اثر التّاريخ في التربية
بَلْ کَأَنِّي بِمَا انتَهي إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلي اخِرِهِمْ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذلِکَ مِنْ کَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ. فَاسْتَخْلَصْتُ لَکَ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَةُ،[1] وَتَوَخَّيْتُ[2] لَکَ جَمِيلَهُ، وَصَرَفْتُ عَنْکَ مَجْهُولَهُ. وَرَأَيْتُ- حَيْثُ عَنانِي مِنْ أَمْرِکَ ما يَعْنِي الْوالِدَ الشَّفِيقَ، وَأَجْمَعْتُ[3] عَلَيْهِ مِنْ أَدَبِکَ- أَنْ يَکُونَ ذْلِکَ وَأَنْتَ مُقْبِلُ[4] الْعُمُرِ، وَمُقْتَبِلُ الدَّهْرِ، ذُوِنِيَّةٍ سَلِيمَةٍ، وَنَفْسٍ صافِيَةٍ.
أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي وَإنْ لَمْ أَکُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ کانَ قَبْلِي- فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمالِهِمْ، وَفَکَّرْتُ فِي أَخْبارِهِمْ، وَسِرْتُ فِي اثارِهِمْ، حَتّي عُدْتُ کَأَحَدِهِمْ.