الوصية بالتقوي، والسير في الديار والاثار











الوصية بالتقوي، والسير في الديار والاثار



فَإِنِّي أوُصِيکَ بِتَقْوَي اللّهِ- أَيْ بُنَيَّ- وَلُزُومِ أَمْرِهِ، وَعِمارَةِ قَلْبِکَ[1] بِذِکْرِهِ.

وَالْإِعْتِصامِ[2] بِحَبْلِهِ، وَأَيُّ سَبَبٍ أَوْثَقُ مِنْ سَبَبٍ بَيْنَکَ وَبَيْنَ اللّهِ إِنْ أَنتَ أَخَذْتَ بِهِ؟!

أَحْيِ قَلْبَکَ بِآلْمَوْعِظَةِ، وَأَمِتْهُ بِالزَّهادَةِ،[3] وَقَوِّهِ[4] بِآلْيَقِينِ، (وَنَوِّرْهُ بِآلْحِکْمَةِ) وَذَلِّلْهُ بِذِکْرِ الْمَوْتِ... وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبارَ الْماضِينَ، وَذَکِّرْهُ بِما أَصابَ مَنْ کانَ قَبْلَکَ مِنَ الأَوَّلَينَ.

وَسِرْفِي دِيارِهِمْ وَاثارِهِمْ، فَانَظُرْ فِيما فَعَلُوا، وَعَمَّا انتَقَلُوا (وَأَيْنَ حَلُّوا وَنَزَلُوا فَإِنَّکَ تَجِدُهُمْ قَدِ انتَقَلُوا عَنِ الْأَحِبَّةِ، وَحَلُّوا دارَالْغُرَبَةِ، وَکَأَنَّکَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ کَأَحَدِهِمْ.

فَأَصْلِحْ مَثْواکَ، وَلاتَبِعْ اخِرَتَکَ بِدُنْياکَ.









  1. استعار لفظ العمارة لتکميل قلبه بذکر اللّه وإکثاره منه لأنّه روح العبادات وکمال النفس، کما أنّ العمارة کمال الدار.
  2. في تفسير البرهان (سورة آل عمران، آية 103) عن عبداللَّه بن عباس قال کنّا عند رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله اذ جاء اعرابي فقال يا رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله سمعتک تقول «واعتصموا بحبل اللَّه جميعاً»، فما حبل اللَّه الذي نعتصم به؟ فضرب النبي صلي الله عليه و آله يده في يد علي عليه‏السلام وقال تمسکوا بهذا فهذا هو الحبل المتين 306:1.
  3. والذي يميته هي النفس الأمارة بالسوء، وإماتتها کسرها عن ميولها المخالفة لآراء العقل.
  4. اي من ضعف الجهل للصعود الي افق عليين، ولما کان اليقين درجة اشتداد في العلم ناسب ان يجعله تقوية للقلب.