الاحساس بالمسؤولية الالهية لانقاذ الناس ودفع المخالفين











الاحساس بالمسؤولية الالهية لانقاذ الناس ودفع المخالفين‏



... فَنَهَضْتُ فِي تِلْکَ الْأَحْداثِ حَتّي زاحَ[1] الْباطِلُ وَزَهَقَ،[2] وَاطْمَأَنَّ الدِّينُ وَتَنَهْنَهَ...[3].

[صفحه 173]

إِنِّي وَاللّهِ لَوْ لَقِيتُهُمْ واحِداً وَهُمْ طِلاعُ[4] الْأَرْضِ‏کُلِّها ما بالَيْتُ وَلاَاسْتَوْحَشْتُ، وَإِنِّي مِنْ ضَلالِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَالْهُدَي الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ لَعَلي بَصِيرَةٍ مِنْ نَفْسِي وَيَقِينٍ مِنْ رَبِي، وَاِنِّي إِلي لِقاءِاللّهِ لَمُشْتاقٌ، وَّلِحُسْنِ ثَوابِهِ لَمُنْتَظِرٌ راجٍ، وَلکِنَّنِي اسي[5] أَنْ يَلِيَ[6] أَمْرَ هذِهِ الْأُمَّةِ سُفَهاؤُها وَفُجّارُها،

فَيَتَّخِذُواْ مالَ اللّهِ دُوَلاً،[7] وَعِبادَهُ‏خَوَلاً،[8] وَالصّالِحِينَ حَرْباً،[9] وَالْفاسِقِينَ حِزْباً:

فَإِنَّ مِنْهُمُ الَّذِي شَرِبَ فِيکُمُ الْحَرامَ[10] وَجُلِدَ حَدّاً فِي الاِْسْلامِ، وَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَّمْ يُسْلِمْ حَتّي رُضِخَتْ لَهُ عَلَي الاِْسْلامِ الرَّضائِخُ،[11] فَلَوْلا ذلِکَ ما أَکْثَرْتُ تَأْلِيبَکُمْ[12] وَتَأْنِيبَکُمْ، وَجَمْعَکُمْ وَتَحْرِيضَکُمْ، وَلَتَرَکْتُکُمْ إذْ أَبَيْتُمَْ وونيتم.[13].

أَلا تَرَوْنَ إِلي أَطْرافِکُمْ[14] قَدِانْتَقَصَتْ،[15] وَإِلي أَمْصارِکُمْ قَدِ افْتُتِحَتْ، وَإِلي مَما

[صفحه 174]

لِکِکُمْ تُزْوي،[16] وَإِلي بِلادِکُمْ تُغْزي؟! انْفِروُا- رَحِمَکُمُ اللّهُ- إِلي قِتالِ عَدُوِّکُمْ، وَلاتَث اقَلوُاْ إِلَي الْأَرْضِ فَتُقِرُّوا[17] بِالْخَسْفِ،[18] وَتَبُوءوُا[19] بِالذُّلِّ وَيَکُونَ نَصِيبُکُمُ الْأَخَسَّ، وَإِنَّ أَخَا الْحَرْبِ الْأَرِقُ،[20] وَمَنْ نامَ لَمْ يُنَمْ عَنْهُ...[21].

... أَلا وَإنَّکُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَکُم مِنْ حَبْلِ الطّاعَةِ، وَثَلَمْتُمْ[22] حِصْنَ اللّهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْکُمْ بِأَحْکامِ الْجاهِلِيَّةِ، وَإنَّ اللّهَ- سُبْحانَهُ- قَدِ امْتَنَّ عَلي جَماعَةِ هذِهِ الْأُمَّةِ فِيما عَقَدَ بَيْنَهُم مِنْ حَبْلِ هذِهِ الْأُلْفَةِ- الَّتِي يَنْتَقِلُون فِي ظِلِّهِا وَيَأوُونَ ألي کَنَفِها- بِنِعْمَةٍ لايَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ‏الْمَخْلوُقِينَ لَهاقِيمَةً، لأَنَّها أَرْجَحُ مِنْ کُلِّ ثَمَنٍ، وَأَجَلُّ مِنْ کُلُ خَطَرٍ.

وَاعْلَمُواْ أَنَّکُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْراباً، وَبَعْدَالْمُوالاةِ[23] أَحْزاباً، مُا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ‏الْإسْلامِ إلاّ بِاسْمِهِ، وَلاتَعْرِفُونَ مِنَ‏الْإيمانِ إلاّ رَسْمَهُ.

أَلا وَقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الْإِسْلامِ، وَعَطَّلْتُمْ حُدوُدَهُ، وَأَمَتُّمْ أَحْکامَهُ، أَلاوَقَدْ أَمِرَنِيَ اللّهُ بِقِتالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالنَّکْثِ[24] وَالْفَسادِ فِي الْأَرْضِ فَأَماً النّاکِثُونَ فَقَدْ قاتَلْتُ، وَأَمَّا الْقاسِطُونَ[25] فَقَدْ جاهَدْتُ، وَأَمَّا الْمارِقَةُ[26] فَقَدْ دَوَّخْتُ...[27] [28].

[صفحه 175]

... وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هذَا الأَمْرِ وَعَيْنَهُ،[29] وَقَلَّبْتُ ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ، فَلَمْ أَرَ لِي إلَّا الْقِتالَ أَوِ الْکُفْرَ [بِما جاءَ مُحَمَّدٌ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ]. إنَّهُ قَدْ کانَ عَلَي الْأُمَّةِ والٍ أَحْدَثَ أَحْداثاً، وَأَوْجَدَ[30] لِلنّاسِ مَقالاً فَقالُواْ ثُمَّ نَقَمُوا فَغَيَّرُوا.[31].


صفحه 173، 174، 175.








  1. زاح: ذهب.
  2. زهق: خرجت روحه ومات، مجاز عن الزوال التام
  3. تنهنه: أي کَفّ.
  4. الطّلاع- ککتاب-: مل‏ء الشي‏ء.
  5. آسي: مضارع «أسيتُ عليه» کرضيتُ- أي: حزنت.
  6. يلي امر الأمّة: يتولاها ويکون عنها مسؤولاً.
  7. دُوَلاً- بضم ففتح جمع دُولة بالضم-: أي شيئاً يتداولونه بينهم.
  8. الخَوَل- محرکة-: العبيد.
  9. «حَرباً»: أي محاربين.
  10. شرب الحرام: يريد الخمر.
  11. الرّضائخ: جمع رضيخة وهي شي‏ء قليل يعطاه الانسان يصانع به عن شي‏ء يطلب منه کالأجر، ورضخت له، اعطيت له.
  12. تأليبکم: تحريضکم وتحويل قلوبکم عنهم.
  13. «ونيتم»: اي ضعفتُم وفرتم.
  14. أطراف البلاد: جوانبها.
  15. انتقصت: حصل فيها النقص باستيلاء العدو عليها.
  16. تزوي- مبني للمجهول- تقبض، وهي من زواه اذا قبضه عنه.
  17. تقروا: تعترفوا.
  18. الخسف: اي الضيم.
  19. تبوؤوا: اي تعودوا بالذل.
  20. الأرق- بفتح فکسر- اي: الساهر.
  21. الرسالة: «15».
  22. ثلمتم: خرقتم.
  23. الموالاة: المحبّة.
  24. النکث: نقض العهد.
  25. القاسطون: الجائرون عن الحق.
  26. المارقة: الذين مرقوا من الدين، أي خرجوا منه.
  27. دوّخهم: أضعفهم وأذلّهم.
  28. الخطبة: «192«.
  29. ولقد ضربت أنف هذا الأمر وعينه: مَثَل تقول العرب في الاستقصاء في البحث والتأمل والفکر.
  30. اوجد الناس مقالاً: جعلهم واجدين له.
  31. الخطبة: «43».