خطبة المتقين (همّام)
... فَالْمُتَّقُونَ فِيها هُمْ أَهْلُ الْفَضائِلِ: مَنطِقُهُمُ الصَّوابُ،[1] وَمَلْبَسُهُمُ الْاِقْتصادُ،[2] وَمَشْيُهُمُ التَّواضُعُ.[3]. [صفحه 86] غَضُّوا أَبْصارَهُمْ[4] عَمّا حَرَّمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ، وَوَقَفُوا أَسْماعَهُمْ عَلَي الْعِلْمِ النّافِعِ لَهُمْ... عَظُمَ الْخالِقُ[5]. فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مادُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ. فَهُمْ وَالْجَنَّةُ کَمَنْ قَدْ رَاها فَهُمْ فِيها مُنَعِّمُونَ. وَهُمْ وَالنّارُ کَمَنْ قَدْرَاها فَهُمْ فِيها مُعَذَّبُونَ. قُلُوبُهُم مَخْزُونَةٌ، وَشُرُورُهُم مَأْمُونَةٌ، وَأَجْسادُهُمْ نَحِيفَةٌ،[6] وَحاجاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ. صَبَرُواْ أَيّاماً قَصِيَرةً أَعْقَبَتْهُمْ راحَةً طَوِيلَةً. امّا الليل: فَصافُّونَ أَقْدامَهُمْ تالِينَ لِأَجْزاءِ الْقُرْانِ، يُرَتِّلُونَها تَرْتِيلاً،[7] يَحَزُنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَيَسْتَثِيرُونَ[8] بِهِ دَواءَ دائِهِمْ... وأمّا النهار: فَحُلَماءُ عُلَماءُ أَبْرارُ أَتْقِياءُ... [صفحه 87]
رُوِيَ أَنَّ طاحِباً لِأَميرِ الْمُؤمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلامُ- يُقالُ لَهُ: هَمّامٌ- کانَ رَجُلاً عابِداً، فَقالَ لَهُ: ياأَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتّي کَأَنِّي أَنظُرُ إِلَيْهِمْ، فَتَثاقَلَ عَلَيهِالسَّلامُ عَنْ جَوابِهِ، ثُمَّ قالَ: ياهَمّامُ اتَّقِ اللّهَ وَأَحْسِنْ «فَإِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ» فَلَمْ يَقْنَعْ هَمّامٌ بُذلِکَ الْقَوْلِ حَتّي عَزَمَ عَلَيْهِ، فَحَمِدَاللّهَ وَأَثْني عَلَيْهِ، وَصَلّي عَلَي النّبِيِّ- صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ- ثُمَّ قالَ:
صفحه 86، 87.