في الرّسالة الالهية











في الرّسالة الالهية



الْحَمْدُلِلّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، الْخالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنصَبَةٍ،[1] خَلَقَ الْخَلائِقَ بِقُدُرَتِهِ، وَاسْتَعْبَدَ الْأَرْبابَ بِعِزَّتِهِ، وَسادَ الْعُظَماءَ بِجُودِهِ.

وَهُوَ الَّذِي أَسْکَنَ الدُّنْيا خَلْقَهُ، وَبَعَثَ إِلَي الْجِنِّ وَالْإِنْسِ رُسُلَهُ...[2] وَواتَرَ[3] إلَيْهِمْ أَنْبِياءَهُ، لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَکِّروُهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّواْ عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفائِنَ الْعُقُولِ وَيُرُوهُمْ آياتِ الْمُقْدِرَةِ: مِن سَقْفٍ فَوْقَهُم مَرْفُوعٍ، وَمِهادٍ تَحْتَهُم مَوْضُوعٍ، وَمَعايِشَ تُحْيِيهِمْ، وَآجالٍ تُفْنِيهمْ، وَأَوْصابٍ[4] تُهْرِمُهُمْ، وَأَحْداثٍ تَتابَعُ عَلَيْهِمْ.

وَلَمْ يُخْلِ اللَّه سُبْحانَهُ خَلْقَهُ مِنْ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ کِتابٍ مُنْزَلٍ، اَوْ حُجَّةٍ لازِمَةٍ، اَوْ مَحَجَّةٍ[5] قائِمَهٍ...[6].

[صفحه 24]

فَاسْتَوْدَعَهُمْ فِي أَفْضَلِ مُسْتَودَعٍ، وَأَقَرَّهُمْ فِي خَيْرِ مُسْتَقَرٍّ، تَناسَخَتْهُمْ[7] کرائِمُ الْأَصْلابِ إلي مُطَهَّراتِ الْأَرْحامِ، کُلَّما مَضي مِنْهُمْ سَلَفٌ قامَ مِنْهُمْ بِدِينِ اللَّهِ خَلَفٌ...[8].

رُسُلٌ لا تُقَصِّرُ بِهِمْ قِلَّةُ عَدَدِهِمْ، وَلا کَثْرَةُ الْمُکَذِّبِينَ لَهُمْ: مِنْ سابِقٍ سُمِّيَ لَهُ مَنْ بَعْدَهُ، أَوْ غابِرٍ عَرَّفَهُ مَنْ قَبْلَهُ: عَلي ذلِکَ نَسَلَتِ[9] الْقُروُونُ، وَمَضَتِ الدُّهُورُ، وَسَلَفَتِ الْاباءُ، وَخَلَفَتِ الْأَبْناءُ.[10]


صفحه 24.








  1. المنصبة- کمصطبة- التعب.
  2. الخطبة:183، ربيع الابرار: 53:1 للزمخشري، النهاية: 299:5، لابن الاثير، تفسير البرهان: 9:1 للسيد البحراني.
  3. واتر اليهم أنبياءه: أرسلهم وبين کل نبيّ ومن بعده فترة، وقوله «ليستادوهم»: ليطلبوا الأداء.
  4. الأوصاب: المتاعب.
  5. المحجّة: الطريق القويم الواضح.
  6. الخطبة: «1«، الکافي: 140:1 للشيخ الکليني (المتوفي 328 ه)، الارشاد: ص 108 للشيخ المفيد (المتوفي 413 ه).
  7. تناسختهم: تناقلتهم.
  8. الخطبة: «94» الکافي: 134:1- التوحيد: ص 28 للشيخ الصدوق (المتوفي 381 ه).
  9. نَسَلت: بالبناء للفاعل: مضت متتابعة.
  10. الخطبة: «1«.