الموت، سنّة كونية











الموت، سنّة کونية



الْحَمْدُللّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتاحاً لِذِکْرِهِ، وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ، وَدَلِيلاً عَلي الائِهِ وَعَظَمَتِهِ.

عِبادَاللّهِ، إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْباقِينَ کَجَرْيِهِ بِالْماضِينَ، لايَعُودُ ماقَدْوَلّي مِنْهُ، وَلايَبْقي سَرْمَداً مافِيهِ، اخِرُ فَعالِهِ کَأَوَّلِهِ، مُتَسابِقَةٌ[1] أُمُورُهُ، مُتَظاهِرَةٌ أَعْلامُهُ.[2].

فَکَأَنَّکُمْ بِالسّاعَةِ[3] تَحْدُوکُمْ حَدْوَالزّاجِرِ[4] بِشَوْلِهِ،[5] فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ نَفْسِهِ تَحَيَّرَ في الظُّلُماتِ، وَارْتَبَکَ في الْهَلکاتِ، وَمَدَّتْ بِهِ شَياطِينُهُ في طُغْيانِهِ، وَزَيَّنَتْ لَهُ سَيِّي‏ءَ أَعْمالِهِ، فَالْجَنَّةُ غايَةُ السّابِقِينَ، وَالنّارُ غايَةُ الْمُفَرِّطِينَ.[6].

اعْلَمُوا عِبادَاللّهِ، أَنَّ التَّقْوي دارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ، وَالْفُجُورَ دارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ، لايَمْنَعُ

[صفحه 62]

أَهْلَهُ، وَلايُحْرِزُ[7] مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ. أَلاوَبِالتَّقْوي تُقْطَعُ حُمَةُ[8] الْخَطايا، وَبِالْيَقِينِ تُدْرَکُ الْغايَةُ الْقُصْوي.


صفحه 62.








  1. متشابهة اموره: لأنّه- کما کان من قبل- يرفع ويضع، ويغني ويفقر، ويعز ويذلّ- فکذلک هو الآن أفعاله متشابهة، وروي [متسابقة] اي کأن کلّ منها يطلب النزول قبل الآخر، وکانّها خيل تتسابق في مضمار.
  2. متظاهرة أعلامه: اي دلالته علي سجيّته التي عامل الناس بها قديماً وحديثاً.
  3. السّاعة: القيامة، وحَدْوُها: سوقها وحثّها لأهل الدنيا علي المسير للوصول اليها.
  4. زاجر الإبل: سائقها.
  5. الشَوْل- بالفتح-: جمع شائلة، وهي من النوق ما مضي عليها من وضعها سبعة اشهر فخفّ لبنها وارتفع ضرعها.
  6. الخطبة: «157» الکافي: 60:1.
  7. لا يُحْرِز: لا يحفظ.
  8. الحُمَة- بضم ففتح-: في الأصل إبرة الزّنبور والعقرب ونحوها تلسع بها، والمراد هنا سطوة الخطايا علي النفس.