في مراقبة النفس ومحاسبتها















في مراقبة النفس ومحاسبتها



1/10913- قال عليه‏السلام: رحم اللَّه امرءً راقب ربه وتوکف ذنبه، وکابر هواه، وکذّب مناه، زَمّ نفسه من التقوي بزمام، وألجمها من خشية ربها بلجام، فقادها إلي الطاعة بزمامها، وقدحها من المعصية بلجامها، رافعاً إلي المعاد طرفه، متوقعاً في کل أوان حتفه، دائم الفکر، طويل السهر، عزوفاً عن الدنيا، کدوحاً لآخرته، جعل الصبر مطية نجاته، والتقوي عدة وفاته، ودواء (داء) جواه، فاعتبر وقاس، فوتر الدنيا والناس، يتعلم للتفقه والسداد، قد وقر قلبه ذکر المعاد، فطوي مهاده وهجر وساده، قد عظمت فيما عند اللَّه رغبته، واشتدت منه رهبته، يظهر دون ما يکتم، ويکتفي بأقل مما يعلم، اُولئک ودائع اللَّه في بلاده المدفوع بهم عن عباده، لو أقسم أحدهم علي اللَّه لأبرّه، آخر دعواهم أن الحمد للَّه رب العالمين.[1].

2/10914- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنه قال: في النهي عن غيبة الناس: وإنما

[صفحه 191]

ينبغي لأهل العصمة والمصنوع اليهم في السلامة أن يرحموا أهل الذنوب والمعصية، ويکون الشکر هو الغالب عليهم، والحاجز لهم عنهم، فکيف بالغائب الذي عاب أخاه وعيّره ببلواه! أما ذکر موضع ستر اللَّه عليه من ذنوبه مما هو أعظم من الذنب الذي عابه به! وکيف يذمه بذنب قد رکب مثله، فان لم يکن رکب ذلک الذنب بعينه فقد عصي اللَّه فيما سواه، مما هو أعظم منه، وأيم اللَّه لو لم يکن عصاه في الکبير، وعصاه في الصغير، ولجرأته علي عيب الناس کبير! ياعبداللَّه، لا تعجل في عيب عبد بذنبه، فلعله مغفور له، ولا تأمن علي نفسک صغير معصية، فلعلک معذّب عليه، فليکفف من علم منکم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه، وليکن الشکر شاغلاً له علي معافاته مما ابتلي به غيره.[2].

3/10915- قال أمير المؤمنين عليه‏السلام: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق اللَّه لم يحزن علي ما فاته، إلي أن قال: ومن نظر في عيوب الناس، فأنکرها، ثم رضيها لنفسه، فذلک الأحمق بعينه.[3].

4/10916- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أکبر العيب أن تعيب ما فيک مثله.[4].

5/10917- قال أمير المؤمنين عليه‏السلام: ياأيها الناس، طوبي لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وطوبي لمن لزم بيته، وأکل قوته، واشتغل بطاعة ربه، وبکي علي خطيئته، فکان في نفسه في شغل، والناس منه في راحة.[5].

6/10918- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فَهِم، ومن فَهِمَ علم.[6].

[صفحه 192]

7/10919- الحسن بن علي العسکري عليه‏السلام، عن آبائه، عن علي عليه‏السلام، عن النبي صلي الله عليه و آله قال: أکيس الکيسين من حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت وان أحمق الحمقي من اتبع نفسه هواها، وتمني علي اللَّه تعالي الأماني، فقال رجل: ياأميرالمؤمنين: کيف يحاسب الرجل نفسه؟ قال: إذا أصبح ثم أمسي رجع إلي نفسه فقال: يانفس إن هذا يوم مضي عليک لا يعود إليک أبداً، واللَّه يسألک عنه بما أفنيته، فما الذي عملت فيه؟ أذکرت اللَّه أم حمدته، أقضيت حوائج مؤمن؟ أنفسّت عنه کربة، أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظته بعد الموت في مخلّفيه؟ أکففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهک؟ أأعنت مسلماً؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذکر ما کان منه، فإن ذکر أنه جري منه خير، حمد اللَّه تعالي، وکبره علي توفيقه، وإن ذکر معصية أو تقصيراً، استغفر اللَّه وعزم علي ترک معاودته.[7].

8/10920- الکفعمي وغيره: فيما خاطب أميرالمؤمنين عليه‏السلام نفسه بعد المناجاة الطويلة المعروفة، أيتها النفس أخلطي ليلک ونهارک بالذاکرين لعلک أن تسکني رياض الخلد مع المتقين، وتشبهي بنفوس قد أقرع السهر رقة جفونها، ودامت في الخلوات شدة حنينها، وأبکي المستمعين عولة أنينها، وألان قسوة الضمائر ضجة رنينها، فانها نفوس قد باعت زينة الدنيا وآثرت الآخرة علي الاُولي، اُولئک وفد الکرامة يوم يخسر فيه المبطلون ويحشر إلي ربهم بالحسني والسرور المتقون.[8].

9/10921- علي بن إبراهيم القمي: عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام في حديث قال: طوبي لمن لزم بيته وأکل کسرته، وبکي علي خطيئته، وکان من نفسه في شغل والناس منه في راحة.[9].

[صفحه 193]


صفحه 191، 192، 193.








  1. تحف العقول: 144، البحار 46:78، الکافي 172:8.
  2. نهج البلاغة خطبة: 140، وسائل الشيعة 231:11، البحار 260:75.
  3. نهج البلاغة قصار الحکم: 349، البحار 49:75، وسائل الشيعة 231:11.
  4. نهج البلاغة خطبة: 176، البحار 49:75، وسائل الشيعة 231:11.
  5. نهج البلاغة خطبة: 176، البحار 350:67، مستدرک الوسائل 116:1 ح137.
  6. نهج البلاغة قصار الحکم: 208، وسائل الشيعة 379:11، البحار 73:70.
  7. تفسير الامام العسکري عليه‏السلام: 38 ح14، وسائل الشيعة 379:11، البحار 69:70.
  8. مصباح الکفعمي: 378، دار السلام 158:3، البحار 109:94، البلد الأمين: 319.
  9. تفسير القمي 71:2، البحار 380:69، وسائل الشيعة 284:11.