في وصف شجرة طوبي















في وصف شجرة طوبي



1/9712- فرات، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم، والحسين بن محمّد بن مصعب، وعليّ بن حمدون، زاد بعضهم الحرف والحرفين، ونقّص بعضهم الحرف والحرفين والمعني واحد إن شاء اللَّه، قالوا: حدّثنا عيسي بن مهران، قال: حدّثنا محمّد بن بکار الهمداني، عن يوسف السراج، عن أبي‏هبيرة العماري، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليّ عليه‏السلام قال: لمّا نزلت علي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله: «طُوبَي لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ»[1] قام المقداد بن الأسود الکندي الي رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فقال: يا رسول‏اللَّه ما طوبي؟ قال: يا مقداد شجرة في الجنّة لو يسير الراکب الجواد لسار في ظلّها مائة عام قبل أن يقطعها.

ورقُها وبسرها برودٌ خضر، وزهرها رياض صفر، وأفناءها سندس واستبرق، وثمرها حلل خضرٌ، وطعمها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر

[صفحه 146]

وزمرّد أخضر، وترابها مسک وعنبر، وحشيشها زعفران والخوج (الاجوج)، (وهو عود النجود) يتأجج من غير وقود، يتفجّر من أصلها السلسبيل والرحيق والمعين، وظلّها مجلس من مجالس شيعة عليّ بن أبي‏طالب يألفونه، ويتحدّث بجمعهم، وبينما هم في ظلّها يتحدّثون، إذ جاءتهم الملائکة يقودون نجباء جبلت من الياقوت، ثمّ نفخ الروح فيها مزمومة بسلاسل من ذهب کأنّ وجوهها المصابيح نضارةً وحسناً، وبَرها خزّ أحمر ومرعزي أبيض مختلطان لم ينظر الناظرون إلي مثله (مثلها) حسناً وبهاءً، وذلل (وذلک) من غير مهيعة (مهانة)، نجباء من غير رياضة، عليها رحال ألواحها (ألوانها) من الدرّ والياقوت المفضضة بالؤلؤ والمرجان، صفائحها من الذهب الأحمر متلبسة بالعبقري والاُرجوان، فأناخوا تلک النجائب إليهم، ثمّ قالوا لهم: ربّکم يقرءکم السلام ويراکم وينظر اليکم ويحبّکم وتحبّونه ويزيدکم من فضله وسعته فإنّه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم، قال: فيتحول کلّ رجل منهم علي راحلته فينطلقون صفاً واحداً معتدلاً لا يفوت منهم شي‏ء شيئاً ولا يفوت اُذن ناقة من ناقتها ولا برکة ناقة برکها، ولا يمرّون بشجرةٍ من أشجار الجنّة إلّا أتحفتهم بأثمارها، ورحلت لهم عن طريقهم کراهية أن يثلم طريقهم وأن يفرّق بين الرجل ورفيقه.

فلمّا دفعوا إلي الجبّار جلّ جلاله قالوا: ربّنا أنت السلام ولک يحقّ الجلال والاکرام، فيقول اللَّه: فمرحباً بعبادي الذين حفظوا وصيّتي في أهل بيت نبيّي ورعوا حقّي وخافوني بالغيب، وکانوا منّي علي کلّ حال مشفقين، فقالوا: أما وعزّتک وجلالک ما قدّرناک حقّ قدرتک وما أدّينا إليک کلّ حقّک، فأْذَن لنا بالسجود، قال لهم ربّهم: إنّي قد وضعت عنکم مؤونة العبادة وأرحت عليکم أبدانکم، وطال ما أنصبتم لي الأبدان، وعنتّم لي الوجوه، فالآن أفضيتم الي رَوحي ورحمتي فاسألوني

[صفحه 147]

ما شئتم وتمنّوا عليّ أعطکم أمانيّکم فإنّي لن اُجزيکم اليوم بأعمالکم ولکن برحمتي وکرامتي وطَولي وارتفاع مکاني وعظيم شأني ومحبّتکم أهل بيت نبيّي صلي الله عليه و آله.

فلا يزالون يا مقداد محبّو عليّ بن أبي‏طالب في العطايا والمواهب، حتّي أنّ المقصّر من شيعته ليتمنّ في اُمنيّته مثل جميع الدنيا منذ يوم خلقه اللَّه إلي يوم فنائها، قال (فيقول) لهم ربّهم: لقد قصّرتم في أمانيّکم ورضيم بدون ما يحقّ لکم، فانظروا إلي مواهب ربّکم، فإذا بقباب وقصورٍ في أعلي عليّين من الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر والأبيض، فلولا أنّه مسخّر اذاً للمعت الأبصار منها، فما کان من تلک القصور من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقريّ الأحمر (يزهر نورها)، وما کان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر، وما کان منها من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير الأبيض، وما کان من الياقوت الأصفر فهو مفروش بالرياض الأصفر، مبثوثة بالزمرّد الأخضر والفضّة البيضاء والذهب الأحمر، قواعدها وأرکانها من الجوهر، ينور من أبوابها وأعراصها نور مثل شعاع الشمس عنده مثل الکوکب الدرّي في النهار المضي‏ء، وإذا علي باب کلّ قصر من تلک القصور «جَنَّتَانِ مُدْهَامَّتَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ فِيهِمَا مِنْ کُلِّ فَاکِهَةٍ زَوْجَانِ».[2].

فلمّا أرادوا أن ينصرفوا إلي منازلهم، حولوا علي براذين من نور بأيدي ولدان مخلّدين، بيد کلّ واحد منهم حَکمةَ برذون من تلک البراذين، لجمها وأعنّتها من الفضّة البيضاء وأثفارها من الجوهر، فلمّا (فإذا) دخلوا منازلهم وجدوا الملائکة يهنّونهم بکرامة ربّهم حتّي استقرّوا قرارهم قيل لهم: «فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّکُمْ حَقّاً»؟[3] قالوا: نعم ربّنا رضينا فارض عنّا، قال: برضاي عنکم وبحبّکم أهل بيت

[صفحه 148]

نبيّي اُحللتم داري وصافحتکم الملائکة، فهنيئاً هنيئاً غير مجذوذ ليس فيه تنغيص، فعندها قالوا: «الْحَمْدُ للَّهِِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحُزْنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَکُورٌ».[4].

قال أبوموسي: فحدّثت به أصحاب الحديث عن هؤلاء الثمانية، فقلت لهم: أنا أبرأ اليکم من عهدة هذا الحديث؛ لأنّ فيه قوماً مجهولين، ولعلّهم لم يکونوا صادقين، فرأيت من ليلتي أو بعد، کأن أتاني آتٍ ومعه کتاب فيه: من محمّد بن إبراهيم، والحسن بن الحسين، ويحيي بن الحسن بن فرات، وعليّ بن القاسم الکندي، ولم ألق عليّ بن القاسم وعدّة بعد لم أحفظ أساميهم: کتبنا إليک من تحت شجرة طوبي، وقد أنجز ربّنا لنا ما وعدنا، فاستمسک بهذا الکتاب (بهذه الکتب) فإنّک لم تقرأ منه کتاب إلّا أشرقت له الجنّة.[5].

[صفحه 149]


صفحه 146، 147، 148، 149.








  1. الرعد:29.
  2. الرحمن: 52:66:63.
  3. الأعراف: 44.
  4. فاطر: 34.
  5. تفسير فرات: 211 ح287؛ البحار 151:8 وفي 71:68 منه أيضاً؛ دار السلام 175:1؛ سعد السعود: 109.