ان أبغض الخلائق إلي اللَّه رجلان















ان أبغض الخلائق إلي اللَّه رجلان‏



1/9803- الطبرسي: روي أن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: إن أبغض الخلائق إلي اللَّه تعالي رجلان: رجل وکله اللَّه إلي نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل، سائر بغير علم ولا دليل، مشغوف بکلام بدعة، ودعاء ضلالة فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من کان قبله، مضل لمن اقتدي به في حياته، وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته.

ورجل قمش جهلاً، فوضعه في جهال الاُمة، غاد (غار) في أغباش الفتنة قد لهج منها بالصوم والصلاة، عمي بما في عقد الهدنة، سماه اللَّه عارياً منسلخاً، وقد سماه

[صفحه 189]

أشباه الرجال عالماً وليس به، ولم يعن في العلم يوماً سالماً، بکَّر فاستکثر من جمع ما قلّ منه خير مما کثر، حتي إذا ارتوي من آجن، وأکثر من غير طائل، جلس بين الناس مفتياً قاضياً، ضامناً لتخليص ما التبس علي غيره، إن خالف من سبقه لم يأمن من نقض حکمه من يأتي من بعده، کفلعه بمن کان قبله، فان نزلت به إحدي المهمات هيألها حشواً رثاً من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنکبوت، لا يدري أصاب الحق أم أخطأ، إن أصاب خاف أن يکون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يکون قد أصاب، جاهل خباط جهلات، غاش رکاب عشوات، فهو من رأيه في مثل نسج غزل العنکبوت الذي إذا مرت به النار لم يعلم بها، لم يعض علي العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات إذراء الريح الهشيم، لا مليي‏ء واللَّه باصدار ما ورد عليه، لا يحسب العلم في شي‏ء مما أنکره، ولا يري من وراء ما بلغ منه مذهباً لغيره، وان قاس شيئاً بشي‏ء لم يکذب رأيه کيلا يقال له: لا يعلم شيئاً، وان خالف قاضياً سبقه لم يؤمن فضيحته حين خالفه، وان أظلم عليه أمر إکتتم به لما يعلم من جهل نفسه، تصرخ من جور قضائه الدماء وتعجّ منه المواريث، إلي اللَّه أشکو من معشر يعيشون جهّالاً، ويموتون ضلالاً لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، وتولول منه الفتيا، ويحرم بقضائه الفرج الحلال، ويأخذ المال من أهله فيدفعه إلي غير أهله، وروي أنه عليه‏السلام قال: بعد ذلک: أيها الناس، عليکم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعتذرون بجهالته، فان العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلي خاتم النبيين، في عترة نبيکم محمد صلي الله عليه و آله، فأنّي يتاه بکم؟ بل أين تذهبون؟ يامن نسخ من اصلاب السفينة، هذه مثلها فيکم فارکبوها، فکما نجا في هاتيک من نجي فکذلک ينجو في هذه من دخلها، أنا رهين بذلک قسماً حقاً وما أنا من المتکلفين، والويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف.

أما بلغکم ما قال فيکم نبيکم صلي الله عليه و آله حيث يقول في حجة الوداع: إني تارک فيکم

[صفحه 190]

الثقلين، ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا، کتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض، فانظروا کيف تخلفوني فيهما، ألا هذا عذب فرات فاشربوا، وهذا ملح اُجاج فاجتنبوا.[1].


صفحه 189، 190.








  1. الاحتجاج 621:1 ح143، البحار 285:2.