قوام الدنيا بأربعة















قوام الدنيا بأربعة



1/10092- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام لجابر بن عبداللَّه الأنصاري: ياجابر، قوام الدين والدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنکف أن يتعلم، وجواد لا يبخل بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه، فاذا ضيع العالم علمه استنکف الجاهل أن

[صفحه 300]

يتعلم، وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه، ياجابر من کثرت نعم اللَّه عليه کثرت حوائج الناس اليه، فمن قام للَّه فيها بما يجب عرضها للدوام والبقاء، ومن لم يقم للَّه فيها بم يجب عرضها للزوال والفناء.[1].

2/10093- إبراهيم بن محمد الجويني، بالاسناد إلي الحافظ أبي‏بکر البيهقي، قال: أخبرنا أبوعبداللَّه الحافظ محمد بن عبداللَّه، قال: حدثنا أبومحمد القاسم بن غانم ابن‏حمويه بن الحسين، قال: حدثنا أبوالحجاب الفردوس بن القصاب اليزني من ولد عفير صاحب رسول‏اللَّه صلي الله عليه وسلم، قال: حدثنا عبيدبن الصباح النهدي، قال: حدثني زرعة بن شداد، قال: حدثني سيحان بن وداعة اليشکري صاحب جابر ابن‏عبداللَّه الأنصاري، قال: حدثني جابر بن عبداللَّه، قال:

دخلت علي أميرالمؤمنين علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام لأعوده من بعض علله، فلما دخلت عليه وسلمت نظراتي وقال: ياجابر بن عبداللَّه الأنصاري

قوام الدنيا بأربع: عالم مستعمل لعلمه، وجاهل لا يستنکف أن يتعلم، وغني جواد بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه!!!

فاذا عطل العالم علمه استنکف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه، وإذا کان ذلک فالويل ثم الويل ياجابر بن عبداللَّه سبعين مرة.

ياجابر، من کثرت نعم اللَّه عنده کثرة حوائج الناس اليه، فان قام فيها بما أمره اللَّه عرضها للدوام والبقاء، وإن کان لم يعمل فيها بما أمره اللَّه عرضها للزوال والفناء. قال جابر: ثم أنشأ أميرالمؤمنين عليه‏السلام يقول:


ما أحسن الدنيا واقبالها
إذا أطاع اللَّه من نالها


من لم يواس الناس من فضله
عرض للأدبار إقبالها

[صفحه 301]

فاحذر زوال الفضل ياجابر
وأعط من دنياک من سالها


فإن ذا العرش جزيل العطا
يضعف بالحبّة أمثالها


قال جابر: ثم هزني اليه هزة خيل إلي أن عضدي خرقت من کاهلي، ثم قال: يا جابر بن عبداللَّه حوائج الناس اليکم نعم من اللَّه عليکم فلا تملوا النعم فتحل بکم النقم!!! واعلموا أن خير المال ما أکسب حمداً أو أعقب أجراً، ثم أنشأ عليه‏السلام يقول:


لا تخضعن لمخلوق علي طمع
فان ذلک وهن منک في الدين‏


وسل إلهک مما في خزائنه
فانما هي بين الکاف والنون‏


أما تري کل من ترجو وتأمله
من البرية مسکين ابن‏مسکين‏


ما أحسن الجود في الدنيا وفي الدين
وأقبح البخل فيمن صيغ من طين‏


قال جابر بن عبداللَّه: فهممت أن أقوم فقال: وأنا معک ياجابر، قال: فلبس نعليه وألقي رداءه علي منکبيه وطائفة فوق قذاليه، فلما بلغنا جبانة الکوفة، سلّم علي أهل القبور، فسمعت ضجة وهدّة، فقلت: ياأميرالمؤمنين ما هذه الضجة وما هذه الهدة؟ فقال: هؤلاء اخواننا کانوا بالأمس معنا واليوم فارقونا!!! اخوان لا يتزاورون، وأوّداء لا يتعاودون!!! قال: ثم خلع نعليه وحسر عن رأسه وذراعيه وقال: ياجابر بن عبداللَّه أعطوا من دنياکم الفانية لآخرتکم الباقية، ومن حياتکم لموتکم، ومن صحتکم لسقمکم، ومن غناکم لفقرکم، اليوم في الدور وغداً في القبور وإلي اللَّه تصير الاُمور!!!

ثم أنشأ أميرالمؤمنين عليه‏السلام يقول:


سلام علي أهل القبور الدوارس
کأنهم لم يجلسوا في المجالس‏


ولم يشربوا من بارد الماء شربة
ولم يأکلوا من کل رطب ويابس‏

[صفحه 302]

قال جابر بن عبداللَّه: فهذا ما سمعت من تحفة (کذا) رسول‏اللَّه صلي الله عليه وسلم.[2].


صفحه 300، 301، 302.








  1. نهج البلاغة قصار الحکم: 372، البحار 418:74، تفسير الکبير للفخر الرازي 185:21.
  2. فرائد السمطين 403:1.