في القضاء والقدر والمشيئة















في القضاء والقدر والمشيئة



1/401- محمد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، وإسحاق بن محمّد، وغيرهما رفعوه، قال: کان أميرالمؤمنين جالساً بالکوفة بعد منصرفه من صفين، إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثمّ قال له: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلي أهل الشام أبقضاء من اللَّه وقدر؟ فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن وادٍ إلّا بقضاءٍ من اللَّه وقدر، فقال له الشيخ: عند اللَّه أحتسب عنائي يا أميرالمؤمنين، فقال له عليه‏السلام: مَه يا شيخ! فواللَّه لقد عظّم اللَّه لکم الأجر في مسيرکم وأنتم سائرون، وفي مقامکم وأنتم مقيمون، وفي منصرفکم وأنتم منصرفون، ولم تکونوا في شي‏ء من حالاتکم مکرهين ولا إليه مضطرّين، فقال له الشيخ: وکيف لم نکن في شي‏ء من حالاتنا مکرهين ولا إليه مضطرّين، وکان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا، فقال له عليه‏السلام: وتظنّ أنّه کان قضاءاً حتماً وقدراً لازماً؟ إنّه لو کان کذلک لبطل الثواب والعقاب، والأمر والنهي،

[صفحه 158]

والزجر من اللَّه، وسقط معني الوعد والوعيد، فلم تکن لائمة للمذنب ولا محمدةٌ للمحسن، ولکان المذنب أولي بالإحسان من المحسن، ولکان المحسن أولي بالعقوبة من المذنب، تلک مقالة اخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان، وقدريّة هذه الاُمّة ومجوسها، إنّ اللَّه تبارک وتعالي کلّف تخييراً ونهي تحذيراً وأعطي علي القليل کثيراً، ولم يُعصَ مغلوباً ولم يُطَع مکرهاً، ولم يُملِّک مفوّضاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً، ولم يبعث النبيين مبشّرين ومنذرين عبثاً، ذلک ظنّ الذين کفروا، فويل للذين کفروا من النار.

فأنشأ الشيخ يقول:


أنت الإمام الذي نرجو بطاعته
يوم النجاة من الرحمن غفرانا


أوضحت من أمرنا ما کان ملتبساً
جزاک ربّک بالإحسان إحساناً[1].


وفي احتجاج الطبرسي زيادة علي هذين البيتين قوله:


وليس معذرة في فعل فاحشة
قد کنت راکبها فسقاً وعصيانا


لا لا (کلا) ولا قائلاً ناهيه أوقعه
فيها (فيه) عبدت إذاً يا قوم شيطانا


ولا أحبّ ولا شاء الفسوق ولا
قتل الوليّ له ظلماً وعدوانا


أنّي يحبّ وقد صحّت عزيمته
علي الذي قال أعلن ذاک إعلانا


2/402- روي أنّ رجلاً قال: فما القضاء والقدر الذي ذکرته يا أمير المؤمنين؟ قال عليه‏السلام: الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية، والتمکين من فعل الحسنة وترک

[صفحه 159]

المعصية، والمعونة علي القربة إليه، والخذلان لمن عصاه، والوعد والوعيد والترغيب والترهيب، کلّ ذلک قضاء اللَّه في أفعالنا وقدره لأعمالنا، وأمّا غير ذلک فلا تظنّه فإنّ الظنّ له محبط للأعمال، فقال الرجل: فرّجت عنّي يا أميرالمؤمنين فرّج اللَّه عنک.[2].

3/403- روي أنّه سئل عليه‏السلام عن القضاء والقدر، فقال:

لا تقولوا وکّلهم اللَّه الي أنفسهم فتوهّنوه، ولا تقولوا أجبرهم علي المعاصي فتظلّموه، ولکن قولوا:الخير بتوفيق‏اللَّه، والشرّ بخذلان‏اللَّه وکلّ سابق في علم‏اللَّه.[3].

4/404- الصدوق، حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبداللَّه، قال: حدّثنا أبوالخير صالح بن أبي‏حمّاد، قال: حدّثني أبوخالد السجستاني، عن عليّ بن يقطين، عن أبي‏إبراهيم عليه‏السلام قال: مرّ أميرالمؤمنين عليه‏السلام بجماعة بالکوفة وهم يختصمون في القدر، فقال لمتکلّمهم: أباللَّه تستطيع أم مع اللَّه، أم من دون اللَّه تستطيع؟ فلم يدر ما يردّ عليه، فقال أمير المؤمنين عليه‏السلام: إنّک إن زعمت أنّک باللَّه تستطيع فليس لک من الأمر شي‏ء، وإن زعمت أنک مع اللَّه تستطيع فقد زعمت أنک شريک مع اللَّه في ملکه، وإن زعمت أنک من دون اللَّه تستطيع فقد ادّعيت الربوبيّة من دون اللَّه عزّ وجلّ، فقال: يا أميرالمؤمنين لا، باللَّه أستطيع، فقال: أما أنّک لو قلت غير هذا لضربت عنقک.[4].

5/405- الصدوق، عن أبيه رحمه الله قال: حدّثنا سعد بن عبداللَّه، قال: حدّثنا أحمد ابن‏محمّد بن عيسي، عن محمّد بن خالد البرقي، عن عبدالملک بن عنترة الشيباني، عن أبيه، عن جدّه، قال: جاء رجل إلي أميرالمؤمنين عليه‏السلام فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرني عن القدر؟ فقال عليه‏السلام: بَحرٌ عميق فلا تَلجهُ، قال: يا أميرالمؤمنين أخبرني

[صفحه 160]

عن القدر؟ قال عليه‏السلام: طريق مظلم فلا تسلکه، قال: يا أميرالمؤمنين أخبرني عن القدر؟ قال عليه‏السلام: سرّ اللَّه فلا تتکلّفه، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر؟ فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أمّا إذا أبيت فإنّي سائلک، أخبرني أکانت رحمة اللَّه للعباد قبل أعمال العباد، أم کانت أعمال العباد قبل رحمة اللَّه؟ قال: فقال له الرجل: بل کانت رحمة اللَّه للعباد قبل أعمال العباد، فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: قوموا فسلّموا علي أخيکم فقد أسلم، وقد کان کافراً، قال: وانطلق الرجل غير بعيد ثمّ انصرف إليه فقال: يا أميرالمؤمنين أبالمشيّة الاُولي نقوم ونقعد ونقبض ونبسط؟ فقال له أميرالمؤمنين عليه‏السلام: وإنّک لبعيد في المشيّة، أما إنّي سائلک عن ثلاث لا يجعل اللَّه لک في شي‏ء منها مخرجاً؟ أخبرني أخلق اللَّه العباد کما شاء أو کما شاءوا؟ فقال: کما شاء، قال عليه‏السلام: فخلق اللَّه العباد لما شاء أو لما شاءوا؟ فقال عليه‏السلام: لما شاء، فقال: يأتونه يوم القيامة کما شاء أو کما شاءوا؟ قال: يأتونه کما شاء، فقال عليه‏السلام: قم فليس إليک من المشيّة شي‏ء.[5].

6/406- أخبرنا أبوالعزّ أحمد بن عبيد اللَّه بن کادش، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسون، أنبأنا أبوالحسن عليّ بن عمر، أنبأنا محمّد بن مخلد، أنبأنا إبراهيم ابن‏مهدي الأيلي، أنبأنا أحمد بن الأحجم بن البختري المروزي، أنبأنا محمّد بن الجراح قاضي سجستان، أنبأنا شريک، عن أبي‏إسحاق، عن الحرث، قال: جاء رجل إلي عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر؟ قال: طريق مظلم لا تسلکه، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر؟ قال: بحر عميق لا تلجه، قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر؟ قال: سرّ اللَّه قد خفي عليک فلا تفشه، قال: يا أميرالمؤمنين أخبرني عن القدر؟ قال: أيها السائل إذاً اللَّه خلقک

[صفحه 161]

لما شاء أو لما شئت؟ قال: بل لما شاء، قال: فيستعملک کما شاء أو کما شئت؟ قال: بل کما شاء، قال: فيبعثک يوم القيامة کما شاء أو کما شئت؟ قال: بل کما شاء، قال: أيّها السائل ألست تسأل ربّک العافية؟ قال: نعم، قال: فمن أيّ شي‏ء تسأله العافية أمن البلاء الذي ابتلاک به غيره؟ قال: من البلاء الذي ابتلاني به، قال: أيّها السائل تقول لا حول ولا قوّة إلّا بمَنْ؟ قال: إلّا باللَّه العليّ العظيم، قال: فتعلم ما تفسيرها؟ قال: تعلمني ممّا علمک اللَّه يا أميرالمؤمنين، قال: إنّ تفسيرها لا تقدر علي طاعة اللَّه، ولا يکون له قوّة في معصية في الأمرين جميعاً (کذا) إلّا باللَّه.

أيّها السائل ألک مع اللَّه مشيّة، أو فوق اللَّه مشيّة، أو دون اللَّه مشيّة؟ فإن قلت إنّ لک دون اللَّه مشيّة فقد اکتفيت بها عن مشية اللَّه، وإن زعمت أنّ لک فوق اللَّه مشيّة فقد ادّعيت أنّ قوّتک ومشيّتک غالبتان علي قوّة اللَّه ومشيّته، وإن زعمت أنّ لک مع اللَّه مشيّة فقد ادّعيت مع اللَّه شرکاً في مشيئته.

أيّها السائل إنّ اللَّه يشج و يداوي (کذا) فمنه الداء ومنه الدواء، أعقلت عن اللَّه أمره؟ قال: نعم، قال علي: الآن أسلم أخوکم فقوموا فصافحوه، ثمّ قال علي: لو أنّ عندي رجلاً من القدرية لأخذت برقبته ثمّ لا أزال أجأها حتّي أقطعها، فإنّهم يهود هذه الاُمّة ونصاراها ومجوسها.[6].

7/407- الصدوق، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا أحمد بن يحيي ابن‏زکريا القطّان، قال: حدّثنا بکر بن عبداللَّه بن حبيب، قال: حدّثنا عليّ بن زياد، قال: حدّثنا مروان بن معاوية عن الأعمش عن أبي‏حيّان التميمي، عن أبيه وکان مع عليّ عليه‏السلام يوم صفين وفيما بعد ذلک، قال: بينا عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام يُعبئ الکتائب يوم صفين ومعاوية يستقبله علي فرس له يتأکّل تحته تأکّلاً، وعلي عليه‏السلام علي فرس رسول اللَّه صلي الله عليه و آله المرتجز وبيده حربة رسول اللَّه، وهو متقلّد سيفه ذوالفقار، فقال

[صفحه 162]

رجل من أصحابه: احترس يا أميرالمؤمنين فإنّا نخشي أن يغتالک هذا الملعون، فقال عليه‏السلام: لأن قلت ذاک إنّه غير مأمون علي دينه وانّه لأشقي القاسطين وألعن الخارجين علي الأئمة المهتدين، ولکن کفي بالأجل حارساً، وليس لأحدٍ من الناس إلّا ومعه ملائکة حفظة يحفظونه من أن يتردّي في بِئرٍ أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء، فإذا حان أجله خلّوا بينه وبين ما يصيبه، وکذلک أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضّب هذه من هذا، وأشار إلي لحيته ورأسه، عهداً معهوداً ووعداً غير مکذوب.[7].

8/408- الصدوق، حدّثنا عليّ بن عبداللَّه الورّاق، وعليّ بن محمّد بن الحسن المعروف بابن مغيرة القزويني، قالا: حدّثنا سعد بن عبداللَّه، قال: حدّثنا الهيثم بن أبي‏مسروق النهدي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن سعيد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: إنّ أميرالمؤمنين عليه‏السلام عدل من عند حائط مائل إلي حائط آخر، فقيل له يا أميرالمؤمنين: أتفرّ من قضاء اللَّه؟ فقال: أفرّ من قضاء اللَّه إلي قدر اللَّه عزّ وجلّ.[8].

9/409- الصدوق، حدّثنا أبوالحسن محمّد بن عمرو بن عليّ البصري، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسن المثنّي، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدّثنا أبوأحمد الغازي، قال: حدّثنا عليّ بن موسي الرضا عليه‏السلام قال: حدّثنا أبي‏موسي بن جعفر، قال: حدّثنا أبي‏جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا أبي‏محمّد ابن علي، قال: حدّثنا أبي‏عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا أبي‏الحسين بن علي عليهم‏السلام، قال: سمعت أبي‏عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام يقول: الأعمال علي ثلاثة أحوال: فرائض، وفضائل، ومعاصي، فأمّا الفرائض فبأمر اللَّه عزّ وجلّ وبرضي اللَّه وقضاء اللَّه

[صفحه 163]

وتقديره ومشيّته وعلمه، وأمّا الفضائل فليست بأمر اللَّه ولکن برضي اللَّه وبقضاء اللَّه وبقدر اللَّه وبمشيّته وبعلمه، وأمّا المعاصي فليست بأمر اللَّه ولکن بقضاء اللَّه وبقدر اللَّه وبمشيّته وبعلمه، ثمّ يعاقب عليها.[9].

بيان: قضاء اللَّه عزّ وجلّ في المعاصي حکمه فيها، ومشيّته في المعاصي نهيه عنها، وقدره فيها علمه بمقاديرها، ومبالغها.

10/410- سئل أميرالمؤمنين عليه‏السلام عن مشيّة اللَّه وإرادته، فقال عليه‏السلام:

إنّ للَّه مشيئتين: مشيّة حتمٍ ومشيّة عزم، وکذلک إنّ للَّه إرادتين: إرادة حتمٍ وإرادة عزمٍ، إرادة حتمٍ لا تخطأ وإرادة عزم تخطأ وتصيب، وله مشيّتان، مشيّة يشاء ومشيّة لا يشاء، ينهي وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، معناه أراد من العباد وشاء ولم يرد المعصية وشاء، وکلّ شي‏ء بقضائه وقدره، والاُمور تجري ما بينهما، فإذا أخطأ القضاء لم يخطئ القدر، واذا لم يخطأ القدر لم يخطأ القضاء، وإنّما الخلق من القضاء إلي القدر، واذا يخطئ فمن القدر إلي القضاء، والقضاء علي أربعة أوجه في کتاب اللَّه جلّ وعزّ الناطق علي لسان سفيره الصادق صلي الله عليه و آله: منها قضاء الخلق وهو قوله تعالي: «فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ»[10] معناه خلقهنّ، والثاني قضاء الحکم وهو قوله: «وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ»[11] معناه حکم والثالث: قضاء الأمر وهو قوله: «وقضي ربّک ألّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ»[12] معناه أمر ربّک، والرابع قضاء العلم وهو قوله: «وَقَضَيْنَا إِلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْکِتَابِ لَتفْسِدُنَّ فِي الأرضِ مَرَّتَيْنِ»[13] معناه علمنا من بني إسرائيل، قد شاء اللَّه من عباده المعصية وما أراد، وشاء الطاعة وأراد

[صفحه 164]

منهم؛ لأنّ المشيّة مشيّة الأمر ومشيّة العلم، وإرادته إرادة الرضا وإرادة الأمر، أمر بالطاعة ورضي بها، وشاء المعصية، يعني علم من عباده المعصية ولم يأمرهم بها فهذا من عدل اللَّه تبارک وتعالي في عباده جلّ جلاله وعظم شأنه.[14].

بيان: قال العلامة المجلسي رحمه الله: کانت النسخة سقيمة فأوردناه کما وجدناه، ثمّ قال رحمه الله: قوله عليه‏السلام: إذا أخطأ القضاء، يمکن أن يقرأ بغير همز، والمعني إذا جاوز أمر من الاُمور التي شرّع في تهيئة أسباب وجوده القضاء ولم يصر مقضيّاً فلا يتجاوز عن القدر، ولا محالة يدخل في التقدير، وإنّما يکون البداء بعد التقدير، واذا لم يخطّ من المضاعف بمعني الکتابة أي إذا لم يکتب شي‏ء في لوح القدر لا يکتب في لوح القضاء إذ هو بعد القدر، وإنّما الخلق من القضاء، أي إذا لوحظت علل الخلق والإيجاد ففي الترتيب الصعوديّ يتجاوز من القضاء إلي القدر، والتخطّي والبداء إنّما يکون بعد القدر قبل القضاء، والأظهر أنّه کان، وإذا أخطأالقدر مکان، واذا لم يخط القدر، ويکون من الخطأ لا من الخطّ، فالمعني أنّ کلّ ما يوجد من الاُمور إمّا موافق للوح القضاء، أو للوح القدر علي سبيل منع الخلوّ، فإذا وقع البداء في أمرٍ ولم يقع علي ما أثبت في القدر يکون موافقاً للقضاء، ولعلّ ظاهر هذا الخبر تقدّم القضاء علي القدر، ويحتمل أن يکون القضاء في الاُولي بمعني الأمر، وفي الثانية بمعني الحتم، فيستقيم ما في الرواية من النفي.[15].

11/411- عن عليّ عليه‏السلام:

إذا أراد اللَّه إنفاذ قضائه وقدره، سلب ذوي العقول عقولهم حتّي ينفذ فيهم قضاؤه وقدره، فإذا أمضي أمره ردّ إليهم عقولهم ووقعت الندامة.[16].

12/412- محمد بن طلحة البيهقي، بإسناده عن الشافعي، عن يحيي بن سليم، عن

[صفحه 165]

الإمام جعفر بن محمّد، عن عبداللَّه بن جعفر رضي الله عنه، عن الجميع، عن أميرالمؤمنين عليّ عليه‏السلام أنّه قال يوماً:

أعجب ما في الانسان قلبه، فيه مواد من الحکمة وأضداد لها من خلافها، فإن سنح له الرجاء وَلهه الطمع، وإن هاج به الطمع أهلکه الحرص، وإن ملکه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ، وإن أسعد بالرضا نسي التحفّظ، وإن ناله الخوف شغله الحزن، وإن أصابته مصيبة قصمه الجزع، وإن وجد مالاً أطغاه الغني، وإن عضته فاقة شغله البلاء، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط به الشبع کظّته البطنة، فکلّ تقصير به مضرّ، وکلّ إفراط له مفسد.

فقام إليه رجل ممّن شهد وقعة الجمل، فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال عليه‏السلام: بحر عميق فلا تلجه، فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال: بيت مظلم فلا تدخله، فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال: سرّ اللَّه فلا تبحث عنه، فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال: لمّا أبيت فانّه أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض، فقال: يا أميرالمؤمنين إنّ فلاناً يقول: بالاستطاعة وهو حاضر، فقال عليّ عليه‏السلام: عليّ به، فأقاموه فلمّا رآه قال له: الإستطاعة تملکها مع اللَّه أو من دون اللَّه؟ وإيّاک أن تقول واحدة منهما فترتدّ، فقال: وما أقول يا أميرالمؤمنين؟ قال: قل أملکها باللَّه الذي أنشأ ملکتها.[17].

13/413- الصدوق، عن أبيه رحمه الله، عن سعد، عن ابن أبي‏الخطاب، عن جعفر بن بشير عن العرزمي، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: کان لعلي عليه‏السلام غلام اسمه قنبر، وکان يحبّ علياً عليه‏السلام حبّاً شديداً، فإذا خرج عليّ خرج علي أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال: يا قنبر ما لک؟ قال: جئت لأمشي خلفک فإنّ الناس کما تراهم يا أمير

[صفحه 166]

المؤمنين فخفت عليک، قال: ويحک أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض؟ قال: لا بل من أهل الأرض، قال: إنّ أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئاً إلّا بإذن اللَّه عزّ وجلّ من السماء، فارجع فرجع.[18].

14/414- عن يعلي بن مرّة، قال: کان عليّ عليه‏السلام يخرج بالليل إلي المسجد يصلّي تطوّعاً، فجئنا نحرسه، فلمّا فرغ أتانا فقال: ما يجلسکم؟ قلنا: نحرسک، فقال: أمن أهل السماء تحرسون، أم من أهل الأرض؟ قلنا: بل من أهل الأرض، قال: إنّه لا يکون في الأرض شي‏ء حتّي يقضي في السماء، وليس من أحد إلّا وقد وُکّل به ملکان يدفعان عنه ويکلانه حتّي يجي‏ء قدره، فإذا جاء قدره خلّيا بينه وبين قدره، وإنّ عليّ من اللَّه جُنّة حصينة فإذا جاء أجلي کشف عنّي، وإنّه لا يجد طعم الايمان حتّي يعلم أن ما أصابه لم يکن ليخطئه، وما أخطأه لم يکن ليصيبه.[19].

15/415- عن قتادة، قال: إنّ آخر ليلة أتت علي عليّ عليه‏السلام جعل لا يستقرّ فارتاب به أهله، فجعل يدسّ بعضهم إلي بعض حتّي اجتمعوا، فناشدوه، قال: إنّه ليس من عبدٍ إلّا ومعه ملکان يدفعان عنه ما لم يقدَّر، أو قال: ما لم يأت القدر، فإذا أتي القدر خليّا بينه وبين القدر، ثمّ خرج إلي المسجد فقتل.[20].

16/416- عن أبي‏مجلز، قال: جاء رجل إلي عليّ وهو يصلّي في المسجد، فقال: احترس فإنّ ناساً من مراد يريدون قتلک، فقال:

إنّ مع الرجل ملکين يحفظانه ممّا لم يقدر، فإذا جاء القدر خلّوا بينه وبينه، وإنّ الأجل جُنّة حصينة.[21].

[صفحه 167]

17/417- عليّ، عن‏أبيه، عن ابن‏أبي‏عمير، عن زيدالشحّام، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: إنّ أميرالمؤمنين عليه‏السلام جلس إلي حائط مائل يقضي بين الناس، فقال بعضهم: لا تقعد تحت هذا الحائط فإنّه معور، فقال أمير المؤمنين عليه‏السلام: حرس امرءً أجله فلمّا قام سقط الحائط، قال: وکان أميرالمؤمنين عليه‏السلام يفعل هذا وأشباهه، وهذا اليقين.[22].

18/418- محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبداللَّه بن سنان، عن أبي‏حمزة، عن سعيد بن قيس الهمداني، قال: نظرت يوماً في الحرب إلي رجل عليه ثوبان، فحرّکت فرسي فإذا هو أميرالمؤمنين عليه‏السلام فقلت: يا أميرالمؤمنين في مثل هذا الموضع؟! فقال: نعم يا سعيد بن قيس إنّه ليس من عبدٍ إلّا وله من اللَّه عزّوجلّ حافظ وواقية معه ملکان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئرٍ، فإذا نزل القضاء خلّيا بينه وبين کلّ شي‏ء.[23].

19/419- الصدوق، عن عليّ بن أحمد، عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن أبي‏القاسم، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عليّ بن موسي البصري، عن سليمان بن عيسي، عن إسرائيل، عن أبي‏إسحاق، عن الحارث، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال:

إنّ أرواح القدرية يعرضون علي النار غدوّاً وعشياً حتّي تقوم الساعة، فإذا قامت الساعة عُذّبوا مع أهل النار بألوان العذاب، فيقولون: يا ربّنا عذّبتنا خاصّة وتعذّبنا عامة، فيردّ عليهم: «ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا کُلّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»[24] [25].

بيان: قال الطبرسي رحمه الله: أي خلقنا کلّ شي‏ء خلقناه مقدّراً بمقدار توجبه الحکمة لم نخلقه جزافاً، فخلقنا العذاب أيضاً علي قدر الاستحقاق، وکذلک کلّ شي‏ء

[صفحه 168]

خلقناه في الدنيا والآخرة خلقناه مقدّراً بمقدار معلوم، وقيل: معناه خلقنا کلّ شي‏ء علي قدرٍ معلوم، فخلقنا اللسان للکلام، واليد للبطش، والرجل للمشي، والعين للنظر، والاُذن للسماع، والمعدة للطعام، ولو زاد أو نقص عمّا قدّرناه لما تمّ الغرض، وقيل: معناه جعلنا لکلّ شي‏ء شکلاً يوافقه ويصلح له، کالمرأة للرجل، والاُتان للحمار، وثياب الرجال للرجال، وثياب النساء للنساء، وقيل: خلقنا کلّ شي‏ء بقدر مقدّر وقضاء محتوم في اللوح المحفوظ.

20/420- عن حاتم بن إسماعيل، قال: کنت عند جعفر بن محمّد، فأتاه نفر فقالوا: يا ابن رسول اللَّه حدّثنا أيّنا شرّ کلاماً؟ قال: هاتوا ما بدا لکم، قالوا: أمّا أحدنا فقدريّ، وأمّا الآخر فمرجئي، وأمّا الثالث خارجيّ، فقال عليه‏السلام: حدّثني أبي‏محمّد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام أنّه سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: لأبي أمامة الباهلي، لا تجالس قدريّاً ولا مرجئاً، ولا خارجياً، أنّهم يکفئون کما يکفأ الإناء، ويغلون کما غلت اليهود والنصاري، ولکلّ اُمّة مجوس ومجوس هذه الاُمّة القدريّة، فلا تشيّعوهم، ألا أنّهم يمسخون قردة وخنازير، ولولا ما وعدني ربّي أن لا يکون في اُمّتي خسف لخسفت بهم في الحياة الدنيا.

وحدّثني أبي، عن أبيه، عن عليّ عليه‏السلام أنّه سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إنّ الخوارج مرقوا من الدين کما يمرق السهم من الرمية، وهم يمسخون في قبورهم کلاباً، ويحشرون يوم القيامة علي صور الکلاب، وهم کلاب النار.

وحدّثني أبي، عن أبيه، عن عليّ أنّه سمع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: صنفان من اُمّتي لا تنالهم شفاعتي: المرجئة والقدرية، القدريّة يقولون لا قَدَر وهم مجوس هذه الاُمّة، والمرجئة يفرّقون بين القول والعمل، وهم يهود هذه الاُمّة.[26].

[صفحه 169]

21/421- عن عليّ [عليه‏السلام] قال:

ليأتينّ علي الناس زمان يکذبون علي القدر، تجي‏ء المرأة سوقاً إلي حاجتها، فترجع إلي منزلها وقد مسخ بعلها بتکذيبه القدر.[27].

22/422- الصدوق، حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدّب، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسي الرضا، عن أبيه موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: قال اللَّه جلّ جلاله: من لم يرض بقضائي ولم يؤمن بقدري، فليلتمس إلهاً غيري، وقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: في کلّ قضاء خيرة للمؤمن.[28].

23/423- الصدوق، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد ابن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن مروان (هارون) بن مسلم، عن ثابت بن أبي‏صفيّة، عن سعيد الخفّاف، عن الأصبغ ابن‏نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام لرجل:

إن کنت لا تطيع خالقک فلا تأکل من رزقه، وإن کنت واليت عدوّه فاخرج من ملکه، وإن کنت غير قانع بقضائه وقدره فاطلب رباً سواه.[29].

24/424- الصدوق، حدّثنا أبومنصور أحمد بن إبراهيم بن بکر الخوري بنيسابور، قال: حدّثنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد بن مروان الخوري، قال: حدّثنا

[صفحه 170]

جعفر بن محمّد بن زياد الفقيه الخوري، قال: حدّثنا أحمد بن عبداللَّه الجويباري الشيباني، عن عليّ بن موسي الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام قال:

قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: إنّ اللَّه عزّ وجلّ قدّر المقادير، ودبّر التدابير قبل أن يخلق (آدم) العالم بألفي عام.[30].

25/425- الصدوق، حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن عبدالوهّاب السجزي بنيسابور، قال: أخبرنا أبونصر منصور بن عبداللَّه بن إبراهيم الاصبهاني، قال: حدّثنا عليّ بن عبداللَّه، قال: حدّثنا الحسن بن أحمد الحرّاني، قال: حدّثنا يحيي بن عبداللَّه بن الضحّاک، عن الأوزاعي، عن يحيي بن أبي‏کثير، قال: قيل لأمير المؤمنين عليه‏السلام: ألا نحرسک؟ قال: حَرَسُ کلّ امرئ أجله.[31].

26/426- الصدوق، حدّثنا عبداللَّه بن محمّد بن عبدالوهّاب، قال: حدّثنا منصور بن عبداللَّه، قال: حدّثنا عليّ بن عبداللَّه، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر، قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدّثنا شريک، عن أبي‏إسحاق، عن سعيد بن وهب، قال: کنّا مع سعيد بن قيس بصفّين ليلاً، والصفان ينظر کلّ واحد منهما إلي صاحبه، حتّي جاء أميرالمؤمنين عليه‏السلام فنزلنا علي فنائه، فقال له سعيد بن قيس: أين هذه الساعة يا أميرالمؤمنين، أما خفت شيئاً؟ قال عليه‏السلام: وأيّ شي‏ء أخاف إنّه ليس من أحد إلّا ومعه ملکان موکّلان به أن يقع في بئرٍ أو تَضُرَّ به دابة، أو يتردّي من جبل حتّي يأتيه القدر، فإذا أتي القدر خلّوا بينه وبينه.[32].

27/427- عن أحمد بن محمّد القطّان، عن أحمد بن يحيي بن زکريّا، عن بکر بن عبداللَّه بن حبيب، عن عليّ بن زياد، قال: حدّثنا مروان بن معاوية، عن الأعمش،

[صفحه 171]

عن أبي‏حيّان التيمي، عن أبيه، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال:

ليس أحدٌ من الناس إلّا ومعه ملائکة حفظة يحفظونه من أن يتردّي في بئر أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء، فإذا کان أجله خلّوا بينه وبين ما يصيبه.[33].

28/428- الصدوق، حدّثنا محمّد بن موسي بن المتوکّل، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن السعدآبادي، قال: حدّثنا أحمد بن عبداللَّه البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام في القدر:

ألا إنّ القدر سرٌّ من سِرِّ اللَّه، وستر من ستر اللَّه، وحِرزٌ من حرز اللَّه، مرفوع في حجاب اللَّه، مطويّ عن خلق اللَّه، مختوم بخاتم اللَّه، سابق في علم اللَّه، وضع اللَّه عن العباد علمه، ورفعه فوق شهاداتهم ومبلغ عقولهم، لأنّهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ولا بقدرة الصمدانيّة ولا بعظم النورانية، ولا بعزّة الوحدانية؛ لأنّه بحر زاخر خالص للَّه تعالي، عمقه ما بين السماء والأرض، عرضه ما بين المشرق والمغرب، أسود کالليل الدامس، کثير الحيّات والحيتان، يعلو مرّة ويسفل أخري، في قعره شمس تضي‏ء لا ينبغي أن يطّلع عليها إلّا اللَّه الواحد الفرد، فمن تطلّع عليها فقد ضادّ اللَّه عزّ وجلّ في حکمه، ونازعه في سلطانه، وکشف عن ستره وسرّه، وباء بغضبٍ من اللَّه، ومأواه جهنّم وبئس المصير.[34].

29/429- الصدوق، حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن جعفر بن محمّد بن عبداللَّه، عن عبداللَّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهماالسلام قال: قيل لعليّ عليه‏السلام إنّ رجلاً يتکلّم في المشيّة، فقال: ادعه لي، فدعي له، فقال: يا عبداللَّه خلقک اللَّه لما شاء أو لما شئت؟

[صفحه 172]

قال: لما شاء، قال: فيمرضک إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: إذا شاء، قال: فيشفيک إذا شاء أو إذا شئت؟ قال: إذا شاء، قال: فيدخلک حيث يشاء أو حيث شئت؟ قال: حيث يشاء، قال: فقال عليّ عليه‏السلام له: لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناک.[35].

30/430- الصدوق، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد ابن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن مروان بن مسلم، عن ثابت بن أبي‏صفيّة، عن سعد الخفّاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

أوحي اللَّه عزّ وجلّ إلي داود عليه‏السلام تريد واُريد ولا يکون إلّا ما اُريد، فإن أسلمت لما اُريد أعطيتک ما تريد، وإن لم تسلّم لما اُريد أتعبتک فيما تريد، ثمّ لا يکون إلّا ما اُريد.[36].

31/431- الإمام العسکري عليه‏السلام، قال: ولقد مرّ أميرالمؤمنين عليه‏السلام علي قوم من أخلاط المسلمين، ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري، وهم قعود في بعض المساجد، في أوّل يوم من شعبان، إذا هم يخوضون في أمر القدر وغيره ممّا اختلف الناس فيه، قد ارتفعت أصواتهم واشتدّ فيه محکّهم وجدالهم، فوقف عليهم، فسلّم، فردّوا عليه وأوسعوا وقاموا إليه يسألونه القعود إليهم، فلم يحفل بهم، ثمّ قال لهم وناداهم:

يا معاشر المتکلّمين فيما لا يعنيهم ولا يرد عليهم، ألم تعلموا أنّ للَّه عباداً قد أسکتتهم خشيته من غير عيّ ولا بکم، وإنّهم الفصحاء العقلاء الألبّاء، العالمون باللَّه وأيامه.

ولکنّهم إذا ذکروا عظمة اللَّه انکسرت ألسنتهم، وانقطعت أفئدتهم، وطاشت

[صفحه 173]

عقولهم، وتاهت حلومهم، إعزازاً للَّه وإعظاماً وإجلالاً له.

فإذا أفاقوا من ذلک استبقوا إلي اللَّه بالأعمال الزاکية، يعدّون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين، وأنّهم برآء من المقصّرين والمفرطين، ألا إنّهم لا يرضون اللَّه بالقليل، ولا يستکثرون للَّه الکثير، ولا يدلّون عليه بالأعمال، فهم متي ما رأيتهم مهمومون مروّعون خائفون مشفقون، وجلون.

فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين، ألم تعلموا أنّ أعلم الناس بالضرر أسکتهم عنه، وإنّ أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه.[37].

32/432- الصدوق، حدّثني محمّد بن موسي بن المتوکّل، قال: حدّثني موسي بن جعفر، قال: حدّثني موسي بن عمران النخعي، قال: حدّثني الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم، عن مروان بن شجاع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: ما خلا أحد من القدريّة إلّا خرج من الايمان.[38].

33/433- عن عليّ عليه‏السلام: لُعنت القدريّة علي لسان سبعين نبيّاً.[39].

34/434- عن الشعبي، أنّ علياً خطب فقال: ليس منّا من لم يؤمن بالقدر خيره وشرّه.[40].

35/435- محمّد بن الحسين الرضي، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام إنّه قال في کلامٍ له لما خوّف من الغيلة:

وإنّ عليَّ من اللَّه جُنّة حصينة، فإذا جاء يومي انفرجت عنّي وأسلمتني،

[صفحه 174]

فحينئذٍ لا يطيش السهم، ولا يبرأ الکلم.[41].

36/436- عن عليّ عليه‏السلام قال: إنّ اللَّه يدفع الأمر المبرم.[42].

37/437- عن عليّ عليه‏السلام:

إنّ أحدکم لن يخلص الايمان إلي قلبه حتّي يستيقن يقيناً غير ظنٍّ أنّ ما أصابه لم يکن ليخطئه، وما أخطاه لم يکن ليصيبه، ويقرّ بالقدر کلّه.[43].

38/438- عن عليّ عليه‏السلام إنّه ذُکر عنده القدر يوماً، فأدخل اصبعيه السبابة والوسطي في فيه، فرقم بها باطن يده فقال:

أشهد أنّ هاتين الرقمتين کانتا في علم الکتاب.[44].

39/439- قيل لعلي عليه‏السلام لمّا أراد قتال الخوارج: لو احترزت يا أميرالمؤمنين، فقال عليه‏السلام:


أيّ يَومَيّ من الموت أفِر
يوم ما قدّر أو يوم قُدر


يوم لم يقدر لا أخشي الردي
وإذا قدّر لم يَغنِ الحذر[45].

40/440- عن أبي‏نصير قال: کنّا جلوساً حول الأشعث بن قيس، إذ جاءه رجل بيده عنزة فلم نعرفه وعرفه، فقال: يا أميرالمؤمنين، قال: نعم، قال: تخرج هذه الساعة وأنت رجل محارب؟ قال عليه‏السلام:

إنّ عليّ من اللَّه جنّة حصينة فإذا جاء القدر لم يغن شيئاً، انّه ليس من الناس أحد إلّا وقد وُکّل به ملک، فلا تريده دابة ولا شي‏ء إلّا قال: اتّقه، فإذا جاء القدر

[صفحه 175]

خلّي عنه.[46].

41/441- يوسف البحراني، قال: روي أحد أصحابنا رضوان اللَّه عليهم أنّ الحجاج بن يوسف کتب إلي الحسن البصري، وإلي عمرو بن عبيد، وإلي واصل بن عطاء وإلي عامر الشعبي، أن يذکروا ما عندهم وما وصل إليهم في القضاء والقدر.

فکتب إليه الحسن البصري: إنّ أحسن ما انتهي إليّ ما سمعت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام أنّه قال: أتظنّ أنّ الذي نهاک دهاک، إنّما دهاک أسفلک وأعلاک، واللَّه بري‏ء من ذاک.

وکتب إليه عمرو بن عبيد: أحسن ما سمعته في القضاء والقدر قول عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام: لو کان الوزر في الأصل محتوماً، کان الوازر في القصاص مظلوماً.

وکتب إليه واصل بن عطاء: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر، قول أمير المؤمنين عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام: أيدّلک علي الطريق ويأخذ عليک المضيق.

وکتب إليه الشعبي: أحسن ما سمعت في القضاء والقدر قول أميرالمؤمنين عليّ ابن أبي‏طالب عليه‏السلام: کلّما استغفرت اللَّه منه فهو منک، وکلّما حمدت اللَّه عليه فهو منه.

فلما وصلت کتبهم إلي الحجاج ووقف عليها قال: لقد أخذوها من عين صافية[47].

[صفحه 179]


صفحه 158، 159، 160، 161، 162، 163، 164، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 179.








  1. الکافي 155:1؛ الاحتجاج 490:1 باب احتجاجه عليه‏السلام علي القضاء والقدر؛ توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 380؛ کشف الغمة، باب أنّ الکلّ قضاء خير: 165؛ روضة الواعظين، باب القضاء والقدر: 40؛ کنز العمال 344:1 ح 1560؛ السيرة الحلبية 185:1؛ تاريخ ابن‏عساکر، کتاب ترجمة عليّ 231:3؛ تحف العقول: 349.
  2. احتجاج الطبرسي 311:1؛ أمالي السيد المرتضي 104:1؛ مصابيح الأنوار 115:1 ح 22.
  3. احتجاج الطبرسي 311:1؛ البحار 95:5.
  4. توحيد الصدوق، باب الاستطاعة: 352؛ البحار 39:5.
  5. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 365؛ البحار 110:5؛ کنز العمال 346:1 ح 1561؛ الصواعق المحرقة: 201.
  6. تاريخ ابن‏عساکر، ترجمة الامام علي 233:3.
  7. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 368؛ البحار 113:5.
  8. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 369؛ البحار 110:5.
  9. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 370؛ خصال الصدوق، باب الثلاثة: 168.
  10. فصلت: 12.
  11. الزمر: 75.
  12. الإسراء: 23.
  13. الإسراء: 4.
  14. فقه الامام الرضا: 410 باب القضاء والمشيئة.
  15. البحار 125-124:5.
  16. کنز العمال 109:1 ح 509.
  17. مطالب السؤول: 26؛ وفي البحار 56:5؛ مسند الإمام موسي بن جعفر عليه‏السلام: 36؛ وفي کنز العمال 348:1 ح 1567.
  18. لبحار 104:5 وفي 158:70 منه أيضاً؛ توحيد الصدوق، باب المشيئة: 338.
  19. کنز العمال 347:1؛ ح 1564.
  20. کنز العمال 348:1 ح 1565.
  21. کنز العمال 348:1 ح 1566.
  22. البحار 105:5؛ الکافي 58:2.
  23. البحار 105:5 وفي 154:70 منه أيضاً؛ الکافي 58:2.
  24. القمر: 48 و 49.
  25. جامع الأخبار، باب المرجئة والقدرية: 459 ح 1287؛ البحار 118:5؛ عقاب الأعمال: 212؛ تفسير نور الثقلين 186:5.
  26. کنز العمال 362:1 ح 1597.
  27. کنز العمال 363:1 ح 1598.
  28. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 371؛ عيون أخبار الرضا، في القضاء والقدر 141:1؛ کشف الغمة، في بيان انّ الکل قضاء وخير: 265.
  29. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 371؛ تفسير نور الثقلين 301:5.
  30. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 376؛ في بعض المصادر بدل الخوري: «الخوزي».
  31. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 379؛ کنز العمال 394:1 ح 1568.
  32. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 379؛ مناقب ابن‏شهر آشوب، في ذکر سيفه ودرعه ومرکوبه 297:3.
  33. البحار 113:5؛ کنز العمال 347:1 ح 1562؛ توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 367.
  34. توحيد الصدوق، باب القضاء والقدر: 383 ح 32؛ البحار 97:5.
  35. توحيد الصدوق، باب المشيّة والارادة: 327 ح 2؛ البحار 106:5؛ کنز العمال 344:1 ح 1559؛ تفسير السيوطي 348:4.
  36. توحيد الصدوق، باب المشيّة والارادة: 337 ح 4؛ البحار 104:5.
  37. تفسير الإمام العسکري عليه‏السلام: 635 ح 371؛ البحار 265:3؛ مستدرک الوسائل 250:12 ح 14025؛ الفصول المهمة للحرّ العاملي: 80.
  38. عقاب الأعمال: 213.
  39. الجامع الصغير للسيوطي 410:2.
  40. کنز العمال 343:1 ح 1554.
  41. الفصول المهمة: 86؛ نهج‏البلاغة: خ 62.
  42. کنز العمال 343:1 ح 1556.
  43. کنز العمال 344:1 ح 1557.
  44. کنز العمال 344:1 ح 1558.
  45. تفسير نور الثقلين 28:2.
  46. کنز العمال 347:1 ح 1563.
  47. کشکول شيخ يوسف 30:1.