يكشف للخوارج الشبهة وينقض حكم الحكمين











يکشف للخوارج الشبهة وينقض حکم الحکمين‏



فَإنْ أَبَيْتُمْ إلاّ أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ فَلِمَ تُضَلِّلُونَ عامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ بِضَلالِي، وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطائِي، وَتُکَفِّروُنَهُمْ بِذُنُوبِي، سُيُوفُکُمْ عَلي عَواتِقِکُمْ تَضَعُونَها مَواضِعَ الْبُرْءِ وَالسُّقْمِ، وَتَخْلِطُونَ مَنْ أَذْنَبَ بِمَنْ لَمْ يُذْنِبْ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ‏اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ رَجَمَ الزّانِيَ (الْمُحْصَنَ) ثُمَّ صَلّي عَلَيْهِ، ثُمَّ وَرَّثَهُ أَهْلَهُ، وَقَتَلَ الْقاتِلَ وَوَرَّثَ مِيراثَهُ أَهْلَهُ، وَقَطَعَ السّارِقَ وَجَلَدَ الزّانِيَ غَيْرَ الْمُحْصَنِ، ثُمَّ قَسَّمَ عَلَيْهِما مِنَ الْفَي‏ءِ، وَنَکَحَا الْمُسْلِماتِ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ‏اللّهِ- صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ- بِذُنُوبِهِمْ، وَأَقامَ حَقَّ اللّهِ فِيهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ سَهْمَهُمْ مِنَ الْأسْلامِ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَسْماءَهُمْ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ.

ثُمَّ أَنْتُمْ شِرارُ النّاسِ وَمَنْ رَمي بِهِ الشَّيْطانُ مَرامِيَهُ، وَضَرَبَ بِهِ تِيهَهُ[1] وَسَيَهْلِکُ فِيَّ صِنْفانِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْحُبُّ إِلي‏غَيْرِ الْحَقِّ، وَمُبْعِضٌ مُفْرِطٌ يَذْهَبُ بِهِ الْبُغْضُ إِلي غَيْرِ الْحَقِّ، وَخَيْرُ النّاسِ فِيَّ حالاً النَّمَطُ الْأَوْسَطُ، فَالْزَمُوهُ، وَالْزَمُوا السَّوادَ الْأَعْظَمَ، فَإِنَّ يَدَاللّهِ عَلَي الْجَماعَةِ، وَإِيّاکُمْ وَالْفُرقَةَ، فَإنَّ الشّاذَّ مِنَ النّاسِ لِلشَّيْطانِ، کَما

[صفحه 189]

أَنَّ الشّاذَّ مِنَ الْغَنَمِ لِلذِّئبِ. الامَنْ دَعا إِلي هذَا الشِّعارِ[2] فَاقْتُلُوهُ وَلَوْ کانَ تَحْتَ عِمامَتِي هذِهِ. وَإِنَّما حُکِّمَ الْحَکَمانِ لِيُحْيِيا ما أَحْيَا الْقُرانُ، وَيُمِيتا ما أَماتَ الْقُرْانُ، وَإِحْياؤُهُ الْاِجْتِماعُ عَلَيْهِ، وَإِماتَتُهُ الْاِفْتِراقُ عَنْهُ، فَإِن جَرَّنَا الْقُرْانُ إِلَيْهِمِ اتَّبَعْناهُمْ، وَإِنْ جَرَّهُمْ إِلَيْنَا اتَّبَعُونا

فَلَمْ‏اتِ- لاأَبالَکُمْ- بُجْراً،[3] وَلاخَتَلْتُکُمْ[4] عَنْ أَمْرِکُمْ، وَلالَبَّسْتُهُ عَلَيْکُمْ إِنَّمَا اجْتَمَعَ رَأْيُ مَلَئِکُمْ عَلَي اخْتِيارِ رَجُلَيْنِ، أَخَذْنا عَلَيْهِما اَنْ لايَتَعَدَّيَا الْقُرْانَ فَتاها عَنْهُ، وَتَرَکَا الْحَقَّ وَهُما يُبْصِرانِهِ، وَکانَ الْجَوْرُ هَوا هُما فَمَضَيا عَلَيْهِ وَقَدْسَبَقَ اسْتِثْناؤُنا عَلَيْهِما فِي الْحُکُومَةِ بِالْعَدْلِ وَالصَّمْدِ[5] لِلْحَقِّ سُوءَ رَأْيِهِما، وَجَوْرَ حُکْمِهِما.[6].

[صفحه 190]

وَقالَ عَلَيْهِ‏السَّلامُ، وَقدْ مرَّ بقَتْلَي الخَوارِجِ يوْمَ النَّهْرَوَانِ:

بُؤْساً لَکُم![7] لَقَدْ ضَرَّکُمْ مَنْ غَرَّکُمْ، فقيلَ لهُ: منْ غرّهم يا أميرَالمؤْمنينَ؟

فقالَ: الشَّيْطانُ الْمُضِلُّ، والنَّفسُ الأمَّارَةُ بِالسُّوءِ؛ غَرَّتْهُمْ بِالأمانِيِّ، وفَسَحَتْ لَهُمْ في المَعاصِي، ووَعَدَتْهُمُ الإظْهارَ؛[8] فاقْتَحَمَتْ بِهِمُ النَّارَ.[9].

لاَتَقْتُلُوا الْخَوارِجَ بَعْدِي، فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ، کَمَنْ طَلَبَ الْباطِلَ فَأَدْرَکَهُ.[10].


صفحه 189، 190.








  1. «ضرب به تيهه»: سلک به في بادية ضلالته.
  2. الشعار: علامة القوم في الحرب والسفر، وهو ما يتنادون به ليعرف بعضهم بعضاً.
  3. البجر: بضم الباء: الشرّ والأمر العظيم.
  4. خَتَلَتکُم: خدعتکم، والتلبيس: خلط الأمر وتشبيهه حتي لا يعرف.
  5. الصّمد: القصد.
  6. الخطبة: «127»- تاريخ الطبري: 48:6 و 3378- مروج الذهب: 413:2.
  7. البؤس: الشدّة والضيق.
  8. الاظهار: الغلبة.
  9. قصار الحکم: «323».
  10. الخطبة: «61»- علل الشرايع: ص 201 للشيخ الصدوق.