام بالغيب 265:2.
  2. البحار 218:52.
  3. من لا يحضره الفقيه 232:1 ح698؛ وفي وسائل الشيعة 549:3؛ تهذيب الأحکام 264:3.