ادعية اُخري له















ادعية اُخري له‏



1/1555- قال الشهيد رحمه الله: روي عن ميثم التمار رضي الله عنه أنّه قال: أصحر بي مولاي أميرالمؤمنين عليه‏السلام ليلة من الليالي، قد خرج من الکوفة وانتهي إلي مسجد جعفي، توجّه إلي القبلة وصلّي أربع رکعات، فلمّا سلّم وسبّح بسط کفّيه وقال:

إلهي کيف أدعوک وقد عصيتک، فکيف لا أدعوک وقد عرفتک، وحبّک في قلبي مکين، مددت إليک يداً بالذنوب مملوّة، وعيناً

[صفحه 487]

بالرجاء ممدودة، إلهي أنت مالک العطايا، وأنا أسير الخطايا، ومن کرم العظماء الرفق بالاُسراء، وأنا أسير بجرمي مرتهن بعملي.

إلهي ما أضيق الطريق علي من لم تکن دليله، وأوحش المسلک علي من لم تکن أنيسه.

إلهي لئن طالبتني بذنوبي لاُطالبنّک بعفوک، وإن طالبتني بجريرتي لاُطالبنّک بکرمک، وإن طالبتني بشرّي لاُطالبنّک بخيرک، وإن جمعت بيني وبين أعدائک في النار لاُخبرنّهم أنّي کنت لک مُحبّاً، وأنني کنت أشهد أن لا إله إلّا اللَّه.

إلهي هذا سروري بک خائفاً فکيف سروري بک آمناً.

إلهي الطاعة تسرّک والمعصية لا تضرّک، فهب لي ما يسرّک واغفر لي ما لا يضرّک، وتُب عليّ إنّک أنت التوّاب، اللّهمّ صلّ علي محمّد وآل محمّد وارحمني إذا انقطع من الدنيا أثري وامتحي من المخلوقين ذکري، وصرت من المنسيين کمن قد نُسي.

إلهي کبر سنّي ودقَّ عظمي ونال الدهر منّي، واقترب أجلي ونفدت أيامي وذهبت محاسني، ومضت شهوتي وبقيت تبعتي، وبلي جسمي، وتقطّعت أوصالي وتفرّقت أعضائي، وبقيتُ مرتهناً بعملي.

إلهي أفحمَتْني ذنوبي وانقطعت مقالتي ولا حجّة لي.

إلهي أنا المقرّ بذنبي المعترف بجرمي، الأسير بإساءتي، المرتهن بعملي، المتهوّر في خطيئتي، المتحيّر عن قصدي المنقطع بي، فصلّ علي محمّد وآل محمّد وتفضّل عليّ وتجاوز عنّي.

إلهي إن کان صغر في جنب طاعتک عملي فقد کبر في جنب رجائک أملي.

[صفحه 488]

إلهي کيف انقلب بالخيبة من عندک محروماً، وکلّ ظنّي بجودک أن تقبلني بالنجاة مرحوماً.

إلهي لم اُسلّط علي حُسن ظنّي بک قنوط الآيسين، فلا تبطل صدق رجائي من بين الآملين.

إلهي عظم جرمي إذ کنت المطالِبُ به، وکبر ذنبي إذ کنت المبارزَ به، إلّا أنّي إذا ذکرت کِبرَ ذنبي، وعظمَ عفوک وغفرانک، وجدت الحاصل بينهما لي أقربهما إلي رحمتک ورضوانک.

إلهي إن دعاني إلي النار (بذنبي) مَخشيُّ عقابک فقد ناداني إلي الجنّة بالرجاء حسن ثوابک.

إلهي إن أوحشتني الخطايا عن محاسن لطفک، فقد آنسني باليقين مکارم عطفک. إلهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائک، فقد أنبهتني المعرفة يا سيدي بکرم آلائک.

إلهي إن عزب لُبّي عن تقويم ما يصلحني، فما عَزَبَ إيقاني بنظرک (إليّ) فيما ينفعني.

إلهي إن انقرضت بغير ما أحببت من السعي أيامي، فبالايمان أمضيت السالفات من أعوامي.

إلهي جئتک ملهوفاً وقد اُلبست عدم فاقتي، وأقامني مع الأدلّاء بين يديک صدق حاجتي.

إلهي کَرُمْتَ فاکرمني إذ کنت من سؤالک، وجُدتَ بالمعروف، فأخلطني بأهل نوالک.

[صفحه 489]

إلهي أصبحت علي باب من أبواب منحک سائلاً، وعن التعرّض لسواک بالمسألة عادلاً، وليس من شأنک ردّ سائل ملهوف ومضطرّ لانتظار خير منک مألوف.

إلهي أقمت علي قنطرة الأخطار مَبلوّاً بالأعمال والاختبار، إن لم تُعِن عليها بتخفيف الأثقال والأصار.

إلهي أمِن أهل الشقاء خلقتني فاُطيل بکائي، أم من أهل السعادة خلقتني فاُبشر رجائي.

إلهي إن حرمتني رؤية محمّد صلي الله عليه و آله وصرفت وجه تأميلي بالخيبة في ذلک المقام فغير ذلک مَنَّتني نفسي، يا ذا الجلال والاکرام والطول والانعام.

إلهي لو لم تهدني إلي الإسلام ما اهتديت، ولو لم ترزقني الايمان بک ما آمنت، ولو لم تطلق لساني بدعائک ما دعوت، ولو لم تعرّفني حلاوة معرفتک ما عرفت.

إلهي إن أقعدني التخلّف عن السبق مع الأبرار، فقد أقامتني الثقة بک علي مدارج الأخيار.

إلهي قلبٌ حَشوتُه من محبّتک في دار الدنيا، کيف تسلّط عليه ناراً تحرقه في لظيً.

إلهي کلّ مکروب إليک يلتجي، وکلّ محروم لک يرتجي.

إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابک فخشعوا، وسمع المزلّون عن القصد بجودک فرجعوا، وسمع المذنبون بسعة رحمتک فتمتّعوا، وسمع المجرمون بکرم عفوک فطمعوا، حتّي ازدحمت عصائب العصاة من عبادک وعجّ إليک (کلّ) منهم عجيج الضجيج بالدعاء في بلادک، ولکلّ أمل ساق

[صفحه 490]

صاحبه إليک حاجة، وأنت المسؤول الذي لا تَسْوَدُّ عنده وجوه المطالب، صلّ علي محمّد نبيّک وآله وافعل بي ما أنت أهله إنک سميع الدعاء.

وأخفَتَ دعاءه- صلوات اللَّه عليه- وسجد وعفّر وقال: العفو العفو مائة مرّة، وقام وخرج فاتّبعته حتّي خرج الي الصحراء وخطّ لي خطّة وقال: إيّاک أن تجاوز هذه الخطّة ومضي عنّي، وکانت ليلة مُدلهِمّة، فقلت: يا نفسي أسلمت مولاک وله أعداء کثيرة، أيّ عذر يکون لک عند اللَّه وعند رسوله، واللَّه لأقفونّ أثره، ولأعلمنّ خبره وإن کان قد خالفت أمره، وجعلت أتّبع أثره، فوجدته عليه‏السلام مطلعاً في البئر إلي نصفه يخاطب البئر والبئر يخاطبه، فحسّ بي والتفت وقال: مَن؟ قلت: ميثم، فقال: يا ميثم ألم آمرک أن لا تتجاوز الخطّة، قلت: يا مولاي خشيت عليک من الأعداء فلم يصبر لذلک قلبي، فقال: أسمعت مما قلت شيئاً؟ قلت: لا يا مولاي، فقال: يا ميثم،


وفي الصدر لبانات
إذا ضاق لها صدري‏


نکتّ الأرض بالکفّ
وأبديت لها سرّي‏


فمهما تنبت الأرض
فذاک النبت من بذري[1].


قال المحدّث المجلسي- أعلا اللَّه مقامه-:

وجدت في مزار کبير من مؤلّفات السيد فخّار، أو بعض من عاصره من أفاضل الکبار، قال: حدّثني أبوالمکارم حمزة ابن‏علي بن زهرة العلوي، عن أبيه، عن جدّه، عن الشيخ محمّد ابن‏بابويه، عن الحسن بن علي البيهقي، عن محمّد بن يحيي الصولي، عن عون

[صفحه 491]

ابن‏محمّد الکندي، عن عليّ بن ميثم، عن ميثم قدس سره قال: أصحر بي مولاي.. الخبر.[2].

2/1556- علي بن حاتم، عن محمّد بن عمرو، عن محمّد بن عمّار، عن الحسين بن عبداللَّه العبدوي والحسن بن محمّد، قالا: حدّثنا أحمد بن عبداللَّه بن ربيعة الهاشمي، قال: حدّثني محمّد بن عيسي بن محمّد، عن عليّ بن عبداللَّه، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

الحمد للَّه ربّ العالمين، وصلّي اللَّه علي طيّب المرسلين محمّد بن عبداللَّه المنتجب الفاتق الراتق، اللّهمّ فخصّ محمّداً صلي الله عليه و آله بالذکر المحمود والحوض المورود، اللّهمّ آت محمّداً صلواتک عليه وآله الوسيلة والرفعة والفضيلة، واجعل في المصطفين محبّته وفي العليين درجته وفي المقرّبين کرامته، اللّهمّ اعط محمّداً- صلواتک عليه وآله- من کلّ کرامة أفضل تلک الکرامة، ومن کلّ نعيم أوسع ذلک النعيم، ومن کلّ عطاء أجزل ذلک العطاء، ومن کلّ يسراً أنظر ذلک اليسر، ومن کلّ قسم أوفر ذلک القسم، حتّي لا يکون أحد من خلقک أقرب منه مجلساً، ولا أرفع منه عندک ذکراً ومنزلةً، ولا أعظم عليک حقاً، ولا أقرب وسيلة من محمّد- صلواتک عليه وآله-، إمام الخير وقائده والداعي إليه، والبرکة علي جميع العباد والبلاد ورحمةً للعالمين.

اللّهمّ اجمع بيننا وبين محمّد- صلواتک عليه وآله- في برد العيش وتروّح الروح وقرار النعمة وشهوة الأنفس ومُني الشهوات ونعم اللذات، ورجاء الفضيلة وشهود الطمأنينة وسؤدد الکرامة وقرّة العين ونضرة النعيم وبهجة لا تشبه بهجات الدنيا، نشهد أنه قد بلّغ الرسالة وأدّي النصيحة واجتهد للاُمّة، واُوذي في جنبک وجاهد في سبيلک، وعبدک حتّي أتاه اليقين، فصلّي اللَّه عليه وآله الطيّبين.

اللّهمّ ربّ البلد الحرام وربّ الرکن والمقام وربّ المشعر الحرام وربّ الحِلّ

[صفحه 492]

والحرام، بلّغ روح محمّد- صلواتک عليه وآله- عنّا السلام، اللّهمّ صلّ علي ملائکتک المقرّبين وعلي أنبيائک ورسلک أجمعين، وصلّ اللّهمّ علي الحفظة الکرام الکاتبين وعلي أهل طاعتک من أهل السماوات السبع وأهل الأرضين السبع من المؤمنين أجمعين.[3].

3/1557- المجلسي، عن الکتاب العتيق، عن علي عليه‏السلام:

إلهي ذنوبي تُخوّفني منک، وجودک يبشّرني عنک، فأخرجني بخوفک من الخطايا، وأوصلني برحمتک إلي العطايا، حتّي أکون في القيامة عتيق کرمک کما کنت في الدنيا ربيب نعمک، فليس عجباً ما يهجني غداً من النجا مع ما ينجيه اليوم من الرجاء.

إلهي متي مات في غنائک آمل وانصرف بالردّ عنک سائل، أم متي دُعيت فلم تُجب، أم استوهبت فلم تهب، يا مَن أمر بالدعاء وتکفّل بالوفاء، لا تحرمني رضوانک، ولا تعدمني إحسانک، واجعل لي من عنايتک أمناً وموتلاً، ومن ولايتک حصناً ومعقلاً، حتّي لا يضرّني مع ذلک ضارّ، ولا يخلو قلبي من سرورٍ واستبشار.

إلهي إليک منک فراري، ولک بک إقراري، وأنت حسبي ونعم الوکيل، وربّي ونعم الدليل.

إلهي فقوّمني من الزلل وقوّني من الملل، وأرشدني لأقصد السبل، ووفقني لأفضل العمل حتّي أنال بفضلک غاية الأمل.

إلهي أنت مجيب دعوة المضطرّ وهادي المتحيّر في ظلمات البحر والبرّ، اللّهمّ فيسّر أغلاق قلوبنا، واکشف لبصائرنا أستار عيوننا، واکفنا برکن عزّک من أوامر نفوسنا، وصف لعلم حقائقک خواطر محسوسنا

[صفحه 493]

حتّي لا نزيغ عن سنن طريقک، ولا نزوع عن متن توفيقک، ولا نبغي سواک جليساً ولا نختار غيرک أنيساً.

إلهي أدعوک دعاءَ المتحلّ الفقير، وأرجوک رجاء الخائف المستجير، دعاء من قلّت حيلتُهُ واشتدّت فاقته، وعظمت أجرامُهُ وتفاقمت آثامه، اللّهمّ فکن لذنوبنا غافراً ولکسرنا جابراً، وأجرنا من عذاب العسير ودعاء الثبور، وسلّمنا من مضلّات الفتن وإضاعة السنن وجور الحکم واستعذاب الظلم وعواقب البغي ورکوب الغَي، وأطلق ألسنتا بشکر آلائک والتحدّث بنعمائک، وأبحنا النظر إليک، وأکرم محلّنا في دار القدس لديک، يا مَن لا يُخلف وعده ولا يقطع رفده، بيدک الخير کلّه وأنت معدن الفضل ومحلّه، صلّ علي محمّد نبيّنا وعلي آدم أبينا وحوّا اُمّنا، ومن بينهما من النبيين والمرسلين والشهداء والصالحين.[4].

4/1558- محمد بن يعقوب، عن عليّ بن أبي‏حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام أنّ رجلاً أتي أميرالمؤمنين عليه‏السلام فقال: يا أميرالمؤمنين کان لي مال ورثته ولم أنفق منه درهماً في طاعة اللَّه عزّ وجلّ، ثمّ اکتسبت منه مالاً فلم أنفق منه درهماً في طاعة اللَّه، فعلّمني دعاء يخلف عليّ ما مضي ويغفر لي ما عملت، أو عملاً أعمله، قال- صلوات اللَّه عليه-: قل، قال: وأيّ شي‏ء أقول يا أميرالمؤمنين؟ قال: قل کما أقول: يا نوري في کلّ ظلمة ويا اُنسي في کلّ وحشة، ويا رجائي في کلّ کربة، ويا ثقتي في کلّ شدّة، ويا دليلي في الضلالة، أنت

[صفحه 494]

دليلي إذا انقطعت دلالة الأدلّاء فإنّ دلالتک لا تنقطع، ولا يضلّ من هديت، أنعمت عليّ فأسبغت، ورزقتني فوفّرت، وغذّيتني فأحسنت غذائي، وأعطيتني فأجزلت، بلا استحقاق لذلک بفعل منّي، ولکن ابتداءً منک لکرمک وجودک، فتقوّيتُ بکرمک علي معاصيک، وتقوّيت برزقک علي سخطک، وأفنيت عمري فيما لا تحبّ، فلم يمنعک جرأتي عليک ورکوبي لما نهيتني عنه ودخولي فيما حرّمت عليّ، أن عدت عليّ بفضلک ولم يمنعني حلمک عنّي، وعودک عليّ بفضلک وإن عدت في معاصيک، فأنت العواد بالفضل وأنا العوّاد بالمعاصي، فيا أکرم من أقِرُّ له بذنب، وأعزّ من خضع له بذلّ، لکرمک أقررت بذنبي ولعزّک خضعت بذلّي فما أنت صانع بي في کرمک، وإقراري بذنبي، وعزّک وخضوعي بذلّي، إفعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله.[5].

5/1559- الطوسي، أخبرنا الشيخ المفيد أبوعلي الحسن بن محمّد بن الحسن بن علي الطوسي رحمه الله قال: أخبرنا الشيخ السعيد الوالد أبوجعفر محمّد بن الحسن رحمه الله قال: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا القاضي أبوبکر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد ابن‏محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن عبدالحميد، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو بن عتبة، قال: حدّثنا الحسن بن المبارک، قال: حدّثنا العباس بن عامر، عن مالک الأحمسي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: کنت أرکع عند باب أمير المؤمنين عليه‏السلام وأنا أدعو اللَّه، إذ خرج أميرالمؤمنين عليه‏السلام وقال: يا أصبغ، فقلت: لبّيک، قال: أيّ شي‏ء کنت تصنع؟ قلت: رکعت وأنا أدعو،

[صفحه 495]

قال: أفلا اُعلّمک دعاء سمعته من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟ قلت: بلي، قال: قل: الحمد للَّه علي ما کان، والحمد للَّه علي کلّ حال، ثمّ ضرب بيده اليمني علي منکبي الأيسر وقال: يا أصبغ لأن ثبتت قدمک وتمّت ولايتک وانبسطت يدک لا اللَّه أرحم بک من نفسک.[6].

[صفحه 496]


صفحه 487، 488، 489، 490، 491، 492، 493، 494، 495، 496.








  1. المزار للشهيد:270؛ البحار 449:100.
  2. البحار 199:40.
  3. تهذيب الشيخ الطوسي 83:3.
  4. البحار 112:94.
  5. الکافي 595:2؛ إحياء الإحياء 325:2.
  6. أمالي الشيخ الطوسي، المجلس 173:6 ح292؛ مستدرک الوسائل 308:5 ح5939؛ البحار 145:42؛ بشارة المصطفي:97.