نصيحة القاسطين و ارشادهم الي الحق
[صفحه 168] إِلي غايَةِ خُسْرٍ،[10] وَمَحَلَّةِ کُفْرٍ، وَإِنَّ نَفْسَکَ قَدْ أَوْلَجَتْکَ[11] شَرًّا، وَأَقْحَمَتْکَ[12] غَيًّا،[13] وَأَوْرَدَتْکَ الْمَهالِکَ، وَأَوْعَرَتْ[14] عَلَيْکَ الْمَسالِکَ. ...فَاحْذَرْ يَوْماً يَغْتَبِطُ[15] فِيهِ مَنْ أَحْمَدَ[16] عاقِبَةَ عَمَلِهِ، وَيَنْدَمُ مَنْ أَمْکَنَ[17] الشَّيْطانَ مِنْ قِيادِهِ فَلَمْ يُجاذِبْهُ. وَقَدْ دَعَوْتَنا اِلي حُکْمِ الْقُرْانِ وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَسْنا اِيّاکَ أَجَبْنا، وَلکِنّا أَجَبْنَا الْقُرْانَ فِي حُکْمِهِ...[18]. وَقَدِ ابْتَلانِي بِکَ وَابْتَلاکَ بِي، فَجَعَلَ أَحَدَنا حُجَّةً عَلَي الْاخَرِ، فَعَدَوْتَ[19] عَلَي طَلَبِ الدُّنْيا بِتَأْوِيلِ الْقُرْانِ، وَطَلَبْتَنِي بمالَمْ تَجْنِ يَدِي وَلا لِسانِي، وَعَصَبْتَهُ أَنْتَ وَأَهْلُ الشّامِ بِي،[20] وَأَلَبَّ عالِمُکُمْ جاهِلَکُمْ وَقائِمُکُمْ قاعِدَکُمْ.[21]. [صفحه 169] فَاتَّقِ اللّهَ فِي نَفْسِکَ، وَنازِعِ الشَّيْطانَ قِيادَکَ،[22] وَاصْرِفْ إِلَي الْاخِرَةِ وَجْهَکَ، فَهِيَ طَرِيقُنا وَطَرِيقُکَ، وَاحْذَرْأَنْ يُصِيْبَکَ اللّهُ مِنْهُ بِعاجِلِ قارِعَةٍ[23] تَمَسُّ الْأَصْلَ،[24] وَتَقْطَعُ الدّابِرَ.[25]. ... فَدَعْ عَنکَ قُرَيْشاً وَتَرْکا ضَهُمْ[26] فِي الضَّلالِ وَتَجْوالَهُمْ[27] فِي الشِّقاق[28] وَجِماحَهُمْ[29] فِي التِّيهِ،[30] فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعوُا عَلي حَرْبِي کَإجماعِهِمْ عَلي حَرْبِ رَسُولِاللّهِ صَلَّي اللّهُ عَلَيْهِ وَالِهِ قَبْليِ.[31]. ... مالِي وَلِقُرَيْشٍ؟ وَاللّهِ لَقَدْ قاتَلْتُهُمْ کافِرِينَ، وَلَأُقاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ، وَإنّي لَصاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ کَما أَنَا صاحِبُهُمُ الْيَوْمَ! واللَّه ما تنقم منا قريش الّا انّ اللَّه اختارنا عليهم فادخلناهم في حيزنا.[32]. فَقَدْ انَ لَکَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِاللَّمْحِ الْباصِرِ[33] مِنْ عِيانِ الْأُموُرِ،[34] فَلَقَدْ سَلَکْتَ مَدارِجَ [صفحه 170] أَسْلافِکَ بِادِّعائِکَ الْأَباطِيلَ، وَاقْتِحامِکَ[35] غُروُرَ الْمَيْنِ[36] وِالْأَکاذِيبِ، وَبِانتِحالِکَ[37] ما قِدْ عَلا[38] عَنْکَ، وَبْتِزازِکَ[39] لِمَا اخْتُزِنَ[40] دوُنَکَ، فِراراً مِنَ الْحَقِّ، وَجُحُوداً لِما هُوَ أَلْزَمُ لَکَ مِنْ لَحْمِکَ وَدَمِکَ،[41] مِمّا قَدْوَعاهُ سَمْعُکَ، وَمُلِئَ بِهِ صَدْرُکَ، فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ، وَبَعْدَ الْبَيانِ إِلاَّ اللَّبْسُ،[42] فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ وَاشْتِمالَها عَلي لُبْسَتِها،[43] فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طالَما أَغْدَفَتْ[44] جَلابِيبَها، وَأَغْشَتِ[45] الْأَبْصارَ ظُلْمَتُها... فَمِنَ الْانِ فَتَدارَکْ نَفْسَکَ وَانظُرْ لَها، فَإِنَّکَ إِنْ فَرَّطْتَ حَتّي يَنْهَدَ[46] إِلَيْکَ عِبادُ اللّهِ أُرْتِجَتْ[47] عَلَيْکَ الْأُموُرُ، وَمُنِعْتَ أَمْراً هُوَ مِنْکَ الْيَوْمَ مَقْبُولٌ.[48]. [صفحه 171]
(إِلي مُعاوِيَةَ): فَاتَّقِ اللّهَ فِيما لَدَيْکَ، وَانْظُرْ فِي حَقِّهِ عَلَيْکَ، وَارْجِعْ إِلي مَعْرِفَةِ مالا تُعْذَرُ بِجَهالَتِهِ، فَإِنَّ لِلطّاعَةِ أَعْلاماً و اضِحَةً، وَسُبُلاً نَيِّرَةً، وَمَحَجَّةً[1] نَهْجَةً،[2] وَغايَةً مُطَلِّبَةً،[3] يَرِدُهَا الْأَکْياسُ،[4] وَيُخالِفُهَا الْأَنکاسُ،[5] مَنْ نَکَبَ[6] عَنْها جارَ[7] عَنِ الْحَقِّ، وَخَبَطَ[8] فِي التِّيِه،[9] وَغَيَّرَ اللّهُ نِعْمَتَهُ، وَأَحَلَّ بِهِ نِقْمَتَهُ، فَنَفْسَکَ نَفْسکَ، فَقَدْ بَيَّنَ اللّهُ لَکَ سَبِيلَکَ، وَحَيْثُ تَناهَتْ بِکَ أُمُورُکَ، فَقَدْ أَجْرَيْتَ
صفحه 168، 169، 170، 171.