سيرة الإمام في نفسه ومطعمه وملبسه إذا ولي الأمر
2/9500- وعنه، عن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبيحمّاد، وعدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، وغيرهما، بأسانيد مختلفة في احتجاج أميرالمؤمنين عليهالسلام علي عاصم بن زياد حين لبس العباء وترک الملاء، وشکاه أخوه الربيع بن زياد إلي أميرالمؤمنين عليهالسلام أنّه قد غَمّ أهله وأحزن ولده بذلک، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام: عليَّ بعاصم بن زياد، فجيء به، فلمّا رآه عبّس في وجهه فقال له: أما استحييت من أهلک أما رحمت ولدک؟ أتري اللَّه أحلّ لک الطيّبات وهو يکره أخذک منها، أنت أهون علي اللَّه من ذلک، أوليس اللَّه يقول: «وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ فِيهَا فَاکِهَةٌ وَالنَّخْلُ [صفحه 45] ذَاتُ الْأَکْمَامِ»[2] أوليس اللَّه يقول: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ- إلي قوله:- يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ»[3] فباللَّه لابتذال نعم اللَّه بالفعال أحبّ إليه من ابتذاله لها بالمقال، وقد قال اللَّه عزّوجلّ: «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ»[4] فقال عاصم: يا أميرالمؤمنين فعلي ما اقتصرت في مطعمک علي الجشوبة وفي ملبسک علي الخشونة؟ فقال: ويحک إنّ اللَّه عزّوجلّ فرض علي أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس کيلا يتبيّغ بالفقير فقره، فألقي عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء.[5]. 3/9501- الشيخ المفيد، حدّثنا عبيداللَّه قدس سره، عن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان، عن محمّد بن عليّ بن الفضل بن عامر الکوفي، عن الحسين بن محمّد بن الفرزدق، عن محمّد بن علي بن مردويه، عن الحسن بن موسي، عن عليّ بن أسباط، عن غير واحد، عن أصحاب بن دآب، عنه، قال: استعدي زياد بن شدّاد الحارثي صاحب رسولاللَّه صلي الله عليه و آله علي أخيه عبداللَّه بن شدّاد، فقال: يا أميرالمؤمنين ذهب أخي في العبادة وامتنع أن يساکنني في داري، ولبس أدني ما يکون من اللباس، قال: يا أميرالمؤمنين تزيّنت بزينتک، ولبست لباسک، قال عليهالسلام: ليس لک ذلک إنّ إمام المسلمين إذا وُلّيَ اُمورهم لبس لباس أدني فقيرهم، لئلّا يتبيّغ بالفقير فقره فيقتله، فلأعلمنّ ما لبست إلّا من أحسن زيّ قومک، «وَأمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ»[6] فالعمل بالنعمة أحبّ إليّ من الحديث بها.[7]. [صفحه 46] 4/9502- عن أميرالمؤمنين عليهالسلام أنّه خرج من المسجد فأتي دار فرات، وبها يومئذٍ تباع الکرابيس، فرأي شيخاً يبيع، فقال: يا شيخ بعني قميصاً بثلاثة دراهم، فقال: نعم يا أميرالمؤمنين وقام قائماً، فلمّا علم أنّه عرفه قال له: اجلس، ثمّ أتي آخر فکان منه مثل ذلک، فقال له: اجلس، ثمّ أتي غلاماً فأعرض عنه ولم يلتفت إليه فاشتري منه قميصاً بثلاثة دراهم فلبسه فبلغ منه ما بين الرسغين إلي الکعبين، ثمّ نظر إلي کمّيه فرآهما قد فضلا من يده، فقطع ما فضل علي أطراف أصابعه، ثمّ قال: الحمد للَّه الذي رزقني من الرياش ما أتجمّل به في الناس، وواري سوءتي وستر عورتي، والحمد للَّه ربّ العالمين، فقال له رجل: يا أميرالمؤمنين هذا قول قلته عن نفسک أو شيء سمعته من رسولاللَّه صلي الله عليه و آله؟ قال: بل کان رسولاللَّه صلي الله عليه و آله إذا لبس ثوباً قال مثل هذا القول.[8]. 5/9503- البيهقي، أخبرنا أبوبکر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا أبوالعباس محمّد ابنيعقوب، ثنا العباس بن محمّد، ثنا محمّد بن عبيد، ثنا المختار وهو ابننافع، عن ابنمطر، قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي إرفع أزارک فإنّه أتقي لثوبک وأتقي لک، وخُذ من رأسک إن کنت مسلماً، فمشيت خلفه فقلت: من هذا؟ فقال لي رجل: هذا علي أميرالمؤمنين، قال: ثمّ أتي دار فرات وهو سوق الکرابيس، فقال: يا شيخ أحسن بيعتي في قميص بثلاثة دراهم، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئاً، ثمّ أتي آخر فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئاً، فأتي غلاماً حدثاً فاشتري منه قميصاً بثلاثة دراهم، ولبسه ما بين الرسغين إلي الکعبين، قال: فجاء أبوالغلام صاحب الثوب، فقيل: يا فلان قد باع إبنک اليوم من أميرالمؤمنين قميصاً بثلاثة دراهم، قال: أفلا أخذت درهمين، فأخذ أبوه درهماً وجاء به إلي أميرالمؤمنين فقال: أمسک هذا الدرهم يا أميرالمؤمنين، قال: ما شأن هذا الدرهم؟ قال: کان [صفحه 47] قميصاً بدرهمين، قال: باعني برضاي وأخذ رضاه.[9]. 6/9504- قال أميرالمؤمنين عليهالسلام في کلامٍ له عليهالسلام بالبصرة وقد دخل علي العلاء بن زياد الحارثي يعوده- وهو من أصحابه- فلمّا رأي سعة داره، قال عليهالسلام: ما کنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا، وأنت إليها في الآخرة کنت أحوج، وبَلَي أن شئت بلغت بها الآخرة، تقري فيها الضيف، وتصل بها الرحم، وتُطلعُ منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة، فقال له العلاء: يا أميرالمؤمنين أشکو إليک أخي عاصم بن زياد، قال: وما له؟ قال: لبس العباءة وتخلّي عن الدنيا، قال: عليَّ به فلمّا جاء قال: يا عُدي نفسِهِ، لقد استهام بک الخبيث، أما رحمت أهلک وولدک، أتري أنّ اللَّه أحلّ لک الطيّبات، وهو يکره أن تأخذها، أنت أهون علي اللَّه من ذلک، قال: يا أميرالمؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسک وجشوبة مأکلک، قال: ويحک، إنّي لست کأنت، إنّ اللَّه تعالي فرض علي أئمّة العدل (الحق) أن يقدّروا أنفسهم بضَعفةِ الناس، کيلا يتبيّغَ بالفقير فقرُه.[10]. 7/9505- الصدوق، عن أبيه، قال: حدثني أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن موسي بن عمر، عن ابنسنان، عن أبيالجارود، عن سعد الاسکاف، عن الأصبغ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام قال: أيما والٍ احتجب من حوائج الناس، احتجب اللَّه عنه يوم القيامة وعن حوائجه، وإن أخذ هدية کان غلولاً، وإن أخذ الرشوة فهو مشرک.[11]. 8/9506- عن علي [عليهالسلام]: عفو الملوک أبقي للملک.[12]. 9/9507- عن علي [عليهالسلام]: الأئمة من قريش أبرارها اُمراء أبرارها، وفجارّها [صفحه 48] اُمراء فجارها، وإن أمرت عليکم قريش جيشاً مجدّعاً فاسمعوا له وأطيعوا ما لم يخير أحدکم بين اسلامه وضرب عنقه، فإن خير بين اسلامه وضرب عنقه فليقدم عنقه.[13]. 10/9508- عن علي [عليهالسلام]: ما من ملک يصل رحمه وذوي قرابته، ويعدل في رعيته إلّاشدّ اللَّه له ملکه وأجزل له ثوابه وأکرم مآبه وخفف حسابه.[14]. 11/9509- عن علي [عليهالسلام]: أخذ الأمير الهدية سحت، وقبول القاضي الرشوة کفر.[15]. 12/9510- أحمد بن حنبل، حدثنا حسن؛ وأبوسعيد مولي بني هاشم، قالا: حدثنا ابنلهيعة، حدثنا عبداللَّه بن هبيرة، عن عبداللَّه بن زَرير، قال: دخلت علي علي بن أبيطالب [عليهالسلام] يوم الأضحي، فقرب الينا خزيرة، فقلت: أصلحک اللَّه، لو قربت الينا من هذا البط- يعني الوز- فإن اللَّه عزّوجلّ قد أکثر الخير، فقال: ياابنزرير، إني سمعت رسولاللَّه صلي الله عليه وسلم يقول: لا يحل للخليفة من مال اللَّه إلّا قصعتان: قصعة يأکلها هو وأهله، وقصعة يضعها بين يدي الناس.[16].
1/9499- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن ابنمحبوب، عن حمّاد، عن حميد، وجابر العبدي، قال: قال أميرالمؤمنين عليهالسلام: إنّ اللَّه جعلني إماماً لخلقه، ففرض عليّ التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي کضعفاء الناس، کي يقتدي الفقير بفقري ولا يُطغي الغني غناه.[1].
صفحه 45، 46، 47، 48.