المعاد











المعاد



يتکلم عليٌ أميرالمؤمنين عليه‏السلام عن المعاد وکأن يراه، لانه هو القائل لو کُشف لي الغطاء مازدادتُ يقيناً.

فهو يصف لنا نار جهنم کأنه يراها: وأتقوا ناراً حَرُّهَا شديدٌ وقعرها بعيدٌ، وحليتها حديدٌ، وشرابُهَا صديد.[1].

ويصف لنا النفخ في الصور: وينفخُ في الصُور، فتزهقُ کُلُّ مهجة وتبکُمْ کُلّ لهجة، وتذلُّ الشُمُ الشوامخ والصَمُّ الروامِخُ فيصيرُ صلدُها شراباً رقُرَقاً ومعقدُها قاعاً؟؟، فلا شفيعٌ شِفَعُ، ولا حيمٌ ييَدْمَعُ، ولا مَعذِرةُ تَدْمَع.[2].

فوراء هذا الوصف احساسٌ عميق نشعر وکأنّ الامام يسمع صوت النفخة فيصفه لنا وصف السامع الناظر إليه.

[صفحه 60]

وهدفه في هذا الوصف هو دفع البشرية نحو الصلاح والهداية، لعله ترتعد إلي کلماته النفوس فتطهر.

فغاية أميرالمؤمنين في ذکر القيامة هو تهذيب النفوس يقول في هذا المجال: وأعلّمُوا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبرٌ علي النار، فأرحموا نفوسَکُم، فإنَّکُمْ قد جربتُمُوها في مصائب الدُّنيا، فَرَأيتُم جَزَعَ أحدکم من الشوکة تصيبه والعثرة تُدميه، والرمضاء تحرقه، فکيف إذا کان بين طابقين في نار ضجيع حَجَرٍ، وقرينَ شيطانٍ، أعلِمتُم أن مالِکاً إذا غضب علي النار حَطَمَ بعضُهَا بَعْضاً لِغضبه، وإذا زَجَرَها توثَّبَتْ بين أبوابِها جَزَعاً في زجرته.[3].

وهکذا يأخذنا أميرالمؤمنين أي عالم سيستقبلنا في يوم من الايام يقرب إلينا حوادثه ويصور لنا ما يجري فيه. انه يريد منّا أن نتغلّب علي أهواءنا وان لا تکون الدنيا کل همنا.

[صفحه 61]


صفحه 60، 61.








  1. خطبة: 116.
  2. خطبة: 190.
  3. خطبة: 178.