رسالة الاسلام في ظلمة الجاهلية











رسالة الاسلام في ظلمة الجاهلية



أَرْسَلَهُ بِالدَّينِ الْمَشْهُورِ، وَالْعِلْمِ المَأثُورِ، وَالْکِتابِ الْمَسْطُورِ، وَالنُّورِ السّاطِعِ، وَالضِّياءِ اللاّمِعِ، وَالْأَمْرِ الصّادِعِ.

إزاحَةً لِلشُّبُهاتِ، وَاحْتِجاجاً بِالبَيِّناتِ، وَتَحْذِيراً بِالْآياتِ، وَتَخْوِيفاً بِالْمَثُلاتِ،[1] وَالنّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَذَمَ[2] فِيها حَبْلُ الدّينِ، وَتَزَعْزَعَتْ سَوارِي[3] الْيَقينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ،[4] وَتَشَتَّتَ الْأَمْرُ، وَضاقَ الْمَخْرَجُ، وَعَمِيَ الْمَصْدَرُ.

فَالْهُدي خامِلٌ، وَالْعَمي شامِلٌ، عُصِيَ الرَّحْمنُ، وَنُصِرَ الشَّيْطانُ، وَخُذِلَ الْإيمانُ، فَانْهارَتْ دَعائِمُهُ، وَتَنَکَّرَتْ مَعالِمُهُ، وَدَرَسَتْ[5] سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُکُهُ.[6].

أَطاعُواْ الشَّيْطانَ فسَلَکُوا مَسالِکَهُ، وَوَرَدُوا مَناهِلَهُ،[7] بِهِمْ سارَتْ أَعْلامُهُ، وَقامَ

[صفحه 27]

لِواؤُهُ، فِيِ فِتَنٍ داسَتْهُمْ بِأَخْفافِها،[8] وَوَطِئَتْهُمْ بِأَضْلافِها،[9] وَقامَتْ عَلي سَنابِکِها.[10].

فَهُمْ فِيها تائِهُونَ حائِرونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ، فِي خَيْرِ دارٍ وَشَرِّ جِيرانٍ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَکُحْلُهُمْ دُمُوعٌ، بِأَرْضٍ عالِمُها مُلْجَمٌ، وَجاهِلُها مُکْرَمٌ...[11].


صفحه 27.








  1. المثلات: بفتح فضم: العقوبات، جمع مثلة- بضم الثاء وسکونها بعد الميم-.
  2. انجذم: انقطع.
  3. السواري: جمع سارية، وهي العمود والدعامة.
  4. النجر: بفتح النون وسکون الجيم: الأصل.
  5. دَرَسَت: کانْدَرَسَتْ: انطَمَسَتْ.
  6. الشِّرک: جمع شراک ککتاب، وهي الطريق.
  7. المناهِلُ: جمع مَنْهل،وهو مورد النهر.
  8. الأخفاف: جمع خُفّ، وهو للبعير کالقدم للإنسان.
  9. الأظلاف: جمع ظِلْف- بالکسر- للبقر والشاة وشبههما کالخف للبعير والقدم للإنسان.
  10. السنابک: جمع سُنْبُک کقُنْفُذْ: وهو طرف الحافر.
  11. الخطبة: «2« المسترشد: ص 73 للطبري. عيون الاخبار: 326:1، لابن قتيبة. العقد الفريد: 112:3 لابن عبد ربه (المتوفي 328)، مطالب السؤل: لمحمد بن طلحة الشافعي.