استنهاض الناس‏

ألا وَإنّيِ قَدْ دَعَوْتُکُمْ إلي قِتالِ هؤلاءِ الْقَوْمِ لَيْلاً وَنَهاراً وَسِرّاً وَإعْلاناً، وَقُلْتُ لَکُمْ:

[صفحه 156]

أُغْزُوهُمْ قَبْلَ أَّنْ يَغْزُوکُمْ، فَوَاللَّهِ ما غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دارِهِمْ[1] إلاَّ ذَلُّوا، فَتَواکَلْتُمْ،[2] وَتَخاذَلْتُمْ حَتّي شُنَّتْ عَلَيْکُمُ الْغاراتُ،[3] وَمُلِکَتْ عَلَيْکُمُ الْأَوْطانُ.

وَهذا أَخُو غامِدٍ قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنْبارَ،[4] وَقَدْ قَتَلَ حَسّانَ بْنَ حَسّانَ الْبَکْرِيَّ، وَأَزالَ خَيْلَکُمْ عَن مَسالِحِها.[5].

وَلَقَدْ بَلَغَنِي أنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ کانَ يَدْخُلُ عَلَي الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْأُخْرَي الْمُعاهَدَةِ[6] فَيَنْتَزِعُ حِجْلَها[7] وَقُلْبَها[8] وَقَلائِدَها وَرِعثَها.[9].

ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إلاّ بِالْاِسْتِرْجاعِ وَالْإستِرْحامِ،[10] ثُمَّ انْصَرَفُوا وافِرِينَ،[11] ما نالَ رَجُلاً مِنْهُمْ کَلْمٌ وَلا[12] أُرِيقَ لَهُم دَمٌ!!

فَلَوْ أَنَّ اَمْرَاءً مُسْلِماً ماتَ مِنْ بَعْدِ هذا أَسَفاً ما کانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ کانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً.

[صفحه 157]

صفحه 156، 157.

حال الخوف والذل کثير اما يخبط في الخوف ويکثر من غير اصابة فيه.
تواکلتم: وکل کلّ منکم الامر الي صاحبه، اي لم يتوله احد منکم، بل أحاله کلّ علي الاخر.
شنت الغارات: غرقت عليکم من کل جنب کما يشن الماء متفرقا دفعة بعد دفعة.
الانبار: بلدة علي شاطي‏ء الفرات الشرقي، ويقابلها علي الجانب الاخر «هيت».
المسالح: جمع مسلحة-بالفتح- وهي الثغر والمرقب حيث يُخشي طروق الأعداء.
المعاهدة: الذمية.
الحِجل- بالکسر وبالفتح وبکسرين-: الخلخال.
القُلُب: بضمتين: جمع قُلب- بالضم فسکون-: السوار المصمت (الذي لا جوف له).
رعثها- بضم الراء والعين- جمع رعاث، ورعات جمع رعثة، وهو ضرب من الخرز (الجلد).
الاسترجاع: ترديد الصوت بالبکاء مع القول: انّا للَّه وانّا اليه راجعون، والاسترحام: ان تناشده الرحمة.
وافرين: تأمين علي کثرتهم لم ينقص عددهم.
الکلم- بالفتح-: الجرح.