انما الأيام ثلاثة















انما الأيام ثلاثة



1/9942- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ألا إنما الأيام ثلاثة: يوم مضي لا ترجوه، ويوم بقي لابدّ منه، ويوم يأتي لا تأمنه، فالأمس موعظة، واليوم غنيمة، وغداً لا تدري من أهله، أمس شاهد مقبول، واليوم أمين مؤد، وغداً يجعل بنفسک سريع الظّعن.[1].

2/9943- أحمد بن محمد بن فهد الحلي، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنه قال في کلام طويل في ذم الدنيا: إنما الدنيا ثلاثة أيام: يوم مضي بما فيه فليس بعائد، ويوم أنت فيه يحق عليک اغتنامه، ويوم لا تدري من أهله؟ ولعلک راحل فيه، فأما أمس فحکيم مؤدب، وأما اليوم فصديق مودع، وأما غداً فانما في يديک منه الأمل، فإن يکن سبقک بنفسه فقد أبقي في يديک حکمته، وان يکن يومک هذا آنسک بقدومه، فقد کان طويل الغيبة عنک، وهو سريع الرحلة عنک، فتزود منه وأحسن وداعه، خذ بالثقة في العمل، وإياک والاغترار بالأمل، ولا تدخل عليک اليوم همّ غد يکفيک همه، وغداً إذا حل فتشغله، إنک ان حملت علي اليوم هم غد زدت في حزنک وتعبک، وتکلفت أن تجمع في يومک ما يکفيک أياماً، فعظم الحزن، وزاد الشغل، واشتد التعب، وضعف العمل للأمل، ولو خليت قلبک من الأمل تجد ذلک العمل والأمل منک في اليوم، قد ضرک من وجهين: سوفت به في العمل، وزدت في الهم والحزن.

أو لا تري أن الدنيا ساعة بين ساعتين، ساعة مضت، وساعة بقيت، وساعة أنت فيها، فأما الماضية والباقية فلست تجد لرخائهما لذة، ولا لشدتهما ألماً فأنزل الساعة الماضية والساعة التي أنت فيها منزله الضيفين نزلا بک، فظعن الراحل عنک

[صفحه 243]

بذمه إياک، وحل النازل بک بالتجربة لک، فاحسانک إلي الثاوي يمحو إساءتک إلي الماضي، فأدرک ما أضعت باغتنامک فيما استقبلت، واحذر أن تجتمع عليک شهادتهما فيوبقاک.

ولو أن مقبوراً من الأموات قيل له: هذه الدنيا أولها إلي آخرها تجعلها لولدک الذين لم يکن لک هم غيرهم، أو يوم نردّه اليک فتحمل فيه لنفسک، لاختار يوماً يستعتب فيه من سي‏ء ما أسلف علي جميع الدنيا يورثها لولده ومن خلفه.

فما يمنعک أيها المفرط المسوف؟ أن تعمل علي مهل قبل حلول الأجل، وما يجعل المقبور أشد تعظيماً لما في يديک منک، ألا تسعي في تحرير رقبتک، وفکاک رقّک، ووقاء نفسک!؟.[2].


صفحه 243.








  1. تحف العقول: 154، البحار 60:78.
  2. التحصين (للحلي): 16 ح28، مستدرک الوسائل 149:12 ح13752.