العمل
عِبادَ اللّهِ! إِنَّ تَقْوَي اللّهِ حَمَتْ[4] أوْليْاءَ اللّهِ مَحارِمَهُ، وَأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخافَتَهُ حَتّي أَسْهَرَتْ لَيالِيَهُمْ، وَأَظمَاتْ هَوا جِرَ هُمْ،[5] فَأَخَذوُا الرّاحَةَ بِالنّصَبِ،[6] وَالرِّيَّ بِالظَمأ، وَاسْتَقْرَبُوا الأَجَلَ، فَبادَرُوا الْعَمَلَ، وَکَذَّبُوا الْأَمَلَ، فَلاحَظوُا الْأَجَلَ... وَاعْلَمُوا أَنَّ ما نَقَصَ مِنَ الدُّنْيا وَزادَ فِي الْأخِرَةِ خَيْرٌ مِمّا نَقَصَ مِنَ الْأخِرَةِ وَزادَ فِي الدُّنْيا، فَکَمْ مِنْ مَنقُوصٍ رابِحِ، وَمَزِيدٍ خاسِرٍ. إنَّ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ أَوْسَعُ مِنَ الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ، وَما أُحِلَّ لَکُمْ أَکْثَرُ مِمّا حُرِّمَ عَلَيْکُمْ، فَذَرُوا ما قَلَّ لِما کَثُرَ، وَما ضاقَ لِمَا اتَّسَعَ. [صفحه 125] قَدْ تُکُفِّلَ لَکُمْ بِالرِّزْقِ، وَأُمِرْتُمْ بِالْعَمَلِ، فَلا يَکُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَکُمْ طَلَبُهُ أَوْلي بِکُم مِنَ الْمَفْروُضِ عَلَيْکُمْ عَمَلُهُ، مَعَ أَنَّهُ، وَاللَّهِ، لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّکُّ وَدَخِلَ[7] الْيَقِينُ، حَتّي کَأَنَّ الَّذِي ضُمِنَ لَکُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَيْکُمْ، وَکَأَنَّ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْکُمْ قَدْ وُضِعَ عَنکُمْ، فَبادِرُوا الْعَمَلَ، وَخافُوا بَغْتَةَ الْأَجَلِ...[8].
الْحَمْدُ للّهِ الْواصِلِ الْحَمْدَ بِالنّعَمَ، وَالنِّعَمِ بِالشُّکْرِ. نَحْمَدُهُ عَلي الائِهِ، کَما نَحْمَدُهُ عَلي بَلائِهِ، وَنَسْتَعِينُهُ عَلي هذِهِ النُّفُوسِ الْبِطاءِ[1] عَما أُمِرَتْ بِهِ، السِّراعِ[2] إلي ما نُهِيَتْ عَنْهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ مِمّا أَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَاَحْصاهُ کِتابُهُ: عِلْمٌ غَيْرُ قاصِرٍ، وَکِتابٌ غَيْرُ مُغادِرٍ،[3] وَنُؤمِنُ بِهِ إيمانَ مَنْ عاَينَ الْغُيُوبَ، وَوَقَفَ عَليَ الْمَوْعُودِ إيماناً نَّفي إخْلاصُهُ الشِّرْکَ، وَيَقِينُهُ الشَّکَّ، وَنَشَهَْدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللّهُ وَحْدَهُ لاشَريکَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَهادَتَيْنِ تُصْعِدانِ الْقَوْلَ، وَتَرْفَعانِ الْعَمَلَ: لاَيخِفُّ مِيزانٌ تُوضَعانِ فَيهَ، وَلا يَثْقُلُ مِيزانٌ تُرْفَعانِ مِنْهُ...
صفحه 125.