الصحيفة الجامعة أو كتاب علي











الصحيفة الجامعة أو کتاب علي



يعتبر الشيعة أنّ التدوين الرسمي للحديث النبوي بدأ برعاية رسول اللّه (صلي الله عليه وآله) نفسه، وأنه (صلي الله عليه وآله) أملي علي علي بن أبي طالب (عليه السلام) صحيفة کبيرة حوت من الأحکام ما يفي بجميع حاجات الناس حتّي قيام الساعة، وأنّ هذه الصحيفة أوّل کتاب جامع مانع للسنة النبويّة الشريفة فيما يتعلق بالحلال والحرام.

هذه الحقيقة قد تشکل مفاجأة بالنسبة للأذهان المشبعة بما کان يسعي لتکريسه جمع کبير من المحدّثين والباحثين والکتّاب، الذين خُدعوا ـ وللأسف ـ بروايات يبدو أنها صنعت علي طبق أهواء السلاطين، ضمن مخطط سياسي کبير استهدف إبعاد أهل البيت (عليهم السلام) عن مراکز القيادة، وصرف الأنظار عنهم، والحيلولة دون التفاف الناس حولهم.

ومفردات هذا المخطط الخطير کثيرة جداً لا يسع المقام لاستعراضها، وما تعرّض له أهل البيت (عليهم السلام)، وذوو القربي من بني هاشم عامة والعلويين خاصة، وأشياعهم وأتباعهم منذ قيام دولة بني أميّة، وعلي امتداد دولة بني العباس، والذين جاؤوا من بعدهم، من المصائب والمآسي المؤلمة، کلها تدخل ضمن هذا المخطط المأساوي الخطير.

ونحن هنا سنتعرض بالبحث والتدقيق لهذه الحقيقة التي تعني فيما تعنيه أن علي المسلمين جميعاً ـ غير الشيعة الإمامية ـ أن يعيدوا النظر في مدوّناتهم الحديثيّة، وأن يقارنوها بما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الذين حفظوا سنّة رسول اللّه (صلي الله عليه وآله) من بعده، ونشروا منها ما مکّنتهم الظروف من نشره.

هذه الحقيقة تعني فيما تعنيه أيضاً أنّ علينا أن لا نتعامل مع أقوال أئمة أهل البيت (عليهم السلام) علي أنها آراء شخصية کبقية آراء واجتهادات العلماء، وانّما علينا أن ننظر إليها علي أنها أقوال تحکي سنة رسول اللّه (صلي الله عليه وآله) وتنقلها لنا بألفاظها أو بمعانيها من دون تغيير ولا تبديل.

نحن نطرح هذه الحقيقة مع أدلتها لذوي الانصاف والنظر المتجرد عن الخلفيات والعصبيّات، والأذهان التي تحمل روح البحث والتدقيق، والعقول المنفتحة التي تطلب الحق ولا تريد سوي الحق.