الناسخ والمنسوخ















الناسخ والمنسوخ‏



1/11451- علي بن الحسين المرتضي نقلاً من تفسير النعماني بسنده المذکور في کتاب القرآن، عن الصادق عليه‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام في ذکر الناسخ والمنسوخ: ومنه أن اللَّه تبارک وتعالي لما بعث محمداً صلي الله عليه و آله أمره في بدء أمره أن يدعو بالدعوة فقط، وأنزل عليه: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاکَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً، وَدَاعِياً إِلَي اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فِضْلاً کَبِيراً، وَلَا تُطِعِ الْکَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَکَّلْ عَلَي اللَّهِ وَکَفي بِاللَّهِ وَکِيلاً»[1] فبعثه اللَّه بالدعوة فقط وأمره أن لا يؤذيهم، فلما أرادوه بما هموا به من تبييته أمره اللَّه تعالي بالهجرة وفرض عليه القتال فقال سبحانه: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإنَّ اللَّهَ عَلي نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ»[2] فلما أمر الناس بالحرب، جزعوا وخافوا، فأنزل اللَّه تعالي:

[صفحه 399]

«أَلَمْ تَرَ إِلَي الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ کُفُّوا أَيْدِيَکُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّکَاةَ فَلَمَّا کُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسِ کَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدُّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبُّنَا لِمَ کَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلي أَجَلٍ قَرِيبٍ» إلي قوله سبحانه: «أَيْنَما تَکُونُوا يُدْرِکْکُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ کُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ».[3] فنسخت آية القتال آية الکف.

فلما کان يوم بدر وعرف اللَّه تعالي حرج المسلمين أنزل علي نبيه: «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوکَّلْ عَلَي اللَّهِ».[4] فلما قوي الاسلام وکثر المسلمون أنزل اللَّه تعالي: «فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَي السِّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَکُمْ وَلَنْ يَتِرَکُمْ أَعْمَالَکُمْ»[5] فنسخت هذه الآية، الآية التي أذن لهم فيها أن يجنحوا، ثم أنزل اللَّه سبحانه في آخر السورة: «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِکِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ»[6] إلي آخر الآية.

ومن ذلک أن اللَّه تعالي فرض القتال علي الاُمة، فجعل علي الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشرکين، فقال: «إِنْ يَکُنْ مِنْکُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ»[7] إلي آخر الآية، ثم نسخها سبحانه وتعالي فقال: «اَلْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْکُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيکُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَکُنْ مِنْکُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ»[8] إلي آخر الآية، فنسخ بهذه الآية ما قبلها، فصار من فرّ من المؤمنين في الحرب إن کانت عدّة المشرکين أکثر من رجلين لرجل لم يکن فاراً من الزحف، وإن کانت العدة، وان کانت العدة رجلين لرجل کان فاراً من الزحف، وساق الحديث إلي قوله عليه‏السلام:

[صفحه 400]

ونسخ قوله سبحانه: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً»[9] يعني اليهود حين هادنهم رسول‏اللَّه صلي الله عليه و آله فلما رجع من غزاة تبوک أنزل اللَّه تعالي: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخَرِ»[10] إلي قوله تعالي: «وَهُمْ صَاغِرُونَ»[11] فنسخت هذه الآية تلک الهدنة.[12].

إلي هنا جف المداد وانکسر القلم وکلت الأيدي وأعشيت الأعين ولم يساعد الحظ أن يستوفي جميع ما ورد عن الامام علي (صلوات اللَّه عليه) من الأحاديث والأقوال والآراء ولعل اللَّه عزّوجلّ بلطفه أن يقيض شخصاً يقوم بهذه المهمة النافعة لجميع المسلمين وما ذلک علي اللَّه بعزيز.


رويت وما رويت من الرواية
فکيف وما انتهيت إلي نهاية


وللأعمال غايات تناهي
فکيف [بذا] وما للعلم غاية

[صفحه 401]

تم المجلد العاشر وللَّه الحمد والشکر والامتنان بقلم مؤلفه حسن السيد علي القبانچي النجفي في النجف الأشرف علي ساکنه أفضل التحيات، وکان الشروع في تأليف هذا الکتاب سنة ألف وثلثمائة وسبعة وثمانين هجرية والحمد للَّه أولاً وآخراً.

وکانت فکرة تأليف هذا المسند تخامرني وأنا في المنفي في ناحية راوه وهي قرية تابعة لقضاء عانة تقع علي شط الفرات ومنها إلي سوريا حيث بعدنا عبدالرحمن عارف رئيس الجمهورية يوم ذاک فقضينا شهراً واحداً في التبعيد وعند رجوعنا إلي النجف الأشرف سنة ألف وثلثمائة وسبعة وثمانين هجرية شرعنا في تأليف هذا المسند وللَّه الحمد والشکر وله المن.

تنبيه: کان المجلد الثامن والتاسع والعاشر في الأصل غير مبوّبات وإنّما جمعهن المؤلّف تحت مبحث واحد وأسماه «في الأحاديث المحمودة والمذمومة» فقمنا ولتسهيل الاستفادة منه بتبويبهن علي هذه الهيئة. (لجنة التحقيق)


صفحه 399، 400، 401.








  1. الأحزاب: 45 تا 48.
  2. الحجّ: 39.
  3. النساء: 77 تا 78.
  4. الأنفال: 61.
  5. محمد: 35.
  6. التوبة: 5.
  7. التوبة: 65.
  8. التوبة: 29.
  9. البقرة: 83.
  10. التوبة: 29.
  11. التوبة: 29.
  12. رسالة المحکم والمتشابه: 7، البحار 175:19.