العاقل يتعظ بالآداب...











العاقل يتعظ بالآداب...



وَاعْلَمْ، يابُنَيَّ، أَنَّ الرّزْقَ رِّزْقانِ: رِزْقٌ تَطْلُبُهُ، وَزِرْقٌ يَطْلُبُکَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِهِ أَتاکَ.

ما أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحاجَةِ، وَالْجَفاءَ عِنْدَ الْغِني، إِنَّما لَکَ مِنْ دُنْياکَ ما أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْواکَ.[1].

وَإِنْ‏جَرِعْتَ عَلي ما تَفَلَّتَ[2] مِنْ يَديْکََ فَاجْزَعْ عَلي کُلِّ مالَمْ يَصِلْ إِلَيْکَ، اسْتَدِلَّ عَلي مالَمْ يَکُنْ بِما قَدْ کانَ فإِنَّ الْأُمُورَ أَشْباهٌ.

ولا تکوننّ ممّن لا تنفعه العظة الّا اذا بالغت في ايلامه فانّ العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لا تتعظ الّا بالضرب.[3].

اطرح واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين.

من ترک القصد[4] جار،[5] والصاحب مناسب،[6] والصديق من صدّق غيبه،[7].

[صفحه 109]

والهوي[8] شريک العمي، وَرُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ، وَقَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ.

وَالْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَکُن لَهُ حَبِيبٌ، مَنْ تَعَدَّي الْحَقَّ ضاقَ مَذْهَبُهُ، وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلي قَدْرِهِ کانَ أَبقي لَهُ، وَأَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ سَبَبٌ بَيْنَکَ وَبَيْنَ اللّهِ سبحانه.

وَمَن لَمْ يُبالِکَ[9] فَهُوَ عَدُوُّکَ، قَدْ يَکُونُ الْيَأْسُ إِدراکاً إِذا کانَ الطَّمَعُ هَلاکاً...

أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّکَ إِذا شِئتَ تَعَجَّلْتَهُ،[10] وَقَطِيعَةُ الْجاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ الْعاقِلِ.

مَنْ أَمِنَ الزَّمانَ خانَهُ، وَمَنْ أَعْظَمَهُ[11] أَهانَهُ، لَيْسَ کُلُّ مَنْ رَمي أَصابَ، إذا تَغَيَّرَ الْسُلطانُ تَغَيَّرَ الزَّمانُ.

سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ، وَعَنِ الْجارِ قَبْلَ الدّارِ.

إيَّاکَ أَنْ تَذْکُرَ مِنَ الْکَلامِ مايَکُونُ مُضْحِکاً وَإنْ حَکَيْتَ ذلِکَ عَنْ غَيْرِکَ...[12].


صفحه 109.








  1. مثواک: مُقامک، من ثوي يثوي: أقام يقم، والمراد هنا- منزلتک من الکرامة.
  2. تفلّت- تشديد اللّام-: أي تخلّص من اليد فلم تحفظه.
  3. الرسالة: «31«- الکافي: 338:5.
  4. القصد: الاعتدال.
  5. جار: مال عن الصواب.
  6. الصاحب مناسب: أي يراعي فيه ما يراعي في قرابة النسب.
  7. الغيب: ضدّ الحضور، أي من حفظ لک حقّک وهو غائب عنک.
  8. الهوي: شهوة غير منضبطة ولا مملوکة بسلطان الشرع والأدب.
  9. لم يُبالک: أي لم يهتم بأمرک، باليته وباليت به: أي راعيته واعتنيت به.
  10. تعجلته: استبقت حدوثه.
  11. أعظمه: هابه وأکبر من قدره.
  12. الرسالة: «31«- من لا يحضره الفقيه: 362:3.