في التعريف بين الشهود
[صفحه 465] هل لک بيّنة علي ما تدعي؟ فقال: لا، فاستحلفتهم فحلفوا. فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام: هيهات ياشريح هکذا تحکم في مثل هذا!! فقال: ياأميرالمؤمنين فکيف؟ فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام: واللَّه لأحکمنّ فيهم بحکم ما حکم به خلق قبلي إلّا داود النبي عليهالسلام ياقنبر ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم فوکّل بکل رجل منهم رجلاً من الشرطة، ثم نظر إلي وجوههم، فقال: ماذا تقولون؟ أتقولون اني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتي إني إذاً لجاهل، ثم قال: فرّقوهم وغطّوا رؤوسهم، قال: ففرّق بينهم وأقيم کلّ رجل منهم إلي اسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطّاة بثيابهم، ثم دعا بعبيداللَّه بن أبيرافع- کاتبه- فقال: هات صحيفة ودواة، وجلس أميرالمؤمنين عليهالسلام في مجلس القضاء وجلس الناس إليه، فقال لهم: إذا کبّرت فکبّروا، ثم قال للناس أخرجوا، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وکشف عن وجهه، ثمّ قال لعبيداللَّه بن أبيرافع: اکتب إقراره وما يقول، ثم أقبل عليه بالسؤال، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام: في أي يوم خرجتم من منازلکم وأبو هذا الفتي معکم؟ فقال الرجل: في يوم کذا وکذا، قال: وفي أي شهر؟ قال: في شهر کذا وکذا، قال: وفي أيّ سنة؟ قال: في سنة کذا وکذا، قال: وإلي أين بلغتم في سفرکم حتي مات أبو هذا الفتي؟ قال: إلي موضع کذا وکذا، قال: وفي منزل من مات؟ قال: في منزل فلان بن فلان، قال: وما کان مرضه؟ قال: کذا وکذا، قال: وکم يوماً مرض؟ قال: کذا وکذا، قال: وفي أي يوم مات ومن غسّلّه ومن کفّنه وبماذا کفنتموه ومن صلي عليه ومن نزل قبره؟ فلمّا سأله عن جميع ما يريد کبّر أميرالمؤمنين عليهالسلام وکبّر الناس جميعاً، فارتاب أولئک الباقون ولم يشکّوا أنّ صاحبهم قد أقرّ عليهم وعلي نفسه، فأمر عليهالسلام أن يغطّي رأسه وينطلق به إلي السجن، ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وکشف عن وجهه، ثم قال: کلّا زعمتم أني لا أعلم ما [صفحه 466] صنعتم، فقال: ياأميرالمؤمنين ما أنا إلّا واحد من القوم ولقد کنت کارهاً لقتله فأقرّ، ثم دعا بواحد بعد واحد کلّهم يقرّ بالقتل وأخذ المال، ثمّ ردّ الذي کان أمر به إلي السجن فأقرّ أيضاً، فألزمهم المال والدم، فقال شريح: ياأميرالمؤمنين وکيف حکم داود النبي عليهالسلام؟ فقال: إنّ داود النبي عليهالسلام مرّ بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بيامات الدين فيجيب منهم غلام، فدعاه داود عليهالسلام فقال: ياغلام ما اسمک؟ قال: مات الدين، فقال له داود عليهالسلام من سمّاک بهذا الاسم؟ فقال: أمي، فانطلق داود إلي أمّه فقال لها: ياأيتها المرأة ما اسم ابنک هذا؟ قالت: مات الدين، فقال لها: ومن سمّاه بهذا، قالت: أبوه، قال: وکيف کان ذاک؟ قالت: إنّ أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا: مات، فقلت لهم: فأين ما ترک؟ قالوا: لم يخلّف شيئاً، فقلت هل أوصاکم بوصيّة؟ قالوا: نعم، زعم أنک حبلي فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسمّيه، مات الدين، فسميّته، قال داود عليهالسلام: وتعرفين القوم الذين کانوا خرجوا مع زوجک؟ قالت نعم، قال: فأحياء هم أم أموات؟ قالت: بل أحياء، قال: فانطلقي بنا إليهم، ثمّ مضي معها فاستخرجهم من منازلهم فحکم بينهم بهذا الحکم بعينه، وأثبت عليهم المال والدم، وقال للمرأة سمّي ابنک هذا عاش الدين، ثمّ إن الفتي والقوم اختلفوا في مال الفتي کم کان، فأخذ أميرالمؤمنين عليهالسلام خاتمه وجميع خواتيم من عنده، ثم قال: أجيلوا هذه السهام فأيکم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه؟ لأنّه سهم اللَّه وسهم اللَّه لا يخيب.[1]. 2/7683- وعنه، عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبيعبداللَّه، عن اسحاق بن إبراهيم الکندي، قال: حدثنا خالد النوفلي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: لقد قضي أميرالمؤمنين عليهالسلام فاستقبله شاب يبکي وحوله قوم يسکتونه، فلما رأي أمير [صفحه 467] المؤمنين عليهالسلام قال: ياأميرالمؤمنين إنّ شريحاً قضي عليّ قضيّة ما أدري ما هي، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام ما هي؟ فقال الشاب إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفر فرجعوا ولم يرجع فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترک مالاً، فقدّمتهم إلي شريح فاستحلفهم، وقد علمت أنّ أبيخرج ومعه مال کثير، فقال لهم عليهالسلام ارجعوا فرجعوا وعلي يقول: أوردها سعد وسعد يشتمل ما يغني قضاؤک ياشريح، ثم قال: واللَّه لأحکمنّ فيهم بحکم ما حکم أحد قبلي إلّا داود النبي عليهالسلام ياقنبر ادع لي شرطة الخميس، قال: فدعا شرطة الخميس، فوکّل بکلّ رجل منهم رجلاً من الشرطة، ثم دعا بهم فنظر في وجوههم، ثم ذکر مثل حديث الأول إلي قوله: سمّي ابنک هذا عاش الدين، فقلت جعلت فداک کيف تأخذهم بالمال إن ادّعي الغلام أنّ أباه خلّف مائة ألف أو أقلّ أو أکثر، وقال القوم: لا بل عشرة آلاف أو أقل أو أکثر، فلهؤلاء قول ولهذا قول؟ قال: فإني آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقها في مکان واحد، ثم أقول: اجيلوا هذه السهام فأيکم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه لأنّه سهم اللَّه وسهم اللَّه لا يخيب.[2]. 3/7684- سعيد بن وهب، قال: خرج قوم فصحبهم رجل فقدموا وليس معهم، فاتهمهم أهله، فقال شريح: شهودکم أنه قتل صاحبکم وإلّا حَلَفوا باللَّه ما قتلوه فأتوا علياً [عليهالسلام] قال سعيد: وأنا عنده ففرق بينهم فاعترفوا، فسمعت علياً يقول: أنا أبوالحسن القرمُ، فأمر بهم علي [عليهالسلام] فقتلوا.[3]. [صفحه 468] 4/7685- عن ابنسيرين، عن علي [عليهالسلام] في الرجل سافر مع أصحاب له، فلم يرجع حين رجعوا، فاتهم أهله أصحابه فرفعوهم إلي شريح، فسألهم البينة علي قتله، فارتفعوا إلي علي [عليهالسلام] وأخبروه بقول شريح، فقال علي [عليهالسلام]: أوردها سعد وسعد مشتمل ثم قال: إن أهون السعي التشريح، قال: ثم فرّق بينهم وسألهم، فاختلفوا ثم أقروا بقتله، فقتلهم به.[4]. بيان: قوله عليهالسلام: أوردها سعد وسعد مشتمل... هذا مثل يقال: أن أصله کان أن رجلاً أورد إبله ماء لا تصل إلي شربه إلّا بالاستقاء، ثم اشتمل ونام وترکها لم يستق لها، يقول: فهذا الفعل لا تروي به الابل حتي يستقي لها، فأراد عليهالسلام بهذا المثل إن أهون ما کان ينبغي لشريح أن يفعل أن يستقصي في المسألة والنظر والکشف عن خبر الرجل حتي يعذر في طلبه ولا يقتصر علي طلب البينة فقط، کما اقتصر الذي أورد إبله ثم نام. [صفحه 469]
1/7682- محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابنأبيعمير، عن علي بن أبيحمزة، عن أبيبصير، عن أبيجعفر عليهالسلام قال: دخل أميرالمؤمنين عليهالسلام المسجد فاستقبله شاب يبکي، وحوله قوم يسکتونه، فقال علي عليهالسلام ما أبکاک؟ فقال: ياأميرالمؤمنين إنّ شريحاً قضي عليّ بقضية ما أدري ما هي، إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر، فرجعوا ولم يرجع أبي، فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترک مالاً، فقدّمتهم إلي شريح فاستحلفهم، وقد علمت ياأميرالمؤمنين أن أبيخرج ومعه مال کثير، فقال لهم أميرالمؤمنين عليهالسلام: ارجعوا فرجعوا والفتي معهم إلي شريح، فقال له أميرالمؤمنين عليهالسلام: ياشريح کيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال: ياأميرالمؤمنين ادّعي هذا الفتي علي هؤلاء النفر أنّهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه، فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما خلف مالاً، فقلت للفتي:
ما هکذا تورد ياسعد الإبل
ما هکذا تورد ياسعد الابل
صفحه 465، 466، 467، 468، 469.