في تفسير فاتحة الكتاب و بسم اللَّه الرحمن الرحيم















في تفسير فاتحة الکتاب و بسم اللَّه الرحمن الرحيم



1/677- الصدوق، حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن علي الأسترآبادي، قال: حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد، وعليّ بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ بن محمّد ابن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي‏طالب، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال:

قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: قال اللَّه تبارک وتعالي: قسّمت فاتحة الکتاب بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، إذا قال العبد بسم اللَّه الرحمن الرحيم، قال اللَّه جلّ جلاله: بدأ عبدي باسمي وحقّ عليّ أن أتمم له اُموره واُبارک له في أحواله، فإذا قال الحمد للَّه ربّ العالمين، قال اللَّه جلّ جلاله: حمدني عبدي وعلم أنّ النعم التي له من عندي، وإنّ البلايا التي إن دفعت عنه فبتطوّلي، أشهدکم أنّي أضيف إلي نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة، کما دفعتُ عنه بلايا الدنيا، فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال اللَّه جلّ جلاله: شهدلي بأنّي الرحمن الرحيم،

[صفحه 12]

أشهدکم لأوفّرنّ من رحمتي حظه ولأجزلنّ من عطائي نصيبه، فإذا قال: مالک يوم الدين، قال اللَّه عزّ وجلّ: أشهدکم کما اعترف أني أنا مالک يوم الدين، لأسهلنّ يوم الحساب حسابه ولأتقبلنّ حسناته ولأتجاوزنّ عن سيئاته، فإذا قال: إيّاک نعبد، قال اللَّه عزّ وجلّ: صدق عبدي إيّاي يعبد، أشهدکم لأثيبنّه علي عبادته ثواباً يغبطه کلّ من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: وإيّاک نستعين، قال اللَّه عزّ وجلّ: بي إستعان وإليّ التجأ، أشهدکم لأعيننّه علي أمره ولأغيثنّه في شدائده ولآخذنّ بيده يوم نوائبه، فإذا قال: إهدنا الصراط المستقيم إلي آخر السورة، قال اللَّه جلّ جلاله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل، قد استجبت لعبدي، وأعطيته ما أمّل وآمنته ممّا منه وجل.[1].

2/678- الصدوق، حدّثنا محمّد بن قاسم، قال: حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد، وعليّ بن محمّد بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه، عن الرضا عليّ بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر ابن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

إنّ بسم اللَّه الرحمن الرحيم آية من فاتحة الکتاب، وهي سبع آيات تمامها بسم اللَّه الرحمن الرحيم، سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ اللَّه عزّ وجلّ قال لي: يا محمّد «وَلَقَدْ آتَيْنَاکَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ»[2] فأفرد الإمتنان عليّ بفاتحة الکتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم، وإنّ فاتحة الکتاب أشرف ما في کنوز العرش، وإنّ اللَّه عزّ وجلّ خصّ محمّداً وشرّفه بها، ولم يشرک معه فيها أحداً من

[صفحه 13]

أنبيائه ما خلا سليمان فإنّه أعطاه منها بسم اللَّه الرحمن الرحيم، ألا تراه يحکي عن بلقيس حين قالت: «وَإِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ کِتَابٌ کَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيَْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»[3] ألا فمن قرأها معتقداً لموالاة محمّد وآله الطيّبين، منقاداً لأمرهما مؤمناً بظاهرهما وباطنهما، أعطاه اللَّه عزّ وجلّ بکلّ حرف منها حسنة کلّ واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلي قارئ يقرأها کان له قدر ثلث ما للقارئ، فليستکثر أحدکم من هذا الخير المعرض لکم فإنّه غنيمة لا يذهبنّ أوانه، فتبقي في قلوبکم الحسرة.[4].

3/679- قال عليّ عليه‏السلام: لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً في تفسير فاتحة الکتاب.[5].

4/680- العياشي، عن السديّ، عمّن سمع علياً عليه‏السلام يقول: سبعاً من المثاني فاتحة الکتاب.[6].

5/681- روي النقاش حديث تفسير لفظ الحمد، فقال بعد إسناده عن ابن‏عباس، قال: قال لي علي عليه‏السلام: يا أباعباس إذا صلّيت عشاء الآخرة فألحقني إلي الجبّان، قال: فصلّيت ولحقته، وکانت ليلة مقمرة، قال: فقال لي: ما تفسير الألف من الحمد؟ والحمد جميعاً؟ قال: فما علمت حرفاً فيها أجيبه؟ قال: فتکلّم عليه‏السلام في

[صفحه 14]

تفسيرها ساعة تامّة، ثمّ قال لي: فما تفسير اللام من الحمد؟ قال: فقلت لا أعلم، قال: فتکلّم في تفسيرها ساعة تامّة، ثمّ قال: فما تفسير الميم من الحمد؟ قلت: لا أعلم، قال: فتکلّم في تفسيرها ساعة، ثمّ قال: فما تفسير الدال من الحمد؟ قال: قلت: لا أدري، فتکلّم فيها إلي أن برق عمود الفجر، قال: فقال لي: قُم يا أباعباس إلي منزلک تتأهب لفرضک، فقمت وقد وعيت کلّما قال عليه‏السلام قال: ثمّ تفکّرت فإذا علمي بالقرآن في علم عليّ عليه‏السلام کالقرارة في المنفجر (في المثعنجر) قال: القرارة الغدير، والمنفجر البحر.[7].

6/682- قال عليّ عليه‏السلام لمّا حکي عهد موسي عليه‏السلام قال: إنّ شرح کتابه کان أربعين جملاً لو أذن اللَّه ورسوله لي لا تسرع بي شرح معاني ألف الفاتحة حتّي يبلغ مثل ذلک- يعني أربعين وقراً أو جملاً-.

قال محمّد بن محمّد الغزالي: وهذه الکثرة في السعة والافتتاح في العلم، لا يکون إلّا لدنّيّا سماوياً إلهيّاً.[8].

7/683- عن الإمام‏العسکري، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

ربّ العالمين- يعني مالک الجماعات من کلّ مخلوق وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون، يقلّب الحيوانات في قدرته، ويغذوها من رزقه، ويحوطها بکنفه، ويدبّر کلاًّ منها بمصلحته، ويمسک الجمادات بقدرته، ويمسک ما اتّصل منها عن التهافت والمتهافت عن التلاصق والسماء أن تقع علي الأرض إلّا بإذنه، والأرض أن تنخسف إلّا بأمره.[9].

8/684- الصدوق، حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترآبادي المفسّر رحمه الله قال: حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد، وعليّ بن سيّار، عن أبويهما، عن الحسن بن عليّ ابن محمّد بن عليّ بن موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي‏

[صفحه 15]

طالب عليه‏السلام، قال: جاء رجل إلي الرضا عليه‏السلام فقال: يا ابن رسول اللَّه أخبرني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «اَلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ما تفسيره؟ فقال عليه‏السلام: لقد حدّثني أبي، عن جدّي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه عليهم‏السلام أنّ رجلاً جاء إلي أمير المؤمنين عليه‏السلام فقال: أخبرني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: «اَلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ما تفسيره؟ فقال عليه‏السلام: «اَلْحَمْدُ للَّهِ» هو أن عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملاً، إذ لا يقدرون علي معرفة جميعها بالتفصيل؛ لأنّها أکثر من أن تُحصي أو تُعرف، فقال لهم: قولوا «اَلْحَمْدُ للَّه» علي ما أنعم به علينا، «رَبِّ الْعَالَمِينَ» وهم الجماعات من کلّ مخلوق من الجمادات والحيوانات، فأمّا الحيوانات فهو يقلّبها في قدرته ويغذوها من رزقه ويحفظها بکنفه، ويدبّر کلاًّ منها بمصلحته، وأمّا الجمادات فهو يمسکها بقدرته، يمسک المتّصل منها أن يتهافت ويمسک المتهافت منها أن يتلاصق ويمسک السماء أن تقع علي‏الأرض إلّا بإذنه ويمسک‏الأرض أن تنخسف إلّا بأمره إنّه بعباده لرؤوف‏رحيم.

قال عليه‏السلام: «رَبِّ الْعَالَمِينَ» مالکهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون، والرزق مقسوم وهو يأتي ابن‏آدم علي أيّ سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوي متّقٍ بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبيننا وبينه سرّ وهو طالبه، فلو أنّ أحدکم يَفِرّ من رزقه لطلبه رزقه کما يطلبه الموت، فقال جلّ جلاله: قولوا الحمد للَّه علي ما أنعم به علينا، وذکّرنا به من خيرٍ في کتب الأوّلين قبل أن نکون.

ففي هذا إيجاب علي محمّد وآل محمّد وعلي شيعتهم أن يشکروه بما فضّلهم، وذلک أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: لمّا بعث اللَّه عزّ وجلّ موسي بن عمران عليه‏السلام واصطفاه نجياً، وفلق له البحر، ونجّي بني إسرائيل، وأعطاه التوراة والألواح، ورأي مکانه

[صفحه 16]

من ربّه، فقال: يا ربّ لقد أکرمتني بکرامة لم تکرم بها أحداً قبلي، فقال اللَّه جلّ جلاله: يا موسي أما علمت أنّ محمّداً أفضل عندي من جميع ملائکتي وجميع خلقي، قال موسي: يا ربّ فإن کان محمّد أکرم عندک من جميع خلقک فهل في آل الأنبياء أکرم من آلي؟ قال اللَّه جلّ جلاله: يا موسي أما علمت أنّ فضل آل محمّد علي جميع آل النبيّين کفضل محمّد علي جميع المرسلين، فقال موسي: يا ربّ فإن کان آل محمّد کذلک، فهل في اُمم الأنبياء أفضل عندک من اُمّتي، ظلّلت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المنّ والسلوي، وفلقت لهم البحر؟ فقال اللَّه جلّ جلاله: يا موسي أما علمت أنّ فضل اُمّة محمّد علي جميع الاُمم کفضلي علي جميع خلقي، فقال موسي: يا ربّ ليتني أراهم، فأوحي اللَّه عزّ وجلّ إليه: يا موسي إنّک لن تراهم، وليس هذا أوان ظهورهم، ولکن سوف تراهم في الجنان: جنّات عدن والفردوس بحضرة محمّد في نعيمها يتقلّبون وفي خيراتها يتبحبحون، أفتحبّ أن أسمعک کلامهم؟ قال: نعم يا إلهي، قال اللَّه جلّ جلاله: قُم بين يدي واشدد مئزرک قيام العبد الذليل بين يدي الملک الجليل، ففعل موسي ذلک، فنادي ربّنا عزّ وجلّ يا اُمّة محمّد فأجابوه کلّهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام اُمّهاتهم لبّيک اللّهمّ لبّيک لا شريک لک لبّيک، إنّ الحمد والنعمة لک والملک لا شريک لک (لبّيک)، قال: فجعل اللَّه عزّ وجلّ تلک الإجابة شعار الحج.

ثمّ نادي ربّنا عزّ وجلّ: يا اُمّة محمّد إنّ قضائي عليکم أنّ رحمتي سبقت غضبي، وعفوي قبل عقابي، فقد استجبت لکم من قبل أن تدعوني، وأعطيتکم من قبل أن تسألوني، من لقيني منکم بشهادة أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريک له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله صادق في أقواله محقّ في أفعاله، وأنّ عليّ بن أبي‏طالب أخوه ووصيّه من بعده ووليّه، ملتزم طاعته کما يلزم طاعة محمّد، وأنّ أوليائه المصطفين المطهّرين الميامين (المبانين) بعجائب آيات اللَّه ودلائل حجج اللَّه من بعدهما أولياؤه أدخله

[صفحه 17]

جنّتي وإن کانت ذنوبه مثل زبد البحر.

قال: فلمّا بعث اللَّه عزّ وجلّ نبيّنا محمّد صلي الله عليه و آله قال: يا محمّد وما کنتَ بجانب الطور إذ نادينا اُمّتک بهذه الکرامة، ثمّ قال عزّ وجلّ لمحمد صلي الله عليه و آله: قل: الحمد للَّه ربّ العالمين علي ما اختصصتني به من هذه الفضيلة، وقال لاُمّته: قولوا أنتم: الحمد للَّه ربّ العالمين علي ما اختصصتنا به من هذه الفضائل.[10].

9/685- في قوله تعالي: «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

أمر اللَّه عزّ وجلّ عباده أن يسألوه طريق المُنعَم عليهم، وهم النبيّون والصدّيقون والشهداء والصالحون، وأن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم وهم اليهود الذين قال اللَّه فيهم: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِکَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ»[11] وأن يستعيذوا به من طريق الضالين، وهم الذين قال اللَّه فيهم: «قُلْ يا أَهْلَ الْکِتابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِکُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ظَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا کَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل»[12] وهم النصاري، ثمّ قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: کلّ من کفر باللَّه فهو مغضوب عليه، وضالّ عن سبيل اللَّه.[13].


صفحه 12، 13، 14، 15، 16، 17.








  1. أمالي الصدوق:147 المجلس 33؛ مستدرک الوسائل 490:4 ح5001؛ تفسير الصافي 88:1؛ البحار 60:85.
  2. الحجر:87.
  3. النحل:30.
  4. أمالي الصدوق:148 المجلس 33؛ تفسير البرهان 41:1؛ تفسير الصافي 82:1؛ البحار 21:85.
  5. قوت القلوب 146:1 في باب ذکر وصف العلم؛ البحار 93:92.
  6. تفسير العياشي:251؛ تفسير البرهان 354:2؛ البحار 236:92؛ غاية المرام:513.
  7. سعد السعود:286؛ غاية المرام:513 باب 25 من فصل فضل أميرالمؤمنين والأئمة عليهم‏السلام ح26؛ البحار 105:92.
  8. البحار 104:92.
  9. تفسير الصافي 83:1؛ تفسير الإمام العسکري:30.
  10. علل الشرائع:416؛ البحار 224:92؛ الفصول المهمّة:152؛ تفسير نور الثقلين 4:1.
  11. المائدة:60.
  12. المائدة:77.
  13. تفسير الإمام العسکري:50؛ البحار 273:25.