في اختلاف الحديث















في اختلاف الحديث‏



1/283- محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي‏عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه: إنّي سمعت من سلمان والمقداد وأبي‏ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله غير ما في أيدي الناس، ثمّ سمعت منک تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء کثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ اللَّه صلي الله عليه و آله أنتم تخالفونه فيها وتزعمون أنّ ذلک کلّه باطل، أفتري الناس يکذبون علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله متعمّدين، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل عليّ فقال:

قد سألت فافهم الجواب: إنّ في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وکذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحکماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد کذب علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي عهده حتّي قام خطيباً فقال: أيها الناس قد کثرت عليّ الکذابة، فمن کذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار، ثمّ کذب عليه من بعده، وإنّما

[صفحه 97]

أتاکم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الايمان متصنّع بالإسلام، لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يکذب علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله متعمّداً، فلو علم الناس أنّه منافق کذّاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه، ولکنّهم قالوا: هذا قد صحب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ورآه وسمع منه وأخذ عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره اللَّه عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ: « وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُکَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ »[1] ثم بقوا بعده فتقربوا إلي أئمة الضلالة والدعاة إلي النار بالزور والکذب والبهتان، فولّوهم الأعمال وحملوهم علي رقاب الناس، وأکلوا بهم الدنيا، وإنّما الناس مع الملوک والدنيا إلّا من عصم اللَّه، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله شيئاً لم يحمله علي وجهه ووهم فيه، ولم يتعمّد کذباً فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه، فيقول: أنا سمعته من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فلو علم المسلمون أنّه وُهِمَ لم يقبلوه، ولو علم هو أنّه وُهِمَ لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله شيئاً أمر به ثمّ نهي عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهي عن شي‏ء ثمّ أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

وآخر رابع لم‏يکذب علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مبغض للکذب خوفاً من اللَّه وتعظيماً لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله لم ينسه بل حفظ ما سمع علي وجهه فجاء به کما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، فإنّ أمر النبيّ صلي الله عليه و آله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحکم ومتشابه، قد کان يکون من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله الکلام له وجهان: کلام عام وکلام خاص مثل القرآن، وقال اللَّه عزّ وجلّ في کتابه: « مَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا »[2].

[صفحه 98]

فيشتبه علي من لم يعرف ولم يدر ما عني اللَّه به ورسوله صلي الله عليه و آله، وليس کلّ أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان يسأله عن الشي‏ء فيفهم، وکان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتّي أن کانوا ليحبّون أن يجي‏ء الأعرابي والطاري فيسأل رسول اللَّه حتّي يسمعوا.

وقد کنت أدخل علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کلّ يوم دخلة، وکلّ ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول اللَّه أنّه لم يصنع ذلک بأحد من الناس غيري، فربّما کان في بيتي يأتيني رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أکثر ذلک في بيتي، وکنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه، فلا يبقي عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة، ولا أحد من بَنيّ، وکنت إذا سألته أجابني، وإذا سکتّ عنه وفُنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله آية من القرآن إلّا أقرأنيها وأملاها عليّ فکتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحکمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، ودعا اللَّه أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من کتاب اللَّه ولا علماً أملاه عليّ وکتبته منذ دعا اللَّه لي بما دعا، وما ترک شيئاً علّمه اللَّه من حلال وحرام ولا أمر ولا نهي کان أو يکون، ولا کتاب منزل علي أحدٍ قبله من طاعة أو معصية إلّا علّمنيه، وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده علي صدري ودعا اللَّه لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحکماً ونوراً، فقلت: يا نبيّ اللَّه بأبي أنت واُمّي منذ دعوت اللَّه لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفُتني شي‏ء لم أکتبه أفتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد؟ فقال: لا، لست أتخوّف عليک النسيان والجهل.[3].

[صفحه 101]


صفحه 97، 98، 101.








  1. المنافقون: 4.
  2. الحشر: 7.
  3. الکافي 62:1؛ الاحتجاج 393:1؛ خصال الصدوق، باب الأربعة: 255؛ وسائل الشيعة 152:18؛ البحار 228:2؛ مستدرک الوسائل 339:17 ح 21528؛ أربعين الشيخ البهائي في الحديث الحادي والعشرين؛ کتاب سليم بن قيس: 62.