في صفات المؤمن وعلاماته وحقوقه















في صفات المؤمن وعلاماته وحقوقه



1/462- في رواية المفضل بن عمر، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: قال علي عليه‏السلام:

إنّ اللَّه عزّ وجلّ خلق المؤمن من نور عظمته وجلال کبريائه، فمن طعن علي المؤمن أو ردّ عليه قوله، فقد ردّ علي اللَّه في عرشه، وليس هو من اللَّه في شي‏ء، وإنّما هو شرک شيطان.[1].

2/463- عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام علي المنبر:

لا يجد أحدکم (عبد) طعم الايمان حتّي يعلم أنّ ما أصابه لم يکن ليخطئه، وما أخطاه لم يکن ليصيبه، وأن الضارّ النافع هو اللَّه عزّ وجلّ.[2].

3/464- الصدوق، بإسناده عن محمّد بن صالح، عن أبي‏عباس الدينوري، عن محمّد بن الحنفية، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه قال لأحنف بن قيس في کلام طويل في

[صفحه 203]

صفات المؤمنين المخلصين:

فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياماً علي أطرافهم، منحنية ظهورهم يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم، قد اشتدّت عوالة نحيبهم وزفيرهم، وإذا زَفَروا خِلتَ النار قد اَخذت منهم إلي حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسِبتَ السلاسل قد صُفِدَت في أعناقهم.[3].

4/465- عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه قال:

المؤمن يکون صادقاً في الدنيا، واعي القلب، حافظ الحدود، وعاء العلم، کامل العقل، مأوي الکرم، سليم القلب، ثابت الحلم، عاطف اليقين، باذل المال، مفتوح الباب للإحسان، لطيف اللسان، کثير التبسّم، دائم الحزن، کثير التفکّر، قليل الضحک، طيّب الطبع، مميت الطمع، قاتل الهوي، زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، يحبّ الضيف، ويکرم اليتيم، ويلطف بالصغير، ويوقر الکبير، ويعطي السائل، ويشيّع الجنائز، ويعرف حرمة القرآن، ويناجي الربّ، ويبکي علي الذنوب، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنکر، أکله بالجوع وشربه بالعطش، وحرکته بالأدب، وکلامه بالنصيحة، وموعظته بالرفق، لا يخاف إلّا اللَّه ولا يرجو إلّا إيّاه، ولا يُشغل إلّا بالثناء والحمد، ولا يتهاون، ولا يتکبّر، ولا يفتخر بمال الدينا، مشغول بعيوب نفسه، فارغ عن عيوب غيره، الصلاة قرّة عينه، والصيام حرفته وهمّته، والصدق عادته، والشکر مرکبه، والعقل قائله، والتقوي زاده، والدنيا حانوته، والصبر منزله، والليل والنهار رأس ماله، والجنّة مأواه، والقرآن حديثه، ومحمّد صلي الله عليه و آله شفيعه، واللَّه جلّ ذکره مؤنسه.[4].

5/466- الصدوق، حدّثنا محمّد بن الحسن، قال: حدّثني محمّد بن يحيي، قال:

[صفحه 204]

حدّثني أحمد ومحمّد وغيره، بإسنادٍ رفعاه إلي أميرالمؤمنين عليه‏السلام أنّه قال:

المؤمن من طاب مکسبه وحسنت خليقته، وصحت سريرته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسک الفضل من کلامه، وکفي الناس من شرّه، وأنصف الناس من نفسه.[5].

6/467- محمد بن يعقوب، عن محمّد بن جعفر، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبداللَّه بن داهر، عن الحسن بن يحيي، عن قثم أبي‏قتادة الحرّاني، عن عبداللَّه بن يونس، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: قام رجل يقال له همّام، وکان عابداً ناسکاً مجتهداً، إلي أميرالمؤمنين عليه‏السلام وهو يخطب، فقال: يا أميرالمؤمنين صِف لنا صفة المؤمن کأننّا ننظر إليه؟ فقال عليه‏السلام:

يا همّام المؤمن هو الکيّس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شي‏ء صدراً، وأذلّ شي‏ء نفساً، زاجر عن کلّ فانٍ، حاضّ علي کل حسن، لا حقود ولا حسود ولا وثّاب ولا سبّاب ولا غيّاب ولا مغتاب، يکره الرفعة ويشنأ السمعة، طويل الغمّ، بعيد الهمّ، کثير الصمت، وقور ذکور صبور شکور، مغموم بفکره، مسرور بفقره، سهل‏الخليقة، ليّن‏العريکة، رَصِين الوفاء، قليل الأذي، لا مُتأفِّک ولا متهتّک، إن ضحک لم يخرق، وإن غضب لم ينزق، ضحکه تبسّم واستفهامه تعلّم، ومراجعته تفهّم، کثير علمه عظيم حلمه، کثيرالرحمة، لا يبخل ولا يعجل ولا يضجر ولا يبطر، ولا يحيف في حکمه، ولا يجور في علمه، نفسه أصلب من الصلد، ومکادحته أحلي من الشهد، لا جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف، ولا متکلّف ولا مُتعمِّق، جميل المنازعة، کريم المراجعة، عدل إن غضب، رفيق إن طلب، لا يتهوّر ولا يتهتّک ولا يتجبّر، خالص‏الودّ، وثيق‏العهد، وفيّ‏العقد،

[صفحه 205]

شفيقٌ وصول حليم خمول، قليل الفضول، راضٍ عن اللَّه عزّ وجلّ، مخالف لهواه، لا يغلظ علي من دونه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، ناصر للدين محامٍ عن‏المؤمنين، کهف للمسلمين، لا يخرق الثناء سمعه ولا ينکي الطمع قلبه، ولا يصرف اللعب حکمه، ولا يطّلع الجاهل علمه، قوّال عمّال عالم حازم، لا بفحّاشٍ ولا بطيّاشٍ، وصول في غير عنف، بذولٌ في غير سرف، لا بختّال ولا بغدّار، ولا يقتفي أثراً ولا يحيف بشراً، رفيق بالخلق ساعٍ في الأرض، عون للضعيف غوث للملهوف، لا يتهتّک شراً ولا يکشف سرّاً، کثير البلوي قليل الشکوي، إن رأي خيراً ذکره وإن عاين شراً ستره، يستر العيب ويحفظ الغيب، ويقبل العثرة ويغفر الزّلة، لا يطّلع علي نصح فيذره ولا يدع جنح حيف فيصلحه، أمين رصين، تقيٌّ نقيٌّ زکيٌّ رضيٌّ، يقبل العذر ويجمل الذکر، ويحسن بالناس الظن ويتّهم علي الغيب نفسه، يحبّ في اللَّه بفقه وعلم، ويقطع في اللَّه بحزم وعزم، لا يخرق به فرح ولا يطيش به مرح، مذکّر للعالِم معلّم للجاهل، لا يتوقّع له بائقة ولا يخاف له غائلة، کلّ سعيٍ أخلص عنده من سعيه وکلّ نفس أصلح عنده من نفسه، عالم بعيبه شاغل بغمّه، لا يثق بغير ربّه، غريب وحيد جريدٌ (حزين) يحبّ في اللَّه ويجاهد في اللَّه ليتّبع رضاه، ولا ينتقم لنفسه بنفسه، ولا يوالي في سخط ربّه، مجالس لأهل الفقر مصادق لأهل الصدق، مؤازر لأهل الحق، عون للقريب أبٌ لليتيم بعلٌ للأرملة، حفيّ بأهل المسکنة مرجوّ لکلّ کريهة، مأمول لکلّ شدّة، هشّاش بشّاش لا بعيّاب ولا بجسّاس، صليبٌ کظّام بسّام، دقيق النظر عظيم الحذر، لا يجهل وإن جُهل عليه يحلم، لا يبخل وإن بخل عليه صبر، عَقِلَ فاستحيي وقنع فاستغني، حياؤه يعلو شهوته وودّه يعلو حسده، وعفوه يعلو حقده، لا ينطق بغير صواب، ولا يلبس إلّا الإقتصاد، مشيه التواضع، خاضع لربّه بطاعته، راضٍ عنه في کلّ حالاته، نيّته خالصة، أعماله ليس فيها غشّ

[صفحه 206]

ولا خديعة، نظره عِبرة سکوته فکرة وکلامه حکمة، مناصحاً متباذلاً متواخياً، ناصح في السرّ والعلانية، لا يهجر أخاه ولا يغتابه ولا يمکر به، ولا يأسف علي ما فاته، ولا يحزن علي ما أصابه، ولا يرجو ما لا يجوز له الرجاء، ولا يفشل في الشدّة ولا يبطر في الرخاء، يمزج الحلم بالعلم والعقل بالصبر، تراه بعيداً کسله دائماً نشاطه، قريباً أمله قليلاً زلله متوقعاً لأجله، خاشعاً قلبه، ذاکراً لربّه، قانعة نفسه، منفياً جهله، سهلاً أمره، حزيناً لذنبه، ميّتة شهوته کظوماً غيظه، صافياً خلقه آمناً منه جاره، ضعيفاً کبره، قانعاً بالذي قدّر له، متيناً صبره، محکماً أمره کثيراً ذکره، يخالط الناس ليعلم ويصمت ليسلم ويسأل ليفهم، ويتّجر ليغنم، لا ينصت للخبر ليفجر به، ولا يتکلّم ليتجبّر به علي من سواه، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته فأراح الناس من نفسه، إن بُغِيَ عليه صبر حتّي يکون اللَّه الذي ينتصر له، بُعده ممّن تباعد منه بغض ونزاهة، ودنوّه ممّن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده تکبّراً ولا عظمة، ولا دُنوّه خديعة ولا خلابة، بل يقتدي بمن کان قبله من أهل الخير، فهو إمام لمن بعده من أهل البرّ.

قال: فصاح همّام صيحة ثمّ وقع مغشياً عليه، فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: أما واللَّه لقد کنت أخافها عليه، وقال: هکذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها، فقال له قائل: فما بالک يا أميرالمؤمنين؟ فقال: إنّ لکلٍّ أجلاً لا يعدوه وسبباً لا يجاوزه، فمهلاً لا تعد فإنّما نَفَثَ علي لسانک شيطان.[6].

7/468- أبويعلي الجعفري، عن الحارث الهمداني، قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: حسبک من کمال المرء ترکه ما لا يجمل به، ومن حياءه أن لا يلقي أحداً بما يکره، و من عقله حسن رفقه، و من أدبه علمه بما لابدّ منه، ومن ورعه عِفّة بصره

[صفحه 207]

وعفّة بطنه، ومن حسن خلقه کفّه أذاه، ومن سخائه برّه لمن يجب حقّه، ومن کرمه إيثاره علي نفسه، ومن صبره قلّة شکواه، ومن عدله إنصافه من نفسه وترک الغضب عند مخالفته، وقبوله الحقّ إذا بان له، ومن نصحه نهيه لک عن عيبک، ومن حفظ جوارحه ستره لعيوب جيرانه وترکه توبيخهم عند إساءتهم إليه، ومن رفقه ترکه الموافقة علي الذنب بين أيدي من يکره الذنب ووقوفه عليه، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤنة أداء حقّه، ومن صداقته کثرة موافقته، ومن صلاحه شدّة خوفه من ذنبه، ومن شکره معرفته بإحسان من أحسن إليه، ومن تواضعه معرفته بقدره، ومن حکمته معرفته بذاته، ومن مخافته ذکر الآخرة بقلبه ولسانه، ومن سلامته قلّة تحفّظه لعيوب غيره وعنايته بإصلاح نفسه من عيوبه.[7].

8/469- اصلٌ لبعض قدمائنا: بإسناده إلي عمّار بن ياسر رحمه الله قال: بينا أنا أمشي بأرض الکوفة، إذ رأيت أميرالمؤمنين عليه‏السلام جالساً وعنده جماعة من الناس، وهو يصف لکلّ إنسان ما يصلح له، فقلت: يا أميرالمؤمنين أيوجد عندک دواء الذنوب؟ فقال عليه‏السلام: نعم أجلس، فجثوت علي رکبتي حتّي تفرّق الناس، ثمّ أقبل عليّ فقال: خد دواء أقوله لک، قال: قلت: قل يا أميرالمؤمنين، قال عليه‏السلام: عليک بورق الفقر وعروق الصبر، وهليلجَ (هليج) الکتمان وبليج (بليلج) الرضا، وغارَ يقون الفکر، وسقمونيا الأحزان، واشربه بماء الأجفان، وأغِله في طَنجيرِ الفلق، ودعه تحت نيران الفرق، ثمّ صفّهِ بمنخل الأرق، واشربه علي الحرق، فذاک دواک وشفاک يا عليل.[8].

9/470- اليافعي، قال: مرّ أميرالمؤمنين کرّم اللَّه وجهه في بعض شوارع البصرة، فإذا هو بحلقة کبيرة والناس حولها، يمدّون إليها الأعناق ويشخصون إليها

[صفحه 208]

بالأحداق، فمضي إليهم لينظر ما سبب اجتماعهم، فإذا فيهم شاب حسن الشباب نقي الثياب، عليه هيبة ووقار وسکينة الأخيار، وهو جالس علي کرسيّ والناس يأتونه بقوارير من الماء، وهو ينظر بدليل المرض، ويصف لکلّ واحد منهم ما يوافقه من أنواع الدواء، فتقدّم إليه کرّم اللَّه وجهه وقال: السّلام عليک أيّها الطبيب ورحمة اللَّه وبرکاته، هل عندک شي‏ء من أدوية الذنوب فقد أعيي الناس دواءها يرحمک اللَّه! فأطرق الطبيب برأسه إلي الأرض ولم يتکلّم، فناده الإمام ثانية فلم يتکلّم، فناده ثالثة کذلک، فرفع الطبيب رأسه بعدما ردّ السّلام وقال: أوَتعرف أنت أدوية الذنوب بارک اللَّه فيک؟ قال کرّم اللَّه وجهه: نعم، قال: صِف وباللَّه التوفيق، فقال کرّم اللَّه وجهه: تعمد إلي بستان الايمان فتأخذ منه عروق النيّة وحبّ الندامة، وورق التدبّر وبزر الورع، وثمر الفقه وأغصان اليقين، ولبّ الإخلاص وقشور الإجتهاد، وعروق التوکّل وأکمام الإعتبار وسِيقان الإنابة وتعرياق التواضع.

تأخذ هذه الأدوية بقلب حاضر وفهم وافر، بأنامل التصديق وکفّ التوفيق، ثمّ تضعها في طبق التحقيق، وتغسلها بماء الدموع، ثمّ تضعها في قدر الرجاء وتوقد عليها بنار الشوق حتّي ترعي زبد الحکمة، ثمّ تفرغها في صحاف الرضا وتروّح عليها بمراوح الأستغفار، ينعقد لک من ذلک شربة جيّدة، ثمّ تشربها في مکان لا يراک فيه أحد إلّا اللَّه تعالي، فإنّ ذلک يزيل عنک الذنوب حتّي لا يبقي عليک ذنب أبداً. فأنشأ الطبيب قائلاً:


يا خاطب الحوراء في خدرها
شمّر فتقوي اللَّه من مهرها


وکن مجدّاً لا تکن وانياً
وجاهد النفس علي صبرها


ثمّ شهق شهقة فارق بها الدنيا.[9].

[صفحه 209]

10/471- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: اتّقوا ظنون المؤمنين، فإنّ اللَّه سبحانه جعل الحقّ علي ألسنتهم.[10].

11/472- عن عليّ بن عيسي، عن عليّ بن محمّد ماجيلويه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن أبي‏الجارود، عن ابن‏طريف، عن ابن‏نباتة، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليه‏السلام يقول:

سألت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عن صفة المؤمن فنکس رأسه ثمّ رفعه فقال: في المؤمن عشرون خصلة، فمن لم يکن فيه لم يکمل إيمانه: يا عليّ إنّ المؤمنين هم الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلي الزکاة، والحاجون لبيت اللَّه الحرام، والصائمون في شهر رمضان، والمطعمون المساکين، الماسحون رأس اليتيم، المطهّرون أظفارهم، المتّزرون علي أوساطهم، الذين إن حدّثوا لم يکذبوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا ائتمنوا لم يخونوا واذا تکلّموا صدقوا، رهبان بالليل، اُسدٌ بالنهار، صائمون النهار، قائمون الليل، لا يؤذون جاراً ولا يتأذّي بهم جار، الذين مشيهم علي الأرض هوناً وخطاهم إلي بيوت الأرامل وعلي إثر الجنائز، جعلنا اللَّه وإيّاکم من المتّقين.[11].

12/473- عن جماعة، عن أبي‏المفضّل، عن جعفر بن محمّد العلوي، عن عليّ بن الحسن بن عمر بن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: المؤمن غِرٌّ کريم، والفاجر خَبٌّ لئيم، وخير المؤمنين من کان مألفة للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.[12].

13/474- قال علي عليه‏السلام: وسمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: شرار الناس من يبغض

[صفحه 210]

المؤمنين وتبغضه قلوبهم، المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون بين الأحبّة، الباغون للبراء العيب (العنت)، اُولئک لا ينظر اللَّه إليهم يوم القيامة ولا يزکيهم، ثمّ تلا صلي الله عليه و آله: «هُوَ الَّذِي أَيَّدَکَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ».[13] [14].

14/475- قال علي عليه‏السلام:

المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شي‏ء صدراً، وأذلّ شي‏ء نفساً، يکره الرفعة ويشنأ السمعة، طويل غمّه بعيد همّه، کثير صمته، مشغول وقته، شکور صبور، مغمور بفکرته، ضنين بخلّته، سهل الخليقة ليّن العريکة، نفسه أصلب من الصلد، وهو أذلّ من العبد.[15].

15/476- عن جماعة، عن أبي‏المفضّل، عن عبداللَّه بن محمّد بن عبيد، عن أبي‏الحسن الثالث عليه‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

المؤمن لا يحيف علي من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، وإن بُغي عليه صبر حتّي يکون اللَّه هو المنتصر له.[16].

16/477- قال علي عليه‏السلام: لا يصدق إيمان عبد حتّي يکون بما في يد اللَّه أوثق منه بما في يده.[17].

17/478- قال علي عليه‏السلام: علامة الايمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّک علي الکذب حيث ينفعک، وألّا يکون في حديثک فضل عن علمک، وأن تتّقي اللَّه في حديث غيرک.[18].

[صفحه 211]

18/479- (الجعفريات)، أخبرنا عبداللَّه، أخبرنا محمّد، حدّثني موسي، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ عليه‏السلام قال:

قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لحرث بن مالک: کيف أصبحت؟ قال: أصبحت واللَّه يا رسول اللَّه من المؤمنين، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: لکلّ مؤمن حقيقة فما حقيقة إيمانک؟ قال: أسهرت ليلي وأظمأت نهاري وأنفقت مالي، وعزفت نفسي عن الدنيا، وکأنّي أنظر إلي عرش ربّي عزّ وجلّ قد أُبرز للحساب، وکأنّي أنظر إلي أهل الجنّة في الجنّة يتزاورون، وکأنّي أنظر إلي أهل النار يتعاوون، قال: فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: هذا عبدٌ نوّر اللَّه قلبه أبصرت فآلزم، فقال: يا رسول اللَّه اُدع لي بالشهادة، فدعا له فاستشهد مع الناس.[19].

19/480- محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن‏محبوب، عن سماعة، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: إنّ في کتاب عليّ عليه‏السلام:

إنّ أشدّ الناس بلاء النبيّون، ثمّ الوصيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، وإنّما يبتلي المؤمن علي قدر أعماله الحسنة فمن صحّ دينه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، وذلک أنّ اللَّه عزّوجلّ لم يجعل الدنيا ثواباً لمؤمن ولا عقوبةً لکافر، ومن سخف دينه، وضعف عمله قلّ بلاؤه، وإنّ البلاء أسرع إلي المؤمن التقي من المطر إلي قرار الأرض.[20].

20/481- عبداللَّه بن جعفر، عن بکر بن محمد، عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام في حديث: وإنّ قلوب المؤمنين لمطويّة بالايمان طيّاً، فإذا أراد اللَّه إنارة ما فيها فتحها بالوحي، فزرع فيها الحکمة زارعها وحما صدها.[21].

[صفحه 212]

21/482- قال علي عليه‏السلام: سراج المؤمن معرفة حقّنا.[22].

22/483- عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: سمعت أبي‏يحدّث عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه‏السلام: أنّه سمع النبي صلي الله عليه و آله يقول لأصحابه يوماً: ما آمن باللَّه واليوم الآخر من بات شبعان وجاره جائع، فقلنا: هلکنا يا رسول اللَّه، فقال: من فضل طعامکم، ومن فضل تمرکم ورزقکم، تطفئون بها غضب الرب.[23].

23/484- عن أبي‏عبداللَّه عليه‏السلام قال: فإنّ أبي‏محمّد بن علي، حدّثني عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي‏طالب عليه‏السلام أنّه کان يقول:

من نظر إلي مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه اللَّه يوم القيامة، يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، وحشره اللَّه في صورة الذرّ، لحمه وجسده وجميع أعضائه حتّي يورده مورده.[24].

24/485- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام، عن النبي صلي الله عليه و آله أنّه قال:

من أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه اللَّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه، وآمنه يوم الفزع الأکبر، وآمنه من سوء المنقلب، ومن قضي لأخيه المؤمن حاجة قضي اللَّه له حوائج کثيرة من إحداها الجنّة، ومن کسا أخاه المؤمن من عري کساه اللَّه من سندس الجنّة واستبرقها وحريرها، ولم يزل يخوض في رضوان اللَّه مادام علي المکسوّ منها سلکٌ، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه من طيّبات الجنّة، ومن سقاه من ظمأٍ سقاه اللَّه من الرحيق المختوم رّيه، ومن أخدم أخاه أخدمه اللَّه من الولدان المخلدين وأسکنه مع أوليائه الطاهرين، ومن حمل أخاه المؤمن رحله حمله اللَّه علي ناقة من نوق الجنّة وباهي به الملائکة المقرّبين يوم القيامة، ومن زوّج أخاه المؤمن إمرأة يأنس بها

[صفحه 213]

وتشدُّ عضده ويستريح إليها، زوّجه اللَّه من الحور العين وآنسه بمن أحبّ من الصدّيقين من أهل بيت نبيّه واخوانه وآنسهم به، ومن أعان أخاه المؤمن علي سلطان جائر أعانه اللَّه علي إجازة الصراط عند زلزلة الأقدام، ومن زار أخاه المؤمن إلي منزله لا لحاجة منه إليه، کُتب من زوّار اللَّه، وکان حقيقاً علي اللَّه أن يکرم زائره.[25].

25/486- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام أنّه قال:

أخذ اللَّه ميثاق المؤمن أن لا يُصدَّق في مقالته ولا ينتصِف به من عدوّه، وعلي أن لا يشفي غيظه إلّا بفضيحة نفسه؛ لأن کلّ مؤمن ملجَم وذلک لغاية قصيرة وراحة طويلة، أخذ اللَّه ميثاق المؤمن علي أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته، في فيه ويحسده، والشيطان يغويه ويُمعيه، والسلطان يقفو أثره ويتبّع عثراته، وکافر بالذي هو به مؤمن، يري سفک دمه ديناً وإباحة حريمه غنماً، فما بقاء المؤمن بعد هذا.[26].

26/487- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام، عن النبيّ صلي الله عليه و آله قال: نزل جبرئيل عليه‏السلام فقال: يا محمّد إنّ اللَّه يقرائک (يقراء عليک) السلام، يقول: اشتققت للمؤمن إسماً من أسمائي، سمّيته مؤمناً، فالمؤمن منّي وأنا منه، من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة.[27].

27/488- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام، عن النبي صلي الله عليه و آله أنّه قال يوماً: يا علي لا تناظر رجلاً حتّي تنظر في سريرته، فإن کانت سريرته حسنة، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ لم يکن ليحذل وليّه، وإن کانت سريرته رديئة فقد يکفيه مساويه، فلو

[صفحه 214]

جهدت أن يعمل به أکثر ممّا عمله من معاصي اللَّه عزّ وجلّ ما قدرت عليه.[28].

28/489- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام، عن النبيّ صلي الله عليه و آله أنّه قال: أدني الکفر أن يسمع الرجل عن أخيه الکلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها اُولئک لا خلاق لهم.[29].

29/490- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام أنّه قال:

من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اُذناه ما يشينه، ويهدم مروّته فهو من الذين قال اللَّه عزّ وجلّ: «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».[30] [31].

30/491- وعنه عليه‏السلام، وحدّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ عليه‏السلام أنّه قال:

من روي عن أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروّته وثَلبِه، أوبقه اللَّه بخطيئه حتّي يأتي بمخرج ممّا قال، ولن يأتي بالمخرج منه أبداً، ومن أدخل علي أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل علي أهل البيت عليهم‏السلام سروراً، ومن أدخل علي أهل البيت سروراً فقد أدخل علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله سروراً، ومن أدخل علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله سروراً، فقد سرّ اللَّه ومن سرّ اللَّه فحقيق أن يدخله الجنة.[32].

31/492- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

المؤمنون هم الذين عرفوا إمامهم، فذبلت شفاهم، وغشيت عيونهم، وشحبت (بهخت) ألوانهم حتّي عرفت في وجوههم غبرة الخاشعين، فهم عباد اللَّه الذين مشوا علي الأرض هوناً، واتّخذوها بساطاً، وترابها فراشاً، فرفضوا الدنيا وأقبلوا

[صفحه 215]

علي الآخرة، علي منهاج المسيح بن مريم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، صُوّام الهواجر، قُوّام الدياجر، تضمحلّ عندهم کلّ فتنة، وتنجلي عنهم کلّ شبهة، اُولئک أصحابي فاطلبوهم في أطراف الأرضين، فإن لقيتم منهم أحداً فاسألوه أن يستغفر لکم.[33].

32/493- قال أميرالمؤمنين عليه‏السلام:

المؤمن وقور عند الهزاهز، ثبوت عند المکاره، صبور عند البلاء، شکور عند الرخاء قانع بما رزقه اللَّه، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، الناس منه في راحة ونفسه منه في تعب، العلم خليله، والعقل قرينه، والحلم وزيره، والصبر أميره، والرفق أخوه، واللين والده.[34].

33/494- محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن‏اُذينة، عن أبان بن أبي‏عيّاش، عن سليم بن قيس، قال: سمعت علياً عليه‏السلام يقول- وأتاه رجل فقال له: ما أدني ما يکون به العبد مؤمناً، وأدني ما يکون به العبد کافراً، وأدني ما يکون به العبد ضالاً؟ فقال له عليه‏السلام: قد سألت فافهم الجواب: أمّا أدني ما يکون به العبد مؤمناً أن يعرّفه اللَّه تبارک وتعالي نفسه، فيقرّ له بالطاعة، ويعرّفه نبيّه صلي الله عليه و آله فيقرّ له بالطاعة، ويعرّفه إمامه وحجّته في أرضه وشاهده علي خلقه فيقرّ له بالطاعة، قلت له: يا أميرالمؤمنين وإن جهل جميع الأشياء إلّا ما وصفت؟ قال: نعم إذا اُمر أطاع وإذا نُهي انتهي.

وأدني ما يکون به العبد کافراً من زعم أنّ شيئاً نهي اللَّه عنه، إنّ اللَّه أمر به ونصبه ديناً يتولّي عليه، ويزعم أنّه يعبد الذي أمر به وإنّما يعبد الشيطان.

وأدني ما يکون به العبد ضالاً؛ أن لا يعرف حجة اللَّه تبارک وتعالي وشاهده

[صفحه 216]

علي عباده الذي أمر اللَّه عزّ وجلّ بطاعته وفرض ولايته، قلت: يا أميرالمؤمنين صفهم لي، فقال: الذين قرنهم اللَّه عزّ وجلّ بنفسه ونبيّه، فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ»[35] قلت: يا أميرالمؤمنين جعلني اللَّه فداک أوضح لي، فقال: الذين قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في آخر خطبته يوم قبضه اللَّه عزّوجلّ إليه، إنّي قد ترکت فيکم أمرين لن تضلّوا بعدي ما إن تمسّکتم بهما: کتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، فإنّ اللطيف الخبير قد عهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتّي يردا عليّ الحوض کهاتين وجمع بين مسبحتيه، ولا أقول کهاتين- وجمع بين المسبحة والوسطي- فتسبق إحداهما الاُخري، فتمسّکوا بهما لا تزلّوا ولا تضلّوا، ولا تقدّموهم فتضلّوا.[36].

349/495- محمد بن يعقوب، عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمّد بن داود الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلي أميرالمؤمنين عليه‏السلام فقال: يا أميرالمؤمنين إنّ ناساً زعموا أنّ العبد لا يزني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، ولا يأکل الربا وهو مؤمن، ولا يسفک الدم الحرام وهو مؤمن، فقد ثقل عليّ هذا وحرج منه صدري حين أزعم أنّ هذا العبد يصلّي صلاتي ويدعو دعائي، ويناکحني واُناکحه ويورثني وأوارثه، وقد خرج من‏الايمان من أجل ذنب يسير أصابه؟ فقال أميرالمؤمنين عليه‏السلام: صدقت سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: والدليل عليه کتاب اللَّه خلق اللَّه عزّ وجلّ الناس علي ثلاث طبقات، وأنزلهم ثلاث منازل، وذلک قول اللَّه عزّ وجلّ في الکتاب: «أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ... وَأَصْحَابُ الْمَشْئَمَةِ... وَالسَّابِقُونَ».[37].

[صفحه 217]

فأمّا ما ذکر من أمر السابقين: فإنّهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل اللَّه فيهم خمسة أرواح: روح القدس، وروح الايمان، وروح القوّة، وروح الشهوة، وروح البدن، فبروح القدس بُعثوا أنبياء مرسلين وغير مرسلين، وبها علّموا الأشياء، وبروح الايمان عبدوا اللَّه ولم يشرکوا به شيئاً، وبروح القوّة جاهدوا عدوّهم، وعالجوا معاشهم، وبروح الشهوة أصابوا لذيذ الطعام ونکحوا الحلال من شباب النساء، وبروح البدن دَبوا ودَرجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثمّ قال: قال اللَّه عزّ وجلّ: «تِلْکَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَي بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ کَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ»[38] ثمّ قال في جماعتهم: «وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ»[39] يقول: أکرمهم بها ففضّلهم علي من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ ذکر أصحاب الميمنة: وهم المؤمنون حقاً بأعيانهم، جعل اللَّه فيهم أربعة أرواح: روح الايمان، وروح القوّة وروح الشهوة، وروح البدن، فلا يزال العبد يستکمل هذه الأرواح الأربعة حتّي تأتي عليه حالات، فقال الرجل: يا أميرالمؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال عليه‏السلام: أمّا أولاهنّ فهو کما قال اللَّه عزّ وجلّ: «وَمِنْکُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَي أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِکَيْلَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً»[40] فهذا ينتقص منه جميع الأرواح، وليس بالذي يخرج من دين اللَّه؛ لأنّ الفاعل به ردّه إلي أرذل عمره، فهو لا يعرف للصلاة وقتاً ولا يستطيع التهجّد بالليل ولا بالنهار، ولا القيام في الصف مع الناس، فهذا نقصان من روح الايمان وليس يضرّه شيئاً، ومنهم من ينتقص منه روح

[صفحه 218]

القوّة فلا يستطيع جهاد عدوّه ولا يستطيع طلب المعيشة، ومنهم من ينتقص منه روح الشهوة فلو مرّت به أصبح بنات آدم لم يحنّ إليها ولم يقم، وتبقي روح البدن فيه فهو يدبّ ويدرج حتّي يأتيه ملک الموت، فهذا الحال خيرٌ؛ لأنّ اللَّه عزّ وجلّ هو الفاعل به، وقد تأتي عليه حالات في قوّته وشبابه فيهمّ بالخطيئة فيشجّعه روح القوّة ويزيّن له روح الشهوة ويقوده روح البدن حتّي توقعه في الخطيئة، فإذا لامسها نقص من الايمان وتفصي منه فليس يعود فيه حتّي يتوب فإذا تاب تاب اللَّه عليه وإن عاد أدخله اللَّه نار جهنّم.

فأمّا أصحاب المشأمة: فهم اليهود والنصاري، يقول اللَّه عزّ وجلّ: «الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْکِتَابَ يَعْرِفُونَهُ کَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ» يعرفون محمّداً والولاية في التوراة والانجيل کما يعرفون أبنائهم في منازلهم، «وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَکْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّکَ» أنّک الرسول إليهم، «فَلَا تَکُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ»[41] فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم اللَّه بذلک، فسلبهم روح الايمان وأسکن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوّة، وروح الشهوة، وروح البدن، ثمّ أضافهم إلي الأنعام فقال: «إِنْ هُمْ إِلَّا کَالْأَنْعَامِ»[42] لأنّ الدابة إنما تحمل بروح القوّة وتعتلف بروح الشهوة، وتسير بروح البدن، فقال السائل: أحييت قلبي بإذن اللَّه يا أميرالمؤمنين.[43].

35/496- عن علقمة بن قيس، قال: رأيت علياً علي منبر الکوفة وهو يقول:

سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينهب نهبة يرفع الناس إليها أبصارهم وهو مؤمن، ولا يشرب الرجل الخمر وهو مؤمن، فقال: يا أميرالمؤمنين من زني فقد

[صفحه 219]

کفر؟ فقال عليّ: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان يأمرنا أن نُبهمَ أحاديث الرخص، لا يزني الزاني وهو مؤمن أنّ ذلک الزني له حلال فإن آمن بأنّه له حلال فقد کفر، ولايسرق السارق وهو مؤمن بتلک السرقة أنّها له حلال فإن سرقها وهو مؤمن أنّها له حلال فقد کفر، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن أنّها له حلال فإن شربها وهو مؤمن أنّها له حلال فقد کفر، ولا ينتهب نهبة ذات شرف ينتهبها وهو مؤمن أنّها له حلال، فإن انتهبها وهو مؤمن أنّها له حلال فقد کفر.[44].

[صفحه 220]


صفحه 203، 204، 205، 206، 207، 208، 209، 210، 211، 212، 213، 214، 215، 216، 217، 218، 219، 220.








  1. محاسن البرقي 185:1 باب عقاب من طعن في عين مؤمن.
  2. مجموعة ورام 184:2؛ اُصول الکافي 58:2؛ تحف العقول: 143؛ وسائل الشيعة 157:11؛ مستدرک الوسائل 197:11 ح 12733.
  3. مستدرک الوسائل 177:4 ح 4421؛ صفات الشيعة 63:41.
  4. جامع الأخبار، باب معرفة المؤمن: 215؛ مستدرک الوسائل 174:11 ح 12675.
  5. الخصال، أبواب السبعة: 351؛ البحار 293:67.
  6. الکافي 226:2؛ مستدرک الوسائل 170:12 ح 13801؛ البحار 315:67.
  7. نزهة الناظر: 18؛ مستدرک الوسائل 360:12 ح 14294.
  8. مستدرک الوسائل 171:12 ح 13803.
  9. کتاب طبّ الإمام الصادق عليه‏السلام: 19؛ عن روضة الرياحين: 42.
  10. البحار 75:67؛ نهج‏البلاغة: قصار الحکم 309.
  11. البحار 276:67؛ أمالي الصدوق: 439 ح16 مجلس81.
  12. البحار 298:67؛ أمالي الطوسي: 462 ح 36 مجلس 16.
  13. الأنفال: 63-62.
  14. أمالي الطوسي، المجلس 462:16 ح 1030؛ البحار 298:67.
  15. البحار 305:67؛ شرح النهج لابن ميثم في الکلمات القصار 333؛ ربيع الأبرار للزمخشري 805:1.
  16. البحار 313:67؛ أمالي الطوسي: 580 ح 4 مجلس 24.
  17. البحار 314:67؛ نهج‏البلاغة: قصار الحکم 310.
  18. البحار 314:67؛ نهج‏البلاغة: قصار الحکم 458.
  19. الجعفريات: 77؛ مستدرک الوسائل 166:12 ح 13793.
  20. الکافي 259:2؛ علل الشرائع: 44؛ وسائل الشيعة 907:2.
  21. قرب الاسناد: 34؛ الکافي 307:2؛ عقاب الأعمال: 308؛ البحار 54:70.
  22. البحار 18:68؛ الخصال، حديث الأربعمائة 633:3.
  23. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 329؛ البحار 362:75.
  24. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 331؛ البحار 363:75.
  25. رسالة الغيبة من رسائل الشهيد الثاني: 331؛ البحار 363:75.
  26. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 331؛ البحار 364:75.
  27. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332؛ البحار 364:75.
  28. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332؛ البحار 365:75.
  29. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332؛ البحار 365:75.
  30. النور: 19.
  31. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332؛ البحار 365:67؛ جامع الأخبار، باب ايذاء المؤمن: 415 ح 1152.
  32. رسالة الغيبة في رسائل الشهيد الثاني: 332؛ البحار 365:75.
  33. مطالب السؤول: 53؛ البحار 25:78.
  34. مطالب السؤول: 54؛ البحار 27:78.
  35. النساء: 59.
  36. الکافي 414:2؛ مستدرک الوسائل 79:1 ح 24؛ تفسير البرهان 382:1؛ البحار 16:69.
  37. الواقعة: 10-8.
  38. البقرة: 253.
  39. المجادلة: 22.
  40. النحل: 70.
  41. البقرة: 147-146.
  42. الفرقان: 44.
  43. الکافي 281: 2؛ بصائر الدرجات، باب أرواح الأنبياء والأوصياء: 469 ح6؛ وسائل الشيعة 253: 11؛ تفسير البرهان 238: 1؛ تفسير الصافي 200: 1؛ البحار 64: 25؛ تفسير نور الثقلين 205: 5.
  44. کنز العمال 406:1 ح 1733.