الكفر علي خمسة وجوه















الکفر علي خمسة وجوه‏



1/10195- أبوعبداللَّه محمد بن إبراهيم النعماني في تفسيره، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن اسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي‏حمزة، عن أبيه، عن اسماعيل بن جابر، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: وأما الکفر المذکور في کتاب اللَّه فخمسة وجوه: منها کفر الجحود، ومنها کفر فقط، فأما کفر الجحود فأحد الوجهين منه جحود الوحدانية وهو قول من يقول: لا رب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور، وهؤلاء صنف من الزنادقة، وصنف من الدهرية الذين يقولون (ما يهلکنا إلّا الدهر) وذلک رأي وضعوه لأنفسهم، استحسنوه بغير حجة، فقال تعالي: «إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّوْنَ»[1] وقال: «إِنَّ الَّذِينَ کَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُوْنَ»[2] أي لا يؤمنون بتوحيد اللَّه.

والوجه الآخر من الجحود هو الجحود مع المعرفة بحقيته، قال تعالي: «وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً».[3].

وقال سبحانه: «وَکَانُواْ مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُوْنَ عَلي الَّذِيْنَ کَفَرُواْ فَلَمَّا جَائَهُمْ مَا عَرَفُواْ کَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلي الکَافِرِيْنَ»-[4] أي جحدوه بعد أن عرفوه.

وأما الوجه الثالث من الکفر: فهو کفر الترک لما أمر اللَّه به، وهو من المعاصي قال اللَّه سبحانه«وَإِذْ أَخَذْنَا مِيْثَاقکُمْ لَا تَسْفِکُوْنَ دِمَاءَکُمْ وَلَا تُخْرِجُوْنَ أَنْفُسَکُمْ مِنْ دِيَارِکُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ»- إلي قوله- «أَفَتُؤْمِنُوْنَ بِبَعْضِ الْکِتَابِ

[صفحه 344]

وَتَکْفُرُوْنَ بِبَعْضٍ» فکانوا کفاراً لترکهم ما أمر اللَّه تعالي به، فنسبهم إلي الايمان بألسنتهم علي الظاهر دون الباطن، فلم ينفعهم ذلک بقوله تعالي: «فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِکَ مِنْکُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»[5] الآية.

وأما الوجه الرابع من الکفر، فهو ما حکاه اللَّه تعالي عن قول إبراهيم عليه‏السلام: «کَفَرْنَا بِکُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَکُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتي تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَحْدَهُ»[6] فقوله «کَفَرْنَا بِکُمْ» أي تبرأنا منکم، وقال سبحانه في قصة إبليس وتبريه من أوليائه من الانس إلي يوم القيامة «إِنِّي کَفَرْتُ بِمَا أَشْرَکْتُمُوْنِي مِنْ قَبْلُ»[7] أي تبرأت منکم، وقوله تعالي: «إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ أَوْثِاناً مَوَدَّةَ بَيْنِکُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَکْفُرُ بَعْضُکُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُکُمْ بَعْضاً»[8] الآية.

وأما الوجه الخامس من الکفر وهو کفر النعم قال اللَّه تعالي عن قول سليمان عليه‏السلام: «هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْکُرُ أَمْ أَکْفُرُ»[9] الآية، وقوله عزّوجلّ: «وَلَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِيْدَنَّکُمْ وَلِئِنْ کَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشِدِيْدٌ»[10] وقال تعالي: «فَاذْکُرُوْنِي أَذْکُرْکُمْ وَاشْکُرُواْ لِي وَلَا تَکْفُرُوْنِ».[11] [12].


صفحه 344.








  1. البقرة: 78.
  2. البقرة: 6.
  3. النمل: 14.
  4. البقرة: 89.
  5. البقرة: 80 و 84.
  6. الممتحنة: 4.
  7. إبراهيم: 22.
  8. العنکبوت: 24.
  9. النمل: 40.
  10. إبراهيم: 7.
  11. البقرة: 152.
  12. رسالة المحکم والمتشابه: 60، البحار 100:72، مستدرک الوسائل 351:11 ح13233 (والحديث عن الامام الباقر عليه‏السلام).