لمحة عن جهاده السياسي















لمحة عن جهاده السياسي



من الصعب أن نفهم قيمة أي نمط من أنماط التحرک السياسي في هذه المرحلة التي نؤرخ لها- والتي عاش خلالها العلّامة السيد القبانچي- ما لم ندرک طبيعة تلک المرحلة والآفاق الحاکمة عليها سواء من حيث موقف السلطة الملکية ثم الجمهورية- بدءاً من العهد القاسمي ومروراً بالعهد العارفي، وحتّي نصل في الختام إلي العهد البعثي الأسود-، أو من حيث الآفاق الفکرية والنفسيّة لدي الناس أو لدي علماء الدين والحوزة العلمية.

المرحلة التي عاش سنواتها السيد القبانچي هي مرحلة الاحباط النفسي الذي ملأ قلوب وأفکار الناس بعد اخفاق ثورة العشرين.

المرحلة هي مرحلة استسلام للقرارات التي فرضها الأجنبي الغازي للعراق الذي ظل يمارس نفوذه عبر صبيان العهد الملکي وما بعده.

المرحلة هي مرحلة الآثار النفسيّة لسقوط معقل الثورة والحرکة الجهادية والسياسية وهي النجف الأشرف بعد الحصار الذي فرض عليها من قبل الانکليز

[صفحه 61 مقدمه]

-أيام ثورة العشرين- وخدش غرورها السياسي، وتحطيم جدار صمودها العاتي حتّي استعدّت لتسليم ثوارها إلي مشانق الانکليز.

المرحلة هي مرحلة الانتکاسة السياسية التي شهدتها الأوساط الشيعيّة عموماً وفي النجف الأشرف خصوصاً بعد أن قام الانکليز بتبعيد زعماء الدين الشيعة إلي خارج البلاد، ثم فرض عليهم التعهد بعدم ممارسة أي لون من ألوان العمل السياسي.

هذه المرحلة هي التي نريد أن نقرأ فيها المواقف الجهادية والبطولية للسيد القبانچي.

وحقاً أننا سنجده في مجمل تصدياته وتحدياته من النمط الفريد قياساً إلي الوسط الذي عاش فيه.

ومن ناحية ثانية فإنّنا سنجد ثلاث قضايا استأثرت بالاهتمامات السياسية للسيد القبانچي.

الاُولي: الدفاع عن حقوق الشيعة ومواجهة الطائفية.

الثانية: مواجهة التحريف الفکري للجيل الناشئ.

الثالثة: قضية الحرب الدمويّة ضد الأکراد.


صفحه 61.