كلمة آية اللَّه السيد مرتضي آل ياسين















کلمة آية اللَّه السيد مرتضي آل ياسين



بسم اللَّه الرحيم الرحيم

الحمدُ للَّه والحمدُ حقّه کما يستحقّه والصلاة والسّلام علي نبيّنا محمّد وآله الناسجين علي منواله.

وبعدُ فقد مُني الحديث النبويّ الشريف بالکذّابة عليه فکذبوا علي النبيّ في عهده وکذبوا عليه من بعده، وحين بلغه صلي الله عليه و آله نبأ هؤلاء الکذّابة قام خطيباً فأنذرهم بقوله: «من کذّب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار» غير انّهم لم يبالوا هذا الإنذار المخوف رغم صدوره عمّن لا ينطق عن الهوي بل تمادوا في افترائهم دائبين غير هيّابين ولا وجلين إنطلاقاً منهم مع الظروف المواتية التي سوّلت لهم أن يضعوا من الأحاديث ما تدعوا إليه الأغراض السياسيّة للسلطات الحاکمة يومذاک إضافةً إلي ما کانت تزيّنه لهم أغراضهم الشخصيّة، ومن جراء هذه الجناية العظمي المقترفة ضدّ السنة النبويّة حدثت البلبلة عند علماء الاُمّة تجاه الأحاديث المرويّة عن النبيّ صلي الله عليه و آله حيث التبس عليهم الحقّ منها بالباطل مع العلم بأنّ الأحاديث النبويّة هي المنهاج الوحيد بعد الکتاب المجيد لحياتهم الدينيّة التي يجب أن تنطبع بطابع الرسالة الحقّة التي صدع بها رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لتکون دستوراً عمليّاً لکلّ من آمن به وانصاع لأحکام شريعته.

وکما مُني الحديث النبويّ بالکذّابة عليه کذلک مُني الحديث الإماميّ بمثل ما مُني به الحديث النبويّ فدسّ الکذّابة فيه ما دسّوا ووضعوا فيه ما وضعوا حتّي أنّ

[صفحه 79 مقدمه]

شخصاً واحداً استطاع أن يدسّ أربعة آلاف حديث ضمن الأحاديث المرويّة عن بعض أئمة أهل البيت عليهم‏السلام دون أن يشعر بوازع من قلبه أو وازع من ربّه.

ومن ثَمّ اضطرّب الحاجة علماء الاُمّة إلي غربلة تلک الأحاديث وتمحيصها تمحيصاً دقيقاً فوضعوا لأجل ذلک علم الرجال المتکفّل لإجراء عمليّة الجرح والتعديل وعلي ضوء هذا العلم الدائرة بحوثه حول أحوال الرجال الوارد ذکرهم في عنعنة الأسانيد استطاعوا أن يحصلوا علي طائفة کبيرة من الأحاديث المعتبرة التي يصحّ التعويل عليها والإستناد إليها علي تفاوت فيما بينها في درجة الاعتبار وعلي أساس هذا التفاوت أنقسم الحديث لديهم إلي أربعة أقسام. فکان منه الصحيح، ثمّ الموثق، ثمّ الحسن، ثمّ الضعيف. وهذا الأخير لا يؤخذ به الّا في المستحبّات عملاً بأدلّة التسامح في أدلّة السنن وانّک لتجد هذه الأقسام کلّها مبثوثة علي صفحات الکتب الأربعة للمحمّدين الثلاثة رضوان اللَّه عليهم المعروفة عند الشيعة باسم کتب الحديث، معرّاةً عن وصف الصحة إيذاناً منهم بأنّ ما دوّن فيها ليس کلّه مضمون الصحّة عندهم بخلاف الکتب السنّة المعمول بها عند أهل السنّة حيث أنّهم يعتقدون بأنّ جميع ما دُوّن فيها هو من القسم الصحيح لا غير، ولذلک وُسمت عندهم بالصحاح الستّة.

وأمّا ما سُمّي بالمسانيد من کتب الحديث فهو عبارة عن طوائف من الأحاديث التي اهتدي العلماء إلي أسانيدها فدوّنوها في کتبهم معنعنة بتلک الأسانيد دون أن ينصّوا علي صحّتها أو علي درجة اعتبارها فهي لأجل ذلک خاضعة لعمليّة الجرح والتعديل فلا يجوز الاحتجاج بشي‏ء منها إلّا بعد وضعه علي طاولة النقد لکي يؤخذ الصحيح منه وينبذ الزائف.

ونظراً لکثرة الأحاديث المرويّة عن مولانا الإمام أميرالمؤمنين عليّ عليه‏السلام

[صفحه 80 مقدمه]

وانتشارها في مختلف الکتب المؤلّفة في شتّي علوم الإسلام فقد شاء التوفيق الإلهيّ أن يدفع بمؤلّف هذا السفر القيّم فضيلة السيّد الجليل والخطيب الفاضل النبيل الألمعيّ الزکيّ السيّد حسن القبانچي- أيّده اللَّه- إلي الإلمام بما يسعه الإلمام به من تلک الأحاديث ليجمعها في إطار واحد فنهض- حفظه اللَّه- بهمّة لا تعرف الکلل ورغبة عارمة لا يعتريها الملل فسجّل کلّ ما ظفر به من الأحاديث العلويّة علي صفحات هذا الکتاب الذي أسماه ب «مُسند الإمام عليّ عليه‏السلام» ووزّعها علي عناوين شتّي تبعاً لاختلاف مضامينها ثمّ حشر إلي کلّ عنوان ما يتّفق منها معه في مضمونه فجاء الکتاب واللَّه الحمد فائقاً في ترتيبه وتبويبه ورائقاً في تأليفه وتصنيفه کلّ ذلک بفضل الجهد العظيم الذي عاناه في سبيل جمعه ووضعه مع اعترافه دام عزّه بأنّه لم يهدف من عرض هذه الطائفة من الأحاديث في هذا المسند الّا تيسير الإطلاع عليها وجعلها في متناول أيدي العلماء وسائر القرّاء مع خضوعها لما تخضع له سائر الأحاديث من موجبات الرفض أو القبول فجزاه اللَّه عن العلم والعلماء خير جزاء المحسنين وآخر دعوانا أن الحمد للَّه ربّ العالمين وصلّي اللَّه علي محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

1389/2/24 ه. ق

مرتضي آل ياسين

[صفحه 81 مقدمه]


صفحه 79، 80، 81.