الناس ثلاث















الناس ثلاث‏



1/9921- الصدوق، حدثنا أبوالحسن محمد بن علي بن الشاه، قال: حدثنا أبوإسحاق الخواص، قال: حدثنا محمد بن يونس الکديمي، عن سفيان بن وکيع، عن أبيه، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن کميل بن زياد، قال: خرج إليّ علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام فأخذ بيدي وأخرجني إلي الجبان وجلس وجلست، ثم رفع رأسه إليّ فقال: ياکميل احفظ عني ما أقول لک: الناس علي ثلاثة عالم رباني، ومتعلم علي سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع کل ناعق، يميلون مع کل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلي رکن وثيق.

ياکميل العلم خير من المال، العلم يحرسک وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزکو علي الأنفاق.

ياکميل محبة العالم دين يدان به، تکسبه الطاعة في حياته وجميل الاحدوثة بعد وفاته، ومنفعة المال تزول بزواله.

ياکميل مات خزان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إن ههنا- وأشار بيده إلي صدره- لعلماً جماً، لو أصبت له حملة؛ بلي أصبت لقناً غير مأمون، يستعمل آلة الدين في الدنيا،

[صفحه 234]

ويستظهر بحجج اللَّه علي خلقه، وبنعمته علي عباده، ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق، أو منقاداً لحملة العلم لا بصيرة له في إحنائه، يقدح الشک في قلبه بأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاک، فمنهوم باللذات، سلسل القياد أو مغري بالجمع والادخار، ليسا من دعاة الدين، أقرب شبهاً بهما الأنعام السائمة، کذلک يموت العلم بموت حامليه.

اللهم بلي لا تخلو الأرض من قائم بحجة ظاهرة أو خائف مغمور، لئلا تبطل حجج اللَّه وبيناته، وکم وأين! ؟ اُولئک الأقلون عدداً، الأعظمون خطراً، بهم يحفظ اللَّه حججه حتي يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم علي حقائق الاُمور، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلي.

ياکميل اُولئک خلفاء اللَّه والدعاة إلي دينه، هاي هاي شوقاً إلي رؤيتهم، واستغفر اللَّه لي ولکم.[1].

2/9922- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أيها الناس إنما الناس ثلاثة: زاهد، وراغب، وصابر، فأما الزاهد فلا يفرح بشي‏ء من الدنيا أتاه ولا يحزن علي شي‏ء منها فاته، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فان أدرک منها شيئاً صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها، وأما الراغب فلا يبالي من حلال أصابها أو من حرام.[2].

3/9923- قال علي عليه‏السلام: الناس ثلاثة أصناف: زاهد معتزم، وصابر علي مجاهدة هواه، وراغب منقاد لشهواته، فالزاهد لا يعظم ما آتاه اليه فرحاً به، ولا يکثر علي ما فاته أسفاً، والصابر نازعته إلي الدنيا نفسه فقدعها، وتطلعت إلي لذاتها فمنعها، والراغب دعته إلي الدنيا نفسه فأجابها، وأمرته بايثارها فأطاعها، فدنس بها

[صفحه 235]

عرضه، ووضع لها شرفه، وضيع لها آخرته.[3].

4/9924- محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن أحمد ابن‏محمد، عن شعيب بن عبداللَّه، عن بعض أصحابه: رفعه قال: جاء رجل إلي أميرالمؤمنين عليه‏السلام فقال: ياأميرالمؤمنين أوصني بوجه من وجوه البرّ أنجو به، قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أيها السائل استمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل واعلم أن الناس ثلاثة: زاهد، وصابر، وراغب، فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والأفراح من قلبه فلا يفرح بشي‏ء من الدنيا ولا يأسي علي شي‏ء منها فاته، فهو مستريح، وأما الصابر فانه يتمناها بقلبه فاذا نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها وشنآنها، لو اطلعت علي قلبه عجبت من عفته وتواضعه وحزمه، وأمّا الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلّها أو من حرامها، ولا يبالي ما دنس فيها عرضه وأهلک نفسه وأذهب مروءته، فهم في غمرة يضطرمون.[4].


صفحه 234، 235.








  1. الخصال باب الثلاثة: 186، البحار 187:1، مصابيح الأنوار 83:2، فرائد السمطين 397:1.
  2. روضة الواعظين باب الزهد والتقوي: 433، البحار 8:70.
  3. دستور معالم الحکم ومأثور مکارم الشيم: 121.
  4. الکافي 455:2، مجموعة ورام 161:2، جامع السعادات 60:2.