لا حجة لمعاوية
وَلَعَمرِي- يامُعاوِيَةُ- لَئِنْ نَظَرْتَ بِعَقْلِکَ دوُنَ هَواکَ لَتَجِدَنِّي أَبْرَأَ النّاسِ مِنْ دَمِ عُثْمانَ، وَلَتَعْلَمَنَّ أَنِّي کُنتُ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ إِلاّ أَنْ تَتَجَنّي،[1] فَتَجَنَّ مابَدا لَکَ...[2]. فَسُبْحانَ اللّهِ!! ما أَشَدَّ لُزوُمَکَ لِلْأَهْواءِ الْمُبْتَدَعَةِ، وَالْحَيْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ،[3] مَعَ تَضْيِيعِ الْحَقائِقِ، وَاطِّراحِ الْوَثائِقِ، الَّتِي هِيَ لِلّهِ طِلْبَةٌ،[4] وَعَلي عِبادِهِ حُجَّةٌ، فأَمّاإِکْثارُکَ الْحِجاجَ[5] فِي عُثْمانَ وَقَتَلَتِهِ، فَإِنَّکَ إِنَّما نَصَرْتَ عُثْمانَ حَيْثُ النَّصْرُلَکَ، وَخَذَلْتَهُ حَيْثُ کانَ النَّصْر لَهُ...[6]. [صفحه 172] ... وَزَعَمْتَ أَنَّکَ جِئتَ ثائِراً[7] بِعُثْمانَ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ حَيْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمانَ فَاطْلُبْهُ مِنْ هُناکَ إِنْ کُنْتَ طالِباً...[8]. ... فَإِنِّي أُخْبِرُکُمْ عَنْ أَمْرِ عُثْمانَ حَتّي يَکُونَ سَمْعُهُ کَعِيانِهِ:[9] إِنَّ النّاسَ طَعَنُوا عَلَيْهِ فَکُنتُ رَجُلاً مِنَ الْمُهاجِرِينَ أُکثِرُ أُسْتِعْتابَهُ،[10] وَأُقِّلُ عِتابَهُ، وَکانَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ أَهْوَنُ سَيْرِهِما فِيهِ الْوَجِيفُ،[11] وَأَرْفَقُ حِدائِهِمَا[12] الْعَنِيفُ، وَکانَ مِنْ عائِشَةَ فِيهِ فَلْتَةُ غَضَبٍ، فَأُتِيحَ لَهُ قَوْمٌ قَتَلُوهُ...[13]. (يا معاوية): وَقَدْ أَکْثَرْتَ فِي قَتَلَةِ عُثْمانَ، فَادْخُلْ فِيما دَخَلَ فِيهِ النّاسُ، ثُمَّ حاکِمِ الْقَوْمَ إِلَيَّ أَحْمِلْکَ وَإِيّاهُمْ عَلي کِتابِ اللّهِ...[14].
إِنَّهُ بايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَ بايَعُوا أَبابَکْرٍ وَعُمَرَوَعُثْمانَ عَلي ما بايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَکُن لِلشّاهِدِ أَنْ يَخْتارَ، وَلا لِلْغائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإِنَّماَ الشُّوري لِلْمُهاجِرِينَ وَالأَنْصارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلي رَجُلٍ وَسَمَّوهُ إمامًا کانَ ذلِکَ لِلّهِ رِضًي، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِ هِمْ خارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْ بِدْعَةٍ رَدُّوهُ إلي ما خَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ أَبي قاتَلُوهُ عَلَي اتِّباعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤمِنِينَ، وَوَلاّهُ اللّهُ ما تَوَلّي.
صفحه 172.