مصحف فاطمة بين الحقيقـة والأوهـام











مصحف فاطمة بين الحقيقـة والأوهـام



لا شکّ أن أهل البيت (عليهم السلام) هم ورثة علم رسول اللّه (صلي الله عليه وآله) والامناء عليه، فقد تواتر عنه (صلي الله عليه وآله) أنه قال: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها»[1] وهو کالصريح بکونه (عليه السلام) عيبة علمه ومستودع المعارف الإلهية، وقد توارثها منه الأئمة المعصومون المطهّرون من ولده. فقد کانوا يتوارثون ما في القرآن الکريم وکتب الأنبياء السابقين، من دقائق المعارف والأحکام الشرعية.ومن جملة التراث العلمي الذي کان يتوارثه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) «مصحف فاطمة» الذي دوّن فيه علم ما يکون، مما سمعته الزهراء (عليها السلام) من حديث الملائکة بعد وفاة أبيها (صلي الله عليه وآله)، کما سنري من خلال النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة، وقد کانوا (عليهم السلام) يحدّثون أصحابهم أحياناً عن تلک العلوم المدوّنة عندهم في هذا الکتاب ويبيّنون حقيقته.لقد أثار مصحف فاطمة حفيظة العديد من الکتّاب، واتخذوا منه وسيلةً للطعن والتشنيع علي أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، تارةً باستغلال اسمه ـ باعتبار أنه يطلق عليه اسم «مصحف» ـ وجعله باباً لاتّهامهم بأنّهم لا يعترفون بالقرآن الموجود بين الدّفتين والمتداول بين المسلمين قاطبة، فيوقعون الناس في وهم بأن مصحف فاطمة المذکور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة، وتارةً أخري بأن الاعتقاد بمصحف فاطمة يعني الاعتقاد بنزول الوحي بعد الرسول (صلي الله عليه وآله) ويرتّبون علي ذلک نتائج عديدة، منها: أن الشيعة يعتقدون بنبوّة فاطمة وعلي (عليهما السلام).وفي هذا الباب نتعرّض للبحث عن حقيقة مصحف فاطمة (عليها السلام)، ونعالج الشبهات التي تثار حوله، والضجّة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الکتّاب الذين ينقصهم الاطّلاع الکافي والدقّة العلمية ـ إن أحسنّا الظنّ بهم ـ أو تنقصهم الأمانة والانصاف.









  1. راجع مصادر الحديث في الهوامش التحقيقية لکتاب المراجعات للسيّد شرف الدين/ هامش المراجعة رقم 48 ص387 من طبعة المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام). وکتاب فتح الملک العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للحسني المغربي.