في التعريف بين الشهود















في التعريف بين الشهود



1/7682- محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن‏أبي‏عمير، عن علي بن أبي‏حمزة، عن أبي‏بصير، عن أبي‏جعفر عليه‏السلام قال: دخل أميرالمؤمنين عليه‏السلام المسجد فاستقبله شاب يبکي، وحوله قوم يسکتونه، فقال علي عليه‏السلام ما أبکاک؟ فقال: ياأميرالمؤمنين إنّ شريحاً قضي عليّ بقضية ما أدري ما هي، إنّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر، فرجعوا ولم يرجع أبي، فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترک مالاً، فقدّمتهم إلي شريح فاستحلفهم، وقد علمت ياأميرالمؤمنين أن أبي‏خرج ومعه مال کثير، فقال لهم أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ارجعوا فرجعوا والفتي معهم إلي شريح، فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ياشريح کيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال: ياأميرالمؤمنين ادّعي هذا الفتي علي هؤلاء النفر أنّهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه، فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما خلف مالاً، فقلت للفتي:

[صفحه 465]

هل لک بيّنة علي ما تدعي؟ فقال: لا، فاستحلفتهم فحلفوا.

فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: هيهات ياشريح هکذا تحکم في مثل هذا!! فقال: ياأميرالمؤمنين فکيف؟ فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: واللَّه لأحکمنّ فيهم بحکم ما حکم به خلق قبلي إلّا داود النبي عليه‏السلام ياقنبر ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم فوکّل بکل رجل منهم رجلاً من الشرطة، ثم نظر إلي وجوههم، فقال: ماذا تقولون؟ أتقولون اني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتي إني إذاً لجاهل، ثم قال: فرّقوهم وغطّوا رؤوسهم، قال: ففرّق بينهم وأقيم کلّ رجل منهم إلي اسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطّاة بثيابهم، ثم دعا بعبيداللَّه بن أبي‏رافع- کاتبه- فقال: هات صحيفة ودواة، وجلس أميرالمؤمنين عليه‏السلام في مجلس القضاء وجلس الناس إليه، فقال لهم: إذا کبّرت فکبّروا، ثم قال للناس أخرجوا، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وکشف عن وجهه، ثمّ قال لعبيداللَّه بن أبي‏رافع: اکتب إقراره وما يقول،

ثم أقبل عليه بالسؤال، فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام: في أي يوم خرجتم من منازلکم وأبو هذا الفتي معکم؟ فقال الرجل: في يوم کذا وکذا، قال: وفي أي شهر؟ قال: في شهر کذا وکذا، قال: وفي أيّ سنة؟ قال: في سنة کذا وکذا، قال: وإلي أين بلغتم في سفرکم حتي مات أبو هذا الفتي؟ قال: إلي موضع کذا وکذا، قال: وفي منزل من مات؟ قال: في منزل فلان بن فلان، قال: وما کان مرضه؟ قال: کذا وکذا، قال: وکم يوماً مرض؟ قال: کذا وکذا، قال: وفي أي يوم مات ومن غسّلّه ومن کفّنه وبماذا کفنتموه ومن صلي عليه ومن نزل قبره؟ فلمّا سأله عن جميع ما يريد کبّر أميرالمؤمنين عليه‏السلام وکبّر الناس جميعاً، فارتاب أولئک الباقون ولم يشکّوا أنّ صاحبهم قد أقرّ عليهم وعلي نفسه، فأمر عليه‏السلام أن يغطّي رأسه وينطلق به إلي السجن، ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وکشف عن وجهه، ثم قال: کلّا زعمتم أني لا أعلم ما

[صفحه 466]

صنعتم، فقال: ياأميرالمؤمنين ما أنا إلّا واحد من القوم ولقد کنت کارهاً لقتله فأقرّ، ثم دعا بواحد بعد واحد کلّهم يقرّ بالقتل وأخذ المال، ثمّ ردّ الذي کان أمر به إلي السجن فأقرّ أيضاً، فألزمهم المال والدم، فقال شريح: ياأميرالمؤمنين وکيف حکم داود النبي عليه‏السلام؟ فقال: إنّ داود النبي عليه‏السلام مرّ بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بيامات الدين فيجيب منهم غلام، فدعاه داود عليه‏السلام فقال: ياغلام ما اسمک؟ قال: مات الدين، فقال له داود عليه‏السلام من سمّاک بهذا الاسم؟ فقال: أمي، فانطلق داود إلي أمّه فقال لها: ياأيتها المرأة ما اسم ابنک هذا؟ قالت: مات الدين، فقال لها: ومن سمّاه بهذا، قالت: أبوه، قال: وکيف کان ذاک؟ قالت: إنّ أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا: مات، فقلت لهم: فأين ما ترک؟ قالوا: لم يخلّف شيئاً، فقلت هل أوصاکم بوصيّة؟ قالوا: نعم، زعم أنک حبلي فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسمّيه، مات الدين، فسميّته، قال داود عليه‏السلام: وتعرفين القوم الذين کانوا خرجوا مع زوجک؟ قالت نعم، قال: فأحياء هم أم أموات؟ قالت: بل أحياء، قال: فانطلقي بنا إليهم، ثمّ مضي معها فاستخرجهم من منازلهم فحکم بينهم بهذا الحکم بعينه، وأثبت عليهم المال والدم، وقال للمرأة سمّي ابنک هذا عاش الدين، ثمّ إن الفتي والقوم اختلفوا في مال الفتي کم کان، فأخذ أميرالمؤمنين عليه‏السلام خاتمه وجميع خواتيم من عنده، ثم قال: أجيلوا هذه السهام فأيکم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه؟ لأنّه سهم اللَّه وسهم اللَّه لا يخيب.[1].

2/7683- وعنه، عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي‏عبداللَّه، عن اسحاق بن إبراهيم الکندي، قال: حدثنا خالد النوفلي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: لقد قضي أميرالمؤمنين عليه‏السلام فاستقبله شاب يبکي وحوله قوم يسکتونه، فلما رأي أمير

[صفحه 467]

المؤمنين عليه‏السلام قال: ياأميرالمؤمنين إنّ شريحاً قضي عليّ قضيّة ما أدري ما هي، فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام ما هي؟ فقال الشاب إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفر فرجعوا ولم يرجع فسألتهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترک مالاً، فقدّمتهم إلي شريح فاستحلفهم، وقد علمت أنّ أبي‏خرج ومعه مال کثير، فقال لهم عليه‏السلام ارجعوا فرجعوا وعلي يقول:


أوردها سعد وسعد يشتمل
ما هکذا تورد ياسعد الإبل‏


ما يغني قضاؤک ياشريح، ثم قال: واللَّه لأحکمنّ فيهم بحکم ما حکم أحد قبلي إلّا داود النبي عليه‏السلام ياقنبر ادع لي شرطة الخميس، قال: فدعا شرطة الخميس، فوکّل بکلّ رجل منهم رجلاً من الشرطة، ثم دعا بهم فنظر في وجوههم، ثم ذکر مثل حديث الأول إلي قوله: سمّي ابنک هذا عاش الدين، فقلت جعلت فداک کيف تأخذهم بالمال إن ادّعي الغلام أنّ أباه خلّف مائة ألف أو أقلّ أو أکثر، وقال القوم: لا بل عشرة آلاف أو أقل أو أکثر، فلهؤلاء قول ولهذا قول؟ قال: فإني آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقها في مکان واحد، ثم أقول: اجيلوا هذه السهام فأيکم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه لأنّه سهم اللَّه وسهم اللَّه لا يخيب.[2].

3/7684- سعيد بن وهب، قال: خرج قوم فصحبهم رجل فقدموا وليس معهم، فاتهمهم أهله، فقال شريح: شهودکم أنه قتل صاحبکم وإلّا حَلَفوا باللَّه ما قتلوه فأتوا علياً [عليه‏السلام] قال سعيد: وأنا عنده ففرق بينهم فاعترفوا، فسمعت علياً يقول: أنا أبوالحسن القرمُ، فأمر بهم علي [عليه‏السلام] فقتلوا.[3].

[صفحه 468]

4/7685- عن ابن‏سيرين، عن علي [عليه‏السلام] في الرجل سافر مع أصحاب له، فلم يرجع حين رجعوا، فاتهم أهله أصحابه فرفعوهم إلي شريح، فسألهم البينة علي قتله، فارتفعوا إلي علي [عليه‏السلام] وأخبروه بقول شريح، فقال علي [عليه‏السلام]:


أوردها سعد وسعد مشتمل
ما هکذا تورد ياسعد الابل‏


ثم قال: إن أهون السعي التشريح، قال: ثم فرّق بينهم وسألهم، فاختلفوا ثم أقروا بقتله، فقتلهم به.[4].

بيان: قوله عليه‏السلام: أوردها سعد وسعد مشتمل... هذا مثل يقال: أن أصله کان أن رجلاً أورد إبله ماء لا تصل إلي شربه إلّا بالاستقاء، ثم اشتمل ونام وترکها لم يستق لها، يقول: فهذا الفعل لا تروي به الابل حتي يستقي لها، فأراد عليه‏السلام بهذا المثل إن أهون ما کان ينبغي لشريح أن يفعل أن يستقصي في المسألة والنظر والکشف عن خبر الرجل حتي يعذر في طلبه ولا يقتصر علي طلب البينة فقط، کما اقتصر الذي أورد إبله ثم نام.

[صفحه 469]


صفحه 465، 466، 467، 468، 469.








  1. الکافي 371:7، وسائل الشيعة 204:18، من لا يحضره الفقيه 24:3 ح3255، إرشاد المفيد: 115، دعائم الاسلام 403:2، مستدرک الوسائل 387:17 ح21644، البحار 11:14.
  2. الکافي 373:7، مناقب ابن‏شهر آشوب باب قضاياه عليه‏السلام في خلافته 378:2، سنن البيهقي 104:10، البحار 262:40، وسائل الشيعة 205:8.
  3. کنز العمال 143:15 ح40438.
  4. کنز العمال 143:15 ح40439، غريب الحديث 477:3.