الحكمة 092















الحکمة 092



إياک و الشهوات و ليکن مما تستعين به علي کفها علمک بأنها ملهية لعقلک مهجنة لرأيک شائنة لغرضک شاغلة لک عن معاظم أمورک مشتدة بها التبعة عليک في آخرتک إنما الشهوات لعب فإذا حضر اللعب غاب الجد و لن يقام الدين و تصلح الدنيا إلا بالجد فإذا نازعتک نفسک إلي اللهو و اللذات فاعلم أنها قد نزعت بک إلي شر منزع و أرادت بک أفضح الفضوح فغالبها مغالبة ذلک و امتنع منها امتناع ذلک و ليکن مرجعک منها إلي الحق فإنک مهما تترک من الحق لا تترکه إلا إلي الباطل و مهما تدع من الصواب لا تدعه إلا إلي الخطإ فلا تداهنن هواک في اليسير فيطمع منک في الکثير و ليس شي‏ء مما أوتيت فاضلا عما يصلحک و ليس لعمرک و إن طال فضل عما ينوبک من الحق اللازم لک و لا بمالک و إن کثر فضل عما يجب عليک فيه و لا بقوتک و إن تمت فضل عن أداء حق الله عليک و لا برأيک و إن حزم فضل عما لا تعذر بالخطإ فيه فليمنعنک علمک بذلک من أن تطيل لک عمرا في غير نفع أو تضيع لک مالا في غير حق أو أن تصرف لک قوة في غير عبادة أو تعدل لک رأيا في غير رشد فالحفظ الحفظ لما أوتيت فإن بک إلي صغير ما أوتيت الکثير منه أشد الحاجة و عليک بما أضعته منه أشد الرزية و لا سيما العمر الذي کل منفذ سواه تخلف و کل ذاهب بعده مرتجع فإن کنت شاغلا نفسک بلذة فلتکن لذتک في محادثة العلماء و درس کتبهم فإنه ليس سرورک بالشهوات بالغا منک مبلغا إلا و إکبابک علي ذلک و نظرک فيه بالغه منک غير أن ذلک يجمع إلي عاجل السرور تمام السعادة و خلاف ذلک يجمع إلي عاجل الغي و خامة العاقبة و قديما قيل أسعد الناس أدرکهم لهواه إذا کان هواه في رشده فإذا کان هواه في غير رشده فقد شقي بما أدرک منه و قديما قيل عود نفسک الجميل فباعتيادک إياه يعود لذيذا.