النَسَبُ الشريف والنشأة















النَسَبُ الشريف والنشأة



ينتسب المترجَم له العلّامة السيد حسن القبانچي إلي الشجرة المحمديّة والدوحة النبويّة متصلاً بالامام‏الحسين بن علي عليه‏السلام وهو جدّه‏السادس والعشرون.

وفيما يلي صورة عن شجرة النَسَب کما أوردها العلّامة السيد جعفر الأعرجي الکاظمي في کتابه «الدر المنثور في أنساب المعارف والصدور» المجلّد الثاني:

«هو السيد حسن، بن السيد علي، بن السيد حسن، بن السيد صالح، ابن‏السيد المهدي الملقَّب ب (القَبانچي)، بن صالح، بن أحمد، بن محمّد الزاهد، بن حسين الکريم، بن محمّد أبوالأشبال، بن علي (هنا تجتمع قبيلة آل العَرِد وآل الوردي)، بن حسين، بن محمّد، بن خميس (جَد آل وتوت)، بن يحيي، بن هزّال، بن علي، بن محمّد، بن عبداللَّه بهاء الدين المعروف ب (البهائي)، بن النقيب يحيي بالکوفة بن أبوعبداللَّه الحسين النسّابة نقيب النقباء قَدِم من الحجاز إلي العراق سنة (251ه)، بن أحمد المحدّث الفقيه الشاعر، بن الأمير أبي‏علي عمر

[صفحه 22 مقدمه]

الأکبر المقتول سنة (250 ه)، بن يحيي الراوية نقيب النقباء صاحب الدعوة سنة (220 ه)، بن الحسين ذي الدمعة، بن زيد الشهيد، بن الإمام علي بن الحسين زين العابدين، بن الإمام الحسين عليه‏السلام».

وُلد في مدينة النجف الأشرف بالعراق في العقد الثالث من القرن الرابع عشر عام 1328 للهجرة النبوية[1] الشريفة الموافق لعام 1907 للميلاد.

نشأ في مدينة العلم والدين والجهاد- النجف الأشرف- إلي جوار مرقد جدّه أمير المؤمنين عليه‏السلام، ومنذ سنيّ شبابه الاُولي وفي العقد الثاني من عمره سلَک مسلک العلماء، وعکف علي دراسة العلوم الدينيّة، وقد توفي والدهُ حيث کان السيد حسن في سنّ العشرين من عمره فارتبط عائلياً ببيت ابن‏عمه وزوج اُخته العلّامة الخطيب السيد عبدالأمير القبانچي.

«درس العربيّة والمنطق علي يد الفاضلين- المرحوم- السيد حسن الحکيم و- المرحوم- الشيخ محمّد صالح صحين، وعلم المعاني والبيان علي الفاضل- المرحوم- الشيخ علي ثامر، والفقه والأصول علي يد العلّامة الشيخ زين العابدين العاملي، وتخرّج في العلوم الإلهيّة علي يد حجة الإسلام آية اللَّه السيد محمّد جواد الطباطبائي التبريزي، وتتلمذ في خطابته علي يد فضيلة الخطيب المرحوم الشيخ محمّد حسين الفيخراني».[2].

ونعرف أيضاً أنه استفاد من مباحثاته العلمية مع العلّامة الشيخ محمّد علي الاُوردبادي صاحب کتاب «علي وليد الکعبة»، وقد ناقش بعض آرائه في کتابه «الجواهر الروحيّة» وقد کان يکنّ له احتراماً وتقديراً علمياً خاصاً.

[صفحه 23 مقدمه]

ويبدو أنه قد أظهر نبوغاً علمياً، واقتداراً خطابيّاً، واستعداداً نفسياً لتحمل المسؤولية، وخوض غمار العمل مع الاُمّة، الأمر الذي دعا مرجع الطائفة يومئذٍ وزعيمها الأوحد آية اللَّه السيد أبوالحسن الاصفهاني لبعثه وکيلاً عنه في الاُمور الدينية والشؤون الاجتماعية إلي مدينة خرمشهر (المحمّرة)،[3] حيث واصل عمله هناک مدّة ثلاث سنوات.

من خلال قراءة في أفکاره ومواقفه ومجمل أعماله نستطيع أن نکتشف أنه کان يمتلک شخصيّة حرّة في التفکير، وأصيلة في الاتجاه بعيداً عن صور التبعيّة الفکرية والسياسية، وبنفس هذه الطريقة أيضاً کان قد کوّن وجوده وبني حياته العلمية والاجتماعية اعتماداً علي الذات، وثقةً بالنفس، وتوکلاً علي اللَّه تعالي.

فالظروف والمکوّنات العائلية والاجتماعيّة التي أحاطت به لم تکن تسمح بمثل هذا التکوين، ولا تشجّع علي بناء مثل هذه الشخصيّة العصاميّة في البعد العلمي والاجتماعي والسياسي.

ومن هنا فقد کان نموذجاً في اُسرته وعشيرته، کما هو نموذج فريد قياساً إلي طبيعة آفاق التفکير الحاکمة يومئذٍ في النجف الأشرف وخاصة في الوسط العربي من الحوزة العلميّة.

لقد عمل السيد القبانچي علي التوفيق بين المنهجين: منهج الحوزة العلميّة المتفرّغ للدراسة والتأليف ومنهج الممارسة الخطابية المتفرّغ لدور المنبر الحسيني.

ولعلّ هذه العملية التوفيقيّة هي من النوادر التي تفرّد بها خطيب العلماء وعلّامة الخطباء السيد القبانچي- أعلي اللَّه شأنه- کما جاء علي لسان معاصريه. وقد کان يعي هذه الحقيقة جيداً، ويقصدها تماماً، فقد کان يقول: «أنا في النجف

[صفحه 24 مقدمه]

عالِم، وفي خارج النجف خطيب»؛ حيث کانت النجف لا تألف ظاهرة العالم الخطيب والخطيب العالم.

مارس العمل الخطابي والتوجيه المنبري في مدن عديدة من العراق مثل بغداد، الکاظمية، البصرة، العمارة، الناصرية، القرنة، الکوفة، الرميثة، المشخاب، أبو صخير وغيرها.

کما مارس العمل الخطابي والتوجيه المنبري في خارج العراق أيضاً مثل: الکويت، البحرين، مسقط، الأحساء، القطيف وغيرها.

إعتُقِل بفعل نشاطه الديني والسياسي علي عهد کلّ الحکومات المتعاقبة في العراق کما کان هو يحدّث بذلک.

اعتقل في أيام العهد الملکي، وعلي عهد الملک فيصل وحکومة نوري السعيد.

واعتقل علي عهد الملک فيصل وفي حکومة ياسين الهاشمي.

واعتقل علي عهد حکومة عبدالرحمن عارف في الحکم الجمهوري.

واعتقل في العهد المظلم أيام حکومة البعث مرّتين أولاهما سنة 1405 ه الموافق لعام 1985م وثانيهما في الانتفاضة الشعبانية عام 1411 للهجرة الموافق لعام 1991م حيث لم يُعرف عنه شي‏ء بعد هذا الاعتقال، واللَّه أعلم بأمره وإليه المصير، وکفي به حسيباً وجازياً ومثيباً.

فلقد کان العلّامة السيد حسن القبانچي أحد أبرز العلماء الذين داهمت جلاوزة البَعث بيوتهم واعتقلتهم في مجموعة کبيرة من رجال الحوزة العلميّة ناهزت ثمانين عالماً، وذلک بعد دخول القوات العسکريّة التابعة للنظام ودکّها مدينة النجف الأشرف الثائرة بالصواريخ والأسلحة الثقيلة إبّان انتفاضة شعبان المبارکة عام 1411 للهجرة والتي حرّر فيها الشعب العراقي أربعة عشر محافظة من قبضة

[صفحه 25 مقدمه]

النظام الشرسة. ولم تزل أخبار هذا الجمع من علماء الدين المعتقلين خفيّة علينا، منذ قام النظام باعتقالهم بعد سيطرته علي مدينة النجف الأشرف في الثامن والعشرين من شهر شعبان لنفس العام، حيث تتبّعت قوات الجيش والأمن العلماء ورموز التحرّک، واعتقلت السيّد القبانچي في حدود اليوم العشرين من شهر رمضان المبارک بعد أقل من شهر من سقوط هذه المدينة بيد القوّات الإجراميّة البعثيّة. وهنا تقول بعض الأنباء أنّ النظام قام بتصفية هؤلاء العلماء جسدياً في الأيام أو الساعات الاُولي من اعتقالهم، واللَّه أعلم وهو خيرُ الحاکمين.


صفحه 22، 23، 24، 25.








  1. کما ضبطه العلامة المؤرخ آقا بزرک الطهراني في کتابه «الذريعة الي تصانيف الشيعة» 309:26.
  2. عن خطباء المنبر للشيخ حيدر المرجان: 111.
  3. هي من أکبر المدن العربيّة في جنوب إيران، حيث کانت ترتبط فکرياً ودينياً بالمرجعية الدينية في النجف الأشرف- العراق.