الدفاع عن حقوق الشيعة















الدفاع عن حقوق الشيعة



في الوقت الذي عاش العراق الطائفية التي زرعها الاستعمار وذلک لبثّ الفرقة بين الشعب والمرجعية؛ (تجسّد هذا الأمر بالخصوص في العهد الملکي) کان الشيعة يترددون بين مواقف الصبر الصامت أحياناً والمواجهة أحياناً اُخري.

وهنا کان السيد القبانچي يُمثِّل لسان المرجعية الدينية في النجف الأشرف کما

[صفحه 62 مقدمه]

يُمثِّل الصوت الشيعي الواعي والشجاع من ناحية ثانية.

فنذکر للسيد القبانچي مواقف مهمّة أيام حکومة ياسين الهاشمي علي عهد الملک فيصل، حيث عُرف ياسين الهاشمي بمواقفه الطائفية الحاقدة علي الشيعة، ومع اعطاء الضوء الأخضر للاُدباء والصحافة بالنيل من الشيعة والطعن بمعتقداتهم ظهرت أقلاماً مأجورة کانت تتندر علناً بالتهجّم علي الشيعة فکانت کتابات (الحصّان) الصحفيّة الساخرة والتهاجميّة علي الشيعة موضعاً للجدل والاثارة في أوساط الشيعة في بغداد وغيرها، وبلغت به‏الجرأة أن‏يشن هجوماً علي الزهراء عليهاالسلام مدعياً انّ الحسن والحسين هما أبناء سلمان الفارسي الذي کان کثير التردد علي الزهراء عليهاالسلام.

لقد اجتمع وجهاء الشيعة من بغداد بمرجع الطائفة يومئذٍ السيد أبوالحسن الاصفهاني في النجف الأشرف، واجتمع السيد الاصفهاني بالزعيم الديني العراقي الشيخ محمّد حسين کاشف الغطاء، وتقرر دعوة الجمهور لاجتماع مهيب في الصحن الحيدري الشريف يشارک فيه کل من الشيخ کاشف الغطاء والسيد أبوالحسن الاصفهاني.

وقد کان الاجتماع حاشداً للغاية حيث أعلن فيه الشيخ کاشف الغطاء وباسم المرجعيّة الدينيّة في النجف الأشرف وجوب التصدي للحملات الطائفية التي تجري تحت ظل العرش الملکي، وبتغذية رئيس وزراء الوقت يومئذٍ ياسين الهاشمي.

ودعا الشيخ کاشف الغطاء العلماء ورجال المنبر إلي السفر للالتقاء بجماهير الشيعة وعشائرهم في البصرة، والعمارة، والناصرية وغيرها. ومن علي منبر الصحن الحيدري الشريف کان الشيخ کاشف الغطاء يوزّع المسؤوليات ومواقع العمل.

[صفحه 63 مقدمه]

وتفاعل الجمهور مع خطابه الحماسي التعبوي غاية التفاعل.

ونهض الشيخ اليعقوبي قائلاً وهو يخاطب الشيخ کاشف الغطاء:


أمل العراق بک انعقد
وعلي مبادئک اعتمد


جسد العراق فراته
ولأنت روح للجسد


واختار السيد القبانچي لمنطقة الناصرية وملحقاتها قائلاً:

السيد القبانچي إلي الناصرية والغراف والشطرة والرفاعي وأطرافها. بلّغ عني السلام خيّون آل عبيد کبير زعماء عشائر الرفاعي. وإذا وصلت الشطرة فاقرأ عني السلام اسماعيل السوز کبير زعماء الشطرة.

وکان السيد القبانچي حاضراً في هذا الاجتماع الذي ضمّ علماء النجف وخطبائها کافة، وکان يومئذٍ في بدايات بزوغ نجمه الخطابي والسياسي.

فلما أنصت إلي حديث الشيخ کاشف الغطاء نهض قائلاً:

أشکرکم يا کاشف الغطاء، يا صاحب القلم السيّال، يا من عرّفتنا کيف نرد علي الخصم ونلقمه حجراً.

فاستحسن الشيخ کاشف الغطاء کلامه وقال: «أنت لها وأنا أعرفک بذلک».

واتجه السيد القبانچي إلي المناطق المقرّرة له، وألهب حماس الناس في کل منطقة حلّ فيها، فکانت تظاهرة جماهيرية سياسية عمّت مناطق الشيعة عموماً إسناداً لموقف المرجعيّة الدينية، واحتجاجاً علي المسار الطائفي للحکومة.

وفي مدينة «البطحة» وهي ناحية علي الفرات قريب الناصريّة کان مدير الناحية متعصباً ضد الشيعة، وله خلاف مع وجوه البلدة، فلمّا نزل السيد القبانچي هذه الناحية وفي سياق الدفاع عن الشيعة، وإبراز مظلوميتهم وفي اجتماعات جماهيرية ضخمة ندّد بمواقف مدير الناحية الذي کان قد حضر الاجتماع مع جمع

[صفحه 64 مقدمه]

من الموظفين والأتباع، ولم ينته العلّامة القبانچي من حديثه حتّي کانت سيارة الشرطة قد حضرت، واُلقي القبض علي السيد القبانچي، ومضي في الاعتقال عدّة أيام حتّي تدخّلت المرجعيّة الدينيّة في النجف الأشرف وتمّ إطلاق سراحُهُ بقرارٍ من بغداد.


صفحه 62، 63، 64.